31

21 9 0
                                    


وجب أن تتم الأمور بأقصى سرعة، لذا بعد تنفيذه للاغتيال، توجه الزبير مباشرة إلى مقر قائد الحرس عاصم في طرف القصر.

دخل على غرفة عاصم، وابتسم ابتسامة بريئة، وسأل: كيف حالك، أيها القائد العظيم؟

جلس عاصم خلف مكتبه، وحالما رأى الزبير نهض وتوجه إليه، وبادله الابتسام، وقال: أنا بخير، كيف أمور الزبير؟

ثم مد يده فصافحه الزبير، وهو يقول: أنا بخير، يا عاصم.

بعدها دعا عاصم الزبير للجلوس، فجلس أمام المكتب، بينما جلس عاصم خلف مكتبه.

"كيف حال أهلك؟" سأل الزبير ببرود وهدوء.

فرد عاصم: بأتم حال.

فقال الزبير بالبرود ذاته: الطقس اليوم جميل جدا، لكأنه يتحضر للتكريم العظيم.

ابتسم الزبير بينما ضحك عاصم.

لقد كان الزبير يتصرف كما لو أنه لتوه فقط ذبح حَمَلا صغيرا، أو حتى ذبابة حقيرة، وليس كما لو أنه قتل ملكا أسطوريا يحكم مملكة شاسعة! فهذا ما ميز الزبير، الثقة المطلقة بالنفس، وقوة الأعصاب وهدوء القلب.

"ولكن للأسف، هنالك ما سينغص حفل التكريم" قال الزبير.

"ما هو؟" سأل عاصم بفضول وبسرعة.

فأجاب الزبير: للأسف الملك اعتذر عن حضور الحفل... لقد ذهبت إليه قبل قليل، فأخبرني أنه يعاني من وعكة صحية، وأنه لن يحضر التكريم، وطلب مني أن أنوب عنه في التكريم ومنح المكرمين ما اتُّفِقَ عليه.

نهض عاصم فجأة، وقال خائفا على الملك: هل أصاب الملك مكروه؟! يجب أن أذهب فورا إليه.

فقال الزبير بهدوء قاتل هو يشير بيده لعاصم بأن يجلس: لا... لا... لا تخف، يا عاصم. الوعكة ليست بشديدة، لكن كما تعلم الملك مسن، ومثل هذه الوعكات التي قد يحتملها الشباب، لا يمكن لرجل مسن أن يحتملها. وقد أرسلت حالما خرجت من عنده إلى أطبائه الخاصين ولا بد وأنهم الآن عنده.

فقال عاصم فورا: يجب أن أذهب إليه فورا.

"لا" قال الزبير، وأضاف بالهدوء ذاته: الملك أخبرني أنه لا يريد أن يزعجه أحد في غرفته؛ لأنه يريد أن يرتاح. وطلب مني ألا يدخل عليه أحد، بمن في ذلك جلالة الملكة وسمو الأميرة، وأي أحد حتى أنا.

ثم أضاف بخبث: لقد أصررت على البقاء بجواره، وليذهب الحفل إلى الجحيم، لكنه رفض ذلك كليا وأخبرني أن الحفل يجب أن يتم!

هدأ عاصم قليلا بعد كلام الزبير، وصدقه في كل كلمة قالها؛ فالزبير بات منذ زمن بعيدا قريبا جدا من الملك كابنه الأمير تماما، وربما أكثر!

جلس عاصم، وبعدها قال الزبير بخبث أكبر: مهما بلغت حلاوة الحياة، لا بد وأن ينغصها شيء ما! نحن نعد لهذا الحفل منذ زمن، وأردناه أن يكون كاملا، والآن لن يحضره أهم شخص في المملكة، وفي قلوبنا جميعا! أخاف أن يظن من سنكرمهم وبالأخص الأقوياء الثلاثة والقائد جاسما أن الملك – لسبب ما – تعمد عدم المجيء.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن