دوامة القلق، لربما تكون قد تغلبت على تعب جسدك بالاسترخاء، وعلى تعامل عقلك الشرطي مع الفراش ببعض الاستراتيجيات التي تشير بانه مكان الراحة، وفجأةً تظهر لك مشكلة جديدة، ألا وهي القلق! الذي غالباً ما يكون نتاج يدك، فهناك نوع من الناس يجلب القلق إلى نفسه قبل النوم، نعم! يؤذي نفسه بنفسه، فما إن يأوي إلى فراشه حتى يقوم بعملية استعادة لكل أحداث حياته السيئة، الماضي منها والحاضر والمستقبل، فيضيع النوم وتقل كفاءته وقد لا يهدأ العقل أبدًا، وعلاج هذا أن تركز على اللحظة الحالية فقط، لحظة الهدوء والاسترخاء والنوم حتى تتشتت تلك الأفكار هاربة من باب الغرفة!
نعيد ونكرر ان اعادة الفكرة في رأسك مراراً وتكراراً، خاصة الاافكار سامة حول ما حدث وما قد يحدث وما سوف يحدث، ستغرق في دوامة افكار لا توصلك الى اي مكان فقط تدور حول نفسك بلا هدف، فنحن نموت من الإفراط في التفكير. ونقتل أنفسنا ببطء من خلال التفكير في كل شيء. يفكر. وتفكر. وأفكر. لهذا لا يمكنك أبدًا الوثوق بالعقل البشري على أي حال. إنه فخ موت. لا تتعمق كثيرًا ولا تدقق في تفاصيل التفاصيل، فهذا ما يؤدي إلى الإفراط في التفكير ، والتفكير المفرط يؤدي إلى مشاكل لا وجود لها في المقام الأول.
انطلقت صافرة سيارة الشرطة معلنةً ابتعادها عن المنزل، فيما رن هاتف صالح باشعار رسالة، اتسعت عيناه عندما قرأ ما حملته في مضمونها، اغلق الهاتف وشرد لا يعي ما يحصل حوله، حتى دفعه احدهم جانباً، ليغلق الباب فيما لازال هو يفكر بمضمون تلك الرسالة (حبل مشنقته في يدي، ان تكلمت عن اتفاقنا بحرف واحد اسحب مشنقته، وان قررت التزام الصمت، فستتناولان طعام الغداء سويةً غداً) "صالح هيا لندخل" اعاده سليم الى عالمهم "ما بك صالح؟" نظر الاخر الى سليم "لماذا اخذوا جومالي آبي؟" ربت سليم على كتفه "لا اعرف، سنكتشف بالنهاية، هيا لتصعد لغرفتك وترتاح قليلاً" الا ان الاخر لم يحرك ساكناً "لنذهب ونرى ماذا يريدون منه" ومد يده يفتح الباب ليغلقه سليم "ساليه، الم تسمع ما قاله ابي، لن تلحق بهم، سترتاح حتى تستطيع التعافي" دفعه ليمشي امامه واكمل "هيا لتصعد لغرفتك وترتاح، خرجت حديثاً من المشفى" كان الاخر مشتتاً بين الرسالة التي وصلته، وبين ما حدث للتو، لم يعي حتى ما تفاصيل ما حدث، تتشتت افكاره بين وصول الشرطة وذهابها، وحتى اغلاق سليم الباب امامه، لا يتذكر ما حدث بالضبط، وصولاً الى غرفته حين توقف والتفت الى سليم "الا يجب ان نذهب نحن ايضاً؟" "وبماذا سنفيد نحن هناك! وجودك هنا افضل، حتى لا يقلقوا عليك انت ايضاً، اساساً ذهب كل من ابي وكهرمان وياماش، عددهم يكفي، هيا ادخل ولتحاول ان تنام قليلاً، لا تقلق عليه، فهو سيكون بخير، غالباً سوء تفاهم او ما شابه" دفعه لداخل غرفته فيما اشار لسعادات "ليأخذ دواءه ولينام، لا نقلق عليه ايضاً" اومئت الاخرى بالموافقة، جلست بجواره على طرف السرير "ما بك صالح؟ وكأنك ترى كابوساً!" تلعثم الاخر مجيباً "يوك بشي، فقط متعب قليلاً" ونهض لدورة المياه، ليختلي بنفسه قليلاً، رفع هاتفه على اشعارٍ اخر (صورة اخوته ووالده يتجادلون مع الشرطي الذي اعتقل جومالي، وصور لجومالي في سجن تلك النظارة) وتلاها كلام [لا ثأر لي معك، ثأري معهم، فلا تغيير الخطة، وإلا...] واشعار ثالث [ارواحهم بيدك] شرد صالح للحظة وضحك فيما ارتجفت يده، اخذ نفساً عميقاً فيما نظر لنفسه بالمرآة محدثاً ذاته "من انت حتى تهددني هكذا! من تظن نفسك!، سأنهيك.." يتمتم مع نفسه فيما يغسل وجهه، ليضيء الهاتف مجدداً باشعار اخر (انتظر ردك!) فاجاب برسالة واحدة (لك ما تريد) وغسل وجهه بماء بارد فيما ارجفت يديه توتراً، ونظر لوجهه في المرآة جيداً قبل ان ينطق "ماذا حدث لك فارتولو! اصبح القوي والضعيف يتطاول عليك، لتضع خطة تضمن سلامة الجميع" عاد الى غرفته ومد جسده على سريره فيما اخذ ادويته من يد زوجته "ما بالك؟" نظر الاخر لها بابتسامة دافئة مجيباً "لا شيء، فقط القليل من الامور العالقة التي لانستطيع حلها الان، كما ترين" "ستجد حلاً، من المؤكد ذلك، لكن يجب ان تكون بكامل قوتك، هيا لتحاول النوم الان وغداً يوم جديد ستجد جوابك من خلاله، وانا سأنيم الاولاد" اومئ الاخر فيما طلب ان تغلق الباب خلفها وغرق في عالمه، يحاول السيطرة على افكاره...
في ذات الوقت وفي مركز الشرطة "ما تهمته!" سأل ادريس ليلاقيه جواب من ضابط الشرطة "جريمة قتل من الدرجة الاولى" ليلاقيه جواب من كهرمان "اي جريمة قتل!" "شابة في السادس والعشرين من عمرها، اعتدي عليها وقتلت ورميت في طرف الغابة، وجدنا حمضه النووي تحت اظافرها" ليتدخل ياماش "م ماذا!" صمت للحظة ونطق "متى! واين!" " قبل ثلاث ايام" شرد ياماش للحظة واكمل مجيباً "مستحيل، كان بالمشفى طوال ذلك اليوم، وتستطيع التأكد من ذلك" اومئ الشرطي مجيباً بكل برود "سنكمل التحقيقات ونرى ما يخرج معنا" واكمل بنبرة تستحقرهم "هيا الى الخارج، انتهى وقت الزيارات" ليصرخ به كهرمان مجيباً "لان من انت لتطردنا هكذا! ثم لم نرى اخي بعد، لا يحق لك ذلك" ليجيبه الاخر باستفزاز "بل من انت لتتأمر علي! مجرد مهرب ***" انهى جملته ليستقبل لكمةً من كهرمان، الذي انتهى به المطاف تلك الليلة بجوار أخيه جومالي، في سجن النظارة، "لاان ماذا تفعل هنا!" هتف جومالي عندما رأى اخاه يدخل الزنزانة بجواره "خشيت ان تخاف من البقاء وحدك" ادار جومالي عينيه جانباً بغضب "حسبي الله ونعم الوكيل!" واعاد كلامه لكهرمان وهو يضغط على فكيه "اولوم تكلم مثل البشر قبل ان اجعل منك تمثالاً يضرب به المثل" ابتلع الاخر ريقة قبل ان يجيب "لقد ضربت الشرطي" "نييه!" ابتعد الاخر عن الطرف المشترك في الزنزانة "هذا ما حدث، وشي يتهمونك بجريمة قتل" ليمسح الاخر على وجهه "قتل من؟" ابتسم كهرمان مجيباً "شابة في مقبل العمر" "نيه! ومتى قتلتها؟" "في ذات اليوم الذي بقيت فيه بجوار صالح، وقتلتها في مدينة اخرى" "توبة يا ربي! وما صلتي انا بالموضوع!" "وجدوا حمضك النووي تحت اظافر الضحية" نظر جومالي بعدم فهم ليأتيه جواب من الاخر "حتى انا لا افهم كيف حدث ذلك" اعتدل الاخر في جلسته "لم يلحق بكم صالح اليس كذلك؟" "يوك، تركناه مع سليم، ان شاء الله لا يرتكب حماقة من حماقاته" ابتسم واكمل "هذا الفتى كسر ارقام ياماش القياسية في مخالفة الكلام" ليجيبه الاكبر "لكن داخله نظيف، مجنون بل معتوه، يعني جميعنا مجانين" تنهد مكملاً "والاقل حظاً، نيسيه، هيا لتصمت اريد ان انام قليلاً" اعتدل على ذلك الكرسي الحديدي ماداً جسده لينام قليلاً، عودةً الى البيت، جال ادريس في انحاء البيت متفقداً افراد عائلته، "ماذا حصل؟" هتف سليم الذي خرج على صوت حركة ابيه الذي اجاب ساخراً "تركنا كهرمان بجواره وعدنا الى البيت" "ماذا!" "كما سمعت، لقد لكم شرطياً هناك" "يوك ارتك!" "هذا ما حصل، اين ذهب اخوك؟" "نائم، كان يريد اللحاق بكم لكن لم نسمح له" "احسنت صنعاً، هيا الى غرفتك انت ايضاً وانا سأمر عليه" اومئ سليم فيما دخل ادريس لغرفة صالح بهدوء، جلس بجواره على طرف السرير، عدل غطاءه واقترب ماسحاً على رأسه وانسحب بهدوء آملاً ان لا يوقظه...
فتح عينيه في تمام السادسة صباحًا، على رجة هاتفه بجوار رأسه (حللت مشكلة اخيك الكبير، لتستقبله بالاحضان خلال ساعات) فرك وجهه فيما اعتدل جالساً، نظر حوله ليجد سعادات نائمة بجواره فانسحب بهدوء من الغرفة، البيت هادئ وخارجه اكثر هدوءً فقط تسمع اصوات العصافير، كان الضوء قد بدأ يشق طريقه الى داخل الغرفة، غسل وجهه بماء بارد، عل رجفة يديه تهدأ، لكن لا جدوى، فاخذ هاتفه وكاد يخرج من البيت، الا انه تذكر كلام ابيه والطبيب حين طُلب منه الا يخرج من البيت، فلم يرد ان يقلق اي منهم، بكفيهم ما فيهم، وما مروا به، قادته قدماه الى شرفة المنزل، يقف على طرف الشرفة شارداً فيما تدور دوامات افكار برأسه، كان يشعر بتسارع نبضات قلبه، اخذ نفساً عميقاً واكمل يحاول تهدئة روحه، حتى لا يصاب بنوبة هلع اخرى "سيمضي، سيمضي، سينتهي الامر بك وحيداً مجدداً لكنه سيمضي" ضم كفيه على بعضهما فيما اخذ نفساً عميقاً متبوعاً بزفير طويل عله يهدء اشتعال قلبه قليلاً، ثم جلس ارضاً ينظم تنفسه فيما يعيد وضع خطته، يفكر بماذا سيخبر اخوته، كيف لن يشعرهم بانه جزء من خطة اكبر، يتمتم بصوت خافت "كهرمان لن يفهم، لكن كيف سيتصرف البقية يا ترى! هل استطيع حل الامر وحدي! ومن سأقحم في هذا الامر معي ولن يكون من اهل البيت او الحي؟" يجلس وحيداً على شرفة المنزل يحدق في شاشة هاتفه، يبحث ان ارقام اصدقاء قدامى لكن لا جدوى...
قاطعه صوت خطوات احدهم في ما كان يحمل معه كأسين من الشاي الساخن "الجو بارد هنا قد تمرض مجدداً باباناولو" "ياماش!" اومئ الاخر فيما جلس ارضاً بجوار ابن ابيه "ماذا يجول في رأسك! اين كنت شارداً! وما الذي ايقظك منذ الصباح الباكر" نظر الاخر لابن ابيه "لا يوجد شيء، فقط تبعات المرض" التفت ياماش اليه "ممكن، لكن بك شيء ما" همهم الاخر ليغير الموضوع "ما الذي ايقظك انت ايضاً! وكم الساعة؟" رد الاخر ساخراً "اياز، كالعادة يعني لا اعرف متى سيكبر ويكف عن البكاء، وانت كنت تحدق بهاتفك لساعات، الم ترى كم الساعة! انها قرابة الثامنة الآن" نهض الاخر من مكانه "هيا لنذهب ونرى جومالي آبي" الا ان الاخر بقي مكانه "يوك لن تتحرك انت من هذا البيت" التفت الاخر اليه وعلامات الانزعاج واضحة على وجهه ليكمل ياماش "اساساً ذهب سليم ليجلبه هو وكهرمان آبي، تبين ان هناك لبس بالادلة الجنائية ولا دخل له.." تنهد الاخر بارتياح فيما رغرغت عينيه بالدموع "الحمدلله" اقترب ياماش مبتسماً ممازحاً "يا ليت هناك من يحبنا كحبكم لبعضكم، تخيل لو انك كبرت بيننا، وكنت مفضله منذ البداية، لربما كنا سنكرهك بلا سبب هكذا، من الغيرة فقط، (اكمل ممازحاً) من الجيد انك لم تكبر بيننا" نظر صالح لياماش بغير اعجاب "لان اولوم، ليكن هناك عيار للسانك، ان لم يعجبك الامر اذهب ها!، قال من الجيد اني عشت طفولتي بين الضباع والوحوش فيما تقلب هو من سريره الى العابه، فكر قبل ان تتكلم" نظر ياماش له حين ايقن انه اساء اختيار كلماته "شي، اعتذر لم اقصد.." لكن الاخر تجاهله ودخل الى البيت "يا بابناولو ام اقصد ما قلته، يا ساليه..." دخلا ولقيهم ادريس "كيف حالك اليوم اولوم؟" "بخير" قاطع طريقهم دخول جومالي برفقة كهرمان وخلفهم سليم "اهلاً بعودتكم يا سادة كيف كانت استضافتكم!" هتف ياماش ليكمل صالح "هل وجدتم طريق البيت اخيراً!" رد جومالي "لما تركتم هذا ال*** معي في النظارة!" "لم نتركه بارادتنا" رد سليم بهدوء ليكمل ادريس الذي اشار لهم الى طاولة الافطار "المهم انكما بخير الان، ولا تطيلوا كثيراً" كانت المائدة قد املئت بكافة اصناف الطعام "صالح، تعال الى هنا واجلس بجواري لارى" ابتسم الاخر ملبياً طلب اخيه جالساً بجواره، ليقسم الاخر من ما امامه على اخوته، "كيف حالك اليوم؟" ابتسم الاخر مجيباً "بخير، لا تقلق" "جيد، اذاً اخبرني ماذا اراد منك ذلك ال*** اكوبين!" نظر الاخر الى جومالي فيما ابتلع ريقه "لنتكلم لاحقاً في ذلك، ليس امام الاطفال والنساء" رد سليم "صالح محق آبي، لنتحدث في مكتب ابي بعد قليل" "تمام، هيا لتأكل جيداً حتى تستعيد عافيتك" ابتسم الاخر بدون رد، فيما عاد لدوامة افكاره مجدداً...
لاحقاً ، "اييه اذاً، ماذا طلب ذلك ال*** منك؟" سأل جومالي لحظة دخولهم الى مكتب والدهم ليكمل ادريس "اجلس وحدثنا عما حدث تلك الليلة" جلس الاخر مقابل ابيه وشرد للحظة، يرتب كلامه، وابتسم بسخرية ناطقاً "يريد ان ينتقم منكم، ان يقلبني عليكم، يعني اكون في صفه، انقل له ما يحدث واساعده، والا يقتل الجميع" ضحك ياماش مجيباً "نيه! ماذا يهذي هذا" رفع الاخر كتفيه مجيباً "هذا ما قاله والله" مسح جومالي على وجهه "وبماذا اجبته!" "لم اوافق طبعاً" ليكمل ادريس "وكيف تركك وذهب؟" "اخر ما قاله هو (امامك ثلاثة ايام بعد شفاءك، ستعطيني خبراً والا ترى نتيجة اختيارك) واليوم هو الثاني اساساً" صمت للحظة واكمل مشيراً لاخيه الاكبر "غالباً له يد في اعتقالك" "كيف شكله؟" سأل ياماش ليجيبه الاخر "اكبر من جومالي آبي بعامين او ثلاثة، كان يرتدي قناعاً فلم ارى وجهه وكان يرتدي قفازات في يديه، لكن رأيت ندبةً على جانب عنقه" ليكمل كهرمان متسائلاً "الم تعرف لماذا قرر الانقام منا؟ يعني ما السبب" "قال انكم قتلتكم عائلته، وحرمتموه من امه، التي لا تزال على قيد الحياة، لكن لم يخبرني بتفاصيل ما حدث بالضبط" رد كهرمان "فهمت، هيا عن اذنكم اذاً انا سأخرج" رد عليه ادريس "الى اين؟" "الم يتصل بي طبيب امي امس، ورتبنا لقاءً لليوم، هيا اراكم عند عودتي" نظر صالح لاخيه فيما ابتلع حسرته واكمل "لنخرج الى الحي نحن ايضاً" رد جومالي "الى اين حباً بالله انت لن تخرج من بوابة المنزل" "لماذا يا ترى!" "متى خرجت من المشفى؟" "امس" "هل انهيت ادويتك؟" "ليس بعد" "اذا لن تخرج" تنهد الاخر متذمراً ونهض "حسناً اذا انا في غرفتي" تركهم وذهب ليجلس جومالي امام والده قائلاً "سيختنق هذا اذا بقي محبوساً هنا" ليجيب الاخر "ليتعافى ويفعل ما يريد، لينهي علاجه" نهض مشيراً لجومالي "لتبقى انت بالبيت، والباقي ليجد كل منكما عملاً ليفعله" سحب مسبحته وخرج الى الحي...
كانت قد خطت قدماه اغلب ازقة حيه، قبل ان تقوده الى ذلك الكوخ الخشبي بقرب المياه، يقف شامخاً يتصنع القوة، عاقد اليدين خلف ظهره، ووجهه الى المياه الراكدة "امجا" "صباح الخير عليشو" هتف الاخر بنبرة طفوليه وبعينان تلمعان "اهلا امجا، تفضل اجلس" جلس ادريس على ذلك الكرسي المهترء ورمى ظهره للخلف فيما شرد في تلك المياه مجدداً "امجا تفضل يوجد شاي" هتف عليشو فيما كان يحمل كأساً من الشاي وجلس على الكرسي بجوار ادريس ونطق بعد مرور ربع ساعة من صمت مدقع "هل هناك شيء استطيع مساعدتك به؟" اومئ ادريس برأسه "يوجد" وبدأ بشرح كل ما يعرفه عن اكوبين عل الاخر يجد شيئاً ما...
في منشأة على طرف المدينة، ركن كهرمان سيارته، واتجه الى مكتب الطبيب، تماماً كما اتفق معه، طرق الباب راداً السلام ودخل وهو يناظر الطبيب باستغراب، وبعد تبادل العديد من الاحاديث قرر الدخول في زبدة الموضوع "تم تشخيص والدتك بالوسواس القهري، من نوع الكره او الهوس بشخص معين، بالاضافة الى طبيعة الشخصية النرجسية" اكمل شرحة لحظة استيعابه ان كهرمان لم يفهم عليه "شخصية تظن انها دائماً على صواب، ولا تخطئ، وايضاً تحب والدتك لعب دور الضحية، وهذا احدى خصال الشخصية النرجسية ايضاً، فهي فقط الضحية وعلى صواب دائماً" شرد كهرمان قليلاً قبل ان يسأل "وما الحل اذاً؟" "جلسات علاج سلوكي مع اخصائيين وادوية لعل ذلك يأتي معها بفائدة، وانا افضل ان تبقى بذات البيئة مع المسبب للوسواس، طبعاً حسب ما فهمت فهو ابن زوجها من علاقة خارج نطاق الزواج" "اجل، لكنها حاولت ان تؤذيه عندما كانا يتواجدان في ذات البيت" "اعرف شرح لي اخوتك هذا، لهذا سيبقى احد ما بجوارها طوال الوقت، حتى لا ترتكب حماقة بحقه" صمت قليلاً واكمل "بالنهاية هو مجرد اقتراح فقط، ولا اجبرك على شيء، ان تعود الى البيت، وتستكمل علاجها هنا وهناك" تأتأ كهرمان قليلاً قبل ان يستجمع كلماته ليكمل "لا اعرف، دعني استشير اخوتي وابي، وصاحب الشأن ونرى، يعني بنهاية الامر نحن نريد ان نضمن سلامة كلاهما" اومئ الطبيب ورد بهدوء "على راحتك، انا طرحت اقتراحي، وسأنتظر منك جواب، سواء بالرفض او القبول" نظر الطبيب لساعته واعتذر طالباً من كهرمان الخروج، فيما انطلق الاخر الى غرفة والدته، كان يريد زيارتها ليجدها نائمة، فانسحب بهدوء..
في البيت، وبعد ان حلت ساعات العصر، وبدأت الشمس تنسحب الى طرف السماء، طرق جومالي باب اخيه ودخل بهدوء، كانت النساء قد خرجن برفقة الاطفال الى الحديقة وبقي كلاهما في البيت فقط، دخل ليلتقي بصالح الذي خرج لتوه من دورة المياه، ليسمع جومالي يتذمر "لان اولوم قلنا لك لتبقى في البيت، لا ان تعزل نفسك في غرفتك" لم يجب الاخر يل اكتفى بالعودة الى فراشه وتحت الغطاء، اقترب الاخر منه وجلس على طرف السرير "ما بالك!" رد الاخر بتعب "متعب قليلاً فقط، لارتاح وسيمضي" ارتسم القلق على وجه الاكبر "لان ساليه.. ما حالك هذه! كنت بخير صباحاً" حاول الاصغر ان يطمئن كبيره "حقاً لا شيء فقط معدتي تعكرت قليلاً، ربما من طعام الافطار" "غثيان؟" اومئ الاخر ليكمل جومالي "قيء؟" "اها" "حمى؟ انتظر يوجد ميزان حرارة هنا في مكان ما" لحظات واكمل "سأتصل باندريا" "يا آبي لا تكبر الموضوع" "لا تتدخل، ان بقي الامر عليك، ندفنك خلال اسبوع" عبس الاخر ونظر لاخيه الذي انهى مكالمته عبر الهاتف وهتف "لن اقتل نفسي لا تقلق" ضحك جومالي واكمل "حسب تجاربي معك، لن تقتل نفسك بنفسك لكنك ستتسبب بمقتلك ذات يوم" نظر الاخر له وبدى وكأن الكلام لم يعجبه ليتلو ذلك سؤال من الاكبر "منذ متى وانت متعب؟" "ساعتين او اكثر قليلاً" شد جومالي على فكة واكمل "غرفتي بجوار غرفتك، لماذا لم تقل اي شيء!" "اوف آبي، كل الناس تمرض، لا تكبر الامر" "اكبر الامر! كل امراضنا توزن بميزان ومرضك يوزن بميزان اخ، مناعتك صفرر، لم تشفى من المرض الاول بعد، انظر لنفسك، شاحب بل اصفر، مصاب بالحمى، ولا تقوى على الجدال ايضاً" ما كاد الاخر ان يجيب حتى قاطعه جومالي "هيا انهض وخذ حماماً فاتراً، انا سأنتظرك هنا حتى يأتي اندريا، سيحتاج ساعة" "آبي.." "هادي صالح، انهض وافعل شيئاً ما تفيد به نفسك" اتجه جومالي الى النافذة ليفتحها ليغير هواء الغرفة قليلاً...
حل المساء، وعاد ياماش الى البيت استغرب سيارة اندريا بالخارج، "هل كل شيء بخير؟" سأل عندما دخل البيت ووجد جومالي في المطبخ وقد اعد فنجانين من القهوة "سنرى، صالح متعب قليلاً، فاتصلت باندريا وليسلم الاخر اتى فوراً" اشار له ليصعدا الى غرفته، "مجرد فايروس شائع هذه الفترة، وانت اصبت بسبب ضعف مناعتك، لا داعي للقلق" قال اندريا محدثاً صالح، فيما وضع دواءً في محلوله الوريدي "اخبر هذا لاخي يقلق من لا شيء" ابتسم اندريا "حقه وانت ايضاً لا تراعيه ابداً، ان لم تمرض تصاب، وان لم تصاب تُختطف، ارحمهم قليلاً" ابتسم الاخر مجيباً "هل انت بصفي ام صفهم!" واكمل ساخراً "وهل اختار انا ان امرض او ان يتم اختطافي، توبة يا ربي!" ضحك الاخر فيما انهى عمله ونطق بنبرة جدية "هل انت بخير؟ اقصد بعد ما طلبه منك اكوبين، كنت تهلوس به وبزوجة ابيك ذلك اليوم" تنهد الاخر بتعب ليكمل اندريا "تبدو متوتراً جداً، توترك هذا ليس مفيداً صحتك، حتى قد يكون هو سبب مرضك وتعكر معدتك" "لا اعرف، ربما" فُتح الباب ودخل كل من ياماش وجومالي لينطق اندريا قبلهم "سيكون بخير مجرد فايروس لا اكثر" رد جومالي "لا حاجة لمشفى؟" "يوك، ليأخذ ادويته ويشرب السوائل ولن يأكل الا نشويات بسيطة اليوم، وغداً يعود لطبيعته ان شاء الله" اومئ جومالي فيما اشار للطبيب "لقد اعددت القهوة، تعال لنشرب على الشرفة" انسحب جومالي برفقة اندريا فيما وبقي صالح لوحده، تنهد رامياً رأسه على رأسية السرير خلفه زافراً نفساً خنق روحه "سنجد طريقة وسينتهي الامر وستمر" "بالطبع ستمر" التفت الى مصدر الصوت ليجد والده دخل للغرفة لتوه "بابا! متى اتيت؟" "عندما كنت تكلم نفسك" اقترب وجلس بجواره ماسحاً على وجنته "ما حالك هذه! ماذا حدث؟" "يوك بشي بابا، فقط متعب قليلاً" "يا صالح الا اعرفك انا! بك شيء اخر، شيء ما يضايقك"لمعت عينا الاخر فيما اجتمع الدمع على طرفي اهداب عينيه، "تكلم اولوم، ما الذي يزعجك؟" الا ان الاخر صامت ليعيد ارديس سؤاله "هل اكوبين؟" هز الاخر رأسه ايجاباً "اجل، اخاف ان يقوم بايذاءكم" ابتسم ادريس بدفئ مجيباً "لن يحصل شيء، الا ان كان قدر محتوم، لن يصيبك الا ما كتب لك، تماماً كما قدر لك ان تمرض، كما قدر لاكين ان يبقى في سرير المشفى لا نعلم ان كان سيحيى ام يلحق والدته، انه القدر بالنهاية" "لكن بابا.." "لا يوجد لكن، يوجد قدر ويجب ان نتقبله" تنهد الاخر وحدق بالارض فيما ترن كلمات اكوبين في رأسه (ستكون في صفي، وسنأخذ انتقامنا سوياً) "سالييه اين شردت؟" رفع الاخر نظره لابيه "سيحصل شيء سيء بابا" "دعنا لا نفكر بما سيحدث من الان! لا تضيع طاقتك في تفكير لن يوصلك الى اي مكان" نظر لابيه فيما ابتسم الاخر في وجهه "اقترب لارى" جذبه الى حضنه مربتاً على ظهره "سيمضي اولوم، سيكون كل شيء بخير، المهم ان تكون انت بخير ايضاً" ابتعد الاخر لينهض ادريس من جواره "لترتاح الان، وانا اخبر سعادات ان تحضر لك شيئاً ما لتأكله" ربت على ذراعه ونهض خارجاً من الغرفة، داخله يتآكل من حال من تركه خلفه...
"اترك زمام الامر لي وتنحى جانباً، انا سأجد حلاً لتلك المشكلة" شرد صالح محدثاً نصفه الاخر "اخاف، اخاف من ان اترك زمام الامور لك وتنهي امر الجميع وامري انا ايضاً" ابتسم فارتولو مجيباً "ان ترك لك فانت من سينهي امرنا" اشار له باصبعه بازدراء "انظر لحالك، يقولون فايروس، لكني متأكد ان حالك ساءت بسبب كثرة تفكيرك الذي بلا هدف، ما يجري في عقلك ينعكس على جسدك فوراً" نظر صالح للجهة الاخرى ليسمع الاخر يهتف "طلب روحاً لنعطيه اياها لن نخسر شيء نحن، على الاقل نكون انتقمنا لامنا ولنفسنا" "لا اعرف، حقاً لا اعرف كيف سنفعل ذلك، سيتأذون على كلا الحالتين" ضحك الاخر بخفة "صدقني سيتفهمون بالنهاية، سيكونون في وضع افضل من الموت" تنهد الاخر بحزن "انا كيف سأفعل ذلك بهم!" رد الاخر معاتباً "اولوم! الا تسمعني! اقول لك لنفعل ما طلبه اكوبين، او تخسر الجميع، رفع الاخر نظره الى طيفه "هكذا تقول! خسارة اقل من الاخرى" "اجل، حتى انظر نكون تخلصنا من معتوه اخر" قاطع كلامهم اقتحام من اقزام لغرفته وتلتهم زوجته وضع ما بيدها جانباً فيما صعد ادريس لجوار ابيه "بابا، كيف حالك الان؟" مد يده لجبهة ابيه "بابا انت ساخن" ابتسم الاخر واجاب بهدوء "لاني لم اشفى بعد يا بني" رفع ابنته لجواره لتبادره الاخرى بعناق اذاب قلبه "بابام، لماذا لم تأتي معنا؟" رد ادريس عليها "لانه مريض، الا ترين تلك الابرة التي في يده" ضحك الاخر وجذب كلاهما معانقاً اياهما "ليحميكم الله" ونظر لسعادات التي بقيت مكانها تراقب وتكاد ترتسم القلوب في عيناها اقتربت جالسةً على طرف السرير "ما بالك مجدداً؟" ابتسم الاخر وكأنه يحاول ان يطمئنها "تعكرت معدتي قليلاً لا اكثر" امسكت الاخرى يده "الى متى يا ساليه؟ متى ستستجمع نفسك وتقف مجدداً" تنهد الاخر مجيباً "وهل يعجبني حالي هذه من مرض للاخر!" قاطعتهم ايسيل "احضرت لك هدية بابا" ومدت له سواراً خرزياً صغيراً مد الاخر يده لها "لتضعيه انتي" "حسناً"... طُرق الباب ودخل ياماش "هل قاطعتكم؟" ردت سعادات "يوك ياماش تفضل" دخل الاخر ممازحاً اخوه "ما شاء الله ابناءك تكلموا بعمر صغير" رد الاخر بذات السخرية "على الاقل لا نسمع بكاءهم باستمرار" اقترب وجلس بجوارهم على السرير ليسأل صالح "هل عاد كهرمان؟" "اجل ركن سيارته للتو" "واندريا هل ذهب؟" "لا اصر بابا ان يتناول العشاء معنا" "حسنٌ فعل، تعب كثيراً معنا" رد الاخر مستفزاً الاكبر "تعب معك انت وليس معنا، ما هذا من مرض الى اخر، ومن اصابة الى اخرى" "كم تتطيل يا هذا" تدخلت سعادات "لتأكل انت الان وتتناقشا لاحقاً وضعت صحنه أمامه واخذت الصحن الاخر واعطته لايسيل وحاولت ان تطعمها لكن الاخرى ابت ونطقت وهي تناظر والدها "بابا، لناكل سوياً" سحبها الاخر ووضعها بحضنه "لآكلك انا.." اقترب ادريس واضعاً يده ليحميها وصرخ بوالده "باباا! اتفقنا انكم لا تأكلون الاطفال" ضحك الاخر مجيباً "حاضر اولوم، هيا لتجلس انت ايضاً لتأكل" فكر الاخر للحظة ونزل عن السرير هاتفاً "لاحضر معلقة، وآتي" ونزل متجهاً للمطبخ ولحقت به والدته، فيما يراقب ياماش من مكانه "ما شاء الله انهما يتكلام بطلاقة، ايسيل عمرها بالكاد عام، لكنهما يتكلمان كثيراً ولا يوجد لديهما فلتر كوالدهما تماماً، جيناتكم نظيفة" "لان، هل تمتدح ام تذم يا هذا!" ضحك الاخر ونهض "لانادي اندريا ليزيل هذا المحلول من يدك فقد انتهى" اومئ الاخر مجيباً "هيا، لتفعل شيء مفيداً، بدلاً من التنمر علينا" وعاد ليطعم ابنته في يده فيما عاد ادريس الىالغرفة واعطى والده الملعقة "هيا لتطعمني انا ايضاً" كانت سعادات تقف في باب الغرفة تراقب فيما اجتمع الدمع في عينيها "ليحفظكم الله جميعاً" رفع الاخر نظره اليها "جمعاً" لحظات وعاد اندريا لينهي عمله، "امجا، لماذا يوجد دماء على يد بابا؟" سألت ايسيل ليجيب ادريس "لانه ازال الابرة التي كات يأخذ دواء من خلالها اليس كذلك امجا؟" اومئ اندريا مبتسماً فيما سأل "كم عمرك؟" اجابه ادريس رافعاً يده يحسب اصابعه "اربع سنوات، وسأصبح خمسة، وايسيل عام واحد" بعثر اندريا شعره مجيباً "يبدو ان لك مستقبلًا باهراً" واكمل محدثاً صالح "ليحفظهم الله، يشبهانك كثيراً" "امين" "الفتى خليط منك انت ووالدته اما الفتاة فنسخة منك، الا يوجد اطفال غيرهم بالعائلة؟" رد ادريس "يوجد، اسيا واياز" ابتسم الاخر مجيباً "لتعتني بوالدك اذاً" واكمل قاصداً صالح "اعتني بنفسك انت ايضاً، وان احتجت شيء انا على بعد مكالمة هاتف" ابتسم الاخر مجيباً "شكراً لك كثيراً كارديش" "لا شكر على واجب، لا تتعب نفسك وارتاح لتتعافى" انسحب هو لينسحب خلفه الجميع، وبقي صالح لوحده في الغرفة، يحاول مقاومة موجة اخرى من افكاره المخيفة حتى غفت عينه...
اجتمع تلك الليلة ع مائدة العشاء جميع افراد البيت بالاضافة الى ضيفهم اندريا، جلس كهرمان على المائدة متسائلاً "اهلاً بك اندريا" ابتسم الاخر ورد فوراً "صالح بخير، لا تقلق، فقط ادريس بابا اصر ان ابقى لتناول العشاء معكم، فلم ارد ان ارده خائباً" ابتسم كهرمان "فهمت فوراً، اين هو اذاً؟" اجابه ياماش "لقد نام لتوه، ساء وضعه قليلاً وعالجه اندريا، ليسلم" اومئ كهرمان "توقعت هذا اساساً" والتفت لاندريا "نتعبك مع هذا العنيد" "لا بأس المهم ان يكون بخير في النهاية، وان يتحسن" "ان شاء الله" حضر ادريس وجلس على رأس الطاولة ليقترب جونيور منه وهو يجر كرسيه القصير وجلس بجوار جده "ديديم، طاولتكم بعيدة، لا اصل لها" ضحك الاخر "تعال واجلس في حضني" رفع الاخر كتفيه رافضاً "يوك، اريد كرسياً كبيراً مثلكم" اشار له جومالي ليجلس مكان ابيه، فهرع سريعاً و جلس مكانه بجوار عمه...
بعد مرور ساعتين، على شرفة البيت، اختلى ادريس بابناءه "ماذا اراد منك ذلك الطبيب؟" سأل ادريس ليجيبه كهرمان "يريد منا ان نكمل علاج امي في البيت" واكمل شرح ما قاله الطبيب ليرد ادريس "وماذا قلت؟" "لم اعطه جواب، قلت يجب ان استشيركم وان يُدرس الموضوع جيداً" اكمل ياماش "لكن وجودها هنا قد يؤذي صالح، او لربما تؤذي ابناءه لا سمح الله" "بالضبط لهذا يجب ان يُدرس الامر جيداً" اكمل سليم "نخرج صالح من البيت" رد كهرمان "لكن الطبيب يقول انه يجب ان يتواجد كلاهما في البيت، حتى تدرب نفسها على التعود عليه وعدم رفضه"رد جومالي بحزم "يوك، مستحيل، صالح لن يبتعد من امامنا، ولن يجتمع بامي في ذات المكان ايضاً لا يمكن.." قاطعهم دخول صالح لمحادثتهم "بل ممكن آبي" "لان ساليه، اي جزء في كلمة ارتاح لم تفهمها! ماذا تفعل هنا!" ابتسم الاخر مجيباً "اصبحت بحالٍ افضل، اتيت لاخذ كأس مياه فقط وسمعت حديثكم" ابتسم واكمل "لا اريد ان احرمكم من امكم، فانا اعلم ذلك الشعور جيداً وهو ليس بشيء جميل" الا ان جومالي رد عليه ساخراً "لابد انك اصبت بالحمى مجدداً، انت تهذي فعلاً" "يوك آبي، انا جاد، لنجرب، لن نخسر شيء" رد سليم من طرف المكان "سيتضرر احدكما لو قد نخسر احدكما، نخسرك انت مثلاً" نظر صالح لوالده عله يدعمه في قراره لينظر له الاخر بطرف عينيه "لنأجل قرارنا حتى الغد، هيا عد الى فراشك، وسليم لنذهب ونرى اكين" اغلق ادريس الكلام في هذا الموضوع مؤقتاً فيما قصد طريقه ليطمئن على حفيده الاكبر، لعل حاله يتحسن، لكن لا جديد، لا شيء يدل على انه يقاوم ليعود...
في بيت على البحر في طرف المدينة، يجلس اكوبين على شرفة المطلة على البحر، تتلاطم امواج البحر على جدار بيته، يحرك النبيذ الاحمر في كأسه بهدوء مع عقارب الساعة، ويحتسي منه القليل، دخل مساعده اليه بعد ان استأذن "هل تسمح لي سيدي؟" "تعال، هل فعلت ما اريد؟" اومئ الاخر "فعلت، لفقنا تهمة لجومالي كوشوفالي، وتم سجنه لعدة ساعات قبل ان نعدل البيانات، وذات الشيء مع كهرمان، كنت اجلس في ذات المكان الذي اجتمع به مع الطبيب، كل شيء يجري كمان تريد" "جيد، بقي صالح" وما ان انهى كلامه حتى وصله اشعار منه (تم، سيحصل ما طلبت) ضحك فيما شرب ما في كأسه من نبيذ، ونهض "لتجهز غرفة لضيفنا" اكمل طريقه ليلتفت مجدداً ناطقاً "وبيتاً لضيفتنا" وعاد ليكمل طريقه الى حيث لا يعلم احد...