أعطِ الصباح فرصته دائما لكي يغير الأحوال والظروف التي نشكو منها بجهدنا الدؤوب، فقد نتغير نحن ونصبح أكثر قدرة على تحملها والتواءم معها، أو ربما نسعد بها أو أن نبدأ منها رحلة التغير، او لربما نكرهها لكنها تعمل لمصلحتنا..
ع طرف شاطئ حيث تتضارب الامواج وتداعب حبات الرمل، وترمي الشمس باشعتها لتدفئ نسمات البحر معتدلة البرودة، يقف صالح يحدق بتلك الفتاة التي تقف ع صخرة في وسط المياه، قلبه يدفعه للدخول اليها لكن عقله يرفض تلك الفكرة تماماً، يحاول ان يأخذ خطواته اليها لكن لا يستطيع وكأن احدهم يمسكه او يمنعه، سمع صوتها وكأنها تهمس باذنه، لم يفهم ما قالت لكن صوتها يكفي لاحداث عاصفة من الافكار والعواطف التي دفعته خطوة الى الامام، "آنيه!" همس بصوت خافت لتلتفت له تلك الفتاة وفتحت ذراعيها له، تبع صوتها، في كل خطوة يعلو الصوت اكثر، يمشي باتجاهها، بينهما بحر لكن بكل خطوة يخطوها يتحول المكان تحت قدميه الى ارض ثابتة، وكأنه يقف فوق زجاج سميك، يرى الامواج تحته لكنه لا يشعر بها، عدة خطوات واصبح امامها "اولوم!" "امي!" عناق لو قيل فيه ان جسدين التحما لم يكن يكفي لوصفه، "اولوم هل انت بخير؟" "بخير انيه، اشتقت لكِ كثيراً" مسحت بيدها ع شعره وعينه المكحلة "لم تتغير كثيراً اولوم، لكنك طولت كثيراً" قالتها وكأنها تنظر الى الجنة بعينيها، لم يقوى صالح ع الكلام، كانت عيناه تنطقان اساساً، اكملت والدته عندما وضعت يدها ع وجنته "ماذا حدث لك صالح؟ لا تبدو بخير" ابتسم الاخر وطلب منها الجلوس، تجاوبت معه وجلست ارضاً تدلي قدميها عن الصخرة حيث تداعبها مياه البحر، وتشير لوحيدها ان ينام في حضنها، ولم يفكر حتى، ينظر للاعلى حيث تلتقي زرقة السماء مع مدى بصره، "هلا رويت لي قصة يا امي؟" ابتسمت الاخرى "اروي لك سلسلة روايات يا بني" كانت تداعب شعره عندما بدأت تروي له "كان يا مكان، كان يوجد فتى ذو شعر طويل، وعين كحلتها الملائكة..." ينظر اليها لازالت تتكلم لكن لا صوت يخرج، وكأن اخدهم سلبها اياه، نظر لها مجدداً، لازالت تداعب شعره لكنه لا يشعر بلمساتها، ونهض من مكانه وهو ينظر اليها، لازالت جالسة مكانها وتحرك يدها كما كانت تفعل قبل قليل عندما كانت تداعب شعره، لحظات حتى انهار المكان الذي يقف فوقه، سقط ولم يمسكه احد، وقع في تلك المياه شديدة البرودة، يناجي والدته علها تساعده لكنها لا تسمعه، يشعر وكأن احدهم يسحبه الى اعماق تلك المياه، شيءٌ ما يثبت قدمه جاذباً اياه للاسفل، يحاول السباحة لكن لا جدوى، شيء ما يجذبه للاسفل، شعر وكأن جوفه امتلئ بتلك المياه، اختنق حتى فقد الاحساس اخيراً، فقد وعيه، شعر باحدٍ يجذبه من يده لربما من اوسطه، لا يعرف لكن وكأن احدهم حرر قيد قدمه، لحظات حتى شعر بالهواء اخيراً يداعب شعره "تنفس يا بني" همس صوت والدته في اذنه...
حل منتصف تلك الليلة، بقي ادريس بجوار صالح، فيما جلس كهرمان بطرف الغرفة، يطالع حال اخيه، "هل استطيع فعل شيءٍ ما يا ابي؟" "اجل، لتبقى فوق رأسه، حرارته ارتفعت مجدداً" كان كهرمان ينظر لوالده بخجل حين نطق "لم اتوقع ان يمرض بهذه الشدة ابداً، ثلاثتنا بخير" ابتسم ادريس قائلاً "ليس ذنبك، لم تكن تعرف حينها، لكنك تعرف الان وستتصرف ع هذا الاساس" اومئ الاخر برأسه "رأيت خوفهم عليه، لكن ظننت انهم يبالغون، يعاملونه كأنه تحفة خزف قد تنكسر بسهولة، لكن انا لا اراه كذلك، رأيت صالح الذي يتكلم كثيراً يمزح ويقلل ادبه، رأيته غاضباً، لكن لم اتوقع ابداً ان هناك جزء بهذا الضعف فيه" اجاب ادريس بحدة "ليس ضعيفاً، بالعكس تماماً، صالح من اقوى الاشخاص الذين التقيت بهم، ستجد به الاخ والسند، وستجد به العدو والدهاء، هذا الفتى تخطى حياة الجحيم ويقف اليوم بينكم، مرت علينا فترة كان هذا الفتى مجرد كابوس يراودنا يدعى فارتولو، هذا الفتى كان يقف في طريقنا، في عنقنا حتى كان وكأنه سيخنقنا بطريقة ما، لا تعرف من اين سيخرج، واين ستجده، يخطو كل قبلنا ويسبقنا بخطوتين حتى، كانت معركة بل اقرب الى ملحمة بين ذكاء ياماش ودهاء صالح، ومن تظنه كسب تلك المعركة؟" اجاب كهرمان "ياماش اذكى من ثلاثتنا.." رد ادريس "بل دهاءه خاصة عندما وضع يده بيد سليم، سلباني الحفرة، لم يقتلو احداً لكن اخذو منا كل شيء، ونحن ننظر فقط" تنهد ادريس بتعب واكمل "نتكلم في هذا الامر لاحقاً، المهم الان ستبدل هذه (مشيراً للكمادات والمياه التي امامه) كل عدة دقائق حتى نسيطر ع حرارته قدر الامكان"، اعتدل ادريس ع الاريكة يراقب ابنيه حتى غفت عينه...
حل الصباح، استيقظ ادريس وكانه يبحث عن ابناءه في تلك الغرفة، ليجد كهرمان ينام ع الكرسي بجاور صالح، يضع رأسه ع السرير، تلامس يده يد اخيه، والاخر نائم ع حاله، نهض بهدوء واقترب متفقداً ابنه الذي تلازمه الحمى منذ ساعات طويلة، وضع يده ع جبهته ثم همس "الحمدالله" عندما وجده بحالٍ افضل، استيقظ الاخر ع لمسات والده، ونظر له بحيرة، فرد ادريس قبل ان يتكلم صالح "لتكمل نومك الوقت لازال باكراً جداً" قبل جبهته وقصد طريقه خارجاً من الغرفة...
تعدت الساعة الثامنة صباحاً، مع دخول الممرضة للغرفة لذات الروتين الصباحي، ايقظت صالح لسحب بعض الفحوصات بعد فحص علاماته الحيوية، "صباح الخير صالح" رد الاخر متكاسلاً عندما وجدها فوق رأسه "صباح الخير" في تلك اللحظات عاد ادريس للغرفة "كيف اصبحت يا بني؟" "بخير، متعب قليلاً" اقترب ادريس واضعاً يده ع راس ابنه واطمئن ان وضعه لا حاله، لازال متعباً حرارته مرتفعة لكنه افضل من اليوم السابق، انهت الممرضة عملها وخرجت "سأحضر دواءك، وسنأكل طعامنا اليوم، لتمد جسدك ببعض الطاقة" رد عليها الاخر "تمام، لكن هلا اغلقت الباب خلفك لانام قليلاً" ضحك ادريس مجيباً اياه "انت تنام منذ ليلتين يا بني" نظر الاخر لوالده مجيباً "وان يكن، احتاج الراحة قليلاً" "اساساً ستعود بعد عدة دقائق لتكمل عملها" تذمر الاخر "لا حول ولا قوة الا بالله، ها انا استيقظت اذاً" "لا تتذمر" "يا بابا، والله مللت كل حادثة صغيرة او كبيرة اجد نفسي هنا، ع الاقل لنغير المشفى، حفظت كل الغرف هنا، لنجد مكاناً جديداً" رد ادريس "هل هو فندق حتى تغير المكان! ملفك هنا وطبيبك كذلك، اجلس مكانك ولا تتذمر، من يسمعك يقول اننا نبقيك هنا قسراً، هل جدتي من لا تنخفض حرارتها!" "اوف يا بابا، لكن.." "صالح، اصمت يا هذا"، عادت الممرض وهي تحمل مصل "هذا مضاد حيوي، وهذه حبوب ستأكل طعامك ثم تأخذها" اتجهت بطريقها للخارج والتفت مكملةً كلامها "ان لم تأكل سنبقيك هنا ليلة اخرى" نظر صالح لوالده وكأنه يطلب منه اعادته الى البيت، فيما اجابه الاخر "ستنفذ كلامهم بدون جدال صالح" اعتدل الاخر بجلسته متذمراً ميقظاً اخوه الذي ينام بجواره بحركته، رفع الاخر رأسه بتعب، رقبته تشجنت، نظر حوله ليتذكر ما يحدث، واعاد اهتمامه لصالح "كيف اصبحت يا فتى؟" "غاضباً جداً" ابتسم الاخر "ولماذا يا ترى؟" "يهددون بابقائي هنا يوماً اخر" رد الاخر وهو يفرك وجهه عله يستيقظ "ولماذا يا ترى؟" "والله اهرب ..." قاطعه والده "اصمت يا هذا، حرارتك لم تنخفض الا منذ بضع ساعات، لازالت مرتفعة، لكن شيء اهون الاخر، والطعام لم يدخل جسدك منذ يومين، ولازلت تجادل، اهدء واجلس مكانك، وتناول طعامك ليصح جسدك قليلاً" انهى جملته مع دخول الطعام للغرفة، فتحه كهرمان واحضره تجاه صالح "احضرو شيئاً خفيفاً، هيا لتأكل حتى تأخذ دواءك" نظر الاخر للطعام بتقزز بينما خرج كهرمان ليحضر شيئاً ما ليأكله، وبقي ادريس بجوار صالح فجلس بجانبه "هيا، سأطعمك بيدي" "لست طفلاً بابا، استطيع الاكل بمفردي" مسح ادريس ع رأسه "لكنك تتصرف كالاطفال" نظر الاخر لوالده بغضب الا ان ادريس اصر عليه، اخذ لقمتين من يد والده والثالثة ثم اوقف والده "هذا يكفي" "صالح! هذا لا يكفي، لتأخذ المزيد حتى يقوى بدنك يا بني" لكنه توقف عندما لاحظ اختلاف لون الاخر فسأل بنبرة قلقة "اتشعر بالغثيان؟" هز الاخر رأسه مجيباً بنعم "هلا ابعدته من امامي" تجاوب ادريس معه وحضر مياهاً باردة، خاصةً عندما رأى شحوب الاخر وتعرقه، ضغط زر التمريض، ومسح بمنديل ع وجه ابنه بالقليل من الماء البارد "صالح، تكلم معي يا بني" كانت قد اتت الممرضة لترى حال مريضها، أسوأ كثيراً مما تركته، بوعيه، لكن وضع ليس جيداً اعطته كيساً فارغاً كونها تعلم ان الطعام لن يبقى بمعدته، نظر ادريس لها وكأنه يستنجد بها لترد الاخرى "لا تقلق امجا، سيكون بخير" "حرارته ارتفعت مجدداً، شعرت بذلك، قبل قليل" كانت الاخرى قد اعادت قياس علاماته الحيوية واومئت لادريس ايجاباً "٣٩،٧" وضعت ظاهر يدها داخل ملابسه لتتأكد من صحة القراءة، تكاد الممرضة تكون من عمر والدته، نظرت له بأسى "هذه نتيجة تلك الادوية التي تضعف المناعة" نظرت لادريس واكملت "انا سأرفع تقريراً للطبيب واعود لاحقاً، والشيء الاكيد انه سيبقى هنا ليلة اخرى" رد ادريس "ليبقى، ليصح بدنه قليلاً" كان صالح ينقل انظاره بينهم لا يقوى ع الجدال... خرجت مع دخول كهرمان "اذاً هل تناول طعامه المدلل خاصتنا" نظر ادريس الى كهرمان مجيباً "قليلاً وساء وضعه بعد ذلك" اقترب كهرمان الذي ارتسمت معالم القلق ع وجهه "لا تقل ارتفعت حرارته مجدداً" اومئ ادريس ايجاباً، فاقترب الاخر ليتأكد "هل انت بخير كارديش؟" رد الاخر بتعب "مرهق، لتخرجو وتتناولو افطاركم ولانام انا قليلاً" نظر كلاهما لبعضهما ثم اجاب ادريس "كما تريد يا بني" خرجا لجوار الباب، يفكر ادريس كيف لم يفهم عندما طلب ان ينام سابقاً ان هذا معناه انه متعب...
حلت ظهيرة اليوم واتى ياماش لزيارة اخيه، ووجد والده وكهرمان يجلسان امام الباب، نظر لهم بقلق، "سلام عليكم" "وعليكم السلام، لماذا تجلسان خارج الغرفة؟" رد كهرمان "صالح اخرجنا، غالباً زادت رائحة الطعام من غثيانه" رد ياماش بنبرة قلقة "الم يتحسن؟" فاجابة ادريس "تحسن قليلاً، ثم انتكس مجدداً" "كالعادة يعني؟" اكمل ادريس "كنت قد ارتحت عندما تعود جسده ع الدواء القديم، لم يعد يمرض هكذا، لكن عدنا الى نقطة البداية معه" تنهد ياماش بقلة حيلة ومد مفتاح السيارة الى كهرمان "شي بابا، انا سأبقى بجوار صالح، وهذا مفتاح السيارة لتعودوا الى البيت،لكن بابا، شي، يجب ان تتكلمو مع سليم، حبس نفسه في غرفته منذ مساء امس ولا يتكلم مع احد، حاولت معه لكنه لم يفتح لي الباب، لتجرب انت، لو كان صالح بوضع جيد، سيعرف هو كيف يواسيه ويحل شيفرته، انه يلوم نفسه ع ما فعله اكين" نظر ادريس بقلق وتنهد بصوت متعب جداً "لتأتي المشاكل بالدور! احدكم طريح فراش المرض، والاخر ارتكب ابنه جنحة كبيرة" صمت قليلاً اكمل "حسناً اذاً لنذهب يا كهرمان، وياماش عيناك لن تفارق صالح، الحمى انهكت جسده" "حاضر بابا" نهض و مر ع ابنه مقبلاً جبهته وانطلق قاصداً البيت...
طرق الباب لكن ما من مجيب، هدوء مخيف يأتي من الداخل، طرق ادريس الباب مجدداً
"سليم افتح الباب اعرف انك بالداخل" لم يجب الاخر فاكمل ادريس "افتح الباب لنتكلم قليلاً، والا انادي جومالي ليكسر الباب" لكن لا جواب من الداخل "تمام اعذر من انذر" وما كاد ان ينادي ع جومالي حتى سمع صوت المفتاح وفتح الباب، دخل ليجد المكان معتماً، اتجه للنافذة وفتحها، وجلس ع طرف السرير واشار لسليم ليجلس بجواره "ما بالك؟" التفت سليم الى والده "ماذا سيكون؟ اكين" "تلوم نفسك؟" "اليس ابني؟" "ابننا جميعاً" "لقد سلك ذات طريقي يا ابي، هو لا يرى كم ندمت لاختياري طريقاً كتلك، لم يرى كيف تشتت العائلة" اجابه ادريس "هو حقاً لم يرى، الا انه دخل السجن ظلماً ولم يزره اي منا" "لكن هو من رفض زياراتنا" "لم يكن يرى ذلك، استوعبه بوقتٍ متأخر" حل صمت بين كلاهما حتى ضحك سليم واكمل "افهم ان كان يغار من اخته، او حتى ابناء اعمامه، اما ان يغار من اعمامه! الم يكن يرى كم مرة تشاجرت انت مع ياماش! وكيف ترك الحفرة! الا يرى حال صالح! من مرض للاخر! حقاً لا افهم لماذا يغار منه! اساساً صالح ليس معجباً بكمية الاهتمام الذي حصل عليها بسبب مرضه، لكن وضعه خاص، لا يقارن باحد، بابا اشرح لي كيف سأنظر في وجه اخوتي! كيف سأنظر في وجه كهرمان، تسبب اكين بموت ابنته! كيف سأنظر الى كاراجا، لقد عانت الفتاة كثيراً بعد تلك الحادثة، لا اعرف كيف سأتصرف معه يا ابي" نظر له ادريس مجيباً "لن تفعل شيء، فقط ستحتويه، ستعاقبه ثم ستحتويه، عذره هو ذات عذرك، لم يحظى بالاهتمام اللازم الذي اراده" ربت ع ذراع سليم واكمل "انا سامحتك، ستسامحه كما سامحتك، يعني بتلك الحادثة انت افتقدت الاهتمام الذي طلبته، اخذه اخوتك وانت فقدته، وجدت نفسك بمقعد لاعب الاحتياط، ولأذكرك ايضاً صالح بالطرف الاخر عاد لينتقم، كان قد ابسط حقوقه ليعيش بامان، ايٍ كان سيعطيه عذره ليسترد حقه، حتى ان قرر انهاء العائلة وسلالتنا جميعاً، لكن سليم، يوجد بداخلكم شيء نظيف، يوجد ضمير، قلب ابيض، حسن نية، ستبحث عن ذلك، انت من يجب ان يحتويه، ستقف بين اخوتك وابنك، اربعتهم غاضبون، ستحميه من غضبهم لان ذلك حقه منك كوالده لكنك ستسمح لهم بمعاقبته، فذلك حقهم ايضاً" نظر سليم الى والده ويبدو تائهاً، نهض ادريس واكمل "لن يتواصل ايٌ منكم معه الان، سيعود خلال ٦ اسابيع، يكون غضبكم قد قل وستتصرفون بحكمة" مسح ع وجنة سليم واكمل كلامه "لا تعتزل الناس وتلقي بنفسك للظلمة يا بني"...
دخل جومالي من باب الغرفة بهدوء، يرى الاضاءة خافتة وهدوء غريب يكاد يسمع صوت ذلك السائل الذي يقطر في المصل، ياماش يجلس جانب السرير يقلب هاتفه، والاخر نائم، يرى الكمادات التي اخذت مكانها ع جسده، فهم ان الاخر وضعه لازال ع حاله، تفقده، "كان يجادل ابي والممرضة ليخرج صباحاً، وهو لم يستيقظ الا بضع دقائق" نطق ياماش عامساً فرد جومالي "حرارته المرتفعة باستمرار انهكت جسده، هل اكل؟" "اجبره ابي صباحاً، لكن بلا جدوى، ساء وضعه اساساً بعد ذلك، وكما ترى لازال نائماً" "منذ وصولك؟" اومئ الاخر برأسه "قبل ذلك حتى، فقط ابدل هذه علها تخفض حرارته قليلاً، لكن يوك مصر ان يبقى ع حاله، يحترق" اقترب جومالي من صالح "صالح، هل تسمعني؟ هيا استيقظ لارى" فتح الاخر عينيه بتعب ونظر الى مصدر الصوت ليجد جومالي يقف فوق رأسه، وضع الاخر يده ع رأسه ليشعر بجسدة وكأنه كتلة نيران واكمل "اوف ماذا فعلنا بك!" همس الاخر "آبي!" "هل انت بخير؟" رفع الاخر حاجبيه نافياً "يوك، وكأن فيلاً مشى من فوقي" رد ياماش ممازحاً "لو طلبت طعاماً جاهزاً ذلك اليوم، لكن افضل، اليس كذلك بابناولو؟" ابتسم الاخر مجيباً "بالطبع" انار جومالي الغرفة وجلس ع طرف السرير، "تمام تركك الجميع تنام براحتك، لكن الى هنا يكفي، تكاد تغلق ال٤٨ ساعة نوم متواصلة، ما رأيك بحمام بارد" "يوك" كان جومالي قد ازال الغطاء وعدل السرير وازال المصل من يد صالح وجذبه ناحيته "آبي ماذا تفعل؟" "والله لا يكسر الحديد الا الحديد، حرارتك لا تنخفض، حمام بارد قد يفيدك" نهض ياماش ليساعد جومالي رغم معارضة صالح "لا ضرر من المحاولة" قالها كهرمان الذي دخل لتوه "لان! ماذا تفعل هنا؟" رد كهرمان "بابا خرج مع سليم وياماش زاد قلقي على صالح" اقترب من صالح متفقداً اياه "ما هذا يافتى! ثلاث ايام من الحمى المتواصلة؟ لهذا لا تقوى ع الاستيقاظ او حتى الوقوف بمفردك"...
اختلطت برودة تلك المياة من حرارة جسده محاولة صنع توازن بينهما، يرتجف من شدة برودة المياه، حتى بعد ان عاد الى سريره تحت تلك الاغطية، بقي ياماش بجواره فيما خرح الاثنان الاخران قاصدين الطبيب علهم يدون حلاً لاخيهم، "بابناولو" "ماذا هناك ياماش؟" "هل انت بخير؟" "انني اتجمد هنا" ابتسم ياماش واجاب ممازحاً "لا يوجد اعند منك الا الحمى التي تصاب بها، جميعنا كنا بخير في اليوم التالي، اما انت تدلل كثيراً، ماذا يعني ٣ ايام متوالية من الحمى!" لم يجب الاخر بل انكمش تحت الغطاء يحاول تدفئة نفسه، مرت تلك الليلة وخرج مساء اليوم التالي، وجد والده بوجهه عندما دخل الى البيت، نظر له الاخر بقلق لينطق صالح قبل ان يسأل ادريس "انا بخير بابا" وانطلق بطريقه لغرفته، الا ان ادريس اوقف للحظة "سنلتقي باحد الرجال، انت ستبقى هنا وسنخبرك بكل شيء لاحقاً" نظر صالح الى السقف ثم الى والده "لماذا تخبرني اذاً" "حتى لا تتذمر لاحقاً قائلاً انك رجل طاولة او لاعب احتياط" ابتسم صالح مجيباً "ساصعد للغرفة اذاً" "ستنام؟" "غالباً" "لتأكل شيئاً ما قبل ان تنام، حرارتك لم ترتفع مجدداً اليس كذلك؟" تفقده ليجيب الاخر "يوك، يكفيني ثلاث ايام انهكت جسدي" ضحك ادريس مجيباً "لقد نمت طوال تلك الايام" رد الاخر وهو ينوي الذهاب "والان سأذهب لاستحم وانام مجدداً" تركه ادريس ليذهب ونظر لياماش التي يتكلم مع نفسه "والله صيدلية كاملة هذه" "ماذا هناك؟" سأل ادريس ليجيب ياماش "ادوية ابنك، صيدلية كاملة" ابتسم ادريس بحزن، ونظر لياماش طالباً منه اعطاء الادوية لسعادات واللحاق به، حيث خرج للمقهى حيث سيلتقي بباقي ابناءه للذهاب للمكان الذي اتفقو عليه مع رجلٍ لترتيب امور صفقة، وارسل خبراً لمطعم الفقراء وخصيصاً لسعادات لتعود الى البيت وتبقى بجوار زوجها، كان الاخر قد خرج من الحمام ينشف شعره بالمنشف ليجدها امامه "بسم الله... متى اتيتِ يا فتاة؟" "قبل قليل، هيا احضرت لك شيئاً لتأكله" نظر لها باستغراب "هيا لن ارى ذرة طعام بالصحن" ابتسم الاخر وجلس ع السرير فيما تراقبه الاخرى وحتى قامت هي باطعامه "يكفي، ساديش لم تتعود معدتي ع كمية للطعام هذه بعد" "صالح، انظر لنفسك في يومين كيف فقدت وزنك، وهل تعلم انني لقد اتيت وبقيت بجوارك لساعات، لكنك لم تعي ذلك، لم تستطع الاستيقاظ حتى، ضع نفسك مكاني، او مكان اخوتك، لتقييس المواضيع بهذه الطريقة من الان وصاعداً"...
حل الليل وعاد ادريس وابناءه الى البيت ليجدو سعادات والنساء يرتبن البيت استعداداً بوقت النوم "كيف اصبح صالح؟" سأل ياماش لتجيب الاخرى وهي توجه كلامها لكهرمان "نائم، والله كهرمان آبي، لقد ادخلت زوجي في غيبوبة لمرتين، اهنئك ع ذلك" رد الاخر "لكنه بخير اليس كذلك؟" طمئنتهم الاخرى لكن ياماش لم يقتنع وطلب منها ان يبقى الليلة بجواره، لم يعجبها لكنها وافقت بالنهاية، بدل ملابسه وجلس ع السرير بجوار اخيه بعد ان تفقده، تظاهر الاخر بانه لم يستيقظ ع دخول ياماش، حتى بدأ الاخر يتراسل مع سنا وهو يرفع صوت مفاتيح هاتفه "ياماش، مع من تتراسل في منتصف الليل يا بني!" "سنا" شرد للحظة ثم نظر لصالح "هل ايقظتك؟" "حملت الباب بيدك عندما دخلت، وتأكل بجوار رأسي كال***، وتكتب ع ع هاتفك تك تك تك ع الاقل ضعه ع الصامت، اما ان تنام او تخرج من هنا!" اطفئ الاخر هاتفه متذمراً "لقد كنت اكثر مرحاً وانت نائمٌ بسبب الحمى" رد الاخر "وتوقف عن الاكل كالجمال"... استيقظ صالح صباحاً عندما سقط عن السرير لان احدهم دفعه، نهض وسحب شعره للخلف وهو يشتم ياماش والساعة التي تركه يبقى بجواره، اقترب منه وصرخ باذنه، فنهض الاخر مرعوباً "صالح! ماذا تفعل حباً بالله" "لماذا دفعتني عن السرير وتنام مثل نجم البحر! ألهذا سريرك بجوار الجدار، لديك سوابق غالباً" "بابناولو.." قاطعه الاخر "لن تنام هنا مجدداً، ابداً"، ونهض ليغير ملابسه فيهما عاد الاخر ليكمل نومه...
خرج ادريس برفقة صالح من البيت، متجهين الى الحفرة "هل تكلمت مع سليم؟" انصت صالح قليلاً "بخصوص اكين؟" هز ادريس رأسه ورد بنبرة حادة "اجل، هل يجب ان اقول لكم لتعطو بعض الاهتمام لبعضكم؟ ام انك احببت ان تكون النجم بينهم دائماً" تلعثم الاخر "يا بابا انت تعرف حالي بالكاد وقفت اليوم ع قدمي" "اعرف، لكن باقي اخوتك هكذا، لم ينظر اي منهم اليه بدون ان ارسله" رد الاخر "لا تقلق، سأتحدث معه" ثم غمز والده "يبدو ان احدهم يحاول اصلاح العلاقات" ضربه ادريس بكوعه "اصمت لان" "صمتت، صمتت"..
وصلو المقهى ليجدوا شاحنة مشبوهة تقف في مدخل المقهى، وتجمع حولها عدد من رجال الحفرة، اخرج صالح سلاحه فيما طلب ادريس من الرجال بالابتعاد، وصل جومالي وكهرمان في تلك اللحظة التفو حولها وتحتها ليبحثوا عن اي احتمال لكون هذه الشاحنة تشكل تهديداً ع حياتهم، وما ان تبين ان كل شيء آمن حتى فتشوها من الداخل وبالنهاية فتحو صندوقها، ليخرج منه صوت موسيقى، وتضيء شاشة تحمل عبارة "لعبة او مصيدة قيد الانشاء، قريباً، دراما جديدة في الساحات، انتظرونا" نظر الاخوة في بعضهم لم يفهم اي منهم اي شيء، وذات الحال كان ادريس وايمي، تصرف ابناءه وازالوا تلك الشاحنة من وسط الحفرة الى مكان اخر، يبدو ان هناك لغزاً يحتاج لحل او لربما سيأتي جوابه بمفرده خلال فترة زمنية غير معلومة...
"هل انت مستعد سليم؟" كان قد قرر صالح الالتقاء بازار وكاراجا في مطعم بمنطقة هادئة، يتكلمون قليلاً، ويتبادلون الهموم، يتحدثون عن الزفاف ومن ذلك المنوال، "اجل، لكن لماذا سنخرج باكراً اليس موعدنا ع السابعة؟" "لنتفادى الازمات فقط وان وصلنا باكراً ننتظرهم" "ممكن"... وبالفعل وصلو باكراً، فركن صالح سيارته بقرب المطعم بجوار بحيرة، مكان هادئ جداً، جلس صالح ع مقعد هناك فيما لحقه سليم وهو يتذمر من وصولهم مبكراً "اييه وها قد وصلنا مبكراً كما اخبرتك ويا ليت مبكراً ساعة او نصف ساعة بل ثلاث ساعات" "لا تتذمر، اساساً اتينا باكراً بسببك" "بسببي؟" "ايفيت، لان احدهم قرر اعتزال العالم" "بماذا تهذي صالح؟ ام انك اصبت بالحمى مجدداً!" "سليم، دعنا لا نكذب ع بعضنا، كلنا لاحظنا ما يحدث معك، تكلم لارى" "عن ماذا؟ ام انك تريد تبادل الهموم ع فنجان قهوة كالنساء!" رن هاتف صالح باشعار واشار لسليم ليركب بالسيارة "يوك، بل كالعائلة، هيا عد للسيارة سنذهب لمكان ما" "الى اين حباً بالله!" "الى مكان اكثر هدوءاً من هنا" "الله الله! صالح انت تجرني من هنا الى هناك، ماذا تريد حباً بالله" كان الاخر يكتب رسالة ع هاتفه، ما ان سهى قليلاً حتى خطفه سليم منه وقرأ الرسالة "من اصلان؟ وما هذا المكان الذي تتكلمان عنه" اخذ الاخر هاتفه "اصلان، صديق قديم، والمكان تكتشفه عندما نصل، شيء يدعى rage room" "وماذا يعني ذلك؟" "اركب وستفهم عندما نصل الى هناك"...
١٠ دقائق مسافة الطريق حتى توقفت سيارتهم خارج ذلك المبنى، بل مستودع مليئٌ بالزخارف والنقوش من الخارج، كأنه لوحة فنيه، خرجا من السيارة، يسير صالح امام سليم الذي لازال لا يفهم ما الذي يأخذه صالح اليه، "سلام عليكم" "وعليكم السلام، ضيوف سيد اصلان؟" "اجل" "تفضلو انه بانتظاركم" يجلس في مكتبه وقد اعد القهوة لثلاثتهم، تبادلو السلام واكمل اصلان "من منكما؟" رد صالح مشيراً لسليم "هو" "ماذا عنك؟" "يوك انا بخير لا عليك" هتف سليم "هلا شرح لي احدكم عن ماذا تتكلمان والى ماذا تشيران؟" ضحك صالح وهمس لاصلان "هل الغرفة جاهزة؟" "اجل، تعرف مكانها" اشار صالح لسليم "هيا تعال معي" دخلا الى الغرفة وتأكد ان لا تسجيل بها، حمل صالح المطرقة وووضعها بيد سليم "هيا انطلق" نظر الاخر اليه "ما هذا المكان؟" رد صالح "غرفة تفريغ غضب، وانت ستفرغ غضبك، لا تريد الكلام بالامر، ع الاقل لا تبقيه بداخلك" نظر له سليم باستغراب "اي امر؟" رد الاخر ساخراً بينما اعطى سليم نظارات حماية "امر اكين يا سليم، لا تتدعي الغباء" "صاالح!" "انا سأخرج من هنا، وانت ستفرغ غضبك بهذه الاشياء، وتخرج من هذه الغرفة كسليم الذي نعرفه، اما اكين، سنحاسبه نحن، انت فقط ستستمع له وتحتويه، ستكون اباً له لا قائداً عليه"، خرج وترك سليم بتلك الغرفة،لم يتحرك من خلف الباب حتى سمع صوت تكسير، صوت غضب اخيه، صوت الضمير الذي يمزق داخل سليم، لقد مر هو بتلك المرحلة، عندما اخرج والده من حفرته، عندما تحمل اثم كهرمان، واصبح قاتل اخيه...
خرج صاحب الظل الطويل بعد مرور ساعة تقريباً، واتجه الى صالح وهو يرتدي معطفه "هل نذهب؟" سأل سليم ليرد صالح "هيا" شكر صالح صديقه وانطلقو الى ذلك المطعم، التقو بكاراجا وازار، تبادلوا العناق وجلسو ع الطاولة، "الحمدلله ع سلامتك امجا" "سلمتِ كاراجا" "اخبرتني اختي سعادات بما حصل قبل عدة ايام، هل كنتم بكامل عقلكم وتركتم عمي كهرمان يحضر الطعام" ضحك سليم مجيباً "كان غلطة ودفع ثمنها هذا الحزين" غير صالح الموضوع "المهم، متى حددنا موعد العرس؟ واين؟" اجاب الاخر "عرس ربيعي في بداية شهر مايو" "الله الله، واصبحت شاعرياً ازار افندي" "المهم، يا صالح، العرس سيكون عندنا في البيت، وسنخرج في صباح اليوم التالي ونسافر" "الى اين تنوون السفر؟" "اوروبا"، في الطرف الاخر كان سليم يسأل ابنته ع حالها ويتفقد ما ان كان يلزمها اي شيء، مرت عدة ساعات بدون ان ينتبهو حتى ورد اتصال من ياماش الى صالح وقام الثاني بدوره بالنهوض طالباً افتراقهم...
عدة اسابيع وحان وقت الاحتفال الاكبر، يرتفع صوت الضجيج في ذلك البيت، كل منهم يتسابق لينهي اموره فالليلة حافلة، لحظات حتى اختفى الصوت، بقي ادريس يتفقد من بقي بالبيت، سمع صوت احدهم في احدى الغرف، لكنه يذكر خروج الجميع، تبع الصوت ودخل الغرفة، ليجد صالح ينشف شعر ابنه بالغرفة، "الم تذهب انت ايضا؟" "يوك، لما سأذهب وكل اموري جاهزة اساساً، بقيت مع هذين" مشيراً لابناءه، ابتسم ادريس مجيباً "وهل بقي امر حمامهم عليك؟" نظر الاخر لوالده باستغراب "وما الخطأ بذلك؟ اليسو ابنائي ايضاً؟" "معك حق" جلس ع طرف السرير "اعطني لانشف شعره وانت اكمل عملك مع ايسل" "انتهيت اساساً، تركتها تلعب في سريرها عندما حان دور هذا المشاغب وعندما خرجت وجدتها نائمة" جلس ادريس بحضن جده "ديديم، الى اين سنذهب اليوم؟" "سنذهب لعرس ابنة عمك" "حقاً! يوجد حلوى هناك؟" ضحك الاخران فيما اجاب ادريس "هذا ما يهمك! بطنك!" "ما بها بطني؟" "لا يوجد شيء" والتفت الى صالح "لن تختلط بالناس" "لكن!" "لا يوجد لكن، الجميع يعرف وضعك" "يا بابا لم يبقى الا ان تضعوني في فقاعة تتدحرج بين الناس، او حتى بالون لا المس الارض..." قاطعه ادريس "ذات الجدال دائماً، اجل لو احتاج الامر لفعلت، لك ولأيٍ من اخوتك، انتم ابنائي يا هذا" ضحك واكمل "واجل ان وجدت تلك الفقاعة التي تتكلم عنها، سأحبسك داخلها بشرط وجود عازل صوت، لانك تتذمر كثيراً" ربت ع قدمه ونهض...
بعد عدة ساعات، دخل صالح الى الغرفة ليجد سعادات لازالت لم تجهز، جلس قريباً منها يتأمل حسنها واكمل "هيا سنتأخر" لترد سعادات عليه "افعل شيئاً مفيداً اذاً والبس احدى ابناءك ملابسه، ام فقط تجيد التذمر!" نهض متجهاً اليها "لتعطيني ملابس ادريس اذاً" "لما لا تلبس ايسل اسهل لك!" عاند الاخر "يوك اعطني لادريس" لم تجادله واعطته ملابس ادريس ليتجه الاخر لابنه، ازالة الملابس القديمة كان سهلاً، لكن الباسه الجديدة كان مشكلة، "ضع يدك هنا يا بني" "لا اريد، لا احب هذا اللون اريد لوناً احمر" ضحك صالح واكمل "نشتري احمر لكن لنرتدي هذه اليوم" لكن الاخر هرب من الغرفة بلا ملابس ووالده يجري خلفه حتى اختبئ خلف جده "ماذا يحصل هنا!" سأل ادريس ليجيبه حفيده "اريد قميصاً احمر" اخذ ادريس الملابس من صالح والبس حفيده ملابسه خلال دقائق، نظر جونيور لوالده "انا سأذهب مع جدي" ابتسم صالح "ومن يمنعك؟ اذهب"...
في طرف تلك القاعة، تجلس تلك الفتاة ذات الشعر الاسود والبشرة البيضاء، بكامل زينتها، ترتدي فستانًا ناصع البياض، تلاقيها نظرات من سيكون زوجها خلال ساعة، او ما شابه، ينظر اليها بنظرة تشرح مدى تعلقه بها، كانت هي تراقب الحضور فرداً فرداً، عائلتها والعائلة التي ستصبح فرداً منها، ستزيل اسم كوشوفالي عن هويتها بعد قليل او ستبقيه لكن بالنهاية اسمها سينتهي بيلماز، ارتفع صوت الموسيقى، وحضر المأذون الشرعي، واخذ مكانه في تلك الطاولة، اخذ الشاهدان اماكنهم، جدها و احد اسلافها، لم تختفي تلك الابتسام عن ثغرها طوال تلك الساعات القليلة، ولم تبتعد عينا زوجها عنها، مضت ليلتهم بين تراقص ع نغمات الموسيقى، الى دبكات بين رجال العائلتين، ومضت تلك الحفلة بدون مشاكل، انطلق العرسان في طريقهم، والحضور في طريق اخر...
يدور جومالي مفتاح سيارته لعلها تعمل لكن لا فائدة، فتح غطاء الصندوق عله يفهم ما سبب العطل، كان يضع رأسه داخل المحرك ليسمع صوتاً من خلفه "هل تعطلت سيارتك؟" "غالباً، هل تعرف بالمحركات؟" "قليلاً" "لتلقي نظرةً اذاً، هل ذهبو؟" "ليس الجميع" واشار صالح لميدات ليذهب من جيلاسون وسط تذمر الاخر واكمل مع جومالي "آبي، هذه تحتاج صيانة، لقد امتزج الماء مع الزيت" "وكأني لا ارى ذلك!" "ولماذا تسأل اذاً الله الله" "لا تتذمر صالح" "نحضرها غداً، هيا لنذهب في سيارتي" "هل تتسع؟" "ايفيت" وبالفعل كانو اخر من خرج من ذلك المكان...
بعد ساعة... وصل ادريس وابناءه سليم وكهرمان الى البيت ليجدو سيارة صالح وسيارة ياماش امام بوابة المنزل وفي كل منهما الاطفال فقط، اياز يبكي في سيارة ابيه، وادريس يلاعب ايسل واسيا في سيارة ابيه "ادريس!" "سليم امجا" "اين والدك؟" "لا اعرف ذهب هو وعمي جومالي مع رجال كثيرين، واخذو امي وخالتي داملا" التفت سليم الى والده واخيه كهرمان والخوف يعتلي ملامحه فيما بادله الباقون ذات النظرات...