دائمًا ما تتداخل الأشياء الجيدة مع الأشياء السيئة، تؤذي لكنها تعلم درساً، تماماً كحاجة إنسان إلى الزحف بمفرده عبر الظلال ليعرف حقًا ما يعنيه الوقوف في الشمس حتى تصبح الحياة أفضل عندما يعود كل شيء الى مكانه، لكنّ الأمور لن تسير كما تُريد دائمًا. الأوقات الصعبة لا تتعلق فقط بالحاجة المادية ، بل إنها تعني فقدان الروح، والأمل، وكل ما يحدث عندما تجف الأحلام الامال، وما بني عليها...
- فلاش باك-
خرج ادريس من غرفة ياماش، بعد ان ودعه وقبل جبهته "لتعتني بنفسك جيداً، وفكر بما قاله لك كهرمان" "لكن بابا! ان كان كلامكم صحيح، هذا يعني اني رميت صالح من الشرفة الى الاسفل" بادله ادريس نظرات تترجم بانها حزينة ليتبعه سؤال من ياماش "هل رميت صالح من الشرفة يا ابي؟" لكن تبعه جواب مغاير "لم افعل، يا بابا صالح، تركنا وذهب، ماذا تروون لي!" اقترب ادريس من الاصغر وقبل جبهته وجذبه لحضنه وعانقه "ليساعدك الله ع تخطي هذا الامر يا بني"... دعا له وخرج تاركاً الاخر يغرق مجدداً في ذات الكوابيس...
كان في ذلك المكان عيون تراقب كل شيء بدقة، منذ الليلة الاولى له هناك، وحتى الان.... فور خلى غرفة ياماش من الزوار، تسلل احد الرجال وفصل الكهرباء عن المكان، رجلان قاما بتخدير متين وميدات، واخرون الى ياماش، الذي قاوم وقاوم ضرب هذا ورما الاخر، لكن احدهم غدره وضربه ع رأسه و سحبوه من هناك...
- نهاية الفلاش باك-
الان~ صعد كلا الاخوين في تلك السيارة فيما هتف جومالي لصالح "انطلق هيا، من هذه الطريق" مشيراً له بالاتجاه، بعد مدة لم تتجاوز الدقائق، وصل كل من صالح وجومالي لاقرب بئر ماء للحفرة، ركنا السيارة واستعدا للدخول كل منهما يرفع سلاحه امامه ،يقف كلاهما فقط وثالثهما هو مشاعر مختلطة بين الخوف والرعب والتوتر، دخل صالح اولاً، وتبعه جومالي، واغلق الباب باحكام من تلقاء نفسه خلفهم، عم الظلام والرعب على المكان، لا يريان امامهما، يتحسس كل منهما مكان الاخر "يبدو اننا دخلنا الى فخ آبي" اجاب الاخر باستهزاء "هل استنجت هذا الكلام حديثاً!" قاطع حديثهما انوار شديدة الاضاءة، كشفت امامهم طريقاً ابيضاً طويلاً ومخيفاً، فور ابتعاد صالح عن جومالي صدر صوت عالي وكأنه صوت بوابة قد اغلقت، عندما نظرا خلفه تبين ان لوحاً زجاجياً فصل بينه وبين اخيه الاكبر، اصبح كل منهما في طرف "اكمل الطريق صالح" قالها جومالي وهو يؤشر الى الباب المقابل لصالح، ففتحه الاخر ووجد ياماش امامه مقيداً بسلاسل طويلة تربطه بالجدار اقترب منه هاتفاً باسمه "ياماش! بابناولو.." مر وقت طويل منذ اخر مرة ناداه بهذا اللقب، التفت الاخر اليه وفزع كالعادة وبدأ يصرخ "ليس انت مجدداً، ماذا تريد مني؟" حاول ابعاد صالح من امامه لكن الاخر اختفت المعالم عن وجهه، لقد ضجر من رفض ياماش له، راقبه وهو يتصارع مع افكاره، يرفضه!، تقبل كهرمان ورفضه؟، هل حقاً موت صالح له اثر بهذا السوء عليه؟، صرخ صالح بياماش "لان اصمت قليلاً، دعني اتكلم" لكن الاخر لا يستجيب، اقترب منه فحاول الاخر ابعاده ضاربهاً اياه بيديه، "الى هنا وصلت حدك، لقد مللت يا هذا! استيقظ" وضربه، صفعه بقوة، حتى تردد صوت تلك الصفعة بصدى مراراً، والصقت ياماش ارضاً، نظر صالح الى جومالي الذي ابتسم بالم "ارجو ان لا تكون قد كسرت فكه" "يوك آبي، هذا لا يكسر" رفع ياماش نظره الى صالح "لكن كيف..؟" ابتسم صالح وجثى امام ياماش "والله كل ما بالامر ان احدهم خطفني واوهمكم بقتلي..." نظر ياماش بقلق الى الاخر ووضع يده ع وجه صالح بهدوء "انت حقيقي؟" "ايفيت حقيقي، وكما ترى لازلت حياً لسببٍ ما، فهيا لا تطل، لنعد للبيت" "بابناولو" "افيندم ياماش جيم؟" "انا اعتذر، لاني رميتك من الشرفة" " ها ها، ستعتذر لاحقاً، لقد اطلت حقاً هذه المرة" تنهد براحة واكمل "ماذا يعني ان ترفض وجودي؟ لان كهرمان مات منذ عامين، وتقبلت عودته، وانا قبل عدة اشهر ورفضتني تماماً" كان صالح يحاول فك قيود ياماش ليفاجئه الاخر بضمه وعانقه جاذباً اياه للارض "لا تفعل هذا بي مجدداً بابناولو" فرد الاخر بنبرة تعكس الفرح "سأحاول" ودام عناقهم فترة ليست بقصيرة، وياماش لا ينوي تركه او التخلي عنه، "ياماش جيم، انت تخنقني، ثم هيا لافك وثاقك ونخرج من هنا ونتعانق كما تريد، اليس كذلك آبي؟" اجاب جومالي الذي يقف خلف الزجاج، رجاج مقوى لا يكسر، لكنه يعكس مشاعر الاخر وفرحه، يكاد يبكي ع حال اخوته، اجابهم "صالح محق هيا لتنجزا شيئاً واحداً" "الله الله آبي! وانت تقف هناك كالمشرف الصحي؟" "تعال اخرجني من هنا وسأريك ماذا يفعل المشرف الصحي يا ايها الثرثار" "يوك لتبقى هناك" واكمل مزاحه مخاطباً ياماش "والله كنت تستحق تلك الصفعة، اعادت لك عقلك اخيراً، ان لم تساعدني الان سأعطيك اخرى؛ هيا يجب ان نجد طريقة نخرج بها من هنا"...
"ومن قال انكم ستخرجون من هنا؟" صدع صوت التمساح في المكان، ليرفع مستوى التوتر الى القمة، هذا الحقير يجيد اللعب بدناءة، نجحو بفك قيد احدى يدي ياماش فيما التفت صالح الذي لمع في عينه لون احمر، بالقرب من اخيه الاكبر، فنهض مرعوباً بإتجاه جومالي صارخاً اسمه "آبي انتبه" كان يفصل بين كليهما لوح زجاجي مقوى، لا يخترقه الرصاص، فقد جرب جومالي سابقاً بلا فائدة، ما ان خطت قدمه قرب الزجاج حتى سمع صوت اقفال بوابة اخرى فنظر لطرف ياماش ليجد لوحاً اخر يفصله عنه، هو بالمنتصف، امامه يوجد الباب زجاجي وخلفه ياماش ومن خلفه جدار زجاجي اخر وخلفه جومالي، ازداد الجو برودة بسرعة واطفئت الانوار في طرفه، وازدادت حرارة بطرف ياماش، فيما احتل ضوء احمر صدر جومالي كوجهة له، يتحرك ببطئ كأنه يرسم لوحة معناها ان الموت قريب، ينتقل بنظره بين كلاهما لا يعرف اي خطوة سيخطو، ماذا يفعل! اساساً علق بين كلاهما، وقع في صندوق اسود معزول لا يسمع ما يحدث خارجاً لا ارسال ولا استقبال حتى... ما هذه الكارثة الان! قطع سلسلة افكاره صوت صاخب يترجم اغلاق الابواب كلا الطرفين، اختفى اخويه وعم سوادٌ حالك وصمت مخيف...
بعد مرور وقت طويل لربما كان طويلاً او قصير، غير معلوم، في طرف ياماش، استعمل ذات التقنية لفك قيد يده الاخرى، واستطاع فك نفسه، بدأ يبحث عن طريقة ليخرج نفسه، المكان يزداد دفئاً، والطريق غير معلومة الى اين، يحاول التواصل مع صالح لكن يبدو ان هناك عازل صوت او ما شابه، لا احد منهم يسمع الاخر، اخرج صالح هاتفه واضاءه ليبحث عن طريقٍ للخارج، لكن لا جدوى، مر عدة دقائق وبدأ يشعر باواصله تتجمد، بدأ جسده يرتجف وهو لا يسيطر عليه، يحاول تدفئة نفسه لكن حرارة الغرفة انخفضت الى ما تحت تحت الصفر كحد ادنى، انكمش ع نفسه وهو يسير ذهاباً واياباً عله يحافظ ع تركيزه والبعض من دفئ جسده، يطرق ع جدران المكان وهو يصرخ لكن لا مجيب، ولا حتى يوجد صوت يأتي من الخارج، في الطرف الاخير، كان يصدر صوت صرير عالي جداً ممزوجاً بصوت يشبه صوت الفأر، ينخر في رأس جومالي وكأن الفأر يأكل دماغه من الداخل، والاخر يحاول ايجاد طريقه لاخوته، كل منهم يبحث عن طريقه للاخرين، طريق كل منهم مغلق، الاصغر بدأ يخلع ملابسه من شدة الحر، وكأنه يجلس في فرن، والاخر بدأ يسيطر عليه بالنعاس ويهذي حرارة جسده انخفضت كثيراً كان الوضع وكأن أحدهم يريد تجميده لتجربة ما، والثالث يمكن وصفه وكأن دماغه يسيح من شدة حدة الاصوات عنده...
حالف ياماش الحظ اخيراً، ووجد طريقاً لخارج الفرن الذي تم حبسه بداخله، وجد مفتاحاً داخل علبة داخل خزانة خلف طاولة، من خبأه هناك لم يكن يريد ان يجده احد، وجد المفتاح، بقي ان يجد الباب، كل شيء يبدو كبعضه في هذا الجدار الابيض، الاضاءة خافتة جداً اساساً عنده، بحث حتى وجد لوحة مفاتيح، ضغط عليها بعشوائية، فتح احداها طريقاً الى الباب والاخرى فتحت الجدار بين صالح وجومالي..
رفع صالح رأسه ليرى اشعة الليزر تلك لازالت ترسم طريقهما ع صدر اخيه "آبي!" وما ان حاول الاقتراب حتى قطع طريقه رصاصة دوى صوتها عالياً...
مر ساعة ع وصولهم، الا انه لم يصل خبر منهم الى اهلهم مما تسبب بقلق بالغ لوالدهم واخوتهم... خرج ياماش من ذلك المبنى وسمع صوت دوي الرصاص، صوت واحد وصدى له بان وكأنه رصاصة اخرى، دار حول المبنى لكن لا مدخل، المدخل الوحيد موصد باحكام، ظل يحوم حول ذلك المخزن اللعين، حتى انتبه لوجود غرفة صغيرة قريبة، فقرر الدخول الى هناك وليحصل ما سيحصل، أساسًا لن يسوء الوضع اكثر من ذلك...
في الداخل، كان يحاول النهوض لكن جسده قد بدأ يتجمد، "صالح هل انت بخير؟" "تجمدت *****" ضحك جومالي ع جواب اخيه، فيما اتسعت عيني الاخر عندما ارتكز الليزر مرة اخرى ع صدر جومالي فهم ان الامر قد وصل ونصَّ ع تصفيه جومالي هذه المرة، صرخ باعلى صوته ع اخيه "آبييي"، لكنه لم يكن سريعاً كفاية، كانت الرصاصة قد صنعت طريقها في جسد اخيه، قفز صالح سريعاً وامسك به قبل ان يسقط ارضاً، "آبي هل تسمعني؟ آبي!" يضغط ع ذلك الجرح النازف، ويحاول جهده يعيد الاخر لوعيه، مرت تلك الرصاصة من صدره وشقت طريقاً عبر ظهره الى الجدار، "آبي افتح عينيك قليلاً، هيا انهض ارجوك" خلع سترته واحاط بها جرح الاخر، دماءه تسيل بسرعة، "آبي!" كان نفس الاخر غير منتظم، لكنه يتنفس، نبضه سريع لكن بالكاد محسوس، فتح الاخر عينيه بخفوت ليجد صالح امامه، ويبدو الفزع ع معالمه ونبرته "يواش تشوجوك، ايقظت الميت" ابتسم الاخر وضحك بنبرة حزينة "اوف ابي، لا تضحكني، ولا تتعب نفسك" كانت الغرفة شديدة البرودة، فقد امتد البرد من مكان صالح الى كامل الغرفة، يضغط ع جرح الاكبر ويحاول ابقاءه يقظاً، جسده يرتجف برداً "صالح" "ايفندم آبي" لماذا ترتجف هكذا يا فتى؟" "دعك مني الان وركز ع حالك قليلاً" "هل يوجد مخرج؟" رفع الاخر رأسه ونظر للمكان، مغلق، اعاد جومالي سؤاله "صالح، هل هناك مخرج" اجتمعت دموع الاخر ع اهداب عينيه، لتو استوعب انهم في مكان مغلق، ولا ارسال بهاتفه، واخاه ينزف بين يديه، اصابته خطرة، وقد يموت، بل سيموت ان لم يخرجو سريعاً، اساساً اصابته تقريباً بذات المكان الذي اصابه كهرمان به، كان يهز رأسه يمينا ويساراً تكرار بانكار "لا يوجد، لا يوجد ليلعنهم الله لا يوجد مخرج" "صالح.." "اششش اصمت ابي، لا تتعب نفسك" "صالح اسمعني، ان لم اخرج من هنا حياً، العائلة بامانتك يا فتى، ستعتني بهم، وستعتني بنفسك، والا..." قاطعه الاخر "آبي أهدأ ولا تهدر طاقتك عبثاً، هل ستترك كل العائلة بعهدتي؟ بالكاد اعتني بنفسي آبي" ضحك كلاهما ليجيب جومالي وكانت قوته قد خارت وسعل الدماء نفسه صعب جداً "صالح اننا بوضع جدي اترك المزاح جانباً" كان يجاهد ليبقى يقظاً، والاخر ازدادت رجفة جسده، وهو يحاول ان لا يفقد امله "آبي ابقى يقظاً" كان الاخر يفقد وعيه تدريجياً "الجو بارد" همهم ببعض الكلمات واستسلم بعدها، "آبي.." علت نبرته عندما استوعب فقدان الاخر لوعيه، حاول ايقاظه لكن عبثاً، دماءه ملئت يدي صالح، ثيابه وكل مكان تقريباً ان لم ينقل الى المشفى خلال دقائق سيموت، ونهض وراح يبحث عن طريقة او مخرج، لكن لا امل...
في الطرف الاخر، دخل ياماش لتلك الغرفة، دخل ليجد بها ما يبدو انه رجل امن، تشاجرا حتى انهى ياماش امره، وجد جهاز تشويش، وهذا بالضبط ما كان يشوش ع هاتف صالح، رماه ارضاً محطماً اياه، تذكر صوت الرصاص الذي سمعه منذ لحظات، فبحث بجيب الرجل عن هاتف واتصل بالطوارئ فوراً، ثم اكمل بحثه عن طريقة لاخراج اخوته من ذلك المكان، لم يترك مكاناً الا وبحث به حتى وجد مفتاحاً كهربائياً بالقرب من عداد فضغط عليه، وانطلق الى مدخل المستودع مع وصول سيارة الاسعاف...
فُتح الباب مع صوت سيارة الاسعاف، اندفع ياماش، ليجد جومالي فاقداً لوعيه بين يدي صالح، اقترب ليتفقده وخلفه المسعفين الذين طلبو من ياماش الابتعاد وابعاد صالح، كم يجب ان يستوعب عقل ياماش المتعب؟ قبل دقائق اكتشف ان ابن ابيه حي والان ان اخاه الكبير يصارع روحه؟... "هلا ابتعدتم قليلاً" طلب ضابط الاسعاف، فيما سحب ياماش صالح جانباً ليتعثر الاخر ويسقط ساحباً ياماش معه ارضاً، يراقبان طاقم الاسعاف وهم يعملون ع اخيهم، الذي كان يغرق حرفياً بدماءه لكن ع الاقل قلبه لازال ينبض، جهزوه وحملوه واخذوه خلال دقائق قليلة جداً، وخرجو.. "صالح اين مفتاح السيارة؟" لكن الاخر شرد بعيداً وهو ينظر ليديه الدامية، لا يجيب، يعاد في رأسه لحظة اصابة اخيه، لا يستطيع تخطي الامر، كأنه قد خُط بداخل تلك الذاكرة، اخرجه من دوامته تلك صفعة من ياماش "صالح عد لوعيك يا هذا" كان ياماش يجلس امامه بعد ان اخرج المفتاح من سترة صالح المرمية ارضاً، "بابناولو، انظر الي، لماذا ترتجف هكذا؟" رفع الاخر نظره لياماش "هيا الى المشفى" نهض وانطلق ياماش خلفه وهتف "انا سأقود يا صالح" "كما تريد، لكن اسرع.."...
وصل الخبر للحفرة، وسرعان ما ان زُرع ادريس وابناءه الذين بقو معه بالمشفى مع وصول الاسعاف، وتم ادخال المصاب للعمليات فوراً "وضعه حرج" هذا كل ما يعرفونه عن حال اكبرهم، وصل ياماش وخلفه صالح، استغربو حالهم، ياماش بكامل عقله ويمشي بجوار صالح، اما صالح صُبِغت ملابسه بالدماء، شاحباً وشفاهه مزرقة، شكله يوحي بانه شهد ع الكارثة، اقتربا من الموجودين "هل من خبر؟" "لا ادخلوه قبل قليل" ارتكز صالح الى الجادر بجانبه وجلس ارضاً، يضم نفسه ع نفسه، يرتجف برداً وخوفاً من خسارة اخيه، فجسده لا يشعر بالدفئ فقط برودة تلك الغرفة، كان ادريس يراقب بصمت وقلبه يحترق، مرة اخرى يتأذى ابناءه وهم امامه، نظر لياماش الذي شرح ما حدث ثم اكمل "كان محتجزاً في غرفة شديدة البرودة، وجومالي ابي بجانبه وكان بينهما عازل، وشهد اصابة اخي، كانا معاً عندما وصلت الإسعاف" جلس ادريس القرفصاء امام ابنه، ومرر يده ع وجهه، رفع الاخر نظره لوالده "لم أستطع حمايته هذه المرة يا ابي" "لا تستطيع حماية الجميع يا بني" "هل، هل سيكون بخير؟" "ان شاء الله، انه قوي سيتخطى" مرر ادريس يده ع جبهة الاخر وجسده ونظر لسليم "جسده متجمد، لتأخذه الى البيت ويبدل ملابسه.." قاطعه صالح الذي رفض تماماً "لن اذهب لاي مكان" اقترب سليم "لكن صالح، قد تمرض.." اجاب الاخر بنبرة حادة "قلت لن اذهب" "ع الاقل تعال نغسل يديك" اخذه سليم بينما اشار ادريس ليحضرو ملابس نظيفة له...
مر عدة ساعات، ولا رد حتى الان، اتى ايمي وبيده كأس شاي ساخن "اشرب يا بني انك ترتجف منذ ساعات، ليدفئ داخلك قليلاً" اخذها الاخر وحقاً جسده يرتجف بلا توقف، يجلس بجوار والده، كان ادريس قد اعطاه سترته والسترة الخارجية ،لكن لا جدوى حرارة جسده لا ترتفع، ولا خبر عن اخيه، ربما هذا ما يزيد توتره وقلقه ايضاً... ياماش يمشي ذهاباً واياباً سليم يجلس مقابلهم في اخر الردهة يحاول السيطرة ع اعصابه، كهرمان يجلس بتوتر مقابل ابيه، والساعة تمر ببطئ شديد وكأن العقارب لا تتحرك، حتى فتح ذلك الباب اخيراً "لقد نجى" هذا كل ما فهمه صالح من كلام الطبيب، قال الكثير من الكلام، لكن عقله لا يعمل كما يجب، لا يستوعب ما يجري...
"هل استطيع رؤيته؟" سأل صالح بصوت خافت لكن الاجابة كانت الرفض، نظر لهم جميعاً يبكون فرحاً ام حزناً لا يعلم، يشعر وكأن احدهم يعصر جوفه، تركهم وذهب لدورة المياه، لاعت نفسه، ثقل الحمل عليه، ليس جيداً لمن في وضعه كمية هذا الضغط، لحقه ياماش معطياً خبراً للباقين "اتركو امره لي"، دخل ليجده يجلس ارضاً وينظر للفراغ، قد خارت قواه، رفع نظره لياماش الذي جلس بجانبه "الى متى سنستمر هكذا بابناولو؟ كل يومين نفقد احدنا؟" اجابه الاخر محاولاً دعمه قليلاً "لم نفقد احداً حتى الان" ثم اكمل ممازحاً "الا بضعة اعضاء مثل كبدك.." ضربه الاخر ع كتفه "دماغك ايضاً" "اوف صالح لا تذكرني بما مررت به، كان شيئاً عجيباً" "اعجبتك المخدرات اذا؟" "صالح ياا!" واكمل متسائلاً "الازلت تشعر بالبرد؟" "ايفيت ، بل وتخدر جسدي بالكامل" "هيا انهض لنذهب الى جوار ابي، حتى لا يقلق اكثر" نهض ياماش ومد يده الى صالح لينهض الاخر، وعادو الى جوار ادريس "كهرمان وسليم ليبقى احدكم هنا والباقين هيا الى البيت" "لكن بابا.." قاطعه ادريس بنبرة غاضبة "انت بالذات الى البيت، لتدفئ قليلاً ترتجف مثل قطة سقطت في دلو ماء" نظر صالح لوالده باستغراب، ليدفعه ياماش ويمشي بجواره "الرجل قلق ع ابنه الاكبر، لا تجادله، ايها القطة المبتلة" "اوف ياماش، لا تجعلني اخرمشك مثل القطة الان" ابتسم الاخر مبتعداً من امامه، وفي طريقهم الى البيت...
مرت الليلة بهدوء جومالي بالعناية المكثفة، سليم وكهرمان بالمكان، صالح وياماش كل منهما ينام في سريره بجوار زوجته وابناءه، بقي ادريس يدور في البيت لا يهدأ له بال، دخل غرفة صالح مع ساعات الفجر ليتفقده "الحمدلله اخيراً اعتدلت حرارته" لينهض الاخر فزعاً "هل حدث شيء؟" همس له الاخر مطمئناً "لم يحدث شيء، لا تقلق، فقط اردت ان اتفقدك" "انا بخير يا ابي لا تقلق، فقط حبسني ذلك ال*** بغرفة شديدة البرودة حتى تجمد ***" ضربه والده بخفه ع يده "من امامك حتى تشتم يا هذا، ثم من يستيقظ وهو يشتم يا هذا" "اعتذر" "هيا لتكمل نومك، لا تيقظ الباقيين"...
مر يومان وبدأ حال جومالي يتحسن الى الافضل، سمحو لهم بزيارته، فكان الاخوة يتناوبون، تارة احدهم وتارة زوجته او ابيهم... "جونايدين آبي" قالها وهو يعدل شعر اخيه الاكبر "لقد اطلت حقاً بنومك هذه المرة، لاذكرك، هذه مهمتي وانت مهمتك ان تجلس بجواري كما اجلس انا حالياً، ليس عدلاً ياو، يعني كهرمان من جهة، ثم ياماش، سقط سليم جريحاً بين يدي، والان دورك، وتقولون انني انا الطائر الجريح بينكم يا هذا، انظر انا من بقيت واقفاً بينكم" اعتدل في جلسته ع طرف السرير "سأخبرك بشيء، لقد وجدت مكان التمساح وسأذهب الى هناك مساءً، شي، ان لم تستيقظ الان سأذهب لوحدي، واحضره من شعره... ها لكن لتستيقظ وتخبر اخوتي كي يلحقو بي، ان استطاعو يعني" امسك بيده وضغط عليها عل الاخر يرد عليه لكن لا جدوى "ربما بسبب التخدير لكن آبي، (اكمل بنبرة مكسورة) هيا لتعطيني رد فعل يثبت انك تسمعني، ارجوك لا تفعل هذا، لقد اعتدت عليك بطريقة... اوف آبي، لا تتركني هنا لوحدي، لا تذهب وانا اعتد ان اجد من يحميني من بطش هذه الدنيا..." اقترب منه مقبلاً رأسه وخرج...
التقى بوالده بعد خروجه من الغرفة "هل من جديد؟" "لا شيء يذكر للاسف.." لم ينهي كلامه حتى سمعو صوت انذار الالات يرتفع من غرفة المريض، ابعدهم عن الطريق مرور احد الطاقم الطبي الى الغرفة، والذي لحقه عدد اخر من الممرضين والاطباء، شيء ما حدث، شيء سيء حتماً... توقف الوقت تماماً بل لربما كان يمشي ببطئ مجدداً، هل قلبه توقف؟ هل بدأ ينزف مجدداً؟ هل استيقظ ام انه يموت؟ كانت هذه الاسئلة تدور في عقول الموجودين، كان الوقت يزحف كسلحفاة، اخذوه من تلك الغرفة الى مكان ما، بقيت العائلة مكانها لا احد يعلم ماذا يحصل، مرت ساعة وتلتها الاخرى ثم الثالثة حتى اعادوه الى غرفته لكن هذه المرة يتنفس بواسطة جهاز، دعى الطبيب اياهم الى مكتبه، وانضم اندريا اليهم ايضاً، شرح الكثير وبالمختصر "اصيب بجلطةٍ رئوية، حللنا الامر، لكن مصيره مجهول، سنراقبه ونرى" واكمل "لا اعدكم بشيء، فبقاءه ع قيد الحياة يحتاج اجتيازه معركة حقيقية، اساساً تم ازالة جزء متضرر من رئته، وبالكاد انقذنا الباقي سابقاً.." تركهم الطبيب محطمين تماماً، ان كان يوجد امل قد اخذه منهم، لم يستطيعو استيعاب هذه الصدمة لتلحقها اخرى عندما ورد اتصال من الحفرة، يفيد بهجوم مسلحين ع بيت العائلة، ما هي الا ثواني، حتى بقي ادريس لوحده فقط بالمشفى وابناءه انطلقو باتجاه البيت، كان لحظات صعبة جداً، من جهة احتمال فقدان احد افراد العائلة، ومن جهة اخرى، احتمال فقدان جميع افراد العائلة مرة واحدة، تفرقو ع سيارتين ووصلو البيت في وقت قصير، كان رجال الحي قد تجمعو امام البيت يخوضون اشتباكاً دام طويلاً، انضم الاخوة الاربعة، وانهو الرجال جميعاً ثم اندفعو الى داخل البيت، يتفقدونهن فرداً فرداً من اكبرهم الى اصغرهم، الحمدلله مرت ع خير، الجميع بخير هذه المرة، لم يصب احد، كان كهرمان قد امسك باحد الرجال بالخارج يحقق معه، "اساساً واضح جداً ان هذا عمل تلك السحلية اللعينة" قالها صالح الذي جلس ارضاً يحاول استجماع الامور، فيما رد سليم "يريد اخته طبعاً، كيف سنقول له انها ليست معنا؟" نظر ياماش باستغراب "اين هي اذاً، الم تكن معكم؟" فرد سليم "هي معنا وليست معنا، يعني ليست بالحفرة، لكنها بيد صديق لابي، في مكان اخر"...
حل مساء ذلك اليوم، ادريس بالمشفى بجوار ابنه ومعه كهرمان، سليم بالبيت مع صالح وياماش، حتى ورده اتصال، فانسحب صالح من المكان بهدوء، وخرج ليركب السيارة، شغلها وكاد ينطلق ليتفاجئ بان احدهم فتح الباب وركب بجانبه "هيا انطلق" "الى اين؟" "للمكان الذي تنوي الذهاب اليه متخفياً بابناولو" "ياماش.." "صالح حباً بالله لا تتصرف وكأنك لا تنوي الذهاب وانهاء امر التمساح، هيا اثنان افضل من واحد، هل يوجد اسلحة كافية معك؟" ضحك صالح وانطلق بالسيارة "معتوه، لان بالكاد عاد اليك عقلك والان تريد دخول اشتباك؟" ابتسم الاخر مجيباً "ع اساس انت بكامل عقلك تذهب لاشتباك لوحدة ضد جيش؟ ثم لنعيد مجدنا السابق، ونعود ثنائي مميز، ولنسميه فاريام" "حباً بالله اي اسم هذا ياو؟" "الا يضعون اول حرفين من كل اسم ليخرجو اسماً للعلاقة، يعني بالافلام او ما شابه" "ماذا تهذي يا بني؟" "لا ادري، اشياء كانت ترويها ايفسون" "هاا ايفسووون المعتوهة تلك، نسيت امرها تماماً، لننهي امر التمساح اليوم ونذهب خلفها لاحقاً" ليرد ياماش "لكن ليبقى امر انهاءها لي، لانتقم انا" "لك ما تريد، لكن لننهي امر اليوم بلا اصابات والا يضعنا ابي في زنزانة ويغلق علينا" فاجابه الاخر "يوك لا يفرطون بنا، يربطوننا كل في غرفته كما فعل بك جومالي آبي سابقاً" "والله الزنزانة ارحم من تلك السلسلة، ها قد وصلنا هيا استعد لنأخذ انتقامنا، لكن، ركز معي بابناولو، نريده حياً، ننتقم منه سوياً" "ان شاء الله" "ها ولن آتي لوحدي" خرج كلاهما وحملا عتادهما، واتى من خلفهم العديد من رجال الحفرة، وتسللو الى ساحة منزل التمساح...
"لااايديييز اند جينتلمينلاد" رافقت اول رصاصة واعلنت بداية الاشتباك، كل منهم يحمي ظهر الاخر، يتحركان بانسجام، كل منهما يطلق باتجاه، يحمي كل منهما الاخر كأنه اخر شيء سيفعلانه في الوجود، اشتباك استمر وقتاً طويلاً وانتهى عتادهما، انتقلا الى مرحلة المواجهة المباشرة (الجسدية) لكمة هنا، وركلة هناك، تلقيا كما اعطيا لكنهما مستمران، كان نفس ياماش اطول في تلك المعارك دائماً، اما صالح، يبحث عن طريقة اسرع واسهل كعادته، وجد لنفسه سلاحاً، وانهى من امامه، ليأخذ اسلحتهم، كان ينهي من امامه بطريقة اسرع واقل جهداً، ولربما اذكى ايضاً، لكن اكثر صخباً، وصلت طريقهن بالنهاية الى ملجأ مغلق، يُفتح من الداخل فقط، او بحاجة الى رمز سري حتى يفتح من الخارج، اقترب صالح من ياماش الذي يلعب الملاكمة مع اخر الرجال "ياماشجيم" رفع الاخر نظره الى صالح الذي اكمل "لتترك بالرجل لساناً يتكلم" "لماذا؟" "لان سيده يختبئ بالداخل وحسب خبرتي نحتاج كود او رقم سري" اقترب وجلس القرفصاء بجوارهم "هل تحب لعب دور كيس الملاكمة ياماش؟" نظر الاخر باستغراب "ماذا تهذي؟" "انا اهذي؟ انظر لوجهك اصبح خريطة، وانا خرجت بخدشين" ثم اكمل كلامه موجهاً اياه للرجل "ما الرقم؟" ليرد الاخر مترجياً "ارجوك اتركني اذهب" "بالطبع جنم، اعطني الرقم ثم اذهب اينما تريد" فقال الاخر كل شيء بالبلبل، نهض صالح ووضع الكود "اتركه ليذهب" "حقاً، هل ستتركه بهذه البساطة" "اجل، يعني لنقل صدقة لاجل اخي جومالي" نهض ياماش وهو يضحك ع اخيه، فيما فتح الاخر الباب، ليجدو التمساح يشاهد التلفاز ع اعلى صوت ممكن وامامه الكثير من البرتقال "يبدو انه يعشق البرتقال" قالها صالح الذي اغلق الباب واتجه الى جوار التمساح فيما التقط ياماش برتقالة ورماها باتجاه صالح الذي ضرب بها التمساح، "هيا جنم، سنذهب في رحلة قصيرة" اخرج ياماش سلاحه واطلق ع التلفاز، "تؤتؤ تؤ ماذا تفعل بابناولو؟ كنا اخذناه معنا، وحولنا الملحق لقاعة افلام" "تعني سينما؟" "يوك، نحتاج كراسي مريحة ومشاهدين ذو ذوق حديث لتسميها سينما، تذكر اخوتك جومالي وكهرمان، وفكر بالامر مجدداً" "معك حق" انضم التمساح اليهم "خذو الشاشة ولاذهب انا بطريقي" لكن صالح امسكه من شعره فيما رفع ياماش سلاحه بوجهه "يوك انت ستأتي معنا"، اطلق ياماش ع ركبته فيما جراه للسيارة من شعره، بعد ان تأكدا ان لا سلاح معه، افقداه وعيه ورمياه في صندوق السيارة، وجلس صالح خلف المقود وياماش بجانبه، وانطلقا في طريق العودة...
"ايفدم سليم" اشار لياماش، ليدخل ويغسل وجهه فينا يملئ السيارة بالبنزين، بينما رن سليم عليه،"ربع ساعة ونكون بالحفرة، اجل انه معي، لا تقلق سليم نحن بخير، اني املئ السيارة بالبنزين فقط، لا تخبر ابي بشيء، سأذهب لبيتي القديم، سأترك هناك شيء، سيبقى هنا ايضاً ميدات وجيلاسون، وربما ميكي وكمال، يا سليم اخبرك عندما نصل" "لا تتأخرو، لقد حصل شيء لاخي جومالي يجب ان تأتو سريعاً.." لم يترك مجالاً للاخر حتى ليسأل واغلق الخط، "ياامااش هيا بسرعة يا بني"...
ربع ساعة كانت تكفي، ليضعو التمساح في زنزانة في قبو بيت صالح القديم، وتقييده جيداً، "اولاً نريد ثلاجة، ثم لن يتحرك ايٌ منكم من هنا، حتى نعود، تتواصلون مع متين فقط ليحضر لكم احتياجاتكم، هيا انه بامانتكم" وخرج مع ياماش متجهين للمشفى، وسريعاً الى غرفة اخيه ليلاقيهم والدهم "الاثنين سوياً ما شاء الله، اين كنتما؟" اقترب من ياماش بعد ان لاحظ الكدمات ع وجهه "ماذا حدث لك؟" اجاب صالح محاولاً احتواء الامر "لقد امسكنا بالتمساح، لقد كان يحيط منزله جيش من الرجال، وهذه اثارهم..." لم ينهي كلامه ليتلقى صفعة من والده واخرى لياماش "انت اساساً متى عدت لوعيك ايها الغبي، وتركض وراء المعتوه هذا، الن تعقلا؟ لم يخرج اخوكم من العناية بعد وانتم تركضون باتجاه الرصاص، ارحمو والدكم قليلاً" "لكن.." "صالح، انهي زيارتك والى البيت كلاكما، لن تخطوا خطوة للخارج، وانا سأتأكد من ذلك" تركهم وخرج مع ايمي باتجاه الحديقة فيما اقترب كهرمان واعطى صالح منديلاً "لتسمح الدماء التي سالت من شفتك، ثم هل ذهبتم لوحدكم حقاً؟" لم يجب اي منهما، بينما يحدق الاخر في عينيهم لعلهما ينفيان الامر، لكن صمتهما اثبت صحة الكلام.. "ذهب معنا عدد من رجال الحفرة" "يا براڤو براڤو، ماذا ان حصل شيء لكما يا هذا!.." قاطعهم سليم الذي خرج من غرفة اخيه للتو "ع اساس انك لم تفعل ذات الشيء مع صالح سابقاً؟" صمت الاخر ليسأل صالح "اخبرني الامر ماذا حصل؟ اخفتني ع الهاتف" "يبدو انه كان كافياً لاحضارك الى هنا" اجاب الاخر متذمراً "هلا اجابني احدكم، كل منكم يرميني بكلامٍ ومحاضرة.." اجابه سليم بنبرة واضح بها الجدية "اولاً جومالي آبي استيقظ وهو ينتظركم، ثانياً، اصمت يا صالح، تصرفك هذا ليس من مصلحتك وانت تعرف ذلك، تبحث عن المشاكل كمن يبحث عن كنز، الا يكفي ما مررنا به مؤخراً، الم نقم عزاءك يا هذا؟ الم يحاول كهرمان قتلك واحتجز ابي؟ هذا (مشيراً الى ياماش) لقد عاد من الجحيم، والنائم بالداخل لقد طعونه في السجن قبل خروجنا بساعات، قال لي انه تمسك بالحياة لانه رآك، رأى طيفك، فقرر ان يقاوم، وحضرتك تركض للمصائب" صمت قليلاً واكمل "اجل انت بوضع جيد منذ فترة، لكن لا تتهور يا هذا، لا تريد ان ينتكس حالك، لاذكرك بتلك الفترة التي كنت لا تخرج من مرض الا لتسقط بالاخر" نقل نظره لياماش "الى متى ستتصرفان هكذا! الا يوجد كبير فوقكم؟ ابي واخي جومالي، كهرمان وانا ايضاً، يا هذا اننا امامكم وذهبتم لوحدكم، اثنان ضد جيش، تمام فهمنا فارتولو اعتاد العمل لوحده، وانت ياماش هل كنتم تريدون ان نرفع جنازتكم ام ماذا؟ (علت نبرته) اجبني.." ما كان من ياماش الا ان احتضن سليم معتذراً منه "اعتذر آبي، لم نقصد، لكن ما حصل مع اخي جومالي اشعل النيران في صدورنا" انضم الاثنين الباقيين الى العناق الذي امتد لدقائق، قبل ان يفكه سليم "تمام بدأت اختنق" فرد صالح "عدت للتذمر اذا! هيا اذهبو سأبقى انا عند اخي جومالي" رد سليم "عديم التربية" "هادي جنم الى البيت" فاجاب كهرمان "باحلامك، سأبقى انا هنا حتى لا تهرب مجدداً، ثم الم يخبرك ابي انه يريدك بالبيت؟" ضحك الاخر ودخل للغرفة، "مساء الخير آبي" اقترب الاخر يكاد يطير فرحاً الا ان الاخر اجاب متجهماً وينظر له بحدة "مساء النور" اختفت الابتسامة عن وجه صالح "ارجوك قل انك لم تسمع ما حدث بالخارج" رفع الاخر حواجبه مستنكراً فاجاب صالح "هل اذهب اذاً؟" نفى الاخر برأسه "يوك، ابقى هنا لارى" اقترب الاخر وجلس بجوار اخيه ع طرف السرير وامسك بيده "انت بخير اليس كذلك آبي؟" "لازلت حياً كما ترى صالح افندي" "لتبقى فوق رأسنا، وشيء اخر لا تفعل هذا مجدداً، لا تفعل هذا بي" تبادل كلاهما النظر ثم العناق "ع مهلك يا فتى هناك انابيب تخرج من جروحي" "اعتذر" "ولا تنسى سأحاسبكم ع غباءكم هذا، يجب ان اجد لك لقباً كأخوتك، ولن يكون فارتولو لاني لا ارى امامي الا طفلاً اهوجاً يرمي بنفسه من مصيبة لاخرى" "يا آبي..." "لا تتذمر هذه هي الحقيقة"...
خرج جومالي من المشفى بعد اسبوعين، وقرر ادريس تطبيق عقابه حينها، حيث ابقى سليم وكهرمان بجانبه وحبس الباقيين بالبيت...