الفصل الخامس و العشرين

1.1K 47 7
                                    

وقف ياغيز و تحرك مبتعدا عنها فقالت" الساعة التاسعة ليلا..سأنتظرك في الغرفة مئة و سبعة..لا تتأخر" التفت اليها و بقي ينظر اليها لوهلة..كان يريد أن يبصق عليها..أن يسبها..أن يذلها..أن يهينها..لكن الوضع الذي وجد نفسه فيه أجبره على الصمت و على مسايرتها..هز برأسه و قال" تمام..لن أتأخر" و خرج مسرعا..على اليخت..كانت هزان تضم ساقيها الى جسدها و تجلس قبالة البحر..كانت تنظر الى الفراغ و عقلها لا يتوقف عن التفكير في ياغيز..و قلبها لا يتوقف عن مناداته و عن الخفقان لأجله..لم يقترب منها اوكتاي..و اكتفى بالتقاط الصورة لها دون أن تنتبه..كان يجلس بعيدا عنها..يراقبها..و يتأملها..يضحك أحيانا..و يبكي أحيانا..أعد لها الطعام و الشاي و وضعه أمامها ثم عاد الى مكانه..نظرت هزان الى الطبق فوجدت فوقه العقد ..أخذته بين يديها و أطبقت عليه بقوة و هي تغمض عينيها..تذكرت ذلك اليوم الذي فاجأها ابوها به..كم فرحت يومها..و كم قبلته و عانقته..و كم أغاظت به أمها مزاحا..و كم ضحكوا معا يومها..فتحت عيونا ملآى بالدموع و همست بصوت خافت" سامحني أبي..سامحيني أمي..لقد فقدت ما تركتماه لي..لم أستطع الحفاظ على ذكرياتكما و على أملاككما..أنا آسفة..أنا حقا آسفة" ..في سيارته..اتصل ياغيز بهاكان و قال" هاكان..ماذا فعلت؟ هل حصلت على شيء؟" رد" لا تقلق سيدي..لن أعود خالي الوفاض..سأحصل على الدليل الذي نريده" صاح ياغيز" و كيف لا أقلق؟ هاكان..هي بضعة ساعات متبقية على لقاءي بتلك الفاجرة..افضل حرق جسدي على أن اكون معها..افعل شيئا..و انقذني منها..أنا اعتمد عليك في هذا الموضوع..اياك أن تخيب ظني" قال" اقسم لك بأنني لن اهدأ و لن أرتاح قبل أن احصل على ما نريد..انني احاول التواصل مع كل اصدقائي و معارفي الذين يستطيعون خدمتي في هذا الموضوع..كن واثقا بأنني لن اخيب ظنك..الموت اهون علي من ذلك..سأحصل على الدليل..أعدك بذلك" قال ياغيز" افعل ذلك بسرعة اذا..هيا يا أسدي..لا تتاخر علي" أنهى ياغيز المكالمة و قد بدت علامات القلق و الهم واضحة على وجهه.

لم تأكل هزان لقمة واحدة و لم تتحرك من مكانها..اقترب منها اوكتاي و سأل" هزان..لماذا لم تأكلي شيئا؟ هل تريدين أن تؤذي نفسك؟" ردت" أمري لا يعنيك و لا يهمك..لو كنت تهتم لأمري ولو قليلا لما كنت احتجزتني هكذا في عرض البحر" وضع اوكتاي يديه على رأسه و قال" و ماذا افعل؟ انت لم تقبلي بأن تكوني معي و لا بأن نتزوج..ماذا عساي افعل؟ هزان..أنا احبك..و أريد أن أعوضك عما مضى..لكنك ترفضين و تعاندين..لا تريدين ان تفهمي بألا مفر لك مني..اذا بقيت مصرة على رفضي فتأكدي بانني سأقتلك و اقتل نفسي..لن ارضى ابدا بأن تكوني لغيري..هذا مستحيل" نظرت اليه هزان للحظات ثم لمعت في رأسها فكرة..سألت" أتريد حقا ان تتزوجني؟" هز اوكتاي برأسه و اجاب" نعم..من كل قلبي" قالت" تمام..أتزوجك..لكن بشرط" سأل بلهفة" ما هو؟" أجابت" أن نعود الى البر..أنا اكره البحر..و لا أشعر بالامان و انا فيه..دعنا نعود الى البر..و أنا أقبل بأن اتزوجك..ماذا قلت؟" صمت اوكتاي قليلا و بدا التردد جليا على ملامحه لكنه قال اخيرا" تمام..سنعود حالا" ابتسمت هزان بسعادة فرحا بنجاح خطتها..فعندما تكون في عرض البحر لن تكون قادرة على فعل شيء..لكن عندما يعودان الى البر..فإنها ستفعل كل شيء لكي تهرب من هذا المعتوه..أمام باب الفندق..نظر ياغيز الى ساعته..انها تشير الى التاسعة الا ربع..خمسة عشر دقيقة تفصله عن الخضوع لرغبات تلك الحقيرة..لطالما شعر بنفسه عاجزا و قليل حيلة في السابق..لكن ما يشعره الآن أعظم و أقسى..يشعر أنه مهزوم و منهار..و يعلق نفسه بالآمال و المعجزات..اتكأ ياغيز بجسده على سيارته و بقي يرفع رأسه نحو السماء..يدعو من كل قلبه أن تحدث معجزة ما و أن يستعيد هزان دون أن يضطر لمعاشرة تلك الحقيرة..شعر فجأة بيد تربت على كتفه..التفت ليرى هاكان واقفا أمامه..و قبل أن يسأله كان هاكان يقول" سيدي..الكرة في ملعبنا الآن..لقد حصلنا على ما نريد" ابتسم ياغيز بسعادة و عانق هاكان بقوة و هو يقول" أحسنت يا أسدي..لقد كنت دائما محل ثقتي ..شكرا لأنك لم تخيب ظني..و الآن..ماذا سنفعل؟" رد هاكان" اذهب أنت الى الداخل و أنا سأتكفل بالباقي..هذه الليلة ستكون حاسمة..و سنتخلص من ليندا و مدحت معا..أعدك بذلك" بدا التردد واضحا على وجه ياغيز فقال هاكان" سيدي..لا تتردد..لن أسمح بأن يحدث بينكما شيء..اذهب..و ثق بي..لحظات و يحل كل شيء..كدت أنسى..هزان ليست عند مدحت" قطب ياغيز جبينه و سأل" اين هي اذا؟" أجاب" انها عند اوكتاي..لقد اتفق مع ليندا على خطفها..أخبرني الحارس بكل شيء" ضرب ياغيز السيارة بساقه و تمتم بغضب" كلاب..أنذال..ماذا يريدون منا؟"

سيّد اليونان المتغطرسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن