الفصل التاسع عشر

1K 38 5
                                    

الفصل االتاسع عشر
غيرة
بالطبع أخبر مصطفى زينة بالخبر فطارت من السعادة وعادت إلى الفيلا تبحث عن ديمة التي كانت بغرفتها وقد وضعت الأكياس أمامها وظلت تنظر إليها دق الباب ففزعت ثم نهضت لتفتح لتجد زينة فقالت
“ أهلا زينة تعالي"
ولكن زينة قالت "لا أنا فقط أردت إخبارك أنهم حددوا موعد الزفاف آخر الشهر أنا سعيدة جدا"
احتضنتها ديمة بسعادة وهنأتها، ثم ذهبت وتركتها فعادت ورصت ملابسها بمكان فارغ بالدولاب ثم انتقت أحدهم وارتدته بجرأة أتتها من كلمات جميلة وزينة وأدركت كم تغير شكلها تماما وتركت شعرها بعد أن غيرت شكله واطمأنت على شكلها ونزلت للعشاء
وصلت جميلة أولا وما أن رأتها حتى ابتسمت وقالت "هكذا هي ديمة التي أردت أن أراها"
ابتسمت وقالت "الفضل لكِ، ولكني أشعر بالخوف لم أعتد على هذا المظهر"
قالت جميلة بثبات وثقة "أخبرتك ألا تفعلي لابد وأن تكون البداية قوية كي تكون مؤثرة، هيا تعالي أريد رأيك في بعض الأشياء قبل أن يصل تيم"
جلستا سويا إلى أن وصل هو، كانت تحضر اللاب من المكتب عندما رأته يدخل من باب الفيلا توقف عندما رآها بتلك الملابس المفتوحة والقصيرة وقد تهدل شعرها الأسود على ظهرها، لم تتوقف وتصرفت بلا مبالاة رغم الخوف الذي اعتراها
أوقفها وهي تتقدم "إلى أين؟"
نظرت إليه وقالت "غرفة المعيشة عمتي بالداخل"
قال "هل هناك أحد آخر؟"
قالت بدهشة "أحد من؟ لا يوجد أحد سوانا"
وابتعدت قبل أن يكمل تبعها إلى الداخل ووجدها تجلس بجانب عمته وقد ارتفعت الجيب القصير فوق ركبتها لتظهر ساقها الطويلة البيضاء وغطى شعرها أكتافها الواضحة من البدي المفتوح، وهي أول مرة ترتدي مثل تلك الملابس
سمراء الشعر أخذته بقوامها، وارتجت رجولته أمام حسنها، سحرها تناسق مع جمال ساقيها المصبوبة وأوهنه تساقط خصلتيها
لاحظت عمته نظراته وكامرأة تفهم نظرات الرجال أدركت أنه سقط أسير الفخ ولكن ما زال على حافة الفجوة ولم يصل إلى قاع الحفرة وكأنه يتمسك بحالته رافضا الانهيار، أخفت أفكارها وقالت
“ أهلا تيم تعالى ديمة استطاعت أن تخترق النظام"
انتبه إليها وقد أعادته من دوامة الإعجاب الذي تحول داخله إلى غضب ما بعده غضب فاقترب وقال
"ومن كان هنا ليساعدها؟"
اندهشت المرأتان فقالت العمة "لم يتواجد أحد، ديمة من فعلت، أنت تعلم أنها ماهرة بالحاسب"
لم يرد وشرحت ديمة ما وصلت إليه ولم يتحدث وكل ذهنه مشغول بالتساؤل عن من شاهدها بهذه الملابس سواه، انتهت هي فقالت جميلة
“ إذن الأمر الآن أصبح أكثر تعقيداً يا ديمة"
قالت "بالطبع لا، هكذا يمكنني أن أدخل باسم شركتهم وأغير ما أشاء من البيانات فقط أحتاج جهاز أعلى من ذلك"
قالت جميلة بدون تردد "تيم عليك بإحضار الجهاز لها"
عندما لم يرد قالت جميلة "تيم لماذا لا ترد؟"
انتبه إلى عمته وقال "حاضر عمتي بالصباح نذهب لشرائه"
تناول الجميع العشاء وتبادلوا الأحاديث حول زفاف زينة ولكنه لم يتحدث بل واستأذن إلى غرفته فنظرت إليها جميلة وقالت
"هيا اذهبي إليه، وكوني قوية"
هزت رأسها وتحركت خلفه دقت الباب ودخلت كان قد خلع جاكتته وقميصه ووقف يتحدث بالهاتف، أجفلت بنظرها بعيدا وقد شعر بوجودها
انهى اتصاله والتفت إليها وقال "منذ متى ترتدين مثل تلك الملابس؟"
لم تلتفت إليه وهي تخرج السويت شيرت الذي اختارته له وهي تقول "أعجبتني اليوم فاشتريتها بما أني بالبيت ولم أعد أخرج"
اتجه إليها ولم ينتبه لما بيدها وقد أغضبه برودها فأمسكها من ذراعها وأعادها أمامه وقال "وهل ارتديتِ تلك الملابس أمام أحد؟"
تخلل الخوف إليها وهي ترى الغضب بعينيه ولكنها تذكرت كلمات جميلة وقالت "أحد؟ أي أحد؟ ألا تعلم أني محجبة ولا أخرج أمام أحد بتلك الملابس"
هدء قليلا وهو يحدق بملامح وجهها التي زادت جمالاً ثم قال "قضينا ثلاث شهور ببيتنا هناك وهو مغلق ليس به أي غريب ولم تفعلي فلم هنا؟ والبيت معرض لأي أحد يدخل أو يخرج"
احمر وجهها وقالت "لم أكن أعرف من أين اشترى شيء هناك وأنت لم تحاول أن تساعدني وأنا تركت كل ملابسي ببيت ذكي ولم أملك إلا القليل، أما هنا فأنا ببلدي والبيت لا يدخله أحد بدون استئذان والآن اترك ذراعي أنا لم أفعل شيء لكل هذا الغضب"
لم يتركها وقال "أنا لا أحب هذا الجنون وهذا المنظر لا أريد رؤيته مرة أخرى لستِ بحاجة لعرض جسدك لتثيري أحد به"
وجدت نفسها تخلص ذراعها منه بقوة وغضب وتقول "كفى، ليس هناك من يستحق ان أعرض جسدي من أجله، لست بلحم رخيص لأعرضه لأي أحد لأني لم أفعل أمام أحد ولن أفعل ألن تكف عن اتهاماتك هذه أنا لم أعد أتحملها"
ثم تحركت إلى الحمام وهي تخفي دموعها وأغلقت الباب وتركت الدموع تسيل مما قال ولم تدري أن غيرته هي ما دفعه لأن يثور ويغضب
حتى هو تراجع ولكنه رأي السويت شيرت الذي اشترته له فقبض بيده عليه ثم تركه على الفراش وخطف قميصه وارتداه وفتح الباب ونزل إلى المكتب وأغلقه خلفه وهو يتساءل ما سر كل هذا الغضب، كل ما فعلته أنها حسنت من شكلها وهنا ببيتها ووسط أهله وأهلها وأمامه هو زوجها حلالها بل واشترت له أيضا ولم تنساه، هي لم تتخطى أي حدود ولم تتجاوز أي أصول ولكن هو فعل وتجاوز كل المسموح ولم يعرف لماذا فالفكرة التي انتابته من أن رجلاً ما قد يكون رآها هكذا أصابته بالجنون
خرجت بعدما ذهب وغيرت ملابسها بملابس للنوم لم تكن أكثر احتشاما من التي كانت ترتديها وقد جففت دموعها وحاولت أن تتحلى ببعض الشجاعة لمواجهة ما يمكن أن يلي ما كان
دخلت الفراش وشدت الغطاء عليها ولكنها بالطبع لم تغفل وكلماته تتردد في أذنها بقوة ما زالت تؤلمها، شعرت به يدخل الغرفة ثم يغير ملابسه ويدخل الفراش في صمت
استيقظ هو مبكراً وأخذ حمام وخرج فوجدها لم تستيقظ جلس أمام الفراندة يعبث بالهاتف قليلا قبل أن تعتدل هي بالفراش وتستيقظ فتراه جالساً اعتدلت وخرجت من الفراش ولم ينظر أيا منهما إلى الآخر دخلت الحمام واغتسلت ثم خرجت لتمشط شعرها فالتفت إليها
