في صباح اليوم التالي ذهب عبد الرحمن مره أخرى إلى المكان الذي تعمل به ياسمين و سأله الحارس عندما رأى عبد الرحمن عن ياسمين فأجابه عبد الرحمن بأن لا خبر عنها حتى الآن و تركه و دلف إلى داخل المكتب و طرق باب مكتب المدير و دلف حين جاءه الأذن بالدخول ، رحب به المدير عندما رأه و عرف أنه والد ياسمين فسأله عبد الرحمن عن ياسمين و أخبره أنها لم تعد إلى المنزل منذ أمس فأندهش المدير من هذا و ظل يفكر إلى أين يمكن أن تكون ذهبت ياسمين أمس و لماذا لم تعد حتى الآن فقال له المدير بعدما تذكر :
_ هو أنا اخر مره شوفتها كان أمبارح هنا لما جت الصبح و بعدها أستأذنت و قالت أنها رايحه تعمل حوار صحفي عند بيت واحد أتقتل من كام يوم ومن ساعتها معرفش عنها حاجه خالص و كنت فاكرها روحت .
سأل عبد الرحمن في لهفه و خوف :
_ فين العنوان ده ؟
_________________
كان حمزه يجلس في غرفته بعدما خرج والديه و كان يفكر في رهف و كيف يجعلها تسامحه و تغفر له ما أرتكبه بحقها و هو حقاً صار يعشقها و يريدها و كان يخطط أن يكمل معها بقية حياته بعدما وقع بحبها و لكن كان للقدر رأي آخر و كانت الأيام تخبيء له ما لا بالحسبان و لم يكن يتوقع أن تعلم رهف هذه الحقيقه بيوم من الأيام و بهذه الطريقه أيضاً ، و ظل يفكر فيما كان يفعله بالماضي مع الفتيات الأخرى و كيف كان يتلاعب بمشاعرهن و يجعلهن يقعون في حبه و بعدها يتركهم و يذهب هو ليعلن فوزه بالرهان مع أصدقائه ولا يشغل باله بأي واحده منهن و ما تسببه لهن بأفعاله القذره و ماذا كان يستفاد من كل هذا بالنهايه ؟ كيف كان له قلب أن يفعل هذا بهن ، و كان يفكر ماذا كان سيحدث إذا كان لديه أخت و فعل أحدهم هذا معها أو فعل أكثر من هذا أيضاً مثل أصدقائه ؟ ماذا سيفعل حينها ؟ أنتفض قلبه من هول الفكره و علم حجم الخطأ الذي أرتكبه هو و أصدقائه .
و سب نفسه آلاف المرات على هذا الذنب و سمع صوت الأذان و كأن ربه يناديه لكي يذهب إليه و يدعوه أن يسامحه و يتقبل توبته و أن يهديه للطريق الصحيح و ينير له بصيرته فنهض من مكانه و دخل الحمام لكي يتوضأ و أدى صلاته و ظل يبكي في سجوده كثيراً و يطلب من الله أن يغفر له هذا الذنب و يسامحه و أن يجعل رهف أيضاً تسامحه و تقبله كزوج لها .
أنهى صلاته ثم أخرج المصحف من الدرج و فتحه بعدما مسح الغبار الذي تكوم عليه فنادراً ما كان يقرأ منه و هو صغير عندما كان يحاول تقليد والدته و يفعل مثلها و منذ وقتها لم يفتحه أبدا ً ، أدمعت عيناه حينما بدأ يتلوا أيات الله بصوت عالٍ و كانت تمسه في داخله و ظل يقرأ فيه إلى أن سمع صوت أحد يطرق على باب المنزل فأغلق المصحف و وضعه بجانب السرير على الكومود لكي يكون أمام عينيه في أي وقت ولا ينساه حتى لا يتراكم عليه الغبار ثانية .
ذهب و فتح باب المنزل و تفاجأ بأصدقاء السوء الذين شاركوه فيما فعله يجتمعون كلهم عنده بالمنزل و هم مبتسمين ثم دلفوا إلى الشقه دون أن يسمح لهم حمزه فهم معتادون على ذلك .
___________________في منزل عبد الرحمن كانت تجلس سعاد في الصالون على الأريكة و هي تبكي على أبنتها التي لم تعد إلى المنزل منذ أمس و كاد قلبها ينفطر من كثرة الحزن و البكاء عليها و هي لا تعلم شيء عنها ، و كانت يارا تبكي هي الأخرى و رهف تحاول أن تتذكر أي شخص من أصدقاء ياسمين و تذكرت أن ياسمين كانت تدون جميع الأرقام في نوت صغيره كي لا يضيع منها أي رقم فهرولت ناحية غرفة ياسمين و فتحت الدرج و أخرجت النوت و أخذت تقلب في صفحاتها إلى أن عثرت على بعض الأرقام لأصدقاء ياسمين و أخذت هاتفها و أجرت أتصالات بهم جمعياً و في كل مكالمه من أحداهن كانت تجيبها الفتاه بأنها لم ترى ياسمين منذ فتره كبيره ولا تعرف عنها أي شيء ، كان هذا رد جميع من أتصلت بهم رهف و خرجت من الغرفه و هي يائسه من إيجاد حل للعثور على أختها أو معرفة شيء عنها يطمئنهم عليها .
فذهبت رهف و جلست جانب سعاد و يارا و ظلت تبكي هي الأخرى على فقدان ياسمين و تذكرت حديث ياسمين إليها في أخر مره تحدثتا سويا و قولها بأنها تلجأ إلى الله دائماً في جميع أوقاتها و ظروفها و تبوح له بكل ما بداخلها و دائماً كان يستجب لها و لا يخيب لها ظناً به فأتجهت إلى الحمام و توضأت و صلت و في سجودها أخبرت الله بكل شيء يزعجها و يضايقها كما أخبرتها ياسمين من قبل و ظلت تبكي كثيراً و تدعوا الله أن يعيدها إليهم و هي سالمه و بخير و أنهت صلاتها و ظلت تتذكر كل تفاصيلها مع أختها و كل ذكرياتهن سوياً و كل لحظه سعيده بينهن ، كانوا يتقاسمون بها الضحكات و الفرح و اللحظات الحزينه التي كانوا يتشاركونها أيضاً و كيف كان حديثها طيب مثلها و يريح أي شخص ، كان لديها هدوء نفسي يثير إعجاب أي أحد و يتعلق بها بسهوله بسبب طيبة قلبها و صفاء نيتها و ثقتها بالله دائماً .
_________________