الفصل الثالث والثلاثون

1.9K 45 75
                                    

ماشاء الله، اللهم بارك.
اللهم صلِّ على محمد.
*
*

هل أصبَح الوطن منفى بغيابه؟
هي من دفعت روحها وهويتها لأجل هذا الوطن
ومن تلاعبت بالنار وتراقصت مع الموت لأجله
كيف بات غُـربة ومنفى حينما غاب هو عن أرضه!
هو عدوه، شعبه وحكومته قتلا شعبها واحتلا وطنها
ولكن غيابه شتت الوطن بنظرها! فكيف هذا؟
قد غاب منذ أن وعدها باللاعودة، ولا تعلم لغيابه سبباً.

تضع يديها على أطراف رأسها وتضغط عليه بكل قوة، يكاد ينفجر من القهر، منذ استلمت الرسالة وكل حواسها تكاد أن تتفتت من الغضب ولولا أن دواراً أصابها وهي تركض لغرفة المراقبة لسحقت كل من طوعت له نفسه إرسال صواريخ وكتابة إحداثيات دون علمها
رُباه لقد قرأت عدد الشهداء جرّاء قصف المخيم الطبي بشرق أرماء وكبحت دمعها بصعوبة
في كل مرة يحدث قصف كانت ترسل الإحداثيات فيتم إخلاء المكان من المواطنين إلا أن هذه المرة لم يكن لديها علم حتى!

وقفت واخيراً بملامحها التي تنضح غضباً كاسراً
ذلك الذي جعل كل جندها يبتعدون عن طريقها ويتجنبون التواصل البصري معها خوفاً من بطشها المعروف، لتدلف بقوة بربرية لغرفة المراقبة تصرخ بغضب:"أيها الأوغاد، من تجرأ ليحدد الإحداثيات ويرسل الطائرات دون علمي، أفقدتم عقولكم؟"

وقفت كشعلة نار ثائرة تراهم قد وقفوا جميعهم يؤدون التحية العسكرية ثم يشيحون بالنظر عنها باضطراب إلا رجل.. كان يجلس وينظر لها بنظرات استفزتها لتقول بلا إحترام:"فلتقف يا هذا أم تود أن أن أجعلك تتجرّع مرارة عدم احترامك؟"

لترى الدهشة في وجوه جُندها لتستنكر ذلك وتحاول معرفة هوية الذي خاطبته فملامحه ساخرة وكأنها رأتها قبلًا.. لكن أيـ...
-"المقدم عواصف الودادي.. يبدو بأن السنين التي غبتُ فيها عن الديـجور جعلتكِ تنسين من هم فوقكِ!"

قاطع تفكيرها بسخرية مُستفزة لتعقد حاجبيها باستهجان لأسلوبه ولكن حينما وقف، وبرزت رتبته جحظت عيناها وكتمت غضبها بأعجوبة وهي ترفع يديها وتؤدي التحية العسكرية على مضض:"أهلًا وسهلاً سيادة القائد الأعلى، أعذر جهلي لم يصلني خبرٌ عن وصول سيادتك"

تبسم إبتسامة قهرتها ليقترب قائلاً:"إذاً؟ هل تودين أن أجعلك تتجرعين مرارة عدم احترامك؟"
نظرت له بهدوء لتقول:"جميع أوامرك مطاعة سيادة القائد الأعلى فلتفعل ما تشاء"
عقد حاجبيه لطاعتها الفورية فضحك يهز رأسه:"جيد جيد، إذاً.. كنتِ غاضبة لأجل إحداثيات القصف الأخير.. لماذا؟ ومن أخبركِ؟ فهو لم يحصل إلا منذ لحظات"

نظرت له بثقة لتجيب:"لقد.."
ليقاطعها بسخرية:"لقد أخبرك شعبك صحيح؟ إذاً ماذا؟ أستثورين لأن من مات كانوا أطباء؟ أم خائفة من ردة فعل الدول المجاورة على ماحصل؟"

في الحب راءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن