بـلاد الفُل .

14.9K 157 42
                                    


*
في بلادي.. بلاد الفُل، والقهوة، بلادي الضحكة الحلوة!

لطالما خرجت آمناً من منزلي، تداعب أنفي رائحة الفُل الغنّاءة من منزل جارنا، وتختلط مع رائحة الخبز الطازج، تحت أصداء صوت تحايا الخبّاز الندية التي تصدحُ وترحّب.
أبتسمُ لصوت عجلات البائع المتجول فتمتزجُ ضحكاتي مع ضحكات الأطفال الفرِحة وهم يتهافتون عليه.
حياة هادئة برتم الحب، حياة عادية لكن تبدو من منظورنا أكثرُ بكثيرٍ من حياة معهودة.
أرى وطني في جدار الحياةِ كلوحةٍ سعيدة..

وفجأة!

يسقط المسمار الذي كان يحمل اللوحة، فتتحول ضحكة الطفل في اللوحة لصرخاتٍ مفزوعة  "أُحتلت أرضنا، نُهبت قسطنا"!
تختلط رائحة الفُل بالدم، ويُشتت غيم سماءنا طائراتهم الحربية.
في روايةٍ أخرى كان أطفالنا يظنون أن هذه الطائرات ستُلقي من السماء حلوى..
لتصعقهم الحقيقة المُرة بأن تلك الطائرات لم تلقِ عليهم سوى الموت!
فتتبدل ضحكاتهم الصاخبة لسكونٍ تام و عويل رعب لا ينقطع!
تُشرد العائلة السعيدة وتغزو الوحشة أركان الوطن؛ فتتلوث أرضه الطاهرة بأقدام جنود المحتل، ويختلط هواءه النقي بركام جرائمهم بحقّ الوطن.

فينطفأ نور " قسط الجوى ".. 
ويختلُّ ميزانها، ويشتد جُواها ووجعها
ويتشقق الجدار الذي كان يحمل تلك اللوحة
من شدة القصف، لكن عندما ظنوا أن الجدار سينهار من شدة تشقّقه أينعت من بين شقوقه زهرة، زهرةُ الفُلِّ الحبيبة.. لتصرخ في وجوههم
بكل عزة..
بكل إباء..
بكل قوة..
أن قسط الجوى ستعود حُرّة أبيّة، وسيتلاشى راء حـربها ليبقـى الـحب فقط!

في الحب راءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن