الفصل السادس الحرب الأولى ((22))

26 10 0
                                    


وهكذا نجح الزبير في الحصول على موافقة كل الأشخاص الضرورين لإنجاح خطته. فقد حصل على موافقة الملك الهارب وبالتالي على الشرعية، وعلى موافقة أمين وبالتالي على المال، وعلى موافقة المغيرة وبالتالي على القوة، وعلى موافقة سليم وبالتالي على الروح المعنوية.

قامت خطته بعد تجميع هؤلاء، على الثورة ضد المملكتين المحتلتين. فقد قرر بالبداية الثورة ضد ياقوتة شرقا، وبعد الانتصار الثورة ضد الهيجاء غربا. وقد خطط لدعوة الناس سريا إلى الثورة، وجمع أكبر عدد من أبناء البقاء، ثم الفتك بالمملكتين المحتلتين.

توجه إلى المنطقة المحيطة بجبال اليبس، تحديدا إلى النزل نفسه الذي نزل فيه في المرات السابقة، وهناك أتاه رجال الملك الهارب أنفسهم الذين يأتونه كل مرة. ورغم اتفاقه مع الملك الهارب على الخطة وأنهما أصبحا في صف واحد، أصر المقاتلون على السرية ذاتها والخطوات ذاتها في نقل الزبير للقاء الملك. فوضعوا عصبة من القماش على عينيه، ثم أخذوه إلى الملك قصي.

التقى الزبير بالملك وأعلمه بنجاحه في الحصول على موافقة الأشخاص المهمين لخطته جميعهم؛ ففرح الملك وأثنى عليه وشكره، وطلب منه أن يستدعي الرجال المهمين لتنفيذ الخطة إلى جبال اليبس؛ لأن الملك أراد أن يلتقيهم والزبير في جلسة واحدة، وأن يتعارفوا جميعا قبل أن يتعاونوا معا في تنفيذ الخطة الخطيرة.

أرسل الزبير رسائل إلى أمين والمغيرة وسليم، أعلمهم فيها برغبة الملك الهارب لقاءهم، وطلب منهم أن يأتوا إلى جبال اليبس، وأخبرهم أنهم قد يقيمون هناك مدة ليست بالقليلة، وأنبأهم بمكان النزل الذي اعتاد النزول به، كلما أراد زيارة الملك.

أتى أمين ثم المغيرة ثم سليم، وكل واحد منهم نزل في النزل نفسه، وكان مقاتلو الملك يتوجهون هناك ويصطحبون الضيف بالطريقة نفسها التي اعتادوا اصطحاب الزبير بها، وهي أن يضعوا عصبة على أعين كل ضيف وألا يزيلوها إلا عندما يصلون أعلى جبال اليبس.

في البداية أتى أمين، ولكنه لم يكن وحده، فقد أتت معه زوجه سمية. أعلم مقاتلو قوة الحماية الزبير بمقدمه، فخرج لاستقباله.

المقاتلون الذين أتَوا بأمين ساعدوه في الترجل عن جواده، ثم أزالوا العصبة عن عينيه. ثم ساعد أمين زوجته سمية على الترجل وأزال العصبة عن عينيها.

الزبير راقب كل هذا، إذ رأى سمية ذات العينين الزرقاوين والبشرة التي فاقت الثلج في بياضها، وعاكسها في تناقض جميل وتصارع يسر النظر، شعرها الذي فاق الليل في سواده، وقد كانت نحيلة طويلة، جميلة الوجه.

وضعت سمية كفيها على كتفي زوجها أمين، وقالت بنعومة وحنان فائضين: هل أنت بخير؟! لقد خفت عليك طيلة الرحلة.

وبالفعل شعرت سمية بالخوف من القدوم إلى هذا المكان المجهول، ووسط كل هذه الاحترازات من مقاتلي الملك الهارب.

الزبير يجب أن يقتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن