٨ - قائد شارع العطاريين

2.2K 182 10
                                    

أفنـــان عليّ خـــان
قائد شارع العطاريين

_نيره شريف

بدأت الحياة تأخد منحنى آخر ، تطورت علاقة أفنان بعيسى كثيرًا..الملك مصطفى منشغل ببعض الأمور الدينية وفي تحديات كثيرة حيث إسلام آباد مهددة بالاحتلال من بعض المكافئات المجاورة لِمحي الدين الإسلامي.
أما يامن أثبت مهارته عن أفنان وعيسى فكان يعمل بجد طوال الفترة الآخيرة وكأن العمل بالنسبة له هو النفس.

في يوم ما أُطلقت صرخة مدوية من داخل بيت الحاج نعمان وبدأت السيدات تولول بحزن شديد حتى وقعت زوجته " أم حذيفة " وهي تبكي بألم وهي جالسة على الأرض تبكي وشقاتها تزداد رويدًا رويدًا حتى قالت وهي تنظر لأعلى واثقة بسماع رب العالمين لها :
مات سندي يا الله...... لا حول ولا قوة إلا بالله..

أجهشت في البكاء مرة آخرى حتى جاء عيسى ويامن من العطارة وهم ينظرون بضياع ، فضل هذا الرجل عليهم كبير ،
حبه وحبهم له أكبر..هو اليد الوحيدة التي أرسلها الله لهم منذ مجيئهم هنا.

دخل عيسى وخلفه يامن إلى غرفة الحاج ليجدوه متسطح بأريحية ووجهه شاحب اللون يقترب قليلًا للون الأرزق خاصة شفتيه وأطراف جسده متصلبة كمن صُعق بكهرباء..بكى عيسى من قلبه ، كان يعرف أحواله الصحية وأنه يعاني من مرض القلب ؛ أيضًا حالته لم تكن جيدة في الفترة الأخيرة ودائمًا ما كان يجلس مع عيسى ويتشاور معه في الكثير من الأمور الدينية..كان قلبه لينًا وحنونًا ، عوضه عن فقدانه لأبيه..اقترب منه وهو ينظر له لآخر مرة ويتذكر حديثه عندما قال له منذ أسبوع أن سيكتب هذه العطارة ملك له هو وأفنان ويامن وأنه لن يحتاجها أبدًا وطلب منه ألا يتخلى عنها مهما حدث ويعمل بجد حتى تصبح أكبر عطارة في شارع العطاريين وعندما سأله عيسى لماذا كانت أجابته له أن زوجته عاقر ولم يشعر مرة بإحساس الأبوة ولم يكن في رغبة كبيرة لها لأنه تأقلم على هذا الوضع كي لا يجرح مشاعر زوجته وعندما التقى بهم وعاشرهم تمنى فقط لو كان بيديه أن يمد عمره حتى يعتبرهم أبناءه.

وطلب منهم ألا يغيروا اسم " أم حذيفة " الموجود على اللافتة أعلى محل العطارة ، هي ليست أم ولكن كان حلمها أن تُنادى بأم حذيفة ليلبي لها الحاج نعمان مطالبها وسمى العطارة على اسمها.

ربت يامن على كتف صديقه قائلًا :
الله يرحمه ويجعل مئواه الجنة ، لا تبكي هو بمكان أحسن، الحاج نعمان أكتر حدا طيب شوفته بحياتي.

كفف عيسى عبراته قائلًا وأحباله الصوتية تهتز مما جعل نبرة صوته مرتعشة باكية :
كان .. كان متل أبي..

احتضنه يامن وهو مازال يربت على كتفه ويحبس دموعه ثم قال محاولًا تهدئته :
نحن راح نعمل صدقات جارية وراح ندعيله وما حدا فينا راح يبكي ، الدعاء إلو أفضل..

خرجا الاثنان بينما أفنان كانت آتت بالخارج وجالسة بجانب السيدة تواسيها وبدأت حالة من الحزن تحتضن بيت الحاج نعمان.

أفنان عليّ خانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن