كان يحمل غطاءا ووسادة بين يديه وهو محمر الخدين و نظراته حانية ، ليقول لي حينها : " يمكنك النوم بالداخل على سربري لقد جهزته لك . أنا سأنام على الاريكى هنا إن احتجت شيء... ارتاح الان وغدا نتوجه لرؤية الاصدقاء فهم قلقون بشأننا"
أحنيت بدوري رأسي و أخذت محفظتي ثم توجهت للغرفة لأتذكر فورها تلك النظرات التي رمقني بها وهو في السيارة قبل الاصطدام، كان يائسا ، كان بائسا ، كانت نظراته محطمة .. لأتوقف و أقول دون الالتفاف له:" هل كان عليك الاصطدام بالسيارة لتنقذني ؟ كنت ستتسبب في مقتلنا هناك ؟ وتقول أنني المتسرعة و الطائشة ؟ تصبح على خير و شكرا على انقاذي " .تنهدت عميقا وأنا أجلس على ذلك السرير الأسود و الأبيض اللون. نظرت من حولي في الغرفة لأحس بغرابة المكان ، وربما هو فقط شعور الحنين لبلدي ، لغرفتي الغير مرتبة و التي أينما وضعت نظراتي بها أجدها ممتلئة بالأحاسيس ، على عكس غرفته الباردة.كان لون كل شيء متناسق ، أبيض و أسود : كنبة بيضاء كرسي المكتب أسود ، اللوحات على الحائط كذلك ، المزهرية أيضا ... لا أدري إن كان هذا ما يسمونه تناسقا بالألوان، لكن بالنسبة لي بدى و كأنني بزنزانة سجن قلبي استشعر فيها الضيق، لأقوم من مكاني باحثة على أقرب النافذة لأفتحها و استنشق الهواء العذب الليلي :" اشتقت لأمي و أبي العزيزي و فاطمة كذلك"سمعت بعدها صوتا غريبا كأجراس في الخارج . خرجت مسرعة بحثا عن سبب الصوت و لأنبه رواد ، فإذا بي أجده نائما كطفل صغير منكمش بعفوية فوق الكنبة و الغطاء قد سقط على الأرض .. أخذته وأعدت وضعه عليه لأتفاجأ به وهو يخرج كلمات عند نومه غير مفهومة لكنها كانت حزينة ، لأن وجهه كان كمن يشتكي لشخص في حلمه :" هل يشتكي مني في أحلامه ربما ؟ بل أكيد !! ربما هو يقوم بشتمي حتى في أحلامه ، بما انه لا يستطيع ذلك في الحقيقة . ههه"فاتفاجا بيد توضع على كتفي وتقول :" هل مازال يتحدث أثناء نومه كلما مر عليه يوم عصيب ؟"من ؟؟ !! " خالتي ؟" والدة رواد الفرنسية :" أهلا عزيزتي جنان ؟ كيف أحوالكما ؟"جنان متفاجئة :" الحمد لله بألف خير ، أنا ... أنا !"والدة رواد وهي تجلس مبتسمة :" إذا في هذا الصباح الباكر ، ماذا تفعل عزيزتي مستيقضة ؟"جنان تهم باتجاه المطبخ :" سأجهز الفطور لنا يا خالتي ، هل جأت من المغرب مباشرة ؟"والدة رواد :" نعم ، وصلت عند الخامسة صباحا و توجهت للفنذق لأتفاجأ بباتريك يخبرني انكما ستبيتان في منزل رواد الخاص . لكنه حقا فاجأني بإحضارك ، وهذا أسعدني جدا لأنه يعني أنه يعتبرك اقرب الناس إليه ، فأنا أمه لم يستظفني يوما هنا"جنان مستغربة :" لكنك دخلت البيت و.."والدة رواد :" ههههه هذا لأن ابني الغبي يضع كرقم سري للمنزل سنة ولادته ، لذا من السهل دخوله في غيابه ، هههه"ابتسمت جنان لها و جهزت القهوى و بعض الحلوى التي أحضرها رواد البارحة و جهزت الطاولة :" هل الجميع بخير في المغرب ؟ العم أبي و أمي و فاطمة"نظرت لها مطولا ثم قالت مبتسمة :" أنتم من عليكم اخبارنا عنكم ؟ هل دراستك هنا بخير ؟ هل أموركما تمر ( وهي تهمس ) بالف خير ؟ هل تقربتما من بعضكما ؟"جنان تفاجات من كم الأسئلة التي بدأت تسقط عليها وفي تلك اللحظة :" أمي ؟ ؟ ؟"نهض من مكانه متفاجئ و أنا كنت قد جهزت الطاولة ، بعدها جلسنا جميعا و ......................أم رواد :" سيكون زفافكما بعد شهر من الأن وطبعا هذا الخبر كان قرار كل من اب جنان ووالدك رواد ، وبما أنكما تقربتما لهذه الدرجة فأعتقد أنه لا داعي لترككما أكثر لنقم حفل الزفاف و نفرح بكما " ........ صدم كلانا .... لكن تلك اللحظة، اعتقد أنه أنا فقط من كان في صدمة كبرة ، اما رواد فقد كان وكأنه تقبل الخبر ببعض من الاستغراب لا أكثر ......... ماذا يجري معه ؟ ماذا يجري مع والدي كي يقررا هذا دون إعلامي ؟ مااااذااا يجري لي ولحظي السيء منذ اليوم الذي وضعت فيه قدمي بهذه المدينة ، التي يسميها أهلها بمدينة الأنوار ؟؟؟ تراجعت قليلا في صمت وانا أحذق به وهو يسألها عن سبب تعجيلهم للموعد ، كنت كمن تلقى رصاصة . هل ربما لأنني تحدثت معه بتلك الطريقة البارحة اعتقد انني قد أقبل هذا الزواج ؟؟ مستحيل ، أنا لن أنسى أبدا المواقف المحرجة التي تعرضت لها من أول يوم قابلته ، نسيانه خاتم الخطبة ، سخريته مني عند اعطائه رقم هاتفه ، و اهانتي يوم خطبتي بوضعه في اصبعي خاتم صديقته السابقة ، وحتى أول يوم ببرايس ، صرخ بوجهي و افرغ كل غضبه دون أن يسمع مني ؟ وحتى اليوم ، نفس الشيء ، يصرخ ويصرخ ويغطي كل ما قد يبديه من مشاعر رحمة باتجاهي ... فكيف أتخيل نفسي زوجته ؟؟؟ أنا حقا وحيدة وبائسة ، أنا حقا لن أتحمل أكثر ، ولن اصمت أكثر .. وإن كان هو لا يعي ما يفعل ؟ فأنا سأجعله يعي جيدا الموقف . . .
أنت تقرأ
Why Would We Get Married? لِمَ سنتزوج ؟؟
Randomكانت هي فتية عنيدةً بلسانهآ الذي تجاوز بفلسفته سنها الصغير بسنوات ....بينما كانَ شاباً وسيماً فيه شيء من الغرور بنظرته الثاقبة وادعائه النضج رغم طفولةِ قلبه... كانت بدايتهما حبة زيتون ...ثم كآنا اللقلق الذكي والثعلب الماكر ، كانا كمنافسين يتسابقانِ...