17

27 9 0
                                    


بالقرب من الفيحاء، وجدت مدينة أخرى هي الأمينية. وفي عهد المغيرة، كان عمدتها هو منيباً. عرف منيب بالثراء الفاحش. وقد اعتاد على إرسال القوافل التجارية إلى شتى الأنحاء. وفي إحدى المرات، انطلقت قافلة له يقودها ابنه الأكبر حمدان. وأثناء مسير القافلة أغار عليها قطاع طرق يقودهم رجل اسمه جازي. فنهبوا القافلة وقتلوا أغلب من فيها، ومنهم حمدان. ولما علم منيب بكل هذا، حزن حزنا عظيما وتألم ألما لم يشعر به طيلة حياته رغم كبر سنه. لم يكن السبب الرئيس لحزنه ما ضاع من مال وبضائع وحتى عمال وخيول، ولكن مقتل ابنه الغالي حمدان.

شعر منيب بغيظ هائل لا يمكن احتواؤه، وبات هاجسه الأول والأخير أن ينتقم من جازي. وقد أعلن في كل البقاء، أن من يأتيه برأس جازي، سيعطيه جائزة لم يسمع بها إنس ولا جان، ولم ير مثلها أحد منهم.

لقد اتسم منيب بالثراء الشديد، لكنه علم جيدا أنه لا يملك القوة الكافية لقتال جازي الذي امتلك عددا كبيرا من المقاتلين، والذي شاع أنه لا يوجد في كل البقاء من يضاهيه في قوته الجسدية. لذلك أيقن منيب أن القصاص منه لا بد وأن يأتي من طرف آخر.

وانتشر الخبر في البقاء بسرعة، حتى أوصله أحد أتباع المغيرة إليه، حين أخبره بكل ما حدث.

تحمس المغيرة للغاية، وتوقع بحدسه أن الجائزة لا بد وأنها مبلغ مهول من المال؛ لأن منيباً ثري جدا.

ولأن المغيرة طموح، فقد قرر أن يأتي برأس جازي لمنيب، لأنه يريد المال ليحقق مزيدا من الطموحات.

***

كلما مر الوقت، ازدادت حماسة المغيرة لاقتناص رأس جازي، ومن ورائه اقتناص الجائزة التي وعد بها منيب.

ومنذ قرر المغيرة أنه سيسعى لذلك، جعل يفكر بعمق وتركيز في خطة محكمة لهزيمة جازي وقتله، وقد أمضى في التفكير وقتا طويلا؛ فغريمه اتسم بالقوة الشديدة، ومجرد قتاله فيه صعوبة بالغة ومخاطرة كبيرة، فكيف بقتله؟! وفي النهاية المطاف توصل إلى خطة محكمة ذكية لفعل ذلك.

قرر المغيرة الذهاب لزيارة منيب، فقد أراد أن يتعرف عليه أكثر، وأن يتأكد أن مسألة الجائزة أمر جدي، وليس مجرد كلام ناس عابر، ذَكَرَه أحدهم كذبا فانتشر في كل مكان.

توجه المغيرة مع بعض مقاتليه إلى مدينة الأمينية، ثم إلى منزل منيب الذي كان أشبه بالقصر منه إلى منزل عادي، ثم طلب لقاء منيب فاستضافه الأخير.

انبهر المغيرة من شدة جمال المنزل، وبالذات إلى أثاثه الثمين، والذي تكون معظمه من الخزف والخشب الثمين، وكان الأثاث مزخرفا بأجمل الأشكال وأدق فن.

اصطحب الخادم المغيرة ورجلينِ آخرينِ إلى إحدى الغرف في القصر.

لم تتسم الغرفة بالكبر، لكن كانت جميلة جدا، وفيها كراسيّ كثيرة مصنوعة من الخشب الثمين، وامتلأت بالجرار والتحف الخزفية.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن