لحظات فقط قد تغيير مسار حياة العديد من الناس ... كانت ثواني فقط غيرت مسار حياتهم جميعاً...
يوقف صالح جومالي بدفعه بعيداً عن النساء طالباً "اخرجن من هنا الى البيت الملحق و اغلقن الباب بسرعة و لتتصل احداكن بالاسعاف" ليخرجن ركضاً
صالح : ماذا يحدث لك ؟ آبي !
ليصرخ سليم : صالح انتبه بينما يسحبه جومالي ليهرب من بين يديه ... سليم : ابتعد من هناك انه ليس بعقله ابداً ابتعد قبل ان يؤذيك ..صالح : هل اخذ شيء ! واضح انه يهلوس..لينطق الاخر باسم كهرمان بينما امسك صالح بقوة و ضربه بالحائط مشهراً السكين في وجهه "كهرمان لم يفعل" صالح ينظر للاخر بخوف يحاول تخليص نفسه لكن لا فائدة هذه المرة ليصرخ بسليم "افقده وعيه باي طريقة" بينما يحاول سليم ابعاد جومالي عن صالح و ازالة السكين من يده لكن الاخر يدفع سليم بعيداً ليقع ارضاً فوق الزجاج الذي كسره جومالي سابقاً ، ليعيد جومالي تركيزه لصالح و يغرز تلك السكين في جسده بينما يحاول الاخر الكلام بصوت متقطع "آبي ارجوك ،توقف" يقاطعهم صوت رصاصة خرجت من سلاح أدريس مستهدفةً احدى اقدام جومالي و صراخ بصوت عالي "جومااالي توقف، ماذا يحدث هنا!" ..تمر اجزاء من الثانية ليسقط جومالي فاقداً لوعيه بعد ان ضربه جيلاسون ع رأسه بحديدة وجدها خارجاً ... ليهدأ الوضع قليلاً مع قدوم صوت الاسعاف التي رنت عليها كاراجا ... يتقدم ادريس من ابناءه محاولاً ايقاظ ياماش الذي رسمت اصابع جومالي ع عنقه لوحة لكن عبثاً ، يتفقد نبضه ليجده لازال موجوداً مع ان نفسه غير منتظم و شفاه مائله للازرقاق....ليدخل المسعفين و يبدأو باسعافه ، علامات حيوية من هنا و قناع اكسجين من هناك و فحص لعينيه من جهة اخرى ليحملوه ويخرجو كان في هذه اللحظات قد حول انتباهه الى ذاك الذي يتكئ ع الحائط و في وسطه زرعت سكين كبيرة نسبياً اتجه ادريس الى صالح قائلاً "لا تتحرك و لا تحاول ازالتها" ليرد الاخر بصوت متقطع "لكنها تؤلم كثيراً ، بابا" يرى الدماء التي ملئت ملابس ابنه ...
ادريس بينما يمسح عرق صالح عن وجهه الشاحب "اعرف لكن ستتحمل ستنجو" "بابا، ارجوك اني أتألم ازلها" يتقدم مسعف اخر من صالح قائلاً "والدك محق، أهدأ و ركز معنا، هيا اعطني يدك لاقيس ضغطك بينما يعمل اخر ع تثبيت تلك السكين حتى لا تتحرك و تركيب محلول وريدي لاعطاء السوائل حتى يصلو للمشفى "صالح ابقى معنا ، هل تسمعني ؟" سأله احدى المسعفين ، بينما هو يجاهد ليبقى يقظاً صوتهم يبتعد و يختفي شيئاً فشيئاً "انه يفقد وعيه اين النقالة يجب نقله بسرعة يجد ان ننقله للمشفى" "هل يعاني من امراض ؟"
ادريس ابتلع ريقه : اجل و يخبرهم بكل شيء
المسعف : حسناً سننطلق به سريعاً
يذهبون بينما يقف ادريس مكانه دماء صالح ع يديه ، يتجه لسليم الذي يساعد المسعفين لوضع ابنه ع نقالة ايضاً فقد نزف رأسه كثيراً اثر سقوطه او بالاحرى رميه من فوق السلالم "يجب ان يتم تصويره و مراقبته عن كثب" كان ما قاله المسعف لكن لا احد سمعه فعقولهم مشتتة ، ليأخذو جومالي الذي بدأ يعود لوعيه للمشفى قامو بتقييده بالسرير و اعطاءه مهدئ لجعله ينام لاجراء تحاليل لمعرفة ما الذي سبب كل هذا ... يرافقهم جيلاسون و عدد من النساء بينما بقيت سلطان مع اكشين بالبيت ...
كان يقف ادريس بارتجاف مقابل سليم الذي شحب وجهه من الخوف قائلاً "ماذا حدث يا سليم!" ليمسك الاخر بوالده بعد ان لاحظ ارتجافه ليجلسه قليلاً و يعطيه كأس ماء ...
ادريس : لما نجلس هيا لنلحق بهم
سليم : لنستجمع انفسنا قليلاً يا ابي
كان ادريس قد لاحظ يدي سليم التي تقطر دماً : يداك تنزفان يا بني ! لنذهب و يراهما طبيب ...
سليم : نذهب لكن بعد قليل ...
ادريس يتناول منديل و يربطه ع معصم سليم الزي اخترقه الزجاج و يلف كلا كفيه بقماش ليقول : انت تنزف بغزارة يا بني و لن تستطيع القيادة بهذه الذراعين !
سليم : لننتظر كمال و نذهب معه اذا..
يجلس ادريس امامه و يتنهد بعمق ليكمل : اذاً اخبرني ماذا حدث ؟
سليم بينما يهز رأسه يمسناً و يساراً بانكار: لا اعرف ، لا اعرف (يأخذ نفس عميق و يكمل بصوت يرجف) كنا نتناول الافطار سويا لاحظت رجفة يديه ونظرات غريبة فسألته ان كان بخير ، لم يجب ثم بدأ يتصرف بغرابة و يتكلم بشكل عشوائي ثم قلب الطاولة و هجم ع الجميع ، قاومنا قدر الامكان لكن اول ضحية وقع بين يديه كان ياماش ثم اكين قبل ان يتدخل صالح و نال حصته ثم ينظر ليديه ...
ادريس : و لما حدث هذا ! يعني هل تناول شيئاً ما !
سليم : ليس ع حد علمنا ...
....................
تمر الدقائق كالسنوات امام غرفة الطوارئ تلك ، تجلس سعادات بينما تضم ابنها لصدرها دموعها تكاد تجف "لقد عاد للتو من الموت ، الن نرتاح قليلاً !"، سنا بالكاد تجد الطاقة لتبقى جالسة ترمي برأسها ع كتف سعادات "ما هذا كل مصيبة أسوأ من سابقتها" ، داملا التي قامو بتقطيب و تضميد ذراعها تمشي ذهاباً و اياباً "كيف حدث هذا! هل هو بخير ؟ هل سنكون بخير ؟ هل سيخرج الجميع من هذه المصيبة !" لا تستوعب ما جرى "ثواني فقط انتهت بكارثة"...
ليخرج طبيب قائلاً "انا طبيب صالح ، اصابته ليست خطرة لكن سببت نزيف سيء و مكانها سيء يعني اصابت السكين عصب حسي ، لكن لا نعرف ما سيحدث قبل ان يخرج من العمليات ، قد يتألم كثيراً او يفقد الاحساس بمنطقة الاصابة،لا نعرف بالضبط ما سيحدث و بسبب وضعه الصحي نخاف من المضاعفات ،سنأخذه لغرفة العمليات الان و سنبقيكم ع اطلاع" ليأخذو صالح متجهين لغرفة العمليات من الجهة الاخرى...
تمر ساعة تقريباً قبل ان يخرج الطبيب و يطمئنهم ع حال من في الداخل ليقول الطبيب موجهاً كلامه لادريس : الحمد لله خرجو باقل الاضرار لنبدأ بياماش، الحمدلله ان انقطاع الاكسجين عن جسده لم يدم لفترة طويلة لكن محاولة خنقه تسبب باذية لحنجرته، لن يتأثر كثيراً يعني الم و تغيير في صوته مع علامات ع رقبته لكن ستزول ، و المريض استيقظ اساساً، تستطيعون رؤيته و سنبقيه الليلة للمراقبة ... اما اكين، لقد أستيقظ ايضاً و تبين في فحوصاته انه اصيب بارتجاج بالدماغ لهذا سنبقيه الليلة للمراقبة و التدخل في حال ساء حاله تبين وجود نزيف داخلي و قمنا بخياطة جرحه و تضميده و سنحتاج لصورة طبقية لرأسه خلال ٦ ساعات .. اما بالنسبة للاخير ضمدنا جراحه سيكون بخير لا ضرر من الرصاصة اي انها لم تسبب اي ضرر جاد وكذلك الضربة لكن وجدنا اثر دواء تركيبته تشبه دواء Lunesta الذي يستعمل للمساعدة في النوم و يبدو انه اختلط بكحول او ما شابه مما ادى لاصابته بهلوسات و تصرف بعنف مفرط ، يجب ان نبقيه تحت المراقبة ل٧٢ ساعة خوفاً من مضاعفات بسبب هذا الدواء ... سنبقيه مقيداً بالسرير حتى تزول اثار الدواء و تمنع الزيارة بسبب هلوساته العنيفة،
المفترض ان تختفي هلوساته خلال ٤٨ ل٢٤ ساعة...
سليم : ماذا عن صالح ؟
الطبيب : ليخرج طبيبه من العملية و يخبركم هو ، زال البأس ..
سليم اذهبو لترو ياماش و اكين، انا سأذهب و ابقى امام غرفة العمليات لارى صالح و اعلمكم عندما يخرج الطبيب...
في غرفة هادئه يجلس في سريره يحاول الكلام لكن لا صوت يخرج لتدخل سنا بعد ان مسحت دموعها "ياماشم!" و تعانقه بقوة ليحاول الكلام ليهمس "انا بخير، لا تقلقي" و يسعل بعدها واضعاً يده ع رقبته، ليكمل "ماذا حدث لاخي لما جن فجأة هكذا ؟"
لترد داملاً : لا نعرف ، يقول الطبيب ان هناك اثر دواء بجسده تسبب بهذه المصيبة ...
يلاحظ جرح ذراعها "هل منه!" لترد الاخرى "اجل يا ليت وقفت ع جرحي" لتتغير ملامحه للقلق متسائلاً "اين سليم و اكين! هل هنا بخير ! و بابا بما انك هنا فاين صالح؟"
ادريس يتلعثم قليلاً و يخبر ياماش بما حدث بالضبط ... "هل ينقصه يا ابي!" لترد سعادات بينما تضحك "حظه الجميل يا اخي الجميل"
ياماش : ماذا سنفعل الان !
ادريس :سننتظر لنرى ما سيحدث مع اخوتك
.........
يمر تقريباً ساعتين ليذهب ادريس لجهة غرفة العمليات ليجد سليم يجلس هناك ، يصل لحظة خروج الطبيب لينهض سليم متجهاً للطبيب الذي بدأ كلامه مع ادريس "اهله ؟/ ليومئو بنعم /فيكمل الحمدلله ع سلامته ، غرزت السكين في مكان حساس لكن لحسن حظه لم يتضرر اي عضو بشكل جدي ، لكنها اصابت عصباً ، لهذا قد يعاني من الالم حاد نوعاً ما مكان الاصابة لبضعة ايام ...
يتذكر ادريس كيف كان صالح يترجاه ان يزيل السكين "اوف اولوم" ...
سليم: لا خطر ع حياته اذاً !
الطبيب :لا سنخرجه لغرفته بعد قليل، سنبقيه نائماً حتى الغد ،تستطيعون البقاء معه.. هيا زال البأس ..
تمضي الليلة بعد ان ارسل ادريس الجميع للبيت و بقي هو عند صالح و سليم عند ياماش و اكين و تبادلا عدة مرات بينما الثلاثة الاخرون نيام ...
مع حلول الصباح يقترب ادريس من صالح ماسحاً ع رأسه و يحاول ايقاظه لعله يسمع صوته فيطمئن قلبه قليلاً فمن امامه يمكن ان يعتبر احدث أسوأ نقاط ضعف ادريس ، ابنه الذي حُرِم منه والذي حُرم ايضاً من اقل حقوقه و ها هو الان يعاني الامرين من مرض و ضعف و اصابة ، ما هذا العدل في هذه الدنيا يعاقب المظلوم قبل الظالم ...
يناديه بصوت خافت يعلو تدريجياً "صاالح. صالح هيا افتح عينيك" يسمع صوت ابيه بعيد بالبداية ليتضح صوته اخيراً عندما فتح عينيه ووجده امامه،"بابا" صوت خافت خرج من الاخر ...
ادريس : هل انت بخير ! هل تتألم ! ليرد الاخر انه لا يشعر بشيء ..:
ادريس : غالباً تأثير الادوية لم يذهب بعد
صالح : اريد ماء رجاءً يا ابي ... لينهض ادريس الى جهة الماء بينما يرفع الاخر ظهر السرير ثم نفسه ببطئ متألماً واضعاً يده ع جرحه ..
ادريس : بهدوء لا تؤذي نفسك ، بينما يعطي صالح كوباً من الماء، و يجلس بجانبه يتأمل ابنه ذو الحظ السيء ...
صالح : كيف حال اخي ؟
ادريس : من فيهم بالضبط !
صالح : الجميع لكنني قصدت جومالي
ادريس : ياماش و اكين سيكونان بخير سيخرجان اليوم ، انت ستبقى قليلاً جرحك عميق ، و جومالي ممنوع زيارته ... ع الاقل حتى تمر ٢٤ ساعة ع ادخاله ...
صالح : هل نعرف من فعلها ! يعني من سممه ؟
ادريس ينظر بدهشه لصالح : كيف علمت ؟ كيف علمت انه تم تسميمه!
صالح : لدي خبرة بالامر ...يرفع نظره لوالده الذي يتساءل عن مقصد ابنه و يكمل " لا لم اسمم احداً ، اساساً ليست حركة ذكية او شجاعة، لكن تم تسميمي عدة مرات ، اولها و انا لم اكمل الرابعة ... كانت تجربة مؤلمةً جداً ، تمنيت الموت وقتها ... (يحاول تغيير الموضوع بعد ان انتبه لنظرات ادريس الحزينة له) نيسه... هل عرفنا ما المادة التي اعطيت له ليهلوس هلاويس قوية هكذا !
كانت الدنيا قد توقفت بادريس الذي تجمع الدم و الدمع في عينه "من يسمم طفلاً في الثالثة! اي وحشٍ هذا !" يحدق بابنه بخوف ليقول "اخبرني ماذا حدث وقتها! من يملك الجرأة ليسمم طفل !"
صالح يمسك بيد والده : اصبح في الماضي لنتحدث لاحقاً بهذا الامر ... لتذهب و ترى جومالي الان و تطمئنني عليه ..
لينهض ادريس ماسحاً ع شعر الذي امامه و يقبله ع رأسه و يخرج من الغرفة قائلاً "لتنام قليلاً و ترتاح الان و انا سأعود لاحقاً" ليصل لغرفة جومالي و يجده قد عاد لوعيه لازال مقيداً لكن الزيارة مسموحة ليدخل و يقترب من ابنه ينظر اليه بحزنٍ شديد ، فها هو ابنه الذي كان دائماً كالجبل مقيد في سرير مشفى ، يقترب بهدوء ليصبح واضحاً في نظر الاخر الذي اشر له ان لا يقترب اكثر "اخاف ان اؤذيك انت ايضاً" لكن ادريس يقترب اكثر و يضع يده ع رأس الاخر ماسحاً ع شعره ايضاً "هل انت بخير ؟"
ليرد الاخر و دموعه تملئ عينيه "هايير ، لست بخير كدت اقتل اخوتي ، يا كدت اقتل جميع افراد العائلة حتى، اي **** يفعل هذا!"
ادريس : ليس ذنبك يا بني ، لم تفعل ذلك بارادتك ، لقد دس لك احدهم السم ..
جومالي : ماذا ! من ؟هل عرفتم من ؟
ادريس : لا للاسف ... هل تتذكر من او اين يمكن ان يكون قد دخل جسدك ؟ اين اكلت او شربت ...
جومالي : يوك ... لا اتذكر تماماً ، (يصمت قليلاً و ينظر لوالده بندم و يكمل" صحيح كيف وضع ياماش و اكين ، داملا ، جولوم اصبتها ايضاً ...
ادريس : سيكونون بخير ، اساساً يخرجونهم بعد قليل و داملا بخير لا تقلق ،ستأتي بعد قليل ...
جومالي : و هجمت ع امي ، كم اني **** من يمد يده ع امه ، بابا ... لولا صالح لكنت قتلتها ،لتعود به الذاكرة لما حدث بتلك اللحظة و يكمل "لقد تفادى اول ضربة لكن سحبته و ضربته بالحائط و غرزت السكين في بطنه ،هل يستقوي الاخ ع اخيه الاصغر ! اووف ماذا فعلت انا انه المريض و بالكاد استجمع نفسه بعد ما حدث اخر مرة! كيف حاله ؟"
ادريس مبتسماً بدفئ محاولاً التخفيف عن الاخر : سيكون بخير هو ايضاً لم تؤذه سكينك فقط فتحت فجوة بجسده ... كما انك كنت اول شخص سأل عنه عندما استيقظ ..
جومالي : اوف يا (بينما يبكي)لحسن الحظ انك اتيت بالوقت المناسب و الا لا اعرف ماذا كان سيحصل كان من الممكن ان اقتله ..
ما كان من ادريس الا ان مسك يده قائلاً: مضى و انتهى يا بني ، لكن لتكن انت قوياً فالايام القليلة القادمة ستكون صعبة قليلاً ...
جومالي : بابا ، هل استطيع رؤيتهم ؟
ادريس : من ؟
جومالي : اخوتي و زوجتي و اكين و امي ايضاً لقد اذيتهم جميعاً ...
ادريس : ممكن سأجعلهم يمرون عليك بعد قليل ، اما صالح فذلك صعب ، فهو ممنوع من الحركة...
جومالي يومئ برأسه : المهم ان يكون بخير ، كم قطبة ؟ لينظر ادريس باستغراب ليجيب ١٠ خارجي غير الداخل .. لما؟
جومالي يغمض عينيه بالم : لقد اذيته كثيراً هل يتألم ؟ لا انسى ملامح وجهه بينما غرزت تلك السكين بجسده ، لا انسى معالم وجوههم جميعاً ياماش بينما اطبقت يداي ع رقبته لم يستطع انقاذ نفسه ، اكين باغته عندها دفعته عن الدرج ، سليم و هو يحاول تخليص صالح من بين يدي كان يصرخ علي ان اتوقف لكن لم اكن استطيع السيطرة ع نفسي كأن احداً يتحكم بجسدي و انا حبيس ذلك الجسد ...
يربت ادريس ع كتف ابنه مطمئناً اياه و يخرج بينما الاخر يرجع ليضيع في بحور افكاره ، عقله يعيد تلك اللحظات بين كل فترة و الاخرى ، لا يريحه ابداً ...
يكمل ادريس طريقه لغرفة ياماش و اكين ليجدهما لازالا نائمان ... ليستيقظ ياماش ع صوت حركة ابيه "بابا" بصوت مبحوح ، ليقترب ادريس منه متفقداً اياه "هل تشعر بتحسن ؟"
ياماش : ع حالي كأن هناك حجارة في حلقي ، سنخرج بعد قليل اليس كذلك ؟
ادريس : ان شاء الله يا بني قالها بينما كان يمسح ع رأسه
يبدأ اكين بالتقلب بسريره كأنه بدأ يستيقظ ، ليكمل ادريس "اجل ليراكم الطبيب، ثم تخرجون اين سليم ؟"
ياماش : ذهب ليجري مكالمة سيعود بعد قليل ، هل استيقظ جومالي ؟
يومئ ادريس برأسه : ايفيت ، لكنه يرفض ان يتم فك قيد يديه يشعر بالذنب لما حصل ...
ياماش : لكنه ليس ذنبه (يصمت قليلاً مع دخول الطبيب الذي فحصهما و قرر اخراجهما فور انتهاء الاوراق ) ينهض ياماش من سريره و يتجه للخارج ، سليم : الى اين يا بني ؟
ياماش : سأمر ع صالح ، انت اوصل ابي و اكين للبيت انا سأبقى هنا ..
سليم : اييه تمام ، لكن لتعرف انهم يبقون صالح تحت التخدير اغلب وقته ...
ياماش مستغرباً : لماذا ؟
سليم :لان مكان اصابته احدثت ضرر باعصابه ،سيؤلمه بطنه كثيراً ان بقي بوعيه ...
ادريس : حسناً و لنذهب عند جومالي اذاً قبل ان نخرج ... فور دخولهم لعنده يرفض ان يقتربو منه خوفاً من ايذائهم "اعتذر كثيراً عما حدث"
ياماش: ليس ذنبك يا اخي، يقترب و يمسك يده "نحن بخير ، لتكن انت بخير الان"
بينما يتبادل نظراته مع الباقيين ، ملامح اكين واضح عليها الخوف و الغضب، طبيعي جداً ان يعطي ردة فعلٍ كهذه فقد خرج من السجن لتوه و في اليوم التالي انتهى به الامر بالمشفى يآل جمال الصدف ...
يعود ياماش الى غرفة صالح بينما يخرج الباقين من المشفى الى البيت ... يدخل بهدوء و يجلس ع طرف السرير ينظر للنائم مبعداً شعره الذي يغطي وجهه ليفتح الاخر عيناه ع لمسات اخيه "بابن اولو ؟"
صالح : ياماش !
ياماش : كيف حالك ؟واضعاً يده ع مكان جرح الاخر ، كانت لمسة خفيفة لكن الاخر شعر كأن لوح زجاج قد سقط عليه ليأوي بالم فيسحب يماش يده بسرعة "اعتذر لم اقصد" يبتعد بسرعة و يلح بقلق "صالح هل انت بخير ؟ هل اطلب الطبيب!" ليرد الاخر بعد ان استجمع انفاسه "لا تخف ، انا بخير، عد الى هنا ، فقط لا تلمس جرحي"
ياماش الذي شحب لونه من الخوف : هل انت متأكد ؟ ليومئ الاخر بنعم ...
ياماش : كيف اصبحت ؟
صالح ممازحاً : اصبحت لا اعرف الليل من النهار ، نائم كال*** اغلب وقتي ...
ليضحك ياماش : صدقني انو افضل لك انظر بالكاد لمستك لتتألم بشدة ..
يبتسم الاخر: ليضحك وجهك قليلاً يا ابن ابي ، كيف اصبح جومالي آبي؟
ياماش : بخير يسأل عنك، طلب رؤيتنا جميعاً ليتأكد اننا بخير لكن عقله بقي عندك ..
يقاطعهم دخول الطبيب(اندريا) "نحن نقول ان يرتاح السيد صالح ليعود لنا بسكين في بطنه!انا اقترح ان تحجزو جناح لكم و له خصيصاً هنا"
ياماش ينظر للطبيب لا يعرف ماذا سيقول ليكمل الطبيب بينما تعيد الممرضة وضع المحلول في يد النائم بالسرير و جهاز الضغط بيده الاخرى و يحقن الطبيب شيء في ابرة المحلول "من الجيد وجودك هنا ياماش ستساعدنا اعطيته مهدئ الان و ساغير ع جرحه لذلك انت ستقوم بامساك يديه حتى ننتهي بسرعة او حتى يستجيب جسده للدواء ليتبادلا النظرات بينهما ليسأل ياماش "لما سأمسكه؟" ليرد الطبيب "لانه سيتألم بشدة من طبيعة جرحه و سيحاول ابعادي عنه ، اساساً هذا رد فعل طبيعي ، لذلك سأحتاجك ان تثبته حتى انتهي بسرعة، و انا اعتذر مسبقاً عن الالم الذي سأسببه لك يا صالح" يمسك ياماش بيدي صالح ليضمها لصدر الاخر و يضمه لصدره "انا هنا و لن اتركك" بينما يبدأ الطبيب عمله ليشد صالح بقوة ع قميص ياماش و يسحبه بدون ان يعي ليقول ياماش باذن الاخر الذي يكاد ينقطع نفسه من شدة الالم لا يخرج صوته حتى "صالح تنفس يا اخي، خذ نفساً، سيمضي صالح سيمضي"
ياماش : هلا اسرعت قليلاً انه يتألم كثيراً
الطبيب : بقي القليل ..
يشعر ياماش بارتخاء يدي صالح ليبتعد قليلاً "صالح ! هل تسمعني ؟" ليجد الاخر قد بدأ يفقد وعيه ليحاول ايقاظه لكن عبثاً لا رد من الاخر..
الطبيب : لا تقلق لقد بدأ الدواء يتجاوب معه
ليبتعد ياماش عن صالح قليلاً فقد كان الاخر يستسلم للنوم ببطئ "ياماش" بصوت خافت ، ليرد الاخر "اطلب ما تريد" ليقول الاخر بصوت بالكاد يخرج "سلمت" و يغمض عينيه بينما ينتهي الطبيب ليقبل ياماش رأس اخيه بينما تنهمر الدموع من عينيه "كم سيستمر عذابه هذا ؟"
الطبيب : لن يستمر طويلاً فقط لان الاصابة حديثة جداً... لكن اخاف ان يطول علاجه بسبب وضعه الصحي ..
ياماش يعدل غطاء اخيه ليكمل "كم انت عديم الحظ بابن اولو!" و يخرج متجهاً لاخيه الاخر ..
يدخل و يقترب من جومالي ممسكاً يده ليحزن من اثر القيد ع يديه ليزيلها بينما ينظر الاخر بغرابة كانه ليس جومالي "هل انت بخير آبي؟" ثواني كانت كافية ليطيح جومالي بياماش مجدداً لكن هذه المرة لا احد من اخوته هناك لينقذه يمسك برقبته بعنف ضاغطاً عليها قاطعاً انفاسه بينما يحاول الاخر تخليص نفسه لكن لا فائدة فجومالي اكبر حجماً من ياماش ، بدأ يشعر بضغط كبير في رأسه و اذنيه و رؤيته تسود شيئاً فشيئاً ... المشكلة الكبرى ان الاخر لا يرى ان من امامه هو ياماش شقيقه الصغير الذي يخاف عليه من خدش شوكة بل يرى كل من حوله بصورة العائلة التي انهاها قبل عدة سنوات ، لا سيطرة ع تصرفاته ...
يحارب الاخر للحفاظ ع حياته ، يمر شريط حياته من امامه يحاول و يتخبط بين يدي الاخر ليستسلم اخيراً فاقداً لوعيه لترتخي يداه ارضاً ،هل فقد وعيه ام حياته لا احد يعلم ... يشعر جومالي بنار تغلي بجسده و حكة ليبتعد عن ياماش فيتخبط بارجاء الغرفة تلاحقه الكثير من الارواح و الاطياف ... في وسط تلك الزحمة يدخل ممرض لغرفة جومالي ليجد ذاك الاشقر مرمي ع الارض كأنه جثة لا حياة فيها ، يطلب المساعدة فوراً ، ليفحص علاماته الحيوية ، لا يوجد نفس لكن قلبه يتصارع في صدره ، شفتاه غزتهما الزرقة ، لايسمع و لا يرد ...
هذا يركض و ذاك يصرخ ، اشباه اصوات يسمعها لتختفي باختفاء نبضه يشعر بكل ضغطة ع صدره ، و بالانبوب الذي وضع في حنجرته ع امل ادخال هواء لرئتي هذا الاشقر لعله يستطيع التنفس ، برودة تسري في جسده يرى طيف كل من فقده يرى كهرمان و عائلته الباشا محي الدين ، لكنهم جميعاً اموات ! هل مت انا ايضاً !
كهرمان الذي يقف امام ياماش لكنه بعيد عن مدى يديه : لا لازال لديك الكثير من الوقت ، سآخذ ابنتي و اذهب ...اهتم بالتوأم المختلف خاصتنا يا ياماش ...
ياماش : اي توأم ؟ لا يوجد توائم في العائلة
كهرمان : اخوتك ايها العبقري ...
ليفتح عينيه و يجد الاطباء حوله "سيد ياماش هل تسمعني ؟
ليغمض عينيه ايجاباً .. و يؤشر للانبوب الذي في فمه يمتد لحلقه
الطبيب سنبقيك تحت اجهزة التنفس حتى يتحسن وضعك الضربة التي تلقيتها ع عنقك تسببت بضرر جسيم ، يعني قد يمتد الامر من ايام لاسبوع يعتمد ع تحسنك ، ينظر ياماش للطبيب بنظرة يملؤها الخوف كأنه يتمنى ان ما يحصل مجرد كابوس ، هل شقيقه من يخاف عليه من جرح شوكة كاد ينهي حياته ! ليكمل الطبيب سنوقظك بين الفترة و الاخرى حتى تطمأن عائلتك عليك ...
يمر بعض الوقت قبل ان يصل الخبر للعائلة ، ليتواجدوا خلال دقائق بالمشفى فوق رأس اصغرهم "كيف حدث هذا !" كان هذا كل ما يفكرون به "هل ياماش بخير !" ليلتقو بالطبيب الذي شرح بالضبط ما حصل ، ليختل توازن ادريس الذي جلس ع اقرب كرسي، ما هذه الكارثة الكبير كاد ينهي الصغير و هو بغير وعيه مرتين ! و الادهى ان الكبير مفقود في مشفى كبير جداً ...
سليم : هل سيكون بخير ؟
الطبيب : سيستعيد عافيته مع الوقت ...لكن الاخر مفقود و نحن نبحث عنه ...
سليم : عندي ، و يتصل بكمال و متين ليبحثو عن جومالي بالمشفى و الحفرة و كل مكان ..
سنا : يجب ان اراه ، ارجوك ...
الطبيب : نيمناه قبل مدة قصيرة سنيقظه صباحاً ستستطيعون رؤيته و يتركهم في دوامة افكارهم ... لتحاول سنا الدخول غصباً بينما تتضارب مع الموظفين بالخارج و تصرخ "زوجي بالداخل والد طفلي بالداخل ، يجب ان اراه ، حبيبي و نصف روحي ينام بالداخل " سلطان تقف بينهم كالجسد بلا روح تحاول البقاء صامدة لكن الافكار تدور في رأسها ليخرجها صوت سنا من شرودها "هل انتي سعيدة الان ! لما ! لما اتيتي و اخذته من فرنسا تلك الليلة ! ما كان سيمر بكل هذا ! كيف ستأخذين بانتقامك الان ؟ ابنك كاد يقتل ابنك" تقترب سعادات محاولةً تهدأتها لتدفعها و توقعها ارضاً لتتأوه بالم من يدها التي سقطت عليها ، انتبه سنًا لما فعلت لتقترب منها"اعتذر لم اقصد ، هل انتي بخير ؟"
لترد سعادات : بخير لا تقلقي لكن لتكوني بخير انتي ايضاً ...
يعم صمت مخيف على العائلة ليقول سليم: بابا جومالي لم يخرج من البيت ذلك اليوم ، انا اقول ان يعمل الجميع فحص دماء لنتأكد ان الجميع بخير " يستحسن ادريس فكرته "هيا الجميع خلف سليم، لن نفيد احداً هنا"
و ما ان تحركو حتى وجدو اندرو (الطبيب)قد جاء باتجاههم "زال البأس يا عمي"
ادريس : سلمت ، يبتسم و يكمل "اصبحت تراني كل يوم"..
اندريا : اتمنى لو كانت الظروف مختلفة ، كان عند صالح صباحاً عندما غيرت ع جرحه ..
ادريس : ماذا نفعل ، انه القدر .. كيف اصبح صالح ؟
اندريا : افضل قليلاً ،اغلب وقته يبقى نائماً تحت تأثير المخدر ... استيقظ قبل قليل و كاد يجن عندما سمع ما حصل بالغلط من ممرض يعمل بقسمه لكن طمأنته و طلبت منه ان لا يتحرك من سريره ... تركته بعد ان غفت عينه ..
ادريس: سلمت يا بني ، لا اعرف كيف سأرد جميلك هذا ...
يمر مساء ذاك اليوم و كأن الشمس و الامل لن يشرقا مجدداً يقف ادريس عند نافذة غرفة ياماش يفكر كيف ان اصغر اثنين من ابناءه بالكاد يكافحون للبقاء بهذه الدنيا الظالمة ... بينما في تلك الغرفة ذات رائحة التعقيم يفتح عيناه بخفوت ع صوت بكاء و نحيب لينظر لمصدر الصوت، ليرى ذاك الوحش يجلس ع الارض ضاماً ركبتيه يركز رأسه ع الجدار و يداه ع وجهه ..
يحاول النهوض ببطئ ليتألم ليخرج صوته بخفوت ، و يرى شكل الاخر امامه فيشعر بغصة بقلبه مما يعانيه اخيه الكبير بعد ما تعرض له ليسحب نفسه و ينزل عن السرير متجهاً اليه ببطئ ألمٍ شديدان "آبي!"
لا رد من الاخر ، ليكرر "آبي هل انت بخير ؟"
ليرفع جومالي وجهه و ينظر لأخيه بنظرة تمتلئ بالخوف و الرعب ، ليبلغ صالح ريقه خوفاً من الذي امامه و يرجع خطوة للخلف فالذي امامه ليس جومالي و سيؤذيه مجدداً غالباً ... "هل انت بخير ؟" بينما كان يتجه لصالح مؤشراً ع مكان ما طعنه "هل تؤلمك ؟" ليرد صالح بلهجتٍ يعتليها الخوف و الرجفة "سأكون بخير" ليضحك الاخر بصوت عالي و يكمل بنبرة مخيفة بينما ينظر لصالح و كأن الشرار سيخرج من عينيه "لقد اذيتك انت ايضاً مجدداً، كم انت ضعيف يا هذا، و تسمي نفسك فارتولو ! انت مجرد طفل خائف" يصل صالح لطرف الغرفة الجدار خلفه و جومالي يتقدم نحوه "قتلت امك امامك ، يا للاسف ،لكن جيد ع الاقل لن ترى ضعفك هذا ،و انت ماذا فعلت ! قتلت اخيك ، من الجيد انها ماتت" كانت هذه الكلامات كحديد يتم صهره و انزاله ع قلبه ليصرخ "اخرس ، اخرس يا هذا ولا تتكلم عن امي ! كل ما حدث لي بسببكم و يدفع جومالي بعيداً عنه " لا تقترب والا ... انهي نسلك يا هذا ! انت لست بعقلك ولا تعرف كيف تتكلم ! اخرج من هنا " ما ان انهم حملته ليهجم عليه جومالي ضارباً وسط صالح بقدمه ليهوي الاخر ارضاً يمسك بطنه بقوة و يتلوى و يئن بألم ليكمل الاخر ضربه و يرى الدماء تتدفق ارضاً كأنه طعنه مجدداً فيتوقف قليلاً "ماذا فعلت ! ماذا فعلت ! ماذا فعلت انا" يمسك برأسه و يسقط ارضاً و هو يصرخ عندما عاد شكل جسد ياماش امام عينيه "لم افعل ، لم افعل ، لم افرط بهم" يقترب من صالح و يرفعه بين يديه محاولاً الضغط ع الجرح ليمسك الاخر يده قائلاً بصوت متعب "لا تفعل ، لا تضغط ، يؤلم جداً ... آبي لما فعلت هذا مجدداً!" يقاطعهم صوت صراخ سليم "وجدته وجدته جومالي هنا.... " تتضائل نبرته للخفوت بينما يجلس بجوار اخوته ارضاً "آبي ! ماذا فعلت؟ صااالح انه ينزف ، ابقى معي، كارديش ، انت بخير لا تقلق ستكون بخير مساعدة اريد المساعدة بسرعة ...
ليدخل ادريس بعد ان اخذ الطاقم الطبي صالح لغرفة العمليات مجددًا، ليجد جومالي عاد لجلسته يضم ركبتيه لصدره واضعاً رأسه بين ذراعيه ، ملابسه ووجه و يديه مليئة بالدماء ، يتكلمون معه لكنه لا يرد ولا يستجيب ليقل لوالده بصوتٍ باكي "بابا خلصني من هذا العذاب كدت اقتل كليهما، يسحب سلاح والده و يكاد يطلق ع رأسه الا انه امّان السلاح فلم يطلق ليصرخ ادريس "جومالي كوشوفالي توقف" ليقف الاخر امام ابيه ينظر ارضاً خجلاً من فعلته ، ليكمل ادريس "ماذا حصل لك يا جومالي؟"
جومالي : كدت اقتلكم جميعاً يا ب بابا .. انظر ياماش بالكاد يعيش و صالح لا احد يعرف ان كان سيخرج من هنا حياً و هو اساساً مريض جسده لا يحتمل انظر -يفتح يديه- هذه دماءه ،هذه المرة الثانية التي سأغسل دماءه عن يدي و اكون انا السبب بنزفه ... لقد (يبلع غصته) كدت اقتل امي و زوجتي ... انا لا انفع احداً بعد الان ،لا انفع..
ليقاطعه صفعة من ادريس و يليها اخرى و ثالثة و رابعة ليسقط جومالي ع ركبتيه "من انت يا هذا!"