اجل، كارما (karma) ستعود وتضربك بنقطة ضعفك، إذا كنت تفعل الخير للآخرين بدون انانية، فسوف تحصل على ضعف افعالك من السعادة في المستقبل وسيحدث ذات الشيء عندما تكون أنانيًا. فكل شيء تفعله سيوضع على عجلة الحياة. وكل ما تضعه على عجلة القيادة سيعود إليك في يوم من الأيام.
من الممكن أن نعاني بعض الكارما من الآخرين خاصة إذا كان هناك ارتباط بيننا، مما يعني أن الأشخاص المختلفين يأتون للعب أدوار مختلفة في تفعيل ردود أفعال بعضهم البعض. وهذا ما يسمى أيضًا "الكارما الجماعية".
ومع ذلك ، لا ينبغي أن يصبح هذا الاعتبار أبدًا ذريعة للتسبب في معاناة أي شخص (من خلال إلقاء اللوم على مشاكلهم الخاصة بهم) لأن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يخلق ردود فعل سيئة لنا في المستقبل. في الختام ، يساعد الفهم الجيد لقانون كارما الفرد والمجتمع على أن يصبحوا أكثر حرصًا في اختياراتهم وتنمية التعاطف والتضامن والتعاون.
في مكان ما بطرف المدينة، مكان مهجور، دخل سليم الى ذلك الكوخ خشبي مشيراً لابنه ان يدخل خلفه، كان المكان يوحي بان عمره مئة عام ع الاقل، لكنه وكأنه مهجور منذ خمسين عاماً، اشعل النور وبدأوا بترتيب المكان، طلب سليم هاتف اكين ووضع هواتفهم في الخزانة، لن يتواصلا مع المجتمع الخارجي، ليعيشوا ألمهم في عزلتهم، "ستأتي كاراجا بعد قليل" رد اكين متسائلاً "ازار؟" فاجاب سليم "سيوصلها ويذهب، اردت ان نبقى لوحدنا قليلاً" "لماذا؟" "ستفهم غداً، هيا لنرتب المكان لننام الان وغداً لكل حادثٍ حديث" بعد مدة قصيرة سُمع صوت طرقٍ ع الباب، ففتح اكين ليجد اخته، عانقته فوراً ودخلت الى الكوخ، والى جوار والدها...
كانت ليلة طويلة ومليئة بالكوابيس، لا تنتهي، يمر الوقت ببطئ شديد، حتى لا يبدو وكأنه يمضي، استيقظ كحيل العين للمرة السابعة هذه الليلة ونظر لهاتفه ليجدها السادسة الا ثلث صباحاً، تنهد بتعب ونهض ليأخذ شوراً سريعاً كونه كان متعرقاً ومبتلاً تماماً كالقطة التي سقطت في بئر مياه، كان يشعر وكأن احدهم ضربه ضرباً مبرحاً، وكأن جسده سيتوقف عن العمل قريباً، ارتدى ملابس نظيفة وعاد لمكانه في السرير ليرتاح، او ع الاقل ليريح جسده قليلاً، فعقله يعمل باستمرار ع اختراع سيناريوهات كوابيس جديدة... بعد ساعتين، عج البيت بأصوات الاطفال، "الم يعد سليم واكين؟" سأل ادريس ليرد جومالي "يوك، قال انهم قد يعودون اليوم مساءً" رد كهرمان متسائلاً "من هم؟" "سليم وابناءه، يعني اكين وكارجا" فيما تدخل ياماش "جيد ع الاقل ليبتعدوا عن الضجيج علهم يستوعبون الامر قليلاً" وكان يرتدي ملابسه ليخرج "الى اين؟" "سأبحث من اكوبين هذا، وماذا يريد منا" "واين ستبحث يا ترى؟ وكيف ستجده" "بالتأكيد لقد بدأ في مكان ما سنبحث حتى نعرف من هو، ع الاقل لنفهم مع من نتعامل" تناول بعضاً من الطعام ووضعه في قطعة خبز، وهم خارجاً ليسمع جومالي ينادي عليه "انتظر سآتي معك" واشار لكهرمان "صالح عندك، ابقه تحت عينيك" انهى كلامه وخرج خلف ياماش، "اين صالح؟" سأل كهرمان وهو يتفقد الموجوين، ردت سعادات "لازال نائماً" "الى الان، ليس بعادته، انه بخير اليس كذلك؟" ردت الاخرى "والله لا اعرف ان كان بخير ام لا لكنه امضى الليلة بين هلاوس وكوابيس لا تنتهي، استيقظ اغلب الليل لهذا لازال نائماً" "اها، مع ذلك لاتفقده"، صعد للاعلى ودخل غرفة اخيه بهدوء، فتح النافذة ليتجدد الهواء بالغرفة واقترب منه "صالح، هيا انهض يا بني" لكن الاخر أبى، فازال كهرمان الغطاء عنه "انهض تأخر الوقت" تذمر الاخر "لم انم الليلة اترك ياقتي لانام قليلاً" لكن كهرمان لم يسمع واقترب متحسساً جبهة الاخر ورقبته "تمام جسدك دافئ، لكن لماذا تتعرق هكذا!" سحب الاخر غطاءه لينام ورد ع كهرمان "اغلق الباب خلفك" ابتسم كهرمان بعصبية "تباً لك ولمن يقلق عليك يا هذا، انهض لتأكل شيئ ما ثم تنام مجدداً" انهى جملته وعاد للمطبخ "سعادات لتضعي له شيء ما ليأكله، لم يأكل لي شيء مفيد في اخر يومين، وان اعطيته دواءً او خافض حرارة يكون جيداً، التفت ادريس اليه قلقاً "خافض؟" "جسده دافئ لكن لا يوجد حمى" "حسناً، انا سأتفقده، وانت اسبقني الى الحي" "حاضر" خرج كهرمان فيما انسحب ادريس لغرفة صالح بعد ان سبقته سعادات مع بعض الطعام، وقف خلف الباب واستمع لهم من خلف الباب، "صالح انهض هيا" "ماذا هناك ساديش" جلست بجواره تداعب شعره "هيا لتأكل لقمتين وتأخذ دواءك" همهم الاخر رافضاً "لست جائعاً" "اعرف، مع ذلك لتمر لقمة لجوفك، هيا" نهض الاخر وجلس في سريره وهو ينظر بغضب لزوجته "فهمت، لن تتركوني انام، تارةً انتي وتارة كهرمان" "ماذا نفعل نقلق عليك" مررت يدها ع وجنته بلطف، وتنهدت "هل انت بخير؟" نظر الاخر لها مجيباً "بخير، لانام وارتاح قليلاً وسأكون بخير" ابتسمت الاخرى ورفعت صحن الطعام "لتأكل اذاً، ليرتاح قلبي قليلاً" رد الاخر بكلل "كما تريدين" بقيت فوق رأسه حتى انهى اغلبه، ثم وضعت الدواء في يده "لتأخذ هذه" رفع الاخر نظره لها فيما وضعت الدواء في يده "قلت انتي بخير" ردت الاخرى "تحسباً فقط" انسحبت وخرجت من الغرفة مع دخول ادريس، "صباح الخير" "اهلاً بابا" اقترب ادريس وجلس بجوار صالح "ما بك؟ يعني ليس من عادتك النوم لهذه الساعة" نظر الاخر لابيه "لا اعرف، غالباً بسبب الضغوطات التي نمر بها، كوابيس تتلو بعضها، ما اكاد اغلق عيني حتى ارى كابوساً جديداً، واستيقظ فزعاً، ان عددت كم مرة استيقظت هذه الليل ع الاقل ٧-٨ مرات، اخرها قبل السادسة صباحاً، استيقظ وكأني كنت اسبح في نهر، كانت ليلةً سيئةً جداً" نظر ادريس لابنه بقلق وربت ع يده بعد ان تفقده "ولا يوجد حمى" "يوك" "لكنك متعب" هز الاخر رأسه ايجاباً "الم صدر او صعوبة تنفس؟" "يوك" واكمل ساخراً "اصبحت طبيباً بسببي!" ابتسم الاخر "يكفي ان تكون بخير واصبح رائد فضاء، هيا لترتاح الان واراك مساءً" "تصبح ع خير" ابتسم ادريس وخرج تاركاً صالح ليعود لنومه وخرج من الغرفة متجهاً الى الحي، اوقف سعادات التي تحضر مع للنساء ليذهبن لمطعم الفقراء "كزم، لا تتركي زوجك لوحده وضعه لم يعجبني" انصت الاخرى ونظرت لادريس "لا تقلقني يا ابي" "لهذا ستبقين هنا، تفقديه بين الحينة والاخرى" اومئت موافقة ادريس فيما خرج الاخر للحي...
في الكوخ الذي يبقى به سليم وابناءه، يجلس ثلاثتهم ارضاً، واقد افترشوها وتبادلو من الهموم ما لم يسمعوه سابقاً وربما كان هذا جيداً لبناء اساسات الروابط بينهم، منذ ساعات الفجر وهم يجلسون سوياً يتبادلون من الكلام ما يُبكي وما يُضحك وضع امامهم القليل من الكحول والكثير من الطعام، جلسو بقرب المدفئة، لازال الوقت باكراً، كل منهم يلف نفسه ببطانية... "هل هذه هدية امي لي؟" انصت سليم لتكمل كاراجا "هدية زفافي هو خسارتها، لقد عدت من المطار، كنت ذاهبةً لقضاء شهر العسل في اوروبا، لكن كالعادة اعادتني الحفرة اليها، او لربما رمتني من الشرفة مجدداً" ابتسم اكين باكياً "وكأن القرار قرارها" صمت قليلاً مبتلعاً غصةً وقفت بحلقه، واكمل "لقد ظننت اننا نجونا، فكت قيدي ورميت ذلك السلاح الذي كان موجهاً نحوها، رميته جانباً، اطلق ع الجدار، لم يصبها، ظننت اننا سننجو، لكن" اهتز صوته باكياً واكمل "لا اذكر ما حدث، وجدتها معلقة في سقف الغرفة بدون اي اثر للحياة فيها..." شعر وكأن احدهم يخنقه، يحاول سحب نفسه منه، مد يده ليجد جهاز البخاخ خاصته، جذبه بيدٍ ترتجف و اخده الى حنجرته ليرش الدواء عله يأخذ نفساً عميقاً...
كان سليم يراقب انهيار ابناءه، يحاول جهده الابقاء ما تبقى منهما، جمع شتاتهما، يراقب ولا يعرف ماذا يفعل، لكن رأى ما فعله قد يكون الانسب، ع الاقل ليبكيا، ليفرغا جزءاً من غضبهم، من حزنهم، ربت بيده ع كتف ابنه جاذباً اياه نحوه، هو كان غاضب منه، لكنه سامحه، فكرة خسارته محت غضب سليم، فهو لا يجحده، اساساً لا يلومه، فمهما كانت فعلة اكين غالباً هو احد الاسباب فيها، "لم يكن بمقدورك عمل شيء، حاولت لكن لم يجدي، من اخذكم واحتجزكم هناك كان ينوي قتلها، فلم يكن بيدك حيلة" عم الصمت بينهم فيما رن هاتف كاراجا لتجده ازار، استأذنت والدها لتكلم زوجها الذي يتساءل عن حالها ومتى يعود ليأخذها، مضى الوقت وكل منهم ينام في طرف في تلك الغرفة، حتى أجتمعوا بالنهاية مع ان احضر سليم طعاماً عله يعطي أجسادهم جزءاً من الطاقة، انتظر اكين حتى انهت اخته طعامها ونظر لوالده قاصداً منه دعمه "كاراجا، شي سأخبركِ بشيء يجلس ع صدري ولا اقوى ع قوله، وفي ذات الوقت لا اقوى ع العيش به وكتمانه، لانه يقتلني ببطئ" نظرت الاخرى بقلق "ماذا هناك اكين؟" رد الاخر بصوت خافت "هل تذكرين الحادثة التي ماتت بها اكشين؟ عندما خطفتما" رد الاخر "لتذكرني بشيء جيد يا اخي" رد الاخر بنفسٍ واحد "انا كنت خلف الامر، طلبو مني ان افعل، ان اسلم كلاكما لهم، وفعلت، قمت بذلك، اخذتكم اليهم، تظاهرت باني اقاومهم لكني لم افعل، تركتكم لهم، ويا ليتني لم افعل، اندم، اندم بشدة ع ذلك، اعماني جشعي، كنت غبياً واركض خلف المنصب ولم انتبه لما لدي وما قد اخسره، لكني خسرت الكثير ولم اكسب اي شيء بالمقابل" نظرت له الاخرى ببرود وردت "توقعت، كنت اعرف ان حادثة خطفنا غريبة، وتصرفاتك كانت اغرب يومها، (صمتت قليلاً ثم اكملت بنبرة عالية) هل تعرف بما مررت! هل تعرف كيف تخطيت، لم اتخطى الى الان لكني تماشييت، لازال يراودني ذات الكابوس، يا هذا استيقظ ع كابوس باني لازلت في ذلك التابوت الى اليوم..." صمتت وضربته كف ع وجهه، فيما كان الاخر عاد ليبكي "لم اعرف، لم اعرف ان الامر سينتهي هكذا، لم اعرف اني سأتسبب بكل ذلك.." قاطعته الاخرى "وما حصل لجدي وابي واعمامي، هل لك يدٌ به؟" اومئ الاخر وهو ينتحب "حاولت منع ذلك لكن لم استطع، حاولت ايقافهم لكنهم هددوني بفضحي، هددوني بالجميع ، لو هددوني بحياتي لم اكن سأتراجع، لكن هددوني بكم" كانت الاخرى تنظر له بخيبة، "تباً لك اكين، تباً لك، لا اريد ان اكرهك، لا اريد ان اكره اخي الوحيد، لكنك مصرٌ ع ذلك، لم تكن لي اخ ابداً يا هذا، لم تقم بحمايتي ابداً، لم تقم بحماية احد يا اكين بل رميتنا في جهنم لتنجوا، بئساً لك ولانانيتك ولغباءك هذا" نهضت وخرجت طالبةً الهواء لتتنفس قليلاً "جيد" قالها سليم عندما اعطى ابنه منديلاً يمسح دموعه "هذا جيد، لتفرغ غضبها ولا تكبته فيتحول الى كره لاحقاً، لتتعامل مع غضبها بطريقة صحيحة، وانت لا اعرف ماذا اقول لك لكنك تستحق كل ما قالته،،،" لم ينهي كلامه ليتفاجئ باكين يحتضنه بل يعتصره بقوة، فبادله الاخر العناق، مسح ع ظهر الاخر يحاول احتواءه ولو قليلاً...
لحق سليم بكاراجا ليجدها تقف ع الشرفة، تمسح دموعاً غسلت وجهها، وقف بجوارها "هل انت بخير؟" سأل سليم عندما داعب شعر الاخرى "بأي ألم سأحترق انا يا ابي؟" واكملت "امي التي قتلت بعد يومين من زفافي؟ ام اخي الذي... دعني لا اكمل" ابتسم سليم بخفة ومسح ع كتفها "امك وهذا قدرها، ع الاقل اطمأنت انك تزوجتي رجلاً يحميكي، ولا صلة له بعالمنا، اما بالنسبة لاكين، فلا اعرف كيف ستتعاملين معه، القرار بيدك" مسح دموعها بيده واكمل "هيا لتغسلي وجهك، لنعود للحفرة" التفت الاخرى له "بابا، لو لا اعود الى هناك، المكان مشؤوم جداً" "ليراكِ جدك ثم تذهبين" اومئت الاخرى بالايجاب، ودخلت لتوضيب اغراضها..
حل مساء ذلك اليوم، ولازالت الاجواء في تلك الحفرة تعكس الالم والاكتئاب الذي يدور في الحي، دخل صالح المقهى حيث والده واخوته "مساء الخير" رد جومالي "مساء الخير، بل صباح الخير بالنسبة لك، متى استيقظت انت اساساً؟" رد صالح "ما دخل هذا بذاك" "ليس بعادتك ان تنام ليومين متتاليين" اكمل كهرمان "لم يبدأ موسم السبات الشتوي بعد" لم يجب صالح بل بادلهم نظرات خيبة والانزعاج وانسحب الى جوار والده "بابا، لتجد حلاً لابناءك" ابتسم الاخر واجاب "لتحلوا امركم بينكم ما دخلي انا! خمس رجال اقصركم اطول مني" عبس الاخر وجلس مكتفاً ذراعيه ع الكرسي بجوار ادريس، "الم يعد سليم بعد؟" سأل صالح ليومئ ياماش بلا "ليس بعد.." لم ينهي كلامه حتى انتبه لوصول سليم الذي ركن سيارته امام المقهى، خرج ثلاثتهم من السيارة، ودخلت كاراجا برفقة والدها للمقهى فيما بقي اكين بالخارج...
من بين سلامٍ وكلام، قطع كلامهم وحل محله احساس توتر مخيف زُرع داخل كل منهم عندما سمعو صوت محرك واطارات سيارات تحتك بالارض مصدرة صريراً عالي جداً وكأن احدهم سيفعل مصيبة، تُبع بصوت صراخ كاراجا "أكييييين" كانت الاخرى تتابع شقيقها خارج المقهى يمشي ذهاباً واياباً بين المقهى ومحلقة محي الدين بالجهة المقابلة، شارداً بما يبدو انه ذنبٌ يأكله من الداخل، قطعت طريقه سيارة سوداء اتجهت له من الطرف الاخر من الشارع، تسير بسرعة عالية بل زادت من سرعتها عند اقترابها منه، انحرف سائقها قليلاً مستهدفاً اكين الذي تجمد مكانه، وكأنه يرحب بتلك السيارة التي رمته امتاراً بالهواء ثم سقط ارضاً، واختفت تلك السيارة التي لحقها وابلٌ من الرصاص، "ليتصل احدكم بالاسعاف" هتفت كاراجا التي ركضت لجوار اخيها، اقترب سليم يرتجف يخاف من حقيقة ان ما امامه قد حدث حقاً، استجاب كهرمان واتصل بالاسعاف، فيما خرج الباقون ينظرون للفتى الذي رمي ارضاً، واضح ان وضعه صعب، افترش الارض بجسده، ركبته ليست في مكانها وذراعه ايضاً، متصلة بجسده، لكنها ليست بمكانها الطبيعي، ينظر بفراغ لا يعرف ما يحصل، لا يرى اساساً الا الاسفلت، لا يشعر بشيء، "لا يلمسه احد" هتف ياماش، وهو متأكد انه ان لمسه احد سيحدث ضرر اكتر، انتظروا حضور الاسعاف، ثبتوه وحملوه الى المشفى، وضع له انبوب تنفس، ثبت ع لوح ووضعوه ع السرير والى داخل الاسعاف، أُشعلت انذارات واضواء تعلن حالة الطوارئ، وما ان همو بالذهاب حتى قطعت طريقهم سيارات سوداء اللون مجدداً ، خرج منها عدد من الرجال وفي ايديهم من الاسلحة ما ينهي عشيرة...
ما ان لمحو تلك الاسلحة حتى تفرق الجمع واخرجوا اسلحتهم، رصاصة من هنا وعشرة من هناك، كان يسمع فقد صوت الزجاج الذي يتكسر ويسقط قطعاً صغيرة، صوت صراخ ممزوجاً بلحن الموت، ومن يعزفه يضع نوتةً قاصدةً حصد الارواح، استهدف الرصاص عدداً لا بأس به من ارواح الموجودين، فسقط العديد بين مصابين وبين من اختبئ وبين من رد الهجوم "لان ابتعد ستصاب" هتف جومالي بسليم محاولاً سحبه من منتصف الطريق، اساساً كان الاخر تائهاً، بغير وعيه، هل سيفقد ابنه الذي رمته سيارة قبل قليل امتاراً في الهواء، ام سيفقد احد اخر من ذلك الرصاص الذي يمطر فوق رؤوسهم، للحظة شرد، لم يسمع اي شيء، يرى وكأن كل شيء يتحرك بتصوير بطيء، شعر باحدٍ يجذبه، لكن ما اعاده لهذا العالم هو كمية الالم التي يشعر بها وقد انتشرت في وسطه، وكأن صاروخاً عبر منه، "سليييم" هتف ياماش عندما قفز لجوار اخوته..
في طرف المكان كان كحيل العين يراقب المجزرة التي تحصل، يراقب كيف يطلق الطرف الاخر النار بدون تفكير، بدون خوف او اي مشاعر، ينظر لمن حوله وهم يسقطون فراداً، اشتعلت نيرانٌ في صدره، وازداد احمرار عينه، بل لربما استيقظ فارتولو من داخله، اخرج سلاحه الاخر وتقدم باتجاه العدو، كل رصاصة تطلق تصيب الهدف، يسقط شخص مع كل رصاصة، لطالما كان فارتولو بارعاً باستعمال الاسلحة، كان احد القابه هو فارتولو حاصد الرؤوس، لم يرمش، لم تدمع عينه، بل من يراه يظن ان النار ستخرج من عينيه، نظراته تكفي لتجعلك تغيد التفكير في قرارك بايذاءه او ايذاء احبته، "صاالح! ابتعد عن مرمى النار" هتف كهرمان الذي كان يحاول ابعاد صالح من امامهم، لكن الاخر تملص ببراعة من اخيه، وانطلق باتجاههم، "جن تماماً" هتف كهرمان فيما لحق بصالح، الذي اكمل طريقه الى الرجال وهو يطلق عليهم مستهدفاً رؤوسهم، لقيهم جيلاسون وميدات من الطرف الاخر وانهو الرجال حتى اخر فردٍ منهم...
"اصيب سليم!" صرخ كهرمان بصالح طالباً العودة، لكن لا جواب من الاخر، فانسحب كهرمان من جوار صالح الى طرف اخوته، كانت قد وصلت سيارات اسعاف اخرى وشرطة خلال ثواني، "هل تسمعني يا بني؟" هتف ايمي وهو بجوار سليم فيما اخذ المسعفين مكانهم لاسعاف صاحب الظل الطويل، لكن الاخر لا يستجيب مع اي منهم، ينظر بشبه وعيٍ اليهم، اساساً لا يرى الا اضواء مشوشة وغير واضحة، ووجوه من حوله بذات الوضوح، الاصوات واضحة لكنه فقد قدرته ع الرد، اخذه المسعفين في سيارة اسعاف اخرى، وانطلقت سيارات الاسعاف وكأنها تعزف لحن الموت، او لربما هو لحن الحياة، لحق بهم سيارةٌ اخرى تحمل من تبقى منهم، بقيت الشرطة تحقق في المكان، حيث بقي كل من صالح وجومالي امام ذلك المقهى...
"ماذا حدث للتو؟" سأل صالح بانكار، شعر وكأن احدهم قد ضربه كف شديد البرودة، استوعب لتوه ما حدث، نظر حوله ليجد الكثير من الدماء ع الارض، اجتمع دمعه ع اهداب عينيه، فيما لعت نفسه من هول ما حدث، سيطر عليه الشعور بالغثيان والدوار، بالكاد وجد باب دورة المياه في المقهى، افرغ جوفه وارتكز ع الباب من الخلف ارتجف جسده وتعرق حتى ابتل شعره "صالح هل انت بخير؟" طرق جومالي الباب هاتفاً باسمه، همهم الاخر و فتح الباب ليجد اخيه يناظره بقلق اومئ له "بخير لا تقلق" "كيف بخير، انظر كيف شحب لونك" "آبي، دعك مني، لنذهب للمشفى ونرى ما حال اكين وسليم" لم يجادل الاخر وانطلق مع الاصغر ليلحقا بالباقين...
اخذه جانباً "لتهدأ قليلاً" فيما دخل جومالي ليغسل يديه من دماء شقيقه، مرة ومرتين وعشرة، لكن هذه الدماء لا تذهب، حدث أمامه مجدداً ولم يستطع حماية ايٍ منهم، اشتعلت النيران في جوفه، قرر الانتقام، لكن من من لا يعرف، خرج من دورة المياه ليجد الاصغر يقف امامه، انتبه لارتجاف جسده، فاقترب منه وامسك وجهه بين يديه "صالح انظر الي" نظر الاخر له "آبي، من هذا؟ وماذا يريد؟" هز الاخر رأسه نافياً "لا اعرف، لا اعرف، لكن عندما اجده سأنهيه" نظر بعيداً محاولاً منع دمعه من النزول واكمل "هيا لنذهب كارديشم" واكمل "كأن حرارتك مرتفعة؟" نظر الاخر لجومالي "يا آبي، الى المشفى، سليم واكين بين الحياة والموت انت تقول حرارة وما شابه" اخرج مفتاح سيارته التي ركنها ع بعد شارعين وانطلقا الى المشفى...
اجتمع اهل الحفرة، امام ذلك الباب الذي كتب عليه "بنك الدم" كان قد انتشر صوت في ذلك الحي المشؤوم منادياً الجميع، ناشراً خبر اصابة عدد لا بأس به من ابناء الحفرة، منادياً باصابة سليم وحادث اكين، منادياً بالاستغاثة من اهل حيهم...
امام غرفة العمليات، وصل كل من صالح وجومالي "هل من خبر؟" واكمل صالح باستنكار "كأني سألت هذا السؤال امس، وكان عن اكين ايضاً" نفى ياماش عندما هز رأسه والتقت عيناه بعيني صالح، وكأنه يطلب من صالح ان لا يفعل، فيما اشار كهرمان لاخوته "لنتبرع بالدم نحن ايضاً ع الاقل لنفيد بذلك" نظر له الموجودين ولحقوه الا انه اوقف والده وصالح، "انتما لا تستطيعان، كلاكما تأخذان ادوية تمنع ذلك" همهم صالح بكلام غير مفهوم، فسحبه ادريس الى جواره، فيما ذهب الباقون بالاتجاه الاخر "هل انت بخير؟ بابا" نظر ادريس لابنه "لست، لست بخير ابداً، لآخذ خبراً عن من بالداخل ثم سأكون بخير" "لازلنا لا نعرف من يستهدفنا يا ابي" "سنعرف بالنهاية" وصمت، يحاول ان يعرف يدور صوت بداخله يصرخ (من هذا ذو الرمز الغريب وماذا يريد، غالباً يريد الانتقام، لكن لماذا؟)...
في مكان اخر يقف ع شرفة منزله التي تطل ع البحر، حيث تتصارع امواج البحر أيها اقوى في الارتطام في جدران البيت، يقف هناك شائب في اواخر الخمسينات من عمره، يحمل عكازاً رأسه ع شكل قرن اكوبين، لا يتعكز عليها، فهي للمنظر فقط، داخلها ما يشبه السيف، شفرته حادةٌ جداً، تخترق ما تمر من خلاله، مسح ع رقبته حيث يوجد ندبةٌ كبيرة قد مضى عليها اكثر من عشر سنوات، شعره فضي اللون، تماماً كلون ذقنه المهذب، من يراه سيظن انه ابن عائلة ثرية، هو ثري حقاً لكنه بلا عائلة لانه فقد اغلب عائلته، بقي منهم القليل، كان يحدق بلوحات زينت الارض والجدران، وينظر لابن اخيه الذي يرسم لوحةً اقل ما يقال عنها انها دموية، تماماً كاليوم الذي حصد احدهم ارواح اقربائه، اخوته واحبابه، دخل المشفى والمصحة، ليس هو فقط بل الناجين من تلك المجزرة، تم الاعلان بانهم لن يعيشوا كباقي البشر، فشيءٌ مهم كُسر وتحطم داخلهم، لم يعد اي منهم صالح كانسان او كائن بشري ع الاقل من الناحية النفسية...
ساعات، بدت وكأنها سنوات، حتى وصل خبر عن المصابين بالداخل، الاكبر، اي سليم، سيكون بخير، اصابت تلك الرصاصة وسطه صنعت طريقها في معدته وهشمت طحاله، رمموا الاولى وأزالوا الثاني، سيُنقل لغرفته في قسم الجراحة بعد استعادته وعيه، اي خلال ساعة او ما شابه، هناك انبوب يسحب الدماء من جرحه واخر من انفه صنع طريقاً لمعدته، ليسحب الدماء التي لازالت تنزف هناك، نقل له من الدم ومكوناته ما احتاج، لكنه بخير، "اكين؟ ما حاله؟" سأل ادريس ليتنهد الطبيب طالباً منهم الجلوس فكلامه سيكون ثقيلاً ع قلوبهم، وبدأ شرحه، كسور ورضرض في مختلف جسده، خلع بالركبة وهذا تم حله، كسر بالكتف تم تثبيته ببراغي، نزيف داخلي تم إيقافه، خدوش وجروح تم علاجها، لكن الأسوأ كان كسر العمود الفقري المتعدد وكسر في جمجمته مصاحب لنزيف داخلي، وضعه غير مستقر وغير معلوم، خرج هذا الطبيب وترك فريق اطباء الاعصاب يقومون بعملهم، ستفتح جمجمته لتخفيف الضغط ع دماغه، كسر العمود الفقري، هذا سيحاولون علاجه باقل الاضرار، "لا اقول انه سينهض فوراً او حتى بعد شهر او عام، فاساساً لا اعرف ان كان سيخرج حياً من هذا القسم، سننتظر، سنبقي عيننا عليه، وسيكون طريقاً طويلاً وصعباً، لكن لننتظر خروجه بسلامه وع قيد الحياة الان" انهى الطبيب كلامه، ولربما انهى املهم ايضاً، لكن ع الاقل لازال حياً، كم ان هذه الدنيا مخيفة، بلحظة فقط تقلب جميع الموازين...
