Part 17 - خط احمر

613 11 1
                                    

الدنيا تلك المعركة التي يخوضها الجميع، تبدأ ساعة الولادة وتنتهي بالموت، ستخوضها سواء اردت ذلك ام ابيت، ولن تنتهي طاقتك قبل ان تنتهي تلك المعركة، لا يوجد استسلام،لكن يوجد موت في نهاية تلك الطريق...
خرج الجميع تلك الليلة وبقي ادريس يجلس بجانب ابنه الذي خرج تواً من المشفى، كان قد خرج من احدى معاركه من الموت المحتم، نجى هذه المرة، لكن هل سينجو دائماً هذا الفتى عديم الحظ!، اخذه والده لغرفته اصبح يخاف من فقدانه، هذه ليست اول مرة يخوض صراع الموت وهو بقرب والده، لكن في كل مرة يزداد قلقه من عدم نجاته في المرة التالية، استيقظ صالح من نومه فزعاً شاهقاً بصوت عالي افزع والده "صاالح ماذا حدث؟" "بابا!" ليقترب الاخر متفقداً ابنه ليجد شعره مبتل تماماً "لماذا انت مبتل هكذا!" كان الاخر لازال تحت تأثير كابوسه "ب بابا اين اخوتي؟ جومالي وسليم! اين هما؟" اجابه والده "لقد خرجو" ليرد الاخر فزعاً بينما ينهض من السرير بنية تبديل ملابسه "الى اين ذهبو!" فيرد عليه ادريس محاولاً تهدئته "ياماش وجد زوجة يوجال وجوالي وسليم ذهبو ليداهمو احد اماكن التمساح" "نيه! وتركوني هنا! لماذا! هذه المرة الثانية، المرة الثانية التي يخرجون بها بدوني!" يقطع والده طريقه "صالح لقد خرجت من المشفى لتوك" ليرد الاخر فزعاً"بابا انهم يتجهون نحو فخ" "وما ادراك!" "احس بذلك قلبي غير مطمئن" يقترب ادريس منه متحسساً جبهته ليبعد الاخر نفسه قليلاً "بابا لست اهذي ولست مصاباً بالحمى اخوتي بخطر ويجب ان ننقذهم، اين هاتفي!" "انه هنا" "سأتصل بياماش لنذهب سوياً هل ستأتي؟" فاجاب ادريس "بالطبع"... رفع صالح هاتف قاصداً ياماش، ليرد الاخر "ايفندم باباناولو!" "اين انت؟" "بالطريق قادم الى البيت، لماذا!" "هل تواصلت مع سليم او جومالي آبي؟" "لا لماذا!" "هل تعرف الى اين هم؟" "اجل لماذا؟" "سنذهب اليهم" "انا سأذهب انت اجلس مكانك" يرد صالح غاضباً "لان ياماش لا تفقدني عقلي الا يكفي انكم خرجتم بدوني!" "صالح! بابناولو، لتهدأ وتجلس بالبيت والا والله سأربطك هناك" كان ياماش قد وصل الى مدخل البيت ليحرك السيارة ملتفاً عائداً طريقه الى اخوته، يقاطع طريقه شخص وقف امامه, ليجد ذلك الفتى العنيد امامه يرتدي احدى بذلاته يقف امام تلك السيارة، كاد ان يدهسه فيضغط ياماش ع المكابح باقوى ما يستطيع ويخرج من السيارة غاضباً "هل تنوي الموت يا هذا! لماذا تقف امامي!" فيجيب الاخر ببرود "لن تذهب لوحدك، سنأتي معك ايضاً" "يوك انت لن تأتي" "لماذا عجباً!" فيرد عليه ياماش غاضباً "يا هذا الست انت من خرج من المشفى قبل عدة ساعات فقط!" "يعني!" "لن تذهب، ان اصبت والله لن تنجو، جسدك لن يحتمل" ليرد الاخر متذمراً "وما دخلك! لاصاب جسدي وانا حر به" يقترب ياماش غاضباً "لان، صالح، بابناولو، لا تفعل" يقاطعهم ادريس الذي كان يقف امامهم "اذاً لتحميه يا ياماش، ولتذهب ونحضر بقيتكم" يلتفت ياماش ليجد والده فتح باب السيارة وجلس داخلها في المقعد الامامي، ليجيب مستنكراً "لكن بابا!" ويهمس للذي امامه"هل جعلت والدي يذهب لاشتباك صالح!" ليجيب الاخر ساخراً بينما يتجه للسيارة "اليس له الحق بالقلق ع ابناءه ياماش جيم!" يعود ياماش ليركب السيارة متتذمراً "اوف بابناولو اوف الن تجلس عاقلاً ابداً!" فيجيب الاخر ساخراً "يوك ياماش تركت العقل لك، هيا انطلق"...
مرت دقائق قبل ان يصلو لذلك المكان الذي علا صوت الرصاص يعصف به كصوت حب البرد الذي ينزل من السماء غاضباً ينوي تحطيم ما امامه... كان الاخرون قد انتهت ذخيرتهم وتمت محاصرتهم واستسلموا حتى لا يقع ضحايا اخرين منهم، تسلل ياماش وصالح لذلك المكان، بينما كان ادريس يحمي ظهرهم، تسللا بهدوء حتى وجدا مكان عالي، يطل داخل المكان الذي اُحتجز فيه رجال الحي واخوتهم بينما يحاصرهم التمساح ورجاله "هل هذا هو التمساح!" سأل ياماش هامساً، ليجيبه الاخر "بل سحلية" ، في الجهة الاخرى كان جومالي يقاوم رجال التمساح محدثاً ضجة ليلمح صالح ع شرفة الطابق العلوي ليصرخ "لاااان، تباً لعنادك يا ***" بدا الامر ان جومالي يقاوم الرجال الممسكين به، لكنه بالواقع يشتم صالح بكل ما يعرفه من شتائم بينما الاخر يشير له بان يهدأ ولا يلفت الانظار لهم، واضعاً اصبعه ع فمه "صوص ابي صوص" ابتعد هامساً بينما التفت الرجال للمكان الذي كان يقف به، "كاد يكشف امرنا" فاجابه ياماش مبتسماً بخبث "يبدو ان جومالي ابي سيكسر عصاه ع احدهم اليوم" "ها ها لتخرجه من هنا ثم نتفاهم" يستغل كلاهما الضجيج الذي احدثه جومالي ليضعو خطة سريعة "انا سألفت انتباههم وانت تطفئ الكهرباء" قالها و انطلق بدون ان يفسح مجالاً لياماش ليعترض "ان لم يكسر جومالي تلك العصاة ع جسدك سأكسرها انا، ما هذا يا امي!" يقاطعه صالح الذي رمى قطعة حديدية احدثت ضجة كبيرة "مرحباً ايها الدببة والسحلية" انهى جملته واختبئ خلف الجدار بينما انهالت عليه زخات كثيفة من الرصاص، "احضروه لي" صرخ التمساح قبل ان تختفي الاضواء من ذلك المكان، فهم الاخوة ورجال الحي خطة ياماش وصالح، فاستغلو الضجة التي افتعلها الفاريام ليخلصو انفسم من بين يدي رجال التمساح، بينما لحق صالح بالتمساح الذي هرب سريعاً، وما ان لاحظ ياماش اختفاء صالح حتى لحق به سريعا، اطلقا عليه لكنه هرب سريعاً من المكان، فعادا للداخل "هل انتم بخير؟" سأل ادريس الذي كان يتفقد اربعتهم حتى اخمص قدهم ليجيب سليم "بخير" "آبي ذراعك تنزف" قالها صالح مؤشراً ع ذراع جومالي، ليجيب الاخر "مجرد خدش" "ليكن ليراها طبيب" استغرب جومالي قلق صالح ليجيبه "كما تريد، لتخبره عن الراحة التي طلبها منك بينما حضرتك تتسكع تحت شلال من الرصاص الحي! (يصرخ) لان ماذا تفعل هنا!" ليتوتر الاخر مجيباً "شي لقد، آبي قلقت عليك" يقترب جومالي منه وهو يحدق به بعصبيه والاخر يرجع للخلف حتى وصل الحائط "قلت خفت علي! من ماذا هل كنت تعرف انا سنخرج" "يوووك، رأيت كابوساً ونهضت الى هنا، حتى حتى اسال بابا" ينظر لوالده طالباً المساعدة بينما الاخر يقف بعيداً مع ياماش وسليم يضحكون من قلبهم ع الورطة التي اوقع صالح نفسه بها مع جومالي الذي يجهز بيده ليضرب من امامه، "حل مشكلتك بنفسك اولوم" اجاب ادريس ليكمل ياماش "اصبحت كثير البكاء بابناولو" فينهي سليم "من يراك يظن انك اخر ابناء ابي يا هذا، ما هذا الدلال، احصد ما زرعت"  يتبادل النظرات معهم شاتماً حظه، ليرى الاخر قد رفع يده ليضربه فيتفاداه ببراعة وينسحب من امامه لكن الاخر يسحبه من ملابسه معيداً اياه امامه فيتكلم بنبرة مصطنعة "آبي" "ها صالح ها! هل خفت من ان اضربك!" "لا تفعل عيار يدك ثقيل" "انت لم تجرب ثقل يدي بعد!" "آبي خرجت من المشفى للتو" "هل تذكرت هذا الان! هل خيالك من كان يستفز تلك السحلية!" يلتصق الاخر بالجدار "آبي، لا تنسى ان من امامك مريض" قالها بكل براءة ليصرخ الاخر باعلى صوته "يا هذا كادو يصنعون مصفاة طعام منك!" "اعتذر يا...." لم يكمل جملته لتسقط صفعة ثقيلة ع وجهه اسقطته ارضاً، تركه جومالي واتجه ليحضر عصاة حديدية رآها في طرف الغرفة، بينما ركض سليم ليبعدها ما امامه "آبي، تمام انها حديدية ستؤذيه..." اخذها ورماها بعيدا...
نهض صالح متألماً يمسح الدماء عن شفتيه، ليلاحظ قطعة زجاج زرعت داخل  في يده اليسرى صانعةً جرحاً نازفاً، فيقرب اخويه منه ويمد سليم له يده ليساعده ع الوقوف "يدك تنزف يا صالح" يسحبها صالح بعيداً ليمسك به سليم "دعني ارى..." يرفع سليم نظره لكلاهما "آبي ماذا فعلت!" "لم افعل شيء يا سليم ماذا هناك؟" "هناك قطعة زجاج في يده" "من اين اتى بها!" "يا جومالي ركز قليلاً، لقد دخلت في يده عندما سقط غالباً" يقترب ليرى فيسحب صالح يده "اي تمام يوك بشي!" يسحبه جومالي "اعطني يدك لارى" حاول ازالة تلك القطعة ليوقفه سليم "ماذا تفعل ابي! لا تعرف ماذا تخبئ تلك القطعة خلفها من ضرر، ع الاقل تمنع النزيف وهي مكانها، يحضر قطعة قماش ويلفها حول يد صالح "ستذهبان للطوارئ الان، عند طبيبك (مشيراً لصالح الذي ابتلع ريقه) ليعالجكما" يضحك جومالي ع الذي امامه "هل خفت صالح افندي!" "يوك لماذا سأخاف!" "لان! تخاف من اندرو ذو الاسم الغريب ذاك ولا تخاف منا!" "لو تضع عياراً ليدك يا! اما عدنا اليه كما انها ثقيله جداً" "سأضع سأضع عندما تضع عياراً للسانك الطويل ذاك" خرجو اخيراً ليتجهو للسيارة ويجلسو بالداخل "انا لن اجلس بالمنتصف" قالها سليم ليجيبه جومالي بينما ينظر لصالح "ولا انا" يتبادل الثالث نظراته معهما متذمراً "ايه تمام سأجلس انا بالمنتصف" كان ادريس يراقبهم من النافذة مبتسماً "ما بال يدك الان!" سأل ياماش ليجيبه سليم "صديقنا هنا يبحث عن الاصابات كمن يبحث عن كنز" يعتدل الاخر في جلسته "لست من اختار السقوط ع ارضٍ مليئة بالزجاج"...
مضت ساعة حتى وصلو للحفرة ليهمس ياماش لوالده مشيراً لصالح النائم ع كتف جومالي والاخر ايضاً غط في نومٍ عميق "هيا انزلا وانا سآخذهما لنداوي جراحهم" "لا تتأخرو" قالها ادريس الذي مد يده ليتفقد ابنه المريض في الخلف وتمتم "بخير الحمدلله" مرت ساعة اخرى، انتهو خلالها من علاج جراحهم في ذلك المشفى وفي طريقهم للخروج انتبه جومالي لذلك الذي اختبئ خلفه، مرت لحظة ليجد اندرو امامهم "انني اراك هناك صالح باي" ليجيب الاخر بتلبك"اهلا حضرة الطبيب" ليجيب الاخر بنبرة حادة "ماذا اخبرناكم! سيرتاح ولن يدخل شجار او اشتباك، ماذا فعلتم! عدتم به قبل مرور ٢٤ ساعة ع خروجه وفي يده قطعة زجاج قد تحمل الاف الانواع من الجراثيم، براڤو! وليكن بعلمكم انتم تجهدون جسده هكذا! قد يفقد وعيه فقط لان جسده لم يتعافى بعد" انهى كلامه وذهب، وعاد ثلاثتهم للسيارة بدون ان ينطق اي منهم باي كلمة حتى ركبو السيارة "بيبي! هل يوجد لدينا قيود؟" يبتسم ياماش مجيباً "ماذا تريد بها؟"  يحولان نظرهما للثالث "سأقيده بسريره... لان لقد تم تهزيئنا بسببك الن تجلس عاقلاً" يمسح ع وجهه طالباً من ياماش الانطلاق والعودة للبيت...
دخل ثلاثتهم للبيت ليجدو ادريس امامهم، تفحصهم بعينيه "انتم بخير اليس كذلك؟" فيجيبه ياماش "بخير، التقينا باندرو هناك ولم يترك كلمة لم يقلها لنا، وطلب منا مراقبته" لم ينهي كلامه "هووب ع مهلك" قالها جومالي ممسكاً صالح الذي فقد توازنه حاول الاستناد ع اخيه الاكبر، اختلطت الاصوات ببعضها وتشوش رؤيته حتى اختفى  كل شيء من امامه وفقد وعيه، حملوه سريعاً الى غرفة ابيه... "اولوم!" نطقها ادريس وهو يراقب ما يحدث، فحتماً حدث ما قاله اندرو قبل قليل، يضع جومالي الاخر ع السرير ويعدل وضعه بمساعدة ياماش، "ماذا حدث؟" سأل ياماش بينما يساعد في خلع سترة صالح، "ما قاله الطبيب قبل قليل، سيفقد وعيه من الاجهاد فقط، وهذا ما حدث"، دخل ادريس متفقداً اياه وبقي بجانبه بينما انسحب اخوته كل منهم الى غرفته "سأعود لاطمئن عليه خلال دقائق" قالها جومالي قاصداً الخروج من الغرفة..
استعاد وعيه خلال دقائق ليجد والده بجانبه "اولوم!" يلتفت لوالده متسائلاً "كيف وصلت الى هنا!" بينما يعتدل بجلسته بالسرير "فقدت وعيك وجلبك اخواتك الى هنا" ينهض الاخر متأفأفاً "هل مجدداً بابا!" "ايفيت اولوم مجدداً، عندما تعقل و تجلس بفراشك لتعطي جسدك وقتاً ليستعيد عافيته، لن تفقد وعيك بينما تبذل مجهوداً جسدياً صغيراً كان او كبيراً" "بابا! وهل اتصرف انا لاني اريد ذلك!، لو لم نذهب كنا سنقيم عزاءً جديداً" كان ادريس يمسك بيد ابنه قلقاً "لا قدر الله، هل انت بخير الان؟" "بخير بابا، لا تقلق" يقاطعهم دخول جومالي لتلك الغرفة بعد ان طرق الباب "هل تأذن لي يا ابي؟" ليجيب ادريس بعد ان ارتسمت ابتسامه ع وجهه "تعال" يكمل هامساً باذن صالح "هذا الثور يحبك بطريقة مختلفة" "بالطبع فهو حي ويمشي بفضلي" لينكزه بيده "لا تتفاخر انظر الى اين وصل بك الحال"... "ايه استيقظ اخيراً اميرنا النائم!" "كم مضى اساساً!" "اربع ساعات فقط" "حقاً!" يقترب الاخر ممازحاً "لا فقط عدة دقائق، ما هذا يا فتى كأن احداً ضغط زر الايقاف خاصتك" يجلس ع طرف السرير وهو يحدق بالاصغر "هل انت بخير؟ لا يوجد حمى او ما شابه! هل تتألم!" ليجيب الاخر بنبرة هادئة "يوك بخير لا تقلق" "تعال الى هنا اذاً" يسحبه احضنه معانقاً اياه هامساً في اذنه "لا تفعل هذا مجدداً، لا ترمي بنفسك امام الموت مجدداً ايها الغبي"...
حل نهار يومٍ جديد اجتمع به افراد تلك العائلة صباحاً ع الافطار، "ابلا، اين صالح؟" لتجيب الاخرى بتململ "أتسألني انا! اسال بابا فهو اخذه لعنده ولم أعد أراه حتى، وكأنني لست زوجته حتى، اصبح ابن ابيه تماماً" يقطعها ياماش الذي وضع يده ع فمها مع دخول ادريس للغرفة "صباح الخير بابا" فيرد الاخر "صباح الخير يا ابنتي، شي لاجل من تسألين عنه لازال نائماً لا تيقظوه، ليبقى نائماً ويرتاح قليلاً، اين اخوتك يا ياماش؟" نظر الغرفة بعينيه "كانا هنا للتو" ليرد ادريس "جدهما و هيا لتناول الافطار"، يخرج للشرفة ليجدهما هناك ووجوهما لا تتفسر فيسأل "ماذا حدث؟" يرفع سليم نظره لياماش "انظر لهذه الصورة"
- فلاش باك -
كان قد وصل ظرف للبيت من مجهول، اخذه سليم وخرج للشرفة ليرى ما بداخله ولحق به جومالي "ما هذا تشوجوك؟" "لا اعرف لافتحه ونرى" كان قد كتب ع الغلاف الخارجي "مهما كانت الكذبة كبيرة فحبلها قصير وستكشف ذات يوم" وفي المغلف صورة لرجل طويل الشعر والذقن، يرتدي ملابس رسمية مع نظارة يركب سيارة فارهة.. "من هذا!" سأل جومالي ليجيبه سليم "انه يشبه كهرمان" "ماذا تهذي تشوجوك" يقترب سليم ليجلس بجانب جومالي "انظر انه يشبهه"
-نهاية الفلاش باك-
يكمل سليم "الا يشبه كهرمان!" يفتح ياماش عيناه بوسعهما "حقاً انه يشبهه، هل يعقل انه؟" لينفي الاخر "دفناه بيدنا ياماش، وابي غسله" ليجلس الاخر بالقرب منهما "من يلعب بنا لعبة خبيثة كهذه!" فيجيب سليم "لا اعرف، لكن لنبقي الامر بيننا الان ولا نحدث ضجيجاً حتى نتحقق من صحة الامر" اتبع جومالي "لن يعرف بالامر لا ابي ولا صالح لانه حقاً سيحقق به خاصةً انه حمل ذنب قتله" ينهض ياماش مشيراً لهم "اعطني المغلف اخفيه وهيا الى مائدة الطعام، قبل ان ينتبه ابي لغيابنا" انطلق ياماش مخبئاً المغلف في احد رفوف خزانته ومر ع النائم تفقده، وعاد ليتناول الافطار، "ايه اين صالح؟" "نائم" "نوم العافية، لن يخرج اليوم من البيت، حتى لو احتاج الامر نحبسه بغرفته" يبتسم ادريس ليجيب "اتركوه لا يزعجه احد، وهيا لنذهب ونتفقد الحي، اين اكين؟" اجابه سليم "في غرفته لا يخرج منها منذ حادثة الفتيات" "اتركوه ليعيش المه، لكن لا ينعزل كثيراً، حتى لا يؤذي نفسه" انهى ادريس كلامه وهو يتجه الى الباب وابناءه خلفه "بابا شي، انا سأذهب لزيارة امي هل تسمح بذلك؟" يتوقف ادريس وينظر لابنه بغضب ليجيب "انها امك افعل ما تريد" ويكمل طريقه للخارج بينما تبادل ياماش النظرات مع اخوته "هل تذهبان معي؟" ليجيب سليم "الم ترى نظراته؟" فيجيبه ياماش "رأيت لكنه لم يمنعنا" "انا لن اذهب، سأبقى هنا، ارسل سلامي، حتى انسى لا ترسل شيء الا يكفي ما فعلته!" لا يجيبه ياماش ويحول السؤال لجومالي "انت تعال لترى احدكم ع الاقل" يفكر جومالي قليلاً "حسناً لكن لتكن زيارة قصيرة" "تمام" "لاتفقد ابن ابينا ونخرج"...
مرت عدة ساعات كان ياماش يجلس ع تلك الطاولة الباردة، ينتظر والدته، التي لم يتغيير اي شيء في شكلها، لازالت تمشي وظهرها مرفوع كأنها حققت من الانجازات ما يصعب تصديقه، تتقدم نحو ابنيها ناوية عناقهما فيكتفي ياماش بالسلام عليها كف بكف بينما رفض جومالي الاقتراب..
- (ياماش) كيف حالك يا امي ؟
- (سلطان) بخير، افتقدكم كثيراً، كيف نساءكم؟ وابنك يا ياماش؟ احفادي! خاصة بعد ما حصل مع اكشين رحمها الله..
- (ياماش) بخير لازلنا نقاوم، وزوجة اخي ستنجب خلال الايام القادمة، لو ترين هذا لا ينام بينها يراقب تحركاتها وبين صالح خاصةً انه مرض ف..
- (تقاطعه امه لتتفادى التحدث عن صالح )اين سليم لماذا لم يأتي معكم؟
- (جومالي) لا لازال غاضباً..
- (سلطان) وانت غاضب ايضاً!
- (جومالي) بالطبع غاضب ماذا تتوقعين مني! لقد سممتني!
- (سلطان) لم اقصد...
- (جومالي مقاطعاً والدته) لم تقصدي! (اكمل غاضباً ونبرة عالية) كنتي تريدين قتل اخي ولم تقصدي!
- (سلطان) وما دخلك الا يكفي انك رميت بامك هنا! هل يضع الابن امه بالسجن!
- (ياماش محاولا تهدئتهم) تمام اهدأو اخفضو اصواتكم...
- (جومالي) لن أهدأ، لقد كادت تجعلني قاتل اخي! يا ماذا فعل لكِ ذاك الفتى، اقسم ان حظه في هذه الدنيا لا يسعفه ابداً، كل مرة يتأذى اكثر من سابقتها وانتي السبب بذلك!
- (سلطان) انا ابعدته لاحميكم
- (ياماش) من طفل! يا امي ماذا قد يفعل لنا طفل لم يتم الثامنة من عمره
- (جومالي نهض غاضباً) لازالت تقول حمايتنا، ولهذا حاولتي تسميمه ايضا!
- (سلطان) اجل
- (جومالي) وتفتخرين! كنتي بقمة سعادتك عندما كدت اذيته بسببك ذلك اليوم، بينما كسرته لدرجة انه لم يدافع عن نفسه حتى، انيه! الى هنا تنتهي طرقنا، هذا الفتى اصبح في امانتي حتى يوم الساعة، ان سمعت في يوم من الايام ان شوكة اذته بسببك لا انتي امي ولا انا ابنك... صالح خط احمر ليكن هذا بعلمك...
- (تنظر له سلطان بتقزز) ليكن الحليب الذي ارضعته لك حراماً عليك، هل تدافع عن ابن العا**رة وتحارب والدتك!
- (جومالي) ادافع عن اخي الذي يدفع ثمن اثمن لم يرتكبه! (يكمل بنبرته باكياً) يا هذه لا اريد شتمك، هذا الفتى مريض بسببي! مناعته اضعف من مناعة عصفور، كنت معه بالعناية المشددة لعدة ايام، لم يغفى لي جفن حتى سمعت صوته...
- (سلطان) لو كبر بينكم كان ميزه ادريس عنكم...
- (ياماش بعد ان بكى من كلام شقيقه) ليميزه، ليميزه عنا انيه! لو ترى عيناك طيبة قلبه رغم سواد حياته، كنتي انتي فضلته علينا ايضاً، عجينته مختلفة..
ينتهي ذلك اللقاء الذي لم يستمر لاكثر من عشرة دقائق، شعرو كأنه دهر، يعود ياماش لجانب والده بينما ذهب جومالي يتمشى بالحفرة فقد ضاق صدره من الدقائق التي قضاها مع من تسمي نفسها والدته...
حل عصر ذلك اليوم ليفتح صالح عيناه ع صوت اهتزاز هاتفه فيرد ع الهاتف ليجده ميدات "آبي اين انت اصبحت الساعة الرابعة عصراً" يفرك صالح رأسه وينظر للساعة "نيه! لما لم يوقظني احد نمت حتى هذه الساعة!" نهض وغسل وجهه وغير ملابسه واتجه للاسفل ليجد النساء والاطفال بالحديقة صوت ادريس يملئ المكان، نظر جيداً ولم يجد كاراجا فقرر تفقد غرفتها، دخل ليجدها تتقوقع ع نفسها في منتصف السرير "كاراجا" رفعت رأسها "امجا!" يقترب ليجلس بجانبها "هل انتي بخير؟" بينما يمسح ع ظهرها "لست بخير امجا انه لا يمضي، في كل مرة اغلق عيناي أرى اكشين، ارى ذلك ال*** وهو يقطع رسغيها، صوت انينها، تركها لتنزف امامي و ملأ دمائها في دلو لا انسى رائحة الدماء ابداً" تصمت قليلاً لتقول بنبرة باكية "امجا كيف سأنسى هذا؟" "لن تنسيه بل ستتخطيه كاراجا، اولاً بخروجك من غرفتك ثم البيت، ستتعلمين كيف تتقبلين المك وتتعايشين معه يا ابنتي، هيا انهضي وبدلي ملابسك لدي طلب منكِ، ارجو ان لا ترديني خائباً، كنت قد تحدثت لوالدك عنه قبل كل هذه المصائب" ترفع رأسها متسائلة "ماذا!" ليجيب الاخر بعد ان نهض واتجه للباب "ستكملين تعليمك، كان من المفترض ان نرسلك انتي واكشين لكن... المهم يوجد لدي اصدقاء يسكنون ببورصة لكن لديهم مكتب باسطنبول، ستذهبين لتبقين معهم وستدرسين الجامعة عندهم، يعني ستكونين ضيفتهم، هم جميعاً متعلمين، والدهم صديقي او لنقل اقرب لعمر والدي من صديقي وابنه ازار شهم سيهتم بكل امورك" تنظر هي الاخرى باستغراب كأنها تحلم "هل جدي يعرف؟" "اجل اخبرته من فترة، اريد ان تبتعدي عن اجواء هذا المكان لفترة، تعودين بين الحين والاخر لا تقلقي، ويوجد هاتف، (يغمزها) وازار لطيف جداً، من الممكن ان يكون زوج واب جيد، وامه تجيد الطهي ذات قلب كبير" يحمر وجهها وتنظر له "ياا امجا" "ليضحك وجهك قليلاً كزم، هيا انا سأذهب، لا تعتزلي الناس فستشتاقين لهم، اعدك بذلك"، ينهي كلامه خارجاً من غرفتها ليصطدم باكين بطريق خروجه "هوب ع مهلك" "ارجو المعذرة" "هيا لنذهب للمقهى" "لكن!" "لا يوجد لكن هيا"...
دخل المقهى مقبلاً يد والده "اتى مدلل ابيه" قالها ايمي ممازحاً صالح "ياو بابا انظر لصديقك" "انه محق، هل تركت احداً من اخوتك ينام للعصر!" ليجيب منكراً "لم يوقظني احد" فيتدخل سليم "بابا طلب منا ان لا نزعجك" ليكمل عمي "ارايت، هذا ما اقصده!" "بان هاستا (انا مريض) لهذا غالباً" ليرد ياماش عليه مستنكراً "اتتذكر وتتناسى هذا متى ما تريد!" يحاول صالح تغيير الموضوع "اين جومالي ابي؟" "تجده ع اعلى سطح بالحفرة" "ماذا يفعل هناك؟" "كان منزعجاً قليلاً من امي بعد ذهابنا لرؤيتها، تشاجر معها" "لماذا!" فيجيب سليم "اتوقع انك كنت محور كلامهم غالباً" تتغير معالم وجه الاخر "هيا لنذهب ونجده" قالها ياماش ساحباً اخويه من المقهى... "لا تعبس بابناولو لم يحدث بسببك بل بسببها"...كان اكين جالساً في طرف المكان شارداً فجلس كمال بجانبه واعطاه قطعتين من الحلوى"طعمها لذيذ جربها" ولم يرده الاخر خائباً فقد كانت قطع الحلوى تبدو شهية جداً..
ع ظهر ذلك السطح، "صباح الخير ايها المدلل" قالها جومالي بعد ان رآهم يخطون من باب السطح "اي صباح آبي! استيقظت بعد غروب الشمس!" "ليكن، لتستعيد صحتك قليلاً، كيف اصبحت الان؟" "بخير" "عن اي بخير نتكلم؟" "ماذا؟ بخير بخير" ليجيب سليم "ماذا تهذيان!" "الم يفقد وعيه ليلة امس عن هذا يسأل" اجابه ياماش بينما حمل علبة حديدية وجدها داخل ظرف بجانب سترة جومالي "ما هذا آبي؟" "حسب ما فهمنا علبة حلوى، اكل منها كل من ميكي وجيلاسون وكمال وبقي القليل" فتحها ياماش واعطى اخوته واكلو منها جميعاً، قضو بعض الوقت فوق السطح وعادو بعدها الى البيت ع الاقل هذا ما ظنوه..
كان المساء قد حل، ودخل الاخوة مترنحين الى بيت صالح ليجلس ثلاثتهم ع الاريكة مقابل التلفاز، كان عيون اربعتهم شديدة الاحمرار متسعة البؤبؤ، ليفتح جومالي ذلك التلفاز "هذا انه ينظر الينا ماذا يريد؟" كان قد فتح محطة الاخبار ليجيبه ياماش مبتسماً "يريد شيئاً اعرف لا ما هو" ليجيب صالح "ماذا تهذي يا ياماش انه مذيع الاخبار يتكلم عن ارتفاع سعر البورصة في السوق، افتح شيئاً اخر ابي هذا غير مفيد بتاتاً لماذا ستفيدنا تلك البورصة اننا نتاجر بالاسلحة و المخدرات، ان امسكتنا الشرطة س**** سلالتنا" دخل عليهم سليم بعد ان حمل كل ما وجده بالثلاجة من طعام ومأكولات "اني جائع جداً، هل نطلب بيتزا؟ لا سنطلب بيتزا ولحم بعجين وبرغر" يرفع هاتفه طالباً الطعام "العنوان! اين نحن؟ لا يهم ارسل لك الموقع، لا تتأخر" وفي جهة اخرى يجلس جومالي حاملاً وسادة كبيرة يختبئ خلفها خائفاً من القطط التي في شاشة التلفاز ، بينما يمسح ياماش ع الشاشة محاولاً اخراج تلك القطط منها "ستختنق هذه بالداخل، انها لطيفة جداً" صرخ فيه جومالي  "ابتعد ستعضك" كان صالح ممسكاً بعلبة البسكويت "ايفيييت هذا يحتوي على سكر وطحين وزبدة وحليب (يكمل باقي المكونات) ***** هذا يحتوي cannabis (حشيش) اهاااااا لهذا (يشرد قليلاً بالجدار بلا هدف ليتذكر ماذا كان يفعل) لان من احضر هذه!
في مكان اخر بالحفرة، خاصة في المقهى انتبه ادريس لتصرفات من حوله فحتى ايمي قد اخذ حصته من البسكويت جعله يتصرف بغرابة قليلاً "ادريس اين ابناءك؟" "لا اعرف المفروض انهم عادو من مدة" ينتبه ادريس ع حفيده اكين الذي يقف بهدوء امام الصور ع جدار المقهى شارداً فيها مميلاً رأسه الى اليمين، سحبه من كتفه فبقي بالمكان الذي وضعه ادريس به يحدق بالفراغ لا يرسل ولا يستقبل، استغرب وضعه، خرج لخارج المقهى ليجد جيلاسون وميكي يجلسان بجانب بعضهما يصدران موسيقى حزينة او هذا ما يظنانه "ماذا تفعلان!" ليجيب ميكي "نقيم جنازة كالتي بالافلام، لقد ماتت بطلة الفلم بالنهاية، كم هو مؤسف" ليكمل جيلاسون بعد ان تهرب منه ضحكة "اكشين تريد اللعب مع الفراشات انظر انها هنا تلعب مع الفراشات" كان يشير الى مكان فارغ تماماً، يقاطعهم من مكان اخر صوت متين وهو ينادي ع كمال "لان عد الى هنا" "يوجد اعداء يجب ان نقتلهم" كان يرتدي بيجامة البيت ويضع ع عينه عصبة متين ويحمل معلقة ع اساس انها سيف يحركها بالهواء يميناً ويساراً بينما يركض من زاوية لزاوية مقلداً الشرطة، وانقض اخيراً ع ايمي ليقع كلاهما ارضاً...
"متين ماذا يحدث يا بني؟" "لا اعرف بابا لا اعرف، بدأ يتصرف بغرابة منذ ساعة تقريباً" ليجيب ادريس "ليس هو فقط اكين جيلاسون وميكي ايضاً، واولادي مفقودون!" فيرد متين "كانو ذاهبين باتجاه بيت صالح قبل ساعة تقريباً" "ماذا! ماذا يفعلون هناك؟" يأمن ادريس الجميع عند متين وينطلق باتجاه بيت صالح "انهم عندك" "تمام بابا" ... ما ان وصل البيت ودخل حتى صدم بما رآه..."ما هذه الحال!"

سيل دماء  <•••>حيث تعيش القصص. اكتشف الآن