غريبة هِي الأيام .. عندما نملك السعادة لا نشعر بها ونعتقد أنّنا من التعساء. ولكن ما أن تغادرنا تلك السعادة التي لم نقدرها حق قدرها احتجاجاً ربما علينا حتى تعلن التعاسة عن وجودها الفعلي فنعلم أنّ الألم هو القاعدة وما عداها هو الشذوذ عن القاعدة ونندم ساعة لا يفيد الندم على ما أضعنا وما فقدنا. فمن فقد الأمل فقد الندم.
في بيت صالح، جلس ادريس ع الاريكة ووضع المغلف امامه "اقترب واجلب الطاولة الى هنا" وضع المغلف ع الطاولة واكمل كلامه "يوجد بهذا المغلف مصيبة ستقع ع رأسك اكين، لهذا ستخبرني بكل شيء، ولن تنقص تفصيل واحد، ستخبرني لماذا فعلت هذا" كان الاخر قد احس بان ما بداخل المغلف ما هو الا دليل ع ان اوراقه قد كُشفت، ولا مجال للهرب الان، لربما افضل، ليفتح صفحة جديدة في حياته، كان يتعرق بشدة، يأخذ انفاساً عميقة لعله يساعد ابطاء وتيرة نبضة المتسارع، يضغط ع كفي يديه ويضمها، نظر لجده واستجمع نفسه وجلس مقابله "ماذا هناك يا جدي؟" بدأ ادريس بوضع الصور واحدة تلوى الاخرى، كلها بجوار بعضها، من ذلك الصندوق الذي أُبتلي به صالح الى تسليم العائلة للشرطة، "اجلس واستمع" وفتح تلك التسجيلات التي تثبت تورطه بكل شيء، جلس بتوتر امام كل تلك الصور، ينظر اليها واحدة واحدة، ثم ينظر لجده "بماذا تشعر الان يا اكين؟" همس الاخر مجيباً "بالخزي" اومئ ادريس واكمل "اذاً اشرح لي، ماذا فعلت لك اكشين؟ كارجا؟ اختك؟ هل يفرط المرء باخته! صالح؟ بالكاد تعرفتم حينها! ياماش ايضاً؟ لقد اعطيته لتلك المجنونة ع صحنٍ من ذهب!"لم يعرف الاخر بما يرد بل جلس بلا صوت يستمع لجده فقط، بدون اي رد يشرح موقفه، او يدافع عن نفس، يخجل اساساً من الرد "هيا اشرح... كيف ولماذا فعلت كل هذا؟ وبماذا وعدوك؟"...
في مكان اخر وفي ذلك البيت، يجلس الاخوة حول مائدة الطعام، يتناولون طعامهم في الهواء الطلق، ويتجادلون في كل صغيرة وكبيرة "ماذا تملك أيضًا؟" سأل سليم بفضول ليجيبه الاخر وهو يتصنع عدم الفهم "املك ماذا؟" "يعني للان اكتشفنا كوخ ع بحيرة، وفيلا ع البحر الاسود، وبيتك بالحفرة، ما شاء الله تبين ان اخينا الذي كبر بدون والده فاحش الثراء كل يومين نكتشف امتلاكه شيئاً جديداً له" طرق صالح ع الطاولة بينما اكمل سليم "يعني نقول ما شاء الله" ابتسم الاخر وحاول تغيير الموضوع "اذاً آبيلار ماذا سنفعل الان؟" اجاب جومالي "ستخلدون للنوم تأخر الوقت اساساً" رد ياماش متذمراً "الساعة لم تصل العاشرة بعد، صالح هل يوجد تلفاز كبير هنا" اجابه الاخر "يوجد" ليكمل ياماش "وانترنت؟" "يوجد لابتوب وانترنت هواتفنا" "ممكن، ارتب الوضع، ثم اناديكم" هتف جومالي "لا تفتح فلماً مملاً او ما شابه" "الا تثق بذوقي؟" رد عليه صالح "ان كان مثل ذوقك بالموسيقى فحتماً لا" "سامحك الله بابناولو، ليكن افتح الفلم ونرى" دخل ياماش للداخل فيما بقي اربعتم يتناقشون ع الشرفة، "لماذا ابعدنا ابي من الحفرة يا ترى؟" سأل صالح ليرد كهرمان "هناك امر حتماً لكن ما هو لا اعرف" اكمل سليم "حتماً شيء لا يريد تدخلنا به، او ان تدخلنا سيزيد ذلك الامر سوءاً" رد جومالي "وانا ايضاً لا افهم، لكن ستخرج رائحته بالنهاية، هيا لندخل تجمد **** هنا" دخل اربعتهم، ليجدو ياماش فعلاً تصرف كأخٍ صغير وحضر الفلم مع التسالي "تفضلو ابيلار وجدت فلماً يعجبكم" "عن ماذا عجبا!" سأل كهرمان الذي جلس ع الاريكة المنفردة بينما توزع البقية ع الباقي، فتح ياماش الفلم متحمس لردة فعل اخوته عندما ينتهي، ساعة ونصف بالضبط "لا افهم لماذا قتل جميع الابطال بالنهاية" نطق جومالي فيما نهض كهرمان يمدد يديه كسلاً "لانهم مجموعة قتلة مأجورين، يعني يا ياماش لو وضعتنا ع متن ذلك القطار كنا اتممنا عملهم بانفسنا" "الله الله آبي، هلا استمتعتم بالقصة والمضمون وتركتم التذمر هذا" نهض سليم من مكانه "لقد تشجنت هنا من كثر الجلوس هيا تصبحون ع خير، صحيح كيف سنقسم الغرف يوجد اثنتين فقد واحدة فيها سريرين وواحدة ثلاثة" اجابه جومالي "لتأخذو انتم واحدة ونحن واحدة" مشيراً للنائم ع كتفه "هل نام طوال الفلم؟" اومئ جومالي برأسه مجيباً "بعد عشر دقائق من البداية" ضحك اربعتهم ربت سليم ع كتفه "صالح، هيا استيقظ انتهى الفلم" رفع الاخر رأسه متذمراً عيناه شديدة الاحمرار ونظر لهم ولم يتكلم، ليحرك جومالي كتفه الذي تشنج من ثقل رأس الاخر "هيا سننام بذات الغرفة" قالها جومالي لصالح الذي بدا وكأن الامر لا يعجبه فاكمل جومالي كلامه اما معي بالغرفة المزدوجة او معهم في الغرفة الاخرى، فتنهد الاخر واكمل "معك" لكونه يعرف ان الغرفة اكبر واشرح للبقاء بها، اكمل لاحقاً "هيا اذاً، سأسبقك" نهض وتركهم باتجاه الغرفة وهو يفرك عينيه نعساً، ابتسم سليم قائلاً "وانا سأخلد الى النوم، تصبحون ع خير" لحقه ياماش سريعاً حتى لا يسرق سريره، وبقي كهرمان مع جومالي "آبي، لا يجوز هكذا" "ماذا لا يجوز يا كهرمان؟" "انحيازك له" ابتسم جومالي "هل تغار" جلس الاخر بجواره "ولما الكذب! اغار، انظر اخترته هو من بيننا ليبقى معك وتركتني ،وانا كنت شريكك بكل شيء، الا يغار الاخران؟" ربت جومالي ع قدم كهرمان "اوف كهرمان! لست انحاز، لكن وضعه مختلف، انت لم تر منه الا الطرف الجيد، لم تراه مريضاً، ستفهم ان حصل ذلك، واتمنى حقاً ان لا ترى فارتولو" رد كهرمان "رأيت طرف فارتولو عدة مرات خاصة عندما كان محتجزاً عندي" "كما قلت، رأيت طرف فارتولو، فارتولو الحقيقي كان انهاك لما فعلته به، للان لم ترى الا صالح" نظر كهرمان الى اخيه "هل تأذى الى هذه الدرجة؟ يعني ان يصبح بشخصيتين؟" "لو تعرف كمية الصدمات والعنف التي تعرض لها هذا الفتى، انا استغرب احياناً طيبته وحنيته، من يمر بما مر به صالح غالباً ينتهي بهم الامر اما مجرمين، او مرضى نفسيين، ولا اقول اي نوع، النوع الذي تسمع به بالافلام والأخبار فقط"...
عودةًً للحفرة، يجلس ادريس الذي يكاد يبكي من شدة غضبه من حفيده، يستمع لما يرويه اكين له كيف كان يراقب عمه وكيف جمع الصور، حتى كيف عدل ع بعضها، قاصداً ايذائهم "كنتم تعاملوه وكأنه اتى من الجنة، كان قد قتل عمي كهرمان، وبالطرف الاخر انا كنت أفضل عمي كهرمان ع ابي حتى، لم اعي ان معاملتكم له بتلك الطريقة، سببها محاولة احتواءه، خاصةً انه كاد يفقد حياته لينقذ عمي جومالي" كان ادريس ينظر اليه بخيبة امل، ثم اشار لحادثة خطف صالح وياماش "ذات الشيء يا جدي، لذالما كنت تفرق بين ياماش عمجا عن ابي واعمامي، والان تفرق بينهم وبين عمي صالح، لكن انا لم اكن المفضل لاي احد منكم ابداً، كنت اغار، قيل لي احضرهم لايفسون، وانا فعلت" اشار ادريس لحادثة الفتيات "سلمتهم بيدك، هل يفرط المرء باخته يا هذا! هل انت عديم شرف الى هذه الدرجة؟" "لم يكن من المفترض ان يتأذي اي منهما، وعدوني انهم سيخيفونهن فقط، انا نادم جداً ع ذلك، ارى اكشن كثيراً بكوابيسي وهي تسألني (ما ذنبي) ذنبها ان ابن عمها عديم الخير لدرجة تعاقد مع ابليس لرمي عائلته في جهنم" يعرف ادريس ان الذي امامه نادم حقاً فاكمل بصوت ثابت "والحادثة الاخيرة؟ جن ياماش، كاد صالح يموت، ووضعت والدك بالسجن، زوروا وفاتي، لماذا؟ لماذا فعلت ذلك اكين! عقلي لا يستوعب" اجاب الاخر بخزي بينما بدأ يبكي قهراً ع حاله "حاولت ايقافهم لكن عبثاً، هددوني بكشفي، هددوني بكم، لم اعلم ماذا افعل، فجلست مكتوف اليدين اشاهد بطشهم بكم وبالعائلة، ع الاقل حاولت ابقاء الحفرة تحت سيطرة العائلة، احضرت المحامين لإخراج ابي وعمي جومالي من السجن، ظننا انك وعمي صالح قد... انت تعرف، بحثت عن عمي ياماش لكن لم اجده لا هو ولا ايفسون، التمساح اختفى، ويوجال كان قد هرب خارج البلاد... قُطعت يداي، تورطت معهم، وورطت العائلة، ليتني لم افعل، صدقني عندما اقول لو عاد فيي الزمن لم اكن سأفعل هذا، اعتذر منك بشدة يا جدي، لقد فرطت بكم جميعاً لاجل جشعي" كان ادريس ينظر اليه بعصبية، يريد قتله، لكن اكتفى بصفعه جعلت اذنه ترن "ستجمع اغراضك، وستخرج من الحفرة، ستذهب للمكان الذي انا اقوله، ولن تتحرك من هناك، لا تعتذر مني، بل من اعمامك، واختك، ستعتذر من كهرمان لتفريطك بابنته، ومن صالح لتفريطك بحياته ثلاث مرات، وياماش لذات الامر، ستعتذر من والدك لانك خذلته، لانك لم تتعلم منه، لانك لحقت طريقاً سلكها هو وندم بعد ذلك، ستعتذر من جومالي، لتفريطك بأخوته" اشار له ان يذهب من امامه الى حين يرسل له رجلاً يأخذه للمكان المطلوب، بينما اختنق ادريس وخرج يمشي بالحفرة عل ضيق صدره يختفي...
حل الصباح عليهم، ونهض ياماش يدور في البيت ودخل غرفة اخوته الاخرى ليجدها فارغة، وسرير كهرمان فارغ ايضاً، نظر من النافذة ليجدهم بالخارج، كل منهم يضع كرسياً بالمياه حيث كانت عميقة بطول شبر او اكثر قليلاً، جومالي يحمل ما يشبه الصنارة، وصالح يتمشى بالمياه بينما يعلو صوت جومالي "عد الى هنا يا كهرمان، لن تصطاد اي شيء بيدين عاريتين، وانت لا تدخل اكثر المياه باردة، من الافضل ان لا تبتل كثيراً وتمرض" رد عليه الآخر "حاضر آبي، شي هل اطلب ان يحضر الافطار الى هنا" "ستطلبه؟ يعني سيحضرونه الى هنا؟" سأل كهرمان ليرد صالح "اجل ويوجد تطبيق نطلب منه" "حقاً!" "ايفيت" "لتحضر شيئاً لنا اذاً" "تمام"...
"صباح الخير، يبدو ان شمس احدهم سطعت باكراً اليوم" قالها سليم وهو يقف خلفهم ليرد جومالي "بل ان شمسكم تأخرت" قاطعهم كهرمان الذي رشهم بالمياه جميعاً سوياً "هادي صالح اما تذهب وتحضر الطعام او تطلبه سأذوب من الجوع" ليتذمر الاخر "اوف كهرمان ماذا فعلت!" "لا تتذمر لان" دخل صالح الى داخل البيت فيما انضم الباقيين لكهرمان "ماذا تفعلون منذ الصباح آبي؟" سأل ياماش ليجيبه جومالي "والله المياه كان دافئة وراكدة مليئة بالاسماك، وضعت كرسي وجلست استمتع بالهواء الطلق لحقني صالح وجلس بجواري، كان المكان هادئاً وجميلاً حتى دخل حوت الى المياه" مشيراً لكهرمان "الله الله آبي، هل اصبحت حوتاً الان؟" "لان لم تتبقى سمكة واحدة هنا حتى بسببك" دخل سليم الذي اعطى هاتفه لجومالي "ليبقى هذا معك وانا سأصطاد الحوت" وما لبثت لحظات حتى انضم ياماش، وجومالي يراقب من مكانه، ويسبهم جميعاً ع تصرفاتهم الطفولية، مرت عدة دقائق ليعود صالح ومعه الطعام الذي وضعه ع الطاولة، "هيا لنأكل قبل ان يبرد الطعام" انتبه للمعركة القائمة بوسط البحيرة فاقترب منهم ليلاقي جومالي بالقرب من المياه "ماذا يحدث هناك؟" "مجموعة اطفال بل حيتان يتصارعون بالمياه" ضحك صالح ونوى الذهاب ليناديهم "لا تشاركهم والا والله اضربك" "يوك لا نية لي لكي ابتل" فصرخ جومالي عليهم ليعودو الى البيت...
بعد مرور يومين "هل سنجلس هنا طوال اليوم؟ الا يكفي اضعنا ثلاث ايام في ذات المكان؟" سأل كهرمان ليجيبه صالح "الى اين تنوي الذهاب؟" "ملهى ليلي او ما شابه" ليرد سليم "لازال طبعك ذاته! الخمور والنساء؟" "توبة توبة، هل تنعتني بالفاسق!" اكمل جومالي "وماذا تفرق عنه اساساً، كنت متزوجاً وكل ليلة تلهو مع امراة اخرى غير حلالك" تذمر الاخر "لكني اعزب الان، فأجل لنذهب لملهى" واكلم مخاطباً صالح "كم يبعد ذلك المكان؟" كان الاخر يتكلم مع ياماش فلم يسمع "صالح، اتكلم معك" التفت الاخر اليه "نصف ساعة" "كنت تسمعني اذاً" "اها" "لماذا لم جب اذاً؟" "والله لا شيء لافعله هناك" ضحك كهرمان مجيباً "الا تشرب؟ ثم النساء.." قاطعه جومالي "ممنوع من شرب الكحول" "لماذا؟" "كبده بالكاد يعمل، لن يخاطر بشرب شيء كهذا، ثم الفتى متزوج ولديه اطفال" "ها الامر كذلك اذاً؟" "ايفيت"...
بعد اصراره كثيراً، انتهى بهم الامر في ملهى ليلي كما اراد كهرمان، يحمل الخمر ويوزع بالكؤوس، وضع خمسة، ليوقفه ياماش عند الرابعة "صالح لن يشرب" كان الاخر قد شرد في هاتفه، يتراسل مع احدهم، ثم اكمل ياماش "المهم لن تحصل مشاجرة بالنهاية تمام؟" اجابه سليم "ادعوا ذلك"، لم تمر ساعة حتى وصلو حدهم، بينما يجلس صالح يراقبهم من بعيد، ولازال ع هاتفه، لم ينتبه لذلك الشجار الذي بدأ حتى علت اصواتهم، حاول ايقافهم، لكن انتهى به الامر بتلقي لكمة ع فمه اسقطته ارضاً، فاخرج سلاحاً غاضباً واطلق ثلاث رصاصات بالسقف وصرخ بهم "يتاار، ابتعدو عن بعضكم، بالضبط هكذا" ثم اتجه لاخوته واكمل صراخه بهم "هووو، يا أبناء كوشوفالي، يكفي **** وتحركو كال**** الى ال*** السيارة" دفع اخوته امامه والى السيارة، وسريعاً الى البيت، ابقاهم اربعتهم في ذات الغرفة ونام هو بالغرفة الاخرى وهو يتذمر من اخوة كهؤلاء، رن هاتفه ليجد والده، "ايفندم بابا" "كيف حالكم اولوم؟ لا اتصال ولا رسالة منذ ذهابكم" "الست انت من طردنا بابا؟" "لا تقلل ادب، اخبرني اين انتم؟ وماذا فعلتم؟" "في طرف اسطنبول امتلك كوخاً بتلك الارجاء، نبقى هناك" "من اين خرج هذا ايضاً؟" "اشتريته منذ سنوات" "الله الله! كل يومين يخرج لك عقار جديد؟" "يا بابا، كنت املك الكثير من الاموال، فثبتها بعقارات، ولازالت باسمي" "نيسه، اين اخوتك؟" "نائمون" "الان؟" "لا تسأل بابا، ذهبوا الى الملهى، وذهبت عقولهم ايضاً" "لم تشرب انت اليس كذلك؟" "يوك، ذهبت لاكون سائقهم فقط" ضحك ادريس واكمل "جيد، لا يوجد مشاكل او ما شباه" "يوك" "جيد، هيا تصبحون ع خير اذاً" "تصبح ع خير بابا" "انتبهو الى انفسكم" "تمام"اغلق ادريس الخط وهو ينظر لحفيده الذي يجمع اغراضه ليغادر الحفرة، لا يعرف هل كان قراراً صائباً ام ان له تبعات!، قرر ارسال اكين الى خارج الحفرة الى حين يخبر ابناءه ويحل الامر معهم، يعرف سيتعقد الامر، وستتعقد علاقة ابناءه بحفيده، لكن يجب ان يعلمو الحقيقة، لن يصفو الماء قبل ان يتعكر، اغلق النافذة وجلس ع سريره، يفكر بالحال الذي وصلت اليه عائلته...
اعتدلت شمس النهار التالي واستيقظ جومالي يشعر وكأن احدهم دهسه بشاحنه، رأسه يكاد ينفجر، والاسوأ رائحة الغرفة، نهض بتعب وفتح النافذة ودخل الحمام ليأخذ حماماً سريعاً، ثم اكمل طريقة ليخمر الشاي ويصنع القهوة لعل رأسه يعتدل قليلاً، اكمل طريقه الى غرفة صالح فلم يجده، عاد للصالة ليجده نائماً هناك بدون غطاء فاحضر غطاء ووضعه عليه "انت لا تنوي خيراً لنفسك اولوم!" همس فيما عاد ليوقظ الاخرين طرق الباب بقوة لكن لم يستيقظ اي منهم، حاول معهم بشكل شخصي لكن لا فائدة ايضاً، فاحضر دلواً من الماء ورماهم به ليستيقظو فزعين "هيا لتستحمو وتستيقظوا يكفيكم لهواً" وعاد لجوار صالح ليجده قد استيقظ ع صوته ايضاً "صباح الخير صالح" "صباح الخير آبي، بل مساء الخير، ما هذا النوم يا!" رد الاخر متذمراً "انت الذي تنام يا هذا" "يوك، انا نمت واستيقظت خرجت للمدينة وعدت احضرت طعاماً للافطار وتناولته ايضاً، تكلمت مع سعادات والاطفال، خمرت الشاي مرتين، ثم غفوت مجدداً واانا انتظر استيقاظ احدكم" ليجيب الاخر "الله الله، منذ متى اصبحت نشيطاً هكذا!" "بل انتم الكسالى آبي، الا يكفي سُكْركم مساء امس، وافتعلتم شجاراً ايضاً، بالكاد فرقتكم عن الجماعة واخذت حصتي (مشيراً لشفته المجروحة) بفضلكم، لان ما دخلي حتى أُضرب بسببكم! بالكاد خرجنا من هناك، ووضعتكم في غرفتكم، وانا نمت لوحدي، لأن رائحتكم لم تكن تطاق ياو" "لان صالح، ما هذا قلنا لك كلمة رددت بألف!"...
"والله سأموت من الجوع" كان ياماش واقفاً في باب الثلاجة يتذمر ليرد سليم "سيأتي اخوتي بعد قليل" "وما الفائدة، لن يحضروا شيئاً يؤكل، يعني سيعدون الطعام هنا" "وما الخطأ بذلك؟" "سأكون تحولت الى مومياء الى ان يحين ذلك الوقت" دخل صالح الذي جلس فرق طاولة المجلى "هل يجيدون طهي شيء؟ ام سننام بالمشفى؟" رد سليم "والله هذه علمها عند الله" "هما يتراهنان من يعد افضل عشاء ونحن سننتهي بتسمم طعام" طرق ياماش ع الطاولة "تفائلوا خيراً" قاطعهم دخول اخوتهم كل منهم يحمل كومة اكياس "انهض لاضع هذه مكانك" قالها كهرمان لصالح واكمل "لماذا تجلس هنا اساساً الا يوجد كراسي؟" لم يجب صالح ونهض متذمراً واكمل "يوجد كهرمان افندي، يوجد كواساي، اذاً بما قررتم تسميمنا؟" اجابه كهرمان "بالسمك، وهو سيعد اللحم" رفع صالح حاجبيه وغمز اخوته الباقيين "هل اطلب من التطبيق" ليرد عليه كهرمان "**** لتطبيقك هذا، اجلس جانباً حتى يجهز الطعام" "كما تريد يا سيد كهرمان لكن ان مرض احدنا ستبقى انت فوق رأسه" ليجيبه الاخر بغضب "اجلس جانباً واصمت يا هذا، لا ادب ولا احترام، الواحد يقول لاخيه الكبير آبي، ام ان تلك مخصصة لجومالي فقط؟" ضحك الاخر مجيباً "والله ناديته به عندما اثبت استحقاقه للقب" تدخل جومالي "لو رأيته عندما تعرفنا اول فترة، كان كالشوكة بالحلق، طويل اللسان وبدون تربية، يعني هو لازال كذلك لم يختلف كثيراً" "توبة يا ربي هل انت بصفي ام صفه آبي!" "صالح، يكفي ثرثرة، اذهب وانشغل بشيء اخر غيرنا" عبس الاخر وذهب لجوار ياماش الذي عاد ليشاهد فلماً اخر، بينما بقي سليم ليساعدهم...
خلال ساعة ونصف وضعت المائدة، سمك مقلي، و ع الطرف الاخر ع ما يبدو انو ستيك لحم "هل هذا صالح للاكل؟" سأل ياماش ليجيبه كهرمان "بالطبع" وبدأ بتوزيع الطعام في صحونهم، همس صالح لسليم "رائحة السمك قوية جداً" ليرد الاخر "ادعو الله ان لا نصاب بتسمم" "لا تتهامسا هناك" هتف كهرمان فيما تناولو طعامهم، "لما لم تنهي طعامك؟" اجابه صالح "لا احب السمك كثيراً" شكرهم ونهضوا عن طاولة الطعام، ليكمل الثلاثة الاصغر تنظيف المكان...
بدأت شمس ذلك النهار بالغروب، يجلس خمستهم بذات الغرفة، "هل انت بخير بابناولو؟" سأل صالح الذي ينظر لياماش بقلق، كان الاخر شاحباً، هز رأسه بلا، ونهض سريعاً الى دورة المياه وتقيأ جميع الطعام الذي تناوله، لحقه صالح قلقاً ع حاله "ياماش، هل انت بخير؟" غسل الاخر وجهه وخرج نظر لصالح مجيباً "يوك، اشعر وكأن الدنيا تدور" امسك به صالح واخذه لسريره وبقي بجواره، لم تلبث ساعة حتى ساء حال سليم وكهرمان بذات الاعراض، بقي صالح وجومالي ينظران لبعضهما "لا تقترب كثيراً صالح، ارجو ان لا يكون معدياً" "يوك آبي غالباً تسمم طعام، اساساً السمك لم يكن طعمه سليماً" اجابه كهرمان "كيف جزمت انو من السمك! ان كان كذلك ستمرض انت ايضاً" فرقهم جومالي "صالح أهدأ الان، لا داعي للشجار، والافضل ان تخرج من هذه الغرفة، وكهرمان محق ان كان من السمك، ستمرض انت ايضاً" "اولاً التسمم ليس معدياً، ثم ان كنت سأمرض لاحقاً لابقى بقربك" غمز اخيه وجلب كرسياً ليبقى بجواره، مرت الوقت وحل منتصف الليل ثلاثتهم نائمون وبوضع جيد، اذ لم يبدو اي اعراضٍ اخرى "هيا لننام نحن بالغرفة الاخرى، اتفقدهم لاحقاً"...
كان جومالي قد استغرب حال صالح الذي لم يظهر اعراض الى الان، فسأله "الا تشعر بغثيان او ما شابه؟" "قليلاً" اقترب منه ووضع يده جبينه "كالعادة اذاً" "ماذا؟" "تصاب بالحمى ثم تبدأ الاعراض" تنهد الاخر بملل، فيما جلس جومالي "يبدو انه لا يوجد نوم اليوم" "لتنام قليلاً كآبي، فالليلة غالباً طويلة" "اذاً انهض وخذ حماماً سريعاً اذاً، لنخفض حرارتك قليلاً"اجاب صالح طلبه وعاد خلال وقت قصير ليتام هو ايضاً...
استيقظ جومالي وكانت الساعة تعدت الرابعة فجراً، فنهض سريعاً وتفقد الاخر، حرارته مرتفعة، لم يوقظه واكتفى بتفقد الاخرين واحضر مياهاً فاترة الحرارة مع كمادات وبقي بجواره حتى حل الصباح وانخفضت حرارته قليلاً...
"جونايدين آبي" قالها كهرمان الذي دخل المطبخ لتوه، التفت اليه جومالي "هل انت بخير؟" ابتسم الاخر "جديد تماماً" اجابه الاخر "جيد، لانك تحتاج طاقتك لتبرر لابي فعلتك هذه، هيا لنجمع الاغراض، سنعود للحفرة" "ولم العجلة، سيكونون بخير عندما يستيقظون" "ليس الجميع بذات مناعتك يا بني، صالح مصاب بالحمى منذ مساء امس، بالكاد انخفضت قليلاً وسيحتاج الى المشفى غالباً، انا سأذهب لأوقظه وانت عليك سليم وياماش"، عاد جومالي الى غرفتهم، تفقد صالح وايقظه، فتح الاخر عيناه بتعب "آبي! لتتركني انام قليلاً" "يوك صالح، هيا انهض سنذهب من هنا بعد قليل، كما انك مصاب بالحمى" نهض بمساعدة جومالي وما ان استقام حتى اختل توازنه فامسكه جومالي "اتشعر بالدوار؟" "جداً" "تمام امسك بي جيداً لنصل للغرفة الاخرى" وضعه ع الاريكة "ع مهلك" ورفع قدميه ع وساده فوق مستوى جسده، دخل ياماش للغرفة وهو لازال شاحباً "هل انت بخير بيبي؟" "يوك آبي، الغثيان لا ينتهي وصداع" "ابقي عينك ع صالح وضعه ليس جيداً، سنعود للحفرة بعد قليل"، تركهم واتجه لحيث كهرمان "من اين احضرت هذا الشيء اساساً؟ او حتى كيف اعددته! انظر مرضتم جميعاً سوياً" "وهل كنت اعلم عندما احضرته؟ واساساً هل نحن متأكدون انه من السمك! قد يكون بسبب شيء اخر" "مثل ماذا عجباً!" "لا اعرف لكن لا تحملني المسؤولية الان!" "اوف كهرمان، لازلت بذات العناد" "ع اساس انك تغيرت! فقط ازدت عمراً" "ماذا تعني يا هذا!" "اترك ياقتي، وان مرضوا ماذا يعني؟ كما ترى مرضت انا يومًا وخرجت بصحة ممتازة" "ليس الجميع مثلك، انظر لا طاقة لديهم، جميعهم، لم انم الليلة وانا كل فترة واخرى اتفقد احدكم" قاطعهم سليم "آبي" "ايفندم تشوجوك؟" "انهما مصابان بالحمى" "كلاهما؟" ليكمل كهرمان "ليس بالسوء الذي تصفانه" اكمل سليم "لتتفقدهم ثم احكم، صالح يحترق" لم يصدق كهرمان فهو لازال يظن انهم يبالغون في خوفهم، دخل وتفقد ياماش، حمى طبيعية، جسده دافئ، نظر لجومالي "سيكون بخير، ليس بهذا السوء" اشار له جومالي ليتفقد الاخر الذي غفى مجدداً ع الاريكة، وضع باطن يده ع جبهة اخيه، بدى القلق ع وجهه فاكمل واضعاً يده داخل قميص الاخر "ص صالح! اولوم هيا استيقظ" فزع كهرمان ع حال صالح ونظر لجومالي بذعر ليرد الاخر "هل فهمت لما نقلق عليه كثيراً! هيا ايقظه واجلبه للسيارة مع ياماش، انا سآخذهم للمشفى وانتم ستعودون للحفرة، ستشرح الامر لابي، وليأتي للمشفى هو ايضاً".. جلس كهرمان بالقرب من صالح ومسح ع رأسه "صالح هيا سنذهب" نهض الاخر بتعب، لم يقوى ع الوقوف بمفرده، بل استند ع اخيه في طريقه للسيارة...
"لماذا انتما لوحدكما! اين الباقين؟" سأل ادريس عندما دخل كهرمان وسليم الى البيت ورأى اثنين من اصل خمسة، تلعثم كهرمان بالكلام ونظر لوالده "شي، بابا، يعني، لم اقصد ذلك، لكن حصل ما حصل" رد ادريس الذي بدأ يقلق "ماذا حصل يا كهرمان!" روى الاخر ما حدث لوالده لينظر الاخر له بغضب "جومالي معهم؟" "اجل" "جيد، ليبقينا ع اطلاع، وانتما، ستذهبان لبورصة، سنقيم عرس كاراجا في نهاية الشهر، اعطيت خبراً للجماعة، انظروا ان كانوا يحتاجون الى شيء ما.." "حاضر" بالكاد رتبوا امورهم وخرجو الى طريقهم..
يقف امام باب ذلك المشفى مجدداً، حقاً اصبح يزور هذا المكان كثيراً، دخل واتجه للغرفة التي وصفها له جومالي، يجد اكبر ابناءه يناظر من النافذة، اصغر ابناءه في اسرة المشفى "كيف حالهم؟" التفت جومالي لادريس "بابا! متى اتيت؟" "الان" اكمل جومالي "حسب نتائج فحصهم يفترض انهما سيكونان بخير، اعطوهم علاجاً وننتظر تأثيرة، لكن شي صالح.." كلن ادريس قد تفقد ياماش ويضع يده ع رأس الاخر ليكمل جملة جومالي "حرارته مرتفعه" "ايفيت بابا، عندما وصلنا كانت فوق الاربعين، اساساً من شدة ارتفاعها لم يقوى ع الوقوف بمفرده" اومئ ادريس برأسه "شعرت بذلك، الا يوجد اعراض اخرى؟" "اعراض تسمم طعام" "هل رآه طبيبه؟" "يوك، اندريا ليس هنا، لقد سافر لحضور مؤتمر او ما شابه" "هل قلت لهم عن الادوية التي يأخذها؟" "اجل فعلت" "لتغير هذه المياه اذاً" جلس ادريس بالقرب من صالح رفع اطراف قميصة ووضع يده ع جبهة ابنه وهو يعيد ويكرر ذات الجملة "يا شافي" جلس جومالي ع طرف سرير ياماش وهو يراقب ابيه، يعني باضعفهم، يغير الكمادات كل بضعة دقائق، يتمتم بذات الادعية التي كانت امه تقرأها وهي تجلس بجوارهم في طفولتهم، كم يكره رؤيته قليل الحيلة هكذا، يتمتم بصوت خافت "ما كان يجب ان اتركه يأكل من شيء لا نعلم ما هو" ثم اكمل "لم يأكل نصفها حتى" ابتسم ادريس بل ضحك "وانت نسيت كم ان كهرمان فاشل في صنع الطعام!" "انا لم المسه حتى" "لهذا لم تتأثر؟ اساساً بماذا سممهم هكذا!" "سمك غريب، لم اراه في حياتي ابداً"...
استيقظ ياماش بعد مرور ساعات قليلة وكأن شيئاً لم يحصل "آبي كم مر ع وجودنا هنا؟" "عدة ساعات" "حقاً!" "هل انت بخير يا بني؟" سأل ادريس الذي تنقل بين ابناءه لساعات وطلب من جومالي العودة الى البيت لكن الاخر رفض ذلك، رد ياماش "أفضل الحمدالله" نظر لصالح واكمل "لم يتحسن؟" رد ادريس مطمئناً اياه "بدأ يتحسن" رد ياماش "الحمدالله" وسأله جومالي "اذاً بيبي ما رأيك بما حصل؟" رفع نظره لاخيه "انا جائع جداً آبي، هلا احضرت شيئاً لنأكله" "يوجد طعام المشفى" "يوك، اريد شيئاً لذيذاً، ودسماً حتى" ضحك ادريس مجيباً "ع مهلك يا بني، لتعالج معدتك ثم تأكل ما تريد"...
قاربت الساعة منتصف الليل، فتح كحيل العين عيناه اخيراً، كان وكأن الزمن توقف به، لا يعي ما يحصل نظر حوله ليجد اباه يجلس بجواره، وصوت جومالي وياماش يملئ المكان، احس بابرة المصل بيده، فتأكد انه بالمشفى، ليس شيئاً لا يعرفه ام لم يجربه، بل اصبح خبرة قد يكتبه في سيرته الذاتية، "ماذا حصل؟" سأل بصوت مبحوح وكأنه كان يشكو من حالته، "هل مرضت مجدداً!" اكمل سؤاله ليجيبه جومالي "هذه المرة ليس ذنبك، بل ذنب كهرمان" ابتسم والده واكمل "كيف تشعر الان؟" "متعب، وكأني كنت اركض في ماراثون" رد جومالي "٢٤ ساعة متواصلة من الحمى تفعل ذلك بالمرء" نظر لاخيه باستغراب وسأل "كم الساعة اساساً!" "تقريباً منتصف الليل" "هل نمت كل تلك المدة!" "ايفيت" قاطعهم دخول كهرمان وسليم للغرفة فسألهم ادريس "هل عدتم بهذه السرعة؟" "ايفيت، الجماعة قاموا بتحضير كل شيء اساساً" اجاب سليم فيما توجه كهرمان لصالح وتفقد جبينه ليبعد الاخر يده "ياو جبهتي ليست ممتلكاً عاماً من يمر منكم يضع يده علي" نظر كهرمان لجومالي "لازال ساخناً" اجابه ادريس "بدأ يتحسن قبل مدة قصيرة اساساً استيقظ قبل عدة دقائق" اعاد نظره لاخيه "اعتذر، لم اقصد حدوث هذا" "لست الومك اساساً، لكن حقاً لا تدخل المطبخ مجدداً، تصنع سماً لا طعاماً، كان ذلك يشبه كل شيء الا الطعام" "هل كان بذلك السوء!" "اكلت لقمة ولم استطع بلعها" نظر له كهرمان "حصل كل هذا من لقمة، ما الحال لو انك اكلتها كاملة مثلنا!" "لربما لحقت والدتي" ضربه ادريس ع يده "قل خيراً او اصمت صالح" رد ياماش "اساساً انت لا تموت بهذه السهولة، يعني لم يبقى شيء لم تجربه، اصابات وامراض والان تسمم، بقي الغرق وان شاء الله لا يحصل هذا ايضاً" اكمل سليم "تعرف السباحة اليس كذلك؟" "ايفيت" "اذاً لا خوف عليه" تسائل كهرمان "هل كنت طوال حياتك هكذا؟ يعني مغناطيس رصاص ومصائب؟" ابتسم الاخر "يوك، فقط منذ اخذنا الحفرة من يدي ابي" رفع ادريس حاجبيه "حقاً! هل كنت انا من روى قصة نجاته من انفجار لغم تحت قدمي؟" "ماذا!" هتف كهرمان ليجيبه صالح "قصة طويلة" اكمل جومالي "لترويها له، لانه سيبقى هنا الليلة بجوارك" "يوك، لن ابقى هنا الليلة! ما هذا ياو لو انجرح اصبعي سيبقونني هنا لايام!" دخلت الممرضة وهي تحمل الملف واعطته لياماش "هذا تقرير خروجك، وهذه ادويتك، استمر عليها لخمس ايام" واتجهت الى صالح "اعطني يدك لاقيس ضغطك" "الا يوجد لي تقرير خروج؟" "يوك سنجري فحص دم لك غداً وتبعاً لنتيجته سيقرر الطبيب خروجك من عدمه" تأفأف الاخر ورمي رأسه للخلف، سأل كهرمان الذي يشعر بالذنب كونه السبب بحالة اخيه وادخاله المشفى "كيف وضعه؟" "جيد لكن حرارته لم تنخفض تماماً بعد، سأُحضر دواءه بعد قليل" تبادلو النظرات جميعاً فور خروجها ليكمل جومالي مخاطباً كهرمان "هيا اذاً لنذهب الى البيت وانت تبقى بجواره" الا ان ادريس اوقفه وطلب منهم البقاء قليلاً "سأحدثكم عن شيء اكتشفته قبل ارسالكم من الحفرة، لكن ستهدأون، لن تتصرفوا من رأسكم خاصة انتم لانكم تأذيتم اكثر من غيركم (مشيراً لكهرمان ياماش وصالح)، كان هناك يد للتمساح ويوجال وايفسون بيننا للاسف" التفت الجميع اليه لكنه اكمل دون ان يسمع اسئلتهم "كان اكين" اكمل شرحه حادثة تلو الاخرى، حتى انهى كلامه "انه نادم جداً، انا ارسلته خارج الحفرة، بل نقل عاقبته، يوجد لي صديق في قرية بعيدة سيعمل عليه قليلاً، سيكسر كبرياءه..."
في طرف الدولة وفي حظيرة للابقار، ينام ذلك الفتى، في سقفية الحظيرة، غطاء قديم، سرير متهالك، لا يوجد هاتف ولا يوجد تغطية، دواءه يصله، ويتناول طعامه مع الموظفين الاخرين، يعمل ١٦ ساعة وينام ٦ ساعات، ساعتين للاكل والراحة مقسمات ع طوال اليوم، يرعى الحيوانات ويزرع الحقول، ينظف الاسطبلات مني قاذورات الحيوانات، هذه حياته الان، لكن ستتغير لاحقاً، ربما للاسوأ او الافضل، من يدري...