1.

4.2K 116 45
                                    

.
《أتعرفون ماذا يعني ألاّ يعرف أحدنا إلى أين يذهب؟》.

فيودور دوستويفيكي

.
.
.

دموعٌ حارقة تسقط من عينيها الخائبة، الصمت يعمُّ المكان، فَمنذ لحظات تم الاعلان عن هَرب العريس 'ماثيو ستوريد'.

توجهت أنظار الحضور للعروس ذات الحظ العاثر، فــ عريسها قد هجرها في يوم زفافهما، الجميع يراقب ما ستفعله العروس المخذولة.

أحنى أفراد عائلة ستوريد رؤوسهم خجلاً وخزياً من فعلت ابنهم، وتوجهت بعض النظرات المعاتبة لهم.

أما هي فقد كانت فاقدة لإتصالها مع العالم وعما يحدث حولها همسات الحضور بدأت بالارتفاع، وجميعها كانت حول العروس المسكينة.

جسدٌ ما احتضن جسدها المتيبس، لكنها لم تستطع التعرف على صاحبه، فعقلها شارد في الذكريات التي تجمعها مع من كانت تسميه بـــ 'حبُ حياتها'

شاهدت لحظاتهما تَمُر كــ فلم قصير، كانت هي بطلته؛
لكن على ما يبدو لن ينتهي هذا الفلم بالنهاية السعيدة التي توقعتها.

تشعر بنظرات من حولها تخترقها، لكنها لا تستطيع أن تراهم فدموعها الغزيرة أصبحت حاجزاً بينها وبينهم.

دموعها الصامتة بدأت تخنقها، أمسكت فستانها وبدأت بالسير بخطوات شاردة متعثرة، مشت ومشت دون أن تعلم وجهتها، تركت قدميها تسيران، بينما الذكريات لا تزال تُعاد أمام عينيها.

كانت تعلم ان من في الطريق ينظرون إليها ويتهامسون عنها، فليس من الشائع رؤيةُ عروسٍ باكية في
الشارع.
اصطدمت بالعديد من الاجساد، لم تستطع
سماع شتائمهم أو اسئلتهم عن حالها وإن كانت بخير،
كان عقلها شارد بالذكريات، وقلبها مثقل بالخيبة
والألم.

توقفت عن سيرها عند النافورة، النافورة التي تقدم أمامها لها، مسحت دموعها تراقب المياه الساقطة كذكرياتها معه.

فهنا قد ركع على ركبته مخرجاً خاتماً ألماسياً مردفاً
كلماتٍ ساحرة كابتسامته:
'ميا هل تقبلين بهذا الشاب الغارق بحبك زوجاً لكِ يرافق دربك؟'
كانت سعيدة لدرجة البكاء، تحرك رأسها بقوة علامة على الموافقة حتى كاد أن يخلع، وتلك القبلة الفرنسية بعد أن ألبسها الخاتم، أو حين ظل يناديها بخطيبتي بصوت مرتفع طوال الطريق، ولا يمكننها نسيان ابتسامته الفخورة في كل مرة يرى فيها الخاتم في اصبعها.

- ماذا حصل؟ ما الذي تغير؟
- أين ذهب كل هذا الحب الذي كان يملكه ناحيتها؟
- هل كان كل هذا تمثيلاً؟
- هل كانت تعيش كذبة لا أكثر؟

زِفافحيث تعيش القصص. اكتشف الآن