١)
*
*
الدول بأسماءها وومناطقها
القوانيـن والدستور
الأفكـار
المعتـقدات والمبادئ
التقالـيد والعـادات
الأسمـاء والألقاب
تركيـب الشخصيـات
الأحـداث عن بكرة أبيها عائدة لـي
ومن وحـي خيالي فقط
إن حـصل وتواجد تشابه بـأحداثها في الواقع فـ هو مجرد تصـادف .
*
اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد عدد ماذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون.
بسم الله ..
*
*
*
في أحد البلاد العربية
قسط الجوى.. تحديداً العاصمة أسدام .
"ورد ورد ورد
من يشتري الورد.. لله يا عاشقِين"
كان صوته يتعالى بنبرة عميقة وهو يُلوح بوردة حمراء يقف على الرصيف و يمينه سلة كبيرة كان قد ملأها ورداً.
يرسم بسمة مضمرة على ثغره، وينقل نظراته المتفحصة للشارع، في حين توقفت سيارة سوداء بجانبه فألقى على لوحتها نظرة سريعة قبل أن يُزاح الزجاج للأسفل فظهر وجه شاب في مُقتبل العمر يضحك قائلاً: "وردة يا بائع الورد ، الطبيبة ستمتعض مني بسبب جفاف استقبالي لها".
صغُرت عيناه دلالة بسمته، فقد كان يُخفي وجهه بشاله الأبيض والأسود ولم تظهر سوى عيناه و سحب وردة بيضاء لوّح بها للأعلى بحركة إستعراضية قبل أن يمدها لذاك الرجل بحبور قائلاً ببشاشة أضمر خلفها وجعه: " كل شيء يمر إلّا حزن الطبيبة لايمر ببساطة ، تفضل وردة بيضاء دلالة للصلح والسلام علّها ترضى عنك!"
ضحك الرجل ملتقطاً الوردة ليرميها بعشوائية بحضن تلك المنزوية بطرف المقعد لتزيح رأسها وتلتقط عيناها الوردة التي بحضنها، فالتفتت لهم مُستنكرة عاقدةً حاجبيها تدريجياً لتهمّ قائلة باقتضاب: " ما دُمتَ قد نويتَ السلام.. ليتك نويته برفق!"
اشتدت ضحكة الرجل وألقى نظرة بانورامية للشارع ليتكفل بائع الورد بالإجابة بصوت باهت :"تبحثين عن السلام في وطن كله ركام و خراب و تحت ظل احتلال طاغٍ وظالم!"
تقلصت ملامحها وجعاً مع ذلك رمقت بائع الورد الذي يتفحصهم بنظرات دقيقة وتبسمت بأسى على حال رجال هذا الوطن الذين كانوا بأوجّ شبابهم لكن مع ذلك امتهنوا مهن لا تليق بأعمارهم، وجهه غير واضح بسبب الشال الذي يغطي تفاصيله ولكن كان له عينان سوادها قاتم فكانت بارزة وبشدة حتى عندما التقت بعينيها الشهلاء انتفض جسده بعدم وعي مزيحاً نظراته بحرصٍ شديد قبل أن يبتعد خطوة عن السيارة ويلوّح لهم مودعاً..
تنفس بائع الورد بعمق ليُثبت يده على السماعة الصغيرة المحشورة خلف إذنه ليهمس بغيظ: قد كانت المعلومة بأنها ستكون في السيارة لوحدها.. هذا الرجل يسبب ليَ الصداع يا -شواظ-"
أتاه صوت -شواظ- هادىء ساخر: "هذا الرجل عبارة عن طفيليّ، شواظ ما ذنبه؟ بكاميرا المنفذ كانت لوحدها و قد اطمأننت ؛ لأجل هذا أكّدت المعلومة و لم أراقب وصوله"
ثمّ ما بك غاضب منّا يا -طوفان-؟ لا تقل أنك تريد الاستفراد بها لوحدك و ذاك الطفيليّ ظهر لك؟"
أصوات ضحكات مختلطة وصلته عبر السماعات اللاسلكية فتأفف بإمتعاض: "أنتم .. أنتم خراب هذهِ البلاد صدقوني"
ليداهمه صوت -برزخ- قائلاً وبقوة: "نحن أمان هذا الوطن وحماه يا-طوفان-"
تبسم من جملته ومن التشييد الذي كاد يُفجر طبلة إذنه ورفع رأسه لفوق للحظات قبل أن ينزل نظراته لـ -برزخ- الذي كان يتسم بعضلات تتفجر مِنها الرجولة وجسد ضخم وملامح حادة متجهمة، يرتدي ملابس متسولين
برجل عرجاء و عصا مهترئة، "تناقض يتركك تتساءل عن وصول حاله لتلك الدرجة من الغباء - آه يا برزخ -!"
بالناحية الأُخرى كانت -زمهرير- ترتدي السواد وتلف اللثام على طرف وجهها ممسكة بطرف اسفنجة صغيرة وقارورة سكبت بها صابوناً وماء، تنتظر وقوف الإشارة حتى تنهال على السيارات تمسح زجاجها وتأخذ أجرتها.. صحيح أنها استقبلت مايقارب مئة شتيمة في الساعة الواحدة ولكن تبقى المهمة.. مهمة ! فابتلعت الإهانات بغضبٍ شديد وهي تراقب ذاك الموقف بحرص رغم الشتائم التي تنهالُ على سمعها.
بعدما ألقى نظرات سريعة لهم أخذ نفس بصعوبة وتلك العيون الشهلاء عادت للتربُص بعقله موقناً أنها لم ولن تغادر نطاق تفكيره كيف لا؟ وهي تُشبه تماماً عينيّ أقرب شخصين له!
عاصي .. وعواصف.
جلس بائع الورد على طرف الرصيف ووضع تلك السلة المحملة بالكثير من الورد بجانبه وهو يتنهد قبل أن يرجع بذاكرته لما يقارب اثنى عشر سنة!
لتلك الليلة؛ التي تغير فيها مجرى حياته كلها
لا ليس هو فحسب بل كان لـ عاصي و عواصف
نصيب من تلك المعاناة التي كان هو سببها..
*
*
قبل عشر سنوات
العاصمة أسدام
-دار الرحمة للأيتام-
يقف أمام نافذة الغرفة التي تحتوي على ١٠ أُسِر ولكنها فارغة تماماً هذه اللحظة بعدما تكفل-عاصِي-بطرد كل الذين يسكنوها بسبب الزوبعة المجنونة هذا !
يرمقه بنظرات غاضبة وهو يشدّ على يده بكل غيظ مدمدماً بقهر: "ليس من المعقول ان تصدق الذي قيل يا يوسف!! ورقة من شخص مجهول الله فقط يعلم من هو و أين هو و جملة فقط جملة واحدة قلبت كيانك رأسًا على عقب ! لم أعتد منك أن تكون متسرعًا هكذا ، أنت تعلم بظروفنا وظروف الوطن و هذا المكان خاصةً ، من الممكن أنه شخصًا يتسلّى بك فقط !!"
قاطعته التفاتة عنيفة من يوسف هاتفاً بوجع: "مكتوب : لو اردت التّعرف على أهلك فلتأتِ يا يوسف الغرابي، الرجل كنّاني يا عاصي ألا تفهم ؟!
لقد كتب أهل ، و أنا طيلة حياتي أعامل بهذا الميتم البائس معاملة اللقيط انت لا تدرك هذا الشعور و لن تدركه"
صدّ عاصي بضيق وغضب بينما يوسف كان يتنفس بصعوبة يرمق الورقة التي بيده من جديد وبلا كلل أو ملل يبحث عن وِجهة معينة.
اليوم في العاشرة مساءً الموعد المحدد للّقاء المزعوم.. وقلبه يشتعل نار؛ لأن القصف على المدينة كان على أشده والعبث من المحتل والمرتزقة كبير جداً!
مسألة خروجهم بذاك الوقت قد تكلفه روحه مع ذلك لم يكن مهتماً، راضي بالموت ولكن قبل ذلك لا بدّ أن يكون له اسم يفخر به بعد لقب - اللقيط-الذي التصق به منذ طفولته.
فجأة! غطى يوسف اذنه بكل قوة منحنياً على الأرض مع عاصي الذي احتواه بذراعه بكل قوة، وهو يتحسب ويدعي بكل رعب بسبب الغارة القريبة من الدار، وبعد لحظات طويلة ارتفعوا عن الأرض يتنفسون الخوف والضيق..
قال عاصي على إثر تلك المشاعر: "مُصرٌ على إلقاء نفسك إلى التهلكة؟ ألا تدري مصير الهرب من هذا الميتم؟التغرب عنه والطرد يا يوسف"
ضحك يوسف بسخرية موجعة وهمس بكدر: " هل وجدنا وطنًا يأوينا لأجل أن ندرك معنى الغربة عنه يا عاصي؟! و من ثمّ في كلا الحالتين سنصبح مطرودين.."
قاطعه عاصي بضجر:"بعد عام سنطرد ، عند بلوغنا الثامنة عشر يا يوسف ، و أمّا الآن فهذا بيتنا و ملجأنا
أرجوك يا رجل لقد اتعبتني ، مرت أيام طويلة و أنا أحاول صرفك عن الخوض في هذه
الدروب ، لا ابتغي فقدانك ،
أنت تعلم٠ ، ليس لي أحد سواكَ على وجه الأرض!"
رمقه يوسف بضيق واكتفى بالصمت وهو يلقي نظرة أخيرة على الورقة قبل أن يطويها ويخبئها بجيب بنطاله وهو يبتعد عن النافذة ويدسّ جسده النحيل في لحافه المهترئ قبل أن يتسلل تأفف غاضب لسمعه، تركه يغمض عينيه بكل ضيق وهو يحاول تجاهله !
*
الساعة التاسعة مساءً
كان يقف على أصابع قدميه بعدما تناول معطفه الأسود القديم وهو يتركه بعشوائية على كتفه يحاول التسلل من الغرفة قبل أن يستيقظ من بها فينتبهوا لخروجه
وباللحظة التي كاد يهتف فيها بسعادة لخروجه من أول مطب بسلام انطفأت شعلة السعادة تلك بسبب عاصي الذي سحب الباب بكل قوة ملقياً عليه نظرات غاضبة وبرغم شحّ الضوء إلا أنها كانت واضحة تماماً ليوسف
تأفف بضيق ونكس رأسه كطفل مذنب بينما ذاك اقترب وهو يهمس له بـغضب:"مادمت مصرًا على أذيّة نفسك و قطع هذا الدرب رغمًا عني وعن رفضي، وجب علي قطعه معك!"
عقد حاجبيه للحظات قبل أن يرفع رأسه وينظر له بذهول وقبل أن يتسائل عن جده وهزله كان قد سحبه عاصي بكل قوة متجهاً معه للممر السِري الذي صنعوه للخروج في الحالات الطارئة فقط، من بينها طبعاً التنفس والتسكع بالشارع.
تخطوا الحارس والمراقب بكل بساطة كونها لم تكن المرة الأولى لخروجهم
وقبل تخطيهم للشارع التفت عاصِي للدار القريب جداً من دارهم ملقياً نظرة سريعة له قبل أن يضغط على كفه بضيق
هتف يوسف: "لا تقلق سنعود ، محالٌ أن نتركها بمفردها هنا ، فقط نتأكد من صدق هذا الرجل، لأعرف من أنا
و لماذا رميتُ كقطعة بالية بذاك الميتم من دون هوية أو اسم يا عاصي"
هز رأسه بكل قوة وتخطوا ذاك الشارع بترقب وخوف لأن الخروج بعد هذه الساعة في شوارع هذا الوطن يعتبر خطير جداً جداً لكثرة المجرمين والعابثين فيه!
قال عاصي وهو يشدّ على كف يوسف المثبتة بكفه:"ذكرني أين هو المكان الذي حددوه ؟"
التفت يوسف الذي كان يحفظ الإسم عن ظهر قلب: "في -طوفان -"
عقد حاجبيه ينظر له بعدم فهم "هذا أين؟"
رفع كتفيه بعدم معرفة "أول مرة أعلم به ولكن يمكن أن يكون في الجزء الثاني من أسدام"
شهق بصدمة لينظر له بذهول:"مجنون أنت؟؟
تعلم ما سيكلفنا عبور الطرف الثاني وبهذا الوقت خاصة !!"
ناظره بضيق مشيحاً نظره بتعب من تلك المشاعر المتذبذبة وكاد يفلت كفه من كف عاصي لولا إنه شد عليها الآخر بقهر هاتفاً بحنق: "لك الويل إن متنا وتركناها وراءنا من دون سندٍ يا يوسف!"
تبسم بكل حبور وهو يضرب كتفه بـ كتف عاصي بضحكة :"لن تقوى على حزني صحيح ؟"
ناظره ذاك بطرف عينه ثم ضحك وهو يومئ بإيجاب فاشتدت ابتسامة الآخر قبل أن تتلاشى بلحظة خاطفة وهو يهمس بصدمة: "هذا صوت -عواصف- أليس كذالك؟!"
عقد حاجبيه بقلق منصتاً لصوت نحيب طفولي وهتاف مرعوب واستنجاد مُضني فارتجفت روحه يحاول التأكد من هوية ذاك الصوت ليقول برعب: "مستحيل!! عواصف في الدار ، ليس لها القدرة على الخروج في هذا الوقت.."
صمت عندما أفلت يوسف يده بكل قوة وركض للخلف هاتفاً برعب حقيقي وخوف ليس بقليلٍ أبداً :"عاصي اركض، هذا الصوت صوت عواصف أنا متأكد "
ركض خلفه بذات اللحظة وهم يبحثون عن مصدر الصوت ، وقبل أن يتخطوا الشارع توقفوا بذات الوقت ملتفتين برجفة للمكان بنظرات مهتزة والصوت يتعالى من نواحي عديدة غير قادرين على تمييز الجهة الصادرة منه تنفس عاصي بإضطراب ماسحاً على وجهه بينما يوسف أشار على جهة الرصيف المظلمة قائلاً: "الصوت يخرج من ذاك المكان"
وقف عاصي بتردد: "ذاك الحي الملعون يا يوسف، عواصف ماذا تريد أن تفعل هناك بهذا الوقت؟ مستحيل أن تخرج من الدار وخصوصاً بهذهِ الساعة
تعال لنهرب قبل أن تقع مصيبة ونبتليَ بها ، تعال.."
سكت بسبب نظرة يوسف القاتلة هادراً بغضب:" ألا تسمع صوت الطفلة التي تنتحب يا عاصي ؟ إن لم تكن عواصف ندعها تلتوي بين يدين شخص حقير حتى لا نبتلي بمصيبة ؟ لم اعتد منك النذالة "
قال هذا و ركض لمصدر الصوت بلا تردد بينما عاصي تأفف بصوت عالي غاضب وضرب الأرض بكل سطوة قبل أن يركض خلفه حتى دخلوا الحي
واقترب مصدر الصوت أكثر حتى توقفوا على أعتاب الزُقاق الضيق الذي يتعالى منه مصدر الصوت
دخل يوسف يصرخ بغضب :" أيها الحقييررر !!"
كان لا يرى شيء بسبب الظلام الدامس ولكن صوت الهمهمات النجسة والصوت الطفولي الباكي كان كافي و وافي لأجل أن يفهم بأنه هذا المكان المنشود
دخل عاصي وبلحظة دخوله ذابت كل عظامه بجلده واكتوت روحه بوجع عنيف ، وكان هالوجع لا يُضاهي وجع يوسف بتلك اللحظة وهم يستمعون لذاك الصوت المعروف الباكي بعنف وصوت ضربات خفيفة تتسلل لسمعهم:"يوسف ، يوسف ساعدنيي ، عاااصي عاصي أين أنتم !!"
عواصف الصغيرة .. كانت تستنجد بهم
وهي بين يدين عابث حقير يحاول أن يستغل طفولتها بـلا رحمة !!
سمع رفضه وهو يحاول تثبيتها وصراخه النزق : " ما الذي جاء بكم إلى هنا ؟ انصرفوا بسرعة ، هذا المكان خاص بي أنا "
سكت عندما سحب يوسف الكشاف الصغيرة من شنطته وهو يُضيئه بيدين مرتجفة وكاد قلبه يهوي من علُو بسبب المنظر المُوجع لكل خلايا روحهم
كاد أن يهجم على ذاك الحقير الذي نفض عواصف من يده و وقف يهتف بغل يأمرهم بالخروج لولا أن عاصي كان سبّاق، انقضّ عليه بجسده الضخم الذي يناقض تماماً عمره الصغير ضارباً إياه بكل شراسة وغضب بينما ذاك يحاول أن يقاوم وبسبب فرق العمر وبرغم بنية عاصي القوية إلا أن الرجل كان أكبر منه لذلك تفوق عليه وهو يلكمه بغلّ حتى يوسف الذي دخل معه بذات اللحظة بنزاع شرس وغاضب كان للوجع منه نصيب..
كاد يهشم ضلوع عاصي وهو يضربه بلا رحمة لأنه قطع عليه خلوته بفريسته الجديدة ورغم تحامل عاصي على الوجع إلا انه انهار بآخر المطاف
بينما يوسف كان مازال يقاوم برغم أن الرجل منحني فوقه ويلكمه على وجهه بكل غل وبعدم شفقة، يلكم ويشتم ويهز جسده وهو يسبه بكل قوة غير مراعي أبداً لفرق الجسد والعمر
كادت تنتهي حياته تحت يدي ذاك المتجبر
كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة لولا أن ذاك الرجل توقف فجأة عن ضربه قبل أن يترنح جسده بالهواء للحظات حتى سقط بكل ثقله بجانب جسد يوسف المُسجى على الأرض.
صمت فضيع انتشر بالمكان، صمت مخيف إلا من صوت بكاءها الحاد وهي ترمقهم بنظرات مصعوقة من الرعب وتحكم زمام فُستانها الذي إنقطع لنصفين بسبب يديه اللعينة قبل أن تنحني لـ عاصي تدفعه من ظهره برعب بعدما إسهشعرت إنه مازال يتنفس التفتت لـ يوسف الذي فتح عيونه بصعوبة يحاول أن يفهم سبب ذاك الصمت المخيف قبل أن يغمضها بذهول بعدما همست تلك الصغيّرة وهي تتأمل الدم الذي انتشر بكل كرم بجانب رأس ذاك الرجل: "لقد
قتلته يا يوسف!"
صوت نحيبها الملتاع يشتد ويشتد حتى إتكأ يوسف بصعوبة على طرف الجدار يتنفس بعدم إتزان ويهتف بصوت مهتز:"لا تبكي
هذا الجُرذ يستحق الموت ، لا تبكي أنتِ قد دافعتي عن نفسكِ يا عواصف"
التفتت بهلع لـ عاصي الذي وقف مترنحاً من شدة الوجع وغضب العالمين يتفجر من ملامح وجهه الفتِية إتسعت عينيه بصدمة أكبر عندما إنحنى وهو يلتقط -السكين الصغيرة-والذي دافع به عن نفسه قبل لحظات قبل أن يرميه ذاك الرجل
إنتزعه بكل قوة عن الأرض لينحني بالقُرب من ذاك الرجل غير عابىء بدمه الذي ملأ المكان
ليقطع يده اليمين وسط شهقة عنيفة باكية من ثغر عواصف اتبعها صرخة من يوسف:" يا مجنننون!!"
إلتفت لهم لينظر لهم بكل قوة ليقف بصعوبة ويتجه للجهة الأخرى ثم انحنى يقطع يده اليسرى ليهتف بكل غضب: "أي يد تعتدي عليكم
مصيرها .. القطع !"
"-لكنه قد مااات ، مات يا مجنون !"
صرخ بها يوسف بعنف بينما عاصي وقف يتنفس بشدة ويضغط على السكين بغضب:"عساهُ ما لبثَ يومًا واحدًا يتنفس فيه ويلوث الأرض بنجاسته"
رمقوه بصدمة من جديته وعدم إكتراثه بـ قتل -عواصف له-والتي تكاد تلتصق على الأرض من شدة البكاء والرعب
بعد لحظات قصيرة حاولوا فيها تدارك الموقف نزع يوسف قميصه وأرتدته عواصف المفجوعة على عجل ، بررت سبب وصولها لهذا المكان بأنها (لمحتهم من شباك غرفتها يتسللون من المكان السري للهرب فتبعتهم خِلسة خوفاً عليهم و رغبة بمعرفة ما يحصل معهم، فحصل مالم يكن في الحسبان!!)
هتف يوسف المتكىء على كتف عاصي بصعوبة: "هذا الحي يسكنه قطاع الطرق و مرتزقة للعدو ، يجب أن نخرج قبل أن يعلموا عن هذهِ المصيبة
عاصي ، عواصف للآن لم تستوعب الذي حصل يجب علينا الخروج لنطمئنها "
رمقه عاصي بضيق قبل أن يشيح نظره لتلك التي مازالت في عاصفة عنيفة من البكاء الحاد
قبل أن ينقطع البكاء ، ليتسلل لسمعهم صوت شهقة عنيفة فتتوقف خطوات صاحب الشهقة ويظهر ضوء فلاش ومض للحظة خاطفة فحسب ليصل لسمعهم صوت غليظ لصاحب الرسالة التي أُرسلت ليوسف:"لم أكن أنتظر منكم مصيبة .. إنتظروا..."
إنقطعت جملته بسبب أصوات الخطوات الكثيفة المتجهة لهم فزفر بغضب قبل أن يتلاشى ذاك الجسد الذي ظهر واختفى من العدم غير مستوعبين حضُور مجهول الهوية أصلاً !
شخصت أبصارهم بهلع وظنوا أن قلوبهم توقفت لوِهلة عندما تسلل لهم صوت غاضب ومتسائل: " سمعت صوته من هنا ، من مكانه يأتِ
هو قد قال لي فلتأتِ بعد عشر دقائق و استلمها من بعدي .. لكن صوت صراخه لم يكن .."
قاطعه الثاني وهو ينظر له بقرف: " تفقدوا المكان ، آمل أن لا يكون قد أصابه مكروه !"
إتجهت الخطوات الكثيفة لهم حتى إن الثلاثي عجزوا عن الحركة خطوة واحدة من شدة الهلع
إضافة لجراحهم العنيّفة بعدما دك ذاك الرجل عظامهم دك فإنكشف وقوفهم بلمح البصر
وإنفضح الموقف بثواني معدودة فقط ، و انتهى الحدث بأبشع النهايات والتي لم تكن ضمن أحلامهم أبداً !
أن يكونو -خدماً-لـ -مرتزقة العدو والعدو بذاته -ويذوقوا أسوء وأبشع الأيام بحياتهم !
ماحدث بتلك السنتين قد كتبها بما رواه قلب يوسف:
كانت أبشع سنوات عمري التي قضيتها ،سوء الحياة في الميتم لا يقارن أبداً بما عشناه.
أنت تقرأ
في الحب راء
Любовные романыبـين الحب .. والحرب تتأرجح الراء ..! حسابي في الإنستقرام : @riwaia2