ياسمين ، ياسمين
نظر بغرفة المعيشة فوجدها فارغة ، تحرك خارجًا وهو ينادي بصخب : ياسمين ، أين أنت ؟
صمت ثم ابتسم عندما رآها تقف في مطبخهما الواسع بتصميمه الأمريكي و من الواضح أنها منهمكة في إعداد شيئًا ما لم يتبينه ، قال وهو يقترب منها : ألم تستمعي إلي ؟
رفعت نظرها إليه وقالت وهي تبتسم بهدوء : بل سمعتك ، في الحقيقة لم أسمعك بمفردي أعتقد أن جيراننا أيضًا استمعوا إليك وأنت تناديني بصوتك الجهوري ذاك .
ضحك بخفة واقترب منها يضمها من خصرها إليه ، يركن ذقنه لكتفها وهو ينظر إلى صحن الفواكه المقطعة من أمامها ، رجف جسدها رغمًا عنها عندما لامست أنفاسه عنقها العاري فعقد حاجبيه بضيق أخفاه بداخله وهو يقول بهدوء : لماذا لم تردي علي إذًا ؟
تنفست بقوة وقالت وهي تسيطر على ارتجافها الغبي وقالت : وأهدر فرصة أن أستمع إليك ، لا طبعًا
أتبعت بدلال : أنت تناديني كما ينادي الطفل الضائع أمه وهو يبحث عنها.
ابتسم بوله وقال وهو يدفن أنفه في خصلات شعرها : بل أبحث عن روحي جاسي .
عضت شفتها بخجل ووجنتيها تتوردان وهي تبتسم أتبع سائلا وهو يمرر شفاهه على أذنها : ماذا تفعلين ؟
صبت بعضًا من العصير الذي أعدته مسبقًا فوق قطع الفاكهة التي ملأت حافظة المبرد ،ثم كحت برقة لتجلي حنجرتها من تلك الغمامة التي تسيطر عليها في قربه ،ورغم ذلك خرج صوتها أبحًا وهي تقول : سلطة الفواكه من أجل الغد ، ليلى تعشقها من يدي .
اكتنف كفها بأنامله ليرفعها إليه ويقبلها برقة ويهمس : ومن لا يعشق يديك.
ضحكت بدلال لتشعر بالحرارة تجتاح جسدها وهي تشعر بشفاهه التي نثرت قبلاته على طول ذراعها ، لتنتقل إلى كتفها .. رقبتها .. أذنها .. جانب فكها وصولاً لمؤخرة عنقها ، صوت أنفاسه التي علت استلت على تركيزها فغمغمت باسمه متأوه عندما لفها إليه لتقابله ، طبع قبلة طويلة على شفاهها وهو يضمها إلى صدره بشوق .
تمسكت بكتفيه قويًا وهي تشهق بقوة مطالبه بأنفاسها التي بعثرها لتقول بابتسامة خجولة أضاءت لها عيناه : لقد أفسدت قميصك .
ابتسم بمكر وهو يحل أزرار قميصه العلوية سريعًا : فداك القميص وصاحبه .
مسكت يديه بقوة وهي تضحك بمرح وتقول : كف عن خلع ملابسك خارج حجرة النوم وليد ،
زفرت هواء صدرها قويًا وهي تتبع : هذا أمر غير مقبول .
لوى شفتيه بضيق وقال : أنت من أفسد القميص ياسمينتي .
أتبع بابتسامة شقية زينت ملامحه : وعليك اصلاح ما فسدتيه .
دوت ضحكتها مجلجلة وهي تحاول أن تتحكم في قبضتيه اللتان أخذتا في حل بقية الأزرار لتبتسم باتساع وهي تتمسك بطرفي القميص قبل أن يخلعه كليًا وتقول من بين ضحكاتها : توقف وليد أرجوك .
شاركها الضحك بمرح ليشدها من كفيها إليه وهو يهمس : لا أعلم لم تصري على أن احتفظ بكامل ملابسي طوال الوقت .
ابتسمت بعتب وقالت : لا يجوز أن تجلس عاريًا وليد .
رفع حاجبيه برفض وقال : نحن بمفردنا ياسمين وأنا أرى أن لا يوجد مانعًا من ذلك .
كفت عن الابتسام وقالت برزانه : بلى لسنا بمفردنا ، الآن لدينا حسنية ، وفي الغد سنرزق بأطفال لا يجوز أن يروا قدوتهم يجلس عاريًا معظم الوقت .
ابتسم بخبث علا هامته ليقول بعيني تومض قويًا : أحب فكرة الأطفال تلك .
أتبع بلهجة احتوت على عتبًا ولومًا صريحًا : رغم أننا لا نعمل على تنفيذها كثيرًا ، فسيادتك مشغولة منذ أسبوعين بعرس ابنة عمك الذي أشك أن أمير حدده في ذلك الموعد ليثير حنقي فقط .
ضحكت بخفة ليتبع وهو يضمها إليه : إلا أني أشجعها جدًا خاصة وأنت اليوم هنا بين يدي .
ضحكت بمرح وهي تدفعه برقه في صدره وتقول بمشاكسة : عليك شكر أمير إذًا فهو من أصر على مصاحبة ليلى لبروفة فستان الزفاف اليوم . احتواها في صدره بحنو تعشقه ،غمغم بصوت أجش وهو يدفن انفه في خصلاتها : سأشكره لاحقًا .
همست وهي تتملص من بين ذراعيه : انتظر سأدخل الفروت سلاد للمبرد حتى لا تفسد .
رقص حاجبيه بشقاوة : اوه هذا وعد لفظي منك .
اشتعل خديها بقوة وقالت بلوم وهي تفرقع أصابعها رغمًا عنها : وليد .
زفر قويًا وأثر الصمت وهو ينظر إلى أناملها التي تفرقعها كلما كانت متوترة ، كحت بلطف وهي تدفع بالحافظة داخل المبرد : فيم كنت تريدني ؟
تهلل وجهه بالسعادة مما جعلها تتأمله بترقب وهو يقول : اه ، نعم لقد وجدت شيئًا مثيرا أردت أن أسألك عنه .
عقدت حاجبيها بعدم فهم وقالت : حسنًا ، ما هو ؟!
لوى شفتيه بابتسامة مغرية أثارت قلقها وهو يقول بنبرته الرخيمة التي تثير حواسها : لابد أن تريه بنفسك .
زفرت هواء صدرها بهدوء وهي تشعر بالترقب يغلف عقلها فهزت رأسها بالموافقة وقالت : حسنًا
أتبعت سائلة قبل أن تغلق المبرد : أتريد بعضا من سلاطة الفواكه ؟!
هز رأسه نافيًا وقال : لا .
أتبع بابتسامة خبيثة تألقت بوميض اشعل عينيه : أريد بعضًا من العنب كالمرة الماضية .
كحت بحرج وخديها تشتعلان بقوة ، لتغلق باب المبرد بقوة وهي تخفض نظرها عنه ، ضحك بخفة وهو يقترب منها ، يضمها من خصرها إليه ويقول : توقفي عن الخجل حبيبتي .
رمشت بعينيها وهمت بفرقعة أصابعها ليحتضن أناملها بكفه وهو يدفعها بلطف من خصرها فتسير بجانبه : تعالي لأريك ما أريد .
قالت بتلعثم : ولكني لم آتي بالعنب .
ابتسم بثقة : سآتي أنا به فيما بعد .
دلفت إلى غرفة النوم بجواره لتشعر بترقبها يصل إلى ذروته وهي ترى باب غرفة الملابس مفتوح ونورها مضاء على غير العادة ، تنفست بقوة وهي تشعر بتسليته الواضحة على وجهه عندما ابتسم وقال : كنت أبحث عن ذاك التي شيرت الأزرق الذي اشتريناه سويًا
نظرت إليه وهي تحثه على المتابعة فأردف وهو يبتسم تلك الابتسامة المغوية : فوجدت هذا .
عقدت حاجبيها بتوتر وهي تتابعه بنظراتها وهو يدلف إلى غرفة الملابس ويشير إلى أحد أقسام صوان الملابس ، شحب وجهها وهي تتعرف إلى تلك الضلفة الصغيرة التي تقبع بين جزئي الدولاب الذي يحتوي على ملابسه وملابسها التي تخصها ، احتقنت أذنيها بقوة وهي تنظر إلى عينيه اللتان تألقتا بمرح مشوب بخبث تدرك مداه جيدًا ،
فقالت بحدة قصدتها : لماذا تفتش بأغراضي وليد ، هذا أمر لن اقبله إطلاقًا.
اتسعت ابتسامته ليقول بهدوء ونظرته تزداد مكرًا : رويدك علي ياسمينتي ، بالطبع أنا معك ذاك أمر غير مقبول إطلاقًا وأنا لم ولن أفعله ما حييت ولكن
هز كتفيه بلامبالاة : ولكني لم أكن أعلم أن ذاك القسم يخصك حقًا ، لم أجدك أبدًا تقتربي منه فظننت أنه يخصني أنا ويحتوي على أغراضي
اقترب منها بروية وقال : أنتِ تعلمين طبعًا أني لا أعلم كيفية ترتيب أغراضنا فأنت وإيمي من قمتما بذلك .
قالت سريعًا ووجهها يشتعل من الخجل الممزوج بغضب لم تحكم سيطرتها عليه : بل إيمان فقط من قامت برص أغراضك وملابسك وبقية اشياءك ، حتى أنا لا أعلم مكان أي شيء يخصك إلى الآن .
ابتسم باتساع وقال بثقة ظللت عينيه : ستعلمين مع الوقت .
كح بخفة ليتبع وهو يتحرك مقتربًا من ذاك القسم مرة أخرى : عندما لم أجد التي شيرت ، فكرت أن تكون إيمي وضعته هنا
ومضت عيناه بقوة وهو يردف : ولكني وجدت هذا
شهقت بخفة وهو يشير بأحد قمصان نومها أمام عينيها ، تحركت سريعًا لتخطفه من بين أنامله وتخبئه خلف ظهرها وتقول : وليد توقف عن ذلك .
ضحك بقوة وهو يقترب منها سريعًا ، يحاول أن ينتزعه من يديها التي شبكتهما خلف ظهرها ، فصاحت بقوة وهي تلصق ظهرها بالحائط من ورائها : توقف وليد من فضلك .
ضحك قويًا وقال بعند طفولي : أبدًا ، هاتيه .
نظرت له بقوة وقالت وعيناها تلمع بشراسة : لا ، ابتعد عني .
جلجلت ضحكته وقال وهو يحرك حاجبيه بإغاظة : أنت تحلمين ياسمين ، أنت تقفين الوقفة المثلى التي تدعوني للاقتراب .
لم تستطع أن تمنع نفسها من الضحك لتقول : رجاء وليد ابتعد قليلاً .
تنفس بعمق وهو يدير عينيه على ملامحها التي ازدادت فتنه بسبب ضحكتها الشقية والشراسة التي لمعت بحدقتيها ، خرج صوته أجشًا وهو يقول بخفوت : لا أستطيع الابتعاد حبيبتي .
ابتسمت وهي تحاول أن تقاوم خجلها منه ، فأتبع : أريد أن أراه عليك .
همت بالحديث ليقاطعها بعينيه ويهمس وهو يلامس خصلاتها المبعثرة حول وجهها ويزيحها للخلف : اسمعي ياسمين ، أنا أحب جميع منامتك ، القصيرة والطويلة ، تلك التي بأكمام والتي أيضًا بدونها ، ومفضلتي ذات الحمالتين الرفيعتين .
خفضت عيناها أرضًا وهي تبتسم بخجل ووجهها يحتقن بقوة فأردف وهو يقبل جبينها : اليوم أريد أن أراك بشكل مختلف ، لأجلي جاسي .
غمغمت بكلمات غير مفهومة فتنفس قويًا وقال : سأنتظرك في الخارج .
زفرت قويًا عندما سمعت صوت إغلاق الباب من خلفه لتزدرد لعابها بقوة وهي تنظر إلى ذاك القميص من بين يديها ، مطت شفتيها بتفكير ظهر على وجهها وهي تضعه على جسدها أمام المرآه لتزفر مرة أخرى وهي تهز رأسها بالموافقة.
تحرك سريعًا في الغرفة يغلق ستائرها ويطفئ أنوارها ، يشعل الشموع المتناثرة بأرجائها ، ثم شد خطواته للخارج ، وحضر طبق متنوع من الفواكه وعاد به في خطوات سريعة ، توقف عند باب الغرفة بعد أن رآها تمد رأسها من خلف باب غرفة الملابس فتوقع أنها تبحث عنه ، ابتسم بمكر وهو يتوارى للخلف قليلاً حتى لا تراه !!
كتم أنفاسه وهي تطل من خلف الباب بجسدها كاملا ، رمش بعينيه وهو يراها بكامل بهائها ، ترتدي ذاك القميص الذي اختاره هو ، يظهر بوضوح رغم اضاءة الغرفة الخافتة ، ينسدل على جسدها بقماشه الحريري الشفاف فيزيدها فتنة ، يصل لمنتصف فخذيها فيظهر رشاقة وطول ساقيها ، شعر بجفاف في حلقه وهو ينظر للحمالات الستانية الرفيعة تتشابك سويًا عند منتصف ظهرها في وضع عمودي أظهر نعومة بشرتها لأخر ظهرها!!
دلف إلى الغرفة في خطوتين ليضع صحن الفواكه من يده على أول كرسي قابله ، همس سريعًا وهو يشعر بها تتحرك مبتعدة : انتظري .
خرج صوته أجشًا حاملاً لأنفاسه الساخنة ومشاعره المتقدة فشعرت بهما يثبتنها بمكانها ، لامس كتفيها بأنامله في حركة متملكة جعلتها تحبس هواء صدرها ، ثم تزفره في تنهيده حارة وهي تحس به يلفها إليه ، ارتمت على صدره في دلال خجول وهي تدفن وجهها فوق موضع قلبه مباشرة وتهمس بنبرة أبحه أضاعت تعقله : لا تنظر إلي
ابتسم رغمًا عنه وهو يشعر بخجلها الذي يطير صوابه ، مرر ظهر سبابته على أخر عنقها نزولاً لعمودها الفقري ، ومع كل فقرة كان يدير طرف سبابته عليها كانت تنتفض بخفه بين ذراعيه همست برجاء : وليد .
ابتسم بوله وهو يرفع وجهها اليه : روح وليد وقلبه وعقله وكيانه بأكمله .
حاولت أن تخفض وجهها مرة أخرى فضغط على ذقنها بلطف ، قبل عينيها برقة ،ليهمس أمام شفتيها : انظري إلي ياسمين .
تنهدت قويًا وهي تشعر بأنفاسه الساخنة تلفح وجنتيها فيزداد شعور السخونة بداخلها ، غمغمت بعدم قدرتها على ذلك في كلمات غير مترابطة همس مرددًا بإصرار وهو يقبل طرف أنفها في حنو ، ثم يلتقط شفتيها في قبلة أضاعت ما تبقى من عقلها : افتحي عينيك ياسمين وانظري إلي .
شعر بها تذوب بين ذراعيه فضغط بشفتيه مرة أخرى على شفتيها ، رمشت بعينيها مترددة وهي تخفض نظرها لأسفل ، وتراقب عرقه النابض برقبته والذي يخفق بجنون مظهرًا تأثيرها القوي عليه ، رفعت عينيها إليه بنظرة مغوية لم تقصدها ، غامت عيناه برغبة عارمة فسحب الهواء إلى صدره قويًا وهو يحاول السيطرة على أنفاسه التي علت بشكل ملحوظ ،ليقول بخفوت ونبرته الأجشة تعلو صوته : مبهرة أنت حبيبتي .
همس وهو يلتقط شفتيها : أعشقك ياسمينتي ، أعشقك .
***
زفرت بضيق وهي تراقب شاشة الهاتف التي تضيء باستمرار منذ نصف ساعة بلا توقف بعد أن وضعته على الوضع الصامت ، عبست بوجهها لتهمس بتذمر : توقف عن الاتصال ألا تشعر أيها البارد أني لا أريد أن أجيب على اتصالاتك .
رمت الهاتف بغل على فراشها وهي تلتفت للمرأة وتكمل تصفيف شعرها الأسود المسترسل لآخر ظهرها
ابتسمت لصورتها بالمرآه وهي تشعر بالزهو فهي تعلم مقدار جمالها لتعبس بضيق وهي تتذكر ذاك المّلح وانه سيصبح زوجها بعد أشهر قليلة
انتفض جسدها بقوة وهي تغمض عينيها ويعتلى وجهها الامتعاض لتهمس بغيظ : لن يحدث أبدًا ، لن أتزوج ذلك المزعج إطلاقًا !!
دق الباب بطريقة هادئة تعرفت على صاحبها على الفور فقفزت واقفة بطفولية وهي ترسم ابتسامة عريضة على وجهها وعيناها تتراقص بهما سعادتها وتقول : تعال ممدوح تفضل حبيبي .
دلف ممدوح وهو يبتسم باتساع ويقول بعد أن قبل رأسها وضمها إلى حضنه بأخوية صادقة : كيف حال حسناء آل المنصوري ؟
ضحكت بجذل وعيناها تشعر غرورًا من لقبها المفضل لتقول بزهو : بخير حال يا شقيقي العزيز ، كيف حالك أنت وحال زوجتك وأولادك .
ربت على رأسها وقال : بخير والحمد لله .
أشارت له بالدخول وهي تقول بعفوية : تعال تفضل سآتي لك ببعض الحلوى وأخبرهم أن يعدوا إليك قهوتك المفضلة .
ابتسم بهدوء وقال : ماما قامت بكل ذلك فلتأتي معي أنت منذ فترة طويلة لم نجلس سويًا ، ثم أن هناك ضيفًا مميزًا حل على البيت اليوم ولابد من أن تضايفيه أنت دونًا عن البقية .
لمعت عيناها بسرور وقالت : جدي هنا .
ابتسم ممدوح باتساع : لا للأسف لم يعد من القاهرة بعد فعمتك لازلت في المشفى أنتِ تعلمين أنها ستخرج في الغد أو بعد غد .
هزت رأسها بالإيجاب وقالت : نعم وسأذهب إليها فور ما تخرج بالسلامة .
همس بابتهال : إن شاء الله .
عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت : من إذًا ذاك الضيف ؟!
رقص حاجبيه بشقاوة محببه إليها ليقول : حكيم العيون والقلوب أيضًا .
تصلب وجهها وجمدت الابتسامة على شفتيها وقالت بنبرة حادة : محمود .
لم يفته ذاك التغير الذي طرأ عليها ليقول وهو يقترب منها بهدوء : نعم هو .
نظر لها مليًا لتشيح بوجهها بعيدا ، فقال أخاها برزانه اتسم بها منذ الصغر : اسمعي ديدي أنت حسنائنا الغالية مدللتنا وابنتنا قبل أن تكوني شقيقتنا الصغرى
زفر بقوة ليقترب منها ويحتضن كتفيها بحنو وينظر إلى عينيها : لا أتكلم عني فقط ولكن أتكلم عن بقية اشقائي ووالدي وجدي أيضًا
نظر لها بصرامة تألقت بعينيه وهو يتبع : لكن ذاك كله لا يمنع أن نقومك إذًا احتجت منا ذلك .
رمشت بعينيها فأردف بهدوء : لست غافلاً عما يدور بينك وبين زوجك ولكني لا أريد التدخل فيما بينكما ، لذلك صممت أن آتي إليك وأدعوك إلى الأسفل حتى تكتمل جلستنا فماما أخبرتني أنك تتهربين من ملاقاته كلما أتى وسأل عنك.
احمرت وجنتيها بحرج وقالت : لا أتهرب منه ولكن أشعر أن الظروف غير مناسبة فأبي لا يكون متواجدًا ، وأنت تعلم ذلك فمنذ حادث عمتي وهو يأتي يوم هنا ويقضي يومين بالقاهرة .
نظر لها بتفحص وقال بطريقة مباشرة : ولكني أنا متواجد بالبيت دائمًا ، ثم أن البيت ليس فارغًا فأمي والخدم متواجدين باستمرار .
ضيق عينيه وقال والحدة ترتسم على وجهه : لم تخافين مقابلته ؟ هل تجاوز حدوده معك .
ابتسمت داخليًا لترمش بعينيها وتقول بصوت مرتجف افتعلته ووجها يحتقن خجلا لم تتحكم به : نعم وعندما أخبرته أن هذا لا يليق قال أنه زوجي وليس علي الاعتراض .
اشتعلت مقلتي أخاها بغيرة بدائية ونبض عرق الغضب في جبهته قويًا وهو يقول بهدوء رغمًا عما يشعر به : ماذا فعل ؟
كحت بخجل ليمتقع وجهها وتتلعثم ليصيح بها في حدة : انطقي .
قالت سريعًا وهي تبتعد عن أخيها بحرج فعلي ارتسم على ملامحها : لقد احتضنني يوم عقد القران وقبل رأسي وعندما حاولت دفعه بعيدًا عني ضحك وقال لا تخجلي حبيبتي .
قالت بنقمة وعروقها تنتفض غضبًا : متى أصبحت حبيبته ذلك الكاذب ؟!
التفتت لأخيها بعيني غير مصدقة عندما استمعت إلى ضحكته المنطلقة لتقول بضيق : علام تضحك ممدوح ؟!
ابتسم ممدوح باتساع وقال : عليك بالطبع لقد كدت تفقديني عقلي وقاربت على تعليق دكتورنا الهمام في الشجرة من أجلك وأنت تخبريني أن كل ما فعله أنه قام باحتضانك .
نظرت له بعدم تصديق وذهول علا هامتها فقال بهدوء وهو يقترب منها : كان سعيدًا بعقد القران ديدي ، لم أرى محمود سعيدًا بتلك الطريقة من قبل
تنهد بقوة وقال :بل منذ وفاة والدته ، انقلب لشخص آخر نعم كان يمزح معنا ويضحك ولكنه لم يعد ذلك الشقي ذو الابتسامة الواسعة ، انطفئ الأمل بعينيه وعاد يوم عقد قرانكما .
رمشت عينيها بتعجب ونظرت له بتساؤل فأتبع : محمود يحبك ديدي منذ الصغر ، فقط أنت لم تعيريه اهتمامًا ، ولذا كان يتفنن في صنع المقالب لك حتى يثير اهتمامك به .
زفر قويًا وقال : لا تضيعي بدايتك الجديدة معه وتوقفي عن الحلم بأوهام لن تتحقق قط .
احتقن وجهها قويًا لتخفض عيناها عنه ليبتسم ويقول : جيد أنك فهمت ما أرمي إليه .
حاول النظر إلى عينيها فتحاشت النظر إليه ليبتسم ويقول : هيا أرتدي ملابسك وأتبعيني للأسفل ، سأنتظرك معه .
هزت رأسها بالإيجاب لتزفر بقوة عندما غادر شقيقها وأغلق الباب من خلفه لتنظر لنفسها في المرآه ، تعلم جيدًا أن شقيقها معه كامل الحق فهشام أصبح من الأوهام وخاصة بعد ما حدث في المشفى المرة الماضية ،
دمعت عيناها وهي تتذكر أنها هي من ركضت خلف هنادي لتوقفها وتتحدث معها سريعًا ، فهي تأكدت أن هنادي ستغادر ولن تعود إلى هشام مرة أخرى ،
ولكنها لم تشعر بأن هذا هو الصواب وخاصة أن هنادي لم تسمع رد هشام الجاف على والدته فهو لأول مرة يرد بتلك الصرامة على عمتها ويخبرها أن زوجته لن تذهب لأي مكان فهي ستبقى معه ولكن هنادي كعادتها تحركت مغادرة قبل أن تعطيه الفرصة !!
ركضت حينها خلفها وظنت أنها لن تستطيع الوصول إليها ولكنها وجدتها واقفة تتحدث مع حكيم العيون كما يلقبونه في العائلة ، بأخر الرواق استشفت هي أن هنادي تعتذر له عن شيء وهو يلح عليها به
عقدت حاجبيها وقالت وهي تشعر بالضيق يغلفها : ماذا هناك ؟
ابتسم هو باتساع وهو يلتفت إليها ويقول : بنت حلال ديدي تعالي معانا فالأستاذة لا تريد أن تأتي معي لأوصلها ومصرة أن تغادر بمفردها وذلك لا يليق .
عبست بوجهها وهي تنظر إليه بتساؤل عن الحاحه على هنادي فهمس لها وهو يبتسم بمكر : فيما بعد سأخبرك .
هزت رأسها بالموافقة لتحمل كريم عن هنادي وتناوله إياه وتقول : حسنًا احمل كريم أنت .
اعترضت هنادي وهي تنظر إليها بعتب فابتسمت هي باتساع وتقول : أنه يحب الأطفال أليس كذلك يا دكتور ؟
ابتسم باتساع وهو يداعب كريم ويقول : طبعًا وخاصة كريم ما شاء الله عليه لم أرى طفل جميل وهادئ مثله .
أشار لها بعينيه ان تتحدث مع هنادي التي ترتجف غضبًا ليسبقهما هو وهو يحمل كريم ويلاعبه ، تمسكت بهنادي وتأبطت ساعدها وهي تقول : ما نهاية ما تفعلينه هذا هنادي ؟
زفرت هنادي قويًا وقالت : أنا الأخرى أتساءل عن النهاية ديدي ولكن من الواضح أن ليس هناك نهاية ، عمتك لن ترضى بواقع أنني زوجة ولدها الوحيد ولن تقبل بي أبدًا .
ابتسمت هنادي وقالت بهدوء : وأنت كل ما تفعلينه كلما أعلنت تذمرها أن تهربين من أمامها كالفأر المذعور .
اتسعت عينا هنادي بغضب وقالت : أنا ؟! أنا فأر ومذعور أيضًا ؟!
هزت مديحة رأسها بالإيجاب وقالت : نعم لن أكذب عليك هذا هو التشبيه الوحيد لتصرفك هنادي .
شحب وجه هنادي قويًا لتتبع الأخرى : لمرة واحدة قفي أمامها و واجهيها فهشام أكثر من مقتنع أنك زوجته الوحيدة التي لا يريد غيرها دافعي عن مكانك وصفتك كزوجة لسيادة المستشار ، فهو لن يستمر في المدافعة عن صفة أنت زاهدة بها !!
نظرت لها هنادي وقالت بتشوش : ولكني لا أستطيع أن أقابل نظرات رفضها لي ديدي .
ابتسمت مديحة بخبث وقالت : كلما رأيت في عينيها رفضها لك تذكري نظرات هشام العاشقة لك هنادي وأنسيها .
أتبعت بثقة : لا تشغلي رأسك بها فهي لن تستطيع التأثير على هشام بعد ذلك وأخر ما حدث يشهد على ذلك .
نظرت لها هنادي بتساؤل : كيف ؟!
نظرت لها مديحة بعتب وقالت : هشام أخبرها هنادي أنكِ لن تذهبي لأي مكان فأنت ستبقين معه ولكنك طبعًا لم تنتظري لتستمعي كعادتك فضلت الركض والهروب بعيدًا عنه .
اتسعت عينا هنادي بعدم تصديق وقالت بصوت مرتجف : حقًا ولكن .
صمتت قليلاً وقالت بعدم حيلة : ماذا علي أن أفعل الآن ؟
ضحكت ديدي بخفة وقالت : تعالي معي وأنا سأخبرك أولاً عليك العودة لبيتك وكان شيئًا لم يكن ولا تظهري أنني أخبرتك بما حدث اغضبي منه قليلاً وانتظريه أن يأتي إليك .
قالت هنادي بتلعثم : ولكن هشام ..
قاطعتها ديدي على الفور : سيأتي هنادي أنا متأكدة من ذلك أنه لا يستطيع الابتعاد عنك كوني واثقة من ذلك .
يومها أوصلتها مع محمود لبيتها الجديد وضحكت كثيرًا على وجه محمود الممتقع وهنادي تصر عليه في الصعود للبيت وهو يرفض بقوة والحياء يزين وجنتيه إلى أن أشار لا بأن تنقذه فضغطت هي على ساعد هنادي وهي تهمس لها : لن يصعد أبدًا نودا فزوجك ليس بموجود ونحن لم نعتاد على ذلك الانفتاح إلى الآن .
عقدت هنادي حجبيها وقالت : ولكنك معه وأنتِ زوجته .
ضحكت بمليء فيها وهي ترد عليها : نعم ولكن رجل البيت ليس بموجود والذي بالمناسبة يكون ابن عمه ، فكفي عن الإصرار عليه .
أتبعت وهي تضحك بخفة : انظري إليه يكاد أن يموت خجلاً .
ابتسمت هنادي حينها وقالت : توقفي عن مشاكسته أنه يحبك .
نظرت لها حينها بدهشة فأتبعت هنادي : كيفما رأيت أنتِ نظرات هشام أنا أيضًا أرى عيناه التي تشي بمدى عشقه لك .
تنفست هنادي بقوة وقالت والآن حان دوري لنصيحتك ، تمسكي به قويًا ديدي فمثله لا يترك بسهوله .
ابتسمت ديدي بتوتر وقالت : إن شاء الله ، عمت مساءًا .
نظرت لصورتها مرة أخرى في المرآه وهي تفكر " أهما مخطئان أم هي التي اخطأت في تقديرها إليه ، أحقًا يحبها أم يتزوج منها لتطويعها إليه كما أخبرها فيما مضى "
زفرت بقوة وقالت وهي تعقد حجابها : سنعلم مع مرور الوقت فمن الواضح أننا لن نتخلص منه بسهولة !!
***
تجلس وهي تهز ساقيها بتوتر ، تتطلع إلى المكان من حولها بعيني زائغة تتأمل بانبهار لم تستطع كتمانه تصميم ذاك المطعم الشهير الذي لطالما سمعت عنه ورأت اعلاناته التجارية تعرض في التلفزيون أو بالجرائد ، خفضت بصرها بنظرة متوترة لرواد ذاك المطعم ذا الخمس نجوم فوجدتهم يشبهونه لحد ما فهم الآخرين من فئة الخمس نجوم !!
ابتسمت ساخرة من نفسها وهي تنظر إلى أولئك النساء اللوائي يحيطونها يرتدين أفخم الملابس ويتزين بأرقى المصوغات ، يجلسن بأرستقراطية جلبن عليها ، يتحدثن بدلال خلقن عليه ،ويضحكن بإغواء يماثل ممثلات السينما!!
تشعر بجفاف شديد في حلقها وخائفة من أن تشرب من زجاجة المياه المعدنية التي أتى بها النادل عند جلوسها ، فهي لا تعلم قيمتها وهل هي تملك تلك القيمة أم لا !!
شدت تنورتها بعصبية وهي تعدل من هندامها الرث مقارنة فيما يرتديه رواد ذلك المطعم الفخم و الذي شعرت بمدى ضألتها عندما مرت تلك الفتاة ذات الجمال الصارخ والملابس باهظة الثمن بجوارها وهي ترمقها بنظرة متسائلة بتعجب عن تواجد فتاة مثلها هنا ؟!
زفرت بضيق وهي تلعن نفسها لأنها استجابت لدعوته وأتت إلى هنا ، تعلم أنه مطعمه المفضل ، فلطالما حجزت له تلك الاجتماعات الخاصة بالعمل التي تدار على العشاء ، ولكنها لم تأتي إلى هنا أبدًا !!
إلى الآن لا تعلم ما الذي دفعها للموافقة فهي منذ ذاك اليوم لم تذهب إلى الشركة مرة أخرى ، إلى أن اتصل بها وهو يستنجد لأن سير العمل أصبح شبه متوقف لغيابها ، اعتذرت له بهدوء وأخبرته أنها تركت له استقالتها زمجر حينها بقوة وهو يخبرها أن استقالتها مرفوضة وعليها أن تعود لعملها !!
تلكأت في الحديث فزفر هو قويًا وقال لها بهدوء : هلا قابلتني خارج العمل أريد أن أعرف إجابتك عما سألتك إياه ؟
صمتت وهي تكتم أنفاسها لقد ظنت أنه نسى ذاك العرض الذي كان السبب الرئيسي في تقديمها لتلك الاستقالة التي ستشرد عائلتها بأكملها !!
فركت كفيها بتوتر وهي ترى النادل يقترب منها مرة أخرى ويخبرها عما ستطلبه فابتسمت بتشنج وقالت : أنا أنتظر أحدهم .
نظرت إلى ساعتها مرة أخرى وهي تشعر بالخجل يغزوها خاصة عندما لمحت النادل يشير إلى مدير الصالة كما استنتجت من بذلته الرسمية الكاملة والتي تحمل تلك الشارة التي تزين أعلى جيبه الأيسر .
اقترب منها بهدوء ، أنه شاب يماثل سن الآخر الذي تنتظره ، طويل القامة ذو كتفين عريضين ، قال بابتسامة لبقة : هلا أستطيع خدمتك يا آنسة ؟!
شعرت بغصة تتجمع بحلقها وأنها توشك على البكاء فلقد شعرت بملوحة دموعها ممزوجة بمرارتها هزت رأسها بالنفي وهمت بالحديث ليأتي صوته من الخلف ويقول : مساء الخير .
تنفست بقوة وهي تتمتم بالحمد لله عندما ظهر بقامته القصيرة من خلف ذاك الشاب الطويل نسبيًا ، الذي ألتفت وهو يبتسم باتساع ويقول : مرحبًا يا بك .
ابتسم بلال بهدوء كعادته وقال : أهلاً أيمن ، كيف حالك ؟
وقف أيمن بتبجيل وقال بابتسامة ممتنة : بخير حال سيدي ، آتي لك بطلبك المعتاد .
هز بلال رأسه بالإيجاب فأتبع الآخر : والآنسة ؟
ابتسم بلال ونظر لها فهزت رأسها بلا أعرف فقال بلال بهدوء : أظن أن عصير البرتقال سيفي بالغرض .
هز أيمن رأسه بالإيجاب وقال : أمرك سيدي .
انصرف أيمن سريعًا ليزفر هو بقوة ويقول باعتذار حقيقي : المعذرة اسما ، الطريق كان مغلقًا وأخذت وقت طويل حينما أخذت طريقًا أخر لأتي إليك .
ابتسمت بتوتر وهي ترمش بعينيها فأتبع بصدق : أعتذر مرة أخرى عزيزتي .
هزت رأسها بتفهم لتتمسك بكوب الماء وترتشف منه جرعة كبيرة نسبيًا وهي تشعر بهروب الكلمات منها مع شعورها التام بالعطش ، نظر إليها منتظرا إلى أن تنتهي ليبتسم بخفة ويقول : كنت عطشة ؟!
كان سؤاله صدمة لها فشعرت بالحرج يغزوها فوضعت الكوب بيد مرتعشة لدرجة أن الكوب أحدث ضجيجًا لفت نظر رواد المطعم من حولهم ليبتسم هو بثقة ويقول : اهدئي اسما ما بالك ؟
ازدردت لعابها بقوة وقالت بصوت خفيض وهي تشبك كفيها ببعضهما : ماذا تريد بلال بك ؟
عقد حاجبيه بضيق وقال وهو يقترب بجلسته منها : ما خطبك اسما ؟ لم تناديني أبدًا بذلك اللقب ، كنت ولا زلت بلال .
ابتسم باتساع تلك الابتسامة التي اعتادت عليها : فقط بلال .
ابتسمت وجنتيها تحتقنان بقوة وقالت : لم أعُد أعمل معك حتى أدعوك باسمك فقط .
ابتسم بثقة غامت بها عيناه وقال : أعتقد أنكٍ ستصبحين أقرب من ذلك .
قالت بتوتر وبنبرة جافة إلى حدٍ ما : بلال بك ، المعذرة ولكن ليس من حقك أن تسخر مني بتلك الطريقة حتى لو كنت أعمل لديك !!
رفع حاجبيه بتعجب وقال بانزعاج ظهر مليًا في صوته : أسخر منكِ ؟!
أتبع بلهجة أقرب للغضب : لماذا تظنين أني أسخر منكِ ؟
ارتجفت شفتاها في توتر وهي ترمش بعينيها سريعا ، زفرت قويًا وأشاحت ببصرها بعيدًا وقالت بنبرة خافتة على استحياء : لأني أعلم بأنك أوشكت على خطبة ابنة عمتك .
جمد وجهه لترمش عينه اليمنى سريعًا في حركة لا إرادية ، شبك كفيه في بعضهما وقال بصوت قوي : ما تتحدثين عنه هو من الماضي لقد تعاهد الأهل على خطبتنا لبعضنا منذ الصغر ولكننا كبرنا و قررنا أن لا نستمر في تلك الخطبة فشعورنا لا يتعدى شعور الأخوة !!
اتسعت عيناها بدهشة وقالت بنبرة أقرب إلى الشك ونظراتها تصرخ بعدم تصديقها إليه : الأخوة
زمت شفتيها بعدم اقتناع وهي تحبس تلك الكلمات في صدرها فما رأته من معاملته لابنة عمته لا تندرج تحت لقب الأخوة مطلقًا !!
همت بالحديث بما يجول بداخلها ولكنها صمتت عند اقتراب النادل ليضع مشروباتهم ، لا تعلم هل اقتراب النادل في ذلك التوقيت هو ما دفعها للصمت ، أم أنها هي من أثر الصمت حتى لا تسمع ما لا تريده !!
فكتمت ما تشعره بداخلها وهي تحس بقلبها ينتفض حيًا من جديد وهو يستعد للخفق بنغمة سعيدة لطالما عزفها بأحلامها فقط ولكن تلك النغمة لم تتعدى خيالها يومًا ، كانت تقهرها بداخلها وتغلق بوابة أحلامها وأمانيها عليها جيدًا وهي تردد بعقلها " لا اسما ، أنه ليس من نمطك "
رفعت رأسها إليه ونظرت إلى عينيه وحاولت أن تجعل صوتها أكثر قوة .. أكثر ثقة .. أكثر هدوء واتزانا ، سيطرت على رجفتها وتنفست بعمق لتقول : لماذا أنا ؟
جمد وجهه للحظات ليبتسم بهدوء وقال : هل ستصدقينني عندما أخبرك أني لا أعلم حقًا !!
ظهرت الصدمة على وجهها فأكمل : أشعر أني أريدك معي ، بجواري ، لطالما كنتِ لجانبي اسما .
ابتسم بهدوء وهو يجلس بطريقة أكثر أريحية ويسند ظهره للخلف بهدوء ، ينظر إليها تلك النظرة التي طالما رأتها بعينيه عندما يكون سعيدًا قال بنبرته العميقة وصوته الحنون ذو البحة المغوية : أتذكر عندما كنت تأتي مع والدك لبيتنا وترفضين التقدم واللعب معنا ، كنت دائمًا أفكر بك ولماذا تنكمشين وتتمسكين بملابسه رافضة أي تعامل لكِ معنا ، كنت أتعجب منك فأنت كنتِ تجاوزت التسع سنوات ، وكان هذا تصرف طفولي توقفت إيني عن فعله منذ فترة لا بأس بها ، و لكني لم أجد أي سبب له إلا أنك كنت تخجلين من وجودي !!
شعرت بالغصة تحكم حلقها فخفضت رأسها وهي تتذكر كم كانت تشعر بالضالة كلما نظرت إليهم ثلاثتهم ، وخاصة شقيقته وابنة عمته الغالية ، فهما كانتا دائمًا ترتديان ملابس رائعة بألوان مبهرة مطرزة بفخامة ورقة تحتوي على رسومات خلابة تشعرك بأنها حقيقية أكثر من الواقع نفسه ، وعلى الرغم من أن ملابسها كانت جيدة ونظيفة دائمًا إلا أنها كانت تشعر بالنقص وهي تنظر إليهم ، كانت تشعر بالإهانة عندما كانت تقارن عرائسها التي كانت تصنعها لها والدتها من بواقي الأقمشة مع عرائس إيني وسوزي ذوات الشعر الأشقر والعيون الملونة والملابس الباهظة التي تلمع ببريق أخاذ !!
ابتسمت بألم لم تستطع أن تخفيه فلمع في عينيها الرماديتين : ألا تجعلك تلك الذكرى تفكر قليلاً في سحب عرضك لي بالزواج ؟!
عقد حاجبيه بانزعاج وقال بتلقائية : بالطبع لا
اردف بهدوء والتفكير يعلو وجهه : لماذا ؟!
هزت كتفيها بمعنى لا أدرى وهي تتحاشى النظر إليه فقال بهدوء : اسمعي اسما ، أنا جاد جدًا في عرض الزواج منك ، ومن المفترض أن تخبريني عن ردك عنه الآن .
بللت شفتيها بحرج ووجنتيها تشتعل بقوة ، همست بصوت خفيض : لا أعرف
تلعثمت لتكح برقة وتقول : أشعر بأن الأمر كله لا يجب أن يكون !!
رفع حاجبيه بدهشة لتزداد حدة عينيه وهو يقول بنبرة غاضبة : اسما ألا تثقين بي ؟!
نطقت سريعًا : بالطبع أثق بك ، أنسيت ما فعلته لأجلي بلال ؟!
ابتسم بحنو وعيناه تفيض برقته الفطرية : لم أفعل شيئًا من أجلك اسما ، أنت تستحقين ما هو أكثر مما فعلته بكثير .
ابتسمت بتوتر وقالت : ألا تشعر بأنك ترتكب خطأ في حق نفسك وأسرتك في طلبك هذا ؟!
اتسعت عيناه بغضب لاح بمقلتيه ليقول من بين أسنانه : الزواج ليس بخطأ اسما .
قالت بغصة استحكمت حلقها : طبعًا ولكن الاختيار ..
قاطعها بحدة : أنا مسئول عن اختياري أنا من سيتزوج وليس أحدًا آخر وأنا أريدك أن تكوني زوجتي.
رمشت بعينيها في توتر وقالت بصوت مخنوق : ولكن ما أدراك أني اختيار صحيح ؟
هز كتفيه ببساطة : لا أدرى .
شحب وجهها قويًا وهي ترفع نظرها له سريعًا فأكمل بابتسامة واثقة : بل أنا واثق من صحة اختياري .
أردف بصوت هادئ يحمل حنو فطري يموج بعينيه وهو يقترب بجلسته منها : السؤال الآن ، ما هو ردك أنتِ اسما ؟
رطبت شفتيها سريعًا وهي تشبك كفيها بتوتر ملحوظ لترفع عينيها إليه وتصمت سألته الكثير بعينيها وهي لا تعلم هل سيفهمها أم لا ، هل سيدرك تساؤلاتها أم لا ، هل سيقمع مخاوفها أم لا ، هل سيحافظ على أملها أم لا؟!
ابتسم بحنو وهو ينظر إليها أيضًا بصمت ، لترى تلك اللمعة التي لطالما رأتها بعينيه وهما صغيرين عندما كان يحثها على التأقلم معهم ، تلك النظرة التي تطل من عمق حدقتيه فتشعرها بالأمان مجسدًا من حولها ، تلك الابتسامة التي تعلو نظرته فتحس بمجال حمايته لها.
لا تعلم هل كان هذا حقيقيًا أم خيل إليها ولكن قلبها حسم أمره فهزت برأسها موافقة !!
***
تذمرت بضيق شع من حركة جسدها الغاضبة وهي تحمل ذاك الطبق المحمل بقطع الكنافة بالكريمة التي صنعته والدتها في وقت سابق ، لتصر عليها بأن تحمله لجارتهما المقربة في طقس رمضاني تقيمه والدتها كل عام!!
كم تكره هي ذلك الطقس المريب من وجهة نظرها ، فهي لا تفهم ماهيته إلى الآن ، بل تكره أن تصر عليها والدتها بأن تحمل هي الطبق بدلاً عن الخادمة إلى تلك الجارة التي لا تستلطفها بل وتعلم والدتها جيدًا أنها ليست على وفاق معها !!
فجارتهم الحسناء ذات الثالثة والخمسون ربيعًا كما أطلقت هي عليها ، تباري الفتيات الصغيرات في تجملهن وطريقة ارتداء ملابسهن ،لطالما اندهشت وهي تنظر إليها والأخرى ترتدي بنطلون من الجينز السكيني ومن فوقه بادي قصير يظهر رشاقة خصرها وعلى الرغم من احتفاظها بكامل رشاقتها و بهائها الذي يدل على وجود شابة فاتنة في الماضي إلا أنها دائمًا وأبدًا كانت تستهجن طرق ارتدائها لتلك الأشياء التي لا تناسب عمرها على الإطلاق !!
زمت شفتيها وهي ترن الجرس للمرة الثانية وتفكر أنها ستنصرف الآن وتخبر والدتها أنها لم تجد أحدًا هناك وعليه لن تذهب بالطبق مرة أخرى
ابتسمت بانتصار وهي تلف على عقبيها لتتجمد الابتسامة بضيق ابتلعها وهي تسمع تكة فتح الباب ومن خلفه صوت تعلم صاحبه جيدًا يقول بانبهار لم يحاول اخفاؤه واعتادت هي عليه : اوه إيني ، يا اهلاً وسهلاً تفضلي .
لفت وهي تحاول ترسم ابتسامة على شفتيها فجعلته أكثر تشنجًا وهي تقول سريعًا: أهلاً حاتم ،كيف حالك ؟
ابتسم حاتم باتساع وعيناه تتراقص بسعادة طفولية وهو يقول : بخير حال ، اليوم الذي تشرفينا بطلتك الكريمة يكون يوم عيد إلي .
ابتسمت بسماجة وقالت : شكرًا ، تفضل.
ناولته الطبق بطريقة حادة إلى حدٍ ما وقالت : أنه الطقس المعتاد .
تهللت عيناه بسعادة وقال : اوه لقد اشتقت إلى الكنافة من صنع يدي والدتك .
أتبع بطفولية : سأتناوله بمفردي كالعادة فأنت تعلمين مامي لا تأكل الحلوى .
أردف وهو يقترب منها ويرقص حاجبية بإغاظة : أعتقد أن والدتك تعده من أجلي .
كشرت إيني عن ابتسامة تحمل غضبها : اه ، نعم ، أعتقد ذلك أنا أيضًا .
أتبعت سريعًا : حسنًا ، سأنصرف أنا .
تحرك سريعًا ليقبض على يدها ويقول : إلى أين ؟! ألن تدخلي قليلاً ؟
رفعت حاجبها الأيمن وهي تنظر إلى قبضته وترفع نظرها إليه بعيني غاضبة والشراسة تلمع بحدقتيها ، فتنحنح بحرج وقال وهو يتراجع خطوتين للخلف : المعذرة لم أقصد ذلك .
قالت بنبرة غاضبة : لا عليك ، بعد أذنك .
وقف أمامها تلك المرة وقال برجاء : إيني لماذا تتعاملين معي بتلك الطريقة ؟
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت : بأية طريقة حاتم ؟!
ابتسم بتوتر وقال : بتلك الطريقة ألم نعد أصدقاء ؟ نحن زملاء بالجامعة ولكنك عندما تريني تنصرفي وكأننا لسنا جيران!!
ابتسمت بتعجب وهي تقول : متى كنا أصدقاء حاتم ؟
أردفت بسخرية تشبع بها صوتها : أتتحدث عنا ونحن أطفال نستقل حافلة المدرسة سويًا ؟!
قالت بدهشة رسمتها جيدًا على وجهها : ثم لماذا أتحدث معك بالجامعة فنحن لسنا زملاء مقاعد الدراسة فأنت تكبرني بعامين ،
أتبعت بابتسامة تعلم أنها ستبعث به إلى الجحيم وهي تقول بنبرة شرسة : لم ولن نكن أبدًا أصدقاء حاتم فنحن لم يجمعنا أي شيء للأسف سوى الجيرة .
اتسعت ابتسامتها وهي ترى وجهه الذي تحول لثمرة طماطم ناضجة وقالت : بعد اذنك حاتم ، أبلغ سلامي لماما .
تحركت بخطوات سريعة تحمل بداخلها ضيقها لتغلق باب شقتها بصوت مدوي قصدته !!
***
ضحكت بخفة وهي تجلس على الكرسي وهي ترفض الجلوس بجواره كعادتها فينظر هو إليها بتوعد والمكر يتألق بحدقتيه ، همست :توقف عن التوعد لي .
رفع كتفيه وهو يقول بابتسامة ماكرة : لم أفعل شيئًا .
ضحكت بتلقائية وقالت : بت أعلم نظراتك واترجمها جيدًا .
رفع حاجبيه بتعجب وهو ينظر إليها بحدقتي لامعتين ليهز رأسه نافيًا ويقول بصوت فخم اعتادت عليه : حقًا ؟!
لمعت تلك الضحكة الخبيثة التي تشعرها بالقلق في عمق حدقتيه اللتان تلونتا بشعاع ذهبي أسر حواسها وهو يتبع : إذًا هلا علمتي ماذا أريد الآن ؟
تخضب وجهها بلون الأحمر القاني لتقول بابتسامة متوترة : لا .
ابتسم باتساع وعيناه تتألق بضحكة سعيدة وهو يقول : لماذا ؟!
قالت بنزق واهي : توقف عن احراجي .
رفع حاجبيه بتعجب وهو يتحكم في ضحكته قويًا ليقول : هل طلبي لكوب من القهوة به إحراج لك ؟!
احتقن وجهها قويًا وهي تشعر بالغضب منه لتنظر إليه بتوعد وتقول : هكذا إذًا ؟!
أتبعت بغيظ : أنت تريد القهوة فقط .
هز رأسه بالإيجاب وقال بفخامة وهو يجلس بأريحية ويضع ساقه فوق الساق الأخرى : نعم أريد القهوة فقط .
زمت شفتيها بضيق وقالت وهي تنهض : حسنًا أمير سأعدها حالاً .
كتم ضحكته جيدًا ليقبض على ساعدها حينما همت بالتحرك مبتعدة عنه ليشدها إليه ، شهقت بخفة وهو يجلسها بحضنه ويقول بخفوت : ولكن بشرط .
رمشت بعينيها في خجل وهمست على استيحاء : اتركني قبل أن تأتي إيني الآن لن أتخلص من تعليقاتها أبدًا .
نظر لها بإصرار وهو يهز رأسه نافيًا ويقول : لا .
تنفس بقوة وهو يحاوط خصرها بذراعه ويقول : ليس قبل أن توافقي على شرطي .
بللت شفتيها سريعا وقالت : حسنًا ماذا تريد ؟
همس وهو ينظر إلى عينيها بوله : أريد تذوق القهوة من إصبعك كالمرات الماضية .
خفضت عيناها وهي تشعر بوجهها سينفجر من الخجل ولكنها همست بتساؤل : لماذا لا تفعل كالمرات السابقة إذًا ؟
رفع حاجبه وقال بتصميم لمع بعينيه : أريدها طواعية منك تلك المرة .
ابتسمت برقة ووجهها يتزين بشرارات الخجل لتهمس : حسنًا .
أتبعت بدلال لم تتعمده : اتركني .
أفلتها بهدوء لتنهض واقفة دون اتزان ، نهض واقفًا سريعا عندما شعر بعدم اتزانها ليحتضن خصرها بذراعه ويهمس في قلق : ليلى ، أنت بخير .
هزت رأسها بالإيجاب وقالت : نعم .
قال بضيق اعتلى ملامحه : أنها ليست المرة الأولى اليوم الذي أشعر بها أنك تتعرضين للدوار ، رغم تماسكك أمامي .
بللت شفتيها بتوتر لتقول بصوت خافت : أنا بخير .
نظر لها بقوة وقال : هل تناولت فطورك ؟
ابتسمت بطبيعية على قدر ما استطاعت وقالت وهي تحاول أن تبتعد عنه : أنا بخير أمير لا داعي للقلق .
تمسك بها قويًا وقال بنبرة غاضبة : لم تتناولين فطورك اليوم أيضًا ؟!
قالت برقة وهي تحاول الابتسام ولكنها فشلت في إخراج ابتسامة مقنعة بل زاد توتر وجهها وهي تتحاشى النظر إليه : بالطبع تناولت فطوري أمير ، حاولت أن تخلص ساعدها من قبضة يده وهي تتبع : من فضلك اتركني .
نظر لها قويًا فنظرت له بعينيها ترجوه بأن يتركها ليفلتها للمرة الثانية ويجلس وهو يشيح بوجهه عنها !!
شعرت بغضبه الكامن في حركة جسده المتباعدة عنها والذي يستطيع أن يسيطر عليه جيدًا فهمست وهي تنظر إليه برجاء : هل أتي لك ببعض من الحلوى التي أعدتها أمي اليوم ؟!
هز برأسه نافيًا وقال بطريقة رسمية : لا أشكرك .
أتبع بنبرة جافة خاليه من المشاعر : ولا أريد القهوة أيضًا .
نهض واقفًا وهو يشعر بغضبه يتفاقم منها : سأنصرف .
تمسكت بساعده وهي تضغط عليه برجاء : أمير .
أطبق فكيه بقوة وقال بهدوء رغم الغضب اللامع بحدقتيه : نعم .
اقتربت منه برقة وقالت والدموع تتجمع بعينيها : لماذا أنت غاضب مني ؟
تنفس بقوة وقال : أنتِ تعلمين ليلى .
ابتسمت برجاء وصوتها أقرب للبكاء : حسنًا لا تغضب مني أعدك أني سأعتني بغذائي الأيام القادمة
نظر لها بعتب فابتسمت برقة وقالت : لأجلي أمير لا تغادر .
ضغطت على ساعده بدلال وقالت برجاء طفولي : لا تغضب أمير أرجوك .
زفر قويًا وقال وهو يعاود الجلوس : لا أفهم ليلى لم تمتنعين عن تناول الطعام .
أكمل باستفهام : ماذا تحاولين من وراء ذلك ؟
قالت سريعًا : لا أحاول فعل شيء أمير ولكني مشغولة كثيرا بترتيبات العرس ولذا أنسى أمر الأكل ذاك وأيضًا لدي انعدام شهية كلما شعرت بأن الوقت يداهمني وأنا لازلت لم أنهي أغلب الأشياء .
قال بقوة وعيناه تلمع بالغضب : أنسي أمر الترتيبات هذه ، ولا تشغلي رأسك بشيء كل ما عليك أن تذهبي لبروفات فستان الزفاف وتبتاعي بقية جهازك ليس إلا ، فهمت ؟
أتى سؤاله قويًا حادًا لتهز رأسها بطاعة ووجهها مزين بحرج طفولي أسره ليبتسم بمكر ويقول : أم أنك تقومين بحمية غذائية من أجل العرس ؟
نظرت له بدهشة وهمت بالإجابة ليتبع بابتسامة خبيثة زينت حدقتيه ولم تصل لشفتيه : إذا كنتِ تفعلينها فأنا أخبرك أن تتوقفي فأنا أحبك كما أنت ولا أريد أي تعديل .
احتقن وجهها باللون الأحمر القاني لتقفز واقفة وهي تقول بتلعثم : بعد اذنك ساعد القهوة .
كتم ضحكته قويًا وهو ينظر في أثر خطواتها الخجول المتعثرة وهي تخرج من الغرفة ليهمس بوله زين عينيه : أحبك يا ليلتي الخجول .
عقدت ليلى حاجبيها - بتعجب من صوت الباب القوي ، وهي تخرج من المطبخ لتوها ،تحمل صينيه كبيرة عليها أطباق الحلوى والقداح القهوة التركي التي يفضلها أمير وهي تنظر إليها بتساؤل وتقول : ما بالك ؟ لماذا صفعت الباب بتلك الطريقة ؟
تبرمت إيني وقالت : لا شيء .
تحركت بخطوات غاضبة للداخل فأتبعتها ليلى وقالت : انتظري ألن تسأليني عما فعلت ؟
زفرت إيني بقوة وقالت : المعذرة حبيبتي .
عادت بخطوات ضائقة وقالت وهي تغمز بعينيها لأختها بعد ما نظرت إلى محتويات الصينية : إذًا أميرنا الهمام هنا .
ابتسمت ليلى باتساع وقالت : نعم لقد عدنا قبل أن تذهبي أنت بطبق الحلوى للخالة مها .
رفعت إيني حاجبيها وهي تنظر ليلى بتعجب وقالت : من الخالة مها؟!
لتلمع عينيها بإدراك ثم تنفجر ضاحكة وتقول من بين ضحكاتها : تقصدين ماهي ؟!
عقدت ليلى حاجبيها وهي تهز كتفيها بلا أعرف فأتبعت إيني بضحكات ساخرة : إذا سمعتك ماهي وأنت تلقبينها بالخالة مها لدفعتك من النافذة وهي مستقرة القلب والضمير .
تحركت ليلى باتجاه غرفة المعيشة وهي تقول بتعجب : لماذا ؟!
قالت إيني بشقاوة وهي تتبعها للداخل : تلك الماهي عندما تقفين أنت بجانبها يا ابنة العشرون ربيعًا تظهرين بأنك أكبر منها بأعوام كثيرة فهي سيدة متصابية بطريقة مستفزة.
إيناس .
ابتسمت ليلى وهي تسمع اسم أختها كاملاً والذي خرج حادًا من فم والدتهما بطريقة تحذيرية تعلمها ليلى جيدًا ، فتلك طريقة والدتها في إعلان رفضها لأي تصرف تقوم به إيني غير مقبول من قبل ماجدة هانم
وضعت ليلى الصينية من يديها على الطاولة التي تقابل أمير وهي تلف لها بدهشة ، لايني التي لم يظهر عليها أثر لتحذير والدتها واتجهت لتصافح أمير بطريقتها المعتادة وهي تمزح معه
حركت ليلى رأسها وهي تضحك بخفة لتصمت إيني عن حديثها الدائر مع أمير عندما سألتها والدتها : من أخذ منك الطبق إيني ؟
زمت إيني شفتيها بضيق لتقول : دلوعة الماما .
زفرت أمها بضيق وقالت : اعتدلي إيناس وتحدثي بطريقة مهذبة .
نهضت إيني واقفة بحدة وقالت : عمن أتحدث باعتدال عن حاتم أفندي الذي لا عمل له إلا أنه يطارد الفتيات بسيارته الجديدة ويتسكع في أروقة النادي .
أكملت بقوة وهي تنظر لوالدتها : أنا أتحدث بأدب عمن يستحقون الأدب وذلك الدلوع لا يستحق أن أنظر إليه حتى فهو يتصرف بطريقة تثير الحنق في نفسي ، أنه يسير أرضًا وهو يشعر بأنه يملك الدنيا وما عليها لأن والدته اشترت له سيارة ميني كوبر ويحمل أحدث طراز من الهاتف المحمول لم يرد إلى مصر ، يتفاخر على أصدقائه بأنه يشتري ملابسه من أمريكا وعطوره من فرنسا واحذيته من إيطاليا .
أتبعت بثورة : أنه كالبالون منفوخ بلا فائدة ومثله لا يصح أن أنظر إليه لا أن أتحدث عنه بأدب .
اتسعت عينا السيدة ماجدة بتحذير وقالت بلهجة صارمة : بل تتحدثين بأدب لأن هذا هو المنتظر منك ليس من أجله هو .
ردت إيني بثبات وضيق : لقد أخبرتك أمي أني لا أريد الذهاب وأني لا استلطف تلك العائلة .
دارت على عقبيها وهي تقول بنزق : بعد اذنكم
نطق أمير أخيرًا والذي كان يراقب ما يدور أمامه بعيني حادتين : انتظري إيني قليلا .
زفرت إيني بضيق ولفت له متسائلة فنظر لها أمير بعين ونصف وقال بهدوء : هل ضايقك ذلك الشاب ؟
ارتدت برأسها للوراء لتتسع عيني أمير ويرص على حروفه وهو ينظر إليها بقوة : هل ضايقك ؟
هزت رأسها نافية وقالت بشجاعة أثارت ابتسامته : لا يستطيع فهو جبان كعادته منذ الصغر .
ضحك أمير بخفة وقال : بل أنت القوية يا صغيرتي .
ضحكت إيني وقالت باعتزاز : نعم أعلم أمي العزيزة تخبرني أني لن أجد من يتزوجني بسبب سلاطة لساني .
ضحك أمير قويًا لتقول هي بشقاوة: لذا كنت أسألك عن أحد أقربائك فمن مثلك يستطيع تحجيمي إلى حدٍ ما.
توترت جلسة ليلى ليبتسم هو ويقول بعد أن اكتنف بقبضته يد ليلى القريبة منه : لا داعي للقلق ولكني أعدك أني سأبحث عن نظير لي وآتي به لأزوجك إياه .
ابتسمت باتساع وقالت : لا أعتقد أن يوجد نظير لك أمير فأنت نادر الوجود .
أتبعت وهي تقفز للخارج : سأذهب أنا قبل أن تقتلني ليلى .
ضحك بخفة وهو ينقل نظرته إلى ليلى التي شحب وجهها إلى حدٍ ما فنظر لها باستفهام لتبتسم بتوتر وتهز رأسها بلا شيء
زفر قويًا ليعود إلى حديثه مع السيدة ماجدة ويقول : حسنًا أمي ، ألديك أية
طلبات ؟
ابتسمت السيدة ماجدة وقالت وهي تهز رأسها بالنفي : لا بني ، ما ينقصنا الآن هو استلام دعوات العرس لنوزعها على المعارف فقط .
ابتسم باتساع وقال : سأستلمها في الغد إن شاء الله ، وسآتي لك بها عندما آتي لأصحب ليلى فنحن مدعوان غدًا للفطور عند ياسمين ووليد .
ابتسمت السيدة ماجدة وهي تنهض واقفة وتقول : العقبى لكما بإذن الله ، بعد اذنك بني موعد الدواء .
ابتسم باتساع ونهض بدوره وهو يقول : تفضلي أمي بالشفاء إن شاء الله .
تابعها بنظراته إلى أن انصرفت ليعاود الجلوس مرة أخرى ولكن بجانبها تلك المرة ويقول بفخامة وهو يحتضن كفيها : وأنت ليلى ، ألديك أية طلبات حبيبتي ؟
ابتسمت وهي تهز رأسها نافية وتقول : لا كل ما يشغلني الآن قاعة العرس أريد أن أراها أمير .
ابتسم بمكر وقال : ألم يخبرك بلال عنها ؟
زمت شفتيها بضيق وقالت : لا لم يخبرني قال إنها فخمة وتليق بي فقط ليس أكثر .
ابتسم بخفة وقال وهو ينظر إليها بتفحص : ألا زلت غاضبة منه ؟
هزت رأسها نافية سريعًا وقالت بتلقائية : لا ولكني غضبت منه عندما تركني وذهب معك بمفرده
أتبعت بتذمر طفولي رسم الفرح على وجهه : لم يأخذني معه رغم أني أخبرته أني أريد الذهاب معه .
ابتسم أمير وقال بهدوء : حسنا لا تغضبي منه أنا من تعجلته فلم ينتظرك .
زمت شفتيها بطفولية ونظرت له بعتب فأتبع وهو يقبل باطن يدها : اطمئني ستكون عند حسن ظنك .
ابتسمت بسعادة وهزت رأسها بهدوء وهي تقول : أنا متأكدة من ذلك ولكني كنت أريد رؤيتها ولكن مع الأسف ليس لدي وقت ، يوجد الكثير علي القيام به .
ربت على كفها بحنو وقال بهدوء : لا تخافي ستير الأمور بأفضل شكل .
مرر ظهر سبابته على وجنتها بعشق وقال : فقط اهتمي بطعامك ونفسك واتركي بقية الأمور لي .
قبل جبينها بهدوء وهمس أمام عينيها بنبرته الفخمة : ثقي بي ليلى .
تعلقت برقبته دون وعي منها وقالت : طبعًا أميري .
ضحك بخفة ليبتعد عنها بهدوء ويقول :سأنصرف أنا.
تمسكت بساعده وقالت بلهفة : لماذا أبقى معنا إلى وقت السحور .
ارتفع حاجبيه بدهشة وقال : لا يجوز ليلتي ، ثم إن بلال بك لمح أكثر من مرة أنه لا يستسيغ وجودي عندكم لوقت متأخر .
قالت سريعًا : لا تهتم لأمره ، ثم أنت زوجي ومن حقك التواجد هنا متى أحببت .
لمع المكر بعينيه وقال : حقا ؟!
أتبع وهو يقترب برأسه منها : إذًا بم أنني زوجك وأنت معترفة بذلك فمن حقي أشياء كثيرة أيضًا .
احتقن وجهها خجلاً وقالت بعتب وهي تتحاشى النظر إليه : توقف عن تلاعبك بحديثي كما تحب .
ضحك قويًا وقال وهو ينهض واقفًا : حسنًا سأتوقف .
نظرت له بلوم وقالت : ستغادر ؟!
أتت جملتها رقيقة كنظرات عينيها فزفر بقوة وقال : بالطبع لا أريد الابتعاد عنك ليلى ولكن هذا أمر لابد منه
انحنى لها ليهمس بجانب أذنها : لم يتبق الكثير ليلتي كل ما علينا هو الصبر .
قبل وجنتها بشغف ليهمس مرة أخرى : سأشتاق إليك حبيبتي .
ابتسمت بخجل زين ملامحها وقالت : سأنتظرك في الرابعة غدًا ، أعلم أنك لن تخلف موعدك أبدًا ، ولكني أحب أن أطلب منك ألا تتأخر .
ابتسم باتساع وقال بمكر يزين حدقتيه : لا أستطيع التأخر عليك ليلتي .
أتبع وهو يتحرك للخارج وهي تسير بجانبه : إلى اللقاء .
لامست كتفه ليتوقف أمام الباب وينظر إليها قبل أن يغادر فعليًا همست برقة تفقده صوابه : لا إله إلا الله .
تنفس بقوة لينظر من حوله ثم يشدها إليه في حركة خاطفة شهقت على إثرها عندما وجدت نفسها بين ذراعيه ، ضمها إلى صدره قويًا ليقبل جبينها مرة أخرى ويهمس أمام عينيها : سيدنا محمد رسول الله .
اتسعت ابتسامتها الخجول وهي تراقب خطواته الثابتة وهو يغادر سريعًا لتشير إليه مودعة وهي تتمتم داخليًا : حفظك الله لي .
***
ابتسم ممدوح بهدوء وقال وهو ينهض واقفًا : حسنًا سأذهب أنا لأرى تجهيزات السحور .
تنحنح محمود ليقف بدوره ويقول : حسنًا سأنصرف أنا .
لكزه ممدوح في كتفه بخشونة وقال : اجلس يا رجل لنتسحر سويًا ، عيب أن تترك بيت عمك وقت الطعام .
غمزه بعينه في إشارة ملحوظة وهو يشير برأسه لديدي الجالسة تتابع التليفزيون بنهم شديد ليهز محمود رأسه بالموافقة ويبتسم في توتر لاح عليه
تنفس بقوة وقال في هدوء بعد مغادرة ابن عمه للمكان : هل تتابعين هذا المسلسل ؟!
زفرت بضيق وقالت دون أن تلتفت إليه وهي تتناول بعض المكسرات من طبق أمامها : لا ولكنه أفيد من شعوري بالملل .
قال بتعجب وهو ينظر إليها بتفحص : لمَ تشعرين بالملل ؟!
زفرت قويًا مرة أخرى وقالت وهي تضع بقية المكسرات من يدها : لأني أرى أن لا فائدة من وجودي هنا فأنت وممدوح تتحدثان بأمور تخص الأرض وجمع المحصول .
ابتسم باتساع وهو يقترب منها بجلسته فيجلس مجاورًا لكرسيها ويقول : المعذرة حبيبتي لم أقصد أن أهملك ولكني شعرت بالإحراج أن أتحدث معك على راحتي في وجود ممدوح .
قالت بلا مبالاة : لا تشغل رأسك .
تنحنح بحرج وهو ينظر إلى باب الغرفة خشية من عودة ممدوح على غفلة منه ليقترب منها ويقول بحنو : هل أنت غاضبة مني ديدي ؟!
لوت شفتيها بنزق وقالت : ماذا ترى ؟!
تنفس بقوة وقال : لم أفعل لك شيئًا مديحة ، وعلى الرغم من ذلك اعتذرت إليك ما يفوق المائة مرة ولكني لا أفهم سبب تعنتك معي بتلك الطريقة .
هزت كتفيها وقالت ببرود : لست متعنتة معك ولكنك تتجاوز حدودك كثيرًا يا دكتور .
أطبق فكيه بقوة لينظر إليها مليًا ويقول بلهجة صارمة وهو يجلس باعتدال ويضع إحدى ساقيه على الأخرى بطريقة ذكرتها بجدها : أية حدود يا مديحة هانم ، هلا سمحت وأخبرتني بها ؟!
فارتجفت رغمًا عنها لتقول وعيناها تتقد من الغضب : أنت تعلم جيدًا .
ابتسم بسماجة وقال بلهجة مستفزة وعيناه تتراقص بسخرية : لا أعلم شيئًا هلا أخبرتني رجاء ؟!
جاء رجاؤه مغمس بسخرية صريحة ليشتعل وجهها غضبًا وتزحف الشرارة لمقلتيها فتزينهما بلون أسود حدد حدقتيها الرمادية فقفزت واقفة وهي تقول : أتسخر مني ؟!
نهض واقفًا وقال بنبرة هادئة : نعم .
اتسعت عيناها وموجات الغضب تزار بهما ليتبع بهدوء وكان الأمر لا يعنيه ولكن عيناه أصبحت جامدتين لا حياة بهما : اسمعي مديحة لست بغر ساذج حتى لا أفهم ما تفعلينه معي .
رمشت عينيها بتوتر وقالت بصوت مرتجف وهي تبتعد عنه : لا أفعل شيئًا .
رفع حاجبيه بتعجب وقال : حقًا ؟!
رمشت بعينيها وهي تتخلص من أثر الرجفة التي انتابته ثم هزت رأسها بصلابة وقالت بكبرياء : نعم من حقي أن أرفض تجاوزك معي في فترة خطبتنا .
ابتسم تلك الابتسامة الجانبية التي تزيده وسامة ليضع يده في جيب بنطلونه ويقول ببساطة : زواجنا فأنا زوجك شئت أم أبيت.
قالت بغضب والرفض يلمع بعينيها : لست زوجي .
لمعت عيناه بمكر وقوة فطرية انبعثت من عضلات جسده المتصلبة ليقول بإصرار علا هامته : بل زوجك مديحة .
انتفضت عندما قبض على ساعديها ليشدها إليه ويهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها بنظرات حانية : لا تجفلي حبيبتي فأنا لن اؤذيك أبدًا .
همست بصوت أبح : ابتعد عني .
ابتسم برزانة وقال وهو يقلب عينيه برفض قاطع : ليتني أستطيع يا ابنة العم
ضمها إلى صدره في حنو ليهمس وهو يقبل طرف اذنها : لطالما حلمت بك وبوجودك إلى جواري فلا تخربين حلمي الذي عشت على أمل تحقيقه سنواتي الماضية .
نظر إليها مرة أخرى وهو محتفظ بها بين ذراعيه : كوني معي مديحة .
بللت شفتيها بتوتر وهي غير مدركة لما يحدث بداخلها فنظرات عينيه اللتان تلتهمان تفاصيلها ،شعرت بهما يقبلان ملامحها بوله ، احتقن وجهها قويًا لتفيق من تلك الغمامة التي خيمت على رأسها على صوته وهو يقول بحماس : سنتمم زواجنا عندما أعود من السفر ، فأنا للأسف سأسافر بعد يومين لدي مؤتمر تدريبي لمدة ستة أشهر ولولا ظروف مرض عمتي لكنت تممت الزواج وأخذتك معي .
أردف بابتسامة عريضة والمرح يلمع في حدقتيه : ولكني سأعوضك عنه في شهر عسل يكون خارج مصر أيضًا .
تمتمت بعدم تصديق والذهول يرتسم على وجهها : شهر عسل .
هز رأسه بالإيجاب وهو يبتعد عنها ويضحك بخفة على احمرار وجهها الذي أرجعه هو لخجلها منه : بالطبع حبيبتي سأحقق لك كل أحلامك إن شاء الله ولكن أدعي لي بأن أعود إليك سالمًا .
لمع الادراك بحدقتيها لتتلون بالغضب همت بالصراخ في وجهه ليدق باب الغرفة ويطل ممدوح من خلفه ويقول : السحور جاهز يا عرسان الهنا ، تفضلا .
***
زفر بقوة وهو يعبر الردهة الكبيرة نسبيا لبيته الجديد : يشعر بالتوتر يخيم عليه ، فجاك أبلغه بأن عليه الخلاص من المراقبة في الغد ليقابل المسئولين هنا !!
لا يأبه لتلك المراقبة الخرقاء فهو تأكد أكثر من مرة من غباء ذلك الضخم الأشقر المعين لمراقبته ، ولكن ما يوتره هو سر سؤالهم لمقابلته ، لا يعلم لم شعر أن الأمر يخص أمير ، وذلك أزاد من قلقه !!
تنفس بقوة ليعقد حاجبيه وهو يزفر هواء صدره بهدوء وينظر للضوء الخافت المنبعث من المطبخ ، نظر إلى ساعته من المفترض أن الجميع نيام في ذلك الوقت ، تحرك بخفة وتوقف بدهشة متواريًا في الظلام ، ابتسم وهو يرى باب المبرد المفتوح وهي تنحني داخله ، تأمل ساقيها المكشوفتين لأخر فخذيها ،ليرفع حاجبيه بتعجب وهو ينظر إلى ما ترتديه ويتساءل هل هذا حقا قميص منامته هو ؟!
اعتلت التسلية الممزوجة بخبثه الفطري عينيه وهو يرى كيف تجسد قميصه على جسدها وأظهر انتفاخ بطنها بوضوح عندما اعتدلت واقفة ، ليمنع نفسه من الانفجار ضاحكًا وهو يرى ما بيديها ، فهي تحمل بيدها اليسرى وعاء عائلي الحجم من الآيس كريم ، اشتراه هو في وقت سابق لهذه الليلة ، تطبق على المعلقة بشفتيها و تحمل بيدها الأخرى طبق من كيك الشوكولا !!
تكلم بهدوء : ماذا تفعلين منال ؟
انتفضت بخفة ليتحرك بهدوء مقتربًا منها ، نظرت إليه بعتب وحاولت التحدث فلم تستطع فأشارت له بعينيها أن يسحب الملعقة من فمها
ضحك بخفة وهو يفعل ما أرادته ، ويقول :حقا منال ، كنت أتمنى أن التقط إليك بعض الصور وأنتِ هكذا .
زمت شفتيها بضيق وقالت : لماذا ؟ هل صرت أمشي على أربع بدلاً من ساقين !!
ابتسم باتساع والمكر يتألق في زرقة عينيه : لا حبيبتي ، ولكني أريد أن احتفظ بتلك الذكريات الجميلة بيننا .
اقترب منها كثيرًا ليحمل طبق الكيك منها ووعاء الآيس كريم ويضعهما على طاولة المطبخ من خلفها ،
ضمها من خصرها إليه وهو يقول : وخاصة وأنت ترتدي قميص منامتي .
تلعثمت وزين الحرج وجنتيها وقالت بصوت خفيض : لم أستطع ارتداء قمصان نومي فجميعها أصبحت صغيرة القياس ،فلم أجد أمامي إلا منامتك ولم أستطع ارتداء البنطلون أيضًا فبطني تؤلمني ولم أعد احتمل أن يحتك بها شيء !!
ابتسم تلك الابتسامة الماكرة التي تزين عينيه قبل شفتيه وقال : المنامة وصاحبها ملك لك حبيبتي .
ابتسمت بإغواء قصدته وهي تفرد كفيها على صدره :الله لا يحرمني منك ومن جميع منامتك يا حبيبي .
اتسعت ابتسامته وهو ينظر إلى نظرتها الماكرة التي تجسدت بحركة سبابتها التي أدارتها على صدرة بحركة دائرية وهي تهمس : شكرًا جزيلاً على الآيس كريم .
احتضن سبابتها وهو يسيطر على أعصابه بقوة وقال بهدوء : هل أعجبك ؟
قبلت صدره برقة وهي تقول بهمس : بالطبع حبيبي أنه شهي للغاية ، ثم أنه المفضل لي بنكهة الكرز مع الفانيليا .
تنفس بقوة وهو يزيد من ضمته لخصرها : أعلم أنه مفضلك .
طبعت قبلة أخرى على طرف ذقنه بعد أن مطت جسدها مقتربة منه ثم قالت بصوت خافت حمل شوقها إليه : اشتقت إليك خالدي .
نظر لها بعيني مشتعلة بلهيب أزرق أحرق أنفاسها فهفت برأسها إليه لينحني عليها هو في نفس اللحظة ويلتقط شفتيها في قبلة طويلة أذابت كل الحواجز الوهمية بينهما !!
التقطت أنفاسها بعد وقت لم تعلم مدته الحقيقية ولكنها أفاقت من الغرق في بحوره الهوجاء على أنها بين ذراعيه ، تعتلي طاولة المطبخ وتلف ساقيها حول خصره بطريقة لم تشعر معها بالألم ،تتمسك بكتفيه من فوق قميصه المفتوح والذي أظهر عضلات صدره العارية ، ضمت جانبي المنامة عليها وهي تشعر بعينيه اللتين يلتهمانها بنظرات مشتاقة أحرقت خلاياها ، شعرت بجسدها ينتصب بلهفة تحت لمسات أنامله التي ضغطت على جانبي خصرها فهمست بصوتها الابح ذو النبرة المغوية : خالد انتظر .
رفع رأسه اليها بنظرات لاح الغضب بها فاستدركت سريعًا وهي تتبع بهمس خجول : نحن بالمطبخ .
ابتسم ابتسامته الجانبية والمكر يتألق بحدقتيه التي تلونت بالأزرق الرائق ، لينحني عليها مرة أخرى ويقبلها قبلات سريعة متتالية على شفتيها ثم يهمس من بينهما : معك حق .
ابتعد عنها ليضع إحدى ذراعيه تحت ساقيها والأخرى حول جسدها ، ثم حملها سريعًا فشهقت بمفاجأة وهي تلف ذراعيها حول عنقه وتبتسم بسعادة ظللت حدقتيها ، همست وهي تراه يتجه ناحية الحديقة : الغرفة من الاتجاه الآخر .
ضحك بخفة ليقبلها برقة ويهمس : أعلم ولكني ساريك شيئًا أنا متأكد أنك لم تريه من قبل، فأنت لم تتجولي بالحديقة إطلاقًا .
عقدت حاجبيها وظهر التفكير على محياها ليقبل عقدة جبينها ويقول : لا تعقدي حاجبيك ستعرفين الآن .
ابتسمت باتساع لتقترب بوجهها منه وتقبل جانب عنقه وتقول بهمس : لا يهم ، ما يهم أني معك .
تحرك بخطوات قوية ليقول بضحكة وهو يقترب من الجزء الخلفي للحديقة ويقول : أصبحت ثقيلة الوزن يا نانا .
عبست بغضب لحظي وقالت بتبرم وهي تحاول أن تفلت نفسها من بين ذراعيه : انزلني خالد .
ضحك بقوة وهو يسيطر على حركتها الخرقاء فتأوهت بخفوت عندما احكم قبضتيه عليها وهو يقول : توقفي عن جنونك ستؤذي نفسك والطفلين أيضًا بتلك الطريقة .
زمت شفتيها بحنق وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه ليبتسم باتساع والخبث يتألق بعينيه فيلونهما بلون أزرق غني وهو يقول : افتحي الباب .
اتسعت عيناها وهي تنظر إلى الملحق الخشبي على شكل كوخ بزجاجه الملون وتصميمه الاستوائي ، أنه متماثل في تصميمه الكوخ الذي قضيا به شهر عسلهما الذي فاجئها به من قبل !!
همست بانبهار : واو كيف أتى إلى هنا ؟
ابتسم وهو يدلف بها للداخل ويقول : أنه متواجد منذ البداية ولكنك لم تتجولي ولا مرة بالحديقة ، بل لم تخرجي بعيدًا عن محيط حمام السباحة في المرة السابقة والأيام الأخيرة منذ أن انتقلنا إلى هنا لم تخرجين إلى الحديقة في الأصل .
زفرت بقوة وهي تلوى شفتيها بنزق : نعم أعلم ذلك ، الحمل أثقل حركتي بشكل لم أتوقعه أبدًا !
ابتسم باتساع وهو ينزلها برفق ويوقفها أمامه ليضمها من ظهرها إليه ويقول : هانت حبيبتي تبقى ثلاثة أشهر على الأكثر ، ثم ذاك الثقل أتى بثماره ، فأعطاني الفرصة بأن افاجئك .
ابتسمت بسعادة حقيقية وهي تجول بعينيها في محتويات الكوخ ، بردهته الواسعة التي تحتوي على طقم جلوس عصري بأريكة أشعرتها عندما وقع نظرها عليها بأنها ستبلعهما سويًا إذا جلسا عليها !!
رجف جسدها بموجة شوق عنيف تقودها إليه ، تأملت بقية المحتويات سريعًا والتي أعدت بشكل عصري ماعدا تلك المدفأة الحجرية التي توسطت ردهة الكوخ لتهمس بانبهار حقيقي : واو أنه مذهل .
تحركت باتجاه المدفأة لتلامس أحجارها البارزة بأناملها في رقة فطرية خلقت لها بمفردها ، تأمل حركتها بنظرات شغوفة ، أدار عيناه عليها من اخمص قدميها لكتفيها اللذان تهدلت من عليهما منامته بعد أن عبث هو بأزرارها في وقت سابق ، ليعلو تنفسه بطريقة أثارت انتباهها ،
التفتت إليه بحركة حملت أنوثتها الطاغية لتصفع أوتار قلبه بتلك النظرة التي حملت لهفتها إليه ، تحركت باتجاهه مرة أخرى وهي تسير على أطراف أصابعها بطريقة تعلم تأثيرها جيدًا عليه فنظر إلى قدميها اللتان لم تلامسا لأرضية الكوخ الخشبية ، تنفس بقوة وهو يحاول أن يسيطر على تماسكه أكثر من ذلك ، همست بخفوت وهي تمط شفتيها بدلال : أنه رائع خالد ، لا تعلم كم أسعدني أنك تفكر بأن تعده مشابهًا للآخر .
همس بصوت مليء بالشجن : ظننت أنه لن يعجبك .
لامست وجنته برقة وقالت وهي تعقد حاجبيها بانزعاج لم بحواسها :لماذا ؟!
ابتسم بألم ظهر في زرقة عينيه الصافية وقال : كنت مجبرة على العيش معي حينها .
ابتسمت برقة وهي تمسح على كتفية بنعومة : كانت أجمل أيام حياتي ، فأنا لم أكن أبكي حينها لو تتذكر
عقد حاجبيه بتفكير لتتلون عينيه بتساؤل وقال : نعم ولكن ..
قاطعته وهي تقترب منه وتتعلق برقبته قويا : نعم كنت أظهر استيائي فقط حتى لا أشعرك بمدى سعادتي
تنهدت بقوة وقالت : كنت خائفة أن تكتشف حقيقة مشاعري اتجاهك لطالما حاربت تلك المشاعر بضراوة حتى لا تشعر بها .
احتضن وجهها بكفيه وهو ينظر إليها بعيني تموج بتساؤلاته فأتبعت بابتسامة صافية وهي تجيبه دون أن يسأل : أما الآن فأنا أريد تعويضك عن كل ما فات خالد.
هفت برأسها إليه لتطبع قبلة رقيقة على شفتيه وهي تهمس : فقط اسمح لي .
اشتعلت حدقتيه بلهيب أزرق ناري وهو يمرر شفاهه على شفتيها بقبله سريعة في إجابة صريحة منه ،ابتسمت بدلال مغوي لترقص السعادة بعينيها قويًا وهي ترى نظراته الحارقة الداعية لها والتي رقصت حواف نيرانها عندما انغمست بروحها داخل ذراعيه !!
***
تنظر إلى الساعة التي تدق بملل "تيك \تاك " وهي تنتظره ككل يوم ، لا تستطيع النوم إلا عندما تطمئن عليه أنه أتى وبات بفراشه ، لا تتحدث إليه نعم فهي تنفذ نصيحة تلك الصغيرة كما أخبرتها بأنه سيأتي إليها وها هو اليوم الخامس عشر لم يقترب من غرفة كريم حتى ينتظر إلى أن تخرج منها ليدخل ويطمئن على طفله يداعبه ويقبله تستمع إلى حديثه الدائر مع ابنها وضحكات الطفل المستمتعة بوجود أباه وملاعبته له فتنتظر هي الأخرى الى ان ينتهي ويغفى كريم بين ذراعيه وينصرف من جانبه لتعود هي إلى الغرفة .
تشعر بالتعب لهوة الجفاء التي تتسع بينهما ، وتشعر بالرعب أن يتركاها لتبلعهما سويًا ، فتكون نجحت فيما فشلت فيه حماتها العزيزة
زفرت بضيق وهي تقول محدثة نفسها : ما الحل إذًا هنادي ؟؟
نهضت واقفة وهي تنظر لنفسها في المرآه ، هالها تلك الهالات السوداء التي تحيط بعينيها وجهها الشاحب ، الذبول الذي يعتلي هامتها ، لتبتسم بألم وهي تتذكر تلك الأيام التي كانت تستيقظ على صوته يهمس في أذنها بتحية الصباح ، يقبلها قبلات عديدة ثم يغمرها بعناقه الدافئ وكلماته الجريئة .
تنهدت بقوة وهي تشعر بالدموع تتجمع في عينيها لتغمضهما بقوة وهي تمنع نفسها من البكاء وهي تهمس لنفسها بحزم : توقفي لن تبكي هنادي لن تبكي
شعرت برائحته من حولها فالتفتت سريعًا لتجده أمامها يقف بكامل هدوئه واتزانه ، أدارت عيناها عليه سريعًا بلهفة لم تستطع اخفائها ، يرتدي بزة رسمية كعادته ذقنه حليقة وعيناه صارمة ، شعره مصفف وملابسة مهندمة، صدمها مظهره الواثق الذي لم يظهر عليه أثر ابتعادها عنه !!
نظر لها ببرود وقال بصوت طبيعي جاف هادئ : مرحبًا .
شعرت بالرجفة تسيطر على جسدها بسبب موجة الصقيع التي مرت بها آتيه من صوته ، صوته الخالي من تلك الذبذبات التي تهيم بها ، خالي من عشقه لها الذي كان يميز صوته فيجعل دافئ مشتاق ، يداعب مسامعها فتشعر بأنها موصولة إليه بخيط وهمي لا تراه ولكنها تشعر به .
همست بصوت محشرج : مرحبًا ، كيف حالك ؟
تخطاها في خطوتين اتسمت بقوتها وهو يقول : بخير ، هل نام كريم ؟
رمشت بعينيها عندما صفعتها رائحته العبقة التي طالما عشقتها فمسدت رقبتها برقة وهي تشيح بوجهها للاتجاه الأخر بعيده عنه وهي تغمض عينيها حتى تستطيع السيطرة على قلبها الذي انتفض بشوق إليه همست بصوت كاد ألا يخرج من حنجرتها : اه ، نعم .
هز برأسه متفهمًا وهو ينظر إلى طفلة الذي ينام بهدوء في فراشه فقال بصوت آمر قوي : حسنًا أعدي لي بعض الطعام فأنا جائع .
عقدت حاجبيها وهي تلتفت إليه في حدة لتتسع عينيها بصدمة وهي تكتشف مغادرته للغرفة فتتنفس بقوة وتسيطر على دموعها التي اغرورقت بها عينيها وتهمس لنفسها بصوت آمر مرة أخرى : لا تبكي كوني قوية حتى تواجهيه .
غادرت الغرفة من خلفة بخطوات صارمة قوية وهي تقرر في داخلها أنه حان وقت المواجهة.
***
استعدت إلى النوم ، و اتكأت بجسدها على فراشها في دلال تدلك كفيها بكريم مرطب تفوح منه رائحة الكرز ، تنفست بقوة وهي تبتسم برقة وتهمس : كم أعشق رائحة الكرز !!
نظرت إلى ساعة الحائط المدلاة على الحائط الأيسر بجانبها لتزم شفتيها بضيق وتهمس لنفسها : أنها المرة الأولى التي يتأخر بها عن موعد اتصاله اليومي .
حركت حاجبيها بتعجب وهمت بأن تتناول هاتفها لتحدثه ، لكنها تراجعت وهي تعود لوضع جلوسها المريح وتقول : ليتصل وقتما يشاء وسأجيبه أنا وقتما أرضى !!
ابتسمت حالمة وهي تتذكر الأيام الماضية ، فهو يهاتفها كل يوم في نفس الموعد يظل يتحدث معها إلى أن تشعر بالنعاس يداعب جفونها فيغلق الهاتف وهو يتمنى لها ليلة سعيدة
علمت عنه الكثير الذي أخبرها به هو ولكنها تشعر بوجود أكثر أضعافًا مضاعفة خلف تلك الواجهة الجامدة للباشمهندس ابن الوزير ، واضعافًا أخرى وراء تلك الشخصية الآسرة معسولة الكلام التي تداعب مشاعرها كل يوم بحديثها الشهي المنمق .
كم تسعد وهي تتحدث معه ، فحديثه يثير مشاعر كثيرة تموج بداخلها في صخب متجانس الأمواج ، فهو يثير حنقها ودلالها ، رقتها وقوتها ، غرورها وضعفها ، ويداعب أنوثتها بغزله الجريء وكبريائها بسخريته المبطنة !!
ابتسمت بدلال لتنتبه من أفكارها على صوت هاتفها برنته المميزة فتناولته سريعًا وهي تجيبه بلهفه لم تمنعها : مرحبًا يا باشمهندس لديك تأخير خمس دقائق .
ابتسم باتساع وهو يجيب : الباشمهندس اشتاق إليك كثيرًا ويعتذر عن تأخيره ولكن الطريق لمنزلكم كان في غاية الازدحام .
قفزت واقفة وهي تقول : منزلنا ، أنت بالأسفل ؟!
أتبعت سريعًا وهي تفتح دولابها وتخرج منه أول ما يقابلها : متى عدت من اليابان ؟
ضحك بخفة وقال : على رسلك تامي ، أعطيني فرصة لأجيب على تساؤلاتك .
تمسكت بالهاتف بين كتفها ورأسها وقالت : حسنًا اخبرني أنا أستمع .
قال بهدوء وعيناه تشع بسعادة تعجب إليها : نعم أنا بالأسفل وعدت الآن أتيت من المطار إليك مباشرة .
ابتسمت برضى وقالت والفرح يلمع بحدقتيها : حسنا انتظرني قليلاً ، سأبدل ملابسي وأنزل إليك .
تنحنح بطريقة مقصودة لتصمت بانتظار حديثه وهي تعلم أن ما سيقوله لن يعجبها ، قال بخفوت : أنا لن أدلف إلى منزلكم الآن تامي ، فالوقت قارب على الثانية فجرًا .
زفرت بضيق ليتبع بهمس أشعل حواسها : أتيت فقط لأراك ، افتحي نافذتك فأنا اشتقت لرؤيتك .
لمعت عيناها بشقاوة ممزوجة بطيش وهي تقول : هلا صحبتني لنتناول السحور سويًا .
اتسعت عيناه بمفاجأة ليقول : حقا ستأتين ؟!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول : نعم انتظرني خمس دقائق على الأكثر .
همس باعتراض واهي : ولكن والدك
قاطعته سريعًا : سأتصرف أنا لا تقلق فقط انتظرني أمام بوابة المنزل .
قال بحماس وهو يشعر بحواسه كلها تتقد من جرأتها التي أسرته : اتفقنا .
أغلقت الهاتف سريعًا لتبدل ملابسها على وجه السرعة وضعت القليل من الزينة لتسرع في الخروج على أطراف أصابعها وهي تحمل فردتي حذائها ذو الكعب العالي في يدها اليمنى وحقيبتها الصغيرة في يدها الأخرى !!
تحركت على أطراف أصابعها وهي تنظر باتجاه غرفة والديها لتركض بخفة وتنزل السلم برشاقة وهي تراقب الصالة الخالية من جميع العاملين
تنفست قويًا وهي تفتح باب الفيلا وتحمد ربها أن خالد ليس بموجود وإلا لكان حس بها وأقام اليها تحقيقًا الآن .
وقفت عندما وصلت للحديقة لتنحني وترتدي حذائها سريعًا ثم تعاود الانتصاب مرة أخرى بكبرياء خلق إليها ، عدلت من هندامها ثم أرجحت شعرها بدلال اعتادت عليه ، لتحمل حقيبتها وتخطو باتجاهه في خطى واثقة !!
1. ابتسمت باتساع وهي تراه يقف بجانب السيارة فتقدمت منه لتصافحه بدلال وأناملها تلامس بالكاد كف يده ليشدها من أطراف أصابعها إليه ويقول بهمس : ألم تشتاقي إلي ؟!
ابتسمت بغرور تألق بحدقتيها وقالت وهي تبتسم بشقاوة : بالطبع لا .
دفعته بدلال في صدره وقالت وهي تبتعد عنه : أنت من مات شوقًا لي .
اتسعت ابتسامته وقال بصدق : نعم أنا أعترف أني مت شوقًا إليك تامي .
فتح باب السيارة من الجهة الأخرى وقال : هيا تعالي .
تحركت لتركب سيارته لتقف خلف الباب المتمسك به هو وهمست وهي تنظر إليه : اشتقت معاملتك الراقية يا باشمهندس .
ضحك بخفة وقال وهو يميل برأسه عليها ويقول بخبث : وأنا أكتفي باشتياقك ذاك .
دلفت إلى السيارة ليلف هو حولها ويجلس من الاتجاه الآخر ويقول : إلى
اين تريدين الذهاب ؟
قالت بتلقائية : لا يهم ، المهم أن نقضي وقتًا ممتعًا سويًا .
رفع حاجبه بأعجاب وقال بسعادة ارتسمت على ملامحه : مفتون أنا بانطلاقك يا ابنة السفير ، ولذا سأصحبك لمكان هادئ نتناول به سحورنا ونتحدث مثلما شئنا .
أومأت برأسها موافقة وقالت وهي تغمز بعينها : وأنا موافقة انطلق .
أنهت جملتها لتتمسك بساعده قويًا عندما انطلق بسيارته في جنون أثار ضحكاتهما معًا !!
تألقت عينه الوحيدة بحقد طغى عليها وهو ينظر بها من خلف ذاك المنظار الذي يتمسك به جيدًا ، يضغط عليه بقوة وهو يتابعها بعينيه وهي تقترب من ذلك الشاب الذي يكبره بأعوام كثيرة بل أنه يضاهي عمر الآخر الذي خان وطنه من أجل تلك الحثالة وشقيقتها
لا يعلم ما السحر الذي تمتلكه كل منهما ولكن يعلم أنه أيضًا مسحور بها ولكن بطريقة مختلفة ، فهو لم يعتاد إلا أن يحصل على ما يريد وهي كانت أولى المتمنعات عليه ، يريدها بقوة .. بجنون ..بتملك لم يشعر به اتجاه إحداهن من قبل .
تلك المحتالة الصغيرة التي كادت أن تفقده عقله وأوشكت على أن يفقد حياته من أجلها ، يريد أن يصمها بعاره حتى تتذكره لآخر يوم بعمرها
ابتسم بشراسة وقال : إذا استطاعت أن تعيش يومًا آخرًا بعد ما سأفعله بها !!
أنت تقرأ
سلسلة حكايا القلوب .. الجزء الاول رواية " امير ليلى "
Romanceاقترب منها ثانية فحاولت الصراخ بقوة، محاولتها الفاشلة في الصراخ أيقظت ما تبقى من عقله الذي كاد أن يذهب مع الألم المبرح الذي يشعر به ، وقف بكل قوته واندفع ناحيته ليسحبه من أكتافه بقوة راميًا به إلى الحائط ليصطدم به الآخر قويًا، لكمة مرتين بقوة...