الفصل التاسع و العشرين

1.1K 45 5
                                    


تجاوز ياغيز الباب ليجد هزان نائمة على الأرضية..عيونها مفتوحة و نظراتها تائهة..تنفسها بطيء و جسدها يرتعد بشدة..جثى ياغيز على ركبتيه أمامها و هو يقول بصوت مرتعش" هزان..حياتي..هيا انهضي..انظري الي..ما بك..ماذا أصابك؟ ..أرجوك حبيبتي..تماسكي و كوني قوية لأجلك أنت و ليس لأجلي انا..أعلم انك غاضبة و حزينة و مجروحة مني..أنا السبب..ليلعني الله..لكن لا تستسلمي لو سمحت..هيا..تعالي" امسك ياغيز يدها و حاول أن يوقفها لكنها لم تستطع..حملها بين ذراعيه و وضعها على سريرها..لامس بأصابعه جبينها فوجده يحترق من شدة الحرارة..شحب وجهه بشدة و صاح بالحراس الواقفين" أين الطبيب؟ لماذا لم يصل الى الآن؟ " اقترب منه هاكان و أجاب" لقد اتصلت به..انه قادم..لا تقلق" رد بعصبية" و كيف لا اقلق؟ ألا ترى حالة هزان؟ حرارتها مرتفعة جدا و نبضها ضعيف..انا خائف عليها كثيرا" جلست يلدز بجانب هزان على السرير و اخذت تلامس وجهها بحنان و تقول" عزيزتي هزان..ماذا أصابك؟ لماذا تبدين مستسلمة هكذا؟ لا تحزني ..لا شيء يستحق أن تفعلي بنفسك هكذا..انظري الي..كلميني..لا تبقي صامتة هكذا" لكن دون جدوى..كان وجهها محتقن و نظراتها تائهة و بعيدة ..وصل الطبيب و طلب من الجميع الخروج الى الخارج لكي يفحص المريضة..امام الباب المغلق..اخذ ياغيز يذرع الردهة جيئة و ذهابا و القلق باد على وجهه..اقتربت منه يلدز و سألت بعصبية" أخي..ماذا حدث بينكما لكي تصاب هزان بهذه الحالة المرضية؟ لماذا تغضبها و تحزنها هكذا؟ من يحب و يعشق فعلا لا يفعل هذا بحبيبه..انظر اليها و .." قاطعها ياغيز " اختي..لو سمحت..حبا بالله..يكفيني ما أنا فيه..لا تقسي علي انت أيضا..أنا أؤذي نفسي و لا أؤذي هزان..لكن ما حدث كان رغما عني..ارحموني لو سمحتم..ارحموني" امسك هاكان يلدز من ذراعها و قال" يلدز..لا تضغطي عليه..سأخبرك بما جرى فيما بعد..المهم الآن أن نطمئن على هزان"..اتكأ ياغيز بجسده على الحائط و هو يحني رأسه الى الأسفل و يحاول جاهدا محاربة دموعه التي تحرق مآقيه ..يكاد يموت من خوفه و قلقه عليها..و يلعن نفسه دون توقف لأنه هو السبب في ما أصابها..بعد لحظات..انفتح الباب و خرج الطبيب ..اقترب منه ياغيز و سأله" مالأمر دكتور؟ مالذي أصاب هزان؟" اجاب" حرارتها مرتفعة جدا و وضعها النفسي صعب للغاية..تحتاج الى راحة و متابعة متواصلة..اعطيتها ابرة مهدأة و خافض حرارة..و أخذت عينة من دمها لكي أقوم بالتحاليل اللازمة..اشتروا لها هذا الدواء و اذا لم تتحسن صحتها بحلول المساء فيجب عندها أن تنقلوها الى المشفى" قطب ياغيز جبينه بشدة و اخذ يمرر يده على عنقه ..كان يشعر بأنه يختنق و هو يسمع هذا الكلام من الطبيب..و خاصة انه هو المذنب الوحيد في ذلك..رافق هاكان الطبيب الى الأسفل فيما دخل ياغيز و يلدز الى هزان..كانت نائمة بهدوء بعد أن اعطاها الطبيب حقنة مهدئة..لكن حرارتها ما تزال مرتفعة..جسدها يختلج و تنفسها سريع و متهدج..قالت يلدز" سأبقى بجانبها و اضع لها كمادات ماء مثلج لعل حرارتها تنخفض" هز ياغيز برأسه دون أن ينطق بحرف..خرجت يلدز و بقي ياغيز مع هزان..جلس على حافة السرير و اخذ يدها بين يديه..طبع بشفاهه الرقيقة قبلة حنونة عليها ..نزلت دمعة حارة من عينه على بشرتها و هو يهمس بصوت مخنوق" هزان..روحي..حبيبتي..كل شيء بالنسبة لي..منتهى أحلامي و أمانيّ..أنا آسف..أرجوك سامحيني..و اغفري لي..أقسم بأن ما حدث كان غصبا عني..و لم أرد القيام به..أيعقل أن أجرحك عن قصد؟ أيعقل أن اوصلك الى هذه الحال بيدي هاتين؟ أيعقل أن أسمح لنفسي بأن أؤذيك بهذه الطريقة القاسية؟ ..هزان..تماسكي و كوني قوية..لا تستسلمي..و لا تسمحي للمرض و الحزن بأن يهزمانك و يتغلبان عليك..أنت هزان القوية و الصلبة..أنت من أذابت جليد المتغطرس و جعلته كالخاتم في اصبعها..أنت من دخلت حياتي و قلبتها رأسا على عقب..أنت من هزمتني و أجبرتني على فتح أبواب قلبي أمامها دون مقاومة..فكيف تستسلمين هكذا؟ كيف؟ أرجوك هزان..عودي قوية و متماسكة كما عرفتك..لكي أستطيع المواصلة..لكي أنجح في الوقوف من جديد..لكي أقدر على التفكير بطريقة سليمة علني اكشف ما حدث و أثبت لك براءتي..أرجوك حبيبتي" مرر ياغيز شفتيه على يد هزان من جديد و انفجر ببكاء مكتوم و مرير..عادت يلدز الى الغرفة..و وقفت في مكانها تنظر الى أخيها الذي كان منهارا و ضعيفا..كانت تلك المرة الاولى التي تراه فيها و هو على هذه الحال..لطالما رأته شامخا و قويا..صلبا و متغطرسا..يخشاه الجميع و يهابونه و ينفذون ما يقوله دون تردد..لكن الحب يفعل هذا و اكثر..

سيّد اليونان المتغطرسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن