الفصل السادس

1.6K 89 38
                                    

في أرض شاسعة لا تبعد كثيرا عن القصر..انتشر العمال و العاملات هنا و هناك يجمعن حبات الليمون الصفراء الذهبية..كانت الأشجار مثمرة و مثقلة ببناتها المزهرة..انطلق صوت غناء النسوة بأغاني يونانية ايقاعية و راح الرجال يرقصون رقصة اليونان الشهيرة..يضعن أيديهم على اكتاف احدهم الآخر و يقفن في صف واحد ثم يتحركون معا ..يتقدمون و يتراجعون..تتحرك ارجلهم بحركة واحدة..ينزلون و يصعدون..ثم يصفقون في وقت واحد..يتصاعد نسق الرقص و يتسارع ..ثم يعودون الى العمل..وقفت هزان بجانب فولكان و ياغيز و ميلانيا و يلدز يراقبون سير العمل..اخذت هزان تسترق النظر بإتجاه يلدز..كانت تجلس جامدة فوق كرسيها ..تشرد بنظراتها هنا و هناك..تعيش لحظات حرمت نفسها منها منذ سنوات..تكابر و تغالب لكي لا تظهر تأثرها بما تراه..تلمع دموع في عيونها تسارع بإخفاءها..لمحت هزان بعض الحراس المنتشرين هنا و هناك بأسلحتهم..اقتربت من فولكان و همست" فولكان..ما سبب وجود الحراس بالأسلحة هنا أيضا؟ نحن في مكان آمن..هل هناك من يهدد حياتكم ام ماذا؟" هز فولكان بكتفيه و اجاب" انها اجراءات أمنية يفرضها خالي..أخبرني مرة ان هناك امورا و قصصا معقدة لا أعلمها و هي من تفرض وجود الحراسة المسلحة في كل مكان نكون فيه..حتى انا عندما أذهب للسهر في أي مكان تكون هناك سيارة مرافقة و تأمين..أحاول تجاهلها و عيش حياة طبيعية..لكن خالي يرفض شرح الأسباب لي" زمت هزان شفتيها و قالت" غريب..ظننت أن حياتكم آمنة و لا خطر يهددها..لكن يبدو أنني مخطئة" صمتت قليلا ثم وقفت خلف كرسي يلدز و صاحت بأعلى صوتها" هل أتينا الى هنا لكي نبقى واقفين في مكاننا و نراقب ما يحدث؟ لا..اطلاقا..هيا للعمل جميعا" و قبل ان تتمكن يلدز من الاعتراض كانت هزان تدفع كرسيها تحت الأشجار و تجعل العمال يرشقونها بحبات الليمون..غطت وجهها في البداية ثم اخذت تبادلهم التراشق و هي تصيح و تضحك بأعلى صوتها..راقب ياغيز ما تفعله هزان بابتسامة و اعجاب و امتنان لما تفعله من اجل اخته..

نظرت ميلانيا الى ياغيز و قالت" حبيبي..هل تسمح لي بمشاركة العمال؟ " هز برأسه بالإيجاب دون ان ينطق بحرف واحد..عقله كان مأخوذا بحركات هزان و لهوها و ضحكتها الموسيقية الرائعة..و قلبه كان سعيدا و منتشيا برؤية أخته يلدز تضحك من كل قلبها..لقد نسيت الكرسي المزعج الذي تجلس عليه و راحت تشارك هزان و البقية لهوهم و مرحهم..ترشق هذا بحبة ليمون..و تلتقط حبة أخرى رميت عليها..تغني بصوتها العذب و تشارك النسوة غناءهن..تندفع بكرسيها المتحرك هنا و هناك كانها تطير بجناحين و تطلق سراح روحها المحبوسة داخل سجن الحزن منذ ذلك اليوم المشؤوم..اقترب منها ياغيز و عانقها بقوة و هو يقول بصوت مبحوح" الحمد لله أنني رأيتك تضحكين يا أختي..لقد اشتقت الى صوت غناءك و ضحكاتك الجميلة..اشتقت اليك بيننا من جديد..ارجوك يلدز..لا تعودي الى تلك القوقعة المزعجة مرة أخرى..اتركي الماضي يبقى هناك و يذهب دون رجعة..أحتاجك بجانبي..أحتاج أن نكون معا يدا بيد لكي نتجاوز كل مصاعب الحياة" لمعت دمعة في عيون ياغيز سارع الى اخفاءها..ربتت اخته على ظهره و هي تقول" انا هنا حبيبي..أنا معك" ابتسم ياغيز و قبل جبينها قبل ان يبتعد و يجيب على اتصال عاجل..تابعت أخته ابتعاده بعيون حزينة و قالت تحدث نفسها" ترى هل ستحترمني و تحبني يا أخي بعد ان تعرف بذلك السر الذي أخفيه؟ هل سأبقى أنا أنا في عيونك؟ ام هل ستتغير نظرتك الي بعد أن تعلم بالخطيئة التي ارتكبتها في السابق؟ هل ستسامحني عليها؟ آااااه يا أخي..و كيف ستفعل انت و تسامحني اذا كنت انا عاجزة على مسامحة نفسي..أنا أدفع ثمن فعلتي الشنيعة..الله يعاقبني و انا راضية بهذا العقاب..لا يجب أن ينتهي هذا العقاب..لا يجب ذلك أبدا" ثم رفعت عيونها فالتقت بعيون هاكان الذي كان يراقبها من بعيد بعيون حزينة..نظرت اليه للحظات..ثم هربت بنظراتها منه..

سيّد اليونان المتغطرسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن