كنتُ كلما أقترب منها أجدها أبعد ، كالطريق السيار الذي لا نهاية له ، يمتد فقط وكلما مشيتُ فيه ينتابني شعور بضيق بقلبي و اشتعال تنفسي بنار الحُرقة لأنني أعلم أنني مازلت بعيدا عن الوصول.
كانت هذه حالي و أنا اقف و أنظر إليها اليوم بصدمة وهي تمسك يده بابتسامتها تلك التي تقتلني أكثر كالخنجر الذي يقطع كل شرايين الدم التي تضخ الدم لقلبي الثائر ....
" رواد ؟ رواااد ؟ رواااااااد ؟ "
" من ؟ ماذا ؟ لما الصراخ ، نحن في المكتبة أخفض صوتك"
نظر إليه باترك بعلامات الاستغراب عندما أجابه رواد وهو بالفعل غائب عن الإدراك :" صديقي ما بك ؟ هل حدث شيء ما في المنزل ؟"
رواد يحدق للكتاب بيده ولا يلتفُّ لباترك :" أي منزل ؟ الجميع بخير كما أعلم و أمي تشتاق لزياراتكم المفاجأة "
باترك وهو مندهش يمد يده أمام رواد و يشير أمامه بها صعوداً و نزولاً ليتأكد من سلامة بصره و حسه :" رواد ؟ انا أتحدث عن بيتك الجديد ، و زوجتك جنان هل أنتما بخير ؟ هل حدث بينكما شجار ما ؟"
حينها وبقوة تجعل باترك يرمش كلتا عينيه وهو يتأسف من حوله و يتراجع لخطوات إلى الوراء ، أغلق رواد الكتاب بصخط عند سماع اسم جنان ، ليرتد الصوت في أرجاء المكتبة الهادئة تجعل الجميع محدقا بهما .... " أنت، لا ترم باسمها أمامي ، لا أريد سماعه ، يكفيني ما أسمعه من الداخل في عقلي "
باترك وهو يجره جانبا لزاوية في المكتبة لا يتواجد بها الكثير من القراء ويجلسه على كرسي بالقوة ليفهم منه ما جرى :" أنتَ ؟ ماذا فعلت لها مرة اخرى؟ هي حقا لا تستحق كل هذه الكلمات التي أخرجتها في حقها منذ قليل . لابد من أنه سوء فهم وحسب ، خذ الأمور بروية يا صديقي ، فهي مازالت فتاة في التاسعة عشر و تمر بظروف قاسية بعد فقدانها والدها قبل أشهر قليلة "
رواد يحدق به بتفكير ثم يرد :" أنت لا تعلم أي شيء لذا لا تتحدث عنها و كأنها فتاة بريئة ، أنا الوحيد الذي يعلم ما يجري ، وحقيقتها ...."
باتريك :" حسنا ، من يستمع لحديثك هذا ، لن يظن أنكما حديثا الزواج ، بل أنكما عدوان لدودان و تتبادلان بدل الحب الكره الشديد ....فهمت الآن لما هي خرجت مسرعة منذ قليل ، كانت خائفة من أن تراها و تغضب بوجهها كما تفعل الآن أمامي "
رواد يقطب جبينه باستغراب :" من تقصد بكلامك هذا ؟"
وهو يقوم بجر كرسي ليجلس أيضا بقرب رواد و يضع يده على كتفه قائلا بابتسامة :" أتحدث عن زوجتك ، لقد كانت هنا يا صديقي منذ قليل قبل وصولي ، و أظنها كانت تتبعك للتحدث معك و اصلاح الأمور لولا وصولي أنا ، لتحرج بعدها ثم تبادلني الحديث دونما إظهارها أي شيء . لقد أخبرتني أنها أتت فقط لأخذ كتاب ما في طريقها ، هل تصدق حقا هذا ؟ أنتَ محظوظ يا صديقي ... زوجتك حقا رائعة ، عليك الذهاب إليها و مصالحتها ولا تكن كالاطفال ، كن السبّاق للمصالحة ، ليزداد حبها لك "
أنت تقرأ
Why Would We Get Married? لِمَ سنتزوج ؟؟
Randomكانت هي فتية عنيدةً بلسانهآ الذي تجاوز بفلسفته سنها الصغير بسنوات ....بينما كانَ شاباً وسيماً فيه شيء من الغرور بنظرته الثاقبة وادعائه النضج رغم طفولةِ قلبه... كانت بدايتهما حبة زيتون ...ثم كآنا اللقلق الذكي والثعلب الماكر ، كانا كمنافسين يتسابقانِ...