الفصل الحادي عاشر البديلة ((38))

23 8 0
                                    


وظل الزبير على حاله من الحزن على سمية، والجلوس وحيدا مع الخنجر الذي أهدته إياه، وقلة الاختلاط حتى بأقرب المقربين له. وقد شاع كل هذا في البقاء بأكملها.

وذات يوم أتى لزيارة الزبير ضيف لم يتوقعه أبدا. توجه الزبير إلى إحدى شرفات قصر الكثبة المطلة على الهواء الطلق، فوجد حورية بانتظاره، وعلى بعد مسافة غير بعيدة وقف حارسها – غريب الأطوار – عكرمة، وهو يضع يده اليمنى على اليسرى، ويضع الأخيرة على ظهره. تفاجأ الزبير من مقدمها، وتساءل ماذا تريد.

"أهلا بك" قال الزبير بعد أن جلس، وقد انتبه جيدا لعنايتها بنفسها أقصى عناية، فقد تزينت بأجمل زينة، وتعطرت بأطيب عطر، ولبست أفضل لباس.

"مرحبا، أيها الزبير" قالت حورية ثم ارتشفت من كأس الشاي الذي ضيفه لها الخادم. ولم يكترث الزبير بعدم مخاطبتها له ب "مولاي" وهو ملك البقاء بأكملها.

ثم أضافت: كيف حالك؟ سمعنا أنك لست على ما يرام.

ضيف الخادم الزبير كأسا من الشاي، أبقاه الزبير أمامه ولم يشرب منه شيئا.

لم يجب الزبير على كلامها، في حين ابتسمت ابتسامتها المغرية، ثم قالت مبتسمة: سمعنا بحزنك العظيم على تلك المرأة!

وبينما اجتاحت التعابير المثيرة وجهها – وهذا ما استمر طيلة الحوار – أكملت: أتراها تستحق كل هذا؟!

هم الزبير بالدفاع عن سمية، ولكنه التزم الصمت؛ لأنه كان خائر القوى، مفرغا من أية طاقة بسبب حزنه الشديد واكتئابه العظيم.

"ما الذي يعجبك فيها؟!" قالت حورية، وأمالت رأسها وابتسمت بإغراء، وأكملت بنبرة استهزاء: جسدها النحيل، أم صدرها الصغير، أم قوامها الباهت، أم برودتها؟!

وضعت يديها على فخذها المدورة، ثم أكملت: أنت تحتاج امرأة ذات جسد جميل، وانحناءات، شخصيتها قوية، تثير بأنوثتها حتى الحجر.

ثم تساءلت بتعجب: لماذا تحزن على تلك، وأنت بإمكانك أن تمتلك أفضل منها؟!

جعل الزبير يحدق في حورية، متعجبا من كلامها، وتفحص جسدها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها.

وبينما وقف عكرمة كالصنم، قالت حورية: هنالك نساء متزوجات ولهن أبناء، مستعدات للتخلي عن أزواجهن من أجلك...

ابتسمت بإغراء، ووضعت رجلها اليمنى فوق اليسرى، ثم قالت مبتسمة: انظر حولك جيدا، ستجدهن الآن.

حدق الزبير في حورية التي أغرته بنجاح، وافتتن بجسدها، واحتار بين انحناءات جسمها، وجسدها المكتنز وتعابير وجهها المثيرة، وابتسامتها المغرية، وبياضها الناصع الشديد، وكل هذا أشعل نار حامية جدا بداخله، لم يعرف حينئذ ما الذي يمكن أن يطفئها.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن