الفصل التاسع المحبوبة ((34))

19 6 0
                                    


وأخيرا، وبعد شهور استقرت الأمور للزبير، وبدأ يستمتع بالملك والحكم والثراء والنساء، وطفق يتفكر في شؤونه ومصالحه الخاصة، وكيفية إسعاد نفسه أكثر وأكثر.

منذ أهدته سمية ذلك الخنجر الذهبي - الذي أجهز به على جل خصومه الذين حالوا بينه وبين حلمه الشخصي في الملك والحكم - وهو يمسك به ويمعن النظر فيه، والأهم يفكر في الشخص الذي أهداه إياه. وقد زاد كل هذا أضعافا مضاعفة بعد هدوء الأمور واستقرارها واستتباب الحكم له.

ما لم يعلمه أحد سوى الزبير، وهو أنه منذ أول ما رأى سمية، وهو يفكر بها، ويحسد أمينا أشد الحسد عليها، ويتمنى لو أنها له. الزبير عانى منذ طفولته وحتى كبره، من فقر في الحنان. وذلك يعود لأنه يتيم الأب منذ صغره، وموت أبيه مبكرا جعله يشعر بأنه وحيد، خاصة أن البدو غير معتادين على الحنان، وزاد كل هذا أضعافا بعد مقتل جده. لذا كانت سمية هي ما سيعوضه عن كل ما فاته وعن كل من فقدهم، وستكون أمه وأخته وابنته وحبيبته وزوجته، وستنسيه كل الأحزان.

"ولكنني لا يمكن أن أفعل شيئا!" هذا ما لطالما فكر به منذ لحظة رؤيته لها، واستمر هذا التفكير حتى بعد تتويجه ملكا، وحتى بعد استقرار الحكم له. ولكن أخيرا وصل هذا إلى نهاية، فمع التفكر العميق المستمر، فكر الزبير: "الغاية العظيمة تبرر الوسيلة القذرة... أي شيء مباح في الحب والحرب... لقد فعلت أشياء أسوأ بكثير... ضحيت بأخي... والآن سأضحي بأشياء أقل أهمية من أجل سمية".

سمية محبوبة الزبير السرية، بل هي أكثر ما أحبه قلبه في حياته كلها!

***

أرسل الزبير في طلب أمين، فلبى الأخير الطلب. ورغم أن الزبير اعتاد استقبال كل ضيوفه وإجراء كل اجتماعاته في الشرفة التي توج فيها ملكا، لكنه حرص هذه المرة على استقبال ضيفه في قاعة مغلقة من قاعات القصر.

باتت تلك الشرفة تعرف بشرفة الأسد، نسبة لقبيلة الزبير، أما قصر الضيغم فغدا يعرف بقصر الكثبة! أما القاعة التي أراد استقبال أمين فيها، فعرفت بقاعة النسور السوداء. واختصها الزبير ليجتمع فيها وحده بأي شخص يريد أن يحادثه بأمر خاص بينهما، دون وجود أحد حتى النسور السوداء.

اتسمت القاعة بالاتساع العظيم، واحتوت طاولة عريضة عظيمة الطول، يمكن أن يجلس عليها أربعون امرئ، وفي نهاية القاعة وُجِد كرسي خصص للملك. وأما جدران القاعة فعلق عليها الخناجر والسيوف، وعلى الجدار فوق كرسي الملك بمسافة عالية، علق رأس نسر ذي نظرات حادة. والطاولة وكل الكراسي بما فيها كرسي الملك، علا حوافها الذهب الخالص. وانتشرت أشرطة من الذهب في جدران القاعة وسقفها.

حضر أمين إلى قصر الكثبة ثم إلى غرفة النسور السوداء ، فوجد الزبير وحرسه الثلاثة النسور السوداء، إضافة لعدد من الحرس والخدم.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن