الفصل الثامن المملكة الجديدة ((28))

28 9 0
                                    


في المعتزة عاصمة البقاء، في قصر الضيغم أهم قصور آل الضياغم، اجتمع الملك الهارب قصي وآله وأهمهم زوجته الملكة رقية وابنه الأمير ريان وابنته الأميرة هدى، وكثير من الحضور بغية إعلان تحرير مملكة البقاء، وتنصيب قصي ملكا عليها. حضر الحفل الزبير والمغيرة وحورية زوجه وأمين وزوجه سمية وسليم وأمه وأختاه. أقيم الحفل في أكبر قاعات القصر، حيث امتلأت القاعة أرضيتها وسقفها وجدرانها بالرخام بنفسجي اللون المزين بشتى الزخارف متنوعة الألوان، وأحيط سقف القاعة بالذهب الذي زينه واتخذ أشكالا فنية جميلة. ونزل من السقف ثرية ذهبية عملاقة أضاءت شموعها القاعة، وأحاطت بها ثريات ذهبية أخرى بأحجام مختلفة. وفي نهاية القاعة وُجد كرسي العرش المصنوع من الخشب الفخم وقد علت حوافه الذهب، وعلى يمينه كرسي آخر مماثل لكنه أصغر خصص لولي العهد الأمير ريان. وامتلأت القاعة بالطاولات الفخمة التي علاها ما لذ من الطعام والشراب والحلوى والفاكهة، وجلس على الكراسي المحيطة به الحضور. وانتشرت أعلام دولة الضياغم البنفسجية اللون في معظمها، وتحوي رأس أسد في رمز لآل الضياغم، في كل أنحاء القاعة. هذه الفخامة وهذا البذخ هما وحدهما ما كانا مناسبين لمناسبة إعلان تحرير البقاء، المناسبة التي انتظرها كل الحاضرون بل كل مواطن وفي من مواطني البقاء طيلة هذه السنين الكثيرة جدا.

نهض عن إحدى الطاولات رجل مسن تظهر عليه علامات الجلال وفخامة اللباس والأصل والحسب، وهو ابن خال الملك قصي، ومشى إلى حيث كرسيا العرش ووقف أمامها. وفي تلك الأثناء انشغل كل من في القاعة بالحديث، وكان صوت حديثهم العالي كأنه صوت هدير نهر جار. فقال الرجل، وقد كان متحدثا بارعا وجريئا: يا قوم.

فبدأ صوت الهدير بالانخفاض، فكرر الرجل بصوت أعلى: يا قوم، أنصتوا إلي وانتبهوا.

فانتبه الجميع إليه، وعم الصمت في القاعة الكبيرة الجليلة.

ثم قال الرجل، وهو يقلب نظره يمينا ويسارا بين الحاضرين: جلالةَ الملكِ قصيا، جلالة الملكة رقية، سمو الأمير رياناً، الحضور الكرام، أهل البقاء كلهم، أهلا بكم جميعا في قصر الضيغم، في هذا اليوم المبارك، الذي أدعو الله أن تستمر حياتنا بمثل سعادته وخيره.

لقد كانت مملكة البقاء أعظم مملكة في البسيطة كلها، ومضرب الأمثال في كل حدب وصوب بخيرها، وطيبة أهلها، وعدل ملوكها، وسعادة مواطنيها، والبذخ الذي عاش به جميعهم. والأهم كانت مضرب المثل بالمحبة التي انتشرت بين أهلها جميعا.

ولكن التاريخ علمنا أن الغيرة والطمع هي من سمات البشرية، وللأسف، ولغدر الزمان لقد استشريا في قلوب أعدائنا شرقا وغربا، وفي ليلة غادرة وضحاها، انقض علينا الأعداء من كل حدب وصوب، واحتلوا مملكتنا واغتصبوها ومزقوها شر ممزق، وغدروا بآل الضياغم الكرام الذين لطالما أكرموا شعبهم أيما إكرام.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن