20 |متسلط|

3.5K 479 203
                                    

تُرك سؤال روي معلقاً بلا إجابة، وانسحبت هينار من المكان هاربةً خلف أجساد أصدقائها الثلاثة الذين كانوا ينوون مواجهة روي لو حاول الاقتراب منها، روي قرر ألا يقترب وبقي واقفاً في مكانه قبل أن يتراجعوا ويلحقوا صديقتهم دون أن يقولوا أي شيء، وصلوا حرفياً منذ عشر دقائق والجو العام بالمكان انقلب تماماً، وبقي سؤال روي ينقر في عقلي من أعلى جبيني حتى مؤخرة رأسي.

بدا أنَّ أبي قد قرر تأجيل الأمور الخاصة بنا لنحلها فيما بيننا، ولذلك وضع يده على كتف رونالد وهو يقول "خذ روي في جولةٍ حول المكان."

استجاب رونالد له وأشار لروي وهيلر ليسير معه روي أيضاً، ابتلعتُ ريقي أحدق بالمكان الذي فرغ بجانب الباب حيث كان كلاً من روي وهينار هنا، يتشاجران، ويناقشان شيئاً لم أفهمه بينما اقتربت سيرا مني ووضعت يدها على كتفي لألتفت لها بأعينٍ متسعة لتقول "أفزعتك؟"

"لا.. ماذا تريدين؟"

"هل أنتَ بخير؟ تبدو مشتتاً؟"

"أنا.. مصدومٌ فقط.." همستُ الكلمتين الأخيرتين غير مستوعبٍ ما الذي حصل للتو ثم تنهدتُ والتفتُ لسيرا وقلت "ماذا بين والدكِ وهينار؟"

"لا أعلم، لم أسمع باسمها في حياتي."

"وقطيع بوسايدن؟"

"لم أسمع باسمه أيضاً حتى حدثتني أنتَ بشأن قدوم بعض أفراده إلى هنا."

لم أجبها، فتحتُ الباب لأغادر لتلحقني، وصعدتُ للأعلى لأستنشق الهواء النقي، وعلى الفور رميتُ بجسدي على أول كرسيٍ أمامي في المطعم الفارغ.

"هل حصل أي نزاع بينكَ وبين هينار؟" حركتُ رأسي نفياً لتزفر وتقول "وهل تثق بها؟"

سؤالها صدمني، نظرتُ لها باستغراب وأخذتُ نفساً طويلاً ليساعدني على التفكير، ولكنني خلال لحظات شعرتُ أن هذا النفس يخنقني وأن صدري قد ضاق به.

هل أثق بها؟ أنا حتى لم أفكر بهذا من قبل، كل ما فكرتُ به أنني مأخوذٌ بها، بلطفها ودفئها وضحكتها الجميلة وتصرفاتها الغريبة اتجاهي واقترابها مني وحتى لمساتها الحنونة، كل ما فكرتُ به هو تقبلها كرفيقتي أو تقبلها لي، إن كان بوسعي أن أخبرها عن حقيقتي أو أن أرمي أثقالي عليها وامتناني أنها أكثر وعياً مني حتى تملك بعض القدرة على احتواء كل ذلك.

ولكن.. هل أثق بها؟ هذا السؤال أكبر مني بكثير! ربما كنتُ صغيراً جداً لأدرك ما معنى أن تثق بشخصٍ ما، ربما كنتُ أحمقاً جداً حتى أنسى هذا السؤال، أو أتجاهل كل الأشياء فقط لأنني أشعر براحةٍ معها، وإن كانت هذه الراحة غير كافيةٍ لتوقف شياطيني.

"لا أعلم.." قلتُ أخيراً لتجلس سيرا أمامي، نظرت إلى عيني مباشرةً وكنتُ أعرف هذه النظرات من سيرا، كنتُ أعرف أنني قد أعجز بعد هذه النظرة على الكذب أو الاختباء منها، فسيرا رغم ذهابها الطويل إلى لندن إلا أنها كانت دوماً تعود إلى هنا، لقد كانت معي منذ الطفولة، وهي تفهمني كثيراً، أحياناً أكثر من توأمي.

The Cursed Child | الطفل الملعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن