4 |شخصٌ سيء!|

4.1K 544 238
                                    

أخبرتُ لوران أنني سأعود لأتدرب قليلاً، توجهتُ ناحية المطعم المعتاد آخذاً الحافلة، ميريه التي تجلس في المقعد الذي يسبقني في الصف كانت في الحافلة أيضاً ولاحظتُ أنها نظرت إلي باستغراب عند صعودي، كان هناك مقعدٌ فارغ تركتُه كذلك لسيدة صعدت ورائي مباشرةً ووضعت ابنها الصغير على حضنها.

كان الطفل يحدق بي لوقتٍ لم يكن قصيراً، شعرتُ به، وحين بدأت الحافلة تتحرك نظرتُ إليه أخيراً لينفجر بالبكاء مما دفعني لأشيح وجهي بعيداً بينما أمه تحاول إسكاته، هل الأطفال بهذا النقاء حقاً حتى استطاع هذا الصغير رؤية الشيطان بداخلي بنظرةٍ واحدة؟

عقدتُ حاجبيَّ بانزعاجٍ لصوت بكائه، وشددتُ على يدي محاولاً نسيان ذلك، سمعتُ أدريان يتمتم بأشياء لم أرغب بالتفكير بها حتى، وضغطتُ على صدغي محاولاً إسكاته.

"أونار.." صوت الفتاة الهامس كان بقربي، نظرتُ لها لأجدها تقف بجانبي، على شفتيها ابتسامةٌ صغيرة وأشارت لي لمقعدها وهي تقول "يمكنكَ الجلوس مكاني."

"عذراً؟"

"يبدو أن رأسكَ يؤلمك، سيزداد ذلك إذا تعرضتَ للهواء البارد أثناء سير الحافلة." هي أشارت لفتحة التهوية القريبة من مكان وقوفي، وقد كانت بوضوح تشعر بالبرد أيضاً، ولكني شعرتُ بالامتنان للطافتها.

"أنا بخير، سأنزل في الموقف التالي.."

"أوه، هل تسكن هناك؟"

"لا، أنا ذاهبٌ إلى مطعم آزر."

عينيها لمعت بحماس وقالت "أنا أعيش بقربه، والدي يأكل هناك كثيراً، هل أنتَ ذاهبٌ لتناول الطعام وحدك؟"

لوهلة انقلب شعوري بلطافتها إلى انزعاج، وإحساسٌ مقيتٌ أنها تسأل وتتدخل، لذلك عقدتُ حاجبي بانزعاج، وحاولتُ السيطرة على أفكاري حتى لا أقول ما يجول في ذهني وأجرحها لأجيب "لدي صديقٌ يعمل هناك."

نبرتي كانت هادئة ولكني بدوتُ كشخصٍ ينهي الحديث، أشحتُ بوجهي أنظر للثلوج من النافذة وهي استندت على جدار الحافلة بجانبي تحرك قدميها بعشوائية ولم تعد لمكانها الذي بقي فارغاً، ونقرت أفكار أدريان القديمة رأسي، هذه الفتاة حتماً تحاول التقرب مني.

'هل صدقتَني الآن، إنها معجبةٌ بك؟'

"إنها سيئة الحظ كثيراً لتعجب بشخصٍ مثلي."

'بما أنها كذلك، هل تفكر أن تمرح معها قليلاً، هي لن تمانع على أي حال وستحظى أنتَ ببعض التسلية.'

كنتُ أعلم مقصده، ولعنتُه تحت أنفاسي مجاهداً ألا يظهر ذلك على تعابير وجهي، كنتُ أعلم ما يعنيه، وقد كنتُ شاباً بالثمانية عشر من عمره يقاتل دوماً الرغبات الشهوانية التي يبثها ذئبه في رأسه.

توقفت الحافلة عند الموقف، ونزلتُ دون أن ألقي التحية عليها إلا أنها نزلت معي، أردتُ فقط الذهاب لطريقٍ معاكسٍ لها وندمتُ على الفور أنني أخبرتُها بوجهتي، بينما مشت بجانبي دون أن تستأذنني، تنظر إلي بفضول بين الوقت والآخر بانتظار أن أقول شيئاً ما، ولكني لم أفعل، ولم تجرِ أي محادثةٍ بيننا حتى وصلتُ إلى باب مطعم آزر، وهي ابتسمت بخفة لتقول أخيراً "أراكَ في الغد، استمتع بوقتك."

The Cursed Child | الطفل الملعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن