الفصل الثالث عشر
ما شاء الله، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
*
*
*
ابتسامة واثقة ورقيقة تتمايل على ثغرها الوضّاء
تنتعش بكل حرية وهي ترى نظرات عزة ابنة العم فياض، الغابطة لكل هذا الجمال، همست عزة بغيظ: "يا لك من محظوظة يا منتهى!"
جلست منتهى على الكرسي الخشبي تناولها قطعة من الكعك مع كأس من الشاي فاتسعت عيناها بضحكة لتقول: "وتقدمين الكعك كضيافة؟ يبدو أن هشام هذا لا يستهان به حقا!!"
رفعت كتفيها بعشوائية، تقول بهيام مبالغ به: "الحمد لله، لقد كان كالفارس القادم على حصان أبيض، وكل طلباتي عنده مجابة"
"حقا؟ والدليل على صدق كلامك أنك انتقلت لبيتك الجديد بدونه أما هو فلم يكلف نفسه عناء المرور للاطمئنان عليك ولا لزيارة بيته الجديد حتى"
امتعضت ملامحها وتنهدت، تسند ظهرها للخلف وتقول بلهجة ذات مغزى: "أنتِ تعرفين يا عزة لأية جهة يتبع عمله! والرجل لن يترك الجبهات ليأتي إلي كي ينام بين أحضاني!!"
شعّ وجه عزة بالخجل وقالت بصدمة: "تبا أيتها الوقحة ما هذا الكلام! ثم كوني أكثر حذرًا، ولا تنشري في الأرجاء أن زوجك مجاهد ومتمرد على قوانين الاحتلال، لقد كان تهورًا منك أن قلتِ ذلك أمام أهل الحي وأنتِ تعلمين جيدًا ما هي عقوبة المقاومين!"
تنهدت تغمض عينيها بحسرة، هي كاذبة أساساً وهشام ليس بمجاهد ولو كان هكذا لكان قتل أو سُجن منذ زمن بعيد هي لا تعلم ما هوية عمله أساساً فقط قالت هذا فجأة بحكم حساسية الموقف، استمعت لتكملة عزة: "أخبريني كيف تسير حياتكِ معه؟ وماذا بشأن الفستان الأحمر؟؟"
ابتسمت بفرحة حقيقية، تضع كفيها تحت ذقنها وتقول بطفولية: "هل تصدقين يا عزة؟ عندما قررت الذهاب لكي أسدد ثمن الفستان الأحمر بادرتني العمة سحابة قائلة بأن زوجي جاء بنفسه وسدّد قيمته، ولكِ أن تتخيلي؟! طلب منها أن تخيط لي فساتين غيره، وسدد قيمتهم دون أن يطلعني على شيء من هذا"
رمقتها باستغراب فقالت: "يفترض بك أن تغضبي لأنه تصرف بدون علمك وكأنه يفرض عليكِ شيئًا!!"
تنهدت باستياء لظن عزة السيء فيه وقالت مدافعة بحمائية: "هشام ليس من هذا النوع يا عزة!
هو فقط ينوي مفاجأتي، ولو لم أسأل العمة سحابة لكان هو جلب لي الفساتين بنفسه"
ضحكت عزة وغمزت لها بعبث: "وأي نوع من الفساتين طلبتِ؟؟ من نفس نوعية الفستان الأحمر؟"
ابتسمت بخجل فطري، تهز رأسها بنعم
محاولةً منها لتناسي كل بداياتهم، بالأخص ليلتهم الأولى سوياً والتي تعتبر -كارثية بحق- وتبدأ صفحة جديدة معه خاصةً بأنها ملزمة باستمرار هذا الزواج: "أتمنى أن يصل لأعلى مراحل الهيام معي يا عزة، هلّا علّمتني كيف أجعله كذلك؟ أنتِ تفهمين في هذه الأمور وقد مررت بها مع زوجك حذيفة أما أنا فجاهلة"
