تلألأ صوت هطول المطر و رائحة ذلك النسيم، فقد حان ذلك الوقت الذي أنتظرته، ذلك الفصل الهادئ .
بدي اليوم رائع، الجميع يرتدي تلك الملابس الثقيلة باهظة الثمن، من يقف ويشتري القهوة الدافئة ليمسكها وتدفئ يداه أو ليشربها و تدفئ جسده البارد .
أتمشي في تلك الشوارع الجانبيّة واضعة يداي في جيبي انظر إلي السماء الدافئة وذلك السحاب الذي يخفي الشمس عن أعيننا.
فأنا أنتظر هطول المطر للخروج إلي الشارع و المشي،فكما يقولون إلي فأنا لا أظهر إلا في فصل الشتاء.
المعظم يكرهه،فالجليد و المطر يعيق حركة السير في بعض الأحيان.
أما البرودة فتجعل الجميع متكاسل تحت فراشه.
فحتي الملابس تعيق حركتهم بسبب كثرتها
و لون السماء الباردة تجعلهم يحزنون بسبب عدم رؤيتهم للشمس و سماع أصوات العصافير.
من يحب ذلك الطقس بحق؟
بالرغم من برودته لكنني أشعر بالراحه في ذلك الفصل .
أعتقد بأنه يشبهني ...
يشبه قلبي الفارغ قليلاً ...
يشبه برودة روحي المنعدمة ...
لا أعلم لماذا أفضله عن طقس الورود و الشمس؟
ولكن أنه المفضل لي.
وجدت مقهي فارغ لا يوجد به أحد ..
قرأت تلك اللوحة المعلقة .
فكانت لائحة المشروبات التي يعدها المقهي .
انا أحب الأشياء التي لا ينجذب لها أحد .
ظلت أقف في مكاني حتي أقرر ماذا أطلب ، في الواقع أنه صعب ، قهوة ساخنة ام قهوة بالبن ام امريكانو ام كابتشينو ام موكا ام لاتيه ؟
بالفعل ظللت أفكر و انا واقفه لبعض الدقائق بالنسبة إلي ولكنها كانت نصف ساعة بالفعل .
مرت نصف ساعة وانا واقفة أقرر ماذا سأطلب ، حتي إنني كنت سأكمل في وقوفي ولكن قاطعني صوت أحد ما
التففت لذلك الشخص الذي يقول :
" المعذرة ..."
تنهدت انا ببطئ وقلت:
" نعم "
رد علي ذلك الشاب وقال :
" لقد أقفل المقهي سيدتي "
تفاجأت قليلاً و علمت أن ما زال حظي بائس ، فإنني بالفعل قررت أخيراً ما سأخذه ولكن الآن المقهي قفل ...
قاطع حبل أفكاري همهمة ذلك الشاب فأجابته بسرعة قائلة :
" أشكرك .."
قبل ذهابي قاطعني صوته قائلاً :
" يمكنك العودة غداً في الساعة التاسعة صباحاً "
تمتمت بموافقة ثم أكملت طريقي ، قائلة في نفسي :
" هل يظن بأني سوف أستيقظ من نومي للذهاب إلي المقهي مجدداً ؟ ! "
أتجهت إلي طريقي ولكنني وجدت مقعد فارغ أمام شجرة ما بدت لطيفة بالنسبة لي .
جلست علي المقعد و رفعت رأسي للنظر إلي الشجرة فيمكنني رؤيتها بوضوح هكذا أيضاً .
كانت نوع من الأشجار النفضية ، تتساقط أوراقها علي اكتاف الآخرين ...كم هذا مبتذل بعض الشئ ! ، فلماذا تسقط حملها علي الأخرين ؟
ظلت تسقط أوراقها علي .
قلت :
" حسناً عزيزتي سوف اضايقك كما تفعلين الآن "
فتحت حقيبتي و أخرجت منها دفتر الرسم الخاص بي و أقلامي الغالية .
قررت حينها الجلوس علي الأرض بالرغم من أن الأعشاب تزعجني أن لمستها ... فهي تجعل بدني يقشعر .
فتحت أحد الصفحات الفارغة و بدأت بالنظر إلي ذلك المكان جيداً وبكل دقة .
أمسكت بقلمي و إنكببت علي دفتري للرسم .
لا أعلم أن كان هذا الأمر سيزعج شجرة !
كنت أتمتم بلحن موسيقي ما و انا أرسم ، لكن قاطعني صوت بكاء طفلة جالسة مع والدتها علي نفس ذلك المقعد الذي كنت أجلس عليه .
مقعدي السابق الوحيد ...
لا أنكر أن بكائها أزعجني ، ولكن أنا لست معقدة نفسياً تجعل الأطفال يخافون منها ...
ولكن ما جعلني غاضبة فعلاً هو عدم إهتمام الأم ببكاء طفلتها ...
تركت قلمي يتدحرج بالفعل و القيت إهتمامي علي ذلك الموقف .
الأم كانت تتحدث في الهاتف و وجدتها أخيراً تنظر إلي الطفلة
فحدث عراك بين كائناتي الداخلية ...
الشخص الصغير الذي باللون الأبيض الذي علي كتفي الأيمن يقول إنها ستهدئ طفلها ولن أتدخل .
ولكن الشخص الآخر الأحمر الذي يقف علي كتفي الأيسر يقول إنها ستصرخ به ليصمت من أجل إكمال محادثتها و سأفعل مشكلة .
بالفعل صاحب اللون الأحمر إنتصر
بالفعل صرخت الأم في وجه طفلها و جعلته يبكي أكثر .
عندما صرخ الطفل أكثر و هو بالفعل يحترق من البكاء ، اوقفت الأم محادثتها و أخرجت هاتف آخر من حقيبتها و أعطته له ليصمت .
صمت حقاً و أكملت الأم حديثها ...
وقفت أنا من علي الأرضيه اوضب أشيائي و اضعها في حقيبتي وانا أبتسم بسخرية .
عندما وصلت إلي المقعد التي تجلس فيه الأم مع طفلها وقفت أمامها و ضحكت مما أدي إلي أستغرابها و قالت :
" هل يوجد شئ ؟ "
أجبت علي سؤالها قائلة ببرود :
" ستجعلين طفلك يصاب بالتوحد "
أبتسمت الأم بجانبية وقالت :
" عذراً ؟ "
أكملت حديثي بلا مبالة وقلت :
" لا يجب إعطاء الهاتف لطفلك عندما يبدأ بالبكاء بل أعطائه إهتمامك سيدتي .. الهاتف ليس والدته بل أنتِ "
أنهيت ذلك الحديث و غادرت ..
قلت بنفسي :
" كان عليها الإعتذار لتعكير مزاجي "
" يمكن أن تجد له جليسة أطفال وليس تجعله معقداً ... ما الأهم من طفلك في تلك المحادثة؟ العناق لن يفعل مشكلة او نهاية العالم .. "
في الواقع ، في بعض الأحيان أصبح ذلك الشخص الغير قادر علي الصمت و إبتلاع الأشياء ... أن لم أوضح وجهة نظري ولو حتي كانت خاطئة فسوف أحترق .
لا أعلم كيف اكبت نفسي ...
نظرت إلي السماء و علمت حينها أنها غاضبة و ستسقط لنا دموعها ...
أبتسمت بينما كان الجميع يسرع إلي الذهاب للبيت أو الاختباء لمكان لن تجده فيه المطر ، كما يبدو أنهم يلعبون الغميضة و لكن مع الغيوم ...
أنه تعبير رائع الغيوم و الغميضة ...
بينما أنا أنتظر يوم أن أرقص فيه تحت المطر مع أحد أحبه ...
أمزح ....
من يحتاج لأحد ما للرقص تحت المطر فيمكنني الرقص تحت المطر وحدي وفي أي وقت و أي مكان طالما لدي أقدام و علي قيد الحياة .
عندما هطل المطر مجدداً سعد قلبي مرة أخري و أصبحت أدور و أجري بسرعة .
أبدو كالمجنونة ولكن لا يهم طالما انا سعيدة بذلك .
الطرق واقفة بالفعل ، فلم تكن مطر كما قلت ، بل كانت سيول تغرق الشوارع حتي بأنها عاقت المرور .
لا أهتم .... فسارقص أيضاً حتي لو أمام طابور ذلك السيارات ...
أنه ليس مجرد كلام فأنا رقصت أمام عقبة السير تلك ...
كان الجميع ينظر من نافذة السيارات ، من قال إني مجنونة و من قال تباً لي ... ولكن تباً لهم ... و لهذا العالم الذي لا يستمتع بذلك الطقس .
فأنا توشار قطرات مطر الشتاء ..
أنت تقرأ
شـتآء
Short Story"فلتذهب لمرافقة توشار في الأجواء الشتوية البسيطة بداخل مقهاها الذي أصبح مفضل لديها مؤخرًا " "شـتآء" عندمـا يـاتي فصـلك المـفضـل بقلم: سـندس أسـآمـة بدأ النشر 1مـارس إنتهي النشر 18 مايو #5ثلج #9 مطر #12ش...