لحق صالح بوالده الذي اختنق بهمه، فخرج ليتنفس قليلاً، اطمئن ع ابنه الذي كان جريحاً متعباً وعاد لنومه من اثر التخدير والجراحة، بقي بجواره كهرمان، ياماش لازال ينتظر امام غرفة العمليات، جومالي يتابع مصابي الحي، ايمي عاد للحي... يجلس ادريس خارج ذلك المشفى، في مكان يطل ع طرف البحر، شارد في عالمٍ اخر، ينظر ارضاً مقوس الكتفين وكأن هناك طنٌ من هموم الدنيا عليهما، اقترب صالح ومد كأس شاي لوالده الذي رفع رأسه "هل من جديد؟" هز صالح رأسه نافياً، وجلس بجوار ابيه تنهد بتعب ونظر لسماء ولم ينطق بحرف، يشعر وكأن روحه ستترك جسده من كمية الهموم، بألم يملئ صدره، لا يعرف هل هذا الم فيزيائي حقيقي ام انه ألم من كمية الهموم التي تراكمت مؤخراً، ضيق يحاول سلبه نفسه، فتتلاحق انفاسه، ما يمرون به مؤلم لكنه لا يستطيع البكاء، يريد الانتقام لكن لا يوجد حتى طرف خيط عن عدوهم، من يكون وماذا يريد، لا يعرفون اي شيء، يتحركون داخل دائرة مغلقة، لا يعرفون بدايتها من نهايتها...
لاقاهم ياماش بعد ساعتين، كان قد خرج ليجدهم يجلسون بالحديقة "لازال حياً" هتف ياماش ليجد رداً من والده "انتهت العمليات؟" اومئ الاخر ايجاباً "قال الطبيب ان وضعه لازال حرجاً فلا شيء اكيد حتى يستيقظ" رد صالح "ومتى قد يستيقظ! اصابته تركزت بالجهاز العصبي!" رفع ياماش كتفيه ولوى شفتيه وكأنه يخبرهم انه لا يعرف، "انا سأذهب لارى اين سيبقونه" "ابقنا ع اطلاع" رد ادريس الذي شعر بتحسن ولو قليلاً، "هل انت بخير صالح؟" انصت الاخر ونظر لوالده ولم يجب لينهض ادريس ووقف مقابله "انظر الي لارى" ومسح ع وجنته، "انت متعب، هيا ليراك.." سحب الاخر يد والده "هل هذا وقتي بابا!، ام انك اطمئنيت قليلاً ع الباقين؟" ضربه ادريس ع كتفه، واكمل "حرارتك مرتفعة ايها الغبي، هل تعرفت عليك الان! انا اميز الفرق بين وضعك الطبيعي، وعندما تمرض، هيا" "اوف يا، حسناً سنذهب بعد قليل" استدار ادريس معطياً ظهره لصالح فيما يراقب البحر امامه، اقترب منهم رجل يحمل صندوقاً اسوداً مزيناً بشبرة حمراء، "ادريس كوشوفالي؟" التفت الاخر بقلق فيما مد صالح يده ع سلاحه "اجل" رد الرجل عليه "اسف ع الازعاج سيدي لكني رجل توصيل وهذا طردٌ لك" رد صالح بشك "وكيف علمت بمكانه؟ المقهى وفهمنا، لكن كيف علمت انه يجلس تحديداً بهذه الزاوية من الحديقة؟" رد الرجل "الشخص الذي ارسل الطرد، اعطاني التفاصيل كاملة، وحتى هو من دلني ع مكانكم" انصت صالح باهتمام واكمل "هل تعرف اسمه؟" رد الاخر "لا قال لي ان اسمه اكوبين" "اذاً اعطني الرقم الذي كنت تتواصل معه من خلاله" ولبى الاخر بدون اعتراض، اخذ ادريس الطرد واذ ان وزنه خفيف جداً يكاد يكون فارغاً، فتحه ونظر بداخله، ورةٌ حمراء ذابلة واخرى مجففة، ووردة سوداء لازالت كما هي، وتحتها بطاقة "الذبلان لمن زرع ندبة بجسدي، والمجفف لمن حصد روحي، اما السوداء، فهي لمن سيدفع ذنباً لم يرتكبه، تماماً كزوجة ام اقول طليقة ابنك، حفيدك المذنب الصغير، ام عزيزك الذي يجلس بجوارك؟ حقاً ما ذنبهم!" قرأ هذه الجملة لتجحظ عينيه وينظر برعب لصالح، "هيا الى الداخل، صالح الى الداخل، بسرعة" امسك بذات البطاقة من الجهة الاخرى "حفيدتك، وضعت لها مخططاً، لكن لا لن امسها غيرت رأيي فهي خرجت منكم، لكن الاطفال جميلين جداً، خاصةً من يحمل اسمك، اربعة عصافير بلا قفص..." اخذ ادريس تلك البطاقة "هيا لندخل" نظر الاخر له باستغراب ليمسك ادريس يد الاخر وجذبه "هيا يا صالح" كان الاخر قد اتصل باخ ازار (الشرطي) عله يساعده لايجاد صاحب الرقم، جذبه والده ليدخلا للداخل، وما ان نهض حتى انتبه لاقتراب احدهم، وهو يحمل سلاحًا باتجاههم، "بابا! احذر.." صرخ فيما اخرج سلاحه ودفع والده جانباً، اطلق باتجاه ذلك الرجل بذات اللحظة التي اطلق الاخر بها الرصاص، كل رصاصة خرجت من سلاح احدهم واستهدفت روحاً، تقصد القتل فقط...
تزامن صوت الرصاص مع خروج جومالي وياماش الى حديقة المشفى، وتحديداً الى جوار والدهم، لكن صوت الرصاص كان عالياً بما فيه الكفاية ليتجها نحوه بسرعة "بابا، صالح، هادي آبي، بسرعة" وانطلقا سريعاً الى مصدر الصوت...
انطلقت رصاصة من سلاح صالح ووجدت طريقها لتشقه عبر رأس ذلك الرجل، فيما قفز ادريس مبعداً صالح من امام رصاصةٍ كادت تنوي حصاد روحه، "اوولووم! ابتعد" استقرت تلك الرصاصة في جسده فيما سقط فاقداً لوعيه بين يدي ابنه، "بابا!" هتف صالح لحظة رؤيته تلك الرصاصة وقد اختارت جسد والده، بدلاً منه، عندما دفعه ادريس جانباً، يحمل والده في حضنه، شحب لونه، كان اكثر شحوباً من والده المصاب الذي ينزف امامه، يرتجف بشدة ويحاول ايقاظ والده "بابا! ابقى معي رجاءً، انظر الي" هتف طالباً المساعدة، نظر حوله ليجد الجميع يختبئ، طبيعي اساساً، فصوت الرصاص يصاحب صوت الموت، ولا احد يرمي بروحه بعرض الحائط، اندفع كل من جومالي وياماش باتجاه صالح ووالدهم "بابا! صالح هل انتما بخير؟" لكن لا جواب، صالح يضغط ع جرح والده ويحاول ايقاف النزيف والاخر فاقدٌ لوعيه، اساساً صالح لا يعرف اين اصيب او حتى مدى سوء الاصابة، لكن عقله ذهب للسيناريو الأسوأ، فما مروا به خلال البضعة ايام الاخيرة يكفي لجعله يعيش ذات الشيء مجدداً، "صالح! ماذا حدث؟" سأل جومالي في ما كان الاخر بغير وعيه، سحب والده من بين يدي صالح فيما اقترب طاقم طبي مع حمالة وأخذوا ادريس من بين يديهم الى داخل المشفى...
"بابناولو، هل تسمعني؟" كان ياماش يحرك يده امام صالح الذي ينظر بفراغ "هل سيموت هو ايضاً" تمتم صالح ببعض الكلمات مما لفت انتباه ياماش، الذي بدوره صفع صالح بقوة هاتفاً "بابناولو، استيقظ يا هذا"، لم تكن مؤلمة، لكنها كانت كافيةً لتعيده لوعيه، "هيا لتغسل يديك" وثم في طريقهم الى جومالي الذي يقف امام غرفة الطوارئ وما ان التقى بصره مع اخوته الاصغر "ماذا حدث صالح! كيف اصيب؟" "حاول احدهم اطلاق النار علي، لكنه دفعني واصيب بدلاً عني..." صمت قليلاً وشرد مجدداً "لم استطع حمايته، لم نستطع حماية احداً ..." قاطعه جومالي "الرصاصة كانت تستهدفك! فاصيب بدلاً عنك..." انتبه جومالي لصالح الذي يلوم نفسه ع ما حصل، ضغط ع فكه واقترب من اخيه، "لان صالح، انت لم تكن تعرف، لم تكن لتستطيع انقاذ اي منهم، نحن ايضاً لم نحمي، لا تفعل هذا بنفسك، لتجلس قليلاً حتى نفهم وضع والدي الان" جلس الاخر وهو يشعر باحدهم يدور في سكين يقطع احشاءه من الداخل، يمزقه ارباً، يسمع الاصوات تذهب بعيداً وتعود لتكون اكثر وضحواً، صداع، قشعريرة، ألم في صدره لا يزول، روحه تؤلمه، يسمع قلبه وكأنه ينبض في رأسه...