36 |ثلاث كلماتٍ أخيرة|

3.2K 482 162
                                    

كان الأمر مثل صفعة! مثل شيءٍ يقلب كل الأمور رأساً على عقب!

علمتُ يقيناً أنني لن أعتاد على حياتي الجديدة، ولكنني فجأةً وجدتُ نفسي أعود لذاتي القديمة، لم يكن الأمر بشكلٍ تدريجي، كنتُ جالساً وحسب في الصالة مع الجميع حين بدأتُ أعود، بدأتُ أسمع أنفاس الجميع، صوت ضربات قلوبهم، صوت كل حبة مطرٍ تضرب الأرض في الخارج، صوت الساعة في غرفة الجلوس، والغرف في الأعلى أيضاً، صوت خطوات المارة المستعجلة في الطريق، واحتكاك إطارات السيارات في الخارج بالأرض، كنتُ أشعر أن بوسعي سماع صوت الدم وهو يسير في شراييني، وفي نفس الوقت شعرتُ بحاسة شمي تعود أيضاً، وكذلك بالإحساس المميز للمستذئبين، سيرا وأبي وروي في الغرفة.

شعرتُ بكل تلك الأحاسيس تضربني مرةً واحدة، وكل تلك الأمور أصابتني بصداعٍ حاد للغاية في رأسي، ولكنه كان صداعاً مألوفاً، كنتُ أعرفه تماماً، لم تكن المرة الأولى التي يصيبني به، رغم أنني تأقلمتُ معه كثيراً ولكنه كان مؤلماً مثل كل مرة.

أفلتتُ فنجان الشاي من بين أصابعي ليقع على الأرض، ساد الصمت بين الجميع ونظروا نحوي بينما أضع كلتا يدي على صدغي وأعقد حاجبيَّ بشدة، في البداية لم يفهموا ما الأمر، ولكني كنتُ أحرك يدي اليسرى، وخلال لحظات كان الألم قوياً للغاية مثل آخر مرةٍ مع هينار وعرفتُ أنني أتحول.

وقفت أحاول الخروج من الغرفة مبتعداً عنهم، ولكن أبي وقف بوجهي، أمسك بي من كتفيَّ بقوة ونظر لي، كنتُ أشعر بأنفاسه متسارعة ونبضات قلبه تضرب صدره بجنون وصاح بذعر "لا أرجوكَ أونار، أدريان.. أرجوكَ لا تفعل!"

كان ذلك مثل ضربةٍ للجميع، الشيء الذي أردتُه والذي سيؤلم أبي وأمي وتوأمي وصديقة طفولتي ورفيقتي، الأشخاص الذين كانوا يريدونني كيفما كنتُ بينما كنتُ أرغب بالمغادرة لأني لا أريد أن أكون عبئاً عليهم، كانت تلك اللحظة التي ستقلب كل شيء، كل الموازين التي بدأ الجميع سواي يتزن عليها، وبعد تلك اللحظة سنكون جميعاً في مكانٍ آخر، في موازينٍ جديدة نحتاج الكثير لنتأقلم معها!

أبعدتُ يديَّ عن رأسي، ونظرتُ إلى أبي مباشرةً، إلى عينيه القويتين اللتان ترتجفان بالخوف لأول مرة، وكل المحادثات القديمة مرت في رأسي، هو لا يريد هذا، لا يريدني أن أموت، لا يحتمل الذعر والخوف في أن يواجه العالم وقد خسر ابنه.

ولكنني أريد، أنا لا أحب أن أبقى معلقاً في أموري ولا عالقاً على كرسيٍ متحرك، أريد أن أنهي كل شيء مع أدريان، أن أفوز أو أن أخسر..

"لا تترجَ أحداً، أنتَ مارتينوس إيثوس الهجين الذي لا يوجد مثله أحدٌ في هذا العالم، لا تترجَ أحداً أبداً ولو من أجلي!"

أخبرتُه بتلك الكلمات بقوة وأنا أنظر في عينيه مباشرةً، وعلى الفور تغيرت تعابير وجهه، يلومني بنفس الطريقة التي لامني بها حين كان يتحدث مع والد جاك أستون، تلك الطريقة التي يخبرني بها "أنا والدك، سأفعل أي شيء من أجلك."

The Cursed Child | الطفل الملعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن