الفصل الرابع عشر
ماشاء الله، اللهم صلِّ وسلم على محمد صلى الله عليه وسلم
*
*
"-الأغبياء أهل الحصن صدقوا بأن زوجكِ يحارب في الجبَهات لهذا السبب غضوا البصر عنه وعن غيابه"
"-لا حول ولا قوة إلا بالله، وهم ما شأنهم إن كان قد حضر أم غاب"
"-هذا الكلام قبل أن يُعلّم أهل الحصن ويستعرض عضلاته! جعل حضوره وغيابه محط الأنظار، منتهى سيكتمل شهر وأنتِ ليلةً بِبيتكِ وليلة بِبيتنا"
رمقتها منتهى بطرف عينيها ثم أخرجت لسانها بطفولية، تحتضن زينة: "كل هذا غيرة لأني كلما حضرت أخذت كل الحب من أمي عنكِ؟"
ضحكت ليالي بصدمة من طفوليتها، لتهز رأسها بيأس بينما زينة كانت واجمة حتى أدركت منتهى بأنها طوال السهرة لم تتفاعل معهم بل وكأنها بمكان بعيد عنهم فألصقت وجنتيهما ببعض، وهي تقول ببعض المرح: "لمَ زيتونتي لا تضحك أم أصبحنا غير مرغوبين، لا نطاق وأصبحت الابتسامة لليالي فقط؟"
رمقتها بضيق بعدما ابتعدت عنها وقالت تبوح بضيقها: "إلى متى وحياتك هكذا يا بنيتي؟ تزوجتِ بطريقة الله العالم كم هي سوداء ومخزية، بدموع القهر زففتُكِ وحتى هذه اللحظة، الناس يتكلمون عنك رغم أنّ زوجكِ رجلٌ كفؤٌ وشهم أخرسهم جميعًا، لكن غيابه هذا يكسركِ يا ابنتي ولو حاول تجميله!
كيف يشتري لكِ بيتًا، ويغيب دون تأثيثه معك؟ وأنتِ كالغبية نقلتِ إليه بدون حضوره،
أخبريني ألا يضيّق الصدر؟ غائبٌ لمدة شهر كامل لا حسٌ ولا خبر.. ماهذه الجبهات التي تستلم المجاهدين شهرًا كاملًا؟ وتسرحهم ليومين فقط!!!"
نكست رأسها ببعض الضيق.. فهذا الحال لا يعجبها أيضًا، وتود أن تصرح لأمها أن كونه -مجاهد- كذبة اختلقتها من العدم وألصقتها كمهنة لهشام حتى هي لا تعلم ما مهنته التي يغيب من أجلها طوال هذه الفترة!!
قالت ليالي، ترمي حبة عنب بفمها بعشوائية: "اتصلي به واجعلي أمي تحدثه لعل قلبها يبرد.."
رمقتها منتهى بغيظ فالتقطت ليالي غيظها وضحكت بذهول: "لا تمتلكين رقم هاتفه! أنت تمزحين!!"
تأففت، تزيح خصلة شعر وهمية تخفي توترها ونظرات أمها تخترقها وقالت ببعض الضيق: "أمي رقم هاتفه لدي بلا شك، لكنه في الجبهة فمن المؤكد أنه لن يأخذ هاتفه معه ويقضي الليل غزلًا معي!! الرجل يحارب العدو وسينساني بحضرة الدم والقتل.. بأي عقل سيتذكرني أمي"