قالت ياسمين في دهشه :
_ جريمة قتل ؟
أجابها حسام : أه ، أحنا أتأكدنا من المعلومه دي .
_ و أتأكدت إزاي ؟
_الطب الشرعي هو اللي أكدلنا أن المجني عليه مات مقتول و في حد أتعمد يخبطه على راسه من ورا والخبطه كانت شديده جداً لدرجة أنه نزف دم كتير و لما محدش لحقه في الوقت المناسب مات .
_أنا كمان كنت حاسه أنها مش حادثه عاديه وأنها جريمة قتل وفي حد قصد أنه يخبطه لأن مش منطقي أن حد يقع على دماغه لوحده فينزف لحد ما يموت ، لكن عمران أخوه كان متأكد أنه حادثه عاديه ومش جريمة قتل .
سأل حسام بأهتمام : أنتي عملتي لقاء صحفي مع حد تاني غير عمران ؟
أجابته ياسمين : لأ هو عمران بس ، لأن كان البيت مليان ناس جايه تعزي و كان في زحمه كتير و ملقتش قدامي غير عمران .
حسام بتفكير : القضيه فعلاً معقده ، لأن الباب بتاع الشقه سليم و مش مكسور ولا فيه خدش واحد حتى و مفيش كمان أي مسروقات من البيت تدل أن حد دخل و قتل بغرض السرقه ، معنى كده إن اللي دخل دخل بطريقه من الاتنين يا أما معاه نسخة من المفتاح و هو مش غريب ، يا أما خبط على الباب عادي جداً و دخل البيت بعد ما ماجد فتحله و بعدها غدر بيه و خبطه وهو مش واخد باله و كان واقف وراه .
ياسمين وهي تحاول التفكير معه في حل لهذه القضيه : أنا شاكه في الإحتمال التاني .
حسام مؤيداً : وأنا كمان بس لازم نلاقي دليل على الكلام ده .
ثم تابع حسام قائلاً :
_أنا لما كنت بحقق مع والدة ماجد قالت إن ماجد كان كويس مع كل الناس و مكنش في حد بيكرهه لدرجة أنه يقتله .
_مهو ممكن يكون ليه أعداء بس أهله ميعرفوش .
_وارد طبعاً بس برضوا أيه الخلاف اللي يوصل القاتل أنه يقتله خصوصاً أنه بيشتغل سواق تاكسي على عربيته يعني مش بيشتغل الشغل اللي يخليه عنده أعداء مثلاً و عايزين يقتلوه و كمان كل الناس بتأكد على أنه كان مسالم جداً مع كل الناس و بيتجنب المشاكل و الخلافات عشان ميزعلش حد منه.
قالت ياسمين : شكلي كده محتاجه أروح البيت مره كمان عشان أعمل حوار صحفي مع باقية العيله .
قال حسام بأهتمام و دون أن يفكر :
_و تتعبي نفسك ليه و تروحي البيت أنا هبلغك بأي معلومه أوصلها .
أندهشت ياسمين من طريقته و حديثه ثم قالت :
_لأ عادي ده شغلي و لازم أتعب فيه و هبقى أتواصل مع حضرتك برضوا عشان أعرف آخر اللي وصلتوله في القضيه دي .
شعر حسام بغباء ما قاله و لهفته في الحديث معها :
_ماشي براحتك .
ثم وقفت ياسمين مستعده للرحيل قائله :
_أرجوا مكنش عطلت حضرتك عن شغلك .
هم حسام بالوقوف أيضاً وهو يقول :
_ لأ عطلة أيه بس متقوليش كده ده المكان نور بيكي .
لم تعرف ياسمين لماذا يتحدث هكذا معها فقالت :
_ تمام شكراً لحضرتك عن أذنك .
مد حسام يده لكي يسلم عليها فقالت له ياسمين بحرج :
_أسفه مش بسلم .
سحب حسام يده سريعاً ولم يدري لماذا يتصرف بهذا الغباء معها فقال بحرج :
_لا متتأسفيش أنا اللي أسف .
أبتسمت ياسمين و قالت :
_عن إذن حضرتك .
حسام وهو يبادلها نفس الأبتسامه :
_أتفضلي .
__________________
سب حسام نفسه بعد خروجها من مكتبه على طريقته في الحديث معها و أنه كان يجب عليه أن ينتبه لما يقوله و يفعله و لا يتحدث بهذه الحماقه معها و لكن بنفس الوقت كان سعيد جداً لرؤيتها مره أخرى و قد تأكد من شعوره تجاهها ولكن يعلم جيداً أنه لا يعني لها شيئاً على عكسه هو الذي بدأ يعجب بها كثيراً .
__________________
بعد ساعه من مكالمة أسامه و يارا كانت يارا قد وصلت للتو إلى الكافيه الذي أخبرها أسامه أنه سوف ينتظرها به و كان أسامه قد وصل قبلها فلوح لها بيده عندما رآها و تقدمت يارا منه ثم جلست على المقعد المقابل له فقالت في قلق :
_خير يا أستاذ أسامه طلبت تشوفني ؟
_هقولك حاضر بس أنتي مالك خايفه و متوتره كده ليه ؟
_أصل مش متعوده أن حضرتك تكلمني و تطلب مقابلتي و قولتلي كمان على التليفون أن الموضوع مهم و مينفعش يتأجل عشان كده أتخضيت .
_أنا أسف لو كنت خضيتك بكلامي بس مفيش حاجه تخوف في الموضوع و كمان هو ملهوش علاقه بالشغل لانه لو كان ليه علاقه بالشغل كنت كلمتك في الشركه مش هنا .
يارا بقلق أكثر : طالما مش مرتبط بالشغل يبقى في أيه ، حضرتك كده خوفتني أكتر على فكره .
حسام وهو يطمئنها : خلاص هدخل في الموضوع على طول و مش هضيع وقت عشان متقلقيش أكتر و هريح فضولك .
_يا ريت .
تحدث أسامه بعدماأستجمع شجاعته و قال لها .
_يارا أنتي بتعتبريني أيه في حياتك ؟
يارا في دهشه من سؤاله المفاجأ هذا :
_نعم ؟ لأ مش فاهمه حضرتك تقصد أيه ؟
حك أسامه ذقنه في توتر و قال :
_بصراحه كده يا يارا من غير لف و دوران كتير أنا عايز أتجوزك .
صمتت يارا من دهشتها فأخر ما كانت تتوقعه هو طلب أسامه هذا الطلب منها فظلت صامته وهي في حاله من التوتر و الخجل ، لا تعرف ماذا تجيبه فتابع أسامه عندما وجد يارا شاردة الذهن :
_يارا أنتي سمعتيني ؟
فهزت يارا رأسها له علامة الموافقه فقال :
_أومال مش بتردي ليه ؟
لم تعرف يارا بماذا تجيبه ، هل توافق ؟ أم ترفض ؟ أم ماذا تفعل فقالت بعد تفكير دام عدة دقائق:
_أستاذ أسامه أنت عارف أنت بتقول أيه ؟
_طبعاً عارف ، أنا عايز أتجوزك قولتي أيه .
تنهدت يارا بحيره و قالت :
_ مش عارفه بصراحه أقول أيه ؟
أسامه بقلق : مش عارفه أيه ؟ أنتي مش عايزه تتجوزيني ؟
يارا بنبره مهزوزه : بصراحه يا أستاذ أسامه أنا معتقدش أني ممكن أدخل أي علاقه تاني بعد اللي حصلي من أيهاب .
_ليه ؟
_عشان بكل بساطه أنا مبقتش قادره أثق في حد تاني .
_أنتي خايفه مني يا يارا ؟
فأسرعت يارا و هزت رأسها بالنفي قائله :
_ لأ خالص المشكله مش فيك ، المشكله فيا أنا .
أسامه بخوف من رفضها له :
_المشكله فيكي أزاي يعني ؟
يارا وهي تحاول تهدئة نفسها :
_ يعني أنا مش هقدر أدخل في علاقه مع حد سواء أنت أو غيرك ، أنا بقا عندي خوف كبير من دخول أي علاقه ، تقدر تقول كده بقا عندي عقده من الجواز .
_بس أنتي قولتي أنك أتعالجتي في مصحه نفسيه صح ؟
_أيوه .
_أومال في أيه ، خايفه من أيه بقا ؟
فيه أني بقيت خايفه من أي حد يدخل حياتي و مبقتش مستعده أني أجازف مره تانيه و أثق في حد تاني عشان يرجع يكسرني تاني و يعمل فيا زي ما إيهاب عمل بالظبط .
_بس أنا مش إيهاب يا يارا ،و مستحيل أعمل فيكي زي ما هو عمل و عمري ما هأذيكي أو أخون ثقتك .
يارا بأبتسامه ساخره :
_إيهاب برضوا كان بيقولي أنه عمره ما هيزعلني أو يخوني في يوم من الايام و أدي النتيجه .
_بس أنا بحبك يا يارا .
_وهو كان بيقولي كده برضوا .
أسامه بغضب : أنتي ليه مصره تقارنيني بيه ؟
_عشام هو أسوأ حاجه حصلتلي في حياتي و هو القلم اللي خدته و هيفضل معلم في وشي لآخر يوم في عمري و كل ما هفكر بس أني أحب تاني هفتكر القلم ده كويس أوي و هفتكر كل حاجه حصلتلي زمان .
أسامه وهو يحاول السيطره على نفسه لكي لا يغضب أكثر : ممكن متحطنيش في مقارنه مع أي حد سواء أيهاب أو غيره ؟
_غصب عني ، صدقني غصب عني ، أنا قولتلك أني بقا عندي عقده ومش هعرف أتأقلم مع حد تاني بالسهوله دي .
_طب اغيه رأيك تروحي لدكتور نفسي تاني ؟
_مفتكرش هيحصل أي تغيير .
_جربي ، هتخسري أيه ؟
_هخسر أني هضطر أحكي اللي حصلي لحد تاني و تالت و هفضل ألوم نفسي على سوء أختياري كل يوم و هفضل أعيط تاني و أفتكر كل لحظة وجع عشتها مع الحقير ده وفي الآخر باعني و بالرخيص أوي كمان .
_مهو أنتي مينفعش تفضلي عايشه بالطريقه دي .
_لأ ينفع عادي ، مانا عايشه أهو .
_بس مش مبسوطه و قافله على نفسك .
_أسامه أنا ماصدقت حياتي رجعت مستقره تاني أرجوك متضغطش عليا أكتر من كده .
_أنتي بتكدبي على نفسك يا يارا ، أنتي حياتك مش مستقره ولا حاجه ، لو فعلاً حياتك مستقره على الأقل كنتي هتتقبلي فكرة اللي حصلك زمان و تقولي عادي غلطت و أتعلمت من غلطي لكن أنتي فضلتي أنك تكملي حياتك وأنتي عايشه دور الضحيه ، و تفضلي توهمي نفسك أنك عايشه مرتاحه و الحقيقه أنك عايشه في كدبه .
يارا بغضب : أنت عايز أيه يا أسامه ؟
_عايزك تتعالجي و ترجعي فعلاً زي زمان و تتعلمي من الماضي مش تفضلي عايشه فيه ، و أنا مش بقولك الكلام ده عشاني أو عشان أتجوزك ، ده عشان نفسك يا يارا ، على الأقل عشان تبقي فخوره بنفسك وأنك قدرتي تتخطي المرحله دي من حياتك و تفرحي تاني و ترجعي تثقي في الناس تاني .
_يارا بدموع : ليه ؟ أثق في الناس تاني ليه ؟ عشان أتوجع تاني ؟ لأ مش عايزه أرجع يارا الهبله بتاعة زمان تاني اللي كان أي حد يضحك عليها بكلمتين .
_أفهم من كده أيه يا يارا ؟
أخذت يارا نفس عميق و قالت :
_أنا أسفه يا أسامه بس انت بجد متستحقش واحده زيي تطلع عليك عقدها و تفضل تشك فيك دايماً و خايفه منك ، أنت متستاهلش أنك تعيش كل ده .
ولا تستاهل أنك تستحمل ذنب مش ذنبك .
بجد يا أستاذ أسامه أنت إنسان جميل و طيب و عشان كده أنا مش عايزاك تدفع تمن حاجه أنت معملتهاش و ملكش ذنب فيها أصلا ً .
____________________
كانت رهف تسير بجانب حمزه في إحدى شوارع وسط البلد فقال حمزه :
_أخيراً شوفتك أيه يا بنتي الغيبه دي بقالي كتير مشوفتكيش وكل ما أقولك تعالي ننزل تقوليلي خليها بعدين عشان مش فاضيه دلوقتي .
_كنت مشغوله شويه مع إيلينا و موت باباها و مكنش ينفع أسيبها في الحاله دي، نفسيتها كانت وحشه أوي و محتاجاني جمبها .
_وهي عامله أيه دلوقتي؟
_كويسه بس لسه طبعاً بتستوعب اللي حصل ، تخيل يا حمزه أنها بالرغم من اللي أبوها عمله فيها من ضرب و أهانه إلا أنها لسه بتحبه فعلاً و زعلانه على موته .
_ده طبيعي جداً على فكره .
_طبيعي إزاي بقا ده ضربها و أهانها و طردها كمان من بيتها في غياب مامتها ، كل ده عادي و طبيعي ؟
_هو مش عادي طبعاً اللي هو عمله بس طبيعي اللي أن هي تزعل و تحزن عليه ، هو هيفضل أبوها طول العمر و اللي كان في يوم قدوه ليها و أكيد ليها ذكريات حلوه معاه زي ما في ذكريات وحشه ، و هتفضل زعلانه عليه و بتحبه لآخر العمر ، أحنا مش ملايكه يا رهف كلنا بنغلط و كلنا لينا ذنوبنا اللي مش من حق حد أنه يحاسبنا عليها غير ربنا و هو خد جزاته و مات وهو لوحده ومفيش حد جانبه ده غير عقابه عند ربنا طبعاً .
رهف وقد بدأت تقتنع: يمكن معاك حق ، تصدق أقنعتني .
حمزه وهو يمزح : يا بنتي أنا كلي حكم و مو أاااااه
إلتفتت رهف إليه في فزع على صراخه :
_في أيه ؟
حمزه و هو يكتم صراخه و يرفع قدمه بحذر لكي يرى ماذا دخل بها و وجده مسمار حديدي دخل في إصبع قدمه و أخترق حذاءه .
حمزه : أحيه في مسمار دخل في صباع رجلي .
رهف بتعجب : أزاي ده يعني مسمار يخرم الجزمه و يدخل في رجلك ؟
حمزه وهو يكتم صراخه و يكاد ينفجر بها :
_تعالي بقا نقعد أنا وأنتي نتناقش إزاي المسمار دخل في الجزمه و بعدها دخل في رجلي و أولع أنا صح ؟
ثم صرخ بها :
_أنتي هتفضلي بصالي كده كتير ؟ خديني على أي مستشفي بسرعه .
_____________________