بعد مرور أسبوعُ واحد اضطررتُ للتغيب عن المدرسة، الأجواء أصبحت أكثر برودة مع عاصفةٍ ثلجية مرعبة، وأمي الجميلة تصاب بالمرض كثيراً في هذه الفترة من السنة، قررتُ أن أتغيب لأعتني بها لأن والدي كان مشغولاً ببرنامج محاضراتٍ كبير وأخبرتُ لوران أنني أتغيب عن حصصي كثيراً بالفعل لذا لن تكون مشكلة لو بقيتُ في المنزل معها.
رفعتُ التدفئة المركزية في المنزل، وشغلتُ مدفئة الحطب الكبيرة في الصالة لتنتشر رائحة احتراق الأخشاب مانحةً جواً آمناً، أمي استلقت على الأريكة الكبيرة وساعدتُها بوضع جسدها أسفل الأغطية السميكة ودثرتُها بها جيداً حتى تذمرت.
أمي تملك تصرفاتٍ طفوليةً أحياناً، هذا ما يجعلها بريئة ولطيفة، وأظن أن أبي يحبها لهذا السبب، جلستُ بجانبها ومررتُ يدي على شعرها الأحمر السميك، هي تملك شعراً أصهباً مجعداً، لطالما سمعتُ والدي يتغزل به.
"أتساءل لم لم ترث لوران هذا اللون الجميل؟" قلتُ بابتسامةٍ صغيرة لتضحك وترد "لأنها جنية، جميعهنَّ شقراوات."
"رغم أنكِ لم تقابلي أحداً منهم؟"
"أنتَ تعلم أن والدكَ هجين، هو يستطيع التحول لذئبٍ رمادي بأعينٍ فضية أو جنيٍ بشعرٍ أشقرٍ طويل وأعينٍ ذهبية، لقد رأيتُه، ورأيتُ بعض الرسومات والصور لجدتكَ حين زرنا قصر قطيع إيثوس منذ سنواتٍ، ولا تنسى الخال أونار."
ضحكتُ لردها وحركتُ رأسي إيجاباً، كيف نسيتُ خال والدي الذي سماني أبي على اسمه، لقد كان ملتصقاً بعائلتنا منذ سنواتٍ طويلة، لوران تمضي وقتاً معه أكثر من بقائها مع العائلة أحياناً.
تأكدتُ مجدداً من دفئ المنزل، ووقعت عيني على شريط الدواء الناقص لأعرف أن أمي أخذت دواءها، اطمأننتُ أني قمتُ بما علي القيام به وجلستُ على الأريكة بجانبها لأشعر بها تتحرك وتضع رأسها على كتفي، كانت ثقيلةً لأن الأغطية تحيط بها ولكني ابتسمت وقلت "أمي.."
"ما الأمر صغيري؟"
"ما هو شعور أن تكوني زوجة مستذئب؟"
"تعني هجين.." هي ضحكت مصححةً لي لأضحك بدوري مما دفعها لتقول "لقد كان تحدياً مذهلاً، ولكنه عرَّفني على معنى الحياة، لقد خضتُ تجارباً لم أتوقع أن أخوضها مطلقاً."
"هل أنتِ سعيدة بهذه التجارب؟"
"أنا ممتنة.." قالت بهدوء، شعرتُ بابتسامة على شفتيها بينما بدأ جسدها يخمد قليلاً بفعل الدفء المنتشر والدواء، ابتعدتُ عنها وساعدتُها لتستلقي على الأريكة ووضعتُ وسادةً أسفل رأسها، وتوجهتُ نحو المطبخ، تمنيتُ للحظة لو أنني أخبرتُ أبي أن يعتذر عن محاضراته ويبقى مكاني، كان سيعد لها الحساء، ويصنع عصيراً طبيعياً لتستعيد نشاطها، لطالما كان والدي جيداً بالاعتناء بالآخرين، رنت كلمات آلان في رأسي "عليكَ أن تعتني به" وسخرتُ منها لا إرادياً لأنني كنتُ سيئاً جداً لأعتني بأحد.
أنت تقرأ
The Cursed Child | الطفل الملعون
مستذئبثمة الكثير من الأشياء في رأسي، تتضارب مع بعضها البعض بلا توقف، لا أستطيع السيطرة عليها، أحياناً أصبح شخصاً عنيفاً بلا سببٍ محدد، وأعلم تماماً انني أسبب المعاناة للأشخاص حولي، ولكنني في نهاية الأمر أحتاج أن أتزن، وأنا أحتاجك لأتزن!! الطفل الملعون.. ...