بدت مختلفة للمرة الثانية وأكثر جاذبية وإثارة انتبهت لنظراته فالتقطت الروب وارتدته ورفعت شعرها وكادت تذهب ولكنه قال
"لم أقصد ما قلته بالأمس"
توقفت ولم تتحرك فنهض واتجه إليها ووقف خلفها وقال "أعلم أنكِ لستِ كذلك"
لم ترد أيضا فعاد يقول "ولكن البيت هنا غير بيتنا هناك، تعلمين أن رجالي بالخارج ويمكن لأحدهم أن يدخل أو ينظر من الخارج ولا أظن أن من الصواب رؤيتك حتى ولو كان بالخطأ بهذا الشكل"
أدركت أنه على صواب وربما هي تهورت واندفعت فهزت رأسها ولم ترد 
عاد وقال "لن يمكننا العودة قبل فرح زينة"
التفتت إليه وقالت وهي سعيدة أنه يشاركها في قرار “نعم ولكن دراسة علي"
ابتعد وقال "أرسلت لطلب أجازه له، وسيرسلون ما تم دراسته على الايميل الخاص بي يمكنكِ متابعته"
قالت "ليس معي الايميل"
قال "وكيف ذلك وأنتِ خبيرة في الهكر"
قالت "ليس هكر أنا أنظم بيانات، أبرمج أنظمة أمان، أما اختراق الحسابات صحيح هو سهل ولكني لم أفعله للخصوصية"
هز رأسه وقال "تمام، سنذهب لشراء الجهاز الذي تريديه وأخبريني عن ذلك النظام الذي تريدين بالشركة ونحن بالطريق"
اختارت ملابس جديدة وارتدتها واطمأنت على شكلها ثم نزلت إليه بعد أن اطمأنت على الأولاد
كان يتحدث بالهاتف كالعادة وقد ارتدى ما أحضرته له فابتسمت برقة وسعادة وهو يقف بجوار السيارة عندما رآها تتحرك باتجاهه بملابسها الجديدة وقد بدت مختلفة أيضا مما يجعلها امرأة تثير الإعجاب حقاً، تابعها وهي تركب السيارة ثم انتظرته حتى أنهى اتصاله وركب ولم يعلق
انتقت ما أرادت بدقة وعناية ولم يتدخل بما أشارت به ثم قال بعد ان خرجا "هل نتناول الإفطار؟ هذا المطعم جيد"
نظرت إليه بدهشة وقالت "كما تشاء، ولكن ألن تتأخر على العمل؟"
تحرك معها وقال "تعلمين أن وجودي بالشركة ليس مؤثراً لوجود عمتي فهي تملك زمام الأمور هنا وعملي بالخارج أتابعه على النت أو مع فرانك، وعمار يتابع ما يخصني"
دخلا المطعم وقد كان هادئاً بذلك الوقت جلسا وطلبا الإفطار ثم قالت "ألم تفكر بإقامة شركة خاصة بك هنا؟"
نظر إليها وقال "وكيف ذلك؟ عمتي لن يعجبها يكفي المشاركة التي بيننا"
قالت بحدية "ولماذا؟ لا أظن أنها ستعترض لأن ذلك سيجعل وجودك هنا أكثر"
قال بجدية "ولكني لا أريد التواجد هنا"
وضع الرجل الطعام وذهب فقالت "ولكن على الأقل يكون لك اسم من أجل المستقبل ربما فضل أولادك هنا بالمستقبل"
فكر قليلا ثم قال "ربما أفكر بالأمر ولكن أظن أني لابد أن أغير نشاط الشركة كي لا تفكر عمتي في الدمج"
هزت رأسها وقالت "نعم معك حق وماذا تقترح؟"
نظر إليها وقال "هل لديكِ أفكار؟"
كان لديها بالفعل ولكنها لم تشأ أن تتحدث فهربت بنظراتها بعيدا وقالت "لا"
ابتسم وقال "لن أظن أنكِ تطمعين بالأمر، هيا تحدثي أعلم أن لديك أفكار"
نظرت إليه فقاوم جمال عيونها وأبعد عيونه فقالت "حسنا سأخبرك"
تبادلا الحديث كثيرا عن العمل إلى أن انحرف الحديث عندما قال "ربما لديك شخص محدد للتعاقد معه"
قالت بصدق واضح "أنا لا أعرف أحد"
ضاقت عينه وهو ينفخ الدخان وقال "وكيف هذا ألم يمر رجلا بحياتك؟ أعني قصة حب او إعجاب"
نظرت إلى كوب الشاي أمامها  "قصة حب؟"
ثم رفعت عيونها إليه وقالت "وهل فتاة بظروفي كان يمكنها أن تفكر بأي من ذلك؟"
ظل ينظر إليها وقد فهم كلماتها فقال "اخترتِ أن تعيشي وحدك"
قالت "لم اختار لقد فرضت الوحدة نفسها علي ولم أملك وجه للاعتراض، فلم أملك البديل بكوني فتاة بالثامنة عشر ما زلت أدرس بالكلية وأعمل وأربي طفل رضيع وأواجه من الحياة ما لا يتخيله أحد فهل تظن أني كنت أملك وقت للإعجاب أو الحب؟"
ظل يتأمل ملامح وجهها وقال "وأنا؟"
نظرت إليه ودق قلبها بقوة وكأنما يحثها على أن تخبره أنها لم تعرف سواه، ولكنها قالت "أنت ماذا؟"
قال بهدوء "ماذا كنت أعني بالنسبة لكِ؟"
أبعدت وجهها وقالت بكذب لتخفي ضعفها "والد علي"
قال "فقط!؟"
عادت إليه وقالت "ليس لأمثالي أن يفكر بأكثر من ذلك خاصة وأنك اختفيت ولم تفكر أن تبحث عني"
اقترب من المائدة وواجه نظراتها وقال "أبحث عن من؟ عن فتاة لم أكن أعرف حتى اسمها؟ ثم كيف وحادث تميم أضاع كل شيء بما فيه ذكريات تلك الليلة؟ أنا كنت فقط أرى عيونك بأحلامي ولكني لم أكن أعلم لمن هي وماذا يربطني بكِ، وعشت حياتي بالخارج وتزوجت مريم معتقداً أني بذلك أبدأ حياة جديدة ولم أعرف أني ألقيت بنفسي بالتهلكة"
انتبهت وقالت بتساؤل "التهلكة؟ زواجك كان تهلكة؟"
حدق بها لحظة وقد أدرك اندفاعه فنهض وقال "هيا لقد تأخرت سأعيدك أولا ثم أذهب"
لم تحاول أن تعترض أو تطلب المزيد لن تجبره لذا تحركت معه إلى الخارج في صمت وقاد السيارة وهي تتمنى أن تعرف ماذا كان يعني بكلماته ولكن فجأة شعرت بالسيارة تميل فنظرت إليه وقالت
“ تيم ماذا حدث؟"
كان يتابع مرآة السيارة وقال "هناك سيارة تتبعنا"
التفتت ووجدت سيارة سوداء تتعقبهم فشعرت بالخوف وقالت "هل تعرفهم؟"
لم يرد وهو يزيد من سرعة السيارة ويخترق السيارات وهي تتماسك فقال "ضعي حزام الأمان هيا"
شدت حزام الأمان وكذلك هو وزادت سرعته والسيارة تتبعه بإصرار إلى أن انتقل إلى طريق سريع واندفعت السيارة بجانبه لترى مسدس يوجه إليهم فصرخت
"تيم احذر"
مال بالسيارة مبتعدا ثم زاد السرعة والرصاصة تصيب الزجاج الخلفي وحاولت هي التماسك بجواره، ولكن زاد ضرب النار وقد أخفضت رأسها وهو يقود بمهارة متجاوزا ضرباتهم إلى أن مال على السيارة فاصطدم بها وارتد بقوة على جانب الطريق وكادت السيارة تنقلب بهم على جانبها لولا أن استعاد تيم التحكم بالمقود جيدا وعاد إلى الطريق ولكن السيارة الأخرى اندفعت تطارده والتصقت بالجانب من الخلف لتدفعه إلى الاصطدام بالحاجز الحجري للطريق ولكنه كان يصدها بقوة حتى تراجعت السيارة وفلت هو منها وهي تكتم صرختها بصعوبة، زاد من سرعة السيارة والأخرى تتبعه وفجأة انحرف بالسيارة إلى مفترق جانبي وزاد من سرعته والسيارة الأخرى تصدمه من الخلف ليفقد التحكم بالمقود والحاجز يقترب منه
يتبع..

رواية الليلة الملعونة    بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن