أكثر ما يشغل بالي في هذه المدة القصيرة التي تفصلني عن يوم تقاعدي من وظيفة “ساعي البريد ” هو من سيأتي من بعدي ليخلفني؟ من سيحمل على كتفه هذه المحفظة البنية التي أضع فيها رزمة الرسائل، ويضع على رأسه قبعتي ويركب دراجتي
لا يكفي أن تكون ملما بخريطة القرية وتعرف كل دروبها المتشعبة وأزقتها وعناوين بيوتها المتفرقة لتكون ساعي البريد، الناس لا تنتبه عادة إلى ساعي البريد إلا في جولته الصباحية أو المسائية وهو يجوب القرية طولا وعرضا يوزع الرسائل؛ لكن عمل ساعي البريد يبتدئ قبل ذلك بكثير، وبالضبط في آخر كل مساء حين أقف في المحطة بجانب الرصيف رقم خمسة، هناك تتوقف لدقائق الحافلة القادمة من مدينة روتردام حيث مركز البريد، أنتظر أن يرمي إليّ صبي الحافلة بظرف كبير يحوي رسائل القرية، ربما عليّ أن أنتظر في بعض الأيام إلى غاية الصباح لو أن الحافلة أصابها أيّ عطب في الطريق واضطرتْ للتوقف. كما أن صبي الحافلة غالبا وحسب تجربتي الطويلة فهو شخص غير جدير بالثقة، لا أدري لماذا هؤلاء الصبية في مجملهم أغبياء لا يقدرون حجم المسؤولية التي على عاتقهم. ذات مساء عوض أن
عليّ أن أنتظر في بعض الأيام إلى غاية الصباح لو أن الحافلة أصابها أيّ عطب في الطريق واضطرتْ للتوقف. كما أن صبي الحافلة غالبا وحسب تجربتي الطويلة فهو شخص غير جدير بالثقة، لا أدري لماذا هؤلاء الصبية في مجملهم أغبياء لا يقدرون حجم المسؤولية التي على عاتقهم. ذات مساء عوض أن يسلمني صبي الحافلة الثخين والأبله ظرف رسائل قريتي أعطاني ظرف قرية أخرى، ولم أنتبه إلى الأمر إلا عندما وصلت إلى البيت، فعدت إلى المحطة من جديد أنتظر عودة الحافلة في الصباح الباكر، الناس الذين كانوا ينتظرون رسائلهم ويلومونني أني تأخرت نصف ساعة كاملة عن جولتي الصباحية وتركتهم ينتظرون، لا يستوعبون أنني انتظرت هذه الرسائل ليلة كاملة دون أن يغمض لي جفن
في المساء، أجلس إلى مكتبي وأفتح بعناية وبواسطة آلة حادة تشبه السكين الظرف الكبير.. من المهم جدا أن لا يصيب الرسائل أي تلف أو عطب جراء عملية فتح الظرف.. أرتب الرسائل حسب عناوينها، حصة الصباح أخصصها للجزء الشمالي والذي يقع في الضفة الأخرى من النهر الذي يمر وسط القرية، غالبا ساعة الظهر أكون فوق الجسر الذي يعتلي الوادي عائدا إلى الجزء الجنوبي.. في أحايين كثيرة، أكون مضطرا أن أغير من هذا البرنامج لتوزيع الرسائل، كما حدث قبل عشرة أيام وأنا أفتح الظرف الكبير وجدت بين رسائل ذلك اليوم رسالة إلى السيدة ديانا من ابنتها ليزا ذات العشرين سنة والتي اختفت قبل أسبوع دون أن يدري أحد مكانها، رأيت ديانا بالأمس في السوق كانت في حالة سيئة جدا وهي تسأل باكية كل من يصادفها عن ابنتها المختفية، أخذتُ ظرف رسالة ليزا وصرت أستنشق ورقه، فقط ساعي البريد من يستطيع قراءة الرسائل وهي لا تزال داخل أظرفتها، شممت عطرا أنيقا قادما من ورق الرسالة، لعلها أخبار طيبة إذن، فالناس لا تحتفي عادة بالحزن بكل هذا العطر، لم
أنت تقرأ
جَسدٌ يُجيدُ الحِواراتِ الصَامتَة.
Short Story#القصه-القصيره #واقع مبنيه علي احداث واقعيه ------*-----------*----------*---------*-------*aya يحكى بأنّ فتاة شعرت بالغضب لعدم تحقق ما تتمنى وفي يوم ميلادها في تمام الساعة الحادية عشر وإحدى عشر دقيقة تمنت الموت وماتت! في الحقيقة أنا أيضاً تمنيت أ...