41

20 7 0
                                    


لقد أحب الزبير الأطفال بجنون، ومع مرور الوقت ظل يتألم من طريقة معاملة زبيدة وحسن ابنا حورية له، والمتمثلة بخوفهما منه وتجنبهما له. وقرر في النهاية وضع حد لكل هذا.

ففي يوم، دخل الزبير على غرفة الطفلين، ومعه صرتان يحملهما بيديه، وقد كانت غرفة واسعة جدا، فيها نافذة عريضة طويلة تبدأ من السقف وتنتهي بالأرضية، وفيها سرير كبير جدا لكل واحد منهما، يكاد كل منهما لا يملأ سوى ربع سريره فقط عند نومه فيه!

كان الطفلان يلعبان عندما دخل، ولما رأياه تجمدا في مكانهما وتجمدت الدماء في عروقهما، وتجمدت عيونهما فلم تعد ترمش، وازدرد كل منهما ريقه؛ من شدة الخوف.

وقف الزبير مقابل الطفلين، وظل الثلاثة واقفين كلٌّ في مكانه دون حراك.

ثم قال الزبير: كيف حالكما؟

لم يردّ الطفلان.

ثم سأل الزبير: لم تخافان كل هذا الخوف مني؟!

فتح الزبير الصرة الأولى، وأخرج منها دمية جميلة جدا، وقال وهو يمسكها مخاطبا زبيدة: هذه لك، يا زبيدة.

لم تتحرك الفتاة خوفا وهيبة، فاقترب منها الزبير، وأعطاها الدمية.

ثم عاد إلى حيث كان، وفتح الصرة الثانية وأخرج منه سيفا ذهبيا جميلا جدا، يتمناه أعتى الفرسان، وقال وهو يمسكه مخاطبا حَسَناً: هذا لك، يا حسن.

لم يتحرك الفتى خوفا وهيبة، فاقترب منه الزبير، وأعطاه السيف.

اجتاحت الطفلين فرحة عارمة، بسبب الهديتين، لكنهما أخفاها خوفا من الزبير وتوقيرا له.

وسرعان ما غادر الزبير الغرفة.

"انظري إلى السيف ما أجمله!" قال حسن لأخته، وهو مبهور فاتح عينيه على أقصى اتساع، بعد مغادرة الزبير.

فقالت زبيدة: انظر إلى الدمية ما أجملها! والله لم أر شيئا أجمل منها قطّ!

وابتسم الطفلان فرحا، وكل منهما ينظر في هديته مبهورا من شدة جمالها.

بعد أيام، دخل الزبير غرفتهما من جديد.

ولما رأياه تكرر كل شيء يحدث كل مرة.

"كيف حالكما؟" قال الزبير.

لم يرد الطفلان، فأضاف الزبير: هيا معي، سنذهب في رحلة.

قاد الزبير جمعا يضم الطفلين وعددا كبيرا من الحرس يشملون النسور السوداء، إلى مزرعة كبيرة في المعتزة.

وهي مزرعة دهماء من كثرة الشجر والنباتات، امتازت بجمال خلاب. ووُجِدَ فيها إسطبل للخيول.

وفجأة أمر الزبير سائس الخيول في المزرعة أن يحضر حصانين معينين.

كان الأول فرسا بيضاء، والثاني جوادا أسود اللون.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن