الفصل الثالث و العشرين

1.2K 45 13
                                    

رافق مدحت ياغيز نحو سيارته و هو يقول بصوت خافت" بالنسبة للبضاعة..أبقها ليومين في المخزن ثم ستتلقى اتصالا من تودورف ..تلتقيان فتسلمه البضاعة و تتسلم المال..نفذ ما يطلبه منك بالحرف..و لا تخالف كلامه..سيحدد لك مكانا للالتقاء و موعدا..أريد منك أن تهتم بالأمر بنفسك..و كما تعلم..ثقتي بك لا حدود لها..كن كما عهدتك" هز ياغيز برأسه و قال" تمام..سأكون على أهبة الاستعداد" ربت مدحت على كتفه و اضاف" و كمقابل لهذا..سأعيد لك مصنع السكر..سأفك عنه الرهن و أسجله بإسمك في الشؤون القانونية..أرايت كم أحبك و كم انت مميز و مدلل عندي..المهم أن تبقى مطيعا و ألا تعصي كلامي و تخالف اوامري..اتفقنا؟" ابتسم ياغيز و قال ببرود" اتفقنا..شكرا" و هم بركوب سيارته عندما سمع صوت ميلانيا تناديه..ابتعد مدحت و ترك لهما مجالا لكي يتكلما معا..اقتربت منه ميلانيا و قال و هي تشبك يدها في ذراعه" حبيبي..لماذا صرت لا اراك الا نادرا؟ مالذي يحدث؟ ما هذا الذي يأخذك مني؟" رد" الاعمال كما تعلمين..هذا اضافة الى انشغالي بحالة يلدز الصحية..لذلك لا اجد الوقت لكي أقضيه معك" قالت" تمام..لكن يجب ان نجلس معا لكي نحدد موعد الزفاف..مع العلم بأنني مستعدة للزواج بك حالا" رد" سأحاول أن اجد وقت فراغ لكي نلتقي و نتحدث عن ذلك..و الآن عن اذنك..يجب أن أعود الى القصر..لقد تأخر الوقت" قالت" حسنا حياتي..لا تقد بسرعة..تصبح على خير" اكتفى بهز رأسه ثم ركب سيارته و تحرك مبتعدا بها..كان يطوي المسافة طيا لكي يعود الى هزان و يقضي الليلة معها..يريد أن يقضي معها اكثر وقت ممكن..و ان يستمتع بصحبتها خاصة بعد أن سامحته..يريد أن ينام و يحتويها بين ذراعيه..أن تضع رأسها على صدره و ان يدفن هو وجهه في خصلات شعرها الأسود..ابتسم ياغيز بسعادة و هو يتخيل ذلك..مجرد ذكر اسمها او تخيل وجودها يعطيه شعورا بالسعادة و الفرح..وصل بعد لحظات الى المنزل..ترجل من السيارة و جرى نحو الباب..هم بإخراج المفتاح من جيبه عندما رأى الباب مفتوحا..ارتعد جسده بقوة و ركض نحو الداخل و هو يصيح بأعلى صوته" هزاااان..هزاااان..أين انتي؟ " لكن دون جدوى..لم يجدها في المنزل..

سحب ياغيز مسدسه و راح يبحث في الأرجاء عله يجد حبيبته ..مشى بين الأشجار و استعان بضوء هاتفه ..كان قلبه يرتعش خوفا من أن يصيب هزان مكروه بسببه..كان على استعداد تام بأن يخسر حياته لأجلها..المهم ان تكون هي بخير..كان يسير تارة و يركض طورا و هو يصيح بأعلى صوته مناديا بأسمها..لكن دون جدوى..ما من مجيب..تعثر بإحدى الأغصان المتفرعة على الارض و سقط على ركبتيه..انجرحت يداه الرقيقتان و انهارت دمعة من عينه على التراب..كان كالطفل الصغير الذي كان يلعب فرحا و شاعرا بالأمان بوجود أمه..ثم سقط فجأة و جرح و بكى لانه رفع رأسه فوجد نفسه وحيدا..و لأن ذلك الشعور الداخلي بالفقدان و بالوحدة و بالانكسار اعظم و أقوى بكثير من الألم الناتج عن مجرد جرح بسيط..اختفت كل غطرسة ذلك الرجل الذي يهابه كثيرون و يحترمه كثيرون و حل محلها براءة طفل صغير و سيطر عليه شعور آخر اكبر بكثير من الحب..هو احساس الانتماء الى شخص ..ترى فيه وطنك و بيتك و ملاذك..و بإختفاءه او غيابه..تغترب حتى عن نفسك..و تصبح في غربة عن الزمان و المكان و الأشخاص..نزلت خصلات من شعر ياغيز الذهبي على جبينه و التصقت به جراء قطرات العرق التي سالت بسبب تعبه و عناءه من الركض هنا و هناك بحثا عنها..رفع رأسه الى السماء و نظر بعيون دامعة ثم همس بصوت مبحوح" يالله..أرجوك..احم هزان و احفظها من كل مكروه قد يصيبها..أرجوك يا الله..لن اكون قادرا على تحمل ذلك..ساعدني و ساعدها يالله..و اعطني بصيص امل او خيطا يساعدني على ايجادها و انقاذها ممن أخذها مني..أرجوك يالله" ثم اختنق صوته بسبب العبرات التي كانت تعكس انكساره الداخلي و ضعفه الذي تعجز الكلمات عن وصفه..نهض و هو ينفض التراب عن سرواله و يلامس الجروح التي خلفتها الوقعة على يديه..عاد الى الداخل فرأى الوشاح الذي كانت تضعه هزان حول رقبتها اليوم..أمسكه بيديه و قربه من أنفه ليسحب رائحة عطرها الى أعماقه ثم ضمه بقوة و كأنه يتخيل بأنه يضمها هي الى صدره ..في مكان آخر..كانت هزان مقيدة على كرسي و عيونها مغمضة ..آخر ما تتذكره بانها ركضت نحو الباب عندما سمعت صوتا ظنت انه صوت ياغيز..و ما ان فعلت ذلك حتى اقترب منها أحدهم و وضع على انفها منديلا به مخدر ..تخبطت بقوة بين يديه ثم انهارت مغشيا عليها..لم تعرف من هذا الذي اختطفها لكنها رجحت بان يكون مدحت..فبعد ان حدثها ياغيز عنه صارت لا تستبعد بأن يخطفها و يؤذيها..سمعت وقع خطوات تقترب منها فسألت" من انت؟ و ماذا تريد مني؟ لماذا أنا هنا؟ أزح الغطاء عن عيوني لكي أراك..لا اريد أن اتحدث مع شبح"

سيّد اليونان المتغطرسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن