في المساء اتصلت بي هينار مجدداً، كنتُ قد قضيتُ وقتاً طويلاً في غرفتي المعتمة أفكر لوحدي، وشعرتُ أني سأصاب بالعزلة إن استمررتُ بهذا مما دفعني لأجيبها، حين قلتُ لها "مساء الخير" خرج صوتي مبحوحاً قليلاً بسبب صمتي لساعاتٍ طويلة، وهادئاً للغاية.
"مساء الخير، ما به صوتك؟"
"لا شيء.. كيف حالك؟"
"أنا بخير، ما الذي تفعله؟ هل أنتَ متفرغ؟"
"أجل.. ما الأمر؟" أجبتُها وأنا أعود للوراء أسند ظهري على السرير لأشعر بابتسامة صغيرة منها وهي تقول "أريد أخذكَ إلى مكانٍ ما، هل ترغب بالذهاب؟"
"أي مكان؟"
"لنشاهد المدينة والنجوم من مكانٍ عالٍ، مكانٌ لم تذهب له من قبل.."
"لقد عشتُ كل حياتي هنا، هل أنتِ متأكدة أنكِ ستأخذينني لمكانٍ لا أعرفه؟" سألتُها ساخراً لتضحك بخفة وترد "ثق بي.."
"سأفعل.. هل نلتقي الآن؟"
"أجل.. على بعد شارعين من منزلك."
"سآخذ سيارة أبي وآتي، هل ترغبين أن أقلك؟"
"لا تخف سأسرق سيارة ريمون.."
بدت نبرتها عابثة واستطعتُ أن أتخيل تعابير وجهها لأضحك بدوري، نهضتُ من مكاني لأشعل ضوء غرفتي أخيراً، بدلتُ ملابسي لشيءٍ مناسبٍ للخروج ونزلتُ للأسفل نحو الصالة حيث يجلس أبي ليحضر محاضراته وتساعده أمي ببعض المراجع، سيرا كانت معهم تحاول الدراسة قليلاً بسبب انتقالها المتأخر.
"سأخرج مع صديقتي قليلاً." قلتُ لهم ليلتفت الثلاثة نحوي باستغراب، ابتسمت أمي رافعةً حاجبيها وهي تسأل "صديقتك؟؟"
"أجل.. سآخذ السيارة.."
"انتظر.. من هذه الصديقة التي لا أعرفها؟"
"أمي.. إنها مجرد صديقة." قلتُ وأنا أعبث بشعري لتنظر لي سيرا بطرف عينيها مما دفعني لأضيف "إنها الفتاة القادمة من قطيع بوسايدن، حدثناكم عنهم."
"أوه.. وأصبح لديكَ صديقةٌ منهم بهذه السرعة؟" ضربتني سيرا في مرفقها ببطني لأتأوه بألم، لم أكن قد شعرتُ بها حين أصبحت أمامي، هذه الفتاة مرعبةٌ أحياناً.
"اعتني بنفسك.." قالها أبي وهو يرمي مفتاح السيارة لي لأومئ وأغادر، خلال عشر دقائق كنتُ في المكان الذي أرسلته هينار لي، ركنتُ السيارة في أحد المواقف القريبة، ودرتُ بعيني أبحث عنها قبل أن أجد سيارةً أخرى تقترب أيضاً.
كان تجلس على المقد الأيمن بينما لم أستطع بسبب الضوء القوي أن أتبين السائق، حين توقفت السيارة أمامي ونزلت منها رأيتُ شاباً آخراً كان يقود السيارة، نزل بدوره ومد يده لي وهو يقول "تشارفير بلابير، أنا ابن عم ريمون."
أنت تقرأ
The Cursed Child | الطفل الملعون
Manusia Serigalaثمة الكثير من الأشياء في رأسي، تتضارب مع بعضها البعض بلا توقف، لا أستطيع السيطرة عليها، أحياناً أصبح شخصاً عنيفاً بلا سببٍ محدد، وأعلم تماماً انني أسبب المعاناة للأشخاص حولي، ولكنني في نهاية الأمر أحتاج أن أتزن، وأنا أحتاجك لأتزن!! الطفل الملعون.. ...