21

25 9 0
                                    


*العام 476.

بعد أن ضمن الزبير موافقة أول ثلاثة أشخاص مهمين لخطته على المشاركة بها، ظل هنالك شخص واحد فقط هام لخطته. وللمفاجأة، كان هذا الشخص هو سليما ابن القائد الهيثم. لقد أراده الزبير؛ لأنه محبوب من أهل البقاء؛ نظرا لمحبتهم لأبيه.

وبالتالي يمكن للزبير استخدامه لشحذ همم الناس، في القتال أثناء الثورة، وفي الانضمام لصفوف الثوار.

كجل أهل البقاء، سبق للزبير السماع عن وجود ابن للقائد الهيثم، ما زال على قيد الحياة، وأنه يسكن في إحدى القرى الصغيرة النائية ناحية مدينة الغراء.

توجه الزبير إلى الغراء، بالتحديد إلى أشهر المطاعم والمقاهي فيها، وجعل يسأل عن مكان وجود سليم، فوجد أن الكل هناك يواجهونه بالوجوم والغضب، ويخبرونه أنهم لا يعلمون بمكان وجوده، وكانوا ينهون الموضوع بسرعة، ويطلبون منه ألا يعاود السؤال عنه. ثم توجه إلى القرى المحيطة بالغراء، ومن جديد طفق يسأل عن مكان وجود سليم، فقوبل بردات الفعل نفسها. لقد خشوا جميعا على سليم من غدر براثن ملكي ياقوتة والهيجاء.

ولما وجد الزبير الوضع هكذا، قرر اللجوء للمال لحل المشكلة، فقرر تخصيص مئتي درهم ذهبي لمن يدله على مكان وجود سليم. لقد كان هذا المبلغ كبيرا في ذلك الزمان والمكان، وقد أيقن الزبير أنه لا بد وأن ينجح من خلال هذا المبلغ، في إقناع أحد الناس بإخباره عن مكان سليم.

وطفق الزبير يدور في مطاعم الغراء وما أحاط بها من قرى ومقاهيها، يخبر الناس عن المبلغ الكبير الذي خصصه لمن يدله على مكان سليم.

وقد صدق حدس الزبير، فبعد ما يقرب الأسبوعين فقط، أتاه أحد سكان القرى المحيطة بالغراء، وأخبره بمكان وجود سليم، ورجاه أن لا يؤذيه، وأخبره أنه لم يعلمه بمكانه إلا لحاجته الماسة للمال بسبب مرض ابنه.

طمأنه الزبير بأنه لن يؤذي سليما بل يريد مساعدته، ثم رحل باتجاه المكان الذي أخبره عنه.

كان المكان عبارة عن قرية نائية قريبة من الغراء. وصل الزبير إلى القرية بناء على وصف الرجل الذي أخذ المئتي درهم، ثم وصل إلى بيت سليم الذي دله الرجل عليه كذلك.

طرق على الباب، فخرج له شاب في ربيع العمر. كان وسيما أبيض اللون، حليق الوجه، ذا شعر رأس كثيف وناعم ينسدل على خديه.

"أهلا" قال سليم، وأضاف بصوته الناعم: كيف لي أن أساعدك؟

بدت نعومة سليم ورقته جلية، لا سيما لشخص بخبرة الزبير وفراسته.

اقتربت أم سليم سوسن من الباب، لتستمع إلى الحوار، فلطالما خشيت أن يأتي يوم يبحث فيه أحدهم عن ابنها.

"مرحبا" قال الزبير، ثم أضاف: هل أنت سليم؟

تسارعت دقات قلب سليم، وتسارعت دقات قلب أمه أضعافا، واجتاحها الخوف والجزع، فأدخلت ابنها إلى داخل الدار، وأغلقت الباب فورا، ثم صرخت: لا يوجد أحد هنا بهذا الاسم، ارحل فورا قبل أن أوذيك.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن