23

23 11 0
                                    


ظل المقاتلون والمتطوعون يتجمعون في مدينة الفيحاء، واقترب موعد الهجمة المخطط لها على معسكر ياقوتة القريب.

كان على الملك الهارب أن يعين قائدا للجيش المتجمع في الفيحاء، وقد اختار جاسما قائد قواته، قائدا للمقاتلين المتجمعين هناك.

انتقل الملك الهارب والقائد جاسم وقائد الحرس عاصم إلى الفيحاء، وكذلك انتقل إليها الزبير وأمين وسليم. وأثناء هذا كله، تعمد الملك وأتباعه تغيير لباسهم، ولبسوا ألبسة متعددة الألوان غير موحدة، كما أن الملك وجاسما ظلا متلثمين طيلة السفر.

وبعد تجمع عدد هائل من المقاتلين في الفيحاء، حان موعد الهجوم. وضع الزبير خطة الهجوم. ونصت على إحاطة المقاتلين بالمعسكر من جميع الجهات، بحيث يهجمون على المعسكر من جهة ويبقون على مسافة بعيدة نسبيا من الجهة الثانية. وقد خطط لأن يتم الهجوم ليلا، وهذا ما حصل.

وفي إحدى الليالي، تهيأ مقاتلو البقاء للمعركة.

وخرج الملك وريان والزبير والمغيرة وأمين وسليم مع المقاتلين.

توجه الزبير إلى سليم الذي أحاط به ثلاثون مقاتلا من فرقة الزنوج لحمايته. فعدد كبير من مقاتلي الكثبة وكل فرقة الزنوج، تجمعوا ككثير من أهل البقاء في الفيحاء.

انبهر سليم من منظر أعضاء فرقة الزنوج، مفتولي العضلات، طويلي القامة، عريضي المناكب، والذين ظهرت عليهم علامات القوة والبأس الشديدين.

قال الزبير لسليم: سليم - كما وعدتك ووعدت والدتك - سأحافظ على حياتك، أريدك أن تبقى هنا وألا تخاطر بحياتك.

ثم وضع الزبير يديه على كتفي سليم، وقال: أنت ابني، وعزيز علي، ومنذ رأيتك أحسست بمشاعر الأبوة والمحبة تجاهك.

وأكمل: يجب أن تظل حيا لتبث الثقة في صفوف المقاتلين.

اعتاد الزبير أن يحادث سليما باستمرار، ولطالما أخبره أنه يشعر بأنه ابنه، وفي تلك الليلة تحديدا حادثه مرارا وتكرارا طالبا منه ألا يتهور ويشارك في القتال. وطلب مرارا وتكرار من مقاتلي فرقة الزنوج المنوطين بحراسته، أن يمنعوا حتى الرياح من الاقتراب منه.

وفي تلك الليلة كذلك، توجه الزبير إلى أمين، وقال: أمين، تذكر اتفاقنا جيدا. أنت حيا أهم لنا منك ميتا... لا يمكن لخطتنا أن تنجح... لا يمكن للبقاء أن تعود، إذا فقدناك. إياك أن تتهور وتشارك بالقتال.

أومأ أمين برأسه، مع أن الحزن ملأ قلبه؛ لأنه أراد من كل ذرة في قلبه أن يشارك في القتال، وأن يضحي بحياته في سبيل بلده البقاء.

كذلك أوكل الزبير إلى ثلاثين من فرقة الزنوج حراسة أمين، وأن يمنعوا حتى الرياح من الاقتراب منه.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن