الفصل الثامن والثلاثون

7.6K 132 6
                                    

ابتسم بخفة وهو ينظر لأحمد وهنا يلعبان سويًا برشاش المياه يصرخان بصخب وضحكاتهما المستمتعة تصدح من حوله ، اتسعت ابتسامته رغمًا عنه وهو يرى صغيرته التي تلعب معهما فيشعر بأنها طفلته الثالثة التي لن تكبر أبدًا !!
ضحك بخفة وهي تلهو مع أحمد وتبادله رش المياه وتضحك بسعادة تجسدت على ملامحها قويًا وأعادته لتلك الأيام بأمريكا عندما كانت تزورهم في اجازاتها الأسبوعية .
حمل بقية الأكياس البلاستيكية التي تحمل علامة سوبر ماركت شهير يفضله هو دونًا عن البقية وهو يفرغ حقيبة سيارته من تلك المشتريات المنزلية ، تنفس بعمق ليعقد حاجبيه بتعجب وهو ينظر إلى تلك الحقيبة القديمة التي نسى أمرها ولم يفكر حتى بسؤال منال عنها !!
زم شفتيه والتفكير يعتلي ملامحه لينتبه من أفكاره على صوتها العالي يحمل مرحها وهي تنادي عليه ، التفت بهدوء لينظر إليها فيقابله اندفاع بسيط من المياه ارتطم بوجهه قويًا وصوت ضحكاتها هي والطفلين يعلو باستمتاع . ابتسم بغيظ وهو يترك الأكياس من يديه ثم يرفع نضارته الشمسية عن عينيه ويمسح وجهه بكفيه من آثار المياه رفع عينيه لينظر إليها بوعيد أثار ضحكاتها التي ارتفعت أكثر عن ذي قبل .
أتى الطفلين ركضًا إليه ليتمسك أحمد بساعده بينما هنا تعلقت بساقيه كعادتها فحملها ليقبل رأسها بينما احتضن أحمد من كتفيه الذي قال : تعال دادي وألعب معنا .
ابتسم بحنو هو ينظر لطفليه وقال بصوت هادئ : سأطمئن على ماما وأعود لألعب معكما . صاح الطفلين بمرح و ركضا عائدين للهو تحت ابتسامته الهادئة ونظراته الحانية تنفس بعمق وهو ينظر إليها من بين رموشه ، تقترب منه بخطوات حملت له توترها فابتسم بمكر والتفت ينظر إليها باستفهام
ابتسمت بخجل وقالت : لماذا تتجاهلني خالد ؟!
رفع حاجبيه بتعجب وقال : حاش لله فاطمة لماذا أتجاهلك ؟!
أتبع بسخرية تألقت بزرقاوتيه : أنا التزم بحدودي الجديدة .
امتقع وجهها ورددت : حدودك !!
اتسعت ابتسامته الساخرة ليهمس : اه نعم ، التي وضعها لي الباشمهندس تنحنح بطريقة مقصودة وأتبع : أقصد التي وضعتها أنتِ بتعليمات من الباشمهندس ، فأصبحتى تبتعدي عني مسافة المترين حتى لا تغضبيه.
زفرت بقوة وقالت : خالد لماذا تقول ذلك ؟ لطالما كنت متفهمًا لمواقفي لماذا أشعر الآن أنك تتعمد عدم فهمي .
ضحك قويًا ليصمت وينظر إليها من بين رموشه ويقول بهدوء : صدقيني يا صغيرتي أنا متفهم ، تنفس بقوة ليتبع : ولكني خائف عليكِ لا أكثر ، أصبحت في بعض الأحيان لا أستطيع التعرف عليكِ
زفر بقوة وهو يردف : وهذا أكثر ما يخيفني .
لوت شفتها بطريقة طفولية وقالت وهي تتأبط ذراعه بأخوية : اسمع خالد ، أنت مهم جدًا لدي فانت أخي الأكبر .
تنفست بشوق استطاع الشعور به جيدًا وهو يندفع بأوردتها وهي تتبع : ووائل أهم شخص بحياتي الآن فهو زوجي
أتبعت بصوت خافت وهي تحارب خجلها : وحبيبي ..
احتقنت أذناه ليندفع الدم قويًا إلى رأسه عندما رفعت عيناها إليه وأتبعت دون مواربة وهي تنظر لعمق عينيه : أنا أحبه خالد
شعر بدمائه تغلي غضبًا وهو يستمع إليها أتبعت سريعًا : لم أخبره ولكني زفرت قويًا : أريد أن أخبر صديقي كما اعتدت دومًا أن أخبره بأدق تفاصيلي .
أطبق فكيه بقوة وهو ينظر إليها بغضب التهم حدقتيه فهمست وهي تخفض رأسها : ولكني أغضبتك أكثر الآن .
أتبعت هامسه بصوت خافت متألم : أعتقد أني كنت مخطئة .
هزت كتفيها بخيبة أمل وتحركت من أمامه ليطبق على ساعدها بيده ويمنعها عن الحركة ،أغمض عينيه لثواني معدودة وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه قليلاً ، قال بهدوء : لا لست مخطئة صغيرتي وأنا لست غاضبًا منكِ فاطمة ، لكني ..
ابتسمت بخفة وقالت بنبرتها الساخرة : أصبحت شرقيًا أنت الآخر ولست مستعدًا أن تستمع لي وأنا أخبرك عن حبي لرجلاً آخر حتى إن كان زوجي !!
قال بتهكم اعتادت عليه : بل لم أكن مستعدًا على الإطلاق أن أسمعك تخبريني بأنكِ تحبين وائل بك .
رفعت حاجبيها بتعجب فأتبع : لا عليك يا صغيرتي ، من الواضح أنه ماهر أكثر مما ظننت . رمشت بعينيها وهي تطحن ضروسها لتقول بعصبية : أنه لا يمثل علي خالد ، لا يخدعني ، هو الآخر ..
صمتت لتتراقص حدقيته بسخرية شعت بنظراته لها ولم ينطق بها لتقول بانفعال : نعم لم يخبرني بحبه لي ولكني أشعر به جيدًا وحدسي لا ينبئني بشيء خاطئ .
ابتسم بتعب وقال : لم أتفوه بحرف واحد فاطمة ولكن حسنًا ، سأثق أنا الآخر بحدسك وأخبرك أني هنا عندما تحتاجي إلي ،
أتبع وهو يربت على شعرها كما يفعل مع هنا : أتمنى لكِ كل التوفيق معه ولكن تذكري أنا هنا دائمًا فاطمة .
ابتسمت باتساع والفرحة تتراقص بعينيها وقالت وهي تعاود التعلق بذراعه : حسنًا توقف عن محاربته كلما رأيته ، أرجوك خالد .
رفع حاجبيه بدهشة والبراءة ترتسم بوجهه لتتبع بنبرة مغيظة : لا تنظر إلي بتلك الطريقة ، فالبراءة التي تشع من ملامحك بعيدة كل البعد عما تفعله به إنك قادر على دفعه لأقصى مراحل الغضب وأنت تبتسم له ساخرًا .
ضحك بسعادة لم يخفيها وهو يقول : أنه يستحق ضغطت على ساعده بدلال وقالت : من أجلي خالد توقف عن استفزازه .
ضحك بتسليه وهو يقول : سأحاول من أجل خاطرك يا صغيرتي .
اتسعت ابتسامتها وقالت :حسنًا استعد فهو مدعو للغداء عندك اليوم ، اعتمت حدقيته على الفور فأكملت وهي ترقص حاجبيها له بإغاظة متعمدة : زوجتك هي من ألحت عليه أن يأتي وهو وافق متضررًا بعد أن تدللت عليه أنا الأخرى وهو يخبرني أن على رجل البيت أن يقوم بدعوته فالتقاليد هنا تنص على ذلك .
زم شفتيه بضيق ليقول بصوت بارد أثار انتفاضتها : حسنًا لأجلك أيضًا سأتصل به وأدعوه بشكل رسمي رغم أني ...
قطع حديثه وهو ينظر لعينيها المتوسلتين فقال : وأعدك أني سأكون نعم المضيف فاطمة . قفزت بمرح وهي تهتف بلغتها الأقرب لها : يس يس ، خالد أفضل أخ في العالم . ضحك بمرح وهو ينظر إليها ليقول بهدوء بعد أن توقفت عن القفز : ولكن أرجو أن تبدلي ملابسك قبل أن يأتي الباشمهندس ويراكِ هكذا .
نظرت إلي شورتها القصير وبلوزتها القطنية المغموران بالمياه وقالت : لماذا ؟!
ضيق عينيه ونظر لها بتحذير فهزت رأسها بالإيجاب وقالت : حسنًا سأفعل حالاً .
ركضت مبتعدة للداخل ليهز رأسه بلا أمل ،أخرج هاتفه ليعبث به قليلاً ، زفر بقوة لتلمع عينيه بوعيد وهو يسحق أسنانه وينظر إلى اسمه ويتمتم بغضب أغشى عينيه : سحقًا لك .
*************************
أطبق فكيه بقوة وهو يستمع إلى ضحكتها الرقيقة التي انطلقت بتدفق وهي تهمس بالهاتف : اصمتي قليلاً إيني ودعيني أتحدث أنا الأخرى ، أم أنكِ تتصلين بي لتفرغي ما في جعبتك من كلمات لا حصر لها .
وضعت يدها على فمها تمنع ضحكتها التي هددت بالانطلاق مرة أخرى تنفس هو بعمق وحاول أن يصم آذانه عنها ليجد أن صوتها يخترق أوردته رغمًا عنه ، زفر قويًا وهو يجلس بحدة لم يقصدها على الفراش و يستند بظهره للوراء ، نظر لها من بين رموشه تزرع الغرفة بخطوات بطيئة وهي تفعل ما لا يفهمه إلى الآن وتحدث أختها الصغيرة على الهاتف منذ ما يقارب الست وثلاثون دقيقة والسبع عشر ثانية .
تأفف بضيق داخليًا وهو يسب عقله اللعين عن تلك الملكة التي وهبها الله له فهو رغمًا عنه يستطيع عد الثواني كعقارب الساعة عندما يكون رائق الذهن !!
لوى شفتيه بضيق وهو ينظر لانتفاضتها الرقيقة وشهقتها الخافتة التي صدرت عنها وهي تنظر إليه ، غمغمت بحديث سريع لايني لتغلق الهاتف ثم تنظر إليه و تقول بخفوت : المعذرة أيقظتك .
ابتسم من بين أسنانه وقال : لا عليكِ .
هزت رأسها بحركة أظهرت تشنجها الذي يطفو على السطح في وجوده قال بصوت أظهر ضيقه : كيف حال إيني ؟!
ردت سريعًا وكأن ثرثرتها ستخفي توترها الذي ضاقت به : بخير تشكو لي من القائم على تدريبها بالجامعة وتخبرني أنهم لن يأتوا اليوم بسببها فهي تشاجرت مع بلال عندما أخبرها أن تأتي لي بيوم أخر أو عندما تتفرغ هي ولكنها أصرت أن يأتوا جميعاً سويًا ،
احمر وجهها سريعًا وهي تتذكر إيني التي قالت بشقاوة " حتى لا نضايق الأمير بوجودنا على دفعات "
نفضت رأسها سريعًا لتتبع بصوت أبح : حتى أنها هاتفت ياسمين واتفقت معها على موعد أخر ولذا تأجلت زيارتهم لنا يومين أخرين .
ابتسم رغمًا عنه وهو يشعر بتغييرها ويرى احتقان وجهها فاستنتج أنه يعود لتعليق رمتها به إيني في وقت سابق ، هز رأسه بتفهم وقال بهدوء وهو يدير عينيه عليها : ماذا تفعلين ؟! رمشت بعينيها وهي تنظر إلى سلة الغسيل من أمامها وقالت بخفوت : قررت أن أجمع الملابس المتسخة وأغسلها .
رفع حاجبيه بدهشة والتمعت السخرية على شفتيه وقال : هل لدينا ملابس متسخة في ثالث يوم للزواج ؟ يا للعجب !
اختنقت بحرجها لتهمس بصوت مضطرب : أنها ليست بكثير ولكني فضلت أن أغسلها حتى لا تتراكم فوق بعضها .
ابتسم بمكر شع بحدقتيه لينهض واقفًا وينظر إلى سلة الملابس الموضوعة بجانب الغرفة ثم يخلع قميصه القطني ويقول وهو يقترب منها : أعتقد أن هذه تحتاج للغسل أيضًا .
مدت يدها لتتناول قميصه ليضع القميص بيدها التي أطبقت عليه فيلتقطها هو في حنو ويشدها إليه سريعًا ، شهقت بمفاجأة لتبدأ بالتملص من بين ذراعيه بعد أن ارتطمت بصدره العاري فيحاوطها باهتمام وهو يخمد حركة جسدها بصدره الذي الصقها به ويهمس : ألم نتفق سويًا البارحة على أن تمنحيني تحية الصباح دون أن أطلبها منك ؟
رمشت بخجل ارتسم على ملامحها سريعًا لتهمس بصوت خافت : وأنت تعهدت بعدم مفاجأتي.
لوى شفتيه في نزق تمثيلي وقال : في المرة القادمة ذكريني أن لا أعدك بشيء آخر فوعودي أصبحت كثيرة أتبع بشقاوة تجسدت على ملامحه : وأخاف أن لا أستطيع الايفاء بها
انتفضت بين ذراعيه ليهمس بعتب : ليلى .
هزت برأسها في حركة غير مفهومة فأردف هو بمرح : ثم أنني لم أفاجئك ليلتي ، أنتِ من كنتِ تتحدثين في الهاتف ولا تعي ما يدور حولكِ . ابتسمت برقة وقالت: المعذرة أمير .
مطت جسدها بنعومة ليغمض عينيه وهي تقبل جانب فكه وتهمس : صباح الخير .
كتم تنفسه وهو يركز حواسه كلها على رفرفة شفتيها الحائرتان وهما تحطان على جانب فكه برقة شديدة ممتزجة بخجلها الذي يفقده صوابه ، تمسك بها عندما حاولت الابتعاد عنه لتهمس بتوتر : أمير
ابتسم بمكر التمع بعسل عينيه وهو يهمس بصوت أجش : إنه دوري لأمنحك تحيتي ليلى . توردت وجنتيها تلقائيًا وهو يحنى رقبته ليلتقط شفتيها في قبلة هادئة .. دافئة .. تحمل شوقه الدفين إليها .
شعرت بأطرافها تذوب من لهفته التائقة إليها وشغفه الكبير بها فتمسكت بكتفيه ليضمها إلى صدره قويًا ، توقف عن تقبيلها وهو ينظر إليها سائلاً فهزت رأسها برفض رقيق ليبتسم بعتب تألق بعينيه ، خفضت عينيها بحرج فضمها بحنو ويهمس : حسنًا ليلى ، لا عليك .
تشبثت بقميصه بين كفيها لتهمس والغصة تملكتها : أمير أنا .. غلل أصابعه بأطراف شعرها وهمس : هش ، لا عليكِ حبيبتي .
أبعدها عنه قليلا لينظر إلى ما ترتديه ويقول بلوم : لماذا تلك الملابس الآن ، أنا أفضل تلك المنامة التي كنت ترتدينها وأنتِ تعدين الطعام .
احتقن وجهها قويًا وقالت : لم أكن أعلم أنك مستيقظ .
ابتسمت بخفة ثم لوت رقبتها بدلال لم تتعمده وهي تثرثر ببوح عن شيء لا يعرفه مسبقًا : لقد اعتدت للأسف على ارتداء تلك المنامات فزوجة عمي كانت تحرص على أن أتبع قواعد منزلها جيدًا وكانت تبتاع تلك المنامات العجيبة لي ولياسمين سويًا ولا تجرؤ إحدانا على رفض ما تقدمه لنا . ارتسم الألم بعينيها وهي تتبع : وإذا لم تستطع ياسمين بقوة شخصيتها في الرفض فهل أنا أستطيع ؟!
غامت عيناها وهي تشعر بالغصة تتجمع في حلقها : ولمَ ترفض ياسمين ، فهي كانت تفضل تلك المنامات بل تعشقها ، فهي تحب الملمس الناعم الغني الناطق بفخامته ابتسمت بسخرية مريرة : وعليه لم أرفض أنا الأخرى ما قدمته لي زوجة عمي .
نطق بصوت غاضب وقال : ليس عليكِ أن ترتديها الآن ليلى . نفضت رأسها من تلك الذكرى التي ضربت عقلها دون موعدًا لتحاول الابتسام بطبيعية وتقول : بل إنه الوقت المناسب لارتدائها ثم أنا أحببتها مع مرور الوقت لدرجة أني أصبحت أبتاعها لنفسي .
عقد حاجبيه بضيق خفي ظهر بعمق عينيه لسألها : لا تخبريني أنكِ كنتِ تجلسين أمام بلال بتلك المنامات .
نظرت له بدهشة لتلتقط الغيرة التي شعت من عينيه لتهز رأسها نافية وهي تقول : لا أميري ، اطمئن فزوجة عمي كانت تحرص على أن لا نغادر غرف نومنا بها
زفرت بقوة وهي تتبع بامتنان صادق : رغم قسوتها الظاهرية إلا أنها ربتني جيدًا ولم تبخل في تعليمي بأي شيء كانت تعاملني كياسمين رفع حاجبيه بتعجب فقالت : نعم أنا لا ألومها ، فأنا لم أرها تدلل طفلتها يومًا فلماذا أطالبها بتدليلي ؟!
ضمها إليه بحب جارف أغشى عينيه وقال بصوته الفخم : سأدللك أنا ليلتي .
اقتربت منه أكثر تستمتع بدفء صدره العريض لتتمسك بكتفيه وتقبل ذقنه برقة ، شعر بها تستجديه شيئًا لم يفهمه فابعدها قليلاً عنه ونظر إليها تحاشت النظر إلى عينيه ، لم يشأ الضغط عليها فابتسم بحنو وهو يضمها من كتفيها إليه فابتسمت وقالت بصوت خافت : هيا ارتدي ملابسك وتعال لنفطر سويًا .
قبل رأسها ليقول : سأستحم أولا ً ، مط شفتيه لترتسم الشقاوة بعينيه ويقول : لن أمانع إذا أردت مساعدتي .
دفعته بلطف بعيدًا عنها وهي تتملص من كفه التي تكتنف كتفها وتقول بحرج : توقف أمير . ضحك بقوة وقال : حسنًا اهدئي ليلتي سأذهب بمفردي .
ابتسمت برقة وهي تتابعه بعينيها وهو يدلف إلى غرفة الملابس ومنها إلى دورة المياه لتحتضن قميصه القطني بقوة وهي تعود لما حدث بينهما الليلة الماضية ، حملها بين ذراعيه بحنو كعادته ليضع جبينه بجبينها ويهمس : أنتِ بخير ، أليس كذلك ؟
أومأت بالإيجاب ليبتسم بهدوء وهو يضعها أرضًا خارج المطبخ كله ، ظل محتفظا بها بين ذراعيه ليقول بهدوء : ماذا كنت تفعلين ؟!
سعلت بحرج وقالت : لقد شعرت بالجوع ففكرت بأعداد بعض من الطعام وكنت أظنك نائما . ابتسم بمكر وهو يرفع أنامله ليتلاعب بحمالة منامتها الحريرية ويقول بصوت أجش : لذا ترتدين تلك المنامة الجميلة .
احتقن وجهها بقوة لتفلت من بين ذراعيه وهي تهمس : سأبدل ملابسي تمسك بها وشدها إليه مرة أخرى وهو يقول بخفوت : لا . خرجت منه خافتة .. قوية .. آمرة .. جذبتها إليه أكثر من ضمة كفيه لخصرها ، رمشت بعينيها وهي تغرق في شرارات العسل بحدقتيه الغائمتين بشوقه الجارف لها ليتبع هامسًا : لقد أحببتها .
أخفضت عينيها بخجل فابتسم هو بمكر اضاء حدقتيه بوميض سريع ، أردف بهدوء : هل مسموح لي بالانضمام إليك وتناول الطعام أم ..؟
صمت لترفع عينيها سريعًا وتقول بصوت أبح : بالطبع مسموح لك ، سأعد المائدة حالا . ابتسم بخفة وهو يتركها تتحرك بعيدًا عنه ليقبض على سأعدها قبل أن تبتعد فعلاً ويشدها إليه بلطف ويهمس جانب اذنها : لا داعي للمائدة ، أعتقد طاولة المطبخ تكفي لكلينا .
هزت رأسها سريعا وهي تمنع نفسها من الركض مبتعدة عنه وخاصة بعد أن شعرت بتلك الحرارة التي اجتاحت جسدها بأكمله وأنفاسه تلفح جانب عنقها كنسيم الصيف حارق ولكنه ممتع !!
نفضت رأسها وهي تنظر لمحتويات الاناء الصغير من أمامها لتنبته على صوته وهو يقول : أخبريني ماذا تطهين ؟! ولماذا لا تتناولين الطعام الذي أرسلته لنا والدتك اليوم .
مطت شفتيها بنزق وقالت :لقد أخبرت أمي أن لا تشغل رأسها ولا ترسل لنا الطعام ولكنها تحدثت عن التقاليد وأنه لابد من ذلك .
ابتسم بهدوء وهو يتابع حركتها المتمرسة بتقليب محتويات الاناء من أمامها ليكتم ضحكته التي ثارت بداخله وهي تتبع : وعلى الرغم من أنها تعلم اني لا أفضل انواع الأطعمة تلك إلا أنها صممت على إرسالها ولا أعلم لماذا ؟!
نطق بهدوء اخفى مرحه : والدتك تلتزم بالتقاليد ليلى فلا تغضبي من أجل ذلك .
زفرت بقوة وهزت رأسها بالإيجاب وقالت : نعم أعلم ولذلك قررت أن أعد لنفسي الطعام الذي أفضله أنا .
أتبعت وهي تلتفت وتنظر إليه بجانب عينها وقالت بصدق : يمكنني بالطبع تسخين الطعام الأخر إليك إذا كنت تفضله التمعت الابتسامة بحدقتيه الرائقتين وقال : أيًا كان نوع الطعام الأخر أنا أفضل أن اؤكل ما تصنعه يداكِ أنتِ ليلى ولكنك لم تخبريني إلى الآن ماذا تطهين الساعة الواحدة فجرًا ؟!
ابتسمت برقة تلقائيًا وهي تنظر إليه يجلس خارج المطبخ يستند بكوعيه على طاولة المطبخ الرخامية ويتناول بعضًا من الخضر التي كانت تقطعها قبل ظهوره بقليل ، قالت : باستا .
رفع حاجبيه بإعجاب وقال : عظيم أنا أحب الباستا ، أنها مفضلتي .
ابتسمت بسعادة وقالت : نعم أنا أعلم ,
أتبعت وهي تقلب محتويات الاناء : أتمنى أن تعجبك خاصتي .
اتسعت ابتسامته وهو يومئ لها بالإيجاب ويقول بثقة لمعت بعينيه : أنا واثق من ذلك . رفرفت بأهدابها وهي تشعر بوجنتيها اللتان اشتعلتا من الخجل لتنتفض واقفة وهي تبعد سلة الغسيل عن طريقها بعد أن تراجعت عن قرار غسل ملابسهما ولمعت عيناها بوميض ثقة تمسكت به قويًا حتى لا ينطفأ . ... تنفس بقوة وهو يزيح قطرات المياه التي غمرت وجهه ليتنفس بقوة وهو يشعر بأنه أصبح على المحك ما يؤمر نفسه به كثير عليه ، ولكنه لا يستطيع إلا أن يفي بوعده لها ، يعلم جيدًا أنها ليست باقية على ذلك الوعد الغبي فهي كفت عن مقاومته ولكنه لن يطلب منها شيء وعدها بعدم فعله إلا عندما تريد هي .
زفر بقوة وهو يكتم تنفسه ليضع رأسه تحت زخات المياه القوية التي انهمرت على عقله لترتطم به قويًا وتتكسر عندما تلامس خصلات شعره السوداء التي أصبحت ملساء ملتصقة بجبينه العريض .
أغلق المياه وهو يشعر بأن الضغط الذي يشعر به أصبح أقل عن ذي قبل ، ليخرج من غرفة الاستحمام الزجاجية وهو يلف خصره بمنشفته الكبيرة وينظر إلى تلك المرآه الطويلة من أمامه ، تسللت الابتسامة رغمًا عنه إلى ملامحة الصارمة وهو يتذكر ابتسامتها الطفولية التي اعتلت ملامحها البارحة وهي تضع الطبق أمامه وتصيح بفرحة : الفيتوتشيني بصوص الفريدو .
رفع حاجبيه بإعجاب لتتبع هي بحماس وهي تناوله الشوكة من خلف طاولة المطبخ : هيا أخبرني ما رايك بها ؟!
تناول الشوكة منها بهدوء وتناول القليل منها وهو يستمتع بنظراتها المترقبة لرأيه وهي تتكأ بمرفقيها على الطاولة الرخامية وتلعق شفتيها بتوتر ، أغمض عينيه وهو يشعر بذاك المذاق الرائع يتغلغل بتلافيف مخه ليفتح عينيه سريعًا وينظر إليها ، ازدردت لعابها بقوة وهمست بصوت كاد أن لا يخرج من حلقها : إذا لم تعجبك سأعد لك شيئًا أخر .
أقرنت قولها بأنها سحبت الطبق من أمامه ليتمسك به قويًا ويقول بصوت مندهش : أنها رائعة . وضع شوكته ليتذوق بضع الطعام في فمه مرة أخرى وهو يتلذذ بطعمه الشهي ، ثم تأوه بسعادة وقال : أنها شهيه للغاية ، ومذاقها أفضل بكثير مما أعدها أنا .
ابتسمت بتألق لمع في عينيها وتحركت بسعادة سرت في جسدها إلى خارج المطبخ لتجلس بجواره على الكرسي الأخر والفرحة تغمر ملامحها ،همست بعدم تصديق : حقا ؟! هز رأسه موافقًا وهو يضع القليل من المكرونة بشوكته ويقربها من فمها ويهمس :هاك تذوقيها . بللت شفتيها وهي تقترب بجسدها قليلاً منه ، مدت يدها لتتناول الشوكة من كفه فهز برأسه نافيًا وقربها من فمها بأمر صدح بعينيه ، ازدردت لعابها وهي تفتح فمها برقة لتتناول الطعام من شوكته والحرج يغرقها لأذنيها ، رفعت عينيها ونظرت إليه بتلذذ وهمست : إنها لذيذة فعلاً . لمعت عيناه بوميض سرعان ما اختفى وهو يقترب منها بلهفة أغشت عينيه وهو يتناول شفتيها في قبلة رقيقة ..خاطفة ويهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها : فعلاً لذيذة .
احتقنت وجنتاها بقوة وهي تعود للوراء قليلاً ليهتف بها : احترسي .
نهض على الفور وتمسك بها بعد أن كادت حركتها الغير متزنة أن تدفعها للسقوط هي والكرسي الذي تعتليه ليهمس لها بضيق فعلي : توقفي عن حماقتك ليلى .
شحب وجهها وهي تشعر بالخوف لتتنفس سريعًا وهي تنظر إليه بامتنان همست : لم أقصد .. صمتت لتبلل شفتيها بتوتر فابتسم مطمئنا لها : أنا أعلم .
أتبع وهو يرتب على رأسها بحنو : اهدئي فأنا بجانبك ولن أدع مكروها يمسك .
رفعت عينيها إليه بنظرة سائلة فسرها على الفور ليردف وهو يكتنف وجهها بين كفيه ويقول بصوته الفخم ونبرته العميقة : لا داعي للخوف من أي شيء ليلى فأنا هنا .
قبل رأسها ليغمرها بين ضلوعه وهو يكمل هامسا أميرك هنا.
***
ابتسم بإرهاق وهو يضع توقيعه على الصفحة الأخيرة ويقول : أيوجد شيئًا آخرًا ؟!
هزت رأسها نافية وهي تحافظ على مسافة وقوفها البعيد عنه نسبيًا ناولها الأوراق لتحملهم وتقول بهدوء وعمليه : الباشمهندس يحيى اتصل منذ قليل وأخبرني أنه يريد رؤيتك .
هز رأسه وقال : حسنًا أخبريه أنني في انتظاره .
تحركت للخارج لتقف بطريقة مفاجئة وقالت وهي تخفض نظرها بعيدًا عنه : هلا سمحت لي بالانصراف مبكرًا اليوم عن موعدي ؟!
تنفس بقوة وقال وهو ينظر إليها بتساؤل : لماذا ؟!
ازدردت لعابها لتهمس بخفوت : إنه أمر شخصي .
رفع حاجباه بتعجب لينهض واقفًا ويدور حول مكتبه ليقترب منها بخطوات متزنة ويقول : هذا الأمر الشخصي لا يخصك اسما ؟!
رفعت رأسها اليه على الفور وقالت : لا طبعًا يخصني .
نظر لها متفحصًا ليقول بلهجة غامضة وهو يسيطر على الضيق الذي لم بجنباته : ألا تريدي أن تخبريني عنه ؟!
ضمت شفتها بتوتر ثم زفرت قويًا وقالت : حقًا لا أعلم هل أخبرك لأنك خطيبي أم لأنك رب عملي ؟!
ابتسم بمرح وهو ينحي ضيقه جانبًا ويشير بوسطته وسبابته معًا : الاثنين اسما .
أشار لها بالجلوس على الأريكة التي تقع خلفهم وهو يقول : اجلسي وأخبريني .
تنفست بقوة لتجلس في كرسي منفرد يقع جانب الأريكة ،ابتسم وهو يبتعد هو الآخر ليجلس على الكرسي الأخر أمامها ، تنفست بقوة وقالت : سأذهب بوالدتي للطبيب فهي تشعر ببعض التعب الذي لا نعرف سببه .
رفع حاجبيه بدهشه ليقول بحدة بعض الشيء : وكنت لا تريدين إخباري .
هزت رأسها نافية سريعًا وقالت : لا كنت سأخبرك بعد أن انصرف .
قاطعها بغضب : بعد أن تغادري كنت ستخبرينني بأنك ذهبتِ بوالدتك للطبيب . ظهر الندم على وجهها وهي تخفض عينيها عنه وتهمس : إلى الآن لا أعلم كيف اتصرف معك بالشركة . زفر بقوة ، اقترب ليجلس على طرف الأريكة بجانبها ويقول :تصرفي بطبيعتك اسما فأنا خطيبك الآن ابتسم بشقاوة زينت ملامحة ليقول بمرح : ماذا ستفعلين عندما نتزوج ؟
احتقن وجهها بقوة لتهمس سريعاً : سأترك العمل .
رفع حاجبيه بتعجب لتتبع بعقلانية وهي تحاول أن تسيطر على خجلها : لا أحب أن أظل أمامك طوال الوقت فتزهد مني أريدك أن تشتاق لوجودي من حولك فتعود للبيت سريعاً .
لمعت عيناها بحبها الجارف إليه ليشعر بالضباب يحوم حول عقله وهو يرى عشقها إليه يتفجر من حدقتيها الرمادية ، تألق اللون البني الغني بحدقتيه وهو يشعر بقلبه ينتفض قويًا واللون الرمادي يختفي من حدقتيها ليحتل اللون العسلي صفائها وتلك الابتسامة الهادئة .. الواثقة ترتسم على شفتيها الوردية .. المضمومتان دائمًا بدلال كان يفقده صوابه .
تنفس بعمق وهو يقترب منها ليلامس خصلاتها التي تزين وجهها بطفوليه فيطبع قبلة عميقه على وجنتها الغضة همست بصوت مضطرب وهي تبتعد عنه على الفور : بلال .
نفض رأسه بقوة ونغمة صوتها المختلفة تجبره على الافاقة من تلك الغيمة البيضاء التي التفت حول ذهنه همس باضطراب : المعذرة .
رمشت بعينيها وهي تشعر بالخجل يقتلها فنهضت واقفة وهي تهمس بصوت خافت : لا تعتذر . وقف أمامها ليمنعها من المغادرة وهو يقول باعتذار حقيقي : آسف اسما ولكني .
أشارت بيدها أمام وجهه وقالت : أرجوك توقف . نظر إلى عمق عينيها بندم انتفض قلبها السعيد إليه ألما هم بالحديث ليقاطعه صوت الطرقات الهادئة التي تعرف عليها على الفور فنظر إلى الباب بتوسل أن يكون مخطئا ليهوى قلبة بشدة وهي تطل من خلف الباب الذي فتح على استحياء وهي تقول بصوتها الدافئ : المعذرة ، هلا يمكنني الدخول ؟!
****
هز رأسه بنزق وهو يقترب منها ليلتصق بظهرها ويحيطها بذراعيه واضعًا كفيه على بطنها المنتفخ ويهمس بنبرة غاضبة خافتة : ماذا تفعلين أيتها المجنونة ؟!
ابتسمت برقة لتلف إليه وتنظر بعتب وتهمس : أنا مجنونة ؟!
هز رأسه بالإيجاب وقال وهو يكتنف كتفيها بكفيه ويقول بعتب : ألم تخبرك الطبيبة أن عليكِ الراحة منال ؟!
هزت رأسها بالموافقة وقالت : نعم أخبرتني بالراحة وليس بالتزام الفراش خالد وأنت من الليلة الماضية تجبرني على المكوث بالفراش إلى أن مللت فأتيت هنا لأكون معكم . تنفس بقوة وقال : حسنًا تعالي واجلسي بالحديقة في الفراش المعلق وكفي عن الوقوف بدون داعي .
ابتسمت بهدوء وقالت :حسنًا سأعد تلك الكريمة وآتي معك. لمعت عيناه بغضب حاد وهو يقول من بين أسنانه : لا .
رفعت حابيها بتعجب فاتبع بأمر صارم لمع بزرقاويتيه : عندما أخبرك أن عليكِ الراحة فنفذي على الفور منال .
رفعت حاجبها الأيمن باعتراض لتهمس بابتسامة ضائقة : توقف عن معاملتي كما تعامل الصغار خالد .
أتبعت من بين أسنانها : لست "هنا" لتؤمرني بتلك الطريقة .
زم شفتيه بضيق لتتبع : أنا زوجتك لست طفلتك . زفر بقوة وقال : زوجتي عليها أن تطيعني وخاصة عندما آمرها بشيء لأني خائف عليها ، ليس تجبرًا مني .
قبضت كفيها بقوة وقالت : لا أعلم كيف تكون نصف إنجليزي وبتلك الرأس والأفكار اليابسة خالد .
قال بخفوت حاد : أنها ليست يابسة أنتِ من تتمردي دائمًا وأبدًا .
لمعت عيناها بعنفوان قوي وقالت : وسأظل أتمرد خالد ، لست قطتك المدللة لأخنع واتمسح بساقيك كلما ظهرت .
أتبعت بصرامة : أحبك نعم بل أعشقك حد الجنون لكني لن أتنازل عن شخصيتي ، خرجت الكلمات حادة تجرح حلقها : ولن أقبل أن تملي علي أوامرك وأنفذها صاغرة !!
قال بحدة وهو يقبض كفيه بقوة : من منا من يريد إخضاع الآخر منال ، انت تقومين بتهميشي يا زوجتي المصون . عقدت حاجبيها بتفكير وقالت : تهميشك ؟!
لمعت عيناه بوميض رمادي أعتم حدقتيه على الفور : نعم ، لم تضعي عدم موافقتي على دعوة خطيب شقيقتك في الحسبان أتبع بكره واضح : رغم أنكِ تعلمين أني لا أطيق وجوده من حولي . رفعت حاجبيها بتعجب وقالت : ما لا أفهمه حقًا خالد لماذا تكره وجوده بتلك الطريقة غير المبررة لي ؟!
هز رأسه بضيق لتتبع : اسمع خالد ، إنها شقيقتي الوحيدة ولن أقطع علاقتي بها أو أضع حدودًا بيننا من أجل أسباب غير مفهومة من قبلك لا تريد البوح بها أردفت بعصبية : وخاصة بعد رؤيتي لفاطمة بأحسن حالاتها والسعادة تعلو هامتها ، إذا كان لديك شيء ضد وائل تكلم أما غير ذلك سأعمل على تقارب عائلة شقيقتي لنا بكل الطرق وليس عليك الرفض .
نظر لها بقوة وهمس بصوت جليدي : إذًا ستجبرينني على التعامل مع وائل .
ازدردت لعابها ببطء وهي ترى تلك النظرة التي لمعت بحدقتيه الغائمتين بغضب أوشك على ابتلاع ما تبقى من تعقله فهمست بمهادنة : لا خالد لم أقصد ذلك .
ضيق عينيه وهو ينظر لها ببرود ساخر فأتبعت : ما قصدته اني أريد أن أفهم أسباب رفضك له .
زفر بقوة وقال بضيق فعلي : لست أرفضه ولكني خائف على فاطمة منه .
حرك أنامله في خصلاته السوداء بعصبية وقال : سيجرحها ويؤذيها أنا متأكد من ذلك .
نظرت له باستنكار وقالت : فاطمة تحبه خالد .
هتف بغضب : أعلم وهذا ما سيجعل من الصعب اندمال جراحها .
ابتسمت بحب أغشى عينيها وقالت وهي تقترب لتلامس صدره بكفها ، ليغمض عينيه ويزفر بقوة ، فتح عينيه لتلمع حدقتيه بصفاء السماء وهو ينظر إليها بحنو وكأن لمستها قادرة على امتصاص غضبة الكامن بداخله : الحب قادر على فعل المستحيل خالد . احتضنت خصره وهي تضم جسدها إليه ، تضع رأسها على صدره وتهمس : ونحن خير مثال حبيبي .
ابتسم بعشق تفجر من زرقاوتيه ليضمها إلى صدره بحنان وقال : نعم أعلم .
اكتنف ذقنها بكفه ليرفع رأسها إليه وينظر إلى عمق عينيها بلهفه وهو يحني رأسه ليقبلها برقة ثم همس بنبرة آمرة : ولكن توقفي عن عدم الاستماع لأوامري منال .
زمت شفتيها بضيق لتدفعه بلطف في صدره وتقول بغيظ : اخرج من المطبخ خالد .
صدحت ضحكته قوية ليتحرك خارجًا وهو يقذف لها بقبلاته الطائرة ويقول بمرح : أحبك يا مجنونتي .
ضحكت بخفة وهي تتابعه بنظراتها وتهز رأسها بقلة حيلة ، تنفست بعمق وهي تفكر بحديثه لمعت عيناها بتصميم " ستتحدث مع فاطمة لابد أن تطمئن عليها فحدس خالد نادرًا ما يخطئ !! "
****
وقفت تنظر إلى نفسها بالمرآة وهي تشعر بأنها تمادت في اختيارها لملابسها ازدردت لعابها بقوة لترتجف شفتيها بتوتر وهي تعدل من وضع بلوزتها القطنية القصيرة والتي بالكاد تصل لحد جيبي بنطالونها الجينز الضيق .
عضت شفتها السفلى برقة وعاودت رفع كتف البلوزة الساقط عن موضعه مرة أخرى لوضعه الطبيعي وهي تسب ياسمين التي أصرت على ابتياعها لتلك البلوزة التي لا تعلم تصنيفها إلى الآن !!
انتبهت من أفكارها على صوت باب دورة المياة وهو يطل من خلفه ..شعرت بجفاف اصاب حلقها وهي تنظر إليه من خلال المرآه ، صدره العاري مبلل بقطرات المياه التي تجري نزوﻻ من خصلاته السوداء المبعثرة لترتطم بعضلاته النافرة أو ببطنه المسطحة .. وسعيدة الحظ من تصل سالمة فترقد بثبات على حافة المنشفة الكبيرة الملفوفة حول خصره ! !
ازدردت لعابها مرة أخرى وهي تشعر باحتقان وجنتيها عندما أدركت مراقبتها له وخاصة بعد أن لمعت حدقتيه بوميض نبهها لما تفعله ..
تحركت بخطوات مبعثرة باتجاه باب غرفة الملابس وهي تغمغم بكلمات لم تفهمها هي نفسها ، ولكنها شهقت بقوة وهي تشعر بنفسها محاوطة بذراعيه مرر شفتيه على جانب عنقها وهمس بمكر تخلل نبراته الفخمة : إلى أين ؟!
بللت شفتيها بتوتر لتهمس بكلمات غير مترابطة : للخارج .. ملابسك .. بالتاكيد تريد ارتدائها . اتسعت ابتسامته الماكرة وهو يضم ظهرها الى صدره العاري : غير صحيح ، أنا أفضل وضعي هكذا
اتسعت عيناها بحرج وهي تشهق باستنكار وتقول سريعًا وهي تلتفت إليه : هذا غير ﻻئق
دوت ضحكته باريحية وهو يشدد من ضمته لها يزرعها بين ضلوعه .. كورت قبضتيها وهي تضمهما لصدرها خوفًا من أن تلامسه رغمًا عنها ابرقت حدقتيه بخبث وهو ينظر لكفيها المضمومتان لها ، فابتسمت بخجل وهي تحني رقبتها بعيدًا عنه ، أحنى رأسه هو بدوره وهو يحاصرها بعينيه ..
أسند جبهته لجبينها وهو يهمس بزفراته الحارقة : كفي عن الخجل ليلى .
كتمت أنفاسها رغمًا عنها وهي تشعر بشفتيه ترفرفان على وجهها بقبلات رقيقة وكأنه يحثها على موافقته ..
انفرجت شفتيها رغمًا عنها وهي تشعر بأن ساقيها ترتخيان وشفتيه تنتقل إلى عنقها.. وجانب رقبتها لتنتفض بعنف وهي تدرك موضوع شفتيه الأخير عند مقدمة صدرها فتدفعه بتلقائية بعيدًا عنها . تنفس بعمق وهو يشعر بدفعتها الرقيقة ليبتعد عنها قليلاً وهو يتحكم بانفاسه المندفعه بقوة من صدره .. سيطر بصعوبه على صوته ولكنه خرج أجشًا رغمًا عنه وهو يهمس لها : لا تخافي ليلى .
رمشت بعينيها كثيرًا لتشعر بالخجل يغرقها فدفنت وجهها بمنتصف صدره وهمست : آسفة .
ابتسم رغمًا عنه وهو يضمها إليه بحنو : ﻻ عليك حبيبتي ..
أتبع بشقاوة وهو يمسد ظهرها بكفه : ولكن إن لم تبتعدي الآن لن أكون مسئولاً عما سيحدث . شهقت بحرج لتتحرك بخطوات سريعة مبتعدة عنه وهي تهمس : سأتركك ترتدي ملابسك . دوت ضحكته المتسلية من خلفها لتبتسم رغمًا عنها وهي تشعر بوجنتيها سينفجران من احمرارهما !!
نظرت إلى المائدة مرة أخرى بنظرة تقييمية وهي تفكر فيما ينقصها هزت رأسها بإدراك وتحركت بخطوات سريعة لتأتي ببعض الأشياء وتضعها على المائدة وتنهيها بوضع دورق المياة و كوبين زجاجيية كبيرين من حوله .
تنفست بقوة وهي تجلس بهدوء على أول كرسي من كراسي المائدة وهي تشعر بزهو لحظي يمتلكها عندما نظرت لذاك الكرسي الموضوع على رأس المائدة ، وهي تشعر بأنه يليق به ، بتصميمه المختلف عن بقية الكراسي السبع الملتفة حول طاولة الطعام .
ابتسمت بعشق رفرف له قلبها وهي تتذكر جلستهما البارحة.. فبعد أن تناوﻻ الطعام انتقلا إلى الجلسة الموضوعة أمام التلفاز تحدثا عن أشياء كثيرة ولكنها توترت رغمًا عنها في أخر الجلسة بينهما ، وخاصة بعد اقترابه الشديد منها وهو يلامس كتفها باطراف أنامله بلمسات رقيقة ويهمس لها ببعض الغزل جعلها تنتفض برقة ، ابتسم هو بحنو وابتعد عنها قليلا ثم نهض واقفًا وعرض عليها صنع القهوة فرفضت بلباقة وهي تخبره أنها ستخلد إلى النوم بعد أن هاجمها التثاؤب بالفعل .
ابتسم بهدوء وعيناه تموج بحديث أنكرت هي فهمها له فقال بنبرته الفخمة : حسنا سأتبعك بعد قليل .
رمشت بعينيها وهي تنظر إليه يلملم الأطباق والكؤوس الفارغة من على الطاولة أمامها و يتجه بها إلى المطبخ فهمست بعقل مشوش وهي تتبعه : ماذا تفعل ؟!
اتسعت ابتسامته وقال وهو يبدا بإفراغ الأطباق من بقية الطعام و وضعها بغسالة الأطباق : أنا رجل اعتدت على خدمة نفسي بنفسي ليلى ولا أشعر بالحرج من مساعدتك عندما أرى النوم ثقيلاً بين جفونك فلا ضير من قيامي بما أفعله الآن .
انتفضت واقفة وهي تستعيد وعيها : لا طبعًا ، حتى إذا كنت كذلك فيما مضى أنا الآن هنا ولن أتركك تفعل ما تقوله .
سحبت الطبق بحدة من بين كفيه وقالت بنبرة آمرة : أرجوك غادر المطبخ حالاً .
ضحك بقوة وهو ينظر إليها بتعجب ويقول : تؤمرينني ليلى ؟!
هزت رأسها وهي تتصنع الصرامة وتخفي ابتسامتها التي ولدت كرد تلقائي على ضحكته وقالت بهدوء : نعم ، هيا من فضلك اذهب من هنا .
رفع حاجبيه بمكر ليبتسم ويقول : حسنا كما تريدي ، تصبحين على خير .
تنفست بقوة وهي تتابعه يغادر للداخل ، أنهت عملها بالمطبخ وهي تتمم على كل شيء ، تحاول تهدئ من أعصابها قليلاً وتقنع نفسها بأنه بالفعل خلد إلى النوم !!
لتتنفس براحة عندما دلفت إلى الغرفة وتجدها غارقة في الظلام المبدد بنور ضعيف نابع من المصباح الموضوع بجانب الفراش من اتجاهها ، ابتسمت رغمًا عنها فهي تعلم أنه أضاءه من أجلها بعد معرفته أنها لا تنام بدون ضوء بسيط ينبع من جانبها على عكسه فهو يفضل الظلام من حوله ، ابتسمت بامتنان وهي تراه مستلقي نائمًا على جنبه الأيسر ، مديرًا إلى مكان نومها ظهره ، اتجهت إلى دورة المياه وقامت بطقوسها اليومية قبل النوم ثم بدلت منامتها وهي تزجر نفسها على ارتدائها في وقت سابق تلك الليلة لأخرى حريرية أيضًا ولكنها طويلة وفضفاضة ، قبضت كفيها وهي تشعر بالتوتر يجتاحها وهي تقترب من الفراش بخطوات بطيئة إلى حد ما ، رفعت غطاء الفراش الحريري لتندس بداخله تستلقي على ظهرها وتشده لأسفل ذقنها وهي تزدرد لعابها ببطء و تنظر إليه بطرف عينها شعرت بالنوم بعيدًا عن جفونها فانقلبت على جانبها باتجاهه ، تعلقت عينيها تلقائيًا به وكتمت تنفسها عندما اكتشفت أنه عاري الظهر ، تأملته مليًا وهي تدير عينيها عليه بانبهار من جسده المتناسق ، عظمتي ظهره البارزتين ، ظهره المسطح ببشرته السمراء اللامعة ، ذاك الشق الذي يفصل بين جانبي ظهره فيجعل جسده منحوتًا كتماثيل الآلهة الإغريقية التي كانت دائمًا تثير انبهارها ، شعرت بحرارة تشتعل بجسدها وهي تشعر بكيانه الرجولي يسيطر عليها بقوة ، رمشت بعينيها وهي تجفل من ذلك الأثر الغائر الذي يوشم كتفه الأيسر فاقتربت دون وعي منها وهي تريد التأكد مما تراه وأنه ليس من وحي خيالاتها وقلة الاضاءة ، لتلمس كتفه بأنامل مرتعشة فتشهق بخفوت وهي تكتشف صدق ما رأته .
اتسعت حدقتيها بصدمة حقيقية وهي تفاجئ به يستدير إليها سريعًا و يهمس : أتريدين شيئًا ليلى ؟!
انتفضت بقوة وهي تشهق بصوت مسموع وتبتعد لآخر الفراش وهي تغمغم : بلا شيء .
عقد حاجبيه بتعجب ليقول : حسنًا اهدئي .
أتبع بتساؤل واللطف يرتسم على ملامحه : هل ظننت بأنني نائمًا ؟!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تتمسك بمفرش السرير بقوة فابتسم بعتب وهو ينظر اليها بلوم : لم اخلد إلى النوم بعد ليلى .
هزت رأسها بتفهم فأتبع بغضب بدا يتجلى بحدقتيه : كفي عن رعبك غير المبرر ليلى ، بحق الله لن انقض عليك في أي لحظة فأنا اعطيتك كلمتي .
ارتسم الحرج على تقاسيمها وهمست : لم أقصد ذلك ، لكنك بالفعل فاجأتني لم اتوقع أبدًا أنك مستيقظ .
أتبعت بعتب و الخجل يرتسم بنبراتها : أرجوك توقف عن مفاجأتي أمير .
ابتسم بمكر وقال وهو يشير إليها بعينيه : أعدك ليلى .
أتبع وهو يقترب منها : أهذا يطمئنك أكثر ؟! زمت شفتيها بضيق : لم أقصد أمير ولكنك في بعض الأحيان تخيفيني .
رفع حاجبيه بدهشة وردد : أخيفك ؟!
هزت رأسها وقالت : نعم أنا لا أسمع خطواتك ولا أشعر بك كلما التفت أجدك أمامي هذا يخيفني إلى حد ما .
تنفس بقوة ليهمس آمرًا : اقتربي ليلى .
رمشت بعينها لتقترب بموضع نومها منه ، وضعت يديها كحد فاصل بينهما إحداهما بجوار رأسها والأخرى تستلقى برقة فوق الوسادة ، فرفع كفه ليلامس يدها الحرة ، يكتنفها بكفه ويشبك أصابعه الطويلة بأناملها الرقيقة ويهمس : لا يوجد شيء يجعلك تخافي مني ، شدها إليه مقربها منه أكثر ليدنو برأسه منها ويقبل جبينها بحنو ثم ينظر إلى عينيها : أنتِ بأمان تام معي ليلى ، تذكري ذلك جيدًا.
همست بصوت خافت متخم بالثقة : أعلم أمير ولكني .
زفرت أنفاسها بقوة ثم أتبعت وهي ترفع عينيها إليه : خائفة .
التمعت الابتسامة على شفتيه ليضمها إلى صدره ويهمس لها بنبرته التي تتغلل بخلاياها : وأنتِ معي لا تخافي .
دفن أنفه في خصلاتها المبعثرة من حولها ليسحب نفسا عميقًا ملا به رئتيه ليقبل رأسها برقة ويهمس : فقط توسدي صدري وسيكون كل شيء على ما يرام .
أتبع وهو يسند جبينه لجبهتها وينظر إلى عمق عينيها : فقط كوني بجواري هكذا . ...
انتهى من ارتدائه لملابسه ليتحرك للخارج أضاءت عينيه بفكرة ومضت سريعًا لتتخذ حيز التنفيذ الفوري فمر على غرفة مكتبه قبل أن يخرج إليها بحث بعينيه سريعًا عن حاسوبه المحمول لتتوقف حدقتيه عن شيء ما بخارج النافذة ، تحرك بهدوء ليتجه إلى النافذة بطريقة طبيعية وينظر من خلف الستائر الخفيفة بطريقة لا تثير الانتباه ، جمدت تقاسيم وجهه وهو يحدق في تلك السيارة المتوقفة بالخارج ، وذاك المدعو ماهر يظهر من خلف المقود ، من الواضح أنه مستمر بمراقبته أو حمياته كما أخبروه من قبل ، زفر بقوة وهو يتمتم لاعنًا تلك الاجراءات المشددة التي يتخذونها لحمايته !!
تنفس بعمق وهو يشعر بالغضب يزحف إلى أوردته ، بحث عن الهاتف ليتحرك إلى باب الغرفة وينظر بشكل خفي للخارج ثم يغلق الباب بدون صوت يذكر ، عبث بأزرار الهاتف سريعًا وهو يطبق فكيه بقوة أتاه الصوت على الطرف الآخر فهمس بطريقة صلبة آمرة : أخبر الرئيس أنني لا أريد حماية أمام بيتي .
صمت الصوت الآخر قليلاً ثم تحدث بكلمات سريعة فقاطعه هو بصوت جليدي : فقط أخبره أنا أستطيع حماية نفسي وعائلتي .
هم الآخر بالحديث ليهمس بصوت آمر : فقط أخبره .
نطق الآخر بالموافقة ليغلق الهاتف سريعًا ، زفر هواء صدره بقوة وهو يغلق الستائر الثقيلة ، استلقى على كرسي مكتبه واسند رأسه للخلف وهو يفكر " ألا يكفيه ما تفعله به ليلى وترقبها لكل حركاته و الذي يتجلى بعينيها ولا يعلم سببه إلى الآن ، هناك سبب قوي وراء توترها الذي يدفعه للجنون ، ماذا فعل جعلها تهابه بتلك الطريقة المثيرة للأعصاب ؟!
أغلق عينيه وهو يبتسم بمكر لقد قارب الليلة الماضية على تخطي جميع الحواجز بينهما ولكن تلك الانتفاضة التي ألمت بها جعلته يتراجع ، ثم يجبر نفسه على حمام بارد لعله يطفئ من لهيب قلبه ، كاد أن يكسر صفي أسنانه بسبب شعوره بالعجز في دحر انتفاضتها وخوفها بعيدًا ، ضغط شفتيه قويًا وهو يتذكر هشاشتها .. ضعفها .. تلمسها لأمانها منه .. استجدائها لقوته .. توسلها له بالانتظار رغم شعوره بانها تريده كما يريدها لكن هناك شيء ما لا يستطيع الوصول إليه !!
همس قلبه " أنه الخجل " ليهز رأسه نافيًا بعنف تلك الفكرة ويتمتم بغضب أغشى حدقتيه : لا هناك شيئا ما لا أفهمه . تنفس بقوة وهو يلوي شفتيه بنزق ويفكر " كان ينقصني ذاك الماهر الذي بعيدًا كل البعد عن اسمه لأجده أمام نافذتي يراقبني
لمعت عيناه بإصرار مخيف وابتسامته الماكرة تلمع بشفتيه وهو يهمس : سأجبره على الرحيل أتبع بثقة ومضت بحدقتيه : فأنا أكثر من قادر على حمايتها فلا داعي لكل ما يحدث هذا
*****
ركضت السلم نزولاً كي تكون في استقباله فهو اتصل بها ليخبرها أنه بالأسفل ، قد وصل للتو إلى منزل شقيقتها ويريد أن تكون هي أول من يستقبله ، وها هي تفعل .
توقفت قليلاً لتتنفس بطبيعية تخفي لهفتها إلى لقائه وتتحكم في دقات قلبها المتصاعدة ، ضغطت شفتيها ببعضهما في محاولة جيدة للسيطرة منها على نفسها ، لترفع رأسها بأرستقراطية وتتحرك بكبرياء جلبت عليه !!
فتحت باب الفيلا الخشبي لتخطو منه للخارج في خطوات قوية .. واضحة .. مدللة تمتزج بغنج طبيعي تتسم به كل تصرفاتها .
ابتسمت بإغواء لم تتعمده وهي تنظر باتجاهه يرتجل من سيارته رياضية الطراز - مصفوفة بجانب سيارة خالد ، والتي تراها لأول مرة فهو يعمد لاستخدام تلك السيارة الفارهة الخاصة برجال الأعمال الأقوياء والتي تعتبر عنوان لوجودهم بالمكان . ولكنه اليوم مختلف . مختلف بطلته .. مختلف بابتسامته .. مختلف حتى بملابسة الغير رسمية والتي أشعرتها بأنها باتت أقرب إليه .
تأملته بذاك الجينز الفاتح والذي أظهر طول ساقية وحدد خصره الرشيق ، لتكتم تنفسها وهي تنظر إلى قميصه الأبيض الذي اظهر عضلات صدره النافرة من ورائه .. وتلك اللمحة الأرستقراطية التي اعتادت منه عليها تطل في هذا الوشاح القطني بألوانه الزرقاء المتدرجة ملتف حول عنقه فازده وسامة .
تقدمت باتجاهه وهي تبتسم بلباقة : مرحبًا يا باشمهندس .
رفع رأسه ينظر إليها ، لا ينكر أنه اشتاقها ، اشتاق تلك الصغيرة الشهية ، فمذاق قبلاتها لم يتذوق مثله من قبل ، كلون الكراميل الفريد الذي يلمع بعينيها فيجعل حدقتيها تشع كالشمس الحارقة فتندلع نيران رغبته القوية بها فيجاهد لأن يسيطر على المتبقي من تعقله معها !!
أدار عينيه عليها بتمهل وشفتيه تلمع بابتسامة مغوية قادرة على أن تفقد أكثرهن حصانه وتجبرها أن تركع تحت قدميه .
تأملها من أخمص قدميها المزينتين بصندل خفيف بكعب رفيع يكشف عن صغر قياسها ، مزين بخلخال من الذهب اللامع يلتف حول أول ساقيها مظهرًا جمالهما .. ساقيها العارتين لفوق ركبتيها يشعان ببريق بشرتها الذهبية اللامعة .. ترتدي فستان زيتوني اللون ينعكس لونه بعينيها اللامعتان فيعطيهما بريق ذهبي مزج بلونهما البني فجعلهما مصدر اغواء متعمد .. قصير ضيق يلف مفاتنها وكأنه يعلن عن كنزوها الثمينة التي يحترق للوصول إليها .. بصدر مغلق لأسفل عنقها وكمين متسعين من عند الكتف يظهران ذراعيها من خلال شق طولي بهما .. يصلان لساعديها بأسواريتين ضيقتين ذهبتين اللون تنحت ساعديها وتعطيهما مظهرًا مغريًا لتقبليهما .. يديها خالية من الزينة ماعدا دبلته الذهبية التي تذكره دائما بانه امتلكها وإلى الأبد !!
همس لنفسه " الصبر جميل وائل .. وأنت دائمًا صبور " لعق شفتيه بطريقة مثيرة يعلم تأثيرها جيدًا على بنات جنسها ليتقدم منها ويهمس بصوت أبح : مرحبًا تامي ، هل ستكتفي بتلك المرحبا كترحيب يليق بي ؟!
اقترب منها بخطوات متمهلة ليتبع : يليق بزوجك المستقبلي .
ابتسمت برقة لتأرجح شعرها بدلال وهي تقول بتسلية تشبعت بها حروفها : وكيف تريدها تلك المرحبا لتليق بك يا باشمهندس ؟!
اقترب منها حتى فصلت بينهما أنفاسه اللاهثة في حين كتمت أنفاسها هي وحدقتيها تومض بترقب أثاره فلمعت عيناه بإغواء تعمده وهو يهمس لها أمام شفتيها في حين ضمها من خصرها إليه : أريدها بنكهة الكراميل .
اتسعت ابتسامتها في سعادة تراقصت بعينيها الذهبتين امتزجت بالثقة فومضت بنيران أحرقت تعقله فاقترب منها متمنيًا قربها ليفيق من غيمتها الآسرة على ارتطام قوي بظهره تأوه سريعًا على أثره وهو يلتفت وكل أمانيه تتحول لغضب يعصف بعينيه وهو ينطق من بين أسنانه : اللعنة ، ما هذا ؟!
عقد حاجبيه وهو يلتقط ذاك الصبي الواقف أمامه عيناه تلمع بعنفوان قوي وخبث ذكره بزرقاوتين تؤرق عليه حياته وتجبره على التفكير في كيفية التخلص من وجودها بحياتها لعله يستطع أن يشعر ببعض السيطرة التي ينشدها عليها !!
نظر لذاك الصبي الذي لمعت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهمس بخبث شديد : المعذرة لقد ارتطمت الكرة بك رغمًا عني .
اقترب في هدوء ليلتقط الكرة التي توقفت تحت قدمي وائل ليتبع : ولكن هذا لا يمنع أن أخبرك أن طريقة اقترابك منها لم تروق لي .
لمعت عينا وائل بغضب عاصف لتهمس فاطمة بتأنيب : أحمد . لا تتدخل في أمور الكبار . أسبل وائل جفنيه ليهمس بغيظ تملك منه : لا يهمني ما يروقك أو لا يروقك أيها الصغير أتبع بصوت يكاد أن لا يسمع : فهي زوجتي رغمًا عن انفك وأنف والدك .
اتسعت ابتسامة أحمد بشكل استفزازي ليهمس بلا مبالاة وهو يعطيه ظهره ويهم بالانصراف : لم تصبح زوجتك بعد
توقف للحظات ليتبع وهو ينظر إليه من فوق كتفه : وإلى أن تصبح عليك أن لا تقترب منها بشكل لا يليق .
اتسعت عينا وائل بدهشة ممزوجة بعاصفة غضبه لتحتقن وجنتي فاطمة بقوة وتقول بغضب فعلي تسلل إليها : أحمد تهذب ولا تتحدث مع عمو بطريقة لا تليق .
التفت أحمد لينظر إليها بهدوء وقال باستخفاف وهو يهز كتفيه بتعجب : أويس ، المعذرة عمو لم أقصد أن أضايقك ولكني تحدثت عما رأيته صحيحًا .
ابتسم بلباقة ذكرت وائل تلك المرة بوالدته : أتمنى أن لا تنزعج من حديثي .
أتبع سريعًا وهو يرمي الكرة أمامه ويركض من خلفها : بعد اذنكم .
ارتفع حاجبي وائل بدهشة لترمش فاطمة بعينيها سريعًا في عدم استيعاب لما حدث من ابن أختها الصغير الآن أمامها لتنتبه على همس وائل المغتاظ : هل تخلصت من خالد لتنشق الأرض عن ذاك الصغير الذي يشبه أباه بتلك الطريقة المغيظة .
تعالت ضحكات فاطمة من حوله لتذهب بضائقته فهمس بتسليه وهو يلتفت اليها: أرى أنك مستمتعة تامي .
ابتسمت وهمست بصدق أثار رجفة قلبه : كم أحب أن أراك مغتاظًا فوجهك يصغر عشر سنوات على الأقل وهو محمر هكذا من الضيق .
ابتسم بشقاوة وقال : أعتبر هذا تصريح إعجاب من ابنة السفير .
همست ووجنتيها تتوردان : بل اعتبره أكثر من إعجاب يا ابن الوزير .
تنفس بعمق لتلتقط عيناه أحمد وهو يتلاعب بالكرة فهمس دون وعي منه : هل إذا رزقت بطفل ذكر سيأتي يشبهني كما يشبه هذا الصبي والده.
رفعت حاجبيها بعدم فهم لتقول : ولكن أحمد لا يشبه والده أنه أكثر الشبه بخالد .
عقد حاجبيه وهو يلتفت لينظر اليها ويقول : هذا ما قلته فاطمة أنه يشبه خالد بطريقة تثير الأعصاب قاطعته بتعجب وقالت : وهذا يؤكد ما أقوله أنه يشبه عمه أكثر من أباه .
رفع حاجبه باستفسار لتتبع هي بتساؤل : لا تخبرني أنك لا تعلم أن خالد ليس بأبيه .
أكملت بادراك : نعم خالد من رباه فعليًا فأحمد لا يتذكر والده أصلاً ولكن خالد ليس بأبيه البيولوجي . قاطعها وفكه يتصلب : مهلاً .
أكمل وهو يحدق في ملامح وجهها وكأنها أتت من الفضاء للتو : أنتِ تقصدين أن خالد تزوج شقيقتك وهي كانت متزوجة من أخيه قبله وأن هذا الأخ التؤام الذي ذكره أمامي من قبل هو والد كلاً من أحمد وهنا .
أومأت برأسها سريعًا لتتساءل بتعجب : هل يزعجك ذاك الأمر ؟!
هز رأسه نافيًا وهو يهمس وملامح وجهه يرتسم عليها التفكير العميق : إطلاقاً ،
أتبع يغمغم بشرود : ولكني لم أتوقع ذلك الأمر بتاتًا ،
رفعت حاجبها بشقاوة وقالت قاصدة اغاظته : ألم تخبرني من قبل أنك تعرف كل شاردة وواردة كيف لا تعلم بهذا الأمر إذًا ؟!
غمغم وهو يحدق بأحمد : لم أكن استفسر عن شقيقتك تامي كنت أتحرى عنك أنتِ ثم إن أبي دفعني دفعًا للتقدم لخطبتك فلم أقم بالسؤال عن عائلتك وخاصة أن سيادة السفير ذو تاريخ مشرف معروف
أكمل وهو يلتفت لينظر إليها : لذا لم أعلم عن ذاك الأمر وتوقعت أن يكون خالد أبا الطفلين فأحمد نسخة مصغرة منه ما عدا لون العينين
مط شفتيه بتعجب وهو يتبع ويلتفت مرة أخرى لينظر إلى هنا التي أتت بخطوات هادئة تتحدث إلى شقيقها : ثم إن خالد يعشق شقيقتك وهي الأخرى تهيم به حبًا فكيف تزوجت من أخاه وهما يهيمان ببعضهما هكذا .
انتظر قليلاً ردها وعندما قابله الصمت التفت يحثها بعينيه ليعقد حاجبيه على الفور وهو يراها تعقد ساعديها أمام صدرها ، تمط شفتيها باستياء ظهر على محياها وعقدة حاجبيها تنذر بعاصفة فاطمية قادمة في الطريق !!
ابتسم رغمًا عنه بتسلية وهو يراها بتلك الملامح التي يعشقها ، بحدقتيها التي تشعان بعواصف كرميلية ستنفجر بوجهه الآن وتنثر عليه حمم الكراميل شهية المذاق سألها بنبرة يعلم جيدًا أنها تستفزها : ماذا الآن فاطمة ؟!
كتم ضحكته التي تعالت بداخلة وهو يراها تجز على أسنانها بقوة لتهمس بحدة : إذًا أباك دفعك دفعًا لتخطبني .
اتسعت عينيه بدهشة ليقول بتعجب مبطن بسخريته المعهودة : من قال ذلك ؟!
أشاحت بكفها غاضبة : أنت ، الآن .
ضحك بخفة ليقترب منها ويحاوطها بذراعيه ، تحركت متمنعة لتبتعد عنه فأسرها بكفية اللذان اكتنفا خصرها برقه وهو يقربها منه ويهمس بنبرته الدافئة : لم أقصد ما فهمتيه أنتِ ، لقد أخبرتك من قبل أن لا يوجد أحد يدفعني للقيام بأمر لا أريده ولكن ، همس متبعًا عندما لامس ذقنها برقة امرة ليرفع راسها ويجبرها على النظر إليه : أبي تعجل الأمور بعض الشيء ، وأنا كان لدي ترتيب خاص للتعرف عليك يا ابنة السفير.
أشاحت بعينيها بعيدًا عنه ليلامس وجنتها برقة وهو يهمس : لا تحرميني من الكراميل تامي ، التفت إليه بانتباه ليهمس وهو يدور بعينيه على ملامحها يقبلها بنظراته لتبتسم هي بخجل وهي تشعر برفرفة شفتيه تلثمانها دون أن يقترب هو منها فعليًا : نعم أنا أقصد ذاك الكراميل الشهي المتدفق من حدقتيك يدعونني إلى أن آخذك الآن إلى عالمي .. عالمي الذي إن دخلتيه لن تخرجي منه للأبد تامي .
ضمها إلى صدره بقوة وهو يقبل خصلاتها الثائرة : كم أريدك معي يا حوريتي .
ابتعد عنها على الفور عندما شعر بها تتملص من بين ذراعيه لينظر إليها بتعجب فينتبه لاحمرار وجهها وهي ترمش له بعينيها ، التفت إلى الوراء وهو يرسم ابتسامة مغيظة يعلم جيدًا مدى تأثيرها على الآخر ليتحرك مبتعدًا عنها بارتباك وهو يقابل تلك البنيتين الثائرتين باعتراض صارم ونبرة معترضة ظهرت جيدًا في صوتها وهي تقول بلباقة عهدها بها : مرحبًا بك في بيتنا يا باشمهندس .
****
مطت شفتيها باستياء وهي تستمع إلى طرقات على باب غرفتها فنهرت من وراء بابها بحدة وهي تقول : لا أريد تناول الطعام اذهبي ولا تعودي .
تلاعبت بخصلة شعرها الأمامية وهي تنبطح على بطنها وتتأمل تلك العارضات بالمجلة التي تتصفحها بملل ليعاود الطرق مرة أخرى فتزفر بقوة وهي تصرخ تلك المرة : اذهبي يا امرأه فأنا لن أنزل اليوم من غرفتي حتى إذا انطبق البيت على من فيه .
لوت شفتيها باستياء بالغ وهي تسب الخادمة اللحوحة التي أخرجتها عن طورها بسبب كثرة دقها على باب غرفتها ، تعلم جيدًا أن والدها من بعثها إليها فهو لا يستطيع تناول طعامه بدونها ، هي فاكهة البيت كما يلقبها دائمًا .. قمره المكتمل كما يدللها .. وفرحة حياته كما يحب أن يخبرها وهو يراضيها .
ابتسمت برضا وهي ترفع قدميها لأعلى وتهزهما بطريقة رتيبة وهي مستمرة بنومتها وتصفحها للمجلة ولكن عقلها شارد في تلك الخطة التي تعدها للتخلص من دكتور الجفون ، فإذا كانت تريد ارضاء جدها سترضيه ولكنها لن تتزوج من ذاك الطبيب المتخصص بالمقالب . عبست بوجهها عندما تذكرته وانتابها الغضب لفرضه لنفسه عليها ولكنها هدأت نفسها وهي تهمس داخليًا " انتظري ديدي وفكري جيدًا لتدفعيه أن يركض من أمامك وذيله بين أسنانه " لمعت عيناها بوميض قوي لتشهق بقوة وهي تنتفض على صوته وهو يهمس لها : لم الجميل عابس ؟!
انتفضت واقفة فوق الفراش وهي تشهق بقوة تفرد كفها فوق صدرها وتتمتم : سلامٌ قولاً من ربٍ رحيم .
ارتفعت حاجبيه بدهشة وهو ينظر إليها بتعجب ليجلس مكانها ويلتقط تلك المجلة التي كانت تتصفحها ويقول : هل رأيت جنيًا ديدي إنه أنا ؟!
اتسعت عيناها بدهشة أثارت ضحكاته ليهمس بسخرية ماكرة : أم كنت تفكرين بي ولم تصدقي عندما رأيتني أمامك .
عقدت الصدمة لسانها فهمست بصعوبة : كيف دخلت إلى هنا ؟!
أجاب بلا مبالاة وهو يشير إليها : من الباب . انقلبت رماديتيها لبحر من الغضب وهي تصر على حروفها : كيف جرؤت على الدخول إلى غرفة نومي دون استئذان ؟!!
مط شفتيه باستياء ليهمس : ولم استئذن وأنا أدخل إلى غرفة نوم زوجتي ؟!
أتبع وهو يقلب صفحات المجلة : ثم لقد استأذنت بالفعل وطرقت الباب عدة مرات.
قالت بغضب وهي تنزل من فوق الفراش وتتجه إلى الباب: وأنا أجبت بالرفض .
ابتسم بسخرية وقال وهو يعاود النظر إلى المجلة باهتمام : كنت تصرفين الخادمة ليس أنا فاعتبرت ذاك الأمر كدعوة للدخول .
ضربت الأرض بقدميها ، تمسكت بحافة الباب في إشارة منها بأن يغادر وهي تزم شفتيها بغضب تجسد على ملامحها لتهمس بحدة : أخرج من هنا حالاً .
زفر قويًا ثم نهض واقفا تحرك بخطوات هادئة حتى أصبح أمامها نظر إليها من علو ليحني عنقه بضع سنتيمترات قليله ويقول بلهجة آمرة : سأنتظرك بالأسفل خمس دقائق فقط أريد التحدث معك وإلا سأصعد إلى هنا مرة أخرى فلا تجبريني على ذلك .
أطبقت فكيها بقوة وهمت بالرفض لتلمع عينيه بوعيد أثار انتفاضة خوف داخلها ولكنها تحكمت بها قويًا حتى لا تظهر بعينيها أتبع بهدوء حاد : لا أمزح ديدي وإذا استطعت فعلها مرة سأفعلها ثانية فلا تختبري صبري .
ابتسم بسخرية أحرقت أعصابها وهو يعتدل واقفًا ويكمل بهدوء وهو يناولها المجلة : أرى أنكِ بدأتى تتسوقين للعرس ، هذه خطوة هامة اهنئك على البدء بها فزواجنا لن يتأخر كثيرًا اتسعت عيناها برعب فعلي لم يخطئه ليهمس وهو يغادر فعليا : ولكن سنتناقش بالأسفل ، أغلق الباب من خلفه وهو يقول بأمر صدح بنبرات صوته : سأنتظرك .
جلست على أقرب كرسي من ورائها حينما أغلق الباب وراءه وهي تشعر بشلل أصاب مخها فتبعثرت ، لم تستطع التفوه بحرف وشعرت بفقدانها على النطق أمامه ، أنها ليست المرة الأولى التي تشعر بهذا الإحساس الذي ينتابها ، ففي كل مرة يتقابلا تشعر به ، يغادر و يتركها من خلفه مبعثرة .. مشتتة .. تائهة .. فاقدة للنطق .. ومصابة بصداع نصفي جراء كثرة تفكيرها فيما تفوه به في لحظات قليلة .. ليس الامر في حديثة ، تعلم هي ذلك جيدًا ولكن كل الأمر في نبرته التي يتحدث بها ، تلك النبرة المغايرة تمامًا لصوته الحقيقي ، تلك النبرة القوية .. الهادئة .. تحمل في طياتها الحدة ممزوجة بقوة تظلل عمق حدقتيه فيصبحا بلون اسود معتم يعكس ظلها بهما فلا تصل لما يفكر بل تشعر بأنها أمام مرآتها التي تعريها وهي تكره أن تكون عارية أمامه بل تريد أن تظل متمسكة برداء عنفوانها وقوتها وخاصة معه !!
قبضت كفيها وهي تسيطر على ارتجافهما ، لمعت عيناها بوميض غاضب لتنهض واقفة في كبرياء وحدقتيها تحوم بهما شرارات دخانية غاضبة حدثت نفسها " أجرؤت محمود على أن تصعد إلى غرفتي لتهددني ، حسنًا يا ابن العم سنرى من سينفذ مقلبه بالآخر ويجلس ليستمتع بصوت ضحكاته التي تصدح في الافق " تمتمت بقهر غاضب وهي تتجه لدولاب ملابسها : سنرى محمود سنرى .
وو****
وضعت كفها على فمها وهي تكتم شهقاتها المتتالية حتى لا تصدر صوتا تنبه ذاك الغافل بالخارج ، نظرت مرة أخرى لذلك الأنبوب الأبيض بيدها لتنهمر دموعها كالفيضان مغرقة خديها وهي تهز رأسها بالنفي ، لا تعلم لم أتى لها هذا الهاجس الملح بعد كلمات مديحة التي المحت لها قبل أن تغادر أنها من المحتمل ان تكون حامل للمرة الثانية !
حينها نظرت إليها باستنكار وهي تنفي ذاك الاحتمال وتفنيه من رأسها ولا تعلم إلى الآن السبب وراء ابتياعها ذاك الاختبار في الصباح ضمن الأدوية التي تشتريها دوريًا لكريم وهي عائدة من عملها !!
لم تنتظر طويلاً وكان الاختبار أصابها بحمى التسرع فاختلت بنفسها سريعًا بعد أن اطمأنت على كريم في فراشه وتناولت الغذاء مع حماتها التي تغيرت كليًا معها وفي غير وجود هشام الذي تأخر قليلاً عن موعد عودته للبيت . ولكنه أتى ليطرق الباب عليها وهي تنتظر النتيجة بترقب ، تراقبها عن كثب داخل دورة المياه تضع عينيها عليها ولا تستطيع تحريك حدقتيها ولا الرمش حتى تمضي الدقائق المعدودة التي تفصلها عن رؤية النتيجة لتنتفض بقوة عندما طرق الباب وصوت هشام أتى لها من الخارج بعد أن أدار مقبض الباب وهو يقول : نودا ، ماذا تفعلين بالداخل ، ولماذا تغلقين الباب عليك ؟
ارتسمت ملامح وجهه أمام عينيها عندما أتبع فشعرت به يبتسم والشقاوة تلمع بعينيه بعد أن اسند كتفه للباب وهمس بصوت أتقن نبراته لإغوائها : إن كنت تتحممين افتحي المزلاج فأنا احتاج بشده لأُدلل على يديك .
رمشت بعينيها مرات متتابعة لتهمس بصوت حاولت أن يخرج طبيعيًا قدر المستطاع : لا ،أنا لا استحم ،
سحبت الهواء إلى صدرها بقوة لتتبع هامسة : سآتي حالاً .
استمعت إلى زفرته القوية ليقول بهدوء والقلق يبطن نبرات صوته : حسنًا سأنتظرك لا تتأخري .
ارتجفت بشدة وهي تعاود النظر لذاك الأنبوب الأبيض وهي تحدق بالخطين من أمامها الملونين بلون بنفسجي قاتم أكد لها نتيجته الإيجابية كتمت شهقتها مرة أخرى وهي تتجه إلى طرف المغسلة ، تفتح صنبور المياه لترمي الماء على وجهها بدفعات مرات متتالية حتى تستطيع أن تهدأ من وجيب قلبها . أغمضت عينيها وهي تحاول أن تستوعب طفل آخر مثل كريم ، سنوات مريرة ستقضيها تتنقل معه بين المستشفيات وجلسات العلاج ، طفل آخر مريض .. متأخر .. لن يكون طبيعي ينظر إليه الناس بنظرات شفقة تكون كالسهام تخترق روحها وقلبها لتدميه أكثر من رؤيتها له بتلك الحالة التي يظل عليها لكثير من الوقت .
طفل آخر لن يكون طبيعيًا لن ينعم بطفولته لن تترقبه وهو يكبر ليغمغم بكلمات غير مفهومة ويصيح باسمها أو اسم والده أو أخاه ، طفل آخر لن تترقب خطواته الأولى عند اكتمال عامه الأول أو تترقب وقوعه من على الفراش عندما يبدأ بالتقلب في شهوره الست الأولى طفل معاق لا يليق بهشام ولا باسم عائلته ولن يستطيع زوجها او هى أن يتخذاه سندًا وعونًا لهما عند الكبر !!
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تتذكر كلمات حماتها وهي تخبرها أن من حقها رؤية أطفال أصحاء لولدها الوحيد يحملون اسمه ويليقون باسم عائلته شعرت بالندم يجتاحها وهي تشعر بصحة أقوال حماتها وأنها كانت محقة منذ البداية وأنها ترتكب أكبر خطأ في حياتها باستمرارها مع هشام ، لابد أن تطلق صراحه وتبتعد عن طريقه لعله يهدي لوالدته حلمها الوحيد !!
دق الباب لتنتفض واقفة تغسل وجهها مرة اخرى وتغادر دورة المياه وعيناها تتقد بإصرار نبع من عمق دموع روحها *******
رمش بعينيه وهو ينظر إليها مليًا ، يستطيع الشعور بأن هناك شيئًا مختلفًا ولكنه لا يستطيع معرفته ، دق بسن قلمه على سطح مكتبه بحركة وتيرة وهو يحاول أن يستوعب ما تحدثت به منذ قليل لا يفهم ماذا تريد منه ولكنه يحاول أن يسيطر على أعصابه ويتفهم موقفها نظر لها بتفحص وهو يسألها بعينيه " هل هي تريد الاستقلال ؟! "
ليطبق فكيه بقوة وهو يراها ترفع رأسها بكبرياء أوصل ردها إليه جيدًا . ابتسمت برقة كعادتها وهي تنظر إليه يجلس من خلف مكتبه يتأملها بنظرات حائرة ، يسألها بعينيه عما أصبحت عليه وعن حقيقة ما تفوهت به فابتسمت بثقة ورفعت أنفها بكبرياء جعله يطبق فكيه ويقول من بين أسنانه : إذًا أنتِ تريدي ارثك من والدك ؟!
ابتسمت باتساع وهي تقول بهدوء غلل صوتها وشيئا أخر لم يستطع التوصل لماهيته ولكنه جعل صوتها أكثر صلابة عن ذي قبل و أكثر قوة : لم أقل ذلك كل ما قلته أن من حقي أن أدير نصيبي بتلك الشركة كما يحلو لي هم بالحديث لتشير بيدها بحركة هادئة .. رقيقة .. ولكنها قوية جعلت ينظر إليها بعينين متسعتين على آخرهما وهي تقول بصوت جاد وملامح حيادية : أعلم بالطبع أن كرسي مجلس الإدارة من حقك فأنت الشريك الأكبر في تلك المجموعة فأسهمك أنت وإيني يشكلان أكثر من واحد وخمسون بالمائة لكن أسهم والدي رحمة الله عليه تليك بعددها فأنا أطالب بحقي في كرسي يمثلني بمجلس الإدارة .
تنفس بعمق وقال : لم أنكر حقك ذلك ولكني اتساءل عن السبب الآن أتبع وهو يعتدل بجلسته ويضع القلم من بين يديه : لطالما راعى أبي أسهم عمي بالشركة واتبعته أنا والله أعلم أني لم أفرط في حقوقك أنتِ وعمتي .
ابتسمت برقة شديدة وقالت بلامبالاة : لا أقصد الاساءة بلال ولكن رعاية والدك لنا كانت لأن أبي توفاه الله فهو قام بالحفاظ على ارثي أنا ووالدتي وأنت تابعت ذلك لأني كنت دون السن القانوني رفعت عيناها إليه بنظرة مباشرة ونظراتها القوية تصعقه : لكني الآن اتممت الواحد وعشرون عامًا ومن حقي أن أدير أموالي بنفسي .
ارتد بجسده إلى الوراء وهو يعيد النظر إليها ، يعيد تقييمها ويسأل نفسه " من تلك التي أمامه ؟! أهي حقًا حبيبته الصغيرة التي كانت تختبئ من خلفه عندما تشعر بالخوف ؟! أهي تلك الصغيرة التي كانت تأتي إليه ركضًا حينما يظهر أمامها ، كانت تعاتبه لغيابه عندما يذهب برفقة أصدقائه في رحلة ما أو يقابلهم دون أن يصحبها معه .. أهي تلك حبيبة عمره التي كانت لا تخجل من تصريحها الدائم بحبها له
نطق بخفوت دون وعي منه وهو ينظر إليها متسائلا : ماذا حدث ؟!
رمشت بعينيها والدم يهرب من وجهها وهي تنظر إلى عمق عينيه وتفهم جيدًا فحوى سؤاله الذي فاجئه كما فاجئها ، أشاحت بوجهها بعيدًا عنه ليتبع بإصرار : هل توقفت عن الثقة بي سوزان ؟!
ابتسمت بألم ونظرت إليه بسخرية لتهمس : ألا يحق لي ذلك ؟!
شحب وجهه بقوة وزاغت عيناه ليهمس وهو يطرق برأسه أرضًا : آسف .
زمت شفتيها وهي تشعر بدفاعتها تنهار كاملة لتتنفس بقوة وتقول بلهجة حادة أطلت حدتها من عينيها اللتان غامتا بلون بني قاتم : علام بلال ؟!
رفع راسه لينظر إليها بصدمة فأتبعت وهي تنظر إليه ببرود : أنت تتأسف لي على أي شيء بالتحديد ؟!
أردفت بعد أن اشارت له بيدها ان لا يتحدث : على أنك خذلتني ، أم على أنك هشمت قلبي على مدار أيام وليالي طويلة كنت أتفنن أنا بها في الاعتذار لك على ذنب اعترفت بأني ارتكبته ولكنك أبيت أن تصدقني .
ارتسم الألم بوجهها وقالت : لقد أردت التصديق بأنني خائنة أحببت أحدًا آخرًا ، لم تفهمني قط ولم تعرفني بلال فركنت بعقيدتك إلى أني كاذبة خدعتك بحبي ولم تثق بقلبي ولا بي .
أشاحت بوجهها بعيدًا عنه ، ثم رفعت رأسها بكبرياء وقالت بمرارة : اعترف أنى أخطئت عندما انبهرت بوليد وبوجوده من حولي ولكن قلبي ظل معلقًا بك أنت .
رمشت بعينيها وقالت بصوت خافت حمل الألم بطياته : حتى عندما حاولت أن .. صمتت لتتنفس بقوة وتهمس : ولكن بفعلتك تلك أحرقت كل ما بيننا بلال والآن تسأل لماذا توقفت عن ثقتي بك ؟!
ابتسمت بسخرية شديدة : أنت هشمت جسر الثقة بيننا بلال لطالما كنت أنت ملاذي وأمني .. وطني ومرفأي .
زفرت بقوة لتتبع بقوة وهي ترفع نظرها إليه بتصميم :ولكنك حطمت كل شيء وعليه لم أعد أنا لا أثق إلا بنفسي .
أتبعت بنبرة جامدة خاليه وعيناها تتألق بلمعة أخافته : نفسي فقط .
*****
تناهى إلى مسامعها صوت يناديها لم تتعرف على صاحبه وهي تتجه نحو مكان صف سيارتها المعتاد ، تلفتت حولها تستطلع هوية مناديها لتعقد حاجبيها على الفور ونفاذ الصبر يظهر بوضوح على ملامحها وهي تراه يأتي ركضًا نحوها ابتسامته تشع من ملامحه وهو يشير لها بيده أن تنتظره !!
ركض باتجاهها وابتسامته تتسع تدريجيًا عندما تقدمت خطوتين باتجاهه ثم توقفت منتظره وصوله عندها ، تعقد ساعديها أمام صدرها في انزعاج انعكس من حركة جسدها المنتصب بغضب ممزوج بتوترها الفطري !!
لهث بقوة وهو يتوقف عندها ثم يقول من بين أنفاسه المتلاحقة : هاي ، كيف حالك اليوم إيني ؟!
زفرت بهدوء لتبتسم من بين أسنانها وتقول : بخير والحمد لله ، كيف حالك أنت ؟!
اتسعت ابتسامته فأظهرت من خلفها صفي من الأسنان اللؤلؤية والتي تظهر اعتناؤه بهما بطريقة فائقة ، وقال بصوت أفاض رقة وهو يدير عينيه عليها بلهفه فطرية يخصها بها ، بعد أن رفع نظارته الشمسية الثمينة فوق مقدمة رأسه : طالما أنتِ بخير أنا بخير .
رفعت حاجبيها بنزق وهي تتم داخليا : ارحمني يا الله .
زفرت بعصبية لم تحاول اخفائها لتنظر إليه من خلف نظارتها الشمسية بملل وتقول : أردت شيئا حاتم ؟!
تنحنح بحرج وهو ينظر إليها بلوم ليهمس : بالطبع .
أتبع بمرح متخطيًا ذاك الحاجز الوهمي الذي تضعه بينهما دائمًا : فأنا لم أركض نصف الجامعة خلفك من أجل لا شيء .
زفرت قويًا لترفع حاجبيها باستفهام فابتسم وأتبع سريعًا : لدي شيء مهم أود أن أخبرك عنه . تململت بوقفتها فاستشعر رفضها فأردف على الفور : أرجو أن تستمعي إلي أولاً ، فأنا متأكد بأن هذا الأمر سيفرحك !!
سعل بخفوت وهو يستجمع شجاعته ويقول : أرجو أن ترافقيني لاحتساء كوبين من القهوة ريثما أبلغك بما لدي .
رفعت حاجبها الأيمن بطريقتها المعتادة في إعلان اعتراضها ليبلل شفتيه ويقول بجدية ارتسمت بحدقتيه اللوزيتين : أنها ليست طريقة لأتودد إليك إيني .
حك مؤخرة رأسه بطريقة طفولية ، جعلت ابتسامة داعبت ثغرها وهي تشعر ببراءة طفولية تعلو هامته فكتمتها رغمًا عنها وهو يقول بخفوت : رغم أني أفعل ذلك دائمًا .
رفع رأسه سريعا ليقول بصوت اكتسى بجديته : ولكن تلك المرة اقسم لك أنها ليست كذلك ، إنه أمر هام بالفعل وأرجو أن تستجيبي لدعوتي ، فهلا رافقتني ؟
نظر لها قليلاً وهو يعطي لها مجالاً لتحسم أمرها ،ارتسم التفكير جليًا على ملامحها لتزفر ثم تقول بنبرة قاطعة : حسنًا سأعطيك من وقتي نصف ساعة فقط لا أكثر .
شعت عيناه بدفء غمر ملامحه بارتياح وقال بمرح : حسنًا سآتي بسيارتي وأتبعك اختاري المكان الذي تفضلين .
عبست بملامحها لتظهر رفض قاطع وهي تقول : لا حاتم لن نذهب إلى أي مكان خارج أسوار الجامعة أتبعت بصرامة قاطعة عليه أي فرصة للرفض وهي ترفع نظراتها الشمسية عن عينيها : إذا تريد الحديث فتكلم الآن وهنا .
*****
مط شفتيه باستياء بالغ من ذاك الموقف الذي نشأ بينهما بعد أن انتهيا من تناول الإفطار سويًا ، فعقد الأمر مرة خرى بعد أن أوشك أن تنحل عقدتهما أخيرًا !!
لا يعلم أهو غباء منه أم سوء تقدير للأمر فعندما أخبرها أنه سيريها شيء على الحاسوب صفقت بجذل وهي تجلس بقربه وتنظر إلى شاشة الحاسوب بترقب طفولي أثاره أغمض عينيه وهو يتذكر احتكاك خصلات شعرها لطرف ذقنه .. رائحتها التي داهمته فجعلت حلقه شديد الجفاف .. جسدها الغض الذي لامس جسده دون قصد منها ولكن لجلوسها القريب منه . قبض كفيه بقوة وهو يسيطر على أعصابه بصعوبة لأول مرة يشعر بها لينحي تفكيره جانبًا ويصب كل تركيزه على كل ما يريدها تراه .
شهقت بقوة وهي ترى صورها تنهمر أمامها .. الكثير والكثير من الصور أخذت تشاهدهم بعينين متسعتين من الدهشة ممزوجة بالسعادة همس بجانب أذنها :كنت أشاهدهم كل يوم حتى اهدئ من وجيب قلبي المرتفع دائما خوفًا وشوقًا إليكِ .
أتبع : لم يكن بيدي الابتعاد ليلى اعلمي ذلك جيدًا .
لمعت الدموع بعينيها لتهمس بحشرجة : أعلم أمير ، أعلم .
ابتسم بحب لمع بحدقتيه وضمها من كتفيها إليه في حين هي لامست زر يعرض الصور بطريقة متتالية دون أن يقم أي منهما بتقليب الصور .
حمل الحاسوب ليرفع ساقيه على الطاولة من أمامها ويشدها ، يضمها إلى صدره ليستطيعا المشاهدة سويًا . تنفس بعمق وهو يدفن أنفه بخصلات شعرها القريبة ، يستنشق عبيرها باستمتاع ويهنأ نفسه على وجودها بين ذراعيه ، يشعر بالاكتفاء والاكتمال وهي بين يديه بتلك الطريقة ، راضيه .. سعيدة .. مدللة بين ضلوعه أغمض عينيه وسحب هواء صدره محملاً برائحتها الندية ليهمس بصوت أجش وهو يشدد من ضمته لها : أحب شعرك وهو قصيرًا ، رغم غضبي في بادئ الأمر عندما اكتشفت قصك له وخاصة أنكِ فعلتيه متعمدة مضايقتي ولكني أحببته أكثر وهو يهف من حولي كلما تحركت .
قربها أكثر من صدره ليهمس بصوت خافت ولكنه أمر : ولكن لا تفعليها مرة أخرى ليلى . دفنت رأسها في صدره وهي تبتسم بخجل شعر به ليقبل رأسها مرة أخرى ، هم بالحديث ولكنه صمت وعقد حاجبيه عندما شعر بتصلبها بين ذراعيه ، ازدادت عقدة حاجبيه وهو يشعر بها تتملص من بين يديه فهمس ببعض الحدة : ماذا الآن ؟
افلتها على مضض ليفتح عينيه وينظر إليها بعتب لتتسع عينيه وهو يرى وجها الجامد والغضب ظاهر على محياها تنظر إلى شاشة الحاسوب وتجلس مجمده كالتماثيل ، التفت سريعًا لينظر إلى ما تراه هي فتتسع حدقتيه بعدم فهم لحظي ، شتم سرًا وهو ينظر إلى صور فاطمة التي التقطها إليها بالحفل ليبعث بها إلى رؤسائه مستعلمًا عن ذاك القذر الذي كانت ترافقه !!
جف حلقه على الفور وهو يعاود النظر إليها فيرى الدموع متجمدة بعينيها ، أنفها محمر والغضب يتجسد على ملامحها الرقيقة همس بهدوء : الأمر ليس كما تفهمين .
شبكت كفيها ببعضهما وضغطهما سويا لتهمس : أعلم .
عقد حاجبيه بعدم فهم وعيناه تراقبنها بترقب ، قال بصوت هادئ : التقطت تلك الصور لمهمة عملي ، تنفس بعمق وهو يبرر لأول مرة بحياته أمرًا فعله في السابق : كنت أريد الاستفسار عن من يصاحبونها ، لا توجد صورة واحدة تخص فاطمة بل كنت اصور مجموعة الشباب معها . همست بصوت جليدي : أعلم أمير ،استنتجت ذاك الأمر .
التفت إليه تنظر بهدوء ونظراتها ابعد كل البعد عن الهدوء الذي توشحت به وهمست بصوت أبح : نعم لست فائقة الذكاء مثلك أو سريعة البديهة كايني أو ياسمين أو حتى فاطمة ، أعترف واقر بذلك ، فأنا آخذ وقتًا قليلاً لافهم ما يدور من حولي ولكني توقعت ما تقوله ، فبالطبع لن تصور فاطمة لأجل أن تشاهد صورها كما فعلت معي .
نهضت واقفة ليتمسك بيدها ويقول بهدوء : لم المح لما تتفوهين به ليلى ، ما سر هذا الحديث الآن ؟!
قالت بهدوء وهي تنظر إليه من علو : بل السؤال يا أمير بك ، ما سر تواجد تلك الصور إلى الآن معك ؟!
لمعت عينيه بإعجاب لم يحاول أن يخفيه هم بالحديث و شبح ابتسامة ارتسمت على ملامحه ، فأتبعت بصلابة لمعت بحدقتيها وهي تقاطعه تبتسم بسخرية ذكرته بها في تلك الأيام البغيضة عندما كانت ترتدي قناع ليس لها : علام تبتسم ساخرًا أمير ، هل لأنك اكتشفت أنني أملك عقلاً أستطيع التفكير به أم لأن ليلى الخجول الهادئة المنطوية تسألك عن شيء خاص بك يا سيادة الرائد ؟!
جمد وجهه للحظات ،زفر بقوة وهو ينهض واقفًا ليقول بهدوء : من الواضح أن تأثير فاطمة عليك سيئًا للغاية ليلى .
رفع رأسه بكبرياء وقال : لن أتكلم في أمر فاطمة ذاك مرة أخرى ولكني أحذرك أن أشم رائحة السخرية مرة أخرى في حديثك معي .
عقد ساعديه أمام صدره ليهمس : عندما تنتهي من نوبة غضبك غير المبررة ، ستجدينني أمامك .
تحرك مغادرًا لتقول بصوت جامد خالي من الروح .. صوت أثار غضبه واستياءه : حاسوبك يا سيادة الرائد .
أطبق فكيه بعنف ليهمس بصوت خافت ولكنه شديد الحدة : سأتركه لك يا حرم سيادة الرائد تفتشين به وتمسحين من ذاكرته كل ما لا تحبينه .
تحرك بخطوات هادئة إلى حدٍ ما إلى غرفة مكتبه تاركا لها بعض المجال للتفكير والهدوء ، يعلم جيدًا مدى غضبها وشعور الغيرة الذي اكتشفه مؤخرًا يسيطر عليها وخاصة مع ذكر فاطمة تنقلب إلى ليلى أخرى ، ليلى لا يعلم كيفية التعامل معها ، فتارة تكون ثائرة .. غاضبة تصيح بوجهه وتبكي كالمجانين .. وأخرى تكون صلبه .. جامدة .. ساخرة ، تتحدث بصوت جليدي خالي من روحها وتلك الثانية تثير جنونه ، يريدها أن تخرج ما بداخلها ، فهذا ما يحول بينهما إلى الآن نهض واقفًا لينظر من خلف النافذة ، يتأكد من عدم وجود ماهر ،
تنفس براحة ليعاود الجلوس مرة أخرى و يفكر في أمر ليلاه ابتسم بمكر شع من عينيه وتحرك خارجًا حيث تجلس هي متمسكة بعنادها الطفولي اتسعت ابتسامته رغمًا عنه وهو يجدها تجلس على الاريكة الرئيسية أمام التلفاز مستنده بظهرها على مسنده العريض وتدير قنواته بملل ، بيدها الأخرى مجلة نسائية أعتقد أنها كانت تتصفحها ترتدي على غير العادة بنطلون قطني قصير يصل إلى تحت ركبتيها وعليه قميص بناتي بدون أكمام طويل ولكنه يرسم رشاقة جسدها رغم اتساعه ، لوى شفتيه فهو متأكد بأنه مغلق من الأمام وسيصل طوله لفوق ركبتيها . تعقص شعرها لأعلى رأسها بطريقة عبثية فتهدلت بعض خصلاتها بشكل فوضوي جعله يحكم انفاسه انبهارًا من مظهرها العفوي الذي أسر قلبه قال بخفوت وهو يجلس بكرسي يقع خلف رأسها : علام تبحثين ؟
تنفست بقوة فهي شعرت به منذ أن خرج من غرفة مكتبه وقالت : لا شيء محدد ، إذا تريد أن تشاهد شيئًا معينًا ، تفضل لفت لتناوله جهاز التحكم عن بعد فابتسم بخفه وعيناه تعتبانها بوضوح ، أشاحت بعينيها بعيدًا فزفر قويًا وقال : لا شكرًا .
زفرت بقوة وهي تعاود لجلستها الطبيعية وتقلب القنوات بملل ثم تترك إحدى القنوات التي تعرض مسلسلا أجنبيا ، وضعت جهاز التحكم من يدها على المنضدة القريبة منهما عقد حاجبيه وهو يراها تبتسم بخفة ، فقال بصوت هادئ : هل أنتِ معتادة على مشاهدته ؟
هزت برأسها إيجابًا وقالت : نعم من الموسم الأول ، ليس متابعته حرفيًا ولكني أشاهده كلما وجدته صدفة كالآن .
نظر إلي الممثل الوسيم وقال بصوت شابه الغيرة : لماذا ؟
لفت له وهي تنظر بعدم فهم : لا أفهم السؤال تنفس بقوة وهو يحاول أن يخرج صوته هادئًا طبيعيًا وقال : أسأل عن السبب الرئيسي في مشاهدتك له ؟ هل أعجبتك قصته مثلاً ؟
ابتسمت باتساع وقالت بتلقائية : بل هذا ممثلي المفضل .
جمد وجهه تلقائيًا وهو يشعر بدمه يغلي ليتحرك للأمام بدون تفكير ويمسك بجهاز التحكم ويحول القناة .
صاحت بتلقائية : ماذا حدث ؟
التفتت إليه ونظرت له بتعجب وقالت : لمَ بدلت القناة ؟
ابتسم ببرود وهو ينظر لها : توقعت أنكِ لست مهتمة برؤيتها ، ثم أردت أن أسألك هل تجولت بالشقة أم إلى الآن لم تشاهديها كاملة ؟
رفعت حاجبيها بتعجب وقالت : طبعًا تجولت بها وعرفت إلي حدٍ ما أماكن الأشياء بالمطبخ . تنفس بقوة وقال بهدوء وهو ينهض واقفًا : تعالي .
نظرت له باستفسار ، فمد كفه لها وقال : تعالي لا تخافي سأريك شيئًا أنا متأكد أنكِ لم تريه . ابتسمت و وقفت بجانبه ليمسك كفها ، حاولت أن تملص يدها منه ليتمسك بها قويًا ويقول آمرًا بخفوت : توقفي .
كتمت أنفاسها وهي تتحرك معه بهدوء ، شد الستائر فاتحًا إياها ليظهر من خلفها الشباك الزجاجي العريض ليدفعها بلطف أمامه ، نظرت من الزجاج لتشهق بقوة وهي تنظر بانبهار إلي الحديقة الصغيرة التي ظهرت أمامها وقالت دون وعي : ما أجملها ، لم تخبرني عنها ؟ ابتسم بهدوء وهو يقف خلفها ناظرًا من خلفها إلي الحديقة : هل أعجبتك ؟
ابتسمت بسعادة : أنها رائعة . تصلب جسدها وهي تشعر بكفية على خصرها ليسحبها باتجاه صدره العريض ويسند رأسه لرأسها : لقد نفذتها من أجلك . همت بالابتعاد عنه ولكن عند سماعها لجملته تلعثمت وقالت بخجل : من أجلي .
تنفس بقوة لتشعر بزفرته الحارة تشعل النار في جسدها : نعم ، أنا أعلم غرامك بجلسة الحديقة كنت تمضين معظم الوقت بها همس برقة جانب اذنها : لطالما تخيلتك وأنتِ جالسة بالأرجوحة وتقرئي كتابًا أو تدندين بإحدى أغانيك المفضلة دفعها بلطف من خصرها تلك المرة وقال هامسًا : تعالي .
فتح الباب الزجاجي ليخرجا سويًا نظرت إلى السلم المكون من درجتين ، لم يبتعد عنها بل ظل مقتربًا ومنها متمسكًا بخصرها شهقت تلك المرة بفرح وهي ترى الأرجوحة العريضة وقالت بتلقائية أنها اقرب للفراش المعلق من الأرجوحة ابتسم وشدها إليه هامسًا بصوت اجش : لتتسع لنا معًا .
تورد وجهها بقوة وحاولت أن تبتعد عنه ليتمسك بها ويقول وهو يديرها إليه : اهدئي ليلى فلا داعي لتمسكك بغضبك .
رمشت بعينيها سريعًا وهي تتحاشى النظر إليه ، تنهد بقوة وقال بمرح مغيرًا ذاك التوتر الذي نشأ بينهما : ما رأيك أن نقوم بالشوي ؟
ابتسمت وهي تلتقط محاولته وترحب بها فقالت وهي تهز رأسها موافقة : حسنًا .
سأعد اللحم وأقطع الخضروات .
قال بهدوء وهو يتمسك بها قبل أن تغادر هاربة منه : لا لا أنتِ اجلسي كالأميرات وأنا سأقوم بكل شيء . ظهر الرفض بعينيها وقالت : لا طبعًا أمير ، سأعد أنا الطعام وأنت تقوم بعمليه الشوي .
ابتسم وقال : حسنًا .
تحركا سويًا باتجاه المطبخ لتعد هي اللحم ووقف هو ينظر إليها بحب قال بهدوء : أنتِ تحبين طهو الطعام أليس كذلك ؟
ابتسمت بتلقائية : نعم إنه إحدى هواياتي .
ابتسم باتساع وقال : أنا أشترك معكِ في تلك الهواية .
رفعت حاجبيها بتعجب وقالت : كيف ؟
ابتسم وهو يتناول طبق الخضروات ويبدأ بتقطيعها بحرفية : بدأ الأمر عندي عندما توفيت جدتي ، كنت مضطر أن أطعم نفسي بنفسي ، بدأت بتجربة الاشياء البسيطة ، ثم في إجازة الصيف للسنة الأولى لدخولي لكلية الشرطة وجدت نفسي وحيدًا ولابد من أن أطعم نفسي بنفسي، فبدأت التعلم بجديه ومن حينها وأنا تعلمت الطهو بل أصبح لدي كهواية ولكني أبذل جهدًا كبيرا لأفقد السعرات الحرارية التي اكتسبها بسببه .
قالت بتلقائية : لا تحتاج لأن تبذل جهدا جسدك مثالي .
لمعت عيناه وهو ينظر اليها وقال بابتسامة ماكرة : حقًا ؟!
احتقنت أذناها بقوة ورمشت بعينيها لتقول سريعًا : اللحم جاهز .
أخفض عيناه وهو يبتسم بسعادة وذلك الخفقان الجميل يعاوده بقوة وهو يشعر بليلاه الرقيقة الخجول ، ليست تلك الغاضبة ولا تلك الجامدة بل ليلته .. مليكة قلبه .
تنحنحت بقوة وهي تقترب منه لتأخذ طبق الخضروات وتقول بخفوت : سأكملها أنا واذهب أنت إلي الشواية .
ابتسم وهو ينظر إليها دون أن يوضح نيته لمناولتها الطبق فهمست مرة أخرى : أمير .
رد بشغف وهو يدير عيناه عليها مستمتعًا بنظراتها الخجول وتورد وجنتيها : نعم يا روح أمير.
رمشت بعينيها وقالت : هات الطبق .
قال بهمس : لقد انتهيت منه .
اقترب منها وقال بخفوت وهو يمسك كفها بحنان : تعالي معي وساعديني بالشواء كما فعلت معكِ وساعدتك هنا .
هزت رأسها بالموافقة لتتحرك سريعًا مبتعدة عنه وغفلت عن إمساكه ليدها عندما اقترب منها ، وجدت نفسها تعود إليه بنفس سرعتها في الابتعاد لتصطدم بصدره العريض شعرت بأنفاسه الحارة تخبط وجنتيها بقوة فاحتقن خديها خجلاً وهمست بتلعثم : أمير .
همس بصوت أجش : كم أحبها من بين شفتيك .
رمشت بعينيها بدون استيعاب لتنظر إليه وتقول بدهشة : ما هي ؟
ابتسم وهو يركز نظراته على شفتيها وقال هامسا : اسمي أميرتي ، اعشقه من بينهما . همست مرة أخرى باسمه لتنقطع همستها بشفاهه التي أضاعت صوتها داخل صدره وهو يقبلها قبله طويلة رقيقة جعلت خفقاتها تضطرب وجسدها يذوب بين ذراعيه .
عندما شعر بها تذوب بداخله أتبع القبلة بقبلات عديدة رقيقة حنونه ، لثم كامل وجهها وهو يشعر بجسده يحترق رغبة بها ، وبامتلاكه لها ، بأن يصبحا شخص واحدًا ويمحي كل الأمور العالقة ما بينهما والتي تبعدها عنه .
استيقظ عقله وهو يهتف به " تذكر وعدك لها أمير " شعر بانزعاج خفيف فأكد قلبه " أنها مستسلمة لي ، لم ترفضني ككل مرة " فصحح عقله مرة اخرى " ولكنك تجبرها ولست متأكدًا من ردة فعلها بعد ذلك أبعد نفسه عنها مجبرًا ولكنه ظل ممسكًا بها مقربها منه من خصرها نظر إلي عيناها المغمضتين وشفتيها المنفرجتين قليلاً بلهاث شغوف ووجها المحمر جراء هجومه العاطفي عليها ، ابتسم وهمس :ليلى .
أخفضت نظرها عنه بخجل وهي تشعر أنه إذا نظر بعينيها الآن سيقرأ بوضوح ما تشعر به اتجاهه ، سيقرأ شغفها وتعلقها به .. وحبها وعشقها الجارف له ، شعر بخجلها فاثر الصمت وقال بلهجة مرحة قليلاً : هل ستأتي معي ؟
هزت رأسها بخجل وهمست بشيء لم يتبينه ولكنه استشف موافقتها فجذبها إلي جانبه ليسيرا معًا إلى الخارج وهو يعد نفسه اليوم بليلة مختلفة معها.
******
همست بانبهار وهي تدلف إلى ذاك المكتب الزجاجي بصحبة حاتم الذي دلف من ورائها : اوووه أتبعت سريعًا وهي تصافحه : هاي كيف حالك ؟!
ابتسم باتساع وهو يصافحها بود ويقول : مرحبًا بك إيني
صافحته بانطلاق لتقول : بخير الحمد لله كيف حالك أنت ؟
أتبعت سريعًا : المعذرة عن انفعالي اللحظي ولكني لم أتوقع أن أقابلك هنا يا باشمهندس . ضحك بخفة ليقول : أعتقد انكِ أتيتي لمقابلة من انتظره أنا ايضًا .
عقدت حاجبيها باستفهام ليرفع هو نظراته للشاب الواقف من ورائها يطبق فكيه بشدة وينظر إليهما في عدم فهم .
استدركت هي الأمر سريعًا لتهمس بلباقة : المعذرة لم أعرفك به .
أشارت إلى وليد وهمست : هذا نجم الإذاعة الأول وليد الجمال بالتأكيد تعرفه حاتم .
همس حاتم من بين أسنانه : طبعًا أعرفه ، صافحة بهدوء : مرحبًا بك . ابتسم وليد بمكر وهو ينقل نظراته من بينهما لتقول إيناس بهدوء : وذاك حاتم جاري وزميلي بالجامعة .
ابتسم وليد ليقول : مرحبًا بك أنت أيضًا .
أشار لهما بمهنية : تفضلا اجلسا أنا الآخر انتظر من تنتظروه أنتم .
نظر إلى ساعته ليهمس بسخرية : ولكنه كالطبيعي تأخر عن موعده .
أتاهم صوت ضحكات رجولية هادئة مثيرة للإعجاب لتُتبع بدخول صاحبها وهو يقول بصوت مخملي آسر : نأسف على التأخير يا نجمنا الغالي ولكن الطريق كان مزدحم للغاية .
التفت وليد وابتسامته تتسع بينما نهض هو وحاتم يرحبان بذاك الشخص ذو الطلة الآسرة في حين أنها لم تستطع الوقوف تعلقت رقبتها للأعلى وهي تنظر إليه بعينيين متسعتان بإعجاب ممزوج بالدهشة وهي تمتم بداخلها : غير معقول بالمرة .
أنهى مصافحته لهما ليقف منتظرًا ، يحدق بها فتبادله التحديق بذهول همس بإعجاب لحظي : عيناك رائعتان آنستي .
رمشت بعينيها لتتخلص من تلك الهالة التي حاوطتها لتهمس وهي تنهض واقفة على الفور : المعذرة ولكني ...
سحبت نفسا عميقًا لتسيطر على دقات قلبها المتسارعة وتهمس : أنت مالك عابد أليس كذلك ؟! أتبعت سريعًا : أنا لا أتخيل أنك هنا .
إذا كانت ضحكاته أسرتها في المرة الأولى ففي تلك المرة شعرت بأنها تسبح ببحر شديد الزرقة رقيق النسمات وهي تستمع لتك الضحكة الرجولية الخافتة التي صدرت منه وزرقة عينيه تلمع بشدة وهو يتأملها بطريقة أشعرتها بأنها الانثى الوحيدة في هذا الكون الفسيح من حولهما ، شعرت ببلاهتها وهي تنظر إليه بعينين متسعتين وفم مفتوح بحماقة لتغلق شفتيها وتضمهما بقوة مؤنبة نفسها على ذاك الجنون الذي تتعامل به !!
همس وهو يدرك حرجها : لا أنتِ لا تتخيلين ، أنا هو بنفسه وشخصه .
ابتسمت بحرج واذنيها تحتقنان قويًا : آسفة ولكن حاتم لم يخبرني أنني سأقابلك .
اقترب منها ليقول وهو يرفع حاجبه بغرور يحق له : كان سيفرق معك أن يخبرك .
تنفست بقوة لتهمس بصدق : بالطبع ، أتيت لأقابل مدير تنفيذي لإذاعة محلية سيعرض علي عرض عمل يخص موهبتي ولم أحضر نفسي لأقابل مالك عابد بنفسه وشخصه .
تعالت ضحكاته من حولها عندما ظهرت سخريتها في صوتها مليًا ، قال من بين ضحكاته بنبرة تشع بالتسلية : من حقي أن أغتر يا آنسة فأنتِ تدفعينني لذلك دفعًا .
ضحك وليد بهدوء ليقول قاطعًا حديثهما : أنت مغرور بالفطرة يا صديقي .
رمش بعينه ليحول نظره من عليها مجبرًا وهو يرفع حاجبه بغرور ويقول بمرح : ألا يحق لي ؟!
ابتسم وليد وهو يغمز له بعينه : بالطبع يحق لك يا فناننا المبدع .
أكمل وهو يعاتبه : ولكن لا يحق لك أن تجعلني انتظر سيادتك نصف ساعة كاملة .
أجبر جسده على التحرك بهدوء ليجلس من خلف مكتبه الأنيق ويهمس : المعذرة يا صديقي ولكن بالفعل الطريق كان مزدحمًا
أتبع بفكاهة : لم أغتر لدرجة أن اثير ضيق ابن سيادة الوزير ، فأنا لا أمثل اهميه كبرى للبلد مثلك يا ديدو.
ضحك وليد بقوة وقال : أكيد .
أتبع بجدية : هيا أخبرني ماذا تريد ؟!
قال بعملية : لا شيء أنت من تريد فسخ الإتفاق بينك وبين الإذاعة وأنا اتساءل هل يوجد من حلول لديك غير فسخ التعاقد واعتزال المهنة .
ابتسم وليد بهدوء وقال : للأسف لا يوجد لدي أي حلول يا صديقي فأنا انتهيت من ذاك الأمر بالفعل ،
هم بالحديث ليقول وليد بهدوء : اعلم بأمر الشرط الجزائي وسأقوم بتسديده كاملاً إن شاء الله . تنفس مالك بهدوء وهز رأسه : حسنا سأبلغ المستشار القانوني للإذاعة بأن يحدد موعدًا مع محاميك لإتمام الأمور .
نهض وليد واقفًا ليقول : على خير بإذن الله ، سأنصرف أنا حتى لا أتأخر عن مواعيدي . التفت ليبتسم وهو ينظر إلى إيناس ويقول : سعدت بملاقاتك اليوم إيني .
ابتسمت إيني ونهضت لتصافحه وتقول : وأنا أيضًا ، أبلغ تحياتي لياسمين .
قال وليد وهو ينصرف : يوصل إن شاء الله . نهضا الرجلين الآخرين في حين تحرك مالك من خلف مكتبه فصافحه وليد بود وقال : أراك على خير مالك ، أكمل وهو يشير بعينيه على إيناس ويهمس : استوصى بها خيرًا فهي تعد من قريباتي .
رفع مالك حاجبيه بتعجب ونظراته تلمع بخبث فأكمل وليد بجدية هامسا : إنها قريبة زوجتي . رفع مالك حاجبيه ليهمس بتسلية : اوه نسيت أنك تزوجت .
ضحك بهدوء وهو يرى نظرات العتب بعينين وليد فهمس متبعًا وهو يغمز له بعينه : لا تقلق عليها .
هز وليد رأسه بلا فائدة ويلتفت إلى حاتم الذي جمد وجهه فعبست ملامح وسامته وصافحة بطريقة حادة رغم لباقتها ، ركز وليد نظره عليه للحظات ليهز كتفيه ويتحرك خارجًا وهو يشير إليهم بيده مودعًا ، التفت إليهما بطريقة مسرحية إلى حدٍ ما وهو يبتسم باتساع ويقول بمرح : ها نحن ذا ،
أتبع وهو يحدق في إيني التي تنظر إليه بترقب وقال بجديه ارتسمت بحدقتيه فقط : هل أنتِ مستعدة لسماع عرضي لك آنستي ؟!
ابتسمت بمرح ألم بتفاصيلها لتهمس بصوت أبح : بالطبع أنا على أتم استعداد .
لمعت عيناه بوميض قوي ليهمس بثقة شعت من روحه : حسنًا فلتنصي إلى جيدًا فما سأعرضه عليك سيغير حياتك للأبد إذا أومأت بالموافقة عليه .
اسندت ظهرها إلى الوراء لتقول بهدوء : وأنا أستمع مالك بك . ابتسم بغموض وتحرك ليجلس خلف مكتبه مرة أخرى ، يتحدث بصوته الهادئ وابتسامته الواثقة تظلل شفتيه .
*****
اعتدل بجلسته ليجلس بطريقة أكثر راحة له وهو يريح ظهره إلى الوراء ويضع ساقًا فوق أخرى ، تنفس بعمق وهو يراقبها بعينيه ، لا يرمش ولا يحرك نظره بعيدًا عنها ، يتأملها .. بل الأحرى يرسمها بتفاصيلها في عقله ، يصورها بكل خلجاتها .. تفاصيلها .. إيماءتها .. وتشنجات غضبها الظاهر عليها دون أن تحاول اخفاءه !!
سحب الهواء إلى صدره وهو يتخلص من تأثيرها عليه ، ذاك التأثير الذي يجعله يوقن بفقدانه صوابه قريبًا بسببها ! بسبب تمنعها عليه .. غضبها الدائم من وجوده حولها .. برودها في تعاملها معه .. وتلك الابتسامة السمجة التي تمنحها إليه إذا رق قلبها إليه وقابلته
ابتسم ساخرًا وعقله يذكره بأن قلبها قاس كحجر الصوان ولم يرق عليه ولا مرة بل في كل مرة كان يفرض هو وجوده عليها فرضًا ، كما يفعل الآن ويجبرها موافقته على ما يريد .
يعلم ما يفعله جيدًا ولكنه غير عابئ بالطريقة يكفيه النتائج التي ستلاحق تلك الأفعال ، فهو يعلم جيدًا تخبط مشاعرها ويريد إنقاذها منه .
تمتم داخليًا "إنقاذها وانقاذي ، أعلم يا قلب أنك بدونها لن تستطع أن تخفق ، لا تخف ستكون إلى جوارنا قريبًا .. بل أقرب من قريب " تنحنح بخفة ليهمس : ماذا قررت يا ابنة العم ؟! رفعت رأسها إليه ، عينيها متحجرة بدموع لن تسقط ، وكبرياء جريح تلملم شتاته بصعوبة ، همست بصوت ثائر لم تعلو نبرته : أنت تجبرني على ما تريد محمود .
رفع حاجبيه بدهشة ليهمس بهدوء : أبدًا ،
زفر بقوة وأتبع : أنا أبلغك مديحة .
ابتسم بسخرية : وأنتِ لك حرية الاختيار .
قبضت كفيها بقوة لتهمس بحدة : فيم تخيرني ، أن أتزوج بعرس أو بدون عرس ولكن موعد الزفاف حددته أنت وعمك دون اعارتي أي أهمية .
ابتسم ببرود وقال : أنا أخبرك الآن ديدي فلا تصنعي مشكلة من لا شيء أتبع وهو يبتسم بطبيعية : بل أخيرك في الموعد .
نهضت واقفة وقد استبد بها الغضب : بل حددت لي موعدين اختار من بينهما .
قال والسخرية تتجسد بملامحه : ألا يعد هذا اختيارًا ديدي ؟!
صاحت بحدة : لا ، لا يعد اختيارًا بل يعد إجبارًا .
رفع نظره إليها ليقول بجبروت ذكرها بجدهما : أخفضي من صوتك .
ارتعدت فرائصها وهي تنظر لعينيه المعتمتين فلا يظهران ما بداخله لتهمس بصوت خلا من شجاعتها رغمًا عنها : سأتكلم كما يحلو لي .
لاح شبه ابتسامة على شفتيه ليهمس وعيناه تبرق بوعيد : لم أمنعك من الحديث ديدي بل أطلب منك الالتزام بحدود الأدب واللياقة في التعامل بيننا .
شبك كفيه ببعضهما ليقول بنبرة استشعرت منها غروره : أنا لا أحب الصوت العال ، ولا أحب الشجار
أكمل بهدوء : نستطيع المناقشة كما تشائين ولكن بأسلوب حضاري مهذب .
اتسعت عيناها بغضب ووجها يحتقن بقوة وهي تمتم : أسلوب حضاري مهذب ،
أكملت بعنف تجلى بعينيها : أنت تلمح بأنني همجية يا حكيم الجفون أنت .
أتبعت بعصبية : يا من تفننت بتحويل طفولتي لكارثة حقيقة لا أتذكر منها إلا مقالبك التي كانت تنتهي ببكائي الدائم والابد .
أشارت له بسبابتها : أنت من تتحدث عن الأسلوب الحضاري وأنت منذ دقائق فرضت نفسك علي فرضًا بدخولك لغرفة نومي دون استئذان
أتبعت وهي تقترب منه وتهمس بحدة وعينين غائمتين بكره حقيقي : أنت محمود تتحدث معي بتلك الطريقة .
رفعت ذقنها بعجرفة وأكملت بكبرياء : تذكر دائمًا يا دكتور أنا مديحة المنصوري ولا يخول لك أن تنتقد أيًا من تصرفاتي .
وقفت تحدق به بغل وهي تطحن ضروسها بقوة مصدرة أزيز شق السكون الذي ألم بجلستهما بعد أن أنهت حديثها ، سحب الهواء إلى صدره ليزفره ببطء شديد ثم ينزل ساقه الموضوعة فوق الأخرى وهو يمط شفتيه باستياء قائلاً بلا مبالاة : من الواضح يا مديحة هانم أنكِ لا تستطيعين تبين بعض الأمور .
ارتسمت الصدمة على ملامحها وهي تراه يتحدث بتلك الطريقة التي تقفز بغضبها لذروة الإنفجار فأتبع هو ببرود مستفز غير عابئ بملامحها المصدومة ، أشار بيده وهو يعدد ، رفع سبابته : أولا ً : إذا كنت حولت طفولتك لتلك المجموعة من الذكريات السيئة فأنا أعتذر عن ذاك الآن ، كنت طفلاً شقيًا ولم أقصد أن اؤلمك بتلك الطريقة
ابتسم بهدوء وهو يكمل : وها أنا ذا ، أريد أن أحول مستقبلك لعالم مليء بالسعادة والمرح
نظر إليها بتلك النظرة التي تبعثرها وحدقتيه تلمع بلون زيتوني يجعل سوادهما يلمع ببريق غامض : اعتبريه تعويض عما فعلته به في صغرك .
أشار بوسطته : ثانيًا : لم أفرض نفسي عليكِ بل دخلت إلى غرفة زوجتي وبعد أن طرقت الباب كثيرًا ، فحتى إن كنتِ نائمة من المؤكد أنكِ استيقظت فلا تعيدي ذاك الحديث مرة أخرى
اشار ببنصره اللامع بدبلة زواجهما وهو يتبع حديثه الهادئ : ثالثًا : لا أفهم أمر أنني أتذكر أنكِ مديحة المنصوري ، فأنا أعلم جيدًا من أنتِ ولكن من الواضح أنكِ أنتِ من لا يدرك من هو أنا .
نهض واقفًا مقتربا منها لتتراجع خطوة إلى الخلف رغمًا عنها تكتم أنفاسها وهي تواجهه بنيته الجسدية الضخمة مقارنة بها ، تعقد ساعديها أمام صدرها وهي تسيطر على ذاك الارتجاف الذي يصيبها كلما اقترب خطوة منها ، توقف بعيدًا عنها بخطوتين ليهمس بصوت هادئ : أنا أيضًا محمود المنصوري مديحة " ابن عمك وزوجك "، فإياكِ أن تقللي من شأني ثانية أو تتعالي علي بحديثك .
تبادل النظرات معها للحظات إلى أن رمشت بعينيها فابتسم بثقة وهو يعود إلى مكان جلوسه مرة أخرى فزفرت هواء صدرها براحة ، كتم ضحكته قويًا بداخله ليتوقف قبل أن يجلس على الكرسي ، استدار سريعًا ليأسرها بين ذراعيه في ثانيتين ، شهقت بقوة من هجومه المباغت عليها لتهمس بصوت مرتعش وهي تحاول التملص منه : ابتعد . أخمد حركتها دون مجهود يذكر ليهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها : توقفي عن ذاك اللقب الغبي الذى تطلقينه علي ، فأنا لا أطيقه .
رمشت بعينيها دون استيعاب لتهمس بتساؤل : حكيم الجفون .
أدار عينيه على شفتيها لتطبقهما بقوة وهي تبتعد عنه برأسها ، لا تعلم ما الذي جعلها تشعر بأنه يريد تقبيلها ، أهي نظراته التي شعرت بهم يخترقان حرمة شفتيها ويقبلانهما بالفعل ، أم أنفاسه التي تعالت بطريقة ملحوظة وهو يضغط بجسده على جسدها ، أم ذاك الصراع الذي شعرت به دائر داخله وهو يحاول أن يسيطر على انفعاله الذي شعرت به جيدًا ، كما شعرت أنه يجبر نفسه على الابتعاد عنها !!
تعجبت من نفسها وهي تستطيع تفهم مشاعره بتلك الطريقة ، نظرت إليه بدهشة ممزوجة بتساؤل ماج برماديتها ليهمس هو بصوت أجش ، شتت تركيزها : لا تدفعيني لعقابك بالطريقة التي طالما حلمت بها أمنيتي ، فأنا لا أريد تعجل الأمور بيننا .
أعاد نظره إلى شفتيها ليتبع هامسًا : لازال لدينا بعض الأمور العالقة لابد من تسويتها.
تنفس بقوة وهو يبعدها عن حضنه قليلاً ليهمس بمرح وعيناه تشعان بمكر : وعندما تكونين ببيتي لنا حديث أخر .
رمشت بعينيها وهي تشعر بعدم الفهم يخيم على عقلها ، انتفضت بعنف وهي تدفعه بعيدًا عندما عاد تركيزها كاملاً وهي تستمع إلى صوت الآخر الذي قال بطريقة جامدة : أجرؤت على احتضان أختي ببيتنا ، سأقتلك اليوم ولن يمنعني عنك أحد .
دب الخوف في أوصالها وعلى قدر اشتياقها له إلا أنها تعلم جيدًا أنه يمتلك عقل صلد واندفاع من الممكن أن يحدث كارثة إذا لم تستطع تحجيمه ، وقفت بينهما في حركة دفاعيه وهي تهمس بصوت أبح احتوى على حرجها بجانب نبرتها الدفاعية : الأمر ليس كما تعتقد
أكملت وهي ترفع رأسها عاليًا : إنه زوجي ولم يفعل شيئًا .
أتبعت وهي تستخرج اقوى نبراتها : كدت أن أقع وتكسر ساقي فاسندني محمود ، هذا كل ما حدث .
وسط مشاعر خوفها وارتباكها ، انتبهت لتلك المؤازرة الخفيفة التي صدرت منه وهو يحتضن كفها ، ويشدها إلى جانبه ، تحرك خطوة للأمام فأصبح يقف أمامها في وضع دفاعي وهو ينظر إلى الآخر بهدوء يميز شخصيته ، هم بالحديث لتقاطعه ضحكات الآخر وهو يقهقه بمرح ويقول والمكر يشع من ملامحه : ماذا فعلت بها يا محمود لتجعلها طوع بنانك هكذا وتدافع عنك في حضرتي ، أنا أقرب إخوتها لها .
ارتسمت الصدمة على ملامحها وشعرت بالإهانة تصفعها وهي تنقل نظرها بينهما وجه أخيها الضاحك ووجهه هو الصامت ، نفى لها بعينيه تلك الفكرة التي صدحت بعينيها قبل أن تتفوه بها ولكنها أبت أن تصدق همست بحدة وهي تنتزع كفها منه وتتحرك مبتعدة عنه : أنتما تتلاعبان بي كما كنتما تفعلان ونحن صغار .
نفى قاطعا : أبدًا .
ليقول الآخر بمرح : لقد اعتدت على مقالبنا ديدي والآن أنتِ تزوجت سيد المقالب فلا تغضبي حبيبتي .
احتقن وجهها قويًا لتهمس بغضب وهي تواجه أخاها : حسنًا لا تخاطبني ثانية أبدًا ،
تحركت مغادرة ليتحرك هو من ورائها ويهمس : انتظري مديحة واستمعي إلي.
رفعت رأسها لتنظر إليه وشرارات الغضب تعمي رماديتيها بأشعة دخانيه محمرة النهايات وتقول : ابتعد عني وإياك أن تقترب مني ثانية
تمسك بساعدها ليمنعها من المغادرة ويهمس من بين اسنانه : انتظري ديدي من فضلك . انتزعت ساعدها من يده وقالت بحدة : ابتعد عني .
تنفس بقوة وهو يبتعد عن طريقها سامحًا لها بالمغادرة ليرفع نظره ويحدق في الآخر الذي يكتم ضحكاته بصعوبة شديدة ، زم شفتيه بغل لثوان ثم انفجرا الاثنين في الضحك سويًا .
اقتربا في آن واحد ليحتضنا بعضهما بقوة ويهمس الآخر من بين ضحكاته : اشتقت إليك يا طبيبنا الماهر .
ربت محمود على كتفيه بأخوة ومودة وهو يقول : وأنا الاخر يا طيارنا الهمام ، حمد لله على سلامتك .
*****
ابتسمت بمرح وهي تدلف إلى البيت بانطلاق كعادتها وتصيح بصوت عال : يا أهل الدار أين أنتم ؟!
تحركت سريعًا نحو غرفة المعيشة وهي تعلم أنها ستجد والدتها في هذا التوقيت تتابع نشرة الأخبار في صمت كعادتها ، اتسعت ابتسامتها وهي تجد أن ظنها بمحله عندما ابتسمت والدتها وهي ترفع رأسها عن التلفاز الذي كانت تشاهده ، استلقت بجوارها بعد أن قبلت رأسها وسألتها عن أحوالها ثم تمسك بجهاز التحكم عن بعد وتقول بمرح : الم تسأمي مشاهدة نشرات الأخبار أمي ؟!
ابتسمت والدتها بلطف وقالت : إنها الطريقة لنعلم أحوال العالم من حولنا حبيبتي .
ابتسمت بمرح وقالت : لن ينفعنا ذاك بشيء إلا إصابتنها بداء الضغط والأزمات النفسية والاكتئاب المزمن .
ضحكت والدتها بخفة وهي تراقبها تأتي بقناة أخرى مخصصة للبرامج والأفلام الكوميدية الأجنبية لتصفق هي بيديها وهي تقول : انظري هذا ما أحب مشاهدته أنه من برنامجي المفضل .
هزت والدتها رأسها بعدم فهم وقالت : لا أعلم كيف تضحكين عليهم أنهم غير كوميديين بالمرة عكسنا نحن ممثلينا ينتزعون البسمة من بين شفاهك رغمًا عنك .
ضحكت إيني بقوة وقالت : بالطبع ماما نحن مرحون بفطرتنا وابتسامتنا خلابة ولكني أيضًا احب هذا البرنامج .
هزت والدتها رأسها بلا أمل لتتبع إيني بهدوء : لقد هاتفت ليلى اليوم وأخبرتها أننا سنذهب إليها بعد غد بإذن الله .
تنهدت والدتها بقوة وقالت : لقد اشتقت إليها .
ابتسمت إيني بحنو وقالت : وأنا الأخرى أمي أشعر بفراغ بعد ما رحلت عنا .
عقدت ماجدة هانم حاجبيها بانزعاج وقالت وهي تصحح لها : لم ترحل عنا لقد ذهبت إلى بيت زوجها ولولا أني لا أريد إغضابك لكنت ذهبت إليها اليوم .
قفزت إيني لتقبل وجنة والدتها بقوة وتقول بصياح مرح : تعيش أحلى ماما في الدنيا .
ضحكت السيدة ماجدة وعيناها تفيض بحنان لتشد إيني وتجلسها بجانبها ، ضمتها إلى صدرها ورتبت على رأسها وهمست لها : أنتِ أخر العنقود إيني وأنا أحب اسعادك ولكن هذا لا يمنع أن أقومك إذا رأيت أنكِ تحتاجين لذلك التقويم مني .
رفعت إيني عيناها لوالدتها باستفهام فقالت السيدة ماجدة وعيناها تتسم بالصرامة : توقفي عن تلك المعاملة التي تعاملينها لأخيك وخطيبته .
زمت إيني شفتيها وجلست باعتدال على الفور لتتبع السيدة ماجدة بتصميم لمع على تقاسيم وجهها : لن أسمح لك بأن تقللي من شأن أخيك الأكبر إيناس وطريقتك تلك مع خطيبته إهانه له في المقام الأول قبل أن تكون إهانه موجهه إليها هي .
أشاحت بوجهها بعيدًا عن والدتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها لتهمس بحدة : لقد أخبرته أني لست موافقة على ارتباطه منها .
تنفست ماجدة هانم بقوة لتقول : لماذا إيناس ترفضينها بذلك الشكل القوي ، أنها لم تفعل لك شيئا لتتخذي منها موفقك السلبي هذا ؟!
رفعت إيني رأسها وقالت بغضب لمع بعينيها : أنها لا تليق بنا .
ابتسمت السيدة ماجدة بسخرية وقالت : أتعلمين إيني لطالما ذكرتيني بجدتك ناريمان هانم والدة أباكِ العزيز ، تحملين الكثير من ملامحها عيناها وقوة شخصيتها ، كبريائها وعنفوان شخصيتها وضحكتها أيضًا .
لم تأتي تشبهينني في الملامح كليلى ولا كبلال الذي أخذ اليسير مني وبقية ملامحه ورثها باستفاضة من والدك ، أتيتي تشبهينها هي بكل ما ملكت من قوة أودعتها في جيناتها التي انتقلت إليك باستفاضة زفرت بقوة وقالت : لكني لم أعلم أنكِ أيضًا سترثين طريقة تفكيرها ، توقعت أن تكوني أكثر تفتحًا وعلمًا فأنتِ درست بطريقة مختلفة وتربيت على يدي أنا ، على يدين سيدة لا تفرق كثيرًا عما تترفعين أنتِ عن تقبلها كزوجة لأخيك الوحيد !!
شحب وجه إيني قويًا وهي تنظر لوالدتها بصدمة شعرت بالحرج يتملكها لتهمس بصوت مضطرب : أمي لم أقصد ذلك .
ابتسمت والدتها بحنو وقالت : أعلم بنيتي ولذا قصدت أن أخبرك أني لا أفرق عنها كثيرًا انتشلني والدك من الطبقة الفقيرة ليصنع مني سيدة مجتمع راقية ، دون موافقة والدته بالطبع لكنه أحبني وتمسك بي ، غيرني إلى مانا عليه الآن . ابتسمت إيني بحب لذكرى والدها لتقول بصلابة : هذا هو الفارق بينكما ماما .
عقدت السيدة ماجدة حاجبيها باستفهام فأتبعت إيني بهدوء : بابا كان يحبك بل كان يعشق موضع قدميك عندما تخطي بهما ، لكن بلال لا يفعل ذلك . زفرت والدتها بضيق لتردف هي بصوت قوي : أنتِ تعلمين أمي أن قلبه ملكًا لسوزان فدعينا لا ننكر الحقيقة فيما بيننا .
تنفست والدتها بعمق وقالت بهدوء : نعم ولكنه أخبرك وسوزان أيضًا أن ما بينهما قد انتهى ولا رجاء من عودتهما سويًا .
نظرت إلى والدتها بهدوء لتهمس بنبرة صارمة أكدت ذاك الشبه الذي تحدثت عنه والدتها منذ قليل : وهذا يزيد رفضي لأسماء. ظهر الانزعاج على وجهه والدتها ممزوج بعدم فهم طل من حدقتيها لتتبع هي بهدوء : إذا كان أخي العزيز سيمضي بقية حياته مع فتاه لن يحبها أبدًا لأن قلبه معلق بابنة عمتي العزيزة فليختار فتاه تليق بنا وبعائلتنا ، فتاه ترتقي لأن تكون أم أحفاد سليم الراوي.
نظرت لعمق عيني والدتها وقالت : جدتي رفضت وجودك ، ولكن أبي كان لديه سبب حقيقي ليتمسك بك ويتحدى إرادتها وهو أنه يحبك لكن بلال ليس لديه سبب كافي لفعل ذلك بعائلتنا . أشاحت بيدها في لا مبالاة : لست أرفض أسماء لعيب بها فأنا لا يوجد لدي شيء واحدًا ضدها ولكن اختيار أخي لها دون سبب حقيقي هو من وضعها في خانة الرفض لدي ماما .
نظرت لها والدتها مطولاً لتقول بصرامة كست ملامحها قبل صوتها : حسنا إيني لقد أوضحتِ وجهة نظرك جيدا ولكن رغمًا عن كل ما تحدثت عنه الآن إلا أني أحذرك أن تتعاملين مرة ثانية مع أخاكِ أو خطيبته بتلك الطريقة المهينة لكليهما ، مهما حدث ومهما اختلفت مع أخاكِ تذكري دائما انه اخاك الكبير ، والوحيد الذي لا تمتلكين غيره بتلك الدنيا الفسيحة .
نهضت واقفة لتتبع وهي ترتب على كتفها بحنو : فكري جيدًا بنيتي ستجدين أن لا شيء يستحق أن تخاصمي أخاكِ بسببه تابعت خطوات والدتها إلى أن غادرت لتزفر بقوة وهي تغلق التلفاز بعد أن شعرت بعدم رغبتها في الاستمرار في المتابعة ، رمت بجهاز التحكم عن بعد لتستلقي إلى الوراء وتلوي شفتيها بنزق وتهمس لنفسها " لا أخاصمه بل أنا غاضبه منه لأنه شديد الحمق ، سيستيقظ بعد فترة من الوقت وهو يلعن نفسه على ارتباطه بتلك الاسماء ، لأنه فرط في حب حياته كله من أجل أوهام في رأسه هو فقط .
******
انتهيا من الشواء في جو حميمي سعيد ، اختفى ذلك الجو المشحون بينهما ، اختفى غضبها وذهب مع أدراج الرياح ومعه اختفت ليلى المتباعدة وعادت إلى ما كانت عليه من قبل ، واختفى أيضًا معه تحفظه وعتبه اللامع بحدقتيه ، بل كان في غاية الرقة والحنو معها ، يمزح معها بفخامة كعادته ، يتحين اللحظات ليمسك يدها أو يقربها منه ، يضمها لصدره بحركة خاطفة و يطعمها بنفسه فتذوب خجلاً وتشعر بقلبها الملهوف عليه يقفز طربًا ، تنحنحت بعد أن انتهى غدائهما وقالت : الجو رائع الآن .
تنفس بقوة وقال : نعم يساعد على الاسترخاء .
لملمت الأطباق وساعدها بها ، قالت : حسنا شكرًا على حفل الشواء .
قال وهو يقترب منها : هل نال رضاكِ ؟
ابتسمت باتساع : كان أكثر من رائع ، أنه من أجمل الأوقات التي قضيتها في حياتي .
اقترب ليضمها من كتفيها إليه وقال : لكم يسعدني ذلك .
كحت بحرج فابتعد عنها لمسافة كافية وقال وهو يأخذ الأطباق من بين يديها : سأحملهم عنك . قالت برفض : لا اتركهم .
هز رأسه نافيًا وقال : لا سأضعهم أنا أيضًا بغسالة الأطباق ، اذهبي وافعلي شيئا آخر .
هزت أكتافها : لا يوجد ما أفعله . قال بهدوء : إذًا اذهبي وآتي بكتاب نقرأه سويا إلى أن تغرب الشمس ، أعلم أنكِ تعشقي ذلك الوقت .
ابتسمت بخجل وقالت : حسنًا . ذهبت بخطوات سريعة ووقفت أمام باب غرفة المكتب وتذكرت أنها لم تدخلها من قبل ، تنفست بقوة لتعقد حاجبيها وهي توبخ نفسها فرائحة الشواء عالقة بها ، قررت أن تأخذ حمامًا منعشًا لإزالة آثار الشواء عنها وتبدل ملابسها أيضًا ثم تأتي لتنتقي كتابا كما أراد هو .
أخذت حماما سريعًا وخرجت لتقف أمام دولاب ملابسها ، لا تعلم لماذا تشعر بأنها تريد ان تزيل بعضًا من تلك الحواجز التي وضعتها بينهما ، لن تهدر عمرها وهي سجينه لتلك الأفكار التي تنغص عليها حياتها معه ، ستنحي تلك الأفكار التي تؤرق عقلها وتكون معه كما يريد هو.
تمسكت بالأمل الذي داعب خيالها لتنظر إلى دولاب ملابسها وتنتقي شيئًا يليق بعروس في أول أيام زواجها ،
وقع اختيارها على فستان صيفي بألوان زاهيه طويل وواسع بعض الشيء ، بربع كم وفتحة صدر مربعة تكشف عن أول صدرها ، نظرت بصدمة إلى نفسها بالمرآه وهزت رأسها برفض قاطع وهمست : لن أخرج هكذا .
اتجهت لدولاب ملابسها مرة أخرى لتنتقي شيئًا أخر ليطرق الباب بهدوء وصوته : ليلى ، أنتِ هنا . تنحنحت : نعم أمير .
تنفس بقوة وقال : قلقت عليكِ كنت انتظرك بالخارج و قلقت عندما تأخرتى أكمل بلهفة : هل أنتِ بخير ؟
ردت دون وعي : اه ، نعم كنت ابدل ملابسي لا أكثر .
ابتسم بخفة وقال : حسنًا ، أنا انتظرك بالخارج وأعددت لنا كوبين من الشاي ، لا تتأخري أكثر من ذلك حتى لا يبرد .
قالت سريعًا : حسنًا أمير .
مدت يدها تلقائيًا وسحبت وشاح عريض يلائم ألوان فستانها ، وتضعه على أكتافها وتغطي صدرها به ، لتذهب مرة أخرى وتخرج حذاء منخفضًا يناسبها وترتديه نظرت إلى وجهها بالمرآه وعضت شفتها بخجل لتسارع وتكحل عينيها بكحل بسيط ولكنه أظهر جمال ولون عينيها واكتفت بأن وضعت ملمع للشفاه وردي فاتح يكاد لا يلاحظ .
لمت شعرها بشكل فوضوي ووضعت به طوق ناسب ألوان الفستان الزاهية لتخرج بخطوات سريعة من الغرفة شهقت بقوة وهي تكاد أن تصطدم به ، ليضحك هو بمرح وهو يمسكها بين يديه بقوة وصلابه وقال : اهدئي قليلاً .
شعر بارتباكها فقال بصدق : المعذرة أنا من ازعجتك ودفعتك للخروج سريعًا .
قالت بتلعثم : لا عليك .
انتبهت أنه لم يعر ردها انتباها لتنظر إليه وتجد عيناه مسلطه عليها وينظر لها بتفحص . كتمت تنفسها واحتقن وجهها خجلاً وهي ترى الوشاح الساقط عن كتفيها ولم يقوم بدوره بتاتًا ، تحركت بارتباك وهي تعدل من وضعه وتضعه كما فعلت في السابق .
شعر بارتباكها فأشاح بعينيه بعيدًا وقال بهدوء : لقد وضعت الشاي بالخارج ، وانتقيت كتابًا أتمنى أن يعجبك ، اذهبي
أتبع بابتسامة صغيرة : سأبدل ملابسي أنا أيضًا
تنفست بقوة وذهبت بخطوات متحمسة للحديقة ، وجدت أكواب الشاي والكتاب على منضده صغيرة مقربه من الأرجوحة ، ابتسمت واتجهت إليها حملت كوب الشاي بين يديها ورشفت منه قليلاً ، لتزم شفتيها قويًا وهي تفكر أنه ليس بكوبها ، فإن مذاقه مسكر عما اعتادت هي ، لا بد أنه كوبه لأنه يعلم جيدًا مقدارها من السكر وضعت الكوب بهدوء وحملت الآخر وارتشفت منه قليلا لتبتسم برضا ، تجولت بهدوء في الحديقة الصغيرة تنظر إلي الشجيرات القصيرة والأزهار الموزعة بعناية ودقة ، اتسعت ابتسامتها لتضع من بين يديها كوب الشاي على المنضدة وعادت مرة أخرى لتقطف تلك الزهرة الحمراء التي شغفت بها من نظرتها الأولى التي وقعت عليها .
جلست القرفصاء ومدت كفيها لتقطف الوردة وهي تشعر بسعادة عارمة تتخلل أطرافها أحكمت أصابعها على الوردة لتنتفض على صوته الهادئ : حذاري .
في نفس الوقت الذي عم صوته خلايا عقلها ، شعرت بوخزة ألم في سبابتها ، تأوهت بخفوت لتشعر بكفيه يمسكان بها ويحملانها لتقف أمامه وقال بصوته الفخم الحنون : اهدئي ليلى ، إنها وخزة بسيطة .
مسك يدها وضغط بأنامله الطويلة على سبابتها ، لتتأوه بقوة وهي تقول : اترك يدي
قالتها بدلال طفولي دفعه للضحك بخفوت ، زمت شفتيها بحنق فقال بمرح : حصل خير ، بسيطة والحمد لله .
ابتسمت لتشعر بأصابعه مرة أخرى تضغط على سبابتها فقالت بألم : أمير توقف .
ابتسم باتساع : لأتأكد أنكِ بخير لا أكثر .
أخرج محرمة ورقية من جيبة ومسح قطرات الدم البسيطة التي خرجت من سبابتها ، ليرفع إصبعها إلي شفتيه ويقبله بهدوء وهو يهمس : ألف سلامة عليكِ .
احتقن خديها بقوة وأشاحت بنظرها بعيدًا عنه فقال بمرح : ولكنك تستحقي الألم ما بالك بأزهاري ، لم تقطفينها ؟
اتسعت عيناها بدهشة وشعرت بالحرج فقالت بتلعثم : أعجبتني الوردة فأحببت أن احتفظ بها . شدها من يدها مقربها إليه وهمس وهو ينظر إلي عينيها : هل ستحتفظين بها في كتابك الخاص وتنظرين إليها كلما أتيت على بالك .
رمشت بعينيها فأكمل : ستأخذينها مني عربونًا لحبي الكبير لكِ وستسهرين الليل تتذكريني وتملسي على بتلاتها كلما تذكرتي همساتي .
شعرت بالجو بينهما ثقيلا والهواء أصبح معدومًا ، فقط تتنفس زفراته وهو يتنفس زفراتها ، قلبها متخم بمشاعر لم تحس بها من قبل رمشت بعينها بخجل وهي تخفض نظرها عن تلك اللمعة التي سطعت بمقلتيه ، لم تفهم معناها نعم ولكنها شعرت بها ، قلبها خفق لها بجنون وعيناها لمعت بقبول دارته هي عنه همس مرة أخرى بصوت ثقيل أثقلته مشاعره : جاوبي ليلى .
همست بصوت مبحوح : بل سأحتفظ بها في قلبي .
شعرت بذراعيه تطوقانها ويضمها إليه بجنون ، امتلك شفتاها بقبلة ناعمة ولكنها قوية سحبت أنفاسها من داخل رئتيها ، حملها من خصرها مقربها إليه يحتويها بذراعيه القويتين ، يقبلها برقة وحنو ورغبة شعرت بها تحت عضلات صدره الصلب ، خفق قلبه بجنون تحت راحتها المفرودة على صدره ، فشعرت بخفقاته المدوية تخرج من قلبه لتلاقي صداها بقلبها الذي يطرق بجنون هو الاخر . خدرها إحساس دافئ امتلك عقلها وجسدها ، استجابت معه بخجل ، فتمسكت بكتفيه وضمت روحها له أكثر . شعرت بشفاهه تلامس وجهها كفراشات صغيرة تعلمت الطيران للتو ، انتقلت رفرفت الفراشات من شفتيها لأنفها لوجنتيها لعنقها ، لصدرها اتسعت عيناها بقوة وهي تشعر بشفاهه تلثمها برقه عند أول صدرها ، لتحس فجأة بأنامله التي تلاعب كتفها تتوقف ، نظرت حولها لتفاجئ بأنها ممددة على الأرجوحة ، عضت شفتها قويًا وهي تتحاشى النظر إليه ، ابتسم بافتنان وهو يراقب وجنتيها الموردتان ، شفتيها وآثاره الواضحة عليهما ، عينيها المغلقتان بخجل غير قادره على مواجهته بهما ، تنفس أريجها بعمق ليقبل جبينها برقة ويهمس : المعذرة حبيبتي ، لم أستطع كبح جماح نفسي .
رمشت بعينيها وهي تعتدل جالسة بجانبه ، ترفع تلك الخصلات الساقطة من شعرها عن جبهتها ، تمتمت بهمس خافت : لا عليك .
اتسعت ابتسامته ليبتعد عنها قليلاً ولكنه لم يفلتها كليا ليهمس : حرريني من ذاك الوعد ليلى . احتقن وجهها قويًا لتعض شفتها السفلى بقوة فزفر قويًا ليرتب على ظهرها ثم يضمها من كتفيها اليه ويهمس : حسنا ، لا عليكِ .
جلس باعتدال مبتعدًا قليلاً ، أعطاها ظهره لينزل ساقيه ويبدأ بهز الأرجوحة بهما ،عدلت من وضع فستانها فأخفت ساقيها من تحته وعدلت صدره وأكتافه اقتربت منه لتشعر بعضلات جسده كلها مستنفرة ، وضعت يدها على كتفه وهمست : أمير .
ابتسم بحب لمع بحدقتيه ، وأجابها بنبرته الفخمة : نعم .
اتسعت ابتسامتها لتهمس وهي تتحاشى النظر إليه : أحب تلك النبرة بصوتك .
ألمت الدهشة بملامحه كتم أنفاسه منتظرًا حديثها الذي شعر به يجول باخلها ، أتبعت وهي تبتسم بخجل : كانت دائمًا تظهر بصوتك عندما تريد اخباري بشيء لا يعلمه سواي ، تنفست بعمق لتكمل وهي تنظر بعيدًا : كنت أشعر بذلك ، لا أعلم هل كان حقيقيًا شعوري بأنني الوحيدة من أعلم تلك الأشياء التي كنت تقصها على مسامعي ، أم هو محض خيال كان يداعبني ليؤكد لي بأنني مختلفة .
رفعت عينيها لتنظر إليه فسألها بغموض وعينيه معتمتين لم تستطع أن تستشف ما بدخله : وعلام استقريتى ليلى ؟!
اتسعت ابتسامتها وهمست : حدسي يخبرني أنه لم يكن خيال ، بل كان أكثر شيئًا صادقا صدر منك حينها .
ابتسم تلك الابتسامة الجانبية وعيناه تشرق بابتسامة من بحور العسل ليهمس وهو يضمها الى صدره : وحدسك صادق دائمًا حبيبتي .
رفع رأسها إليه وأتبع وهو ينظر إلى عمق عينيها : ثقي في حدسك دائمًا يا ليلتي .
ابتسمت عينيها قبل أن تتجسد الابتسامة على ملامحها بأكملها ، تنحنحت بخفة لتهمس وهي تقطع ذاك الحديث الذي بدء في بثه لها بحدقتيه اللامعتين : ألن تريني الكتاب الذي انتقيته ؟! تعالت ضحكاتها وهي تنظر إلى المكر يتجسد على ملامحه وهو يهز برأسه نافيًا ، حاولت أن تقفز مبتعدة عنه لكنها لم تستطع كان أسرع منها كعادته فضمها من خصرها إليه ، واجلسها بحضنه وهمس : أريد أن أطلب منكِ طلبًا أولاً .
كتمت ضحكاتها لتهمس بصوت حاولت أن تخرجه قويًا حازمًا ولكنه أتى مرتعش من آثار ضحكاتها السابقة : وما هو ؟!
ابتسم ابتسامة لمعت بعينيه ولكنها لم تصل لشفتيه : قبليني .
اتسعت عيناها بقوة وهي تقول باستنكار مزج بحرجها : اقبلك !!
هز رأسه بإصرار وقال : نعم ،
أتبع بمرح تشبع بخبث عينيه : أنا زوجك ولا يوجد ما يعيب في أنكِ تقبلينني .
رمشت بعينيها غير مصدقة لما يقوله وقالت بخفوت : نعم أعلم ما تقوله
أتبعت بهمس : ولكني لا أستطيع .
رفع وجهها إليه وقال بدفء : بل تستطيعي .
هزت رأسها نافيه وهي تبتعد بجسدها بعيدًا عنه ، تحاول التملص من ذراعيه القويتين اللتين تحاصرنها ، زفر بقوة وقال : حسنًا لنتفق .
ارتبكت عينيها لتنظر إليه بتفحص وهو يبتسم على ذاك الترقب الذي ألمَ بجسدها فهمست بجدية وهي تشير بسبابتها أمام وجهه : عدني أولًا أنك لن تتلاعب بالحديث .
وهو يضمها إليه ويقول بعتب : هكذا إذا ، أنتِ ترين أنني ماكر ومخادع أتلاعب بحديثك . هزت رأسها نافية وقالت : لم أقصد ذلك ولكنك تجد حلاً دائمًا لاستخراج ما تريده من حديثي . تعالت ضحكاته مرة أخرى فتجبرها على الابتسام باستمتاع وهي ترى ملامحه تجسد السعادة ، قال من بين ضحكاته : أعدك أنني لن أتلاعب بحديثك .
نظر إلى عمق عينيها وهو يهمس بصوته الفخم : هل أنتِ أكثر راحة الآن ؟!
هزت رأسها بالايجاب فأتبع : حسنًا أنا أطلب منكِ قبلة واحدة تقبليني بها على خدي .
لمعت عينيها بالرفض فهمس برجاء فخم : واحدة فقط .
ابتسمت بخفة لتهمس : دائمًا رجاءك يحمل صيغة الأمر أكثر من التوسل أمير .
سحب الهواء إلى صدره قويًا ليهمس : لست أنا من يتوسل ليلى .
ومضت ملامحها بفخر تجسد بصوتها وقالت : طبعًا أنت خلقت لتؤمر فتطاع .
ابتسم بثقة وقال : حسنًا أنا انتظر .
سحبت الهواء إلى صدرها لتكتمه قويا بداخلها وهي تقترب من وجنته بشفتيها جانب صدغه بلثمة رقيقة ، وقبل أن تبتعد للخلف مرة أخرى حرك هو رأسه وامتلك شفتيها في قبلة طويلة ذهبت بأنفاسها إليه .
ابتعد عنها بعد قليل ونظر لعينيها المفتوحة تلك المرة ليبتسم من لمعانهما القوي وقال: أحبك ليلى
ابتسمت وخفضت نظرها بخجل ، نهض واقفًا وهو يوقفها أرضًا أمامه لتشعر بأن توازنها يختل ، أمسك بها وقال ، انتظري .
تحرك سريعًا لحوض الورود وعاد ممسكًا بوردتها ليضعها في شعرها الذي انفلت من عقاله في وقت ماضي لم تلاحظه هي ، ردد بخفوت : أحبك ليلى ابتسمت وخديها يتوردان لمست الوردة بحب وشوق تحركت لتجلس مرة أخرى إلى الأرجوحة وتدع له مجالا ليجلس بجانبها ، ابتسم وهو يلتقط إشارتها الغير صريحة ، فحمل الكتاب بين يديه وجلس ليفرد ذراعه حولها ضامًا كتفيها إليه وممسكًا بالكتاب بيده الأخرى .
تمتمت بخجل : امم ، ماذا انتقيت ؟
قال بهدوء : إنه ديوان شعر لنزار .
نظرت إليه وهمست : هل ستسمعني أبيات نزار بصوتك .
رد بهمس مماثلا : بل بقلبي إذا أردتي
تحركت بهدوء ، خطوات هائمة ، وعقل شريد ، لا تعلم كيف وصلت للمنطقة التي تقطن بها ، تلك المنطقة التي انتقلت إليها مؤخرًا ، بعد أن ساعدها هو في الحصول على شقة صغيره ، في عمارة جديدة بإحدى المناطق السكينة الحديثة ، الهدوء يعمها و لا تكتظ بالسكان كالحي القديم الذي كانت تسكن به .
عضت شفتها بتوتر وهي تفكر فيه ، لقد تجاهلها تمامًا ولم يعرها اهتماما عندما أخبرته أنها ستذهب لموعد الطبيب مع والدتها منتظرة أن يأتي معها كما ألمح لها في وقت سابق من اليوم ، هز رأسه بحركة عشوائية لم تستشف منها أي شيء ، ليدور بكرسيه وينظر إلى السماء من خلال نافذته الزجاجية !!
لا تعلم ما السبب في تغييره ، أو تعلم ولكنها لا تريد الاعتراف بذلك السبب المجسد في زيارتها له .
كتمت تنفسها بقوة وهي تنحي ذاك الطارق الذي داهم مخيلتها ، هزت رأسها نافية سريعًا وهي تقاوم تجمع الدموع الذي ملأ عينيها .
أخفضت رأسها وهي تشعر بإهانة جسيمة تطبق على صدرها وأن عظامها تشبعت بذلها عندما همست لها نفسها بأنه سيتراجع عن قراراه في الزواج منها ، انحنت كتفيها بانهزام وخيالها يجسد لها صورتهما معًا
رجف قلبها وهي تشعر بمدى روعتهما سويًا ، لقد كانت الصورة حية .. حسية ..وموجعة لأقصى حد .
تنفست بقوة لعلها تستطيع اطفاء تلك النيران التي هبت بقلبها ولكنها لم تستطع ، فالدموع التي حبستها في مآقيها قررت الثورة والانفجار فأغشت عينيها فجأة و جعلتها لم تستطع تبين مواطئ قدميها ، اتفق معها حظها السيء حينما تعثرت في بعض الحجارة الصغيرة ، فشعرت بأن ارتطامها بالأرض لا محال .
شهقت شهقة متكومة وهي تشعر بانها تسقط أرضًا لتكتم تنفسها وهي تعود واقفة عندما تملكتها ذراعين قويتين أمسكتها قويًا وصاحبها يقول بهدوء : انتبهي يا آنسة .
نهنهت بصوت مكتوم وهي ترفع رأسها لتشكره على انقاذها فترمش بعينيها وهي تشعر بأن وجهه مألوف ، مسحت دموعها بكفيها عندما لاحظت انزعاج ملامحه وهو يقترب منها ويقول بشهامة علت هامته : أنتِ بخير ، أليس كذلك ؟!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تحاول السيطرة على دموعها ، تحاول تجميع صوتها لترد عليه فهمس بقلق حقيقي : لا أشعر بذلك ، هل أنتِ تسكنين هنا ، أم آتية لزيارة أحدهم ؟!
تنحنحت لتستخرج صوتها مرغمة فهمست بصوت يصارع للخروج : أنا بخير .
مسحت وجهها بكفيها تلك المرة وهي تتنفس بقوة وتتبع هامسة : أشكرك .
ضيق عينيه ليبتسم ابتسامة هادئة زينت ملامحه : أعتقد أننا تقابلنا من قبل .
نظرت له مليًا فتعرف عليه ولكنها رفعت رأسها بكبرياء وهمست بجدية : لا أعتقد .
تخطته بهدوء وهي وتقول : أشكرك مرة أخرى ، بعد إذنك .
تحركت بخطوات هادئة لتسرع بخطواتها وهي تشعر به يسير خلفها ، أطبقت فكيها بقوة وهي تسب ذلك المتطفل قليل التهذيب ،عندما لمحته وهي تلف مع دوران إحدى العمارات يتبعها !!
شعرت بالغضب يسري في عروقها وهي تتمتم ببعض السباب المنخفض عندما تأكدت من وجوده خلفها وهي تعبر بوابة العمارة التي تقطنها ، توقفت لتخرج مفتاحها بعد أن وصلت لباب شقتها لتقول بصوت مسموع وخاصة بعد أن رأته يصعد السلم سريعًا خلفها : قليل الادب .
صفعت الباب من خلفها وهي تشعر بالحنق يملأها من هذا الشاب العابث
الذي يريد أن يفرض عليها معرفته لأنه قابلها مرة واحدة من قبل !!
زفرت بقوة وهي تعود بأفكارها لذلك اليوم الذي رأته به ، ذلك اليوم الذي أقنعها فيه بلال بقبول طلبه للزواج ، ذلك اليوم الذي كان بداية لتحقيق حلمها ، حلمها الذي ينهار الآن بين يديها وهي تكابر في الاعتراف بالسبب الحقيقي وراء انهياره !!

سلسلة حكايا القلوب .. الجزء الاول  رواية " امير ليلى " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن