الفصل الثامن والعشرون

1.3K 41 6
                                    

(٢٨)

ماشاء الله، تبارك الرحمن
اللهم صلِّ على محمد
*
*

هتافات عالية، ضباب الغاز يحرق الأعين
إلتحامات جسدية عنيفة، عشرات الحجرات
تحذف على أجساد العساكر، وصوت إطلاق الرصاص لم يكن بالهيّن
تراقب ثورة أبناء أسدام بقلبٍ مضطرب، أتفرح أم يتخلل قلبها الوجع على حال وطنها!
بدأت الإنتفاضة منذ عشرة أيام وهذا يوم جديد يتحملون به المظاهرات الصعبَة، خاصةً مع حالتها النفسية المضطربة بدايةً من وضعها مع سلام الغريب نهايةً بمعرفتها بأن الرجل الذي لطالما آواها بصغرها يكون -أخاها- والمرأة التي لطالما أسمتها -توأم الروح- أختها!!
وهي إبنة لرجل لطالما كالت عليه بالشتائم!
أغمضت عينيها للحظات لتفتحها فترى فريقها يحاول دفع جموع المتظاهرين بشراسة..إلاه!
كان يمسك الحاجز الزجاجي، يقف ثابتاً بمكانه بخواء مقيت إرتداه منذ تلك اللحظة! لم يكلمها ولم ينظر لعيناها..هو حتى لم يعد يراها وهذا الشيء ينحرها!
كانت ستنزل لمواجهة إنتفاضة شعبها بنفسها لكن الرائد الذي سحبها من معصمها قال:"هل جننتِ؟ لو واجهتيهم سيقطعونكِ إرباً إربا!"
إلتفتت له بشراسة، تسحب معصمها وتبعده عنها ليقول بغضب:"هؤلاء الملعونين..قتلوا قائدنا وما زالوا يثورون! اللعنة عليهم لم تسلم أي قاعدة عسكرية في الديجور لقد دكّوها دكاً خلال العشرة الأيام السابقة ولا نعلم سيقصفون ماذا
بالرغم أن بعض الصواريخ قد صدّتها مضاداتنا لكن الباقي نجح بالعبور!!"

أخفت بريق السعادة بصعوبة، تعقد ساعديها بصرامة لتجحظ عيناه وهو يهتف:"لاتطلقوا الرصاص بالقرب من المركز ياحفنة الأغبياء"

لكن لم يكونوا يسمعوا فقد بدأت المظاهرات تشتد ومنهم من هجم على الجنود بالأسلحة البيضاء فلجئوا لأسلحتهم ليفرغوا الرصاص في الهواء والبعض يرميه على المتظاهرين
حتى اضطرّ فريقها للتقدم يدفعون المتظاهرين دفعاً.. لتفتح عيناها فجأة بشكل مخيف وتصرخ بفجعة:"لالالالا، إبتعد يا مجننووون"
لكن صرختها العنيفة ضاعت مع الأصوات العالية
لتهرع بجنون ناحية جسد سلام المسجى على الأرض تنظر للرصاصة الطائشة التي إخترقت صدره لتصرخ بعنف في جنودها وتأمر بتفريقهم بالقوة ثم تحاول سحبَه متناسية فرق الحجم الجسمي
لكنها تتذكر جيداً أن قلبها مقاس قلبه تماماً.

تلك الصورة له وهو غارق بدماءه كانت آخر ما اختزنه عقلها له..حيث أن بعد ذلك الهجوم لم تراه.. لقد عاد للديجور بسبب إصابته الخطيرة
وتباً، حتى أنها لم تعلم حالته كيف أصبحت وكيف هي أحواله فقط تعلم بأنه -حي- وهذا يكفيها!

عادت للواقع، تفرك وجهها بتعب لتهمس بغيظ:"اللعنة على الديجور وجنودهم وبلدهم وقيادتهم كلها"
لتسمع صوت طرقات الباب فترفع صوتها بالإذن ليدلف العسكري طارقاً التحية باحترام:"سيادة المقدم..السيارة جاهزة لإستقبال القيادة الجديدة..لم يتبقَّ سوى القليل لوصول الطائرة"
تمتمت بالدعاء بأن تنقلب بهم الطائرة أو تتصدى لها مضادات بلدها الجديدة لكنها همسات لروحها:"اللعنة عليهم لقد  احتلوا المناطق الصحيحة..تبور وأسدام والجِبلة.. جميعها تحت سيطرتهم بالتالي المضادات لا تستطيع أن  تتصداها إضافة للجارة الغدّارة اللي تسمح بمرور طياراتهم..اللعنة عليهم"

في الحب راءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن