(٣٦)
*
*
اللهم صلِّ على محمد، ماشاء الله تبارك الرحمن.
*
*
لقد ماتتا.. رباه
الأم التي فقدها منذ اثنان وعشرون عامًا
والابنة التي لم يعرفها سوى منذ شهرين..
أي وجع هذا يارب؟ كاد أن يهوي فاقدًا لوعيه
لولا أن صوت مناغاة بريئة صدر من خلف منتهى، ومحاولات شحيحة لرفع رأسها لترى من خلف ظهر أمها، ترفع منتهى رأسها وأخيرًا بعد بكائها وهي تراه سالمًا أمامها لتقول: "جميعنا بخير"
تتوقف الدنيا فجأة من حوله.. تصمت كل الأصوات، يعم السكون أنحاء روحه وجملة واحدة تُردَّد (جميعنا بخير) إذًا أين هي؟ أين أمي؟ وابنتي! وحبة الفول الصغيرة؟
تبتعد منتهى خطوة للوراء فيظهر الـنُور من خلفها ليشع على كل حياته، وجه هادئ مبتسم
برغم شحوبه وعينيه المحمرتين من البكاء، ووجه بريء لايعلم مايحصل فقط يضحك..
تخرّ قواه أخيرًا فيتهاوى على الأرض ساجدًا بلا تصديق، يبكي وكأنه طفل صغير كاد أن يفقد حياته، غير آبه بنظرات من حوله المشفقة
والمراعية بعيونٍ تشاركه الدمع.. غير واعٍ
لمن يستمع لنحيبه عبر ذبذبات الهاتف بقلب يصرخ وجعًا، يقبض على مسدسه بعنف هامسًا: "أقسم بالله أن أنتقم لكل عين بكت بأرماء
أقسم بجلال الله سأكون طوفان دمع ودم يغرقهم وجع وقلة حيلة"
ليختلج قلب زينة ويتساقط دمعها كسيل لا ينضب لتقترب وأفنان بأحضانها تُمسك بكتفه وتحاول رفعه، وهو لا يملك الطاقة الكافية لرفع رأسه حتى، خارت قواه وتراخت كل أعصابه المشدودة ليقترب جلال يمسكه من ذراع وعمّار من ذراع يسندانه كجبلين راسيين ليقف شامخًا
ينظر لأمه بعينان تقطران وجعًا، فينكسر قلبها
مرتعشضع أفنان بينهما وتقترب لتمسح دمعه بيد مرتعشة وبشهقاتٍ باكية تقول: "ليت هذا الوجع بعمري يا بني، صعبة علي دموعك والله"
ليرفع رأسه للسماء بصعوبة ويتنهد بكل قوة مصدرًا تأوهًا من عمق جوفه: "آآآه يا أمي"
يلتاع قلبها من الوجع في طيات نبراته لتقترب تنوي إمساك رأسه لكنه يفاجأها باحتضانها بكل قوة يملكها يضع رأسه على كتفها يغمرها بين أحضانه -بلا تحفظ- ليس كما احتضنها بحياء قبل أيام ولا بلا تردد، بل شدّ عليها حتى كاد أن يُدخلها بين أضلعه ليهمس بصوته المبحوح من شدة الوجع: "اثنان وعشرون سنة دونكِ يا أمي، وكنتِ ستتركيني وتذهبين، لماذا يا أمي لماذا؟"
أنت تقرأ
في الحب راء
Любовные романыبـين الحب .. والحرب تتأرجح الراء ..! حسابي في الإنستقرام : @riwaia2