الفصل الخامس
دلفت يارا بصحبة هاجر إلى داخل العياده لكي تأخذ هاجر جرعة الكيماوي ، تجلس هاجر في غرفة الأستراحه بينما يارا كانت في غرفة الطبيب المسئول عن علاجها و تتابع معه آخر تطورات الحاله . كانت يارا تأمل أن يبشرها الطبيب بأن هاجر سوف تتعافى و تشفى بالكامل في أسرع وقت ولكن الحقيقه لم تكن بهذه البساطه ، فشبك الطبيب أصابعه أمامها وهو يحاول شرح حالة هاجر لها و بأنها في مرحله متأخره جداً في العلاج و سيكون من الصعب شفاؤها .
تذهب يارا إلى هاجر بعدما مسحت دموعها ولا تدري ماذا تقول لها ، ثم جلست بجانبها فنظرت إليها هاجر بحزن وهي تقول :
_مفيش أمل صح ؟
تنظر يارا إليها و تحاول السيطره على دموعها و التخفيف عنها و طمئنتها قليلاً :
_لأ طبعاً يا حبيبتي ، أن شاء الله هتخفي و تبقي زي الفل .
هاجر بحزن : متضحكيش عليا يا يارا أنا عارفه أن حالتي متأخره و العلاج مش هيعمل حاجه و جلسات الكيماوي دي مبتعملش حاجه غير أنها بتتعبني أكتر . أنا كنت حاسه من الأول أني عندي كانسر بس كنت بخاف أكشف ، كنت بهون على نفسي و أقول ده تعب عادي و هيروح ، وحتى شعري اللي بيقع كنت برضوا بضحك على نفسي و أقول إني مبقتش بهتم بيه زي الأول عشان كده بيقع ، كنت بخاف أروح أكشف يطلع اللي خايفه منه صح . وأهو طلع صح يا يارا و كلها أيام و أموت .لم تستطع يارا السيطره على دموعها أكثر ، فأخذتها بين ذراعيها وهي تضمها بشده .
_متقلقيش أن شاء الله هتبقي كويسه و تخفي ، أنتي مش أول واحده يجلها المرض ده ، في ناس كتير جالهم المرض ده و خفوا و بقوا زي الفل ، ثقي أنتي بس في ربنا و أدعي .
هاجر بدموع : أنا فعلاً مش أول واحده يجلها المرض ده بس أنا حالتي متأخره أوي و خلاص مبقاش في وقت ، أنا هموت دلوقتي أو بعدين .
ثم تابعت بدموع :
عارفه يا يارا أنا مش زعلانه إني هموت بالعكس ، أنا بس زعلانه اني ملحقتش أفرح زي باقية الناس ، أنا اتولدت يتيمة الأب و فضلت طول عمري محرومه من حنانه ، دايماً وأنا صغيره كنت بشوف صحابي كلهم معاهم أباهاتهم ،
ثم تابعت بدموع أكثر : عارفه مره وأنا صغيره في المدرسه جه وقت المرواح وفي الوقت ده كل الأهالي بيجوا ياخدوا عيالهم من المدرسه وقتها كان معايا صحبتي وأول ما خرجنا من باب المدرسه لقيتها جريت على أبوها و هو أستقبلها بحضنه و شالها و فضل يدور بيها ، وقتها بس حسيت أني يتيمه و مكسوره و مليش سند في الدنيا ، كنت أول مره أحس الاحساس ده ، إحساس وحش أوي بجد وقتها أتمنيت أن محدش يحس الإحساس ده لأنه صعب أوي والله ، إحساس أن كل الناس عندها أب إلا أنا ، ده أوحش إحساس ممكن حد يحسه ، وحتى ماما كانت معظم الوقت في شغلها عشان تقدر توفر مصاريفي و مصاريف البيت و مكانش عندها وقت ليا ، لحد ما هي كمان ماتت وانا عندي ١٥ سنه وقتها حسيت قد ايه الدنيا دي ظالمه أوي ، أنها فجأه تاخد منك كل حاجه و ترميكي من سابع سما و توقعي على جدور رقبتك ، انا مش فارق معايا إذا كنت أموت ولا لأ على الاقل لما أموت هرتاح ومش هعيش لوحدي ، بس ليه أموت بمرض زي ده ؟ ليه مموتش طبيعي ، حتى الموت ظالمني زي الدنيا بالظبط ، هموت وأنا عاجزه ومفيش حد جمبي .