لقاء، بين شخصين فرقتهم ظروف الحياة، واجتمعا لاحقاً، بين حبيبين افترقا ام طفل ووالديه؟ اشقاء؟ لا يهم... لقاء عاطفي هو ذلك الذي يجمع المتحابين، فرقتهم هذه الدنيا او ربما ما فرقهم حقاً هو ماضي ادريس، ماضي والدهم ارسل كل منهم الى جهنم تخصه، التقى كهرمان الابن الذي قُتل ع يد اخيه، قصته غريبة لكن الغريب انه هو من حاول قتل اخيه لاحقاً، لكن اخيه لم يفرط به ابداً وهو لم يستطع ذلك، لكنه لا يفهم لماذا لا يفرط باي منهم...
بعد ان استفزه صالح ببرودة اعصابه، وانهى طاقته لم يجد اي حل للتعامل معه سوى استغفاله وافقاده وعيه، وضع كهرمان صالح في تلك السيارة وركب بجانبه وانطلق الى الطريق ليتوقف امام محطة وقود واشترى العديد من الاشياء، كأسياخ الحديد والفحم وحبل، ثلاجة وثلج ومياه وغيره وعبأ تلك السيارة بل هي وحش ذو دفعٍ رباعي من تلك السيارات الضخمة وصندوق مفتوح في الخلف، وانطلق بالطريق "كم اطلت في نومك يا هذا", اوقف السيارة في وسط غابة مع ساعات العصر وانزل صالح وقيده بالشجرة يستطيع تحريك يديه لكنه مربوط بالشجرة بتلك الاصفاد فالحبل يمتد من احد يديه وخلف الشجرة الى اليد الاخرى وتحديداً تلك الاصفاد، تفقد جرحه نظفه وضمده، وذهب ليحضر شيئاً يشعل به النار ليتدفئ فيما اخرج منقلاً ووضع الفحم به، ومقابلهم ذلك القبر الذي لم يدفن به احد، لكنه يحمل اسم ادريس كوشوفالي، ذات القبر الذي وصلت صورته للعائلة وابناءه... استيقظ صالح اخيراً متذمراً "الم اقل لكم لا يضربني احد ع رأسي!" وضع يده ع مكان الضربة لينتبه لضمادة ع رأسه، نهض وهو يشعر بالدوار لكن شيئاً ما يجذبه ارضاً ، نظر فانتبه ان هناك قيداً يربطه بالشجرة من يديه ووسطه وقدميه لا يعرف اين هو، مربوط في شجرة بوسط الغابة وامامه قبر عليه شاهد يحمل اسم والده "لان عارف اين انت يا ايها ال***" ليجيبه الاخر "هنا لا تصرخ" تقدم وهو يحمل كومة من الخشب يضعها ارضاً ويشعل النار فيها بيسأله صالح "ماذا تريد!" "سنتكلم قليلاً" "يوك لن اتكلم معك، فك وثاقي يا هذا كتفي يؤلمني" "لن افك شيء حتى تجيبني ع كل اسألتي" "لن يحدث"
"ع راحتك" كانت سيارته خلفه واشعل النار امامه وجلس ع الكرسي امام النار مقابل صالح "ستغيب الشمس بعد قليل سنرى كم ستتحمل برودة الجو"... كانت تلك النار بعيدة عن صالح، التهى كهرمان بوضع اللحم في تلك الاسياخ الحديدية ووضعها ع النار، حتى جذبه صوت "هلا اعطيتني القليل من الماء؟" "هل ستتكلم؟" "لن اتكلم" "لن اعطيك اي شيء اذاً" "اوف يا هذا ما اعندك" "بل انت هذا كل ما عندك، لاذكرك من يملك القوة هنا"، التزم الاخر الصمت ولم يتكلم، تركه كهرمان وذهب ليتناول طعامه بينما يراقب الاخر، مرت ساعات وحل الظلام وبرد الجو حتى بدأ جسد صالح بالارتجاف من شدة البرد، بينما الاخر يرتدي لباساً دافئاً ويجلس بقرب دفئ النار "لان لماذا اشعلت النار هناك وانا اجلس هنا" "ومن قال اني اشعلتها لك؟" ابتسم صالح فيما تتطارق اسنانه ببعضها "المنقل والنار ولباس دافئ هل انت دب يا هذا! وفوق هذا اكلت طعام يشبعني لاسبوع" "هل كنت تعد علي لقمتي؟ هل جعت فارتولو؟ ام صالح؟ لا يهم، هل تبرد؟ عطشت؟ ماذا تريد؟" "فك وثاقي وسأقول لك ماذا اريد" كان كهرمان قد وضع عدة اسياخ بين الفحم المشتعل، سحب احدها واقترب منه حاملاً السيخ بالقرب من وجهه "لا تخف لن المس وجهك" سحب يده بعنف فيما حاول الاخر ايقافه لكن القيود منعته، "افتح قبضتك لارى" "هايير" "هيا لا تخف لن تؤلمك ستدفئك قليلاً" "لا تفعل" "تكلم اذاً من انت؟ من ادريس؟، ولماذا قتلتم عائلتي؟" فتح كهرمان يد صالح واضعاً ذات السيخ في داخلها ليصرخ الاخر بالم، فيقترب كهرمان ممسكاً الاخر من ذقنه "اجبني على اسالتي لاعطيك القليل من الثلج تضعه ع يدك، ليصرخ الاخر "**** عليك، **** على ثلجك، **** ع من اعطاك ال****" ليرد الاخر عليه بلكمه في وجهه "ليكن هناك حد للسانك يا هذا، الم يربك احد؟" "لا لم يفعل، كبرت بين الجبال والوحوش وفي الشارع، كهرمان افندي" كانت نبرته الحادة كافية لتجذب انتباه كهرمان "من كهرمان؟" "احد اخوتي، كان الجميع يظن انه مات واني انا من قتلته، وحتى انا ظننته ميتاً، لكن يبدو انه لازال حياً يرزق" "هل زور موته؟" اجابه الاخر "غالباً احدما زور موته وافقده عقله" "كيف يعني؟" "لاني اراه امامي، وحتى قرر احراق باطن يدي لاجيب ع اسئلته السخيفة تلك.." قاطعه ضحك الاخر "لتألف قصصك وارويها لشخص اخر" "اذاً ما قصتك يا هذا! اسمك عارف؟ ما اصلك؟ ما فصلك؟ اين ولدت؟ من والدك ووالدتك؟ عائلتك؟"...
كان جومالي يدور في مكتب والده يحاول ان يعصر دماغه ويضع خطة يستطيع الوصول بها الى صالح، "اوف بيه صالح، اين انت؟ ماذا تفعل الان؟ ارجو ان تكون بخير، الحمدلله نجوت من اصابة قاتلة كهذه، فلتحارب لتجد طريقة تنجو بها كما تفعل دائماً، كما يفعل فارتولو" كان يتمتم مع نفسه حتى قاطعه صوت سليم "اذا كان صالح حي مع انهم ارسلوا لنا اثبات موته فهذا قد يعني ان ابي لازال حياً ايضاً، يجب ان نجدهم سريعاً" "سنجدهم لا تقلق، لكن السؤال الان، من اين سنبدأ بحثنا؟ ومن هذا السيد ومن رجله الذي اخذ صالح، وكيف سنأخذ صالح منه" "هذا ما سنجد جوابه" ستنهد سليم بارتياح "هل سنخبر العائلة؟" "ليس الان، لنجده ثم نتأكد من كونه بخير ثم نخبرهم" "لنجده بسرعة اذاً لاجل زوجته وابناءه آبي" "سنجدهم سنجدهم" قاطعهم دخول اكين "اعرف طريقة لنستعيد صالح امجا" التفت اليه كلاهما واكمل "اخوة التمساح، اساساً عليشو يراقبهم" "اين هم؟، يعني موقعهم" سأل جومالي ليجيب اكين "بالقسم الاسيوي" "لنذهب اذاً اعطنا الموقع وانت ابقى بالبيت تحسباً لاي طارئ" "تمام، لكن كونا حذرين، رجاءً"...
انتهى يوم كامل وذلك الاشقر يحدق بالفراغ، كل دقيقة والاخرى يرى كل ما حوله بالالوان جديدة لم يراها من قبل "والله لم يبقى به عقل، لان ياماش ماذا تفعل تحدق بالفراغ منذ ساعات" صوت يعرفه التفت ياماش لمصدر الصوت "هل انت مجدداً؟" "اجل ياماش انه انا" "لقد مت يا هذا!" "هل رأيتني ميتاً امامك؟" "اجل صالح لقد رأيت تلك الرصاصة تخترق صدرك وترميك ارضاً جسداً بلا روح" "هل رأيتني ميتاً امامك؟" "سالت دماءك واختطلت بمياه البحر، لم تتحرك بعد ان..." قاطعه فارتولو بنبرة حادة "هل رأيتني ميتاً امامك يا هذا" "لا لم افعل" "ياماش، بني انت تغرق في شبر من الماء في وضعك الحالي، لتركز قليلاً يا بني، ليس كل ما تراه حقيقة وليس سراباً ايضاً، لا تتناول الحبوب التي ستعطيك اياها اليوم، لنرى كيف ان كان ما يحصل معك بسببها" "لكن.." "لا يوجد لكن ياماش، يجب ان تنهي هذه المهزلة بسرعة" اجاب الاخر بغضب "اي مهزلة يا هذا! عن ماذا تتكلم!" ليشير الاخ باصبعه بشكل دائري "كل هذا يا عازف الروك اند رول، ماذا حدث لك تتصرف كالدمية وتلك الشقراء تلعب بك كما تريد" ضغط ياماش ع قبضته ووجهها الى فارتولو لتصطدم يده بالجدار وتؤلمه بشدة "انظر الى ما جعلتني افعله" "ليس لي ذنب" دخل شخص ثالث لمحادثاتهم "تستفزه ثم تتصرف كأنك لم تفعل شيء؟ تعالى الى هنا بابناولو، لنذهب ونجد ثلج نضعه ع يدك" رافع ياماش رأسه ونظر الى الاثنين فارتولو وبدلته الحمراء واناقته المتعارف عليها وصالح بملابس عادية جداً كتلك التي اعطاه اياها في تلك الزنزانة "صالح!" "افندم ياماش" رفع الاخر نظره اليه قلقاً "يااه لقد جننت حقاً لا يكفي اني اتكلم مع شخص ميت! واتكلم مع كلا شخصياته! انتما لستما حقيقيين حتى كيف ستساعدانني بايجاد الثلج يا هذا! بقي بابا وكهرمان وعائلته واكون احييت جميع اموات هذه العائلة المشؤومة، لا بل ملعونة" دمعت عيناه فيما تواصل النظر مع اخيه "يا بابناولو، لا اريد ان اؤيد هذا ال*** (مشيراً لفارتولو) لكن فكر بكلامه جيداً" ضحك ياماش بصوت عالي بينما جلس وافترش الارض كأنها سريره وسقف الغرفة سماءه، اخذ ينظر بفراغ يحاول ترتيب كل شيء في رأسه حتى يفهم ما يحصل ولو قليلاً" دخلت عليه ايفسون في تلك اللحظة "احضرت طعامك ياماش جيم، هيا اجلس لتأكل قليلاً، نهض الاخر ولازال يفكر بهلوساته "ماذا ان كان محقاً! حسناً سأتصرف بطبيعتي التي تعرفها ايفسون لكن لن اتناول تلك الحبوب اليوم لنرى الى اين سنصل" يفكر بل يتكلم مع نفسه بصوت لا يكاد يسمع "انا جائع جداً، هلا احضرتي المزيد من الارز" ابتسمت الاخرى وشعرت بفراشات تلعب في قلبها، بينما الاخر ابتسم بلطافة وبدأ بوضع خطة ليخرج من ذلك المكان الغريب...
عاد جومالي الى البيت بعذ يومٍ طويل، وطرق الباب ودخل ليستقبله طفل بنصف طول ساقه وبنبرة طفولية "هوشجالدين امجا" "هوشبولدك اصلان بارشسي، ماذا تفعل هنا؟" "اتيت استقبلك امجا" حمله وقبله من رقبته "سآكل هذا الفم الذي يناديني بأمجا، يا رائحة ابيك" "لماذا ستأكلني امجا؟" ضحك الاخر ع براءة من بيده "لاني احبك يا ايها الثور" "امجا الثور كبير جداً وانا صغير جداً" ابتسم جومالي حاملاً ادريس ليرميه الى سقف الغرفة ويعيده لحضنه ودخل الى البيت "ايي اين امك وزوجات اعمامك؟" "امي بالمطبخ وداملا ابلا بقيت مع الاطفال في غرفتها وعايشة ابلا وسنا ابلا الى السوق" "الله الله، من علمك الكلام هكذا وانت بطول عقلة الاصبع!" "ما عقلة الاصبع امجا؟" "يعني طرف الاصبع" "يوك امجا انا اكبر من ذلك بكثير" اكمل سيره الى غرفة زوجته وادريس بيده، طرق الباب ودخل، استقبلته زوجته كعادتها بينما بقي ثلاثة اطفال ع سريرهم "هلا راقبتهم حتى اعود" "بالطبع"... ينظر اليهم بحزن، اياز والده مفقود منذ شهور، ادريس وايسل والدهما اقيم عزاءه ولازال حياً، يجب ان يجدهما، هذا دين برقبته الى يوم الدين وسيوفي الدين حقه، وضع ادريس في حضنه "امجا لما لا يكبرون ويلعبون معي سئمت لوحدي" "وكأنك اكبر منهم بكثير! اكبر منهم بعامٍ فقط" سحبه الى حضنه "رائحة والده، رائحة صالح.."
حل الصباح ولازال صالح مقيد بالشجرة فيما غط الاخر بنوم عميق، "لان كهرمان يا هذا استيقظ" صرخ صالح محاولاً جذب انتباه النائم ليستيقظ اخيراً متذمراً "الا يستطيع المرء النوم هنا!" "نام انت وانا لاغني لك تهويدة لتنام يا حبيب امك، تعال فك وثاقي، تصلب جسدي هنا " "هل قررت ان تتكلم؟" انتبه كهرمان لان وصال الاخر ترتجف وليس جسده فقط "هل بالغت قليلاً يا ترى" كان يكلم نفسه بينما اجاب صالح "سنتكلم لكن لنذهب لمكان دافئ تجمدت **** هنا" "جيد ع الاقل استطعنا كسر عنادك" "كهرمان" "ماذا تريد؟ ثم ستخبرني من كهرمان الذي تناديني باسمه؟" "سنتكلم عنه اساساً، هيا اعطني يدك لاقف" "وما دخلي تعاملني كأنك رفيقي ولست عدوي" "ستأخذ جوابك لاحقاً عارف، من اختار لك هذا الاسم اساساً!" "امي وابي من سيكون؟" نظر له صالح باستغراب وابتسم بخفة "لا اعتقد ذلك، انه اسم سخيف بالمناسبة"...
ركب كلاهما بالسيارة وانطلقا الى طريق شديد الظلام، لا ضوء فيه ولا نهاية له، فقط ضوء سيارتهم، لا صوت سوى صوت محرك السيارة، شعر صالح بالدفئ قليلاً فغفت عينه سريعاً، لازال يرتجف، لا يثق بالاخر لكن جسده طلب الراحة قليلاً، اساساً هذا البرد والتعب لا ينفعه، استيقظ اخيراً عندما دفعه كهرمان من السيارة وسحبه للداخل بينما كان الاخر يكافح ليقف ع قدميه او حتى ليفهم ما يحصل، دفعه الى داخل غرفة في الطابق العلوي وخرج واغلق الباب، "مان**ك معتوه اقسم انك معتوه يا ايها ال*** ال****" "اخرس ولا تقلل تربية يا هذا" خرج كهرمان غاضباً واغلق الباب بقوة خلفه فيما كان الاخر يشطاط غضباً يدور بالغرفة يكلم نفسه "**** ع اليوم الذي عدت به الى الحفرة **** ع اليوم الذي التقيت بك فيه ****ع اللحظة التي استيقظت ورأيتك امامي"، طرق الباب بقوة "لان عارف ام كهرمان مهما كان اسمك افتح الباب لنرى الم تكن تترجاني كي نتحدث! ام انك كنت تبرد وتريد حجة للعودة الى البيت" مرات لحظات من صمت عم المكان حتى فُتح الباب اخيراً ودخل كهرمان معه بعض الملابس الدافئة والجديدة ومنشفة "استحم وارتدي هذه ثم افتح لك الباب لنتحدث" قالها ببرود اخاف صالح وذهب...
في طرف تلك الزنزانة المعزولة عن العالم يجلس رجل شاخ بسرعة، ينظر بشاشة التلفاز بشرود مخيف، "ادريس كوشوفالي، هيا انه وقت الغداء" اتى احد الرجال وادخل الطعام بينما لم يتحرك ظفر لادريس، رفع رأسه متسائلاً "اين اختفى سيدكم؟، اختفى فجأة؟ يعني كان يزورني مرتين باليوم هل سافر او ماشابه؟" لم يجبه الاول فاكمل بكلامه "حقاً هل ارسلكم الي وذهب هو يستمتع بحياته! كم تثيرون الشفقة" بادله احدهم النظرات "لقد ذهب ماذا تريد منه؟" "ارسل له سلامي فقط" التفت اليه احد الرجال غاضباً وقال بغيظ "لما لا ترسله له انت؟ اساساً تلتقيان بالجحيم" "يوك لن التقي به باي مكان، لكن انتظر هل قلت انه ذهب لجهنم؟ هل مات! كيف؟" ضحك قليلاً ورفع رأسه قائلاً "هل مات موتةً طبيعية؟ يعني تزحلق بالحمام او الدرج، سكتة قلبية؟ لا انتظر لا تجيب قُتل.." فاجاب الاخر بغضب "اجل قتل ع يد أبناءك جومالي وسليم ال****، لكن لا تقلق نحن هنا تحت امرة السيد الكبير، وارسل احد رجاله ليسيطر ع الوضع، وهو من اعطى امر اطلاق النار ع ابنك صالح" "ومن يكون سيدكم هذا؟" "شخص كانت بينكما عداوة سابقاً" انهى كلامه وخرج وترك ادريس يتمزق بين اطراف افكاره ومخاوفه، لكن من ناحية ارتاح قلبه ان جومالي بخير، وانه فعلها وانتقم لاخيه، لاخوته وعائلتهم...
"من انت؟ اصلك وفصلك؟ عائلتك!" قالها كهرمان لصالح بعد ان فتح الباب وطلب منه القدوم خلفه لغرفة كأنها غرفة تحقيق او مراقبة، العديد من الشاشات والاوراق، و ع الجدار صور العائلة جميعاً، وقف امامها واشار الى الصور "لا اعرف ان كنت تعلم لكن احد ابناء ادريس ناقص، هنا بين جومالي وسليم يوجد ولد اخر" "لكنه ميت" اجاب الاخر بسخرية "على ما يبدو انه لازال حياً بطريقةٍ ما" "ماذا تعني؟" "يوك لا اعني شيء، شي الا يوجد شيء نأكله والله سأموت من الجوع" "فار، بوجد طعام سيد فاتولو، طبعاً تحتاج الطاقة لاننا سنتكلم مطولاً" "ها ها هيا اعطني هذا!" فتحه واعطى نصفه لكهرمان وانتظر حتى تناول من يده "الن تأكل؟" "لا لن آكل ان كنت لن تأكل" "تريد ان تتاكد اني لم اضع شيئاً بالطعام اذاً! حركة ذكية" "ماذا تعرف عني غير اني ابن ادريس؟" سأل صالح ليعرف الى اي مدى يعرفه كهرمان "لديك اسمان، فارتولو وصالح، كنت تعمل بالمخدرات ثم قررت العودة الى الحفرة وقتلت اخاك، لكنك لم تقتله حقاً لكن البسوك التهمة وانت قبلتها، ثم قررت اكمال انتقامك واخذت الحفرة من ابيك بمساعدة هذا (مشيراً لصورة سليم) لكنك ندمت لاحقاً وتراجعت واخذت زوجتك وخرجت من اسطنبول جميعها، عدت بعد خطف الحملان زوجتك وحاربت مع اخوتك لاستعادتها ونجحتم بذلك لكنك اصبت بحادثة بعد ذلك وللان تعاني من اعراض اصابتك، ها بالمناسبة لم نوقف اي من ادويتك كما ترى، قتلنا ابنة اخيك الميت، وكذنا نتسبب بمقتل نساءكم واطفالكم، لكنهم نجو... الباقي انت تخبرني به" رفع صالح نظره الى كهرمان وتعمق النظر بعينيه، انه حقاً لا يتذكر اي شيء ماذا حدث يا ترى؟ "ايي ستبدأ حكايتي من ما قبل ولادتي، حيث التقت فتاة شابة برجل واحبا بعضهما او هي احبته لا اعرف، يعني لا يهم كثيراً الان، حصل بينهما خطأ فالرجل متزوج وعنده اطفال اساساً، ونتج من هذا الخطأ طفل، دخل والد الطفل السجن قبل ان يعرف به، ولحسن الحظ او سوءه لم يعرف عنه ابداً، تزوجت والدته بشخص سيء وقتلها امام ابنها الذي لم يتم السابعة، لم يأخذوه لوالده واخوته بل اعطوه لجده من امه، كان رجل جيداً جداً حيث كان ينيم حفيده ع الارض بلا غطاء، ويطعمه من الضرب ما يقتل الحيوانات، وينام جائعاً اغلب الوقت، مات جده وبقي وحيداً لا طعام ولا دفئ لا اعرف لما تمسك بالحياة وكان يتأمل ان والده سيجده، لكن لم يحصل، تشرد لاحقاً، عاش بين الوحوش حتى اصبح وحشاً، نمى له انياب ومخالب ليحمي نفسه، لا اعرف لما حارب طول تلك المدة، عمل في تهريب المخدرات، كان يمشي بالمقدمة بارض ملغومة بالموت، رمته احداها عالياً لكنه عاد ليقف اجنحته لا تساعده ع الطيران، مكانه بالارض غالباً او الجحيم غير معروف، كبر هذا الفتى واصبح رجلاً وعاد لينتقم لوالدته، لطفولته لكل سوء اصابه، اتفق مع رجل يدعى بايكال، وقررو قتل ابن ادريس لكن فارتولو او لنقل صالح هذه المرة قرر ان لا يفعل، لم يفرط، قلبه لا يسمح، لكن هذا لم يغفر له، تمت الخطة وقتل كهرمان ولبس هو التهمة، كان يغرق كل يوم في بئر عميق، كادو يزوجون حب طفولته، فقط ليستفزوه، حتى الان لم يحتويه ابيه، اتفق مع توأمه الغير شقيق حرفياً واخذا الحفرة من تحت يدي ابيهم وهو الاخر يراقب بصمت، عادت اليه حبيبته ذات يوم تزف اليه خبراً لم يتوقع انه قد يسمعه في حياته ابداً، ستصبح اباً، هنا خرج صالح وابعد فارتولو من امامه، ترك كل شيء واخذ حبيبته تزوجا وتركا الحفرة، لكن نحن عائلة ملعونة، هاجمو البيت واختطفوها من بين يدي كادو يقتلون صديقي واخي، كان كالمجنون في تلك الفترة لا يعلم ان كانت ع قيد الحياة ام لا، اضطر للعمل معهم حتى يتحرى الامر، لكنهم فرطو به وحاولو قتله، نجى ويا ليته لم ينجو، اصبح الشارع سريره والسماء غطاءه، مشرداً لا يملك في جيبه سوى سلسلة حديدية، لنقل ان ياماش قرر ايجاده وعملو سوياً لتخليص الحفرة من الحملان، وحدث ذلك، اصيب ياماش، وانقلبت الحفرة ع بعضها، رأى احداً ما يستهدف اخاه الكبير ، لم يفكر لثانية حتى دفعه جانباً ثم وجد نفسه يصارع روحه بين يديه، هنا (مشيراً الى صدره) وهنا (مشيراً الى جانبه) رصاصتين غدر كانت موجهة الى اخيه الكبير، حماه بروحه ليسلم لم يقصر به بعد ذلك، رأى حسناته وسيئاته، بطل قصتنا هو انا بذاتي، ولم تقصر امه كادت تجعله يتسبب بموتي وصدقني ليس سهلاً العيش مع هذا الشعور، المهم... تبين لاحقاً ان غريمنا، يدعى يوجال قتل ابنة اخي الوحيدة المتبقية من تلك العائلة... وغالباً تعرف بقية القصة، هيا اخبرني من انت وماذا تريد منا" كان الاخر ينظر باندهاش "كل هذا بسبب زوجة والدك؟" "تقريباً لكن معها حق ولو بجزء بسيط، خانها والدي وهي فرطت بطفل لا ذنب له، تكلم اذاً" "والدك تسبب في مقتل زوجتي وابنتي قبل عدة سنوات، كان يستهدف صديقاً قديماً لي وكان هناك عداوة بينهم، فقرر قتله، ذات يوم كان صديقي يقلني انا و زوجتي وابنتي من بيته الى بيتي، لكن كان هناك عطب بفرامل السيارة، فهي لم تعمل فانتهى بنا الامر في منحدر، ماتو جميعاً ولم يبقى احد سواي، حتى دخلت غيبوبة لفترة طويلة، وعندما استيقظت كنت فاقداً للذاكرة، وكما ترى انني اخذ انتقامي، وتبين خلال تلك الفترة ان هنالك من تسبب بعطل فرامل السيارة" ابتسم صالح وضحك "حقاً!" "لماذا تضحك؟" "من اخبرك بهذه القصة السخيفة؟" "الرجل الذي انقذني، انه والد زوجتي التي توفيت بالحادث" "ما اسم زوجتك اذا!" لم يجب الاخر "ابنتك؟ صديقك ع الاقل!" "لا اتذكر اي منهم" يرد صالح بعصبية " ولماذا تريد الانتقام اذاً!" "لانكم انهيتم الجزء الجميل الوحيد في حياتي" "هل تصدق هذا فعلاً!" "ولما لا" "هل تعرف ما اسم اخي الذي قتل؟.... اسمه كهرمان، وان لم تكن صدفة غريبة من صدف هذه الدنيا، فانتما نفس الشخص، الشكل، الصوت وحتى الكلام" "لا تهذي يا هذا!" "لست اهذي، هل قتلت ابنتك يا كهرمان!" رفع الاخر نظره باستغراب واجاب بصوت عالي "اسمي عارف" ليرد الاخر بصراخ بينما شد ع اسنانه "بل اسمك كهرمان كوشوفالي" نهض الاخر وهو يضحك بسخط، "العابك هذه لن تنطلي علي لا تحاول" و لكم صالح اسقطه عن كرسيه "اوف ياا، هل انت بهذا الغباء!" نهض ماسحاً ع شفتيه لم تنزف هذه المرة، ورد الضربة بعيار اثقل لكهرمان، لكمة من هنا وضربة من هناك، حتى وجد صالح شيئاً حديدياً كبيراً وضرب كهرمان به ع رأسه افقده وعيه... فتشه جيداً ووجد مفتاحاً واحداً في جيبه، "تباً لاي بابٍ هذا!" جرب عدة ابواب لكنه لم يفتح اي باب من التي حوله، كان يقف امام باب اخير، باب حديدي صغير الحجم، فتحه ودخل ليجد نفسه في سرداب او قبو، المكان معتم بالكاد يرى يديه فيه، اكمل طريقه بعد ان لمح ضوءً خافتةً من بعيد، ما ان خطت قدمه ذلك المكان حتى تجمد تماماً، يقف مكانه لا يتحرك ينظر بصدمة للذي يقف امامه والاخر يبادله نفس النظرات، كيف انتهى بهما الامر بالوقوف امام بعضهما البعض وبينهم زجاج فقط، لكن يصعب كسره، صوت خافت خرج من صالح "بابا! انت حي!" فيما سقطت المسبحة من يد ادريس وهو يتمعن من امامه "ص ساليه!" امتلئت عينا كلاهما بالدموع "كيف انتهى بك الامر هنا بابا!" "بل انت كيف انتهى بك الامر هنا!" "قصة طويلة لن تصدقها ابداً بابا" كان صالح يبحث عن طريقة ليزيل هذا الزجاج اللعين "بابا من اين يفتحون هذا الشيء!" "لا اعرف يا بني! لو علمت هل كنت سأبقى هنا! الان اخبرني كيف حالك؟ اخر ما رأيته كان لحظة اصابتك" تمتم الاخر مجيباً "قالو لي انك ميت، غير مهم المهم انك بخير وامامي، يجب ان نخرج من هنا، وبأسرع وقت" كان كلاهما يراقبان ويتفقدان بعضهما من اخمص القدم حتى اعلى الرأس، "صالح" "ايفندم بابا" اجاب وهو يحاول كسر الزجاج "ماذا حدث، اين كنت خلال كل تلك المدة؟" "اي مدة بابا، انا استيقظت من ثلاثة اسابيع، ولازالت حركتي ثقيلة كما ترى" "هل كنت بغيبوبة؟" سأل ادريس قلقاً ع مقلة عينه "شيء كهذا تقريباً" "اوف اولوم" "يا بابا فكر معي كيف سنخرجك من هناك! انا متأكد ان جومالي آبي جن ان وصله خبر موتنا، ياماش وسليم ايضاً" "جومالي وسليم بخير، حتى انتقما لنا قتلو يوجال، اما ياماش فلا اعرف قال لي يوجال ان امرأة ما اخذته.." قاطعه صالح "ايفسون المعتوهة! بابا هي خطفتنا سابقاً، وكانت تنظر لنا بغرابة... " قاطعه كهرمان الذي غرز ابرة مخدر في ذراعه "لان الن تتركني وشأني .." دفعه كهرمان جانباً فيما بدأ يفقد تركيزه "كهرمان!!" صرخ ادريس وهو يحاول ازالة معالم الصدمة عن وجهه واكمل "ماذا فعلت باخيك يا هذا! لما خدرته!" "سنعطيه لباقي اخوته لا تقلق، فلا فائدة من دمية معطوبة ع اي حال"، امر رجاله ان يقيدو صالح ويأخذونه من امامه "ع مهلكم، لان ع مهلكم، ع الاقل ادخله عندي، فقط لدقيقة لاراه واستذكر رائحته" اجابه الاخر بكل برود "لا تحلم بذلك حتى، سنتكلم طويلاً ادريس كوشوفالي" تركه وخرج من المكان، وبقي ادريس يحاول استيعاب ما حدث خلال دقائق اثنين من ابناءه اقيم عزاءهم وهم امامه وع قيد الحياة، ابتسم حامداً ربه، ثم دعى الله ان يجمعهم سوياً تحت سقف واحد ..
"اين سنسلمه! تمام نلتقي هناك، لا لقد خدرته، لان لماذا ارتدي قناع! هل وجهي بهذه البشاعة!، ايي تمام" انهى مكالمة الهاتف ليجذب جسد صالح ناحيته "لقد اتعبتني يا هذا" اجلسه ع الكرسي بجانبه وامر السائق بالانطلاق،مال رأس صالح ع كتف كهرمان، ليتذمر الاخر "الن تتركني وشأني حتى وانت نائم!" لفت انتباهه حرارة جسد الاخر، مد يده ليتفقده "اوف لما ارتفعت حرارتك انت ايضاً!"، تركه لينام حتى وصلو المكان المنشود ...