خلال ساعات المساء، كان ادريس قد تجهز للذهاب الى مركز الشرطة، حيث يبقى صالح حسب علمه، تهرب من المكان دون انتباه اي من ابناءه، وهم خارجاً من البيت، الا انه ما كاد ان يفتح الباب حتى لفت انتباهه سيارة الشرطة تضيء بالوانها الحمراء والزرقاء في ساحة البيت، نزل منها ضابط واقترب موطئاً رأسه بخجل من ادريس "سيد ادريس، اعتذر عما سأقوله، لقد حدث حريق في مركز الشرطة، وفقدنا اغلب المساجين، هلا اتيت الى المشفى لتتعرف على احد الجثث، اغلب الجثث متفحمة وهذه الوحيدة التي يسهل التعرف عليها" "عفواً! ماذا تقول؟" تجمد مكانه وكأن احدهم قد صفعه للتو، اختل توازنه وكاد يسقط ليمسك به ياماش "على مهلك بابا" اسند ادريس الى اقرب كرسي وعاد الى الضابط "ماذا كنت تقول حضرة الضابط؟ ماذا يعني حريق وجثث!" رفع الضابط نظره لياماش ورد "كما قلت، لقد اندلع حريق وفقدنا جميع المساجين والموقوفين، وكان ابن السيد ادريس من بينهم..." لم ينهي كلامه حتى صفعه ياماش وهتف غاضباً "هل تهذي يا هذا! ماذا تقول! لقد كان في حمايتكم، ماذا تهذي الان يا هذا" التزم الاخر الرسمية واجاب "سأتظاهر انك لم تعتدي علي، كلامي واضح، اقول لكم هناك جثة ويجب ان يأتي السيد ادريس او احدكم للتعرف عليها، على الاقل حتى صدور نتائج التقارير الشرعية، اي التشريح" لحظات واجتمع باقي الأخوة على صوت صراخ ياماش الذي كان يرتجف مكانه، "ماذا يحدث هنا؟" سأل جومالي بنبرة جادة، ليجيبه ياماش "هذا يهذي، ويقول تعالوا لنتعرف على جثمان محترق على انه صالح" صمت جومالي فيما شد على حنكه ونظر للضابط بحدة يكاد يقتله ليتدخل سليم حينها "حسناً لنذهب ونرى، انا سأذهب وانتم ابقوا هنا" نظر له الاخران بغير فهم ليكمل فيما اخذ سترته وحذاءه "آبي ليبقى احدكم مع ابي، حتماً هناك خطب ما بالامر" وخرج مرافقاً للضابط فيما لحقه كل من ياماش وميدات، فيشير لميدات بالعودة "لتبقى بجوار ابناء اخيك" "لكن.." "ميداات!" "تمام.." وعاد ادراجه الى البيت، فيما انطلق سليم في سيارته خلف الشرطي وبجواره ياماش...
سابقاً... اقيمت جنازة سلطان التي مرت من داخل تلك الحفرة، فيما حُمل التابوت على اكتاف ابناءها، في ذات الوقت الذي قد اندلع فيه حريق في احدى مراكز الشرطة، بل في الفرع الذي يبقى صالح تحت سقفه، كان يجلس مقيداً في احدى غرف التحقيق، "هذا السلاح وجد في ساحة الجريمة، هل لك علمٌ به؟" وضع المحقق صورةً امامه ليرد الاخر ساخراً "يبدو جديداً انظر اليه كيف يلمع" ضرب المحقق على الطاولة بغضب، ونهض من مكانه ليدور حول صالح ونطق بحدة "انا اقول ان تتكلم لربما نجد طريقة ننقذك بها" "من ماذا؟" صمت وضحك مكملاً "تعرف ان من رفع القضية هو والدي، اليس كذلك؟" "اعرف" "وانه سيسقطها غالباً" ضحك المحقق واكمل "يبدو انك لا تعلم بان هناك حق عام!، يعني ستدخل السجن شئت ام ابيت" اعتدل الاخر في جلسته، ليريح ظهره على ظهر الكرسي ونطق فيما مدد عضلاته مستفزاً المحقق "ياو، كرسيكم هذا غير مريح ابداً" نظر له المحقق بازدراء ورد "لتبقى مكانك اذاً ريثما اعود" وانسحب من الغرفة ليبقى صالح لوحده هناك يتفقد كل شيء حوله، فالمكان فارغ ضوء وطاولة وكرسي فقط، وامامه مرآة كبيرة واضح انها للمراقبة والضابط انسحب من الغرفة اليها، اعاد صالح تركيزه للاصفاد التي بيده، وعبث بها قليلاً ليخرج يده منها، فيما بقيت الاخرى عالقة، نهض ملوحاً للمرآة امامه "ايها الضابط، اصفادك هذه لا تنفع، لتطلب النوع الاصلي، تجده عند التصفح على مواقع الانترنت يعني ebay و Ali express، وها تنطلق آلي وليس علي.." انهى كلامه مع اقتحام الغرفة من المحقق نفسه "هل انتي مستمتع باثارة اعصابنا هكذا! اصمت واجلس" واعاد تقييد يديه، ونطق بغضب "لاتجعلني اضربك الان" "جرب وستندم" بالكاد تمالك الاخر نفسه وانسحب، ليدخل محقق اخر بعد عدة دقائق، ووضع العديد من الصور امام صالح "هذه تظهر انك كنت بجوارها، وهذه من ساعة وقوع الجريمة، انظر السلاح اسفل قدميك، وركز هنا في الصورة الثالثة، متى وضعت السلاح هناك" ضحك صالح واعتدل في جلسته "هنا (مشيراً للاخيرة) انظر هنا، هذا الاسد ذو الشعر الاسود هذا ابني، وهنا هذه ابنتي، وكما ترى يلعبان، وكما تعرف من الطبيعي ان تجد والدهما بجاورهما، فلا تتذاكى" جلس المحقق امام صالح فيما وضع كأسين وسكب المياه فيهما ورد "لم يخرج شيء من افادة اخوتك، وابيك، لكن لنرى، انت مشتبه به، بل المشبه به الاساسي في هذه القضية" شرب الاخر كأس الضابط و ضحك "صدقني حين اقول لك لن يخرج لك من كل هذا الا صداع، فلا تدقق، نحن عائلة تعشق المشاكل، ونحب المصائب، ياااا لو تعرف كم مرة اصبنا، لو ترى فاتورة المشفى، من الجيد ان المشفى لنا والا لكنا اعلنا افلاسنا والله، تخيل، يعني ان لم يكن اصابة فمرض، وهذا تخصصي.." كان المحقق ينصت فيما يحتسي الماء كأنه شاي الى ان انهاه، "كم تتكلم يا هذا! ولم تقل جملة مفيدة..." ترك الصور وتركه وخرج، مرت ربع ساعة وبدأت تتسلل رائحة حريق الى غرفة التحقيق، وتلاها دخان، حاول صالح فك نفسه، بقي يحاول حتى كسر القفل اخيراً، "ان حصل لي شيء الان والله يعلقني جومالي آبي من *** على مدخل غرفتي" نهض متمتماً فيما كان متجهاً الى الباب ليجده مغلقاً باحكام وحاول فتحه مرة واثنتين لكن لا جدى، فكل مرة يضرب الباب بجسده، يتألم هو ولا يتحرك الباب انشاً واحداً، بدأ يتأثر بالدخان، يسعل مختنقاً من ثاني اكسيد الكربون الناتج عن الحريق، لكن ما افقده وعيه هو اول اكسيد الكربون الذي تسلل الى جسده وارتبط بكريات الدم الحمراء بدلاً من الاكسجين، مما ادى لنقص الاكسجين على الدماغ وفقدان الوعي ولربما سيؤدي الى الوفاة، سقط ارضاً فيما كان يسعل محاولاً التقاط نفسه لكن لا جدوى، كان يتنفس بسرعة لكنه بلا جدوى، شعر وكأن الدماء تجمع في رأسه، ألم في صدره وبدأت الدنيا تسود حوله، لحظات واختفى كل شيء وحل مكانه شعور ببرودة احتلت جسده مع ان السنة النيران كانت قريبةً جداً منه...
الان - وصل سليم برفقة ياماش الى تلك المشرحة ، كان واثقاً انه لن يجد اي شيء يخص اخيه، لكن ياماش في الطرف الاخر يرتجف داخله، يخاف، يخاف ان تنتهي قصة صالح هنا، عاد لينتقم وانتقم اخيراً، "نحن هنا لنتعرف على هوية الميت" نطق الضابط الذي يمشي بجوار ياماش وسليم، ليشير له العامل الى الطريق، وصولاً لثلاجة الاموات، تجمد ياماش ولم يدخل، ليشير له سليم، "انتظرني هنا لن اتاخر" اومئ ياماش وبقي مكانه، اقشعر بدن سليم من برودة ذلك المكان، بل ارتجف خوفاً من احتمالية ان ما يُقال حقيقة، اساساً لن يخاطر صالح بتزوير موته مجدداً، جرب حظه عندما اختطفه كهرمان، لن يدع اي منهم يعيش ذلك الشعور مجدداً، على الاقل ليس من تخطيطه، اخذ سليم نفساً عميقاً فيما ازال عامل المشرحة الستار عن جثة الميت، نظر جيداً ونطق فيها زفر الهواء خارجاً "ليس صالح، هذا ليس اخي" ارتسمت ابتسامة راحة على وجهه بعدها، ليسمع الضابط يتكلم "هناك ست جثث متفحمة ايضاً، سننتظر بضعة ايام لنرى النتيجة، ان كان هناك تطابق ام لا" اومئ سليم وسار خلف الضابط ليستوقفه سؤال "حضرة الضابط، عندي سؤال لك" "تفضل" "اين اغراض صالح التي اخذتموها منه عند اعتقاله؟" نظر له الاخر باستغراب ليكمل سليم "ليبقى لنا شيء منه ان كان قد حصل له شيء" سار الضابط امامه يتمتم "بكم شيء غريب يا هذا!"، التقوا في طريقهم بياماش الذي تبعهم فوراً "ليس هو" قالها ومشى بجوار ياماش الذي رد عليه "الحمدلله" لحظات وعاد الضابط وهو يحمل مغلفاً في ساعة خاتم مسبحة وهاتف صالح لكنه مكسور ومحفظته ودواءه، "هذا فقط؟" "اجل" اومئ سليم فيما نطق "هل استطيع رؤية باقي الجثث؟" استغرب الضابط سؤاله "لا، انهم في مشفى اخر... لماذا؟" "اريد التأكد من شيء ما... لكن لا مشكلة سننتظر نتائج الفحوصات" شكر الضابط واشار لياماش ليلحقه...
وصولاً الى البيت حيث دخل الاخوان مكتب والدهم الذي يجلس مكانه يعد حبات المسبحة في يده "ليس صالح.." نطق عندما فتح الباب واعطى اغراض صالح لادريس، فتحها ادريس واخذ المسبحة واضعاً اياها في كف يده ونطق "ياماش اولوم لتوصل هذه لسعادات، وابقي الهاتف معك" "تمام بابا" وعاد ليجلس امام والده، مع دخول جومالي وكهرمان الذي نطق "هل لقي جزاءه؟" لكن لا جواب، بل نهض ادريس من مكانه ووقف امامه "كيف شعورك الان؟" ارتسمت معالم غريبة على وجهه ليكمل ادريس "كهرمان الذي كان يقود الحفرة من بعدي لم يكن يوماً بهذا الغباء، ماذا فعلوا بك؟ حين اخذوك لمدة عام، هل اخرجوا دماغك واستبدلوه بمؤخرتك! الا ترى؟ الا ترى ما يراه اخوتك؟ امك ماتت بظروف غريبة، هي اساساً ليست بالشخص الذي يُحزن عليه، لو كان الامر عائداً لي لن يكون هنالك حداد عليها، فهي لا تستحق ذلك، ونحن رأينا، وصالح، ضع بين قوسين انه يتيم الام والاب، حسناً نعرفه منذ فترة لكنها قصيرة، فهو كبر يتيماً، كحبة قمح كبرت في صحراء، لكن نتاجها افضل منك..." صمت واكمل "هناك خطب ما بما حدث، وايجاد هكذا من مسؤليتك يا ياماش، افتح ذلك الهاتف، وجومالي لتجد خاصتك، لا يغيب عن نظرنا، وسليم انت تابع امر ذلك الحريق، ويستحسن ان لا يكون قد حصل له شيء بسببه ونحن لا نعلم..." انهى كلامه فيما التفت لكرمان وصفعه بخفة قائلاً "وانت! لتستيقظ فقط، افتح عينيك جيداً" خرج تاركاً اياهم في صمت ليكسره سليم الذي نطق "سلسلته ليست هنا.." نظر له ياماش "سلسلة والدته، بالطبع لن يخلعها..." يقاطعه جومالي "كانت في رقبته حين اعتقلوه..." اكمل ياماش "هل يمكن... ممكن بالطبع، هذا الحريق تمويه، لكي يختطفه بسهولة..." اكمل سليم "لكنه قتل ابرياء ايضاً!" ضحك جومالي "اي ابرياء، جميعهم مساجين في قضية قتل لفتاة... ايٍ كان حصدوا ما زرعوه" صمت ونظر لياماش "من اين نبدأ؟" رفع ياماش هاتف صالح "هنا" نهض وصولاً الى الباب "انا ذاهب الى فرحات" اومئ لجومالي ان يرى حال كهرمان الذي تجمد مكانه...
"هل بهذه البساطة؟" كان كهرمان يقف على شرفة البيت، وبجواره جومالي الذي يلتزم الصمت منذ مدة، "ها؟" فاعاد كهرمان سؤال بوضوع اكثر "هل بهذه البساطة تخطيتم؟ قُتلت امك يا هذا، قُتلت امام عينيك، امامكم جميعاً، كان ذلك السلاح في يد صالح، ابن ابيك قتل امك، وانت تنظر، جومالي كوشوفالي لا يفكر حتى باخذ انتقامها، ماذا دهاك؟، الم تكن تسير هنا وهناك وانت تقول (انا جومالي كوشوفالي، اخذ انتقامي دائماً) يا مجفف الانساب والعائلات! اين ذهب اخي الذي اعرفه؟ لقد قتل والدتك امامك بكل دمٍ بارد، ولم تفكر بالانتقام حتى! بل تريد البحث عنه!، وستعيده لحضنك، ايي تمام، الفتى كبر يتيماً، وكانت امي السبب، لكن لماذا فعل ذلك؟ لماذا الان؟ بعد ان تحسنت معاملتها له ولنا، بعد أن اصبحنا عائلةً واحدة! لماذا؟ لقد صفعني ابي اليوم لاجله..." صمت ونظر بعيداً ليجيب جومالي بكل هدوء، "هل تخطينا؟ لا لم نفعل، ولن نفعل، فقدان الام صعب، مؤلم يحرقك من الداخل للخارج، ها ولن تتخطاه، بل سنتعلم العيش معه، لكن ما لا تراه انت، هو هذا الجزء من صالح، الجزء المكسور، (اكمل بنبرة مكسورة) لقد قُتلت والدته امامه وهو طفل، كبر بذلك الجرح وتعلم العيش حوله، ولن يقبل ان يعيش اي منا ذات الالم، وصدقني حين اقول لك اني اعرف داخله لتلك الدرجة، الست غاضباً! بلا واستشيط غضباً منه، لكن ليكون هنا، بجوارنا ل..." رد كهرمان ساخراً "حقاً! الم ترى نظراته وطريقة كلامه في المشفى!" "رأيت وسمعت، ذلك لن يكن صالح، كان فارتولو، اما صالح لا يفعل" تنهد واقترب مربتاً على كتف كهرمان "انظر جوزالم كرداش، انا اخ كبير لاربعة اخوة، ولا انوي في اي وقت ان افقد اي منكم، كابوسي في هذه الدنيا ان ادفن اي منكم قبلي، وها انظر ظننت اني دفنتك وها انت امامي، وذات الشيء حدث لصالح، مرات عديدة، دائماً ما يلعب مع الموت، اخاف ان يخسر ذات يوم ونفقده، وصدقني ان حدث هذا سنفقد والدي، ولا احد منا سيريد ذلك، اساساً تعلقه بصالح غريب وكأنه اصبح اباً حديثاً، لنجده ونعيده الينا واغضب منه، لتفعل ما تشاء، اعدك اني سآخذ حقنا منه، لكن ليعود الينا..." مسح على ظهر اخيه وانسحب من المكان...
مر يوم وتلاه الاخر، لا فائدة من هاتف صالح، فقد تم احراق ما بداخله، فقشة الامل تلك تبخرت، وصل ادريس مع ابناءه الى مغفر الشرطة، حيث ينتظرون نتيجة تقرير الطبيب الشرعي، حيث تم تأكيد هوية القتلى في ذلك الحريق، "سيد ادريس تفضل الى الداخل رجاءً" قالها احد الضباط مشيراً له ولمن معه بالدخول الى تلك الغرفة معدومة النوافذ، لا يدخلها ضوء شمس لا يتعللها هواء نقي حتى، جلس جميعهم حول تلك الطاولة، فيما يناظرون ذلك الضابط ليتكلم، وما ان فتح فاهه حتى نطق "تطابقت نتيجة احد الضحايا مع حمض صالح النووي.." قاطعه ضحك ياماش لينظر له ويكمل "مستحيل" ناظره الاخر بجديه "انا جاد" "هل وجدتم اي سلسلة حديدة مع اي من الضحايا؟" نظر الضابط بغير فهم ونفى فيما طرق ياماش على الطاولة مشيراً "هذه هي، هذا ليس صالح" لم يفهم الضابط وخرج بعد ان تركهم لوحدهم، ظنًا منه ان هذا ما هو الا تأثير الصدمة عليهم، "هل خرج شيء مع فرحات؟" سأل ادريس ليجيب ياماش "لا الهاتف احترق تماماً" تنهد ادريس فيما يقلب الحبات في مسبحته، ونهض قاصداً الخارج "لا اعرف كيف لكن اكوبين هذا خلف ما حدث، لتقلبوا المدينة رأساً على عقب وستجدونهما، وسيكون لي كلام اخر معه حينها" خرج فيما تبعه بقية ابناءه... بعد فترة في المقهى، "انه غاضب" قالها ايمي فيما سكب الشاي لابناء ادريس، "هل غاضب لان صالح مفقود! ام لانه سلمه بيده للشرطة مما سهل عمل اكوبين! ام لربما لان هناك من يحاول تزوير موته، لا اعرف، لهذا من الافضل ان لا يبقى لوحده" اتاه جواب من جومالي "اووف ايمي من سنبدأ واين سنبحث! الا يكفي ما مررنا به اساساً! في يومين وخلال ساعات قُتلت امي واختفى صالح، وانظر يقولون لنا انه احترق حياً" تنهد مجدداً وابتلع غصته واكمل "من اين سنبدأ يا ايمي!" نظر له الاخر بقله حيلة واكمل "اندريا، يعني عندما خُطف صالح سابقًا اخذ اندريا معه، وان كنت افهم ولو قليلاً فان اكوبين ذاك يريد صالح حياً وبكامل صحته، ليس معنياً بايذاءه" لمعت عيني الاخر واشار لياماش الذي كان قد اتصل فوراً على رقم اندريا، مرت عدة لحظات حتى اجاب "مرحباً ياماش" "اندريا! شي اريد ان اسالك.." الا ان صوت الاخر يأتي متقطعاً "ياماش اعتذر، لكني خارج البلاد الان، واكاد لا اسمعك.. سنتواصل فور عودتي..." وقُطع الخط، ليضرب ياماش هاتفه بالطاولة فيما امسك بقبضتيه وقد تم استفزازه "استلم هذا ايضاً في عالمٍ اخر" صمت ونظر لابيه الذي يتضح عليه القلق الشديد...
في طرفٍ اخر، دخل اندريا من الشرفة الى داخل الغرفة، اغلق الهاتف وجلس على طرف السرير متنهداً "ها لقد اقفلت الخط في وجه ياماش، انظر انت مدين لي بهذا ايضاً" ابتسم الاخر بقلة حيلة واعتدل في السرير "وكأن ما يحدث، يحدث برضاي او رضاك، كلانا مجبوران كال***" "على الاقل يبحثون عنك، يعني انهم لم يصدقوا كذبة اكوبين" اقترب منه ومد يده "هيا لتنهض وتأكل شيئاً ما حتى تتحسن ويطلق هذا ال*** سراحي" ضحك صالح فيما امسك بيد الاخر "وحبسك معي في نفس الغرفة" "من الجيد انها كبيرة كحجم اول شقة عشا بها" "ح.." قاطعهم صوت القفل الذي تحرك ليفتح الباب، ودخل رجل يجر امامه طاولة "هذا طعامكم لليوم، وهذه المعدات التي طلبتها" مشيراً لاندريا وانسحب ليأخذ الاخر الاغراض الى طرف المكان فيما كان يراقب الرجل ينسحب ويغلق الباب خلفه، سحب اندريا تلك الطاولة الى الشرفة، وعاد الى صالح "هيا انهض لنأكل بالخارج قليلاً لتتنفس هواءً نظيفاً بدل الدخان من تلك الليلة" نظر له الاخر بملل "هيا انهض.." الا ان الاخر ابى فجذبه اندريا من يده "لن تحل الامر بالجلوس هنا والبكاء على اطلال الاحبة الان، هيا لتنجز شيئاً ما" واقترب منه هامساً "كما انك نفذت الجزء الذي يخصك من الخطة" اومئ الاخر ونهض ليلحق باندريا...
سابقاً... خرج ذلك المحقق من الغرفةِ غاضباً فقد استفزه صالح، وذهب الى زميله في غرفة المراقبة، وما مرت دقائق حتى سقط فاقداً لوعيه، التقفه زميله بهدوء مستغلاً الضوضاء التي تجري في المكان بسبب الحريق، ووضعه في غرفة التحقيق بعد ان فتح بابها واخذ صالح، سحبه بل حمله الى الباب الخلفي والى شاحنة صغيرة معلقة في الخلف، وضعه بعد ان قيده وعاد للداخل، سكب البنزين على زميله وفجر كاميرات المراقبة، واساساً كان قد اتلف هاتف صالح، وعاد الى السيارة لينطلق الى بيت رئيسه اكوبين، انزل ضحيته ووضعه في غرفة كبيرة مرفهة لكنها محكمة الاغلاق، وضعه في سرير واسع ومريح، والغرفة كبيرة اساساً فيها من الاثاث ما يكفي شقة، دافئة وفي الطابق الثالث، نوافذها بل باب الشرفة يطل على البحر، يقف اوكبين في باب الغرفة يتابع ما يحصل "اين اصبح طبيبه ذو الاسم الغريب والعينين الخضراوين؟" "ارسلت من سيحضره" "اتفقوا معه بالحسنى لا نريد المزيد من المشاكل" "اعتبره حدث" نصف ساعة وكان اندريا وصالح تحت ذات السقف...
فتح عيناه بعد عدة ساعات، نظر حوله بتعب، ليجد نفسه في غرفة غريبة، وبقربه يجلس احدهم، رؤيته ضبابية، "صالح، هل تسمعني؟" الصوت مألوف، لكنه لا يقوى على الرد فكل شيء ضبابي ويتمايل حوله، وفقد وعيه مجدداً، فيما رتب اندريا المكان حولهم، يراقب علاماته الحيوية ويضع ماسك الاكسجين على وجهه، "هيا لقد مر يومٌ كامل على وجودي هنا وانت لازلت نائماً، ما هذا المخدر الذي اعطوك اياه!" تنهد وعاد ليجلس في الطرف الذي يخصه من الغرفة...
ساعات عديدة اخرى مرت مجدداً ولازال فاقداً لوعيه، ولازال اندريا يبقي عينه عليه، حتى سمع صوت همهمته وفتح عينيه منزعجاً من الضوء "اين انا؟" كان ينظر حوله مستغرباً الغرفة واثاثها الغريب، اعتدل جالساً فيما شعر بدوار قوي فامال برأسه للاسفل ممسكاً بصدغيه في كف يديه، "صالح" نظر الاخر الى مصدر الصوت ليجد اندريا فشعر بالقليل من الراحة، واعاد سؤاله "اين نحن؟ وماذا حصل؟ كيف وصلت الى هنا" فتلبك الاخر بالإجابة ورد "هل انت بخير؟ الازلت تشعر بالدوار؟" "قليلاً.." صمت وركز نظره في عيني اندريا "لم تجب اين نحن؟" ابتسم الاخر بحزن مجيباً "خُطفنا مجدداً" اقترب طالباً من صالح الاعتدال للخلف قليلاً ليعيد فحص علاماته الحيوية فيما اكمل راوياً له "اتى رجل غريب الى مكان عملي، وقال لي سيدي يريدك، ظننته شخص يتعاطى السم فلم اعره انتباهاً ومشيت لاجده يضع سكينه على رقبتي، واعاد كلامه (سيدي اكوبين يريدك، اما تأتي معنا بالحسنى او لأقول لك التالي، صالح بين يدينا وهو ليس بحالة جيدة، واعدك ان اتيت معنا لن تتضرر لا انت ولا هو) فلم اقاوم" رد عليه صالح "اكوبين اذاً! واتيت معهم! هل انت معتوهٌ يا بني!" اكمل اندريا كلامه "التقيت باكوبين في موقف السيارات، عرض علي التالي : ان اذهب معه وابقى بجانبك الى ان تتحسن، ثم اذهب في حال سبيلي، وقال بانه سيعوضني لكن لا اعرف كيف، والخيار الاخر ان اذهب وانه لن يحضر طبيباً اخر ليداويك، وواضح خياري كما ترى، وانت، علاماتك الحيوية جيدة نستطيع ازالة الاكسجين الان" نظر له صالح ورد بنبرة مكسورة "اتسبب لك بالكثير من المشاكل مؤخراً، اعتذر عن كل ما تمر به بسببي، هو يريدني انا واقحمك في هذه المهزلة" ابتسم الاخر فيما رفع حاجبيه عالياً "هو يريد الانتقام من خلالك ولا يريد اذيتك، هذا ما قاله لي، سيبقيك بجواره" ازال الاخر الغطاء عن جسده مستشعراً الحرارة تنتشر في جسده "ياال حظي! اخوتي يظنون بل يعرفون اني قتلت امهم لانتقم، وهذا يريدني ان ابقى في حضنه، الا نلتقي بعاقلٍ ابداً!" رد الاخر ممازحاً "والله انا كنت عاقلاً لكنكم اصبتموني بالجنون، مثلكم" ضحك صالح فيما نظر الى اندريا "الا يوجد دواء للغثيان معك" "يوجد، هذا من آثار المخدر الجانبية سيزول خلال ساعات قليلة" اعتدل جالساً فيما تنهد براحة "نحن هنا منذ اكثر من يوم، والغرفة مراقبة، على الاقل من ناحية الصوت" اومئ صالح متفهماً ثم نطق وهو يناظر اندريا "لانهض ونمشي قليلاً" "انتظر حتى ينتهي المحلول، و..." صمت عندما فُتح الباب ودخل رجل اكوبين الى المكان ليلتفت صالح له باستغراب "الست انت الضابط...!" نظر جانباً وضحك على حاله واكمل "ايها ال*** الى اي حد تصل يد اكوبين هذا! حتى انه ادخل رجله بين صفوف الشرطة!" نظر لهم الرجل بكل جدية واكمل "هذا طعام اليوم، وكما اخبرت الطبيب يا سيد صالح، سنحضر لكم طعام اليوم مرة واحدة يوجد ثلاجة ومسخن طعام وتلفاز في هذا الطرف من الغرفة بإلاضافة الى صالة وتلفاز يعمل عن طريق الانترنت، هذا الطرف يخصك من الغرفة وذاك الطرف يخصه، ودورة المياه مشتركة، يوجد ملابس جديدة وكل ما يلزم في الخزائن والغرفة مراقبة ايضاً بحساسات صوت وكاميرات ،اي اننا نستمع لحديثكم ونشاهدكم طوال الوقت، وشيء اخر يوجد شرفة هنا، ان حاول احدكما القفز سيموت، فالمياه في الاسفل ليست عميقة وتحتها صخور، وسيدي يرسل لك سلامه" اومئ برأسه وانسحب من المكان فيما حدق كل منهما بالاخر..
- نهاية الفلاش باك-
يتسابق هواءٌ ربيعي بارد ليضرب وجه كليهما فيما يجلسان بصمت مقابل بعضهما "هل ستأكل ام تنظر للطعام فقط؟" "هل يفرق؟" "اجل، لاطمئن انك ستكون بخير، لاني سأذهب بعد يومين، فلا يبقى بالي مشغول عندك" ابتسم صالح بحزن "ستذهب؟" "اجل" صمت للحظة واكمل "انا هنا بسببك فقط، وليكن بعلمك، جعلني اقسم ان ما سيحدث يبقى هنا" ارتسمت معالم الخذلان على وجه صالح، "ليكن المهم ان يكون الجميع بخير، ولا تورط نفسك اكثر من هذا، عدني بذلك، لا يصيبك ضرر بسببي" ابتسم الاخر ورد بنبرة هادئة "ان وعدتني ان تهتم بنفسك، وان احسست بالضيق، ليس التعب بل الضيق ارسل خلفي فوراً" تنهد واكمل مشيراً الى الطعام امامهم "هيا لتأكل الان، لاني اتضور جوعاً" "لتأكل اذاً لماذا تنتظرني؟" "لا يعجبني انك تجلس امامي شارداً هكذا، لتتناسى كل شيء الان وتهتم بنفسك، ستبقى هنا لوحدك لهذا يجب ان تكون قوياً" شرد صالح للحظة، وايقن حينها حقيقة الامر، سيبقى لوحده هذه المرة حقاً، فمد يده الى الطعام امامه فيما روى لاندريا كيف انتهى به المطاف هنا...
"اذاً ادريس بابا ارسلك الى السجن؟" همهم الاخر فيما بلع ما في فمه من طعام، فضحك الاخر "والله ما فعلته سيثير جنون الحفرة كلها وليس اخوتك فقط، من اين لك هذه الشجاعة!" ضحك الاخر واكمل "يعني لن اكذب هو حقي بالنهاية" صمت واكمل "لكن، لا اعرف، هناك خطبٌ ما بما حدث، شيءٌ ما غير صحيح، فعلت ما قلته لي، وهذه هي النتيجة! يعني لا افهم كيف" اومئ الاخر فيما ربت على كتف صالح "سيتضح الامر عاجلاً ام آجلاً، لا تشغل بالك الان"، صمت صالح للحظة واكمل بنبرةٍ مكسورة "لا اتخيل تأنيب الضمير الذي يمر به اخوتي الان وابي خصوصاً، لا يحسدون على موقفهم، كانو يريدون حمايتي من امهم، ولكن انظر الى ما آلت اليه الامور! انا قمت بخيانتهم من جهة ومن جهة اخرى وصل اكوبين لي بسهولة بسبب ابعادي عنهم" "لا تدري لربما هناك خير بكل هذا، اصبر وسنرى" دفن الاخر وجهه في باطن يديه وفرك شعره "اووف، الان، اخبرني متى حفلة الخطوبة" تلعثم الاخر "اي خطوبة؟" "انت تردتي دبلةً في يدك، ولم تكن موجودة من قبل، علماً انك تراني اكثر مما تراها، يعني خطيبتك" ضحك الاخر مجيباً "لما الكذب اراك اكثر مما ارى اهلي، لكني اراها اكثر منك" ضحك الاخر "جيد، هيا اذاً لترتب امورك وتعود اليها، مضى ثلاثة ايام على وجودك هنا، لا تلفت الانظار لغيابك، وها ليكن بعلمك، ستذهب الى ابي وتطمئن عليه وتعزي اخوتي بموت امهم" "بالطبع" "ولن تقيم حفلاً بدوني، اصبحت من العائلة كما تعلم" مرت لحظات ودخل الرجل مجدداً "صالح هيا استعد سنذهب لرؤية سيدي، وانت ايها الطبيب سنطلق سراحك خلال خمس دقائق، وهذه من سيدي كما وعدك، قبول التخصص الذي كنت تحاول الدخول به وفي مشفى اسطنبول الرئيسي" اومئ الاخر فيما اخذ كتاب التوصية، ونظر لصالح الذي هز رأسه تفهماً للامر، ومد يديه "الن تعانقني؟" ابتسم الاخر معانقاً اياه ليهمس صالح في اذنه "لا تدع ابي يقلق علي، فانا بخير كما ترى" "اعتني بنفسك" "وانت ايضاً" قاطعهم صوت الرجل الذي سعل "هيا لقد تأخرنا يا صالح" اومئ الاخر مجيباً "لاحضر سترتي وآتي لن اهرب" اخذ سترته وانسحب برفقة ذلك الرجل...
في الحفرة... انتهى العزاء، ودفن الميت، وبقي ادريس الذي لم يهدأ له بال منذ تلك الحادثة، يجلس مكانه شارداً في مسبحة صالح التي في يده، يتذكر اخر حوار لهم، "هل انت احمق! غبي! بلا عقل! ماذا يعني ما فعلته، هل اخذت انتقامك؟ هل ارتحت؟ لا لم تفعل، بل عقدت علاقتك مع اخوتك فقط.." وتمتم بعقله "لتعود بخير وسلامة وسترى ايها الاحمق" غاضب، حزين، قلق، يريد البكاء، لكنه كالجبل لا يهتز، ترتسم على وجهه علامات غاضبة، اصبح لا يتكلم الا بالمختصر المطلوب، فخير الكلام ما قل ودل، يتابع المناوشات المستمرة بين بقية ابنائه، جومالي الذي لم لا ينام منذ تلك الحادثة، الى كهرمان الذي ينتظر اي لحظة ليشتم صالح مستفزاً البقية، يريد الانتقام، ويؤمن بما رأى فقط، سليم اصبح لا يتكلم، يكتفي بالبقاء بجوار ابنه فقط، وفي النهاية يوجد ياماش، الذي يحاول جاهدا ايجاد ابن ابيه، لدرجة انه اصبح يخرج صباحاً للبحث عنه ولا يعود الا بعد غروب الشمس، ولربما لمنتصف الليل...
"اين ذهبت مجدداً؟" سأل ايمي فيما جلس امام ادريس ليتنهد الاخر مجيباً "مر اربعة ايام" فيما اشار لمسبحة صالح، واكمل "انا وضعته في ذلك المركز، والان يتصلون بنا لنرتب امور الجنازة، لكن، انا متأكد كما اراك امامي انه حيٌ يرزق في مكان ما في هذا العالم، وغالباً بل اكيد ان اكوبين خلف هذا الامر" "ما الذي يريده منه؟" "لا اعرف، لا اعرف، لكن انا متأكد انه ليس بشيء جيد، من اكوبين وماذا يريد لازال هذا لغز عالق لا حل له، ان وجدناه نجد صالح" صمت حين علا صوت ابناءه وهم يتشاجرون "لاان كهرمان اصمت والا والله اكسر فكك هذا، كم مرة يجب ان اقول اصمت، اخرس، لا تأتي باسم صالح على فمك المشؤوم هذا" "ماذا ستفعل ها! ابن ابيك الحبيب هذا قتل امك امام عينيك ولازلت تدافع عنه، ثم انظر تعاون مع العدو ليزور موته" "لااان!.." وما كاد ان يلكمه حتى اوقفه ادريس الذي صرخ "يتااارر، الى متى الى متى ستستمر بهذا يا كهرمان! الن تنتهي! تعيد وتزيد في ذات الامر! لقد تسببت في موت اكشين، ابنتك، هل عاتبناك! لا، كدت تقتل صالح، هل عاتبناك؟ لم نفعل، زورت موتي، وفرقت اخوتك في زنازين السجون، ولم يعاتبك احد، لا ترتدي زي الرجال وترفع صوتك على اخيك الكبير الان، صالح أخطأ، والجميع يعلم ذلك، لكن ما لا تراه ان هذا حقه اساساً، هي قتلت امه وهو قتلها، واحدة بواحدة، لتفهم الامر كذلك، والى ان نفهم لماذا فعل ذلك الان؟ لماذا طلب عودتها ليقتلها، ستصمت، ولن تفعل اي شيء، اخوتك محقين فهم يعرفونه اكثر منك، جميعهم اقرب اليه منك، ويعرفونه اكثر منك، فلا تستبق الاحداث" نفث الهواء غاضباً وخرج من المقهى ليلحق به عمي فيشير له ليتركه لوحده، ومضى في طريقه الى حيث يبقى عليشو، وجلس على الكرسي يطالع البحر، "اووف اولوم، انظر في اي موضع وضعتني! لو قلت لي بابا حصل هذا وذاك كنت ساندتك، كنا وجدنا الحل، لكن هكذا!..." قاطعه رنين هاتفه الذي حاول تجاهله ليرفعه في اخر دقيقة ويتفاجئ بالمتصل "اندريا" فاجاب فوراً "افندم اولوم" "كيف حالك ادريس امجا!" "بخير، وانت هل عدت من سفرك؟" تلعثم الاخر واكمل "هلا اتيت الى مكتبي؟" "هل حصل شيء؟" "حصل، يخص مريضنا" "انا قادم.." وانطلق فيما يراقب عليشو طريقه، "الى اين امجا.." "سأعود لاحقاً يا عليشو، اعود لاحقاً، هناك شيء مهم علي الذهاب له.." وانطلق في سيارته الى حيث مكتب اندريا..