10

44 10 0
                                    


ظل ملكا ياقوتة والهيجاء يرسلان الجنود إلى جبال اليبس بحثا عن الملك الهارب، وكل مرة أرسلا عددا أكبر من المقاتلين، حتى أرسلا عشرات الحملات. وظل أفراد قوة الحماية بقيادة جاسم يصطادون الجنود الغازين بسهولة بالغة، باستخدام أسلوب حرب العصابات.

وهذا – على عكس المتوقع- لم يزرعِ اليأس في قلبي الملكين العدوين، بل زاد من عنادهما كل مرة، حتى بلغ السيل الزبى، وقررا أمرا معينا هو إرسال قوة ضخمة مشتركة تضم جنودا من كلتا المملكتين، واختار الملكان رجلا يدعى رضا قائدا لهذه القوة التي احتوت ما يزيد على سبعة آلاف مقاتل. اختياره كان مدروسا بعناية، فالرجل كان أحد قادة جيش ياقوتة الكبار، وتمتع بقوة عظيمة وشدة وبأس. ولكن أهم ما ميزه، هو خبرته التي امتدت لسنوات طويلة، في ملاحقة أهم قادة قطاع الطرق والمجرمين في ياقوتة، ولم يحدث قط أن كلف بمهمة جلب رأس أحدهم وفشل في ذلك.

أولى خطوات القائد المحنك الخبير رضا، كانت حصار جبال اليبس من جميع الجهات، ومنع دخول أي شيء أو أحد إليها أو خروجه منها. لقد أدرك من خلال خبرته، أن أفضل وسيلة لاصطياد الفريسة، ألا تذهب بحثا عنها، بل أن تجعلها تأتي بنفسها إليك. ولذلك حاصر أهل الجبال حتى يجبرهم على الخروج منها فينقض عليهم، فقد أدرك جيدا، أن اقتحام هذه الجبال الوعرة أمر صعب وخطير جدا، لا سيما مع العدد الكبير من الجنود الذين قادهم.

لكن ما لم يحسب رضا حسابه هو أن أهل الجبال كانوا محنكين وأذكياء؛ فالقائد جاسم حرص دوما أن يتواجد فيها ما يكفي أهلها لما يزيد على السنة. ومن خلال عيونه التي انتشرت في البقاء المحتلة، علم بزحف القوة الضخمة بقيادة رضا باتجاه جبال اليبس، لذلك قبل وصول القوة، جلب من المناطق المحيطة بالجبال كل ما ينقص أهلها، واستعد لحصار طويل. كما أنه بعد حصار رضا للجبال، إذا احتاج أي من أهلها لأشياء، فإنهم بخبرتهم للجبال وحفظهم لطرقها الوعرة، اعتادوا في الليل أن يتسللوا ويخرجوا منها ويعودوا إليها بخفة حاملين ما يحتاجونه، دون أن يشعر بهم جنود رضا.

أحكم رضا الحصار ما يزيد على ستة أشهر، وللأسباب السابقة كلها فشل حصاره في إجبار أهل الجبال على مغادرتها؛ لذا وصل إلى طريق مسدود وبات حتميا عليه أن يصعد الجبال الشاهقة الأكثر ارتفاعا في البقاء بل حتى في الهيجاء وياقوتة.

بدأ في صعود الجبال بكل جنوده، لكنه استفاد مما حدث مع القوات السابقة التي أرسلها ملكا ياقوتة والهيجاء إلى الجبال. لذلك حرص أن يظل عدد كبير من الجنود مستيقظا طيلة الليل ليحرسوا البقية، وقد تناوب الجنود على هذه الحراسات الليلية. وكل هذا لأن أفراد قوة حماية الملك الهارب اعتادت أن تضرب دوما في الليل. كما أنه حرص دوما أن يتقدم قوته الضخمة قوات صغيرة تذهب في جميع الاتجاهات للاستكشاف، وبالتالي تكشف أي رماة يتجهزون لاصطياد جنود قواته، وبالتالي لو اصطاد الرماة أيا من جنود القوات الصغيرة، فسيعود بعض من جنودها لتحذير أفراد القوة الكبيرة وبالتالي لن يخسر رضا كثيرا من المقاتلين.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن