كم نحن سيئون ايها البشر، لا نعطي ما نحب لمن نحب ننتظر دائماً الوقت المناسب، في حين اننا ندرك ان الوقت المناسب ما هو الا حجة... بالنهاية ستنتزف كل تلك الفرص و ستجلس لوحدك تتمنى ان يعود بك الزمن لتعطي ما حفظته...
تنام في حضن زوجها شاحبة بل بيضاء البشرة، كالملاك، فهم ادريس فوراً ان ما امامه هو جسد بلا روح، لم تحمله قدماه ليسقط ارضاً بجانب السيارة التي تحوي جسد ابنة ابنه الذي لم يشبع منه...او منها..
يهب ابناءه لمساعدته... كان صالح يطالعهم بحزن فعلاقته لم تكن قوية مع الفتاة البيضاء لكنه يخاف ردة فعل جيلاسون خاصته، كانت قوته بالكاد تكفي ليستند لجدار المقهى فينزل للارض جالسًا ضاماً جسده يراقب كيف انقلب حال عائلته من فرح قدوم افراد جدد الى عزاء فقدان احد افرادها و من! اخر من بقي من كهرمان... دمعت عيناه باكياً بكاء الاخرين... مرت ساعة قبل ان يعلن عن موعد دفنها بساعات الظهيرة باحدى مآذن الجامع في حييهم، في بيت كان يعج بالفرح باليوم السابق، حل اللون الاسود كضيف ثقيل، الجميع يبكي و يعيش حالة صدمة، كيف انقلبت حالهم خلال ساعات! كانت بينهم ع تلك المائدة والان!... كلٍ منهم يلوم نفسه لانهم لم يستطيعو حمايتها...
يدخل سليم برفقته كاراجا التي هب الجميع للترحيب بها والاطمئنان عليها "الحمدالله ع سلامتك" كان الجميع سعيداً لانها بخير، لكن هل هي بخير حقاً! اقتربت منها عائشة معانقةً اياها بشدة... لتتقدم ببطئ وتجلس ع الاريكة و تسأل بصوت يرتجف "اين اكشين؟" كان سؤالاً استنكارياً فهي تعلم انها قد قتلت فقد رأت ذلك بعينيها عندما قطع يوجال رسغيها و نزفت دماءها امام عينيها قبل ان يعيد تخديرها مجدداً... لا تنسى صوت انين الاخرى عندما مرت تلك الشفرة من رسغيها، تحاول كاراجا البقاء صامدة... كانت تتناقل النظرات بين نساء العائلة ثم الى كاراجا التي احسا بها فاكملت "اعرف، اعرف ما حدث اخبرني ابي،(ثم اكملت باكية) اين هي اريد ان اودعها" لترد عليها والدتها "هيا لنذهب سوياً" ... يكمل سليم طريقه لوالده و اخوته ليجدهم جالسين كل منهم ينظر للفراغ لا يصوت يخرج منهم ليكسر صمتهم قائلاً "اين صالح؟" يلتفت ياماش باحثاً حوله لكنه لم يجده، فيجيب ادريس "انه بغرفتي ارسلته ليرتاح قليلاً" ليرد سليم "كيف اصبح وضعه؟ انشغلنا في همنا و نسيناه" "وضعه ليس جيداً، جومالي انه بامانتك احضر طبيبه الى هنا بعد مراسم الدفن" "امرك، هل سيذهب معنا؟" "لن نتركه لوحده هنا"....
مرت مدة وحان موعد الدفن، انطلقو حاملين اخر ما بقي من كهرمان ع اكتافهم، كان جيلاسون و ياماش بالمقدمة يليهم سليم وجومالي، كاراجا تحمل صورة صديقة طفولتها، كان يمشي خلفهم ادريس بخطوات ثقيلة، ع يمينه صديقه ايمي و ع يساره صالح ابنه سيء الحظ... وصلو المقبرة نزل جومالي للقبر و انزل الفتاة البيضاء لمثواها الاخير فيما وضع سليم خشبات ذلك القبر الضيق، بدأ الباقون برمي التراب ع قبرها، يحمل جومالي المجراف بعد ان اعطاه اياه ياماش رامياً تراباً اختلط مع دمع الباقيين لكنه بقي صامداً لم يبكي طوال هذه المدة، يحاول صالح اخذ المجراف منه ليمنعه الاخر قائلاً "حباً بالله بالكاد تقف" و يعطي من يده لميدات الذي كان بجانبهم "هيا اذهب وابقى بجوار ابي"...
ينتهي الدفن و يبقى جيلاسون جالساً بجوار القبر يبكي الحال التي وصل اليها، بقي بجواره صديقه ميكي، كان الصمت يعم المكان فقد ذهب الجميع و بقي كليم الروح يبلل تراب عشيقته بدموعه، روحه تؤلمه كثيراً فما كان منه الا ان حاول حفر تلك الارض التي ابتعلت خاصته، كان يحفر كالمجنون، فيعانقه ميكي من الخلف ضاماً اياه محاولاً التخفيف ولو قليلاً من المه والم روحه ...
في ذلك البيت الكليم اجتمع اهل الحي مقدمين واجب العزاء، يجلس جومالي مبحلقاً بصالح الذي يجلس قبالته فينتبه لادريس الذي ينظر اليه محاولاً لفت انتباهه، لينتبه الاخر اخيراً فيومئ اليه ليلقي نظرة ع صالح فهم الاخر ان والده قلق ع صالح الذي كان التعب واضحاً جداً ع معالمه فاقترب من والده "بابا، هل اخذه لغرفته ام غرفتك؟" ليجيبه "اختر الابعد عن الضجيج" "الى غرفته اذاً" اكمل طريقه لسعادات طالباً منها ان تنقل الاطفال لغرفة اخرى و يعود ليقف امام صالح "هيا لنصعد لغرفتك" يرفع الاخر نظره لاخيه الكبير باستغراب، ليرد الاخر "لا تجادل و الا والله حملتك امام الجميع للمشفى و ليس فقط الى غرفتك..." ليرد الاخر "امان لن اعود لتلك الغرف الموحشة" نهض مستنداً الى شقيقه ما ان وصلو الى باب الغرفة حتى امسك صالح بذراع جومالي قائلاً "آبي دور (توقف) توقف قليلاً" كانت دنياه قد اسودت مجدداً برودة سرت من اطرافه لاوسط جسده، اختفت الاصوات، "ص صالح!" حتى ارتمى بين يدي الاخر الذي حمله ووضعه ع سريره، شاهد سليم ما حدث فهب سريعاً باتجاه اخوته "ماذا حدث؟" "لا اعرف انه متعب منذ الامس اساساً، ربما تحمل اكثر مما يستطيع" يقترب سليم جالساً بالقرب من صالح مرتباً شعره المبعثر ليطلب قلقاً "آبي لنتصل بطبيبه" "سنتصل سنتصل ساعدني الان لنبدل ملابسه"... مرت عدة دقائق قبل ان يبدأ باستعادة وعيه اخيراً، كان ياماش يجلس ع السرير بالقرب من رأسه "آبي حرارته مرتفعة و فقد وعيه لنأخذه للمشفى" ليرد سليم "اتصلنا بطبيبه و سيأتي خلال دقائق" يدخل ادريس قلقاً ع الملقح امامه "لما لم تأخذوه للمشفى!" كان بالكاد يفتح عينيه ليجيب "ارجوك بابا لا اريد مشفى او ماشابه"قالها محاولاً رفع جسده ليجلس، فيقترب ادريس منه منتبهاً لتعرق الاخر فيمسح ع رأسه مبعداً شعره عن وجهه "صالح، اسمعني هل تذكر ما قلته لك ليلة امس، لا اريد لمرض ان يخطفك مني! ان احتاج الامر مشفى ستذهب حتى لو كان في بلاد العجم" ليرد الاخر "لكن بابا!" "لا يوجد لكن... يا هذا لن اتحمل خسارة احد" ثم يكمل موجهاً سؤاله لسليم "هل كلمت طبيبه؟" "اجل سيكون هنا خلال دقائق".. انهى كلامه مع وصول الطبيب الذي ادخله اكين للبيت واوصله لغرفة عمه،"كيف حالك صالح؟" "كما ترى" ليكمل ادريس "انه مصاب بالحمى منذ مساء امس، يصاب بالدوار بين الحين والاخر ايضاً وفقد وعيه قبل قليل" "هل اجريت الفحوصات التي طلبتها؟" فيجيبه جومالي "اجل اجراها صباح امس" "جيد هذا يعني ان نتائجها ستصدر خلال ساعات" يفحصه بشكل سريع، ليتألم الاخر عندما ضغط ع بطنه اتضحت ملامح الالم ع وجه اندرو الذي اكمل عمله "اعطني ذراعك لارى" ركب محلول ملحي بعد ان اخذ عينه دماء، واخرج مع جومالي لخارج البيت ع قصد المغادرة "لا تنتظرو حتى المساء ستحضره الى المشفى وضعه ليس جيداً جداً" "حسناً امره عندي، لكن لماذا تغييرت ملامح وجهك عندما كنت تفحصه؟" "دعنا لا نستبق الاحداث، قد يكون شيئاً عرضياً، الان ليرتاح و يأكل لقمتين وخلال عدة ساعات ستحضره الى المشفى" "حسناً" غادر الطبيب بينما اشعل نيران القلق في قلب جومالي الذي عاد واطمئن ع الاخر قبل ان تدخل سعادات الغرفة بعد خروج الجميع تحمل صحناً فيه شوربة "صالح هيا انهض و اعتدل لتدخل لقمة حلقك ويقوى جسدك" ينهض الاخر بتثاقل جالساً ليدخل ادريس خلف امه "بابا لما تنام الان؟" تضع سعادات الصينية بجانبه و تجلس قبالته محاولةً ابعاد ادريس قليلاً ليطلب الاخر ان تضعه بجانبه ع السرير "حسناً لكن انتبه للسيروم لا يسحبه من يدك لم تنهي دواءك بعد.." "حسناً لا تقلقي اعطني اياه لاراه اشتقت له" "الله الله رأيته الامس" "حصل الكثير منذ وليمة العقيقة، كأنه مر شهر، هيا اعطيني اياه" يسحبه لحضنه معانقاً اياه كأنه يريد حمايته من جبروت هذه الدنيا "بنم اولوم" كانت سعادات تتابعهم بنظراتها و هي تمسح دموعها، يقترب منها صالح ماسحاً دمعها بيديه بلطف "من سمح لدموع حبيبتي بالنزول!" لترد الاخرى بحزن "خاصتي" ليبتسم بهدوء "و ماذا فعل خاصتك حتى تبكي بسببه؟" قالها مريحاً جسده للخلف "تعالي الى هنا بجانبي" ما ان جلست بجانبه حتى عانقها جاذباً جسدها ملتحماً بجسده مقبلاً اعلى جبهتها... "صالح هل انت بخير؟" ليجيب الاخر "بقدر الامكان ساديش بخير بقدر الامكان" تمسك بيده مقبلةً ظاهرها "لتكن بخير بدون شروط، لا اتحمل فكرة حدوث شيء لك، لا اتخيل ان اربي ابناءنا لوحدي، ليس ادريس فقط من يراقب طريقك يا صالح ايسل تفعل و انا كذلك" "اعرف ساديش..." تقاطعه الاخرى و هي تحمل صحن الشوربة خاصتها "اذا ستشرب هذا، لا اريد اي اعتراض" " هل ستطعميني انتي؟" "اجل ان توجب الامر، فقط عليك ان تستعيد طاقتك لتقاوم"...
كان ادريس يجلس مع ابناءه يستقبلون المعزين، انتظر حتى بقو لوحدهم "ماذا قال الطبيب؟" ليرد ياماش "اعطاه محلول و اخذ عينة دماء و قال ان نحضره للمشفى لكن عناد صالح عنااد.." يكمل سليم "لقد اراد ان نأخذه فوراً لكن الاخر رفض قائلاً ان لا يريد ان يزيد همنا.. كأنه لا يفعل عندما يرفض العلاج!" ليكمل جومالي مطمئناً والده "موضوعه عندي لن ننتظر اكثر من هذا، سأتأكد انه سيذهب هذه الليلة الى المشفى شاء ان ابي" ... تعود سعادات ومعها صينية الطعام لتعيدها للمطبخ لتلتقي بياماش القلق "هل تناول طعامه؟" "بالكاد اكل، اكمل ادريس باقي الصحن و تركتهما نائمان و هنا يتعانقان، ياماش وضع صالح يتدهور لا تستمع له، انه فقط لا يحب هذا النوع من الاهتمام" "ماذا اي اهتمام!" "اهتمام انه ضعيف وبحاجة احد" "ماذا يهذي هذا الفتى! ابلا، هلا بقيت بجانبه سيبدلك احدنا خلال ساعة"...
مرت بضع ساعات قبل ان يستيقظ كحيل العين ذلك بوضع أسوأ مما كان عليه، كان يشعر بالغثيان الشديد كأن روحه ستخرج، ينهض مسرعاً الى الحمام مفرغاً جوفه، تفزع سعادات وتنادي جومالي بصوت عالي "آآآآبي تعااال بسرررعة الححقق" ما ان سمع صوتها حتى نهض مسرعاً لم يفكر الا بان شيئاً حصل فنبرة صوتها تدل ع مصيبة "احدكما يحضر سيارة والاخر يبقى بالبيت" قالها ادريس الذي لحق بجومالي للاعلى... وصل لتلك الغرفة "اين هو؟" لتجيب دخل الى دورة المياه، فطرق الاخر الباب "صالح افتح الباب والا اخلعه" فتح الاخر الباب قبل ان ينهي جومالي جملته، نظر لاخيه طالباً المساعدة كان يضع يده ع جانبه الايمن "آبي هناك خطب ما" مسح جومالي ع وجه الاخر "لان لما جسدك بارد هكذا! ووجهك شاحب جداً مائل للاصفرار! اولوم هيا سنذهب للمشفى" امسك الاخر بيد اخيه محاولاً إيقافه "آبي!" سحبه لحضنه "يا روح آبيه تحمل قليلاً ارجوك، لا تستسلم الان" لن ينهي جملته ليشعر بثقل جسد الاخر فادرك انه فقد وعيه "ص صالح!" حمله فوراً وانطلق للاسفل، التقى بوالده الذي تجمد مكانه عندما رآى احد ابناءه يحمل الاخر، لا يعرف لما مرض مجدداً، يخاف ويعرف من قرارة نفسه ان مرض ابنه هذه المرة ليس عادياً، ابتعد عن طريقه لينطلقو به الى المشفى، ذهب كلاهما معهم ع خلاف ما طلبه ادريس، فبقي هو بالمنزل مع النساء...
"سليم اسرع، هذا الفتى يموت بين ايدينا" ليرد ياماش "لا قدّر الله آبي!" كان الاخر يقود كالمجنون تخطى اشارات حمراء وقاد باتجاه معاكس حتى وصلو المشفى اخيراً، كان ياماش قد اتصل باندرو قبل خروجهم، فانتظرهم ع مدخل المشفى مع نقالة وطبيب اخر وممرضة، انتشل جومالي جسد الاخر ووضعه ع تلك النقالة ليقول اندرو "جومالي امشي معنا اخبرني ماذا حدث تماماً" بينما بقي الاخران يقفان بلا حراك في عالم اخر حتى اخرجهم من شرودهم صوت سيارة اسعاف جلبت مريضاً بحالة طارئة، فاضطرو لازالة السيارة...
"بعد ان تركته نام قليلاً بعد ان انخفضت حرارته، اعطيناه طعاماً خفيفاً كما قلت لنا ثم نام مجدداً بعدها، لكنه استيقظ بحال سيئةٍ جداً جسده بارد لكنه متعرق، تقيء كل ما دخل جسده، شاحباً متألماً كان يمسك جانبه الايمن ثم فقد وعيه جلبناه الى هنا فوراً" كان هذا اخر ما قاله جومالي وهو يدفع النقالة معهم، وصلو لغرفة الطوارئ ليجتمع عدد مخيف حوله من اطباء وممرضين وطاقم طبي "اريد كل الفحوصات خاصةً تعداد الدم والمناعة وانزايمات الكبد، وانزايمات القلب ايضاً، تحليل حموضة دماء" "هل تظن ان جسده يرفض الكبد الذي زرع له من مدة؟" "غالباً انه يتطابق مع ما رواه شقيقه، ارجو انهم لم يتأخرو، اريد صورة اشعه وطبقية للصدر و البطن" "الى قسم العناية الحثيثة فوراً، اريد التأكد ان كان هناك سوائل حرة في بطنه وفحوصاته الاولية سيئة جداً" وصلوه باجهزة المراقبة واكسجين ومحلول ملحي يقطر ببطئ شديد، سحبوه من قسم الطوارئ بعد مرور ٣ ساعات من المعاينة ونتائج فحوصات سيئة، اخذوه من امام اخوته متجهين للقسم الاخر ليسحب ياماش اندرو من يده "ما وضعه؟" ليكمل سليم "الى اين تأخذونه!" ليجيب اندرو "وضعه سيء جداً" اخذهم الى مكتبه ليكمل كلامه هناك "وضعه سيء نشك بان جسده يعاني من رفض العضو المزروع اي الكبد، لذلك سنراقبه ونرى لهذا سنضعه تحت المراقبة الشديدة بقسم العناية المركزة... ان تأكد هذا التشخيص سنحاول ان نمنع ذلك، سنحاول ايقافه واعادته لحاله الطبيعية، فجسده لا يقوى ع زراعة اخرى الان وخاصةً انه لا يوجد متبرع، انا سأذهب لاكمل فحوصاته"..
مرت بضع ساعات قبل ان يعود الطبيب ومعالم وجهه لا تفسر، لينهض الاخوة سريعاً "ماذا هناك! وجهك يوحي باخبارٍ سيئة" قالها جومالي الذي كان يقف امام الطبيب مباشرة، ليجيب الاخر "للاسف الاخبار سيئة، ما اخاف منه حصل، جسده يرفض الكبد الذي نُقل له منذ عدة اشهر" "نيه!" سأل ياماش مستنكراً ما سمعه للتو، ليكمل سليم "والحل؟ ماذا سنفعل؟ يعني ما الخطة! لن نتركه يموت اليس كذلك!" ليجيب اندرو "بالطبع لن نتركه يموت بهذه السهولة، سنعطيه علاجاً ثقيلاً قليلاً سنخفض مناعته اكثر، كما تعرفون عندما يرفض الجسم عضو ليس منه فان جهاز المناعة هو من يهاجم هذا العضو متسبباً بموته، وقد يتسبب بانحلال الدم ايضاً لهذا الزيارة ممنوعة ايضاً لعدة ع الاقل ايام، تستطيعون رؤيته من خلف ذلك الزجاج، يجب ان يبقى كل شيء حوله معقم فلا نريد امراض او جراثيم حوله ع الاقل حتى نعكس ردة فعل جسده" انهى الطبيب كلامه ليرد عليه "حسناً اذا، سنفعل كالتالي انتم الى البيت وانا ابقى هنا" قالها جومالي طالباً من اخوته العودة للبيت، ويبقى هو يناظر ابن ابيه من خلف الزجاج، كان يقف هناك قلبه ينبض بداخل تلك الغرفة لا في صدره، "اريد البقاء بجانبه" "صعب جداً" "سأرتدي كمامة وملابس معقمة" "ان دخلت لن تخرج وان خرجت لن تدخل مجدداً" "موافق لكن لابقى بجانبه" "حسناً انتظر هنا حتى اناديك"...
عاد ياماش وسليم الى البيت، ليجدو والدهم لازال يجلس ع الاريكة مترقباً خبراً عن اخيه..
- "الم تنم بعد يا ابي؟" سأل ياماش
- ليجيبه ادريس "كيف سأنام وانا لا اعرف ما وضع صالح! ذهبتم جميعاً وتركتوني بلا جواب هنا لوحدي"
- ليجيبه سليم "ولا نحن نعرف يا ابي، قال الطبيب ان جسده يرفض الكبد الذي نُقل له منذ مدة و انهم سيعملون ع ايقاف ردة فعل جسده، ممنوع من الزيارة و سيبقى نائماً اغلب وقته تحت مفعول الادوية"
- (ادريس) "وهل سينفع هذا!"
- ياماش "لا نعرف يا ابي، لكن لنرجو ذلك"
يقاطعهم رنين هاتف ياماش، ينخطف لونه عندما يرى ان المتصل هو جومالي "الو هل حدث شيء آبي! لم يحدث اليس كذلك؟" "يواش بيبي لا لم يحدث شيء، فقط اريد ان تجلب بعض الاشياء اقنعت الطبيب ان ادخل لغرفة صالح" (ثم يروي اتفاقه مع الطبيب) فيرد ادريس "احسنت يا بني ع الاقل لا يبقى عقلي هناك، اهتم به جيداً"...
مر يومان وهو بوضعٍ مستقر، يزورونه من الزجاج فقط بينما يبقى جومالي فوق رأسه، يراقب من يدخل ويخرج ويحقق مع الجميع، كان يرتب شعر النائم ويتكلم عبر الهاتف مع العائلة، "الم يستيقظ ابداً!" "لا يا سليم لازال نائماً، بل يقومون بتنويمه طوال الوقت" يسأل ادريس "هل هناك تحسن ماذا يقول الطبيب!" "وضعه افضل قليلاً، لكن الوقت لازال مبكراً لمعرفة ذلك" فيكمل ياماش "هل يوجد حمى او ما شابه؟" ليتنهد جومالي مجيباً "لا تنخفض يا بيبي، هذا احد الاشياء التي تخيف اندريا" لتكمل سعادات "هلا تخبرنا عندما يستيقظ" اغلق الخط وتعمق بنظره للنائم امامه "لان صالح افتح عينيك لارى ماذا يعني ان تنام لثلاثة ايام متواصلة هيا!(تلين نبرته) هيا لا تزيد المنا الماً كارديش" يتذكر ذلك اليوم الذي اجبر صالح فيه ع العودة الى بيت العائلة برضاه..
- فلاش باك-
- الى اين ستذهب؟ بعد ان تخرج من المشفى؟
- الى بيتي
- اي بيت يا هذا! جهزنا لك غرفة في بيت ابي، هيا ستعود الى هناك، اساساً زوجتك وابنك هناك، هيا لا تعاند..
- آبي! تمام سامحتكم لكن لن ابقى في ذلك البيت..
- لان صالح لا تجنني امي ليست هناك، ماذا فعل لك البيت! هل تغضب من حجر!
- صحيح اين ذهبت والدتكم؟ لم يخبرني احد بشيء الا انها غادرت البيت...
- (ينظر للاسف) انها بالسجن، الم تحاول تسميمك وانا شربت ذلك بدلاً عنك، يعني ذهبت بعد تلك الحادثة..
- (يستغرب صالح الامر) هل ادخلت والدتك السجن!
- اجل، لقد اذتك كثيراً... لا تغيير الموضوع يا هذا! من هنا الى بيت العائلة..
- اين غرفتي؟
- بجانبي تماماً
- نيه، يوك ان اعود اذاً
- ولماذا!
- هل ستراقبني! وضعتني امام عينيك تماماً
- اجل صالح افندي! هل انا من اصبح هشاً مثل الزجاج يمرض كي يومين مرة!
- يا آبي!
- هل ستعود الى البيت؟
- هل تركت امامي خيار اخر
- - نهاية الفلاش باك -
كان جومالي يبتسم ليلاحظ الاخر الذي فتح عينيه بخفوت ليتنفس بعمق اخيراً بعد ان سُحبت انفاسهم في تلك الايام الاخيرة "ساليه!" التفت الاخر لمصدر الصوت لينطق بصوت خافت "آبي!" "واخيراً ... هل انت بخير تشوجوك؟" كان صوته متعب بالكاد تستجمع الكلمات "لا اعرف، ماذا حدث اساساً كيف وصلت الى هنا ولماذا ترتدي كمامة؟" "جعلوني ارتدي هكذا حتى استطيع الدخول الى جانبك اولوم، الا تذكر؟ لقد فقدت وعيك وحملتك الى هنا كنت بوضعٍ سيءٍ جداً "والان؟" "بوضعٍ اقل سوءاً لكنه ليس جيداً، لان جسدك يبدي رده فعل رافضاً الكبد الذي زُرِع، حرارتك انخفضت اخيراً منذ ساعتين فقط" ينتبه صالح الى امتلاء عيني اخيه بالدموع "هل هناك امر اخر!" "هل تريد مصيبةً اخرى صالح! دفنا ابنه اخي تحت التراب صباحاً وحملت اخي بوضعٍ حرجٍ مساءً للمشفى، وبقيت هنا منذ ذلك، خفت انهم قد يستغلون وضعك و يحاولون ايذائك، لتستعد عافيتك وسأحبسك بغرفتك! ما هذا كل شهر تبقى هنا اسبوع!" يرفع الاخر نفسه ويعتدل بتعب في سريره "انت محبوس هنا معي اذاً!" يبتسم بخبث فينتبه له الاخر "لا تحاول صالح لا تحاول" "احاول ماذا توبة توبة!" "ارى تلك الابتسامة الخبيثة ع وجهك، لا تهزأ بي حتى" ليتنهد الاخر بتعب "لا طاقة لدي اساساً" "هيا لاتصل بابي حتى يطمئن عليك"...
"يوك لا داعي لقدومكم، اساساً لن يدخلوكم" قالها جومالي لسعادات التي كانت مصرة ع القدوم لترى صالح ، ليتساءل ادريس "صالح هل انت بخير اولوم؟" "بخير، متعب قليلاً فقط بابا"لم يرتح ادريس لصوت ابنه فيأل الاخر "جومالي، كيف وضعه؟" "متعب لكنه يقاوم، يحاول يا ابي" ليجيب ادريس داعياً له "لتكن عوناً له اذاً من بعد الله" "تمام بابا" ويغلق الهاتف بينما كان الاخر في نومٍ عميق فجسده مرهق، يغطيه ويتفقد حرارته التي لازالت منخفضة ليحمد ربه ويجلس بجانبه مجدداً، حتى دخل الطبيب، فنهض سريعاً متمنياً ان الطبيب يحمل اخباراً سارة وان لا يكون هناك حاجة لنقل عضو جديد و مصارعة بين الموت واخيه مجدداً "مرحباً، هل نام مجدداً؟" "ايفيت، غفى قبل قليل" "جيد، كيف وجدته؟" "والله لا اكذب عليك انه متعب جداً" يبتسم الطبيب "لكنه يتحسن، ان استمر امره هكذا لن نحتاج لزراعة جديدة" "حقاً!" "اجل، لكن لن نضمن ان لا يحصل هذا مجدداً بالمستقبل"...
مرت الايام و تحسن مريضنا بشكل واضح، وخرج من المشفى ليعود الى حضن ابيه في ذلك البيت الكبير، كان يقف ياماش خارج غرفة ابيهم متذمراً "ماذا يعني انه سيبقى بغرفة ابي!" ليجيبه جومالي "بيبي، كاد الفتى يموت فاراد ابي ان يبقيه تحت عينيه لبضعة ايام حتى يطمئن قلبه عليه قليلاً" ليكمل سليم "هل غرت ياماش افندي؟" "يوك لما سأغار!" "تغار تغار واضح" "لماذا سأغار الله الله!" يحاول تغيير الموضوع "ماذا قال الطبيب؟"ليجيب "انه سيكون بخير لكنه سيحتاج الراحة حالياً حتى يتعافى جسده، لن يتوتر او يبذل اي مجهود جسدي، ع الاقل لفترة، وسنعود بعد عدة ايام لنعيد فحوصاته مجدداً" فيجيب سليم"تمام، شي آبي لقد وجدنا مكان زوجة يوجال وابنته، كما وجدنا مخازن يستعملها التمساح لتخزين بضاعته" "جيد، لنذهب ونحرق كلٍ شيء اذاً، هل اخبرت الشباب ليتجهزو؟" "اجل ينتظرون امرنا" "وانت استعد بيبي سنذهب ثلاثتنا، لن يأتي امين يا سليم، ليبقى هنا ان احتاجو لشيء، ولن يعرف صالح بشيء" ليجيب ياماش مستغرباً "الن يذهب معنا! سيجن ان علم اننا ذاهبون بدونه" "ليجن، لكن ليستعيد صحته وعافيته ثم نتكلم، خرج قبل ساعات من المشفى هل تريد ان تعيده الى هناك!" "يوك، توبة لم اقل ذلك" يخرج ادريس ليجدهم يتهامسون فيما بينهم خلف الباب "اسمعكم بوضوح بالداخل، هلا تناقشتم في مكان اخر والا سينهض و يأتي معكم، متى ستنطلقون؟" "مساءً"...
كانو قد اجتمعو وانقسمو الى قسمين، قسم مع ياماش لاختطاف زوجة يوجال التي كان عليشو يراقبها بحذر منذ عدة ايام، وقسم اخر بقيادة سليم و جومالي يتحضرون امام ذلك المستودع ليدخلو "ميكي ابقي عينيك ع جيلاسون، لا يرتكب حماقة، اقسم ان داخلي قد تم كويه من كمية الالام في اخر عدة ايام، لا يزيد المنا الماً" قالها جومالي ليضمن سلامته "حاضر ابي" كان جواب ميكي حاضراً سريعاً... توزع نصف الشباب مع جومالي ع احد المداخل ونصفهم الاخر مع سليم ع المدخل الاخر، كان المكان هادئاً بشكل غريب ولا احد يحرسه من الخارج، قرر جومالي الدخول رغم تحذيرات سليم ليتبعه الاخرون "اما انه غبي او انه واثق بنفسه جداً، اليس غريبًا عدم وجود احد يحرس مصنعاً كبيراً كهذا!" ليجيبه سليم "اليس ممكناً انه ينصب فخاً لنا!" "ممكن ممكن لكن لن نعرف قبل ان ندخل" "لننتظر قليلاً قبل ان ندخل" لم ينهي سليم جملته ليندفع جومالي للداخل الذي كان فارغاً من الرجال ايضاً نظر كلاهم لبعضهما باستغراب "هل ترى ما اراه؟" تسائل سليم بينما يقف كلاهما بجانب بعضهما ينظران الى غرفة زجاجية تحتوي ع كمية مخيفة من المخدرات، "اليس غريباً عدم وجود احد" فيجيبه جومالي "غريب جداً طبعاً" "قد يكون فخاً" "ممكن" "لننسحب اذاً" "نحرق المكان وننسحب" لم ينهي كلامه حتى امطرت عليهم رصاصاً وتمت محاصرتهم من جميع الجهات، واندلعت نيران في احد اطراف المخزن، بدأ تبادل النيران بين الطرفين...
في مكان اخر تسلل ياماش لبيت يوجال بينما راقب كمال ومتين طريقه، يشاهد تلك المرأة تلاعب ابنتها بالداخل "اي حقير انت يوجال! تقتل عائلات الناس وتخفي عائلتك!" طرق الباب مدعياً انه احد رجال يوجال حتى دخل للداخل "اسف ع الازعاج لكن يجب ان نتحدث ثم تقررين ماذا ستفعلين" "انت لست احد رجال زوجي اذاً!" "لا لكن ان أؤذيكي لا تقلقي" "اخبرني اذاً عن ماذا سنتحدث؟" "عن يوجال، اين هو؟" "لماذا ماذا تريد منه؟" "اريد حقي وحق عائلتي، لقد قتل ابنة اخي واختطف الاخرى كادت تموت، اطلق النار ع اخي ادخله في غيبوبة لاشهر، ولازال يعاني اثار هذه الاصابة لليوم،(واكمل بالتفصيل ما حدث)، اريد ثمن هذا" كانت معالم الصدمة قد رسمت ع وجهها "هل ما تقوله صحيح!" كان قد انتبه ع السلسلة التي ع رقبتها فسألها "من اين لكِ هذه؟" لتجيب الاخرى "اهداني اياها زوجي قبل يومين" يتنهد ياماش ناظراً للارض "اووف انظري لهذه الصورة، هذه القلادة اهداها اخي الراحل لابنته التي قالها زوجك حتى ختم عليها او حرف من إسماءهما" اعطاها صورة ع هاتفه، وخلعت القلادة حتى تتأكد من كلامه، لترتسم معالم الصدمة ع وجهها، يتركها ياماش ليدخل الى الحمام بينما تجمدت هي مكانها تفكر بما اخبرها لتوه هل حقاً زوجها مجرم! قد تفهم اطلاقه النار ع عدوه لكن لن تفهم لما قرر فعل ذلك ع غفلة! وما ذنب طفلة بهذا! لهذا تقرر الذهاب مع ياماش والابتعاد عن يوجال قدر الامكان "هل انتي متأكدة من قرارك؟" "اجل لن اجعل ابنتي اكبر في ظل مجرمٍ مثله" كان غريباً كيف ان شخصاً مثلها ارتبط بمجرمٍ مثله! يعود ياماش ومن معه الى بيت امن بالقرب من الحفرة وابقى المرأة وطفلتها بامانة متين وكمال
في هذه الاثناء كان الاشتباك قد احتد ع الاخوة المحاصرين بداخل ذلك المخزن بينما خزينتهم تنتهي، تسلل الرجال للداخل ليحاصروا الشباب، عددهم كبير وعتادهم كثيرنا يعني انه لا فرصة للاخرين، تسلل احدهم ليضع فوهة سلاحه في مؤخرة رأس سليم، ليرفع الاخر رأسه ليجد باقي الرجال بنفس وضعه مقيدي الايدي لا يستطيعون فعل شيء الا جومالي الذي كان يقاوم ليهرب من بين ايديهم حتى وقف في وجهه قائدهم موجهاً سلاحه الى جبهة الاخر "استسلم، الى هنا تنتهي رحلتك جومالي"يلقم سلاحه ليطلق...
يستيقظ من نومه فزعاً بشهقة عالية، ليفزع والده معه "صاالح ماذا حدث؟" "بابا! اين ! ماذا! اين انا!" ليقترب الاخر متفقداً ابنه "لماذا انت مبتل هكذا! مع انه لا يوجد حمى" كان الاخر لازال تحت تأثير كابوسه "ب بابا اين اخوتي؟ جومالي وسليم! اين هنا؟" "لقد خرجو" ليجيب الاخر فزعاً بينما ينهض من السرير بنية تبديل ملابسه "الى اين ذهبو! ياماش وجد زوجة يوجال وجوالي وسليم ذهبو ليداهمو احد اماكن التمساح" "نيه! وتركوني هنا لماذا!" يقطع والده طريقه "صالح لقد خرجت من المشفى لتوك" "بابا انهم يتجهون نحو فخ" "وما ادراك!" "احس بذلك قلبي غير مطمئن" يقترب ادريس منه متحسساً جبهته ليبعد الاخر نفسه قليلاً "بابا لست اهذي ولست مصاباً بالحمى اخوتي بخطر ويجب ان ننقذهم، اين هاتفي!" "انه هنا" "سأتصل بياماش لنذهب سوياً هل ستأتي؟" "بالطبع"...