44

19 6 0
                                    


وهكذا اكتملت أركان خطة "الزبير الجديد"، فقد اجتمع لسمية الشرعية والقوة والشعبية والمال، ولم يتبقَ سوى التنفيذ. قامت الخطة على افتعال حرب في شمال البقاء، باتفاق سمية مع شيخ عدد من القبائل هناك. إذ وقع معسكر لجيش الزبير بالقرب من تلك القبائل، إضافة لتمركز مجوعة أخرى قليلة العدد على الحدود الشمالية للبقاء، لعدم وجود أي مملكة أو دولة قريبة منها شمالا.

عندما أحكمت سمية وضع خطتها، قررت أن الضربة يجب أن تبدأ من الشمال، لأنه الأقرب إلى القدماء، التي بنت خطتها على قدوم المساعدات منها. ولذلك درست مناطق الشمال بأكملها، مدنها وقراها وقبائلها، وأيها الأكثر كرها للزبير. فلم تجد خيرا من منطقة التميرية، فشيخ شيوخ هذه القبائل غنيم، ذاع وانتشر في كل البقاء، استياؤه من الزبير ومن الضرائب الباهظة التي فرضها على الشعب. بالطبع الزبير علم باستياء الشيخ وكلامه الكثير، لكنه آثر عدم الاصطدام بقبائل تلك المنطقة؛ لأنه سيخسر بالحرب معها أكثر مما سيكسب، خاصة أن الأمور لم تخرج عن نطاق الاحتجاج الكلامي إلى الأفعال التي قد تهدد ملكه أو الاستقرار في مملكته.

لهذا توجهت سمية إلى الشيخ غنيم وأخبرته بخطتها، ولأنها تعلم أن أفضل وسيلة لإغراء أي إنسان في البسيطة هو لون الذهب، فقد عرضت عليه عُشْرَ ثروتها – التي ورثتها من أمين – مقابل موافقته، فوافق الرجل فورا، لا سيما أنه اقتنع بخطتها ومدى إحكام خطواتها وتفاصيلها، وأنها ستنجح لا محالة، وستنتهي بقطف رأس الزبير، وعندها لن يسعى الأخير للانتقام منه.

وقد وقعت منطقة التميرية بالقرب من الساحل الشمالي للبقاء على البحر الرمادي الذي تقع على ضفته الشمالية البعيدة جدا القدماء، وكأي حد من حدود البقاء، تمركز حراس الحدود هناك، لكنهم تمركزوا بأعداد قليلة جدا، مقارنة مع أعداد الجنود على الحدود الشرقية مع ياقوتة والغربية مع الهيجاء، وذلك لأن الزبير استبعد أي حرب على الجهة الشمالية، لأنه كان في حالة سلم مع القدماء – البعيدة جدا أصلا عن البقاء – وسائر الجزر الموجودة في بحر الرمادي، والتي على الرغم من كثرتها كانت ضعيفة، لا طاقة لها بمقاتلة الزبير.

لذلك هاجمت قوات قبائل التميرية بقيادة الشيخ غنيم القوات الحدودية القريبة منها على الساحل الشمالي، ولأن عدد قوات القبائل أكبر بكثير، تمكنت من قتل كل الجنود. وقد تأكدت سمية أن الزبير سيرسل قوات المعسكر القريب من قبائل التميرية، لتأديب الشيخ غنيم بعد ما فعله.

وبالفعل صدق توقع سمية، فقد أرسل الزبير نصف قواته في المعسكر الشرقي للقضاء على قبائل التميرية، لكن القوات تفاجأت بعدد هائل من المقاتلين فاقها بأربعة أضعاف تمثل بقوات الشيخ إضافة لقوات الأمير إضافة لقوات القدماء! اندلعت معركة بين الطرفين، أجهزت فيها قوات الأمير وحلفائه على قوات الزبير، فما كان من جل قوات الزبير سوى محاولة الهرب، لكن قوات الأمير وحلفائه تبعتهم حتى أجهزت على معظمهم. ثم توجهت قوات الأمير وحلفائه إلى معسكر جيش الزبير الشرقي – والذي يبعد عن منطقة التميرية مسيرة نصف يوم – فأجهزت على كل من هناك دون رحمة أو رأفة.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن