الفصل التاسع والعشرون

1.3K 37 8
                                    


*
*
ماشاء الله، بارك الله
اللهم صلِّ على محمد وآله الطيبين.
*
*

يُمسك هشام بجهة من قميصه يعتصرها بكل قوة، وزخات العرق تتصبب من جميع أجزائه،
النار الهوجاء تعثو فسادًا في روحه ولا ماءَ ليُطفئها
يقف بجانب رأسه يتأمله، يعتصر ملامحه من الألم ومقاومته الكبيرة كي لا يظهره، تحامله العنيف كي لا يُطلق آهاته اللعينة التي تنهش جسده
يدنو منه بوجع، يفك تغضن جبهته: "لابأس يا يوسف.. لابأس بلحظة ضُعف"

لكن لأن يوسف غائب عن وعيه بسبب شدة النزيف والتعب المهلك لم يسمعه.. خرج يجر خُطاه يقف أمام البيت الجبلي الصغير
يشتم جلال الذي تأخر عن الحضور.. ألا يكفي بأن المجنون أُصيب في بداية المواجهة مع ذلك صمد لساعتين كاملتين احتدّ بها القتال ونجحوا بصد مقاومة الخائنين!
ولكن عندما لم يرَ عمّار من ضمن الأسرى تهاوت كل مقاومته وثار كالمجنون بشكل أذهلهم
حتى جلس وعند تلك النقطة رأوا قميصه الملطخ بدماء صموده..

تحفزت كل أجزاءه وهو يرى سيارة الدفع الرباعي التي تطير -حرفيًا- من على الخطوط الجبلية المخيفة، صرخ بعنف: "طِر.. اجعل لك جناحين يا جلال.. قسمًا بربي إذا أصابه أذى لن يكفيني رأسك"

لم يسمعه جلال بالطبع ولكن رؤية هشام يقف على رأس الجبل يمسك وسطه كانت تكفي كي تصل سرعة السيارة لآخر مستوى
حتى أنه لم يدرك بأن المسكينة تبكي رعبها خلفه وهي تتشبّث في المقعد بجنون وتحاول الصراخ لكن لم تستطع من الخوف.

وقفت السيارة بطريقة جنونية ونزل يجر خُطاه
يركض ناحية هشام الذي صرخ بغضب: "أين الطبيبة يا خائب الرجاء"

التفت باستغراب فلم يجدها فعاد أدراجه يبحث عنها يفتح الباب الخلفي ليتفقدها فيندهش عائدًا للخلف عندما تقيأت كل ما في معدتها على بنطاله وحذاءه.. تجعدت ملامحه باشمئزاز بينما هي ويا للعجب أعادت رأسها للخلف تمسك بطنها بوجع دون أن تعتذر.. يستحق!

تقدم هشام بعد لحظات بكوب ماء يمده لها دون النظر اليها فارتشفت الماء بينما هشام سحب جلال مصعوقًا: "أأنت بلا عقل.. أأحضرت امرأة؟! امرأة لهذا المكان ولوحدها يا غبي يا جاهل؟"

حك ذقنه بعدم فهم لثورة هشام: "يا سرمد الرجال قد خافوا على أنفسهم ورفضوا المجيء.. وهي الوحيدة التي تقدمت بشجاعة.. والآن لا تلقِ عليّ محاضرة عنصرية.. المهم يدين ستعالج.."

سكتا عندما تذكرا من يُشارف على الموت من شدة النزيف فركض جلال بوجه شاحب يطرق الباب: "استعجلي يا طبيبة، القائد سيموت و أنتِ تتدللين لو أني علمت بهذا لما أحضرتك"

(تتدلل!) هذا الرجل مصيبة! تكاد أحشاءها تغادر بطنها من شدة الوجع! مع ذلك تحاملت على نفسها وأمسكت بشنطة الإسعاف وهي تخرج بخطوات مرتجفة حتى إذا ما استقرت واقفة وتواجهت مع هشام لتتسع عيناها بعدم فهم.. لمرأى الرجل أمامها
بسبب جحوظ عيناه بشكل مخيف واحمرار وجهه وحتى جسده كان يرتعش، أمسك رأسه فجأة وصرخ بعنف وهو يدكّ الأرض بقدمه بشكل أفزعها فعادت للسيارة تحتمي بها برعب

في الحب راءